|
|
 أسباب الانهيار الــقِــيَــمِـي في الحركة الإسلامية السودانية (الكيزان)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ زمن طويل كانت تراودني نفسي للكتابة في هذا الموضوع، وهذه التجربة التي حدثت، هذا الانهيار العظيم في القيم والأخلاق والذي ضرب بأطنابه في هذا الكيان، وكنت كثيرا عندما أجتمع بأحد أصحابي أسائله وأنا متعجب: (هل يعقل أن هؤلاء الذين يسفكون الدماء الآن ويقتلون الأبرياء، ويأكلون الحرام، ويرتكبون كافة أنواع الظلم، هل يعقل أنهم هم الذين كانوا منذ سنوات قليلة يقومون الليل ويصومون النهار ويقرؤون القرآن؟ هل هؤلاء هم الذين كانوا في المساجد وحلقات القرآن والجلسات الإيمانية والليالي القمرية، وكانوا مشوبين بعاطفة إسلامية كبيرة، هل هم الذين يرتكبون هذه الموبقات الآن؟؟)، ويتعجب صاحبي مثلي ولكنه يقول لي: بذور منهجهم تحمل هذه الثمار، أخذت أفكر في هذه العبارة، منهج الكيزان وجذور الكيزان، هل فعلا كان هو السبب في هذه النتائج المخزية التي وصلت إليها هذه الحركة، وقد تحولت من حركة كانت تدعو إلى تطبيق الإسلام والشريعة والعدل، إلى كيان كل مافيه ينضح بالعداوة للإسلام ومخالفة تعاليمه ومقاصده، وصد عن دعوته عبر تقديم أسوأ نموذج يمكن أن يكون لحركة إسلامية تصل إلى السلطة!!
هذا البوست أرجو أن يكون من بوستات النفس الطويل، وقد قسمت فكرتي التي أريد من خلالها إيصال رأيي إلى محاور:
المحور الأول: دور الترابي في الحركة الإسلامية وعلاقته بانهيار القيم
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: شخصية الترابي وما ورثه منها لتلاميذه
المبحث الثاني: استهتار الترابي واستهزاؤه بالتعاليم الإسلامية
المبحث الثالث: منهجية التجديد المزعومة عند الترابي وأثرها في تخطي القيم وحدود الشرع
المحور الثاني: منهج تنظيم الاتجاه الإسلامي أو الجبهة الإسلامية القومية
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: فلسفة الكيزان في اكتساب العضوية وأثر ذلك
المبحث الثاني: ضعف المنهج العلمي والتربوي في التنظيم
المبحث الثالث: الفرق بين الكيزان وباقي الجماعات الإسلامية الصفوية (من الصفوة)
المحور الثالث: مرحلة ما بعد الإنقاذ
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حل التنظيم ودمجه في مؤسسات الدولة
المبحث الثاني: كيزان ما بعد الإنقاذ (مُسلمة الفتح)
المبحث الثالث: شهوة السلطة والثروة
المبحث الرابع: التطرف الفكري (احتكار الدين والدنيا)
المبحث الخامس: النتائج والآثار
والله الموفق
|
|
  
|
|
|
|
|
|
|
 Re: أسباب الانهيار الــقِــيَــمِـي في الحركة الإسلامية السودانية (الكيزان) (Re: محمد جلال عبدالله)
|
نبدأ هذا البوست بهذه الشهادة لرجل يعد من القيادات التاريخية المؤسسة لتنظيم الإخوان المسلمون بالسودان، وهو البروفيسور جعفر شيخ إدريس، يقول ما مضمونه:
( لم أر في التاريخ الحديث والقديم، وفي ملل الكفر والإسلام، حركة سقطت مثل هذا السقوط وتخلت عن مبادئها في فترة وجيزة مثل الحركة الإسلامية السودانية)
نص كلام البروف بتصرف بسبب أن النقل شفاهي، وهذا الكلام كان في بداية الألفية يعني بعد حوالي 11-13 عاما من قدوم الإنقاذ
ويقول أيضا:
(أنا نادم لأني سكتُّ على صاحبنا طيلة هذه الفترة، ولو تكلمت قبل ذلك لما فعل صاحبنا كل هذا الذي فعله)
من محاضرة بعنوان: العلمانية في ثياب إسلامية .. قاعة الشارقة 1997 وقد سمعتها بنفسي
ومن الملاحظ أن البروفيسور جعفر دائما يرمز للترابي بلقب (صاحبنا) ولا يذكر اسمه
نواصل بإذن الله
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أسباب الانهيار الــقِــيَــمِـي في الحركة الإسلامية السودانية (الكيزان) (Re: محمد جلال عبدالله)
|
المحور الأول: دور الترابي في الحركة الإسلامية وعلاقته بانهيار القيم
أولا: شخصية الترابي وما ورثه منها لتلاميذه
لا يختلف اثنان على العبقرية والكاريزما الكبيرة التي يتملكها الرجل (حسن الترابي)، وهذا التقييم لا دخل له بالمشاعر الشخصية أو الانتماءات الحزبية، فأول خطوات محاربة الخصم هي أن تقدره قدره وأن تعطيه حقه ولو كان أبغض خلق الله تعالى لك .. الترابي عبقري .. ذكي .. يذكر عنه أنه من الصف الأول الابتدائي وحتى امتحان الشهادة السودانية لم يفارق الترتيب الأول، ومثل ذلك في الجامعة .. الرجل عقلية لا يستهان بها، ذكاء حاد .. ومقدرة عالية على التخطيط والتكتيك والتنفيذ حتى الوصول إلى الهدف، وصبر ومصابرة على كل ما يناله من ذلك، الترابي من صفاته الكاريزما العالية التي تجذب إليه كل من حوله، وهو بجانب ذلك كان يجيد التفاهم مع كل المستويات فتجده يجلس مع الطبيب والمهندس والأمي والمثقف والصغير والكبير، يروي من كانوا يرتادون منزل الترابي في الثمانينات أن الناس كانوا يأتون إليه أفواجا ويجتمعون به ولا تكاد تجد سبيلا لمقابلته، فيدخل البعض ويخرجون ثم يدخل بعضهم زمرة أخرى وهكذا حتى ساعات متأخرة من الليل.. الرجل صبر وثابر حتى نال ما كان يسعى إليه، وفي تقديري أن الترابي كان يسعى لبناء مجد شخصي وأن يكون من الشخصيات التاريخية التي يشار إليها بالبنان في التاريخ الإسلامي والإنساني، وقد نال ما يريد إلى حد قبل أن ينقلب عليه تلاميذه. لا أود الاستطراد في صفات ومميزات الرجل حتى لا ننحرف عن الموضوع الأساس: وهو الجوانب السيئة التي ورثها لتلاميذه والتي أوصلت الحركة الإسلامية إلى هذا الانهيار الكبير في القيم والأخلاق.
1 . الترابي وإعجابه بنفسه بجانب تسفيه الآخرين:
كل من عرف حسن الترابي عن قرب يقر بأن الرجل معجب بنفسه للحد البعيد؛ فهو يعتبر نفسه فوق مستوى الآخرين في الفهم والعلم والإدراك، ولا يقيم وزنا لآراء الآخرين، ولا يأبه لها، بل إنه يقوم بتسفيهها والحط منها، ولذلك ظل الترابي على مر الأزمنة هو الشيخ الأوحد والمنظر المطلق للحركة، ولعل هذا أبرز الأسباب التي أدت إلى حقد تلاميذه عليه وكيدهم له حتى انتهى الأمر إلى افتراق القصر والمنشية، ليمضي العقائديون الذين يقدسون شخصية الشيخ في تيار الشعبي، والذين تحرروا من ربقة المشيخة في تيار الوطني، وبالطبع في صحبتهم الكثير من النفعيين وعبدة السلطة والمال.
