عبقرية أم نبوة؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-31-2014, 11:49 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبقرية أم نبوة؟

    من المعلوم أن العبقرية
    صفة ذاتية للمرء يتميّز بها بعض الناس، ويتفوّقون بها على غيرهم، بخلاف النبوة التي هي صفةٌ إضافية يمنحها الله تعالى لمن يصطفي من عباده، ونحن إن نسبنا ما حققه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من نجاح لعبقريّته فحسب، فمؤدى هذا المسلك هو نفي النبوة عنه تمامًا؛ لأن دور التأييد الإلهي عندئذٍ سينتفي تمامًا.

    وهذا هو المسلك الذي روّج له بعض الكتّاب المسلمين في كتاباتهم الموجّهة للغرب؛ فهم يروجون لشخصية محمد العبقري المصلح، الزعيم البطل، إلى آخر هذه الأوصاف التي لا تقتضي النبوة التي هي من الغيبيات، وغرض هذا الصنف من الكتّاب هو التقرّب إلى الغرب المنكر لنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم -.،كذلك يفعل المنكرون لنبوته من النصارى العرب كالقس يوسف حداد، ومعلومٌ أن العبقرية دون النبوة في المنزلة، ولا يمكن أن تعدلها في المكانة، وحسبنا في ذلك إمكان أن يكون العبقري محتالاً أو منافقًا أو كذّابًا!.

    ونحن كما ننكر على من نسب العبقريّة البشريّة لمحمد -صلى الله عليه وسلم – واكتفى بها، ننكر ذلك أيضًا على الكتاب المعاصرين الذين يروّجون لهذه العبقريّة بين الغربيّين والعلمانيين، فإن دعوة غير المسلمين للإيمان بعبقرية محمد -صلى الله عليه وسلم -حاصلها هو صرف الأذهان عن نبوته، وإلا فما الفائدة التي تعود على غير المسلمين من عبقرية محمد -صلى الله عليه وسلم -؟

    والكلام في هذه المسألة دقيق للغاية، ويحتاج إلى عناية؛ لأن العبقريّة هي من صفات الكمال الثابتة للنبي –صلى الله عليه وسلم- ولا شك، فهو لم يكن كعامّة الناس وبسطائهم في محدوديّة التفكير، لكن القضيّة هي في التناول غير المنصف لهذه الصفة واتخاذها سلّماً لتفسير كل النجاحات التي حقّقها –صلى الله عليه وسلم- في دعوته وفي إقامة دولته، وفي حواراته وأحاديثه، وفي سلمه وحربه، لذلك نقول: إن الكلام عن العبقريّة النبويّة قد لا نستفيد منها كثيراً في باب إثبات النبوّة، بل ربما تكون أداةً لنفيها كما حاول بعض المستشرقين والمنصّرين.

    فإن احتجّ البعض بما ورد في بعض الكتابات المعاصرة عن الإعجاز في شخصية محمد -صلى الله عليه وسلم -واجتماع العبقريات في ذاته واعتباره دليلاً على نبوته (1)، قلنا: إن هذا المسلك هو جزءٌ من دليلٍ كبير استخدمه هؤلاء الكتّاب، ولم يكتفوا بالكلام على الشخصيّة النبويّة فقط من حيث هي شخصية، بل امتدّ كلامهم لتأثير هذه الشخصية فيما حولها ومن حولها، فيما يعرفه العلماء بدليل التمكين الإلهي لإثبات النبوة، وهي المسألة التي سنسلّط عليها الضوء في هذا الموضوع للرّد على من ضلّ في باب إثبات العبقريّة والاقتصار عليها.

    وحاصل الدليل: أن العبقريّة التي تمتّع بها النبي-صلى الله عليه وسلم-، ما كان لها أن تُفسّر مقدرته على تحقيق التمكين في الأرض، وإقامة هذا المجتمع المثالي، وتوسيع رقعة دعوته ودولته، وما تحقّق لها من انتشار، فهذا الأمر أكبر من مجرّد العبقريّة.

    ولله درّ الدكتور مصطفى محمود حيث قال: "وأيًّا كان التفسير فإنك إن أخذت تحسب بالورقة والقلم كيف حدثت هذه الأمور، واستعنت بالعقل الإلكتروني وكافة وسائل الحساب الحديثة، فإنك لا تستطيع أن تفسّر كيف أن فردًا واحدًا مضطهدًا مطاردًا، يؤثّر هذا التأثير في أفرادٍ قلائل يُعَدّون على الأصابع، ثم يؤثر هؤلاء في كثرة من مئاتٍ ثم ألوفٍ تهزم الروم، ثم الفرس -وكانتا دولتين كأمريكا وروسيا في ذلك الوقت- يحدث كل هذا في سنواتٍ معدودة ، وابتداءً من الصفر، ومن بداوةٍ مطلقة، ومن عربٍ مشرذمين في قبائل تقتل بعضها بلا حضارةٍ وبلا علمٍ يُذكر، وإنك لن تصل أبدًا في حسابك إلى تلك النتيجة الهائلة، وستظل المعادلة ناقصة حتى تُدخِل فيها ذلك العامل الخفي، عامل الغيب، وسند المدد الإلهي من التمكين والتوفيق".

    ويختم كلامه بقوله: "نحن إذن أمام نبوةٍ مؤيدةٍ بسند الغيب، ورجلٍ انعقد له لواء التمكين الإلهي، ولسنا أمام مصلح اجتماعي، أو صاحب ثورة، أو عظيم من عظماء الدنيا، يعمل بالاجتهاد والعلم الكسبي"(2).

    فهذا هو تمام الدليل الذي ينبغي الإشارة إليه، ولا يصح نقل أول الدليل دون تمامه، فأوله يبدأ من الملامح الشخصية ثم ينتقل إلى تأثيرها في غيرها حتى ينتهي إلى ما حققته هذه الشخصية من نتائج باهرة وإنجازات معجزة .

    وهذا الدليل آيةٌ بيّنةٌ ولا ريب؛ فإنه ما جاء أحدٌ كنبينا -صلى الله عليه وسلم -في الوحدة والفقر والفاقة، ومنافرةِ الأمم كلها ومعاداتِها، ثم صار أمره في القهر والغلبة ما صار أمره إليه، فإنه في ظاهر الأمر وحكم العقل لا يكون إلا من قِبَل الله الذي لا يغلبه شيء.

    وما غلبت العرب ولا عزّت إلا بالإسلام، فقد كانت الشرذمة القليلة من عسكرِ فارس أو الروم تنفذ إلى جزيرة العرب فتقتل وتأسر، وكان النفر اليسير منهم يلقى الأعداد الكبيرة من مقاتلي قبائل العرب وفرسانهم فيهزموهم ويدحروهم . ثم عاد الأمر بخلاف ذلك فكان النفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يلقون الجموع الغفيرة من الفرس والروم فينصرون عليهم مع قلة سلاحهم وعتادهم وعدتهم .

    فإن كان من المعقول أن تغلب القلةُ الكثرةَ في موقعة أو موقعتين، فإنه لا يكون على طول الخط إلا بتأييد إلهيٍ وحبل متين.

    ودلائل انهزام العرب مع كثرتهم أمام أقل جند الفرس والروم معلومةٌ لدى المؤرخين، وشواهدها من روايات السيرة كثيرة، نذكر منها ما أورده الحافظ ابن كثير في السيرة عندما عرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم -نفسه على بني بكر بن وائل، فوصفوا نفسهم بالكثرة، ثم نفوا عن أنفسهم القدرة على ملاقاة الفرس، وها هو نصّ الرواية :
    قال عليه الصلاة والسلام : (كيف العدد؟) قالوا : كثيرٌ مثل الثرى، فقال لهم : (فكيف المنعة؟) قالوا : لا منعة، جاورنا فارس، فنحن لا نمتنع منهم ولا نجير عليهم، فقال لهم: (فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءهم، أن تسبحوا الله ثلاثا وثلاثين، وتحمدوه ثلاثا وثلاثين، وتكبروه أربعا وثلاثين؟) (3)

    ففي رد بني بكر بن وائل - الذين هم كثيرو العدد مثل الثرى - ما يدل على أنهم عاجزون أمام الفرس لا يمتنعون منهم إن هاجموهم أو أغاروا عليهم رغم كثرة عددهم كالثرى!.

    ويظهر هذا المعنى أكثر في حوار المثنى بن حارثة الشيباني عندما عرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم –نصرته، فبان كلامُه عن تهيّبٍ للفرس، ومعلومٌ أن بني شيبان من أقوى قبائل العرب وأمنعها وأشدّها، قادرة على حرب العرب كلهم، لكنها لا ترفع سيفًا ولا عصاً في وجه الفرس، ولا ريب أن الأمر كذلك مع الروم (4).

    أضف إلى هذا حقيقة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان يَعِدُ أصحابه بهذا النصر والتمكين، وأنه سيقهر كسرى وقيصر، وأن دينه سيظهر، وأن ملكه سيعلو، وأخبر بهذا وملوك الفرس والروم قائمة، بل والمسلمون أذلةٌ في مكة لا يأمن الواحد منهم على نفسه، فوعدهم أن يرثوا الأرض وملكها، بل كان وعده في أشد لحظات الخوف والرعب والزلزلة، كما حدث في غزوة الأحزاب، حتى اتخذها المنافقون ذريعةً للتشكيك في نبوّته فقالوا: {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً} (الأحزاب:12)، ومع ذلك كلّه: تحقّق ما أخبر به رسول الله من التمكين، فكان الأمر كما وعد وأخبر.

    ومعروفٌ من سيرته -صلى الله عليه وسلم -أنه كان يعرض نفسه على القبائل وفي المواسم ليتّبعوه، ويشرط عليهم في ذلك عداوة الأمم كلها، ومحاربة الملوك، كقوله -صلى الله عليه وسلم -لبني شيبان عندما أبدوا خوفهم من جيرانهم الفرس إن هم آووه: ( أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً، حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم، ويُفْرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟) (5).

    وقوله –صلى الله عليه وسلم- لبني قيس بن ثعلبة عندما ذكروا له هوانهم على الفرس وقلة شأنهم أمامهم : ( فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم، حتى تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءه، أن تسبحوا الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمدوه ثلاثًا وثلاثين، وتكبروه أربعًا وثلاثين؟) (6).

    وقوله –صلى الله عليه وسلم- لأصحابه بعد مبايعة الأوس والخزرج، أي قبل البدء بقتال أهل الباطل بسنواتٍ: ( احمدوا الله كثيرًا؛ فقد ظفرتِ اليومَ أبناءُ ربيعة بأهل فارس، قتلوا ملوكهم، واستباحوا عسكرهم، وبي نُصِروا) (7).

    هذه فقط أمثلة من وعود رسول الله -صلى الله عليه وسلم -– التي قطعها بمكة - لمن اتبعه بالنصر والتمكين ووراثة الأرض، ولو تتبعت الوعود المماثلة التي قطعها في مختلف مراحل الدعوة في مكة والمدينة لطال البحث جدًا ولضاق المقام .

    وبالجملة، فإن الأمر لا يتوقف عند تحقق وعود النبي -صلى الله عليه وسلم -في الأمن والتمكين لمن اتبعه ونصره، بل في تحققها ضد جميع الأسباب الطبيعية مع وحدته وفقره وتبرئه من جميع الأمم وتكفيره لها وإعلانه الحرب عليها، وإخباره رغم كل هذه الحالات أن الله عز وجل سيظهره عليهم، وقد أخبر بذلك جميعه في أول أمره قبل أن يكون شيء منه، وقد وقع الأمر كما أخبر، فهذه شهادة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - بصحة نبوته ورسالته، قد أظهرها الله وبيّنها، وبيّن صحتها غاية البيان، بحيث قطع العذر بينه وبين عباده، وأقام الحجة عليهم .
    د. هشام عزمي
    هوامش المقال:
    1- هذا المسلك في إثبات البنوة تجده - مثلاً - في كتابات الدكتور مصطفى محمود ، وقد سبق الدكتور إلى هذا المسلك عدد من أصحاب المدرسة العقلانية كمحمد فريد وجدي ومحمد حسين هيكل ومحمد رشيد رضا وعباس محمود العقاد وغيرهم.
    2- مصطفى محمود ، محمد صلى الله عليه وسلم ص38-39
    3- ابن كثير ، السيرة النبوية 2/160
    4- انظر المصدر السابق 2/168
    5- ابن كثير ، البداية والنهاية 3/145
    6- المصدر السابق ص140
    7- المصدر السابق ص146
                  

05-31-2014, 11:50 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبقرية أم نبوة؟ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أتى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم – بالنبوة والرسالة ، وتحدى العرب الأوائل الفصحاء بهذا القرآن أن يعارضوه، وهم الغاية في البيان، وأولوا المعرفة بمواقع الكلام وأجناسه وأساليبه من المنثور والمنظوم، ولهم العادة المشهورة في التفاخر بالبلاغة والفصاحة، والمعرفة بطرق المعارضات ومزايا المخاطبات، لكنهم عجزوا عن المعارضة مع قدرتهم على جنسها ومثلها، فعدلوا عن هذا المسلك إلى القتال والنزال والحروب وتحمّلوا في هذا ما لم يطيقون، فدل هذا على وجود الدافع لديهم لمعارضة القرآن، لكن الدافع لم يُترجَم إلى فعل، والمعارضة لم تقع، مما يدل على أن سبب عدم المعارضة هو العجز عنها، ومع وقوع هذا العجز منهم، فقد ثبت كون القرآن معجزًا للبشر وأنه من فعل رب العالمين.(1) فهذا هو جوهر الدليل المنطقي الذي يضعه المستدلّ على النبوّة، وليس يتطلّب سوى مناقشته بجديّة.

    فإنه إذا ثبت لدينا أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قد تحدى قومه بالقرآن، وثبت كذلك أنهم عجزوا عن مقابلة هذا التحدي، كان ذلك دليلاً على إعجاز القرآن، وصحة نبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم -.

    وعلى الرغم من وضوح هذا الدليل وظهوره، إلا أن المنكرين للنبوة الخاتمة لم يسلموا به وساقوا في سبيل ذلك الاعتراضات والاستشكالات كذريعة لنفي دلالته وحجيته، محاولةً منهم لإبطال دلالته رغم وضوحها وبيانها، فكان من المناسب أن نستقريء اعتراضاتهم ثم نجيب عنها، وها نحن نشرع في سرد تلك الاعتراضات لمناقشتها .

    الاعتراض الأول : كيف يكون الكلام – مهما كان فصيحًا وبليغًا – دليلاً على الإعجاز ؟
    والجواب أنه كذلك لما نعرف من عادة العرب القدماء – حتى بعد الإسلام - وكيف كانت تجري المعارضات الشعرية بينهم، والأمثلة كثيرة جدًا بين القوم، وهي تدل على أن هذا الضرب من المعارضة والتحدي مألوفٌ لديهم ومعروفٌ بينهم، والدواوين غنيةٌ بمعارضات الشعراء، المشاهير منهم والمغمورين، وما هجائيات جرير والفرزدق عنا ببعيد، فمفهوم التحدي بالقرآن ذاته أمرٌ مألوفٌ يعرفه القوم.

    الاعتراض الثاني : لا أقبل إلا معيارًا للتحدي يمكن قياسه كميًا
    والجواب هو أن البلاغة علمٌ قياسيٌ منضبطٌ، وليست أمورًا انطباعيّة؛ فإن البلاغة والفصاحة والبيان علومٌ لها قواعدها وأصولها ومعاييرها المستقرة كأي علمٍ آخر، وإنكار وجود هذه العلوم، واعتبار أن البلاغة ليست علمًا قائمًا بذاته، وله علماؤه ومتخصصوه، أمرٌ لا يقول به عاقل.
    وهل لا تُعرف الكناية والاستعارة والمجاز والتمثيل ؟
    وهل لا يُعرف التقديم والتأخير؟ والحذف والإظهار ؟ والفصل والوصل ؟ والتعريف والتنكير؟
    وماذا عن القصر والاختصاص ؟ واستعمالات "الفاء" و"إن" و"إنما"؟

    وغيرها من القواعد والأصول والمعايير البلاغية العلمية .. وما زال أهل هذا العلم يشنّعون على من يستعمل تعبيراتٍ غير معياريّة في النقد الأدبي من جنس: (جزالة اللفظ) أو (لفظ متمكنٍ غير قلق) أو: (جيّد السبك صحيح الطابع) أو (لفظ معقّد قد استهلك المعنى) وغيرها من ضروب الكلام الانطباعي غير الموضوعي، الذي لا يقبله علماء البلاغة والفصاحة.

    فإخراج البلاغة من ساحة العلوم حتى يسوغ التشكيك في مصداقيتها كمعيار، محاولةٌ بعيدة عن الصواب، هذا مع كوننا لا نستدل بالبلاغة القرآنية مجرّدة، وإنما في سياق برهان أو استدلال منطقي، لماذا ؟

    لأن أي معيارٍ قياسي – كمّي أو كيفي - لا يقوم بتقييمه أفراد وعوام الناس، بل يقوم بذلك العلماء الفاهمون المتخصصون، فلو جئتك بالآيات ومواطن البلاغة في القرآن سنظلّ بحاجةٍ إلى العالم المتخصّص لتقييمها والحكم عليها حسب الأصول والقواعد المتبعة، تمامًا كما يفعل العالم في مختبره والطبيب في عيادته؛ فلذلك لم نستدل في هذا البرهان بقواعد العلم لأن القارئ غالبًا غير متخصص، بل استدللنا بمسلك أهل هذا العلم والعارفين به كيف تصرّفوا تجاه التحدي.

    الاعتراض الثالث : ما الدليل على أن التحدي قد وقع أصلاً ؟
    ونقول لصاحب هذا الاعتراض: إن وقوع التحدي بالقرآن للعرب كان أمرًا مشتهرًا معروفًا، حتى إن الكتاب المتقدمين سلّموا به ولم ينكروه لوضوح أمره، ثم إنه -صلى الله عليه وسلم -لمّا نزل القرآن كان يقرؤه على المسلم والكافر ولا يكتمه، وفي القرآن تحدٍّ ظاهر في ستة مواضع ليس فيها شبهة، بل الكلام فيها غاية في الوضوح والصراحة، وفي غيرها من المواضع تحدٍّ بالقرآن كذلك، لكن أقل وضوحًا وصراحةً، وهذا كثيرًا جدًا .

    وقد علمنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم -كان يتلو القرآن على أصحابه وعلى من يَفِدُ إليه من المشركين -من أحياء العرب وغيرها- مدّةَ ثلاث وعشرين سنة تقريبًا، وقد حفظه خلقٌ من الصحابة، وكانوا يتلونه في محافلهم ومجامعهم، وفي أهليهم وصلواتهم ومدارسهم ومجالسهم، وكان المشركون يسمعون ذلك ويقرع أسماعهم، ويكفي في وقوع التحدّي أن تبْلغهم آيةٌ واحدة، فلا يصح – مع كل هذا - أن يقال: إن التحدي لم يبلغهم، أو أنه لم يقع.

    ومما يدل على هذا المعنى ويؤكده، ما بلغنا من نقاشات الملأ من قريش حول القرآن وكلامهم عنه من أنه ليس بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، مما يطول المقال بذكره .

    الاعتراض الرابع : ما أدرانا أن القرآن لم يعارضه أحد ؟
    وهذا جوابه أنهم لو كانوا عارضوه، لنقلت إلينا كتب التاريخ معارضاتهم؛ إذ الهمم والدواعي توافرت لإبطال هذا الدين بأي سبيل، وكتب التراث قد نقلت لنا كلام مسيلمة الكذاب وطلحة الأسدي، وابن المقفع وابن الرواندي، وغيرهم مع ما فيه من التكذيب بالإسلام والطعن فيه. فكل أمرين كانا في زمن واحد أو زمنين متقدمين، وكانت الدواعي إلى نقلهما متساويةً أو متقاربة، فلا يجوز أن يظهر أحدهما ويفشو نقله ويختفي الآخر؛ لأنهما إذا اجتمعا في السبب الموجب للظهور، فيجب اجتماعهما في الظهور. والقرآن لو كانت له معارضةٌ من مشركي العرب، كانت تكون في زمانٍ مقاربٍ لنزوله، وكانت الدواعي لنقلها كالدواعي لنقل القرآن بل أقوى! لأن المعارضة لو كانت، لكانت هي الحجة، ولصار القرآن هو الشبهة، مما يزيد الدواعي إلى نقلها على القرآن، وهذا واضح لمن تأمّله.

    الاعتراض الخامس : ربما تركوا معارضة القرآن تجاهلاً أو استخفافًا بشأنه
    وهذا من أبعد الاعتراضات عن الإنصاف؛ فالسيرة النبوية شاهدةٌ صارخةٌ بأن قوم النبي -صلى الله عليه وسلم -قد عاندوه وحاربوه وعذبوا أصحابه ونكلوا بهم، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل إبطال دينه ودعوته، ثم إنهم بعد ذلك جاهدوه بالسيف وبذلوا في سبيل هذا أموالهم وأرواحهم، وتحملوا فتّ الأكباد وتيتيم الأولاد وسبي النساء والذرية، بينما كان بالإمكان الاستغناء عن هذا المسلك الشاق العسر بمعارضة القرآن وتلبية التحدي.

    وهذا كلّه يدل على توفر الدافع لديهم لمخالفته ومناوأته، ومعارضته وتلبية التحدي، لكنهم لم يعارضوا القرآن، وسلكوا السبيل الأشق والأعسر، فلماذا إذن؟

    الاعتراض السادس : عدم معارضة مشركي العرب للقرآن لا يشترط أن تكون لعجزهم
    والجواب أن أي فعل يحتاج إلى اجتماع عاملين: الإرادة والقدرة، وقد ثبت لدينا أنه لم يكن ينقص مشركو العرب الإرادة والدافع لأي عمل ينقض دعوة الإسلام ويهدمها ويزيلها، مهما كان شاقًا وعسيرًا، فالدافع لمعارضة القرآن متوفر، لكن تخلّف الفعل – أي: فعل المعارضة – وما هذا إلا لتخلّف القدرة وحصول العجز عن هذه المعارضة.

    والمقصود أن عدم وقوع المعارضة للقرآن، إما أن تكون لعدم وجود الرغبة أو الإرادة؛ أو لعدم توفر القدرة عليها؛ أو لكليهما، فإذا ثبت توفّر الدافع، وعدم وقوع الفعل، لم يبق إلا العجز وعدم القدرة، وبهذا يثبت كون القرآن معجزًا لهم .

    الاعتراض السابع : عجز العرب الجاهليّين لا يعني عجز جميع البشر عن معارضة القرآن
    والجواب أن سائر البشر هنا لا يخرج عن فئتين : إما العرب الذين جاؤوا بعد السلف الأوائل حتى زماننا هذا، أو الأعاجم من غير العرب .

    أما العرب بعد الجاهليين الأوائل، فلا يمكن أن يفوقوا أسلافهم في العربية؛ لأن اللغة العربية، إعرابًا وبلاغةً، كانت ملكةً وسليقةً عند العرب في الجزيرة، فلما جاء الإسلام وأخرجهم من هذه الجزيرة، واختلطوا بالأعاجم، ضَعُفَت هذه الملكة تدريجيًا حتى فسدت تمامًا، وصارت اللغة تُكتسب بالتعلّم والتعليم. فمن أراد أن يبلغ مبلغ فصاحة عرب الجزيرة كان واجبًا عليه أن يحيط بكل هذه اللغة من جميع مصادرها، حتى يصل بالتعلم إلى اكتساب ما كان ملكةً وسليقةً عندهم، فإذا أحاط بكل علوم اللغة عند العرب، جاز له عندئذ أن يشرع في معارضة القرآن.

    فاللغة هي الشيء الوحيد الذي لا يُتَصوّر أن يتفوق فيه الخلف على السلف، نعم: يجوز أن يكون علم الخلف أفضل من علم السلف، وحضارة الخلف أرقى من حضارة السلف، وأعمار الخلف أطول من أعمار السلف .. الخ، لكن قطعًا لا يمكن للخلف أن يتفوقوا على السلف في اللغة التي علموهم إياها. فعجوزٌ في بادية العرب في الجاهلية أفصح وأعلم باللغة من المتنبي الذي ملأ الدنيا، وشغل الناس .

    والسرّ في ذلك أن اللغة مفردات اصطلح على معانيها واستعملت في تلك المعاني، وتطاول الزمن من شأنه أن يُنسي بعض المعاني أو يزيد إليها معان جديدة، وفي الحالتين معاً إما أن تصبح اللغة أكثر فقرًا، أو أن تُحرّف.

    فهؤلاء العرب في الجاهلية هم الذين بلغوا ذروة البلاغة والفصاحة العربية، ولم يأت بعدهم مثلهم أبدًا؛ هذا خالد بن صفوان يقول : "كيف نجاريهم وإنما نَحْكِيهم؟ أم كيف نُسَابقُهم، وإنما نجري على ما سبق إلينا من أعراقهم؟" (2).

    فهاهي الأجيال العربية من بعدهم تسعى لبلوغ فصاحة وبلاغة العرب الأوائل، وتراها هي الذروة. فكيف بما أعجز هؤلاء البلغاء الفصحاء الذين لم يكن يشق لهم غبار ؟

    لهذا نقول: إن عجز عرب الجاهلية عن معارضة القرآن يستلزم عجز من دونهم من البشر، وذلك استنادًا إلى أمرٍ عقلي لا يُقاوم وهو قياس الأولى، وحاصله: إن عجز المتأخر في اللغة أولى من عجز المتقدم. وهذا يقطع الطريق على كل احتمال في إمكانية نجاح الأواخر بما لم يستطعه الأوائل. فإنه إذا ثبت عجز البلغاء والفصحاء عن معارضة القرآن، واعترافهم بإعجازه وأنه فوق كلام البشر، علمنا أنه إن كان معجزًا لهؤلاء الفصحاء، فهو لغيرهم أعظم إعجازًا. تمامًا كالملاكم القوي الذي يغلب ملاكمًا من نفس وزنه وحجمه، لن تصمد أمامه امرأةٌ من الجمهور.

    وفي ضوء هذا القياس الأولوي قامت الحجة على كل الناس : فالعالمون بالعربية منهم قامت عليهم الحجّة بعجز أسلافهم، والأعاجم قامت عليهم الحجّة بعجز العرب، وهذا قاطع لمن لا يكابر.

    ثم هناك وجهٌ آخرٌ لحجة البلاغة على العجم، وتقريره :
    إن أهل كل فن هم الأولى بتقرير مسائله؛ فإذا أجمع الأطباء وعلماء وظائف الأعضاء وخبراء الكيمياء الحيوية إجماعًا لا اختلاف فيه أن جزئ الهيموجلوبين في الدم هو المسئول عن لونه الأحمر، كان إجماعهم حجة على جميع الخلق أطباء وغير أطباء، ولا يعقل في هذه الحالة أن يأتي من يزعم - دون الأطباء وأهل الاختصاص - أن لون الدم الأحمر ليس بسبب الهيموجلوبين.

    كذلك إذا أجمع الفصحاء والبلغاء أن القرآن معجزٌ في بلاغته وفصاحته، كان إجماعهم حجّةً على عموم البشر. وقد ثبت عجز البلغاء والفصحاء عن قبول تحدّي القرآن، ولم يعارضوا واعترفوا، وعرف إعجازه أهلُ اللسان بسليقتهم، وعرفه العلماء بمهارتهم في فن البيان، وعرفه العوام بشهادة كل هؤلاء، فثبت أنه معجز يقينًا.

    فإن ظهر في آخر الزمان واحد - ممن لا يعتد برأيهم - يزعم أن بإمكانه نقض هذا الإجماع قلنا له : ليس لك ذلك، فأنت لست من أهل الفصاحة حتى يعتد برأيك، فما بالك بما أجمعوا عليه؟ وقد خَبِرْنا أعداء الإسلام، وهم من أعدى أعداء العربية، من النصارى والملاحدة والعلمانيين، فوجدناهم ليسوا من أهل اللسان العربي الفصيح أصلاً، وكلامهم تفشو فيه العاميّة الساذجة، ولا يميّزون غالبًا بين الهاء والتاء المربوطة، ولا بين أحوال الفعل المضارع، ولا بين أحوال الأحرف الخمسة، فضلاً عن أن يميّزوا الأبلغ عن البليغ !

    يبقى هنا أمرٌ ينبغي استحضاره في هذا المقام :
    وهو أن العرب الأولين أدركوا بما لهم من البلاغة والفصاحة واللسان العربي المبين دلالة القرآن على النبوة؛ فهم أدركوا بمجرد سماعه أنه ليس من جنس كلام البشر العادي، وأنه يعلو فوق هذا ويسمو عليه، وأن قائل هذا الكلام لا يمكن أن يكون واحدًا من البشر، فضلاً عن محمد بن عبد الله الذي عاش بينهم دهرًا. لهذا لم يتقدم أحدٌ منهم للمعارضة، وانسحبوا سريعًا من المباراة اعترافًا منهم بالعجز والفشل.

    وهذا من جنس ما وقع لسحرة فرعون عندما عاينوا آية موسي عليه السلام؛ فهؤلاء كانوا من أعلم البشر بالسحر، ولا يمكن أن يخفى عليهم شيءٌ فيه، لكنهم لما عاينوا آية موسى، أدركوا على الفور أنها ليست من جنس السحر البشري، بل هي معجزةٌ إلهيةٌ وفعلٌ خارقٌ للعادة وللسحر ولكل أفعال البشر، فخضعوا واستسلموا بمجرد معاينة الآية البينة، لكن فرعون ظل على عناده وظل يحسب أن ما فعله موسى إنما هو من السحر .

    وهكذا نرى ملاحدة هذا الزمان؛ لا يرون في القرآن أي دلالة على النبوة، ويرون أنه مجرد كلام عادي، وإنما هو الجهل والعجمة لا أكثر !

    هوامش المقال
    1- انظر أبي الحسن اليزيدي ، إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ص33
    2- انظر عبد القاهر الجرجاني ، الرسالة الشافية في وجوه الإعجاز في ذيل كتاب دلائل الإعجاز ص576
    د.هشام عزمي
                  

05-31-2014, 11:52 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبقرية أم نبوة؟ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الذرَّة آية من آيـات الخلق....


    على عُمق كادريليون جزء من المتر من المادة - الكادريليون وحدة قياس أطوال يُعادل 10 أُس -15من المتر- يوجد عالم الإلكترونات electrons، وهو عالم فسيح جداً، يدور فيه الإلكترون حول نواة الذرة بسرعة 1000 كيلو متر في الثانية. (1)

    ويدور الإلكترون في مدارات ثابتة ومنفصلة، ولا تتخلف عن بعضها البعض أبداً، وبالتالي لا يحدث التصادم ..!!

    إنها عملية خلق واعِ، لأن الإلكترونات متطابقة تماماً، ومع ذلك تدور في مدارات مختلفة، وتتبع مسارات ثابتة دون إخفاقٍ، ولا اصطدام.

    وهذه السُرعة الخاصة بالإلكترون -1000 كيلومتر في الثانية -، هي السرعة المثالية التي تُتيح للإلكترون الالتفاف حول النواة دون السقوط فيها.. لأن الإلكترون سالب الشُحنة، بينما بروتونات النواة protons موجبة الشحنة، وهذا يستدعي التجاذب بينهما، لكن هذه السرعة الرهيبة تتيح عدم التجاذب، وبالتالي عدم إنهيار الذرة ..!!

    إن النموذج الذري يخضع لنظام بديع، لا يتخلف ولا يفسد .. مع أن الملليمتر الواحد به تريليونات الإلكترونات .(2)

    فسبحان الخالق الباريء المُصور .. {هو الله الخالق البارئ المصور } (الحشر :and#1634;and#1636;)

    والنموذج الذري يقتضي أن يكون عدد البروتونات معادلاً لعدد الإلكترونات حتى تستقر الذرة، وبالتالي يستقر الكون كله، كل هذا يجري في عالم غير واعٍ، المليارت منه لا تملأ النقطة في نهاية الجُملة .(3)

    وداخل العالَم الذري نجد أن كل شيء يتحرك بتوازن مُتقن، فالبروتونات متشابهة الشحنة المُفترض فيها أن تتنافر داخل نواة الذرة، ومع ذلك هي تتغلب على هذه المعضلة بالقُوى النووية القوية strong nuclear force فتتماسك ولا تتنافر .(4)

    ويوجد سبعة أغلفة إلكترونية حول نواة الذرة، ولكل غلاف عدد مُحدد من الإلكترونات التي لا تتغير أبداً .. وهذا النظام ينطبق على كل الذرات في الكون، فالكون مبني بخُطة واحدة، ومن خامة واحدة .

    كل هذه الحسابات الدقيقة للتوازن الذري تجري كل لحظة، في كل جزء من مليارات الأجزاء من جسدك، ومن الطاولة أمامك، ومن شاشة الحاسوب التي تُطالِع من خلالها الآن، ومن عقلك الذي تستوعب به هذه الكلمات، ومن بصرك، ومن لسانك، وجميع أجزاء الكون تكشف لنا عن تدبير مالك الملك، عظيم الخلق، صاحب الحِكمة والإرادة المطلقة، الذي لا يترك ولو ذرة واحدة عاطلة في الكون، بل الكل يدور ويُسبّح بحمده آناء الليل وأطراف النهار: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} ( الإسراء:and#1636;and#1636;)

    ومن العجيب أن ما نراه من تنوّع الألوان والمواد والعناصر، وبل كل طاقة، وتفاعل يجري في الكون هو مُجرد تغير في مستوى الإلكترون، وفي سريانه، وفي شكل الذرة وارتباطها بغيرها من الذرات، لتُشكيل جُزيئات ومُركَّبات، من خلال الارتباطات الأيونية Ionic bonds أو الكيميائية Chemical bonds أو التساهمية Covalent bonds ، تُجرَي خلالها أنواع من المُقايضة على الإلكترونات بين الذرات المتعاقدة، أو تتقاسمها في أغلفتها الخارجية، من أجل القَبول بالترابط مع الذرات الأُخرى.(5)

    وحتى اليوم يواجِه العلم هذه الترابطات بتعميمية شديدة، لأنه لم يعرف بعد: لماذا تسلك الذرات هذا السلوك العقلاني الرشيد؟
    ولماذا تتقيد الذرات بهذا المبدأ التعاقدي الصارم لمقايضة الإلكترونات، أو تقاسمها؟
    ولماذا تقبل الذرة هذا التعاقد، وترفض تعاقداً آخر؟
    بل ويتحدث العلم عن مُعجزة الرفض ، حيث ترفض الذرة أن تتعاقد مع ذرّةٍ ما، في حين تقبل التعاقد مع أُخرى .(6)

    ولولا هذا الرفض لأصبحت الحياة مستحيلة، لأن الذرة لو قَبِلت كل تعاقد فإن مادة أصابعك ستتفاعل مع لوحة المفاتيح وستلتصق بها، وسيظهر مُركب جديد منهما، ومادة الماء ستتفاعل مع الكوب ويظهر جُزيء جديد، ومادة مكتبك ستتفاعل مع السيراميك وتنشأ مادة جديدة، وهكذا إلى ما لا نهاية، وهذا يعني استحالة الحياة، فرفض التعاقد يُعادل في إعجازه قَبول التعاقد .

    وإذا جال الإنسان بناظره إلى صيغة العقد بين الذرات، لتكوين المُرَّكبـات والجُزيئات، سيكتشف أن التعاقد يكون إلى أجَلٍ مُحدد، فمثلا: التعاقد بين الهيدروجين والأوكسجين لتكوين جُزيء الماء، هو تعاقد هيدروجيني Hydrogen Bonding، حيث يتفكك هذا التعاقد ثم يترابط مُجدداً مليارات المرات في الثانية الواحدة، مما يُتيح الخاصية السائلة العجيبة للماء، فعُمر التعاقد بين الأوكسجين والهيدروجين يجب أن يستمر جزء من مائة بليون جزء من الثانية، ثم ينحل ثم يعود للتعاقد فوراً، وهذا يجعل من الماء سائلاً .(7)

    ومن المدهش أن صيغة هذا الترابط الهيدروجيني سريع التحلل، تُحقق معجزة أُخرى في البحار والمحيطـات، حيث تتيح هذه الصيغة من الترابط للماء أن يُصبح أكثر لزوجة في الحالة السائلة، فإذا تحوَّل إلى الحالة الصلبة، قلَّت لزوجته، وطفا لأعلى وأتاح لملايين الأحياء بأسفله أن تعيش في أمان .

    إن قوانين الفيزياء، وقوانين الكيمياء، وقوانين المادة التي تحكم هذا النموذج الذرّي العجيب، الغاية في الإتقان، تشهد بالتوازن المُعجِز داخل هذا العالم الذي يفتقد إلى الوعي، فلا قوة إلا قوة الله في الحقيقة ولا حِكمة إلا حِكمته وكل إرادة منه سبحانه، والعلم لن يخترع قُوى كونية جديدة ولن يُضيف توازنات مُختلفة عما أودعه الله في أول ذرة في أول لحظة من خلق الكون، وكل ما في وسع العلم التجريبي أن يفعله هو أن يُطلق على هذه التوازنات مُسمّيـات وأن يُبيِّن إعجاز التوازن فيها.

    فمَن يستحق الخضوع حقاً هو خالق تلك المنظومة العملاقة المتوازنة، سبحانه القوي العزيز الذي أمرنا أن نسير في الأرض فننظر كيف بدأ الخلق: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير} (العنكبوت:and#1634;and#1632;).

    هوامش المقال
    د. هيثم طلعت
    1- http://www.britannica.com/EBchecked/topic/183374/electron
    2- http://www.newton.dep.anl.gov/askasci/phy05/phy05351.htm
    3- http://en.wikipedia.org/wiki/Atom
    4- http://aether.lbl.gov/elements/stellar/strong/strong.html
    5- http://www.ndt-ed.org/EducationResources/CommunityCollege/Ma.../Structure/bonds.htm
    6- http://chemed.chem.purdue.edu/genchem/topicreview/bp/ch8/valence.html
    7- http://www1.lsbu.ac.uk/water/hbond.htm
                  

06-01-2014, 10:40 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبقرية أم نبوة؟ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    المتفائلون في زمن اليأس
    التفاؤل هو توقع الخير وهو الكلمة الطيبة تجري على لسان الإنسان، والتفاؤل كلمة والكلمة هي الحياة!
    والتفاؤل هو الحياة، وعند الترمذي وابن خزيمة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا.
    وهذا الحديث الشريف نص في أثر الكلمة واللسان والتفاؤل اللفظي على حياة الإنسان؛ ومن هنا يصحُّ أن نقول: ما تقولُه تكونه وما تريد أن تكونَه فعليك أن تقوله على لسانك.
    فالذين يريدون أن يعيشوا حياة طيبة ناجحة سعيدة؛ عليهم أن يُجْرُوا هذا على ألسنتهم ليكون عادةً لفظية لهم فلا يسأم الواحد منهم أن يردد: أنا مُوفَّق أنا سعيد.

    النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل باللغة وألفاظها الجميلة؛ جاء إلى المدينة وهم يسمونها يثرب وهو اسم لا يخلو من إيحاءات سلبية؛ فسماها النبي صلى الله عليه وسلم" طابة" أو "طيبة" من الطيب والخير.
    وفي صحيح مسلم أنه سأل عن فتاة: ما اسمها؟ قالوا: عاصية فقال صلى الله عليه وسلم: لا هي جميلة.
    وهنا لا يفوت الملاحظ أن يدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمّها مطيعة وإنما سماها: "جميلة" وكلا الاسمين ذو دلالة إيجابية، لكنه صلى الله عليه وسلم أشاد هنا بالجمال وأراد أن يبين أنه أحد الأوصاف الحسنة.
    والجمال يشمل فيما يشمل جمالَ الظاهر والباطن وجمال الخَلق والشكل وجمال الخُلُق والمعنى وجمال الجسد وجمال الروح.
    وحين كان يسأل رجلاً عن اسمه؛ فقال: حزن. قال: بل أنت سهل.كما في صحيح البخاري.
    وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب اليسر والسهولة ويكره الحزونة والثقل والارتفاع.
    وعند أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم غير اسْمَ الْعَاصِ وَعَزِيزٍ وَعَتَلَةَ وَشَيْطَانٍ وَالْحَكَمِ وَغُرَابٍ وَحُبَابٍ وَشِهَابٍ؛ فَسَمَّاهُ هِشَامًا وَسَمَّى حَرْبًا سلْمًا وَأَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ سَمَّاهَا خَضِرَةَ وَشِعْبَ الضَّلاَلَةِ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى وبَنِي مُغْوِيَةَ سماهم بَنِي رِشْدَةَ.
    فغير العاصي كراهية لمعنى العصيان وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام.
    وأما عَفِرَة فهي نعت الأرض التي لا تنبت شيئاً؛ فسماها خضرة على معنى التفاؤل حتى تخضر.
    وتغييره اسم حرب دليل أيضاً على كراهيته للحرب وتداعياتها وأثرها إلا حين تكون فرضاً مفروضاً لا مندوحة عنه.

    وقمّةُ التفاؤل اتصال القلب بالرب جل وتعالى؛ فالصلاة تفاؤل والذكر تفاؤل؛ لأنه يربط الفاني بالحي الباقي ولأنه يمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادة.
    الدعاء تفاؤل؛ فإن العبد يدعو ربه فيكمل بذلك الأسباب المادية المتاحة له.
    وإني لأدعو اللّهَ حتى كأنَّما أرى بجميلِ الظنّ ما اللَهُ صانِعُ

    إن الدعاء ليس عبادة فحسب ولكنه تربية؛ فالإنسان حين يدعو ويردد هذه الألفاظ يتربى على معانيها يتربى على أن هذا الدعاء يستخرج طاقاته الكامنة وإمكاناته المذخورة وقدراته المدفونة ويحرك فيه الإحساس بالمسؤولية.
    الدعاء ليس تواكلاً ولا تخلصاً من التبعة وإلقاءً بها وإنما هو تحمل للمسئولية ومشاركة فيها بكل الوسائل.
    حسن الظن بالله تعالى هو قمة التفاؤل؛ حسن الظن فيما يستقبل فيحسن العبد ظنه بربه.
    حسن الظن في الحاضر؛ فلا يقرأ الأحداث والأشخاص والمجتمعات قراءةً سلبية قاتمة وإنما يقرؤها قراءة إيجابية معتدلة تُعنى بالجانب الإيجابي وإبرازه والنظر إليه والحفاوة به بقدر ما تعنى برؤية الجانب السلبي برحمة وإشفاق وسعي وتصحيح.
    فالتفاؤل إذاً شعور نفسي عميق واعٍ، يوظف الأشياء الجميلة في أنفسنا ومن حولنا توظيفاً إيجابياً.
    حين تسمع أحداً يصيح: يا سالم يا موفق يا سعيد... إلى آخره؛ تستشعر كأن القدر ساق إليك هذه الألفاظ والعبارات؛ لتفرح بها وتتفاءل وتقول: حياتي إذاً سعيدة ومسعاي موفق وطريقي سالم.

    إن الشؤم تراث ضخم في حياة البشرية كلها ولكل شعب من الشعوب -كما تحكي كتبهم- تاريخ طويل من التشاؤم؛ تشاؤم بالأرقام كما يتشاءم الإنجليز وغيرهم بالرقم ثلاثة عشر ويستبعدونه حتى في الطائرات وغيرها.
    التشاؤم بالحيوانات، كالقطط السود والكلاب السود.. أو غيرها، أو بالنباتات كما كان العرب يتشاءمون بالسفرجل أو بالسوسن، أو بالأشكال كما يتشاءمون بلون السواد، وهذا نوع من العنصرية في الألوان!!
    أو كما يتشاءمون من الأعور أو الأعرج.. أو غيرهم.
    التشاؤم من الأسماء؛ حتى إن القلوب المريضة بالتشاؤم قد تقلب الاسم الجميل قبيحاً وتتشاءم به؛ كما يقال عن ابن الرومي أنه جاءه غلام يدعوه فقال: ما اسمك؟ فقال: إقبال. فتشاءم وقال لا أذهب.
    قالوا له: لم؟ قال: لأن نقيض اسم إقبال وعكسه: لا بقاء!
    يتشاءمون من الأجواء؛ يتشاءمون من الأحلام التي يرونها في المنام؛ فتسيطر على يقظتهم وتؤثر في نفسياتهم وفي قراراتهم.
    يتشاءمون من العقبات والعوائق التي قد تعترض طريقهم؛ فإذا وجد الإنسان مشكلةً في بداية عمله أو دراسته أو حياته الزوجية أو سكنه في المنزل الجديد أو علاقته الشخصية مع فلان أو فلان؛ تشاءم منها وظن أن الطريق كله طريق شائك شاق ونسب الأمر إلى حسد أو عين أو سحر وأي خلاص أو سعادة لإنسان يحس بأن الشر ممنوح له ينتظره في كل مكان!

    ولو أن هذا الإنسان تدرب على الصبر والأناة وحسن الظن وأدرك أن من طبع الحياة أنها لا تصفو أبداً وأن الذي يحاول الأشياء الجديدة يحتاج إلى صبر وأناة حتى يفهم سرها ويدرك سنتها ويعرف مفاتحها، لوجد أن من الأمر المألوف أن توجد العقبات في بداية الطريق.
    سَهِرَت أَعيِنٌ وَنامَت عُيونُ في أُمورٍ تَكونُ أَو لا تَكونُ
    فَاِدرَأِ الهَمَّ ما اِستَطَعتَ عَن النَفـسِ فَحِملانُكَ الهُمومَ جُنونُ
    إِنَّ رَبّاً كَفاكَ بِالأَمسِ ما كا نَ سَيَكفيكَ في غَدٍ ما يَكونُ
    إن على المرء أن يدرك أن للحياة وجهين؛ فليكن له وجه واحد كما يقول المتنبي:
    وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ
    وإذا كانت الحياة عندك في هذا المساء قد شابها بعض الكدر والعذاب فانتظر الصباح فإن غداً لناظره قريبُ.
    بودادي عليك هون عليك الأمر لا بد من زوال المصابِ
    سوف يصفو لك الزمانُ وتأتيك ظعون الأحبة الغيّاب
    وليالي الأحزان ترحل فالأحزان مثل المسافر الجواب
    ثانياً: إن التفاؤل يعين على تحسين الصحة العقلية؛ فالمتفائل يرى الأشياء جميلة يرى الأشياء كما هي؛ فيفكر باعتدال ويبحث عن الحلول ويحصد الأرباح والمكاسب بعيداً عن سيطرة الوهم والخوف والتشاؤم.
    المتفائل سعيد يأكل ويشرب وينام ويستمتع ويسافر ويشاهد ويسمع ويبتسم ويضحك ويجدّ دون أن يمنعه من ذلك شعور عابر من الخوف أو التشاؤم.
    التفاؤل يعين على تحسين الصحة البدنية؛ فإن النفس تؤثر على الجسد وربما أصبح الإنسان عليلاً من غير علة ويا لها من علة؛ أن تكون النفس مسكونةً بهواجس القلق والتشاؤم وتوقع الأسوأ في كل حال.
    المتفائل يعيش مدةً أطول وقد أثبتت الدراسات أن المُعَمَّرين عادةًً هم المتفائلون في حياتهم وفي نادٍ أقيم في كوبا حضره عدد من المُعَمَّرين الذين تجاوزت أعمارهم مائة وعشرين سنة؛ تبين أن هؤلاء جميعاً تلقوا الحياة بقدر من التفاؤل.
    لكن واخيبتاه! المتشائم حين يقرأ أو يسمع مثل هذه الأخبار؛ يقول بأسف: وأي حاجة لي في مائة وعشرين سنة أعيشها يكفي ما عشته يكفي أن أعيش هذه الأيام الكئيبة الحزينة.
    إنه قد حكم على نفسه بالموت البطيء ووضع على عينيه نظارات سوداً؛ فهو لا يرى إلا القبيح.

    التفاؤل يقاوم المرض وقد ثبت طبياً أيضاًً أن الذين يعيشون تفاؤلاً هم أقدر من غيرهم على تجاوز الأمراض وحتى الأمراض الخطيرة فلديهم قدرة غريبة على تجاوزها والاستجابة لمحاولات الشفاء. المتفائل يسيطر على نفسه ويشارك في صناعة مستقبله بشكل فعال وكفء؛ فهو يؤمن بالأسباب ويؤمن بالحلول كما يؤمن بالمشكلات والعوائق.
    المتفائل ليس أعمى ولا واهماً يعيش في الأحلام وإنما هو واقعيٌ؛ يدرك أن الحياة -بقدر ما فيها من المشكلات- يوجد إلى جوارها الحلول وبقدر العقبات فهناك الهمم القوية التي تحوِّل أبداً المشكلة والأزمة إلى فرصة جميلة.
    المتفائل ينجح في العمل؛ لأنه يستقبله بنفس راضية وصبر ودأب ويعتبر أنه في مقام اختبار وهو مصر على النجاح.
    وينجح في التجارة؛ لأنه يستقبل مشاريعه ومحاولاته برضا وثقة وطمأنينة ويحسب خطواته بشكل جيد.
    ينجح بالزواج؛ لأن لديه القابلية الكبيرة على الاندماج مع الطرف الآخر والتفاهم وحسن التعامل والاستعداد للاعتذار عند الخطأ والتسامح عند خطأ الطرف الآخر.
    ينجح في الحياة؛ لأنه يعتبر أن الحياة بصعوباتها هي فرصة للنجاح وإثبات الذات وتحقيق السعادة.

    والناجح لا يتوقف عن العمل أبداً بل هو في عمل دءوب وقد قال الله تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"
    فالمتفائل في عمل دائب قد يكون عمل البدن وقد يكون عمل اللسان وقد يكون عمل الروح وقد يكون عمل العقل ولا يمكن التقليل من أيٍ منها.
    التفاؤل جملة في مواجهة الصعاب؛ فإن الحياة مطبوعة على الكدر:
    طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ
    لكن الذي خلق الصعاب هو الذي يعين العبد إذا استعان به, وهو الذي أودع بقوى الإنسان المذخورة القدرةَ على الصبر والتحمل عند الكثيرين من الناس.
    إن العبد قد يكون صبوراً بطبعه وقدرته على استخراج قوى النفس حتى لو كان بعيداً عن هدي السماء, ولقد رأينا أبا جهل وهو يجندل صريعاً في المعركة كيف صبر! وقال: لمن الدائرة اليوم؟
    فكان يسأل عن نهاية المعركة ونتيجتها -كما في البخاري- ويقول: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ!

    ونحن نجد اليوم ممن كانوا غير مؤمنين بالله تعالى, من زلت بهم القدم, فوقعت أرجلهم في مصيدة: في تعذيب, أو قتل أو سحل, أو سجن؛ فأحسوا بالحاجة إلى الصبر والمصابرة, واستخرجوا قوى النفس؛ فحصلوا من ذلك على قدر جيد؛ فكيف لمن كان يستمد من قوة الله العظيم القادر جل وتعالى, ويقبس من هديه, ويتلو كتابه, ويتلمس آثار محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الصبر والمصابرة والرضا والتوكل.
    إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي, ولكن عافيتك هي أوسع, أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة؛ أن يحل علي غضبك, أو ينزل علي سخطك, لك العتبى حتى ترضى, ولا حول ولا قوة إلا بك.
    د. سلمان بن فهد العودة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de