|
يا ود لف لفك
|
يحكى أن ولدا اعتاد ،أثناء الأكل مع الجماعة ،أن يلف قطة لحم داخل قطعة من الكسرة كلما سنحت له الفرصة إلى ذلك ، متغولا بذلك على حقوق مجالسيه على ذات المائدة و آخذا نصيب عدد من مؤاكليه على ذات الطبق ، ليتحصل بذلك على النصيب الأكبر من تلك القطع التي تمثل زينة المائدة و طعمها. و ذات يوم أخبر الوالد ابنه بأن لديهم زائرا رفيع المستوى و عالي المنصب في الطريق إليهم، وأن عليه أن يكف عن مثل تلك الحركات التي اعتادها أثناء الأكل مع الجماعة كي لا يرى ذاك الضيف الرفيع من الولد ما يحسبه سلبا على الوالد، وأيضا كي يقنع الزائر بأنه و رغما عن صغر سنه إلا أنه جدير بمجالسة ومرافقة و مؤاكلة الأكبر منه سنا ومكانة و مسئولية. وصل الضيف المنتظر، قدم له واجب الضيافة الأولي من ماء و عصير وشاي، وبعد تجازب لأطراف الحديث والإبتسامات و الضحكات، أحضرت المائدة، جلس كل واحد من الحضور على موقعه أو مقعده الذي خصص له إيذانا ببدء الأكل. بدأ الأكل ، وبدأ كل واحد يأكل مما يليه من الأطباق، و بعد قليل بدأت الأيادي تتقاطع حول المائدة. وفي لحظة ما غير متوقعة، لم يلحظها سوى الوالد وابنه، أخفى الضيف الرفيع المستوى قطعة لحم داخل قطعة من الخبز، فرفع الإبن بصره نحو أبيه بتعجب واستغراب، فلم يحرك الوالد ساكنا واكتفي بعبارة:"يا ود لف لفك". هذه القصة بهذا المعنى الظاهر والألفاظ البسيطة مناسبة لأن تسرد كحكاية فكاهية للأطفال، ولكن - ومجاراة للوضع الراهن والأحداث التي بدأت تنتشر و تتسارع في نوعيتها عبر وسائل الإعلام المختلفة و وسائل التواصل الإجتماعي المتعددة - لها أبعادا أخرى و مفاهيم تتحرك بين السطور و وسط الألفاظ و تحت العبارات. لنعد مرة أخرى لتلك القصة، و لنعيد توضيح بعضا من الرموز والدلالات كي تتناسب والأحداث الراهنة. المائدة في تلك الحكاية تمثل الوطن الذي يسع الجميع إذا التزم كل شخص بحقوقه و واجباته ، بينما قطع اللحمة التي تزين المائدة و يتفنن كل شخص بالحصول على أكبر عدد منها فهي بمثابة خيرات البلد و موارده النقدية والمادية من أراضي و أموال نقدية . أما رموز أبطال القصة الثلاثة ودلالاتها ، فالوالد يمثل الوزراء أو الولاة في أي منطقة ما ، بينما الولد يمثل ابناء و موظفي أولئك المسئولين أوالولاة، فيما يمثل الضيف الرفيع المستوى مدير الارضي السابق و وكيل وزارة العدل الحالي عصام الدين عبد القادر الزين.
فإن كان أمين تراب الوطن و وكيل عدله قد بان للجميع وظهر بأنه بهذه المهارة من التغول على خيرات الأمة والبلد، فليس عيبا - بعد اليوم - ومن حق أي مسئول أن يغض الطرف عن اختلاسات و سرقات أبنائه موظفيه و يترك كل واحد منهم - بحسب مهاراته وخبراته التي اكتسبها ، وبقدر معرفته بشوارع الوظيفة الواسعة وأزقتها الضيقة -من أن يلف لفه.
|
|
|
|
|
|