مريمُنا ومريمُهم / د. محمد محمود

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 04:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-11-2014, 12:19 PM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مريمُنا ومريمُهم / د. محمد محمود


    مريمُنا ومريمُهم
    محمد محمود
    عندما أصدرت محكمة استئناف بحري وشرق النيل يوم 23 يونيو 2014 قرارها بإلغاء إدانة محكمة الحاج يوسف لمريم يحيى بالزنا والرِّدة وإلغاء عقوبتيها بالجلد والإعدام فإنها في واقع الأمر برّأتها ولم تبرّئها. لم يبرّيء قضاة المحكمة مريم يحيى الحقيقية التي تبدّل دينها ووقفت تدافع بصلابة عن قناعتها المسيحية وإنما برّأوا مريم يحيى أخرى صنعها تقرير طبي وصنعها قرارهم الذي أعلن إخلاء سبيلها. فمريم التي أعلنوا براءتها هي مريم أخرى صوّروها وكأنها مسلوبة الإرادة ومختلّة عقليا. قالوا إن "القدرة على الإدراك والسيطرة على الأفعال أساس لتقرير المسئولية ومعلوم الجنون مانع لحكم الردة" (جريدة السوداني، 5 يوليو 2014). وهكذا تصبح الإشارة واضحة وترسم المحكمة صورة لمريم تصبح بموجبها مضطربةِ العقل ومهزوزةِ النفس وفاقدة للقدرة على الإدراك والسيطرة على أفعالها. وهكذا، وعلى ضوء هذه الحيثيات، ليس هناك في واقع الأمر ما يستوجب الحكم على مريم هذه بالردة لأن "الجنون مانع لحكم الردة".
    ويؤكّد نص آخر في قرار محكمة الاستئناف على "جنون" مريم هذا بقوله "من كان غير كامل الأهلية لا يكون مسئولا جنائيا" (المصدر السابق). وهو نص يؤكد قاعدة قانونية عامة وسليمة تأخذها محكمة الاستئناف لتقسرها وتفرضها فرضا على موضوع مريم. وعندما ينزع قضاة هذه المحكمة هذه القاعدة من سياقها الإنساني العام (والعلماني) ويرددونها بلا تفكير فإنهم لا يفعلون سوى كشف قصور مرجعيتهم القانونية ومفارقتها من حيث لا يقصدون. فالمرجعية العلمانية لهذه القاعدة السامية ترى أن كل البشر متساوون في الأهلية في الأصل من غير تمييز إلا إن مرجعية محكمة الاستئناف هي الشريعة الإسلامية، وفي نظر الشريعة فإن المرأة "ناقصة عقل ودين" وذات أهلية ناقصة أصلا إذ أن شهادتها أمام هذه المحكمة أو أي محكمة أخرى على النصف من شهادة الرجل وهي ناقصة الأهلية بإزاء الرجل في أحوالها الشخصية وميراثها ومسائل أخرى. ولقد كان أبو حنيفة منسجما مع منطق نقص أهلية المرأة وهامشيتها عندما مدّده لحكم الرِّدة وقال إنه لا يقتل امرأة بالرِّدة. إن منطق أبي حنيفة هذا هو الأنسب لمحكمة تهتدي بالشريعة وهي تحاكم امرأة وليس منطق أن "من كان غير كامل الأهلية لا يكون مسئولا جنائيا" لأن المرأة حتى ولو كانت عاقلة غير كاملة الأهلية في نظر الشريعة.
    إن واقع الحال هو أن كل البينات التي اتيحت لمحكمة الاستئناف كانت أمام محكمة الموضوع. ولكن أهم "بينة" توفّرت لمحكمة الموضوع هي مريم نفسها، مريم التي واجهت المحكمة وصمدت مستمسكة بقناعتها، ومريم التي أحالتها المحكمة لمن قاموا بمحاولة استتابتها وردّها بحجج الترغيب والترهيب لحظيرة الإسلام وثبتت مستمسكة بقناعتها. مريم الحقيقية والصامدة هذه هي مريم التي عرفتها محكمة الموضوع وخبرتها ولم ترَ فيها أثرَ جنون وحكمت عليها بأقصى ما يمكن أن تحكم به استنادا على المادتين 146 و126: بالزنا (وعقوبته الجلد، وكأنها تنوي إذلالها وإهانتها) وبالرِّدة (وعقوبتها الإعدام شنقا، وهي تنوي على التحقيق إزالتها من الوجود).
    ومريم الصامدة والعاقلة كل العقل هذه هي التي انتصرت في نهاية الأمر وأجبرت النظام وقضاته على التراجع عن تطبيق المادة الأم لقانون الإسلاميين الجنائي، إذ أن المادة 126 هي قمة هذا القانون من حيث أنها تجسّد أعلى قهر من الممكن أن تمارسه الشريعة --- أي قهر العقل. وقد فعلت مريم ذلك لأنها لامست وترا حساسا في قلوب عشرات الآلاف الذين هالهم ما حدث لها وساندوا حقّها وانطلقت إداناتهم من كل أركان العالم، بالإضافة للإدانات الرسمية للكثير من البلاد الديمقراطية التي تحترم وتقدّس حرية الفكر والعقيدة والضمير وحرية الإنسان أن يغيّر دينه. لقد رفعت مريم بصلابة موقفها رأس كلّ مؤمن بحرية الفكر والاعتقاد في السودان وخارجه عاليا.

    إلا أن قضية مريم كشفت عن مسألة أساسية ظل السياسيون والمفكرون يتجاهلونها في السودان وباقي العالم الإسلامي ولا يتحدثون عنها بالصراحة والكثافة التي تستوجبها خطورتها وهي مسألة صعود الشريعة وخطابها في المجتمعات المسلمة المعاصرة والدور الذي تلعبه ويلعبه خطابها في قهر الحريات وقهر المرأة وتكريس ثقافة العنف الذي تشهد الكثير من المجتمعات المسلمة اليوم اندياحه في مختلف الاتجاهات.
    إن هذه المجتمعات مواجهة من أي وقت مضى بتحدي أن تكون وألا تكون --- أن تكون عضوا فاعلا في عالم اليوم تفتح نفسها على مواثيق حقوق الإنسان ومعارف العصر أم لا تكون وتنسحب لماضي ذاكرتها الدينية وتبعث بنيات هذه الذاكرة. الخيار واضح وصارخ ولا يحتمل لجلجة: خيار بين قيمة "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته" وقيمة "من بدّل دينه فاقتلوه". هذا صدام بين قيمتين لا تصالح بينهما. والأمل معقود على أن يفعل المسلمون ما فعل اليهود والمسيحيون (وباقي أصحاب الديانات) وأن يتخلّوا عن كل ما يتعارض في تراثهم مع قيمة الحرية لأن قيمة الحرية هي القيمة التي لا تعلو عليها إلا قيمة الحياة، وأن يدركوا أنه ليس من حق أي دين أن ينتهك حرمة الحياة وحرية الضمير ويقتل شخصا خرج منه.


    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان.

                  

07-11-2014, 01:00 PM

عبد الله شم
<aعبد الله شم
تاريخ التسجيل: 05-03-2013
مجموع المشاركات: 2212

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مريمُنا ومريمُهم / د. محمد محمود (Re: Amin Elsayed)

    Quote: صوّروها وكأنها مسلوبة الإرادة ومختلّة عقليا

    للساف الموضوع حقيقي با بروف
    ابرار اخطأت وحاولت معالجة الخطأ بخطأ اكبر
    بعدين عبارة مريمنا دي ما واقعة لي مش انت ملحد وهي مسيحية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de