|
Re: معضلة الأمة/الشعب السودانى (Re: أبوذر بابكر)
|
كنت، وعلى مستوى الفهم الشخصى، على يقين ولا أزال من أن معظم مشكلات السودان، حتى من قبل أن تظهر أو تتكون الدولة بمفهومها وحدودها الحديثة ومنذ بداية الدولة السنارية فى بداية القرن السادس عشر، كانت المشلات تتمحور حول الخلاف الثقافى بمعناه الواسع الكبير وبكل ما فى محتواه الشامل بين المحموعات التى وجدت نفسها فى لحظة تاريخية وجغرافية محددة، تتشارك رقعة جغرافية واحدة وتربطها علائق حتمية لا سبيل الى الفكاك منها ابدا كانت الإختلافات الثقافية، العرقية والدينية هى المحرك الأعظم لدولاب الحياة وكانت تأخذ اشكالا وابعادة تختلف وتتفق من حين الى آخر حسبما تقتضيه ضرورات تلك الحياة، ومع ظهور ايما مشكلة على سطح الحياة السودانية، يجد المراقب أنها امتداد لذات المعضلات والإختلافات القديمة التى بدأت ولم تنتهى بعد وبين يدى طرح قديم للدكتور نور الدين ساتى تناول فيه اسباب وابعاد ونتائح هذا المشكل بتفصيل مغنى ومحيط ويرى الدكتور ساتى فى مقاله المنشور فى "مجلة الثقافة السودانية" العدد الخامس عشر فى شهر أغسطس العام 1990 ، يرى أن فى السودان ثقافة مهيمنة وهى ثقافة وسط السودان، الثقافة العربية الاسلامية، ولكنها ليست الوحيدة، اذ توجد يقافات اخرى استوعبتها هذه الثقافة، ولكنها ظلت مهيمنة على اقليات سودانية متعددة انزوى ممثلوها فى اطراف البلد نتيجة للظروف التاريخية التى مرت بها، ويرى الدكتور ساتى ان الاستمرار فى السياسة الثقافية ذات البعد الواحد هو امر يقود الى نتائج وخيمة وكارثية، اذا لابد من الاعتراف بالثقافات الأخرى للأقليات ولابد من رد الاعتبار لها وبالتالى للأفراد والجماعات التى تمارسها مع ملاحظة تاريخ طرح الدكتور نور الدين ساتى، وهو نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، نجد أن كل ما طرحه من مخاوف وتوجس قد تحقق بصورة اكبر حتى مما كان يتخيل اكد الدكتور ساتى أنه ومن اجل تخطى وحل هذه المعضلات، لابد من تبنى وتفعيل أمور عديدة واجبة وحيوية وهامة وتتلخص فى النقاط التالية
* ان التمازج الثقافى لا يتم إلا بالاعتراف بثقافات الآخرين الذين يشاركونك نفس المصير، وحل قضايا الآخرين. * ان السودان صورة مصغرة لما يتم فى القارة الافريقية على المستوى الثقافى والاجتماعى والاقتصادى. * ان الحوار بين المكونات الثقافية هو الطريق الوحيد لتحقيق تمازج ثقافى باقى. * يجب تفسير التراث الثقافى لكل فئة تفسيرا يتماشى مع جبريات التمازج الثقافى.
انتهى كلام الدكتور ساتى
ويمكن أن نستبصر من فهمه أن هناك صلة مباشرة بين الفقر الاجتماعى للإقليات من جهة ووضعيتها الثقافية من جهة اخرى، الا انه لا يكفى تغيير الحالة الاقتصادية لهذه المجتمعات لإدخالها فى زمرة الثقافة السائدة، بل يجب أن يواكب الحل الاقتصادى حلا ثقافيا واجتماعيا يهدف الى رد الاعتبار للأقليات الثقافية
وهو ما فشلنا فيه نحن أهل السودان
إذ لا غنى عن اسيفاء كل تلك النقاط التى اوردها الدكتور ساتى من اجل احلال "السلام الثقافى" محل "التحارب الثقافى" وهو المفتاح لحل كل المعضلات
| |
|
|
|
|