|
كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
عبدالناصر عثمان
أو قل عبدالناصر عطبرة واذا اردت تحديداً أكثر فقل عبدالناصر حنظلة
لا يزال صوته وصورته في مخيلتي
وهو يحث الطلاب ويشحذ همتهم للنضال
حقاً تحرسو ولا بيجي
حقك تقاوي وتقلعو
تم اعتقاله من وسطنا بالنشيشيبة ثم لحقنا به
لم نتعرف عليه في المعتقل من آثار الضرب والتعذيب مع أن الفترة الزمنية بين اعتقاله ولحاقنا به لم تكن أطول من سويعات
رفض التعاون مع جلاديه ولم يجاوب حتى على سؤال (اسمك منو)
التقيناه في نفس هدوئه الذي نعرف
وكان أحد بتوع الأمن ويدعى هجو يأتي بعصا ويعبث بجراح عبدالناصر متلذذا بمنصر الدم الذي يتفجر منها
وعبدالناصر يهزمه دوما بجلده وصبره
وبعد أن ملّ الجلادون من تعذيبنا رجعت نفس تلك الابتسامة الصافية على وجهه
وتآلف مع جغرافيا المكان وتحرك فيه كأنه بيته مما جعل رمضان تيتو يستنكر ذلك قائلاً (والله أنا ما غايظني الا تأقلم عبدالناصر دة التقول قاعد في بيتهم)
ولم تزل تلك الأيام أذكرها بشيئ من حنين، لصوت عبد الناصر وهو يغني لنا في هواك يا جميل العذاب سراني على عفافك دوم سيبني في نيراني، ويدخل معه رمضان تيتو في دويتو رائع، ونحن نشيل معهم
ثم نلف لغناء الثورة ورزاز الدم حبابك، وطولت كم كم سنة، ونرجع مرة اخرى اجلي النظر يا صاحي، وقلبي مالو اليوم
كنا نغني برغم التعذيب والحبس
نغالب الألم بابتسامة
ونحس احساس فرح معجون بألم الفراق عند اطلاق سراح أحدنا
وندافع عن بعضنا مع أننا كنا من تنظيمات سياسية مختلفة
كن بخير يا عزيزي عبدالناصر فلم يكن هنالك انترنت ليصور مأثرتك ونضالك
ولم تكن هنالك سودانيزاونلاين عشان تاخد ليك فيها قدلة قدلتين
وسأرجع لك يا رمضان
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
حبيبنا صالح موسى
من كوادر حزب الأمة
ببسالة نادرة استطاع تحرير الحبيب الصديق أحمد جلال من قبضة الأمن
وقد كان أحمد جلال مطلوباً بشدة في تلك الأيام
وقد لا أكون مبالغاً ان قلت أنهم لو تمكنو منه لكانوا اغتالوه
كان في المعتقل وقد اصيب اصابة بالغة في رجله
وذلك لم يمنع الجلادين من تعذيبه
وكان أحد الذين تصدى لهم صالح موسى في مأثرة حمايته لأحمد جلال، قد اعتبر ان المسألة شخصية بعد أن اضطره صالح موسى للجري
وكان يردد لصالح سؤالاً واحداً وهو يعذبه (تسكني أنا، هسي بالله قول وقفت ليك كان حا تعمل لي شنو؟) صالح موسى تضجر منه من كثرة التكرار وردّ عليه (أنا غلطان وسكيتك انت المجريك شنو؟)
طبعاً ظل معنا لآخر يوم في المعتقل، ولم تكن هنالك سودانيزاونلاين للمطالبة باطلاق سراح ذاك الفارس
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
صديقي الحبوب اسماعيل وادي متحدث الطلاب المحايدين بجامعة الخرطوم
قسوت عليه في ركن النقاش، حتى أنني وصفته وتنظيمه بعوير الفيلم الهندي
التقيته عند الماسورة في عمارة الأمن ببحري
وقد كان في الحبس الانفرادي في حالة يرثى لها من التنكيل والتعذيب
في نفس الوقت والحق يقال كنت أنا أنعم برفقة زميلي عماد في البلكونة ويجاورنا أستاذ محمد ابراهيم كبج واستاذ السر مكي وبروفيسر عبدالمنعم عطية
قال لي (برضه تقول لي عوير الفيلم الهندي)
لا أدري حتى الآن هل قالها بتحسر
أم أنها دعابة قاسية
لآنه كان مبتسماً كأنه ليس مبتسماً
لم ألتقيه بعدها الا في المنفى، الذي حزمت ضمن حقائبي قبل أن أصله، كلمة آسف لتعبر عن اعتذار له ولتنظيمه.
قبلها بلا مبالاة، لأنه كان حين أخبرته بأنني ادخرتها له لحين ألقاه، مهموماً بوطنٍ يتمزق، ووطناً افتراضياً لمن لا وطن له يأخذ حيزاً في الوجود
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
الله عليك يا بشرى..
ارجعتنا لأيام زاهية.. رغم عذاباتها...
يا ترى اين هم هؤلاء الرجال الآن
عبد الناصر عثمان
Quote: عبدالناصر عثمان
أو قل عبدالناصر عطبرة واذا اردت تحديداً أكثر فقل عبدالناصر حنظلة
لا يزال صوته وصورته في مخيلتي
وهو يحث الطلاب ويشحذ همتهم للنضال
حقاً تحرسو ولا بيجي
حقك تقاوي وتقلعو
تم اعتقاله من وسطنا بالنشيشيبة ثم لحقنا به
لم نتعرف عليه في المعتقل من آثار الضرب والتعذيب مع أن الفترة الزمنية بين اعتقاله ولحاقنا به لم تكن أطول من سويعات
رفض التعاون مع جلاديه ولم يجاوب حتى على سؤال (اسمك منو)
التقيناه في نفس هدوئه الذي نعرف
وكان أحد بتوع الأمن ويدعى هجو يأتي بعصا ويعبث بجراح عبدالناصر متلذذا بمنصر الدم الذي يتفجر منها
وعبدالناصر يهزمه دوما بجلده وصبره
وبعد أن ملّ الجلادون من تعذيبنا رجعت نفس تلك الابتسامة الصافية على وجهه
وتآلف مع جغرافيا المكان وتحرك فيه كأنه بيته مما جعل رمضان تيتو يستنكر ذلك قائلاً (والله أنا ما غايظني الا تأقلم عبدالناصر دة التقول قاعد في بيتهم)
ولم تزل تلك الأيام أذكرها بشيئ من حنين، لصوت عبد الناصر وهو يغني لنا في هواك يا جميل العذاب سراني على عفافك دوم سيبني في نيراني، ويدخل معه رمضان تيتو في دويتو رائع، ونحن نشيل معهم
ثم نلف لغناء الثورة ورزاز الدم حبابك، وطولت كم كم سنة، ونرجع مرة اخرى اجلي النظر يا صاحي، وقلبي مالو اليوم
كنا نغني برغم التعذيب والحبس
نغالب الألم بابتسامة
ونحس احساس فرح معجون بألم الفراق عند اطلاق سراح أحدنا
وندافع عن بعضنا مع أننا كنا من تنظيمات سياسية مختلفة
كن بخير يا عزيزي عبدالناصر فلم يكن هنالك انترنت ليصور مأثرتك ونضالك
ولم تكن هنالك سودانيزاونلاين عشان تاخد ليك فيها قدلة قدلتين
وسأرجع لك يا رمضان |
وصالح موسى
Quote: صالح موسى
من كوادر حزب الأمة
ببسالة نادرة استطاع تحرير الحبيب الصديق أحمد جلال من قبضة الأمن
وقد كان أحمد جلال مطلوباً بشدة في تلك الأيام
وقد لا أكون مبالغاً ان قلت أنهم لو تمكنو منه لكانوا اغتالوه
كان في المعتقل وقد اصيب اصابة بالغة في رجله
وذلك لم يمنع الجلادين من تعذيبه
وكان أحد الذين تصدى لهم صالح موسى في مأثرة حمايته لأحمد جلال، قد اعتبر ان المسألة شخصية بعد أن اضطره صالح موسى للجري
وكان يردد لصالح سؤالاً واحداً وهو يعذبه (تسكني أنا، هسي بالله قول وقفت ليك كان حا تعمل لي شنو؟) صالح موسى تضجر منه من كثرة التكرار وردّ عليه (أنا غلطان وسكيتك انت المجريك شنو؟)
|
ويونس
Quote: يونس موسى
الكادر الخطابي لجبهة كفاح الطلبة
أجتمعوا عليه في المعتقل ضرباً وركلاً
وقابل ذلك بتهكم لا أدري كيف أسعفه في تلك اللحظة
(يا جماعة أنا يونس موسى ما منصور خالد) |
حليل زمن ما كان في بتتشنات :)..
واصل ياخي
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
صديقي عصمت الدسيس ضبط متلبساً بجرم التفكير، وعندما أغلقت أبواب الزناين عليه أصبح مجرماً عتيداً لحد أنه أصبح ينتج الفكرة، وكأكبر مروج للأفكار استهدفته أجهزة الأمن، كان يوم انتخابات الجامعة الأهلية، تهجم أحد المأجوين على عصمت الدسيس بقصد طعنه بسكين كان يحملها، أضطر عصمت الدسيس لأن يتقي السكين بيده بعد أن وقع على ظهره، فأنفجر الدم من يده وهرب الجاني، ونجا الدسيس من موت محقق ولكنه لم يتوب من انتاج الفكر وترويجه
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
Quote: بشري يا جميل، احكي لنا عن تلك الايام وعن هؤلاء الذين اذهلو جلاديهم بالثبات البطولي وواجهوا اشد صنوف التعذيب علي يد اناس اقل ما يقال عنهم انهم ليسوا من طينة هذا الشعب الباسل.
حكي لي صديقي الراحل عماد الامين الذي افتقده بشدة عن فترة 3 اشهر قضاها تحت التعذيب المتواصل علي يد المسخ المدعو عبد الغفار( الشريف) وهو ليس بشريف ولا حتي عبد غفار.
حكي لي عمدة عن كيف كان عبد الغفار هذا يامر الدلين بغمر راسه في الماء البارد ومن ثم يطلب منه (عمدة) ان يكشف علي صدر الجلاد بالسماعة باعتباره طبيب وعندما قال له ليس معي سماعة امره ان يستخدم سماعة الهاتف ،فرفض الراحل في ثبات وواصل الجلادون مهمتهم القذرة ضد صديقي.
لك الرحمة في عليائك يا عمدة ولكل من ناضل ضد الطغمة الفاشية نرفع القبعات.
اذكر ان صديقي عمدة ذكر لي اسم كبج في مباني جهاز الامن ببجري،فهل هي نفس الفترة التي تتحدث عنها؟
واصل يا صديق وساعود متي ماتوفر لي زمن. |
الحبيب مرتضى
هي تقريباً نفس الفترة، عماد الذي أقصده عماد جعفر من أولاد الأبيض، كان رجلاً جميلاً، مع أنها أول تجربة يتم اعتقاله فيها، لكنه كان نعم الأنيس، عندما أطلقوا سراحه، أحسست بوحشة حقيقية
ربنا يرحم دكتور عماد الأمين ذلك الباسل الجسور، لقد هزم أمثاله الجلادين بصمودهم وثباتهم
أتمنى أن يتوفر لك الزمن حتى تعود
تشكر يا ملك
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
كنت قد عزمت أن أكتب عن تجربة صديقي محمد سيف الدولة وذلك منذ الجزء الأول من هذا البوست، ولكن الحكمة جعلتني لا أتجاسر على التجربة لكون أنها مهمة صعبة أن تكتب عن محمد سيف الدولة وهو الأديب الأريب، حتى عثرت على تداعي من نفاج الذاكرة كما أخبرني على صفحته على الفيسبوك فرأيت أن أنقله هنا بعد اذنه دون أي تصرف من جانبي يقول محمد سيف الدولة:
ولكانما جرح امي مشي ثم استطال الا انها هزمته حينما تقبلت إرادة ربها وقت اختطف الموت صنو روحها السر كأنها النيل حين تقسو عليه الصحاري فيندي جبينها بمياهه الزلال لا سراب يحسبونه ماءا حين تعز السقيا.ارتضت امي قضاء ربها لكنني شهدت انفجارها المدوي بعد سنوات .19/6/1996 انتصف الليل و أطل علينا صباحا شاحبا وغريب كنت نائماً بصدر بيتنا بالمدينة عرب وعلي بعد خطوات امي صحونا علي دق لئيم ببابنا المطل علي المدرسة الثانوية حين نظرت ابصرت رأسا غيبا يتاوق من فوق حايطنا القصير حدثني حدسي انهم فكانوا هم زوار ليل الفجاءة مروعي قلوب الأمهات وقلبي.
فتحت الباب شهدتهم امي وسمعتهم يامروني برفع يدي شاهرين قبحهم والسلاح عبثوا بغرفتي صادروا الصور العائلية...الأوراق الثبوتية...الأشعار...الكتب وحين ارادو أخذ جواز المرحوم السر رأيت فاطمةً اخري....اماً اخري.. انثي ولا كل الفلهمات..كأنما مهيرة اودعت فيها سر نساء بلادي الآباء والجسارة هن الاجمل و الأعظم.
انتهرته بملء صوتها كان غضبها شفيفا شاهدا تحسه....تلمسه....تتبينه...وبرغم ظلام الغرفة وظلال موجوداتها بفعل فانوسنا الكحيان التي أصرت بنجاطتها الشايقوية عليه فلقد كانت الكهرباء مقطوعة منذ ظهر ذلك اليوم القميء برغم كل لعبة الضوء الشحيح والظلال الصديقة كنت أتبين غضبها الصارم يحاصر اربعتهم اللئام فيزدادونا قلقا وتوجس اعاد الضابط ع س الجواز للشنطة اخافته نهرة امي...حاول ان يطمينها فصقعتني قبله بردها الحاسم الحارق قالت امي الكنت شايل جوازو داانا زي الدفنتو امبارح وحارق قلبي والسايقو دا بالليل كده ما حرامي ولا مجرم الله لا يكسبكم لا دنيا لا أخر
أتي المرحوم الفنقلو عز غضبة امي رغم تأخر الليل و ذهابه في الظلام لا ادري كيف علم بأمر الغارة هم الناس هكذا بالمدينة عرب وبلادي يأتونا خفافا و ثقالا لنجدتك حين الشدائد أتي المرحوم الفنقلو كانت جرة مسبحته تنتمي لزمنٍ اخر و حضور أنقي من وجوههم الشايهة ودقونهم الكذوبة انه زمان قهر السلطة وعسفها المتلبس زورا قناع الحق الالهي.بدا لي الامر غربيا صوت السبحة ....دعوات امي
ثيابي واوراقي المبعثرة...سيطرة كلاب الأمن الغاشمة علي المكان هتكهم امان ليل القرية تلصصهم والخساسة حاولت ان اهديء من روع امي اضحكتها حين علقت علي ملابسي التي لم اكويها بفعل الكسل.اذكر أني ظهر ذاك اليوم قد توجست من الاعتقال لصديقي حافظ العليقي وتمنيت ان يتم الامر بعد ان أكوي ثيابي لكنه الكسل مع القدر
ظلوا بالمكان دهرا من الضالة و السقوط حسبوهوا صيدهم الثمين وحين أرادوا تفتيش غرفنا الأخري منعتهم بت حوه بي يقينها الصارم
أعدت امي حقيبتي كان تلهج بدعواتها المباركات دعت عليهم بملء ما فيها من صلاح رأيت سعيها وقلق الام لا ادري كيف تثني لها ان كيف تثني لها ان تقتلع قلقي وتسرب لي طمأنينة وثبات....تصاغروا و كبرت... سمقت ملأت المكان وتبوأت قلب الزمان...أضاء نور يقينها ومسبحة الفنقلو ظلام ذاك الليل.. اخذوني لباب بيتي استوقفتني غرفت من مزيرة بيتنا ماء حنينها وأصرت علي ان اشربه عببته فرواني فيض هبتها سألها ذاك القميء القصير ان تعطيه بعض ماء فكانت مفاجأة العمركيف تثني لها ان تقتلع قلقي وتسرب لي طمأنينة وثبات....تصاغروا و كبرت... سمقت ملأت المكان وتبوأت قلب الزمان...أضاء نور يقينها ومسبحة الفنقلو ظلام ذاك الليل.. اخذوني لباب بيتي استوقفتني غرفت من مزيرة بيتنا ماء حنينها وأصرت علي ان اشربه عببته فرواني فيض هبتها سألها ذاك القميء القصير ان تعطيه بعض ماء فكانت مفاجأة العمر
ربما هي المرة الأولي والأخيرة التي اري فيها امي تمنع كائنا ما كان إنسانا....حيوانا...شجرا او حجر السقيا و الطعام فامي طوال حياتها آمنت بان التواصل لا يتم دون ماعون رضاء وبيتنا الحالي بالمدينة عرب بنته امي علي محبة المد فصار دارا تتقاطع عنده ما نوت وصدقت.لكن امي رفضت لذاك القصير القميء السقيا (مويتي نضيفة مابشربوها الا النضاف).
صعقته عبارتها والجمته(كان هو اول من صعقني مستخدما عصاة كهربائية كنت من أوائل من جربت فيهم بمدني )صعقته عبارتها المارقه من جوف حر لطالما عظم شعيرة الضيافة القائمة علي خيار القبول لا شريعة الغاب لكن الضئيل لجأ لقاموس القبيلة فرد انتي يا والدة قايلني من وين انا من تنقاسي كان الرد سريعا باترا كما السيف (تنقاسيك طائرة في رأسك أسوي بيها شنو وات سايق وليدي )ضحكت برغم مافي فلقد سقطت القبيلة وانتصرت الغريزة الانسانية الحقة غريزة الام و أساس وجودها.
ماتم هناك بالسراية وبركات والحصاحيصا ومحالجها لا يعني بوستي هذا يعنيه انها كانت معي بوجودها النوراني والقها المبارك.. كانت معي تتلقي الضربات وتضمد جروح الروح...كانت معي حين يأخذني هذياني لمحطات تقارب الجنون...كانت معي حينما قصدوا ان اري دم الشهيد عبدالمنعم رحمة خارطة لوطن قتلت فيه الرحمة ودفنت فيه القيم باسم الدين والله...كانت معي لكنني كنت فيها ذلك الولد الذي زي وادي بتجيهو الموية من غير خاطره.
اطلق سراحي في سبتمبر من العام ذاته خرجت لا كما دخلت اذكر حين تم ّ اعادتنا من معتقل محالج الحصاحيصا للسراية بمدني .....محمد المبارك الطاهر،عادل عوض الله و انا علي ظهر احدي بكاسي الأمن أدهشني مرآي الناس بالشوارع الوقت ظهرا كانت الشمس تطل علينا من عليائها وهم الناس يا لجمالهم يملاون الطرقات حياةً ونشاط قلت لعادل عوض الله((اجمل ما في الوجود الناس)) سّرته عبارتي وضحك ذاك الباسل.ذاته الامر حدث.. رابعة نهار حين مشيت الدرب من السراية الي موقف بكاسي المدينة عرب الواقع جنوب استاد مدني عند سوقها الصغير (المزاد)..أدهشتني سكة نمل العائدين من فطور متأخر ربما من مطعم ابوظريفة...عمال الحفريات زملاء الشهيد عبد المنعم رحمة..عمال الكهربة وعمال الموية.
هل كنت سعيدا بأمر إطلاق سراحي الي الان لا ادري كانت تجتاحني رغبة عارمة في الارتماء باحضان امي و البكاء حد العويل.تلقفني الجيلي حاج احمد ذاك الأصيل ابن الأصالة....استبقاني برغم ان دور عربته سيأتي بعد ثلاثة بكاسي اشربني قهوة كاربة هي اعظم ما تذوقت منذ بعض حين كانت حفاوته بيًّنة تلمسها،تحسهاو تشم طيب عطرها اخبرني عن قلق امي اعلم انه يجلها كثيراً وكثيراً ما يودها و لربما كان الحاحه علي اصطحابي بعربته اتٍ من رغبته في ان أكون هديته لها هكذا الناس بوطني الصغير المدينة عرب.ليس بعيداً عن هذا اذكر بعد وفاة المرحوم السر شقيقي في ديسمبر1993اجتمعت الاسرة بحضور طيبي الذكر خالي ود المدائن وعمي النحوي يرحمهم الله وعرضوا علي امي العودة مع شقيقها للكُنيسة الا انها ببصيرةِ حكيمة ووفية رفضت العرض..حجتها ان المدينة عرب موطنها الذي خبرت أهله الكرام ودفنت بثراه ابنها و زوجها......تعجبت حينها حيث لا مكان للعجب هو الوفاء والانتماء الإنساني المحض...سنعود للخيط الأساسي.
احتفي السواقين بي وشددت علي أيدي كثر رأيت و سمعت وتبينت وجوها اخري خيرة وإنسانية وطيبة وسودانية. لم يملاني احساس زائف بالبطولة فلقد بدوت عاريا بذات نفسي الخائفة وشعرت فراغا عريضا خلّفه قهر زمانهم المضاد حتي لانسانيتهم المتوحشة كنت حينها مهموما بعودتي لامي كسير الخاطر والروح.لكنّ الناس يميتونك ويحيونك..يفلقونك ويداونك.وقسما برب الناس فلقد احيوني ناس المدينة عرب و حيًّوني..لم يسألني الجيلي كثيراً كأنه اكتفي بما بدا عليّ من ارهاقِ و هزال.كما انيّ لم احكي الا ما تيسر لربما حدثته عن دهشتي و فرحتي بزيارة علي حسن ادريس و حسام النعيم لي بمعتقل محالج الحصاحيصا كيف تثني لهم ذلك هو الالتباس وبعض الحظ وفرته دعوات امي الصالحة.عندكم علياً و حسام ولهم في امي من الحق ما لا اعرف له حدا ولا عدا فليحكوا لكم كيف أتوني وسيأتي زمان الحكي عن علاقة امي باسرتيهما الطيبتين.او لربما حكيت للجيلي عن عراقي ميرغني حسن ادريس و مصاريفه التي نجح في إيصالها لي بالسراية.عراقي ميرغني هو اجمل ما لبست من عراريق له بنفسي ذات مكانة عراقي ختاني بالكُنيسة.
المؤكد ان بعضا من امان الناس وجد دربه لروحي بدءاً بالجيلي ثم السواقين والركاب الذي اعرفهم.حين تحرك البُكسي ركض حنيني و جري علي طول المسافة المسلفتة والترابيةوعلي امتداد 23كيلو حتي المدينة عرب أحسست بالشحوب القادم من أفق الطفيليين يتكاثف ويتكاثف ويغبش خضرة حواشات مشروع الجزيرة التي حافظت علي زهايها لأكثر من سبعين عام او ربما تسرب تشاؤمي حينها عبر نفاجات الروح المكسورة فقتّم المرائي.
اعشق تلك المسافة الواقعة جغرافيا بين مدني و المدينة عرب وشعوريا بين قلبي وجنوب هواه كنت أهمّ هائما بعودتي زمان غياباتي عن اسرتي وتمردي علي بلدتي لكنَّ الثابت ان حواشات الطريق تستهويني حصادها وكل مواسمها حتي أوان هشيمها بُعيد المسور كان القطن حبيبي يأسرني حين يشيب فيعطينا الطين
اعظم درجاته من سمرةٍ ناحلة كانت أوان الاخضرار وعزّ الشلخ زاهية.بياض ناصع نقي تحمل تيجان مجده سيقان البنفسج لونها.القطنُ عِِزوة الجزيرة..ذهب جيوب فلاحيها....تِيرِيبه مال...كِيديبه مال...شلخه مال....قطفه و قطفه ثم قطفه مال...استباحةِ بهائمنا له مال...قلعه ثم رصّه مال...نأكل واقوده كِسّرةً تسر الناظرين فتشبع البطون حتي القراريص الحميمة و العصايد الأصلية.نستظلُ به رواكيبً من القلاية و نسيج به حوائط من نوازل الدهر.
لكن عودتي لا تشبه عودتي ولا تشبهني كنت مهموما علي امي فلقد أحسست حزنها و شممت خوفها حين اقتادوني.كنت احس بسيل الدعوات الصاعدة السماء
سلمها قلبها الطاهر وصلاحها الشفيف.كما اعلم انها ادارت بحنكة الامهات حملتها الخاصة لاطلاق سراحي حتي ان احدي صديقاتها تضامنا مع فاطنة الشايقية أتت للسراية رغبة في زياراتي لم ترهب تلك الجارة الجاسرة والصديقة الوفية سمعة السراية المرعبة حدثت امي انها طالبتهم بإطلاق سراحي.
عصرا بدري كما يقول الراحل عادل ميرغني فتحتًُ باب العودة لا باب الاقتياد كسرا لحظ سنعيشه حتي يومي هذا...دخلت و الجيلي تمطت المسافة..طالت عتبة بيتنا...لم تشاغب يدي سلك غسيلنا هذه المرّة ولم اقصد مزيرتنا طلبا للسقيا..يممت وجهي شطر الغرفة التي شيدها المرحوم السر...علي كرسينا ذاك القديم رايتها جالسة تصلي العصر يلفها خشوعها الذي شبننا علي حضوره اليومي سيدا للوقت..ملا وجهها الجميل المدي والزمان...رايت بعين داخلي تجاعيد رهقي والخوف...حرقني غضب عصي فلقد ارهقوا وقار شيخوختها...تمليتَ الشلوخ....العيون ومفتاح سرّ المساسقات ادعيت تماسكا غبيا حبست دموعي فأحرقت الماقي شرايينها نزيف..صعدت دعواتها سلالمها فهطلت دواخلي مطرها الحزين.
تأتي المدينة عرب من حيث أردت ذلك لا يهم قلبها هي مفتوحة لكل احتمالاتك كأنها وجدت منذ الأبد تغشاها الأزمنة فتطعمها الود و يبقي بماعونها ما يدعو أزمنة اخري للحضور.لم يكن عصر وصولي خالياً من المفاجآت لكنني ساتريث هنا قليلا لاحكي ماحرضني عليه حضور محمد نور الأبصار او تِكم كما يحلو للناس بالمدينة عرب مناداته.اذكر عند بداية هذا الزمن الطفيلي اذ قرر البشير ان يرافقه رفسنجاني زيارة قريتنا الوادعة.انتفض الأصدقاء البعثيين بالمدينة عرب...زينوا الحوائط بالشعارات المضادة للنظام و لم يسلم من هبتهم تلك حتي حجر الأساس التشريفي بالسوق.كان من سوء حظه (حسب الرسول )ذلك الداهية ان يكون غفيرا للسوق تلك الأمسية...تم اعتباره بعثيا متأمرا..عاقبه المدير التنفيذي للمجلس بالنقل لقبانة كبري البوليس الواقعة عند تفرع شارع المدينة عرب من طريق مدني الخرطوم.كان القرار ظالما و قاسيا اضرَّ كثيراً بوضع
حسب الرسول الاقتصادي فلقد افقده دخله الاساسي كخضرجي بسوق المدينة عرب.التقيت حسب الرسول بعد شهور من قرار نقله بمنزل خاله صديقي احمد (نوسه) حدثني عن معاناته الا ان ما لفت انتباهي وضعه كأحد عضوية لجنة نقابة عمال الحكم الشعبي المحلي.صرخت كارخمييدس وجدتها....وجدتها..ابنت له انَّ قانون النقابات يمنع المدير التنفيذي من نقله خارج منطقة تمثيله النقابي الاساسية...اذكر اني صغت شكوي رسمية لمكتب عمل مدني مطالبا فيها بضرورة إعادته لوظيفته الاولي...أخذ حسب الرسول الشكوي لمكتب العمل...نجح السحر وعاد خضرجيا في الصباحات حارسا بالامسيات.
لكن القصة عند حسب الرسول اكثر امتاعا و طرافة يقول حسب الرسول(اها المدير التنفيذي الطيب و ناس الأمن نادوني قالوا لي انت بعثي ومتامر مع ناس تكم ودليلي بت زهراء و ضياء ود قِيد اليمن بعد انا نكرت شديد قام المدير التنفيذي نقلني كبري البوليس والله كان الباعوض خلاك تنوم السكاري ما يخلوك اها لمَّ فيني محمد ود البوليس محمد داك ود الشايقية كتب لي يازول ورقة عجيبة لي ناس مكتب العمل تعرف ظنيتم بعرفو كتابتو المدير محي الدين قفل علي المكتب قال لي انا برجعك برجعك لكين يا حسبو انت بقيت شيوعي ولا شنو قلت ليهو لا لا يا زول ناس المجلس قالو بعثي وانت كمان بقيتني شيوعي و الله مصائب إها رجعت.شايف يعني تكم ود ليلي بت زهراء البعثي جا شخبط ليهم السوق قاموا نقلوني جا محمد ود فاطنة الشايقية الشيوعي رجعني وفي المرتين البعثيين و الشيوعيين القوني و داوني ثم يضحك حسب الرسول ضحكته الجميلة المميزة.سعت حكايته ومشت بين الناس محبةً وطرافة سمعت في أكشاك الخضرجية وبزنك اللحمة...في العصاري....وفي لمات الوفيات وآلافراح.
احتوتني احتضنتني شممت رائحة صلاحها....حنانها....قلقها..حزنها...وفرحتها تداخلت عندي المشاعر ثم تشابكت كنت مثقوبا بحزن اسود لكنّ حُضنها...دفء حنانها...انحيازها و التزامها هذا الحب المرهق اعادني من وراء بؤسهم لواقعها الأمومي الحنين كانت دعوات فرحتها تتداخل ودعوات غضبها فيستقيم لسانها الشايقيَّ العميق فجاةً امتلأ بيتنا غرفه والحيشان..أتي الناس من كل فجاجِ انحيازهم تعبي بفرحٍ اشعلته زغازيد امي و لهيج نداءاتها احتوتهم حين نظمت حملتها الخاصة لاطلاق سراحي صاروا جزء من هذا الفيض ساهموا كل حسب قدرته سدّا لحاجةِ فاطمة الشايقية الملحة لإطلاق سراح وليدها اذن اتوني من كل فجاج محبتهم زرافاتً و وحدانا.كنت اري امى كأنها بنت عشرين تسعي بذاك الود الأخضر الشفيف دموعها تضئيها الضحكات وسيل صديقاتها و يا لجمال صديقات امي يملأ ن المكان ويفيضن بالزمان
لامي أسلوبها المميز في توطيد علاقاتها بالمكان...حين عودتي تلك من صحرائهم القاحلة المتوحشة عصر ذاك اليوم شهدت كيف ان صلات فاطنة بت حوة بربيع،خريف.صيف و شتاء المدينة عرب قد أثمرت عمرها الجميل واتصل رحيقها الشهد المشهود من لدن العام 1970 لذاك الخريف الشاحب بالعام 1996...ربع قرنٍ يتطاول بنيانه السنواتي لعام اخر خيّراً وجميل...اذكر يومنا الاول بالمدينة رغم هلامية الصور...خريفا حقيقاً كان.عاد والدي يرحمه الله بعد تنفيذه امر النقل ثم ترتيبه أمور البيت و المدارس...كنت مشحوناً بفرحة الرحيل لمكان اخر لا تعنيني دموع امي و حزن اخوتي..قُضي الامر...غادرنا الحوش(حوش أبكر)ذات ظهيرةٍ باكرة...لم تفلح كل محاولاتي بامتطاء ظهر ذاك اللوري العتيق تّم اجباري علي الركوب بالمقدمة صحبة امي وليلي و آمنة اخواتي كانت فايزة أختي الكبري حينها بمدرسة الحاج عبدالله الثانوية العامة..بكيت لكن بكائي لم يفيد...أظنه الوجه السيء من ضريبة الحِّتالة التي اتمرغ بنعيمها الي الان...ولربما تسرب ذاك اللوري الحميم لنصي(نبّية الروح).
(واللواري الهيجت صمت القري
النائمة البعيدة
بي مزاريك المساعدية
الطموحين للسواقة اتهالكن
رقدن شمال قلبي
وحرس حلم البنيات النعاس.)
علاقة امي بالمدينة عرب وجدت تربتها الخصبّة فنبتت وأينعت ثّم أثمرت وداً و محبات و مساسقات طيِّبة وصلات متشابكة انتفضت جميعها مؤازرةً عظيمة اقتلعتني من صحرائهم الطفيلية البشعة لنعيم الود الإنساني الشفيف..رطب الحضور الحميم عروقي رغم نحول جسدي و انكسار روحي....رأيت الوجوه حمائم سلام....شممت عطر أرواحهم المضيئة...مدّوا الأيادي...أشرعوا الأحضان...هو الدفء يمشي الدروب..ينيرها و يفتح مسالكها...يمدٌَّ النوافذ مشرعات....مشرعات....هم لا يطرقون الباب لكنهم يدخلون تصحبهم تلك الضّجة البشرية الراقية يشربون الشاي او القهوة..نمدُّ...يمدون الطعام فتشبع البطون بركةٌ و رضاء.
لا ادري كيف عِمل اقتصادنا البيتي تلك الأيام لكنَّ مائدتنا عمِرت باطيب الطعام ..تنادي الأعزاء..اري الان بقلبي الوجوه و احفظ بذاكرتي و مخيلتي الأسماء تدافعوا شاركونا قليلهم و زادوا أرقاماً واجبة السداد لشعبنا الطيب.تحبهم امي تعزّهم و تحفظ عميقا بقلبها الجميل...هم أبناء و بنات صويحباتها من قضي منهنَّّ ومن تنتظر علي ((تبروقة في وش البحر)) ربح بيعهنَّ و أثمرنَّ اقماراً و جيادا أصيلة.
تُعلي امي من شان الصداقة لكنها تعظم من امر الجيِّرة..(النبي وصي حتي سابع جار).....(جارك القريب و لا ود أمك البعيد)...وسيلا بديعا من المأثورات و الأمثلة التي تعيشها واقعا يوميا يمتد علي مدي وجودها و حياتها فالجيران عندها أولوية يأتون قبل الدار وساكنيه نحن و اغنامها و الدجاج... اعمال يومها وليلتها اكرامهم و مطايبتهم.توطّد لذلك بكل الوسائل و فيض المحاننات..تصبّح عليهم...تمدّ ماعونها و اللبينة..تناغهم..تعاودهم و تغشاهم...تحفظهم بغيبتهم.
لا اذكر اني طوال وعي بها(امي) رأيت كدرا او عكرا لطخ صفاء ودها و الاخر صديقا او جار او حتي عابر سبيل.اسمق أشجار روحها انها لم تحضَّ علي قطيعة او ملاعنةً وسباب.كنت بطفولتي مشاغبا لايوق اجترحت من العراك ما بقيت اثاره بخارطةِ جسدي هزيمة او بعض انتصار لكنّ امي مضت وسلام روحها تزور أسر أعداء طفولتي و تبَّرهم ودا نقيا سلسبيل وتفرش ملاءات صفائها تلك النضيرات.
احتشد بيتنا بهم حوشه....غرفه...راكوبة امي....طقطت عناقريبها و تصايحت البنابر...أتي الناس من كل فجِّ و عمرٍ و نفيرٍ و قلقٍ و فضولٍ و تضامنٍ إنسانيا محض يمشي و يحبو ...يتوكأ ويسابق....يسارق ويجاهر.
امي قالت(حتجيك المدينة عرب باربعاتها) ثّم ابتسمت هي جميلة حتي حين تعبس و رائعة الجمال و الصلاح وقتما كثيراً تبتسم تشٌعُ خدرتها الدقاق فتُنيّر قلبك لمعة شلوخها المطارق.
صدقت امي الصِّديقة فقد جاتني المدينة عرب باربعاتها شهدت انتفاضة شجرة علاقاتها بفروعها و الأوراق....اطربتني زقزقة عصافير شجرتها و تناغم طيورها...حفّتني اجنحة حماماتها و تنادي قماريها.
حقاً الناس ألوان فجرّهم آدم...اشعلهم الأديم فتناثروا و تحاننوا درجاتً من قوسٍ و قزحٍ و شمسٍ و مطر.
جاءتني أقمار قريتنا التي رحلت أرواحهم فجرا خفيفة كما الفراشات...أصدقائي وجيرتي بعضهم بنات و أبناء صويحبات امي الرحيمات لهنَّ و لهم الرحمة والمغفرة...جاءني الراحل الامير التاج كركيساوي و زارني الراحل بشير علي بشير تصحبه رنّة ضحكته و تلك السخرية الحبيبة ولزمني الراحل الفنقلوو وسعي بمحبته لبيتنا الراحل صديق الطاهر و جاءني النفيدي تسابقه أسئلته المرّحة و لزمت امي تساعدها بمحبة الراحلة سيَّدة بت السلامية و اخرين وأخريات كثر تضيق بهم هذي المساحة لكنَّ القلب يسعهم معزّةً وعرفان.اللهم ارحمهم واجعل قبورهم روضً من رياض جناتكَ الحق و انزل عليهم رحمتك وتقبلهم قبول صدق.
لله درَّ كثيرين فلقد صرت هاجسهم دعموني وازروني بلا منِّ و لا آذي.
لم تسألني امي برغم ان الرغبة تجرُها من أنف حكمتها هكذا هنَّ الأمهات يظل إلحاح غوصهن فيك بعمقِ التفاني....و نكران الذات...طويل و عتيق..جذره الدمع و الدماء.لكنَّ بت حوه وعت بحسَّها ما اعتراني من شحوب روح فمنحتني دعمها اللامحدود...فتوستده و التحفته و تغطيت به.الا انَّ خوفها و حزنها وأثر جرح روحها ذاك...حرقة حشاها وثمن تماسكها الوسيع الفداحة اعادني...أعادها....أعادنا...
مشِّيمتين من وجعٍ و من رهقٍ و براءة...كأنما نداءات الخَلقِ افلتتنا من بين يديها حين صمّت أذان العالم دقات طبول قوافل التّيه و البذاءة.
تغيرت حتي طريقة امي كانت تدنو من سريري بعنقريبها حين تجنَّ الليالي و كادت تلصقه عندما انهار جسدي...أخذتني الملاريا لخدرِ حمتِّها علت بيَّ التصاوير و هبطت بيَّ الكوابيس.لكنَّ الوجوه الخيِّرة المضيئة أطلت من عبر كوات وعي تضامنها و جرتني فمنحتها يديَّ و الإرادة.تقاطعت عند عنقريب مرضي حكايات و حيوات عديدة لا يخلو بعضها من الطرافة لعل حملة امي الخاصة قد أشعلت حراكا وحوارات وجدلا واسع و حميم لم يخلو في بعض وجوهه من جسارة ساحكي هنا واقعة بطلها صديقي عمر بخيت حدثت بعد أشهر قلائل من إطلاق سراحي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
محمد نور الأبصار الذي ورد في هذا التداعي التقيته في المعتقل ومعه شباب من المدينة عرب، كان رجلاً جسوراً تحمل الأمرين من كوادر الأمن، وكان يتقبل استفزازهم وهم يطالبونه في طابور عد المعتقلين، بأن يعد نفسه كشخصين محمد لوحده ونور الأبصار لوحده، كان يقابل ذلك بابتسامة ساخرة، وطابور العد هذا يتم بأن يصطف كل المعتقلين و يبدأ مسئول الأمن بقوله نمرة كاملة عد، فنبتدئ في عد أنفسنا تراتبياً، شكراً محمد سيف الدولة أن ذكرتنا بهذا الباهي
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
شكرا يا بشري
علي هذه التجارب حكيها سيمد المناضلين بالثبات
محمد سيف الدولة أخي و ابن عمي و رفيقي في دروب الحزب
و حكايته أحد حكايات اسرتنا التي بها الشيوعي، الجمهوري و الاتحادي و القومي العربي
و كمان كيزان اجاركم الله
فليعد للسودان مجده و لترفرف علي سمائه السمحة رايات الحرية و العدالة و الحب
| Quote: امي الكنت شايل جوازو داانا زي الدفنتو امبارح وحارق قلبي والسايقو دا بالليل كده ما حرامي ولا مجرم الله لا يكسبكم لا دنيا لا أخر |
رحم الله اخونا السر رحمة واسعة
فلقد مربيا و مدرسا شهد بفضله و أدبه الجميع
طه جعفر
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
ولكانما جرح امي مشي ثم استطال الا انها هزمته حينما تقبلت إرادة ربها وقت اختطف الموت صنو روحها السر كأنها النيل حين تقسو عليه الصحاري فيندي جبينها بمياهه الزلال لا سراب يحسبونه ماءا حين تعز السقيا.ارتضت امي قضاء ربها لكنني شهدت انفجارها المدوي بعد سنوات .19/6/1996 انتصف الليل و أطل علينا صباحا شاحبا وغريب كنت نائماً بصدر بيتنا بالمدينة عرب وعلي بعد خطوات امي صحونا علي دق لئيم ببابنا المطل علي المدرسة الثانوية حين نظرت ابصرت رأسا غيبا يتاوق من فوق حايطنا القصير حدثني حدسي انهم فكانوا هم زوار ليل الفجاءة مروعي قلوب الأمهات وقلبي.
فتحت الباب شهدتهم امي وسمعتهم يامروني برفع يدي شاهرين قبحهم والسلاح عبثوا بغرفتي صادروا الصور العائلية...الأوراق الثبوتية...الأشعار...الكتب وحين ارادو أخذ جواز المرحوم السر رأيت فاطمةً اخري....اماً اخري.. انثي ولا كل الفلهمات..كأنما مهيرة اودعت فيها سر نساء بلادي الآباء والجسارة هن الاجمل و الأعظم.
انتهرته بملء صوتها كان غضبها شفيفا شاهدا تحسه....تلمسه....تتبينه...وبرغم ظلام الغرفة وظلال موجوداتها بفعل فانوسنا الكحيان التي أصرت بنجاطتها الشايقوية عليه فلقد كانت الكهرباء مقطوعة منذ ظهر ذلك اليوم القميء برغم كل لعبة الضوء الشحيح والظلال الصديقة كنت أتبين غضبها الصارم يحاصر اربعتهم اللئام فيزدادونا قلقا وتوجس اعاد الضابط ع س الجواز للشنطة اخافته نهرة امي...حاول ان يطمينها فصقعتني قبله بردها الحاسم الحارق قالت امي الكنت شايل جوازو داانا زي الدفنتو امبارح وحارق قلبي والسايقو دا بالليل كده ما حرامي ولا مجرم الله لا يكسبكم لا دنيا لا أخر
أتي المرحوم الفنقلو عز غضبة امي رغم تأخر الليل و ذهابه في الظلام لا ادري كيف علم بأمر الغارة هم الناس هكذا بالمدينة عرب وبلادي يأتونا خفافا و ثقالا لنجدتك حين الشدائد أتي المرحوم الفنقلو كانت جرة مسبحته تنتمي لزمنٍ اخر و حضور أنقي من وجوههم الشايهة ودقونهم الكذوبة انه زمان قهر السلطة وعسفها المتلبس زورا قناع الحق الالهي.بدا لي الامر غربيا صوت السبحة ....دعوات امي
ثيابي واوراقي المبعثرة...سيطرة كلاب الأمن الغاشمة علي المكان هتكهم امان ليل القرية تلصصهم والخساسة حاولت ان اهديء من روع امي اضحكتها حين علقت علي ملابسي التي لم اكويها بفعل الكسل.اذكر أني ظهر ذاك اليوم قد توجست من الاعتقال لصديقي حافظ العليقي وتمنيت ان يتم الامر بعد ان أكوي ثيابي لكنه الكسل مع القدر
ظلوا بالمكان دهرا من الضالة و السقوط حسبوهوا صيدهم الثمين وحين أرادوا تفتيش غرفنا الأخري منعتهم بت حوه بي يقينها الصارم
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
أعدت امي حقيبتي كان تلهج بدعواتها المباركات دعت عليهم بملء ما فيها من صلاح رأيت سعيها وقلق الام لا ادري كيف تثني لها ان كيف تثني لها ان تقتلع قلقي وتسرب لي طمأنينة وثبات....تصاغروا و كبرت... سمقت ملأت المكان وتبوأت قلب الزمان...أضاء نور يقينها ومسبحة الفنقلو ظلام ذاك الليل.. اخذوني لباب بيتي استوقفتني غرفت من مزيرة بيتنا ماء حنينها وأصرت علي ان اشربه عببته فرواني فيض هبتها سألها ذاك القميء القصير ان تعطيه بعض ماء فكانت مفاجأة العمركيف تثني لها ان تقتلع قلقي وتسرب لي طمأنينة وثبات....تصاغروا و كبرت... سمقت ملأت المكان وتبوأت قلب الزمان...أضاء نور يقينها ومسبحة الفنقلو ظلام ذاك الليل.. اخذوني لباب بيتي استوقفتني غرفت من مزيرة بيتنا ماء حنينها وأصرت علي ان اشربه عببته فرواني فيض هبتها سألها ذاك القميء القصير ان تعطيه بعض ماء فكانت مفاجأة العمر
ربما هي المرة الأولي والأخيرة التي اري فيها امي تمنع كائنا ما كان إنسانا....حيوانا...شجرا او حجر السقيا و الطعام فامي طوال حياتها آمنت بان التواصل لا يتم دون ماعون رضاء وبيتنا الحالي بالمدينة عرب بنته امي علي محبة المد فصار دارا تتقاطع عنده ما نوت وصدقت.لكن امي رفضت لذاك القصير القميء السقيا (مويتي نضيفة مابشربوها الا النضاف).
صعقته عبارتها والجمته(كان هو اول من صعقني مستخدما عصاة كهربائية كنت من أوائل من جربت فيهم بمدني )صعقته عبارتها المارقه من جوف حر لطالما عظم شعيرة الضيافة القائمة علي خيار القبول لا شريعة الغاب لكن الضئيل لجأ لقاموس القبيلة فرد انتي يا والدة قايلني من وين انا من تنقاسي كان الرد سريعا باترا كما السيف (تنقاسيك طائرة في رأسك أسوي بيها شنو وات سايق وليدي )ضحكت برغم مافي فلقد سقطت القبيلة وانتصرت الغريزة الانسانية الحقة غريزة الام و أساس وجودها.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
ماتم هناك بالسراية وبركات والحصاحيصا ومحالجها لا يعني بوستي هذا يعنيه انها كانت معي بوجودها النوراني والقها المبارك.. كانت معي تتلقي الضربات وتضمد جروح الروح...كانت معي حين يأخذني هذياني لمحطات تقارب الجنون...كانت معي حينما قصدوا ان اري دم الشهيد عبدالمنعم رحمة خارطة لوطن قتلت فيه الرحمة ودفنت فيه القيم باسم الدين والله...كانت معي لكنني كنت فيها ذلك الولد الذي زي وادي بتجيهو الموية من غير خاطره.
اطلق سراحي في سبتمبر من العام ذاته خرجت لا كما دخلت اذكر حين تم ّ اعادتنا من معتقل محالج الحصاحيصا للسراية بمدني .....محمد المبارك الطاهر،عادل عوض الله و انا علي ظهر احدي بكاسي الأمن أدهشني مرآي الناس بالشوارع الوقت ظهرا كانت الشمس تطل علينا من عليائها وهم الناس يا لجمالهم يملاون الطرقات حياةً ونشاط قلت لعادل عوض الله((اجمل ما في الوجود الناس)) سّرته عبارتي وضحك ذاك الباسل.ذاته الامر حدث.. رابعة نهار حين مشيت الدرب من السراية الي موقف بكاسي المدينة عرب الواقع جنوب استاد مدني عند سوقها الصغير (المزاد)..أدهشتني سكة نمل العائدين من فطور متأخر ربما من مطعم ابوظريفة...عمال الحفريات زملاء الشهيد عبد المنعم رحمة..عمال الكهربة وعمال الموية.
هل كنت سعيدا بأمر إطلاق سراحي الي الان لا ادري كانت تجتاحني رغبة عارمة في الارتماء باحضان امي و البكاء حد العويل.تلقفني الجيلي حاج احمد ذاك الأصيل ابن الأصالة....استبقاني برغم ان دور عربته سيأتي بعد ثلاثة بكاسي اشربني قهوة كاربة هي اعظم ما تذوقت منذ بعض حين كانت حفاوته بيًّنة تلمسها،تحسهاو تشم طيب عطرها اخبرني عن قلق امي اعلم انه يجلها كثيراً وكثيراً ما يودها و لربما كان الحاحه علي اصطحابي بعربته اتٍ من رغبته في ان أكون هديته لها هكذا الناس بوطني الصغير المدينة عرب.ليس بعيداً عن هذا اذكر بعد وفاة المرحوم السر شقيقي في ديسمبر1993اجتمعت الاسرة بحضور طيبي الذكر خالي ود المدائن وعمي النحوي يرحمهم الله وعرضوا علي امي العودة مع شقيقها للكُنيسة الا انها ببصيرةِ حكيمة ووفية رفضت العرض..حجتها ان المدينة عرب موطنها الذي خبرت أهله الكرام ودفنت بثراه ابنها و زوجها......تعجبت حينها حيث لا مكان للعجب هو الوفاء والانتماء الإنساني المحض...سنعود للخيط الأساسي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
احتفي السواقين بي وشددت علي أيدي كثر رأيت و سمعت وتبينت وجوها اخري خيرة وإنسانية وطيبة وسودانية. لم يملاني احساس زائف بالبطولة فلقد بدوت عاريا بذات نفسي الخائفة وشعرت فراغا عريضا خلّفه قهر زمانهم المضاد حتي لانسانيتهم المتوحشة كنت حينها مهموما بعودتي لامي كسير الخاطر والروح.لكنّ الناس يميتونك ويحيونك..يفلقونك ويداونك.وقسما برب الناس فلقد احيوني ناس المدينة عرب و حيًّوني..لم يسألني الجيلي كثيراً كأنه اكتفي بما بدا عليّ من ارهاقِ و هزال.كما انيّ لم احكي الا ما تيسر لربما حدثته عن دهشتي و فرحتي بزيارة علي حسن ادريس و حسام النعيم لي بمعتقل محالج الحصاحيصا كيف تثني لهم ذلك هو الالتباس وبعض الحظ وفرته دعوات امي الصالحة.عندكم علياً و حسام ولهم في امي من الحق ما لا اعرف له حدا ولا عدا فليحكوا لكم كيف أتوني وسيأتي زمان الحكي عن علاقة امي باسرتيهما الطيبتين.او لربما حكيت للجيلي عن عراقي ميرغني حسن ادريس و مصاريفه التي نجح في إيصالها لي بالسراية.عراقي ميرغني هو اجمل ما لبست من عراريق له بنفسي ذات مكانة عراقي ختاني بالكُنيسة.
المؤكد ان بعضا من امان الناس وجد دربه لروحي بدءاً بالجيلي ثم السواقين والركاب الذي اعرفهم.حين تحرك البُكسي ركض حنيني و جري علي طول المسافة المسلفتة والترابيةوعلي امتداد 23كيلو حتي المدينة عرب أحسست بالشحوب القادم من أفق الطفيليين يتكاثف ويتكاثف ويغبش خضرة حواشات مشروع الجزيرة التي حافظت علي زهايها لأكثر من سبعين عام او ربما تسرب تشاؤمي حينها عبر نفاجات الروح المكسورة فقتّم المرائي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
اعشق تلك المسافة الواقعة جغرافيا بين مدني و المدينة عرب وشعوريا بين قلبي وجنوب هواه كنت أهمّ هائما بعودتي زمان غياباتي عن اسرتي وتمردي علي بلدتي لكنَّ الثابت ان حواشات الطريق تستهويني حصادها وكل مواسمها حتي أوان هشيمها بُعيد المسور كان القطن حبيبي يأسرني حين يشيب فيعطينا الطين
اعظم درجاته من سمرةٍ ناحلة كانت أوان الاخضرار وعزّ الشلخ زاهية.بياض ناصع نقي تحمل تيجان مجده سيقان البنفسج لونها.القطنُ عِِزوة الجزيرة..ذهب جيوب فلاحيها....تِيرِيبه مال...كِيديبه مال...شلخه مال....قطفه و قطفه ثم قطفه مال...استباحةِ بهائمنا له مال...قلعه ثم رصّه مال...نأكل واقوده كِسّرةً تسر الناظرين فتشبع البطون حتي القراريص الحميمة و العصايد الأصلية.نستظلُ به رواكيبً من القلاية و نسيج به حوائط من نوازل الدهر.
