إنتهاك عورة القصر الجمهوري لماذا ؟ 11-17-2014 02:10 PM
لم أحلم بعد بدخول القصر الجمهوري يوماً كحلمي بتعلم اللغة الصينية ، كانت الأيام الخوالي من شيخوخة الطفولة العرجة البائسة بؤس الكلاب الضالة في ليالي الزمهرير ، كنا أيام الأعياد بعد وجبة فطور دسم بالخبيز والكعك المغلف بسلوفان و السكر المقرمش الأسمر اللون ، كنا نشد الرحال عبر الكباري الثلاث العتيقة ، النيل الأزرق وكبري أم درمان وكبري شمبات ، تبدأ الرحلة مشياً علي الأقدام من مدينة الخرطوم بحري مدينة الجمال والفن مروراً بالنقل الميكانيكي حيث الميكانيكا العذبة علي أصولها كم دفنت من أعمار ، وكم شيدت من بيوت ، وكم خرجت من أجيال ، ثم تسلقاً علي أسوار منتزه النيل الأزرق حيث الهواء العليل يشفي شقاوة الطفولة طفولة الكاتب شارلس ديكنز ، ندق الخطي في كبري النيل الأزرق كالغزاة مبتهجين والأنفاس السكري برائحة الشوق تلهث ناظرة الي شارع النيل خلف جامعة الخرطوم مروراً بأشجار عالية البنيان تقع علي خدر الشاطي البتول ، كانت طفولة أحلي من الشهد العسجد ، بلا آيباد ولا فلاش مموري ، ولا أقمار إصطناعية ترقب تحركاتنا المجنونة ، نهلو تارة وأُخري نجري جري الوحوش في الضهاري ، نضرب بعضنا البعض في براءة الفراش ودعة الفنان المرهف عبر غيثارة حلوة الأوتار ،كان القصر الجمهوري شامخاً بصولجانه الأبيض كنا نرمي للجنود علي البوابة الشمالية تحية الإسلام ، أن السلام عليكم ، ويردون علينا برفع البنادق الي أعلي وضرب ارجلهم علي الأرض بقوة رداً للتحية ، كان يعجبنا هذا ونكررالسلام مثني وثلاث ورباع ، حتي ندع الجنود يرقصون ويتمايلون ويضحكون ، كانت لحظات المرور علي القصر الجمهوري من أرع اللحظات ، لم نكن نكترس لساكني القصر الجمهوري ، العسكر ، الأشاوس ، كنا نحن في ناظرهم مارقون عن حدود الطاعة ، وخارجون عن طوعهم بالتظاهر المرسوم علي الجبين ، و أغصان النيم تشهد لثورتنا القوية ، من مدرسة بحري الحكومية مروراً بجامعة الخرطوم ، فترة الراحة للرحلة الطويلة عند معدية توتي ، علي ركابها ألف سلام ، وعلي عيقانها مليون تحية ، مكللة بالرياحين والورود ، ثم قاعة الصداقة تلوح بالبشر والترحاب بأيادي بيضاء ، نركض قفذة واحدة الي كبري أم درمان نقف عنده الوهلة ، ثم الي شارع الإذاعة حتي كبري شمبات لا نكل ولا نتعب ، حتي العودة للديار عند صلاة العشاء ،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة