ظَلَلْتُ طِيلةَ صَحْوِي أستفْهَمُ مِنْ سادتِنا عن معنى الأخلاقْ، ضمن رواياتِ العامةِ أو إن شئتَ أضابيرِ الأوراقْ، عن قِيَمٍ ذكَرَتْها صُحُفُ الأمسِ وأذاعتها نَشْراتُ الأنباءْ، وعباراتٍ غنَّاها أحدُ الآتينَ مِن التاريخِ عن التاريخ، فلا أحدٌ يجرؤ أن يتغنَّى عن ألمِ الأرضِ العذراء، فهذي قد كشفتْ فخذَيْها، لا ساقَيْها، بل فخذَيْها، بل أسوأ مما فعلتْ في وجهِ الغُرَباءْ !! فلماذا أرسلتِ الصحراءُ بَنِيها إلى الداخلْ؟ ولماذا فاوضتِ السافنا الأمطارَ بلَيْلٍ أن ترحلَ صَوْبَ الساحلْ؟ ولماذا قاتلتِ الغاباتُ بُغاثَ الطَيْرِ على أشلاءِ مناضل؟ ولماذا شيَّدتِ الدولةُ قصراً للأفراحِ على أنقاضِ منازلْ؟ غنَّاها أحدُ الآتين، أدَّاها ساعةَ ذكرى، ليصفقَ جمعُ السادةِ طرباً .. طربا، ناسِين بأنَّ حدودَ السُلطةِ ليستْ بالطبعِ أداةً للقتلِ، أو حداً أدني أن تجلدَ ذاتَكَ – تعزيراً – عُدَّةَ مرَّاتْ، تعزيراً – حدَّاً - شنقا تعزيراً – حدَّاً – شنقا أالروحُ كذا يا قاضي الموتِ بها ترْقَى؟ أالآن يموت ضميرٌ كي دولةَ حاكمنا تبقَى؟ أتعذرها إذا ما لامس حدُّ الردةِ ثوبَ العفةْ؟ أتجهضها كي يلتف الحبلُ السري على صوتِ جنينْ؟ سوف تتوبُ إلى وطنٍ وتكفِّرُ عن بعضِ خياراتٍ بنشيجٍ يتحلَّلُ من فَتْوَاكْ، فما أقسى أن تختلطَ مفاهيمُ الخلقِ بكيفيةِ رسمِ خريطتِها، أو تستجدي كرمَ الطرقاتْ، فالوازعُ هيأ رصفَ الدربِ وفاتْ ولم يتناسَى أن يرتاحَ على أرصفةِ الجوعِ يواري مسغبةَ العدل، يزيِّنُها بالأسْوَدِ أو كالسحناتِ على مسرَى الفقرْ، حين تلملمُ عن وجهِ حقيقتها تلك الأسمالْ، ولا تتبنى سوءَ فعائلها حدَثاً يستنسخُ مأوىً للقيطٍ من أطفالْ ولا تتعاطَى أجْراً من بيتِ المال، ولا تتورَّع أن تهتفَ في وجهِ الوالي، أنْ سنقوِّمُ دربَكَ بالسَيْفِ إنْ أنتَ تجبَّرتْ، إذ جئتَ إلينا بإسمِ اللهِ الحقِّ الحكمِ المُتعالْ، واللهُ برئٌ لم يرسلْ بعد نبيِ الرحمةِ شخصاً آخر، ليسوقَ الناسَ إلى سُوقِ نخاسته، أو يرميهم حين نفادِ صلاحيتهم بجحيم .. فهل تنجبُ هذي الأرضُ بعد مخاضٍ طالَ زعيم؟ ليستفتي ذات الوازعِ عن حجمِ الملهاةِ ويعجزُ عن رصدِ التقييم .. وما زلتُ أنا استفهمُ من سادتنا، والسادةُ منشغلون بترتيبِ مصالحِنا، مسالخِنا، عذرٌ شرعيٌ لا يرتبطُ بفهمِ الناسِ لهذا الدين، إذا ما الأخلاقُ تَعِدُّ الأدوارَ ليفتتحَ الراعِي حفلَ التأبين، فعلى مرمى حجرٍ تتأوه أنثى، فيطعنُ كبدَ الحقِّ أنينْ ولهذا واريتُ عيوني خلفَ عيوبي، وغَضضتُ الطرفْ، وسحبتُ رصيدي علماً بزيادةِ سعرِ الصرفْ .. عفواً فمصدر ثقتي بعضُ السفهاءْ، ورواياتٌ خَجْلَى من سادتنا الوجهاءْ، لذا صدَّقتُ صُحُفَ الدولةِ وأُعْجِبتُ بإذاعاتِ الأنباءْ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة