|
رحيل (عبد الرحيم الحلاّب) . ألف رحمة ونور عليه .
|
رحيل (عبد الرحيم الحلاّب) . ألف رحمة ونور عليه.
كالنسمة الهادئة تغادرنا الأرواح النبيلة ، التي قضينا معها العُمر الأخضر ،أيام كُنا في قسم العمارة بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم ، في سبعينات القرن الماضي . الأكرم "عبد الرحيم الحلاب " جزء من ملامح قسم العمارة . مثله مثل الذين خدموا قسم العمارة بكافة مشاربهم وتنوع مهنهم ، ولكن له بصمته الشخصية وسيرة تظل أبد الدهر.
* هو صاحب وجه فرائحي ، فعندما تشتد علينا منعطفات التجهيز لتسليم مخططات المشاريع ، يخفف علينا وطأة القلق . لباسه ، نوعيته ، ساعة اليد ، وحلاوة التعبير واللطف تكشف الأصول . نوع التبغ الذي يُدخن ، لا يشبه ما يدخنه الآخرون ،عندما لم نكن نعرف مضار التدخين ، ولم ينتبه العالم . كان كريماً نلجأ إليه وقت الحاجة ، عفيف اليد واللسان ، يأسرك بتهذيبه وهدوئه .
*
زرنا الدويم ومدني . والأخيرة هي مسقط رأسه . وفي خلوتنا من العمل الميداني مساء، كُنا نُحيي ليالي الأنس . كان معنا المختص في الاجتماع الراحل " حسن كوكو " مندوباً من مصلحة الإسكان ، وكذلك الدكتورة " فاطمة بابكر " عندما كانت تعمل في ذات المصلحة ، وهما دعماً لنا في طرائق تنفيذ العمل الميداني ، والتقيد بالأسس . وفي أمسية في الدويم ، كُنا نُجرّب معرفتنا بفن الغناء السوداني عند المساء ، واكتشفنا من تراثنا الغنائي ( خداري الما بخلي ) من أشعار محمد عوض الكريم القرشي وغناء عثمان الشفيع، سمعناها بصوت " عبد الرحيم الحلاّب" كأننا نسمعها أول مرة . وانتبهنا إلى كنوز تراثنا ، كأننا وُلدنا من جديد . كان صوته مُعبراً ومعتقاً بعشق وطنه وفن مُبدعيه. عندما انتهى عمله بقسم العمارة ، أنشأ محلاً لمواد البناء في أم درمان زماناً . وبرحيلنا إلى مجاهل المنافي بَعُدنا عن الذين نحبهم ، وما كنا نظن أن لن نلتقي . * ألا رحم المولى " عبد الرحيم الحلاّب " رحمة واسعة . صورة وحياة لن تنمحي ، فالذاكرة نديّة بمحبة أسهمت في تكوين وجداننا . *
|
|
|
|
|
|