|
10 الآف جنيه
|
يوم الإثنين الماضي في المستشفى تقدم لي أحد العاملين في المستشفى وقال لي أن هناك فرصة عمل رائعة يريد أن يعرضها علي , ظننت لوهلة أنه سيكلمني عن التسويق الشبكي ولكني فوجئت بأن هذه الفرصة هي في العمل مع جهاز الأمن والمخابرات الوطني !
تفاصيل هذه الفرصة هي في عقد عمل لمدة 45 يوم مع جهاز الأمن والمخابرات الوطني قابل للتجديد للعمل كطبيب في معسكر الأمن ومتحركاته في نيالا والأجر هو 5 الآف جنيه و 5 الآف أخرى نثرية , أي 10 الآف جنيه (عشرة مليون بالقديم)
10 الآف جنيه هي أكثر من 10 أضعاف مرتبي كطبيب متعاقد يعمل في قسم الإصابات 10 الآف جنيه في شهر ونصف هي مبلغ يعجز عن جمعه حتى بعض الأخصائيين 10 الآف جنيه قد يعتبرها البعض مبلغاً تافهاً ولكنها بالنسبة لي ثروة ضخمة قد تقلب حياتي رأساً على عقب ! فمنها يمكنني أن ابدأ التخصص أو أن أدفع تكلفة ماجستير أو حتى أن أشتري فيزا لأسافر الى الخارج
ولكني يسعدني ويشرفني أن أبلغكم أنني رفضت هذا العرض
لم أرفض لأنني لا أحتاج المال فحياتي العملية كلها عبارة عن ضائقة مالية , ولكني رفضت لأني أعلم ما يعنيه أن تضع يدك في يد القوات النظامية في ظل هذا النظام الشمولي
ضع جانباً الجرائم المشينة التي نشرها الفاتح جبرا عن الشرطة السودانية وقتلها عوضية عجبنا بدم بارد وفضيحة محاكمة البطل النقيب أبو زيد
وضع جانباً جرائم جهاز الأمن والمخابرات والإعتقالات وجرائم قوات الدعم السريع
يكفي الطامة الكبرى التي إرتكبها الجيش السوداني في تابت دارفور , والتي يجتهد النظام ودجاجه الإلكتروني أن يقوموا بنفيها ليثبتوا وطنية الجيش السوداني
الجيش السوداني يقتل مواطنين يبحثون في جحور النمل عن طعام وحين تمردوا قررت الحكومة أن تقتلهم بأبنائهم المضللين لأنه الحل الأرخص
أين كانت القوات النظامية حين مات الأبرياء في سبتمبر وحين تمت محاكمة النقيب أبو زيد وحين ضبطت الإنتربول شحنة المخدرات ؟!
القوات النظامية إما أنهم قتلة وفاسدون وإما أنهم شركاء القتلة والفاسدين بصمتهم , ومن إستحل الأرواح لن يستحي أن يستبيح الأعراض والممتلكات
وأنا لا أكتب هذا المنشور لأظهر بمنظر البطل المغوار , ولكن لأني أعلم أن الشعب السوداني في سبيل الحق سيبذل الغالي والنفيس ... وحين فشل النظام في جمع الأنصار حوله لأنه ساقط بلا مبدأ ولا أخلاق قرر أن يستخدم الخداع وشراء الذمم
نداء لكل من يهمه أمر البسودان : لا يوجد مال يكفي لتبيعوا أرواحكم لهذا النظام , لا تكونوا أعوان للقتلة والمجرمين
والحمد لله أنني رغم ضيق ذات اليد لا زلت أحترم الرجل الذي أراه في المرآة
|
|
|
|
|
|