2 – الترابي واغتيال شخصيات منافسيه:
كانت النقطة الأولى توطئة ومقدمة للنقطة الثانية فالرجل المعجب بنفسه، لا يتحمل أن يسطع نجم جوار نجمه، أو أن تتجه الأنظار إلى غيره، ومن هنا كانت ممارسة اغتيال الشخصية، ولست أعني بذلك خصومه من العلمانيين أو الشيوعيين، بل زملاءه ورفقاءه في التيار الإسلامي، فعندما كان الترابي في جامعة الخرطوم لم يكن يتحمل أن ينافسه أي أحد في قيادة التيار، فكان يغتال شخصيات رفقاء الكفاح، يذكر المعاصرون لتلك الحقبة قصة كلما تذكرتها أقف مندهشا متألما من خبث هذا الرجل، والقصة كانت تخص الدكتور (ج) الخبير المعروف في الدراسات والحضارة السودانية، كان هذا الرجل من أقوى منافسي الترابي على زعامة الحركة الإسلامية في الجامعة، وكان هذا الأمر مزعجا جدا للترابي فسعى إلى تدبير مكيدة للدكتور (ج) والذي كانت خطيبته (زوجته الحالية) طالبة بنفس الجامعة وكانت تلتقيه على مرأى ومسمع من الطلاب، فاتهمه الترابي بتهمة أخلاقية مع خطيبته وجاء سيد الخطيب (أحد أصحاب مذكرة العشرة) وأمام الطلاب قام بسب الدكتور (ج) والبصق في وجهه، ودفع الترابي تنظيم الأخوات المسلمات لإصدار بيان يدين فيه الدكتور (ج)، ومن يومها غادر الدكتور جامعة الخرطوم وغادر الحركة الإسلامية واعتكف في بيته فترة طويلة لا يلتقي أحدا، وبعد أن خرج من عزلته حرص جدا على الابتعاد عن أوساط الإخوان، وكان إذا جاء أحد ليتكلم معه –حتى من المشفقين عليه- كان يعتزل المكان تماما ولا يرد بكلمة .. لقد حطمه الشيخ الضال وكسر مروءته بين الناس .. هذه القصة المؤلمة شهادة من أحد قيادات الإخوان الذين عاصروا تلك الفترة في جامعة الخرطوم.
ليس الدكتور (ج) فقط الذي مارس معه الترابي اغتيال الشخصية، وإنما معظم منافسيه في الحركة فعل بهم ذلك فمنهم الدكتور محمود برات والذي كان أول من تنبه لتفلتات الترابي ومجازفاته الشرعية وأول من بدأ التحذير منه، وكان الرجل شديدا في الحق ولذلك كان الترابي يتهمه بالجنون، وهي التهمة التي علقت في أذهان الكثيرين.
ومنهم كذلك الدكتور جعفر شيخ إدريس والذي كان نجمه ساطعا في تلك الأيام وكان من الممكن أن يكون المنظر والقائد الأول للحركة ولكن الترابي كان ينفر الناس منه ويتهمه بأنه (وهابي) باعتبار أن الدكتور جعفر شيخ إدريس من مدينة بورسودان والتي تأثر الإخوان فيها كثيرا بالدعوة السلفية، وكان مظهرا للالتزام بالسنن الظاهرة في وقت لم يكن ذلك معروفا في السودان غير عند جماعة أنصار السنة، ولما كانت الحركة الإسلامية لا تنتهج منهجا واضحا في باب العقيدة، وكان كثير من منسوبيها من عامة الشعب السوداني الذي يغلب عليه التصوف، فكانت تهمة الوهابية كافية لتنفير أعضاء الحركة من شخصية جعفر شيخ إدريس.
أيضا الشيخان الجليلان الحبر يوسف وصادق عبد الله لم يسلما من أذى الترابي واغتياله لشخصياتهما، فرغم أنهم يتمتعون بدرجة عالية من الصدقية والقبول عند عامة الإخوان –وحتى اليوم- إلا أن الترابي كان يتهمهم بالتقليدية وعدم المواكبة أو الدروشة، في مقابل أن يظهر نفسه بالمجدد والمواكب للعصر والذي يريد أن يأتي بالإسلام الحديث الذي يصلح للقرن العشرين، فكانت تهمة التقليدية والطيبة والدروشة كافية لأن ينصرف الناس عنهما ويدوروا في فلك القطب الأوحد حسن الترابي.
انتهت هذه النقطة، والخلاصة منها: مثل هذه الصفات السيئة التي تحلى بها ومارسها الترابي هي التي ورثها أبناؤه وصبيته وهي التي تفسر الكثير مما يفعلونه اليوم من التنافس والدكتاتورية والانفراد بالرأي والكيد والحفر لبعضهم البعض.
النقطة القادمة: ونناقش فيها استهزاء الترابي بالرموز والتعاليم الإسلامية
| |
|
|
|
|
|
|
| |
محمد جلال عبدالله
محمد المسلمي
محمد علي البصير
الامين محمد علي
HAIDER ALZAIN
د.أحمد الحسين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست