المقابلة الأولى .... عبدالله علقم .

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2014, 12:31 PM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المقابلة الأولى .... عبدالله علقم .

    Quote:
    عندما تلتقي شخصا ما للمرة الأولى فإن الطريقة التي يقابلك به واللمسة الإنسانية فيها قد تكون المعبر إليه وقد لا تكون.. ولحظة الإستقبال الأولى مهمة جدا ، فإن كانت فاترة خالية من الود فإن تغيير الصورة التي كونتها عن الشخص سيكون صعبا فيما بعد حتى وإن اتضح لك أن الشخص الذي لم يحسن استقبالك هو في الواقع إنسان أفضل بكثير من الانطباع الذي خلفه في نفسك.. ويقول أهلنا في أمثالهم (كسرة مباشر ولا ضبيحة مكاشر).. وإن كان الشخص معروفا أو مشهورا-أيا كان نطاق شهرته- أو أصبح مشهورا فيما بعد ، فستظل صورة لقائك الأول به راسخة في الذاكرة.
    وقد سمعت الفنان الكبير أحمد المصطفى يقول في حديث إذاعي إنه كان شديد الإعجباب بالفنان محمد عبدالوهاب وكان يردد في بداياته الفنية بعض أغانيه.. وعندما جاء إلى القاهرة كان متخوفا من لقائه ، فقد لا يحسن عبدالوهاب استقباله لأي ظرف من الظروف فتهتز الصورة الجميلة التي كان يرسمها لعبدالوهاب في خياله، ولكن عبدالوهاب بدد مخاوف أحمد المصطفى واستقبله بكثير من الود والحفاوة ، ومن يومها امتد اعجاب أحمد المصطفى بعبدالوهاب ليشمل الجانب الشخصي.
    وقبل أشهر من انقلاب عبود عام 1958م جئت الخرطوم لأول مرة وكان ذلك حدثا كبيرا وعلامة بارزة في حياتي.. كنت برفقة عمي المغفور له باذن الله أحمد يوسف علقم الذي كان عضوا في مجلس النواب ممثلا لدائرة الحصاحيصا الشرقية.. وذهبت معه لدار البرلمان حيث شاهدت الشريف حسين الهندي لأول مرة وكان يجلس جوار عمي على كنبة تحت ظل شجرة في حوش البرلمان.. وما زلت أذكر التفاصيل الصغيرة لما حدث وكأنها وليدة التو واللحظة.. فعندما مددت يدي لمصافحة الشريف هب واقفا من جلسته وهز يدي بحرارة وود شديدين وسألني عن كافة أحوالي ثم جلس بعد ذلك والابتسامة لا تفارق وجهه، وكأنه يعرفني منذ زمن طويل. كنت في الحادية عشر من عمري ، والكبير عادة ليس في حاجة ، بجميع المقاييس ،للوقوف لتحية صغير مثلي، ولكن الشريف، الرجل الظاهرة، كان يبالغ في تقدير وتوقير جميع الناس كهلهم وطفلهم وشيخهم بتلقائية وعفوية صادرة من معدنه النادر. لم أستطع بالطبع استيعاب تلك اللفتة الكريمة بكل أبعادها آنذاك ولكني استوعبتها مع جريان السنين وأصبحت قامة الشريف تزدادا طولا في الخاطر والوجدان كل يوم وأحببت الشريف –أعني الشريف حسين- منذ تلك المقابلة.
    في عام 1976م كنت في المغرب مرافقا للسيدين عبدالرحمن إسماعيل كبيدة ومصطفى حسن زروق لحضور مؤتمر الاتحاد العربي للسياحة ، وذهبنا لمراكش.. السيد كبيدة ارتبط اسمه بأول محاولة انقلابية في السودان عام 1957م ثم شارك مع شقيقه الأكبر يعقوب في محاولة علي حامد الانقلابية عام 1959م التي انتهت بإعدام علي حامد ورفاقه الأربعة.. ويسجل التاريخ لكبيدة شجاعته في مواجهة الموت للدرجة التي سعى فيها لأن يعدم هو بدلا من شقيقه يعقوب لأن يعقوب رب اسرة.. واستقر المطاف بالسيد كبيدة بعد سنوات من التيه والسجون مديرا لمؤسسة السياحة السودانية حيث أصبح إضافة حقيقية للعمل السياحي في السودان بما يتمتع به من حس وطني نادر وشفافية شديدة، إلى أن تكاثر عليه الملأ فحصروه في منصب استشاري صوري.. وهؤلاء الملأ هم الذين قاموا فيما بعد بتجديد الفندق الكبير بتكلفة أسطورية تعادل كامل تكلفة فندق هيلتون الخرطوم بما في ذلك منصرفات افتتاحه، وهم أيضا الذين شيدوا قرية عروس السياحية على ساحل البحر الأحمر شمال بورتسودان لتصبح منطلقا لترحيل اليهود الفلاشا لإسرائيل مباشرة.
    أما السيد زروق فكان أول جامعي في السودان يلتحق بالعمل في السياحة التي كانت قسما صغيرا في وزارة الإعلام، وكانت له اليد الطولى في نموها وتطورها واستطاع بعد كثير من الجهد والعرق والدراسة أن يصبح من ألمع خبراء السياحة على نطاق العالم العربي حتى اقتلعه طوفان(الصالح العام) في ظل المشروع (الحضاري) مع أن ( الصالح العام) لا يتحقق في غياب السيد زروق لأن السيد زروق هو الصالح العام نفسه.
    وأعود لمراكش.. قدمني السيد كبيدة –الذي كان رئيسا للإتحاد العربي للسياحة- قدمني عصر يوم لشخص خواجة كان يقف بجواره في صالة الفندق ويتحدث إليه في شأن ما.. أكمل التعريف بتقديم الشخص الآخر كما تجري العادة.. كان ذلك الشخص قد وصل لتوه من مقر عمله في مدريد وكان اسمه معروفا لي ولكل العاملين في حقل السياحة على نطاق العالم.. كان الرجل هو روبرت لوناتي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدة.. مددت يدي بكل احترام لمصافحته وعلى وجهي ابتسامة كبيرة تليق بحجم الشخصية الدولية وأنا سعيد بهذه المصادفة الطيبة ولكني فوجئت بالسيد لوناتي يمد لي يسراه بلا اكتراث رغم أن له يدا يمنى لاحظت أنها سليمة ومعافاة وتتدلى منها الة تصوير صغيرة. تصرفت بوحي من الغريزة.. سحبت يدي بحركة لا شعورية لأتجنب مصافحة الرجل ولكني لم أفلح تماما لأن أطراف أصابع يده اليسرى الممدودة لامست أطراف أصابع يدي اليمنى المسحوبة.. ثم مرت لحظات من الصمت قبل أن أستأذن السيد كبيدة وأغادر المكان.. لاحظت شيئا من الضيق على وجه لوناتي فيما ظل السيد كبيدة محتفظا بهدوئه المعهود وابتسامته المميزة له .. لم يتطرق السيد كبيدة لتلك الواقعة معي فيما بعد مما يعني أن تصرفي كان مقبولا له،أو هكذا قدّرت، وكان ذلك مصدر ارتياح شديد لي لأني أدين بجميل شخصي للسيد كبيدة، فهو الذي فتح لي أبواب مؤسسة السياحة في وقت أوصدت فيه كل الأبواب في وجهي بعد أن فصلت من عملي في الحكومة المحلية. أما ذلك اللوناتي فأصبحت لا أطيق مطالعة اسمه في أية مطبوعة بعد ذلك اللقاء المنفر الذي لا ينسجم مع منصبه لأن السياحة بوجه خاص تعني فيما تعني التآلف والتعارف بين الشعوب والصداقة بين البشر والاحترام المتبادل بين الناس..
    أحد الأصدقاء كان مبتعثا في منتصف سنوات السبعين من حكومة السودان إلى جلاسجو في أسكتلندة لتلقي دراسات عليا في الهندسة، وظل يبحث لعدة أيام بعد وصوله لمقر دراسته عن أي طالب سوداني يستعين به على وحشة المكان، وبعد جهد جهيد دلوه على غرفة يسكنها طالب سوداني فذهب إلى هناك وهو يحمل شحنات هائلة من الشوق والحنين للوطن ويمنّي نفسه بقضاء لحظات جميلة في ضيافة ابن وطنه تتطور مع الأيام لعلاقة حميمة تغذيها الغربة والوطن الواحد كما هو مألوف.. طرق الباب فأجابه صوت من الداخل آذنا له بالدخول.. لم يكن الباب موصدا بقفل أو (ترباس) فدفعه ليجد شخصا ضخم الجسم مستلقيا على السرير الذي يتوسط الغرفة وهو نصف عار.. لم يتحرك ذلك الراقد.. جهر صديقنا بالتحية ومد يده للشخص الضخم الذي ما زال راقدا.. لم يرد التحية واكتفى بمد يد باردة لزائره دون أن يكلف نفسه عناء الوقوف أو حتى الجلوس.. استدار الزائر راجعا من حيث أتي وهو يلعن اليوم الذي قادته فيه قدماه لتلك الغرفة، وتحاشى فيما بعد مقابلة صاحب الغرفة طوال فترة دراسته في جلاسجو.. لم يكن بذلك الراقد شيء من وجع أو مرض أو سكر.. كان ذلك الشخص الضخم الذي آثر استقبال زائره بتلك الطريقة الخالية من أبجديات اللياقة هو رياك مشار..
    (عبدالله علقم)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de