|
Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. (Re: عبدالله الشقليني)
|
أخي الشقليني:
أهنئك بدءا على تلك القدرة الاستثنائية على الحكي المطبوع: لا تكلف وأصابع الحرفة آثارها مخفيّة ببراعة. وبعبارة أخرى: استمتعتُ بهذا النصّ. وإن بدا لي كقارئ أن بدايته هذه الجملة "هذا هو اليوم الأول لتدريب الفرس الصغير على العدو". ونهايته تلك العبارة الحوارية "- ربنا يكتب سلامتَكْ ". ولا شك لدي أن زوايا النظر قد تتعدد وتتنوع. ما بين هذه الجملة وتلك، ثمة حسّ إنساني رفيع يأخذك بعد القراءة إلى الرغبة في تعميق مفهومك إلى الناس والأشياء. كن بألف خير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
شكراً يا بيكاسو، أمير قصاصي مطلع السبعينيات. لقد أفرحتني عودتك للقص بعد أن صلت وجلت في النثريات. لكن هذا هو مكانك "وللقلوب دروب تقف عندها وتتلصص ، ثم تتكاسل وتنام في طريق الحياة الطويل . ثم تنتعش عندما تلمح النفوس المُتحابة وقد تآلفت من جديد..." سردية العاطفة السرية هذي لم تنفك عن تجديد نفسها. لذلك النص يستدعي حبساً للأنفاس، ربما لا ضرورة حقيقية له، ولكنه فعل النص. النص يوثق للمحبة غير المشروطة، التي تنمو بين الناس كما ينمو الطفل وليد العلاقة غير المشروعة لأنه طفل ولأن الذين حوله يعرفون الأوجه الأخرى للحب. المحبة غير المشروطة تؤكدها عبارة الوداع: ربنا يكتب سلامتك! يا إلهي ربنا موجود بين شخوص النص! وتطعننا يا بيكاسو بخياناتنا التي نظنها صغيرة: "أحسّ بقدرةٍ بهلوانية في العبث بالمُثل والقيم النبيلة ." ولكنك قلت قبلها: "أحسّ بمكانته خائناً لأحد ممتهني التعليم وأصابه في أدفأ مكان: الخصوصية . داس على ضميره وسكت عن وخز الإبر." فهنا يتقيّح الجرح وينداح التبكيت لكنه لا يطغى وليس فيه غير عذابه. ثم يجئ وصفك لتأصيل التلميذ ابن صبيحة وتوثيقه مع معرفة الراوي لأوصاف والده من أهم لحظات القصة التي تعري فيها خياناتنا حتى للفراسة وتلويثنا للتنسيب بإسقاطه عند حسابات الشهوة وما من تناقض هنا أشير إليه. ولكن هذا كله وبأكمله هو صنيع الانسان. All too human. ورغم فداحة المصائر، "كالنُهير تنحدر إلى الوادي." إلاّ أن مسيرة الانسان لا تخلو من لحظات يخرج فيها عن نفسه ويتحرر من حيازة الآخرين له ليتأمل أشياء نستصغر أثرها ولكنها تقف متفردة: "استلقيا بملابسهما الداخلية ، على السرير الفسيح . تنفسا بعمق ، وانكفأ يقبل الجسد من أعلاه إلى أدناه . وانفتح طائرٌ مغردٌ في الساعة المعلقة على الحائط ، معلناً الوقت الذي يزمع أن ينقضي " فهذا الطائر المغرد بدا لي كالعنقاء وهو يذكر الخطاة بالزمن. لكن الأمر لا يخلو من طرافة. أن يفاجئك طائر ليذكرك بالوقت. ومثله كثير أشياء تشيّد وجودها بقوة تأثيرها! والزمن وارد في سردك "حان موعد سفره المفاجئ ، فالجميع يخرجون زرافات إلى خارج الوطن .." وهنا يندرج الحس العام بالزمن الذي أحدثته عوامل الطرد من الوطن مع الزمن الخاطف الشهواني الذي يعترضه طائر. الطرافة أن الانسان يخترع أشياء لتذكره بأشياء أخرى ولكن بلا فداحة أو تسلط. لقد راهنت على عودتك يا بيكاسو وها أنت تعود قاصاً. لدي ملاحظات فنية سأبعثها لك في رسالة خاصة. دمت، وتحياتي للصديق الدفعة جمال محمد ابراهيم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
لك التحية والتقدير أخي الأكرم الكاتب والناقد : عبد الحميد البرنس في منظار الرؤى الأخرى والنظر الناقد من الذين يمتلكون الحرفة وملكة النغم الكتابي ، نتقدم بعد كشف عيوب ما نكتب وثقران يتعين أن تمتلئ . لقد يسرت لنا السماوات مجلساً منعقداً ، افتقدناه منذ الثمانينات عندما كنا نلتقي كل خميس على قراءة كتاب في محاولة المقاربة بين الأفكار واللغة وجديد الفكر . لك الشكر الجزيل . *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. (Re: عبدالله الشقليني)
|
الصدوق دكتور مصطفى لك تحية ووداد يُطل كلما تكتُب .
لدي صديق منذ الطفولة الأولى : هو " هاشم حبيب الله " أهله من بيت المال . قرأ لك ولم يلتقيك . قال لي انقل محبتي للدكتور مصطفى مُدثر ، وقل له كثيرون يحبون ما تكتُب . تنزف وجداً . هو صديق الفرجوني ، وله كل مدوناته الشعرية التي تنتظر إذنه فتخرج للعلن . قدم برامج إذاعية ولقاءات منذ السبعينات عن أهل الفن ، ولديه لقاء إذاعي مع علي " المك "منذ السبعينات . هو يقرأ ولا يكتب كحال القاص " عثمان حامد سليمان " * كُنا في مواضي أيامنا نلوز باجتماع الصحبة ، نجلس نتغنى بالمعارف التي حصدناها ، نجول فيها بأذهاننا صغيرة التجربة ، ونتعرف على المنابع بقدر ما يتسع لنا الزمان . نُحبب المقروء إلى الصحاب . ونُكشف عما نميزه في الكتاب الذي نقرأ أو السِفر الذي نُفضله للقراءة . فكانت نظراتنا الناقدة خجولة . مضى الزمان أسرع مما ينبغي ، وصرنا نأسى على هذا الماضي الذي كنا نلتقي فيه ونُبعثر هواياتنا بين يديه . لكن جاء الذين اكتشفوا ومهدوا لنا السماوات بما رحُبت ، فصرنا نلقى أصدقاءنا بأسرع مما نتصور ، رغم الدروب العسيرة في أن نجتمع مرة أخرى . وصرنا نلتمس أوصاف النقد : الواجد والمُقوِّم لما تأتي به نزواتنا من قدرة على جمع النقائض وتشتيت المتضامنين . وصرنا نُجرب الكتابة ، لعل فيها ما نسترشِد به ، أو نحقق في ذواتنا ما عجزنا من تحقيقه في دُنيانا من رغائب ، لم نستطع أن نفيها حقها . مثل أغلب العالمين نحن ، نجهد الجهد كله لنوفر لقمة عيش كان أهلونا في بسطة من السعادة في شبابهم ، حتى أيام ذُل الاستعمار ، كانت حياتهم مبسطة ، يلتقون على الضفاف . ونحن اليوم لا نستطيع فقد تفرقت بنا السُبل ، قد نلتقي وقد لا نلتقي . في هدأة المكان والزمان تيسر لنا أن نتجاور في ورق افتراضي ، يذهب في البرهة إلى أركان الكون الذي فيه نحيا ، ونلتقي رغم جبروت الفرقة ، فهُدهُد الإنترنيت صار ينقل حديثنا ما طاب لنا ، عندنا تنام أنت ، أصحو أنا ، وعندما تكتوي أنت بالـ Home thick ، أجد من نفسي جالس في بساط الريح وإليك أسعى حتى أُواجِدَك ، فتعفو عنك سكرات الفراق ، وتستقبِل أيامك ولياليك من جديد . يقول البروفيسور عبد الله الطيب : لم يأتِ النُقاد بمُصطلح جديد في النقد ، إلا وكان الأقدمون سباقين إلى نحته : هذا أفحل من ذاك ، وذلك ينحِت من صخر ، وذاك صولجان طبري ، وهذا مُتكلف ، وتلك منحولة ، وتلك مسروقة ، وهذا ضعيف الصِناعة ، وهذا مُطنب ... وأنتظر في بريدي ما تُرشدني إليه من أسباب ملء التجويف الذي يأتي من العجلة ، واستعجال الرغيف قبل أن تكتمل ناره الهادئة . لك محبتي وكثير سلامي : وشيئاً من قصيد " الدكتور مبارك بشير " :
بيني مابينك دموع القمرة بتحن للرجوع بتريدنا وبتخاف في غيابا الطويل نحتار وما نلقي الشموع بيني مابينك مسافات الغياب وحسّ المطرة في الارض اليباب
عبد الله الشقليني
*
| |
|
|
|
|
|
|
|