لكن عودتي لا تشبه عودتي ولا تشبهني كنت مهموما علي امي فلقد أحسست حزنها و شممت خوفها حين اقتادوني.كنت احس بسيل الدعوات الصاعدة السماء
سلمها قلبها الطاهر وصلاحها الشفيف.كما اعلم انها ادارت بحنكة الامهات حملتها الخاصة لاطلاق سراحي حتي ان احدي صديقاتها تضامنا مع فاطنة الشايقية أتت للسراية رغبة في زياراتي لم ترهب تلك الجارة الجاسرة والصديقة الوفية سمعة السراية المرعبة حدثت امي انها طالبتهم بإطلاق سراحي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
عصرا بدري كما يقول الراحل عادل ميرغني فتحتًُ باب العودة لا باب الاقتياد كسرا لحظ سنعيشه حتي يومي هذا...دخلت و الجيلي تمطت المسافة..طالت عتبة بيتنا...لم تشاغب يدي سلك غسيلنا هذه المرّة ولم اقصد مزيرتنا طلبا للسقيا..يممت وجهي شطر الغرفة التي شيدها المرحوم السر...علي كرسينا ذاك القديم رايتها جالسة تصلي العصر يلفها خشوعها الذي شبننا علي حضوره اليومي سيدا للوقت..ملا وجهها الجميل المدي والزمان...رايت بعين داخلي تجاعيد رهقي والخوف...حرقني غضب عصي فلقد ارهقوا وقار شيخوختها...تمليتَ الشلوخ....العيون ومفتاح سرّ المساسقات ادعيت تماسكا غبيا حبست دموعي فأحرقت الماقي شرايينها نزيف..صعدت دعواتها سلالمها فهطلت دواخلي مطرها الحزين.
تأتي المدينة عرب من حيث أردت ذلك لا يهم قلبها هي مفتوحة لكل احتمالاتك كأنها وجدت منذ الأبد تغشاها الأزمنة فتطعمها الود و يبقي بماعونها ما يدعو أزمنة اخري للحضور.لم يكن عصر وصولي خالياً من المفاجآت لكنني ساتريث هنا قليلا لاحكي ماحرضني عليه حضور محمد نور الأبصار او تِكم كما يحلو للناس بالمدينة عرب مناداته.اذكر عند بداية هذا الزمن الطفيلي اذ قرر البشير ان يرافقه رفسنجاني زيارة قريتنا الوادعة.انتفض الأصدقاء البعثيين بالمدينة عرب...زينوا الحوائط بالشعارات المضادة للنظام و لم يسلم من هبتهم تلك حتي حجر الأساس التشريفي بالسوق.كان من سوء حظه (حسب الرسول )ذلك الداهية ان يكون غفيرا للسوق تلك الأمسية...تم اعتباره بعثيا متأمرا..عاقبه المدير التنفيذي للمجلس بالنقل لقبانة كبري البوليس الواقعة عند تفرع شارع المدينة عرب من طريق مدني الخرطوم.كان القرار ظالما و قاسيا اضرَّ كثيراً بوضع
حسب الرسول الاقتصادي فلقد افقده دخله الاساسي كخضرجي بسوق المدينة عرب.التقيت حسب الرسول بعد شهور من قرار نقله بمنزل خاله صديقي احمد (نوسه) حدثني عن معاناته الا ان ما لفت انتباهي وضعه كأحد عضوية لجنة نقابة عمال الحكم الشعبي المحلي.صرخت كارخمييدس وجدتها....وجدتها..ابنت له انَّ قانون النقابات يمنع المدير التنفيذي من نقله خارج منطقة تمثيله النقابي الاساسية...اذكر اني صغت شكوي رسمية لمكتب عمل مدني مطالبا فيها بضرورة إعادته لوظيفته الاولي...أخذ حسب الرسول الشكوي لمكتب العمل...نجح السحر وعاد خضرجيا في الصباحات حارسا بالامسيات.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
لكن القصة عند حسب الرسول اكثر امتاعا و طرافة يقول حسب الرسول(اها المدير التنفيذي الطيب و ناس الأمن نادوني قالوا لي انت بعثي ومتامر مع ناس تكم ودليلي بت زهراء و ضياء ود قِيد اليمن بعد انا نكرت شديد قام المدير التنفيذي نقلني كبري البوليس والله كان الباعوض خلاك تنوم السكاري ما يخلوك اها لمَّ فيني محمد ود البوليس محمد داك ود الشايقية كتب لي يازول ورقة عجيبة لي ناس مكتب العمل تعرف ظنيتم بعرفو كتابتو المدير محي الدين قفل علي المكتب قال لي انا برجعك برجعك لكين يا حسبو انت بقيت شيوعي ولا شنو قلت ليهو لا لا يا زول ناس المجلس قالو بعثي وانت كمان بقيتني شيوعي و الله مصائب إها رجعت.شايف يعني تكم ود ليلي بت زهراء البعثي جا شخبط ليهم السوق قاموا نقلوني جا محمد ود فاطنة الشايقية الشيوعي رجعني وفي المرتين البعثيين و الشيوعيين القوني و داوني ثم يضحك حسب الرسول ضحكته الجميلة المميزة.سعت حكايته ومشت بين الناس محبةً وطرافة سمعت في أكشاك الخضرجية وبزنك اللحمة...في العصاري....وفي لمات الوفيات وآلافراح.
احتوتني احتضنتني شممت رائحة صلاحها....حنانها....قلقها..حزنها...وفرحتها تداخلت عندي المشاعر ثم تشابكت كنت مثقوبا بحزن اسود لكنّ حُضنها...دفء حنانها...انحيازها و التزامها هذا الحب المرهق اعادني من وراء بؤسهم لواقعها الأمومي الحنين كانت دعوات فرحتها تتداخل ودعوات غضبها فيستقيم لسانها الشايقيَّ العميق فجاةً امتلأ بيتنا غرفه والحيشان..أتي الناس من كل فجاجِ انحيازهم تعبي بفرحٍ اشعلته زغازيد امي و لهيج نداءاتها احتوتهم حين نظمت حملتها الخاصة لاطلاق سراحي صاروا جزء من هذا الفيض ساهموا كل حسب قدرته سدّا لحاجةِ فاطمة الشايقية الملحة لإطلاق سراح وليدها اذن اتوني من كل فجاج محبتهم زرافاتً و وحدانا.كنت اري امى كأنها بنت عشرين تسعي بذاك الود الأخضر الشفيف دموعها تضئيها الضحكات وسيل صديقاتها و يا لجمال صديقات امي يملأ ن المكان ويفيضن بالزمان
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
لامي أسلوبها المميز في توطيد علاقاتها بالمكان...حين عودتي تلك من صحرائهم القاحلة المتوحشة عصر ذاك اليوم شهدت كيف ان صلات فاطنة بت حوة بربيع،خريف.صيف و شتاء المدينة عرب قد أثمرت عمرها الجميل واتصل رحيقها الشهد المشهود من لدن العام 1970 لذاك الخريف الشاحب بالعام 1996...ربع قرنٍ يتطاول بنيانه السنواتي لعام اخر خيّراً وجميل...اذكر يومنا الاول بالمدينة رغم هلامية الصور...خريفا حقيقاً كان.عاد والدي يرحمه الله بعد تنفيذه امر النقل ثم ترتيبه أمور البيت و المدارس...كنت مشحوناً بفرحة الرحيل لمكان اخر لا تعنيني دموع امي و حزن اخوتي..قُضي الامر...غادرنا الحوش(حوش أبكر)ذات ظهيرةٍ باكرة...لم تفلح كل محاولاتي بامتطاء ظهر ذاك اللوري العتيق تّم اجباري علي الركوب بالمقدمة صحبة امي وليلي و آمنة اخواتي كانت فايزة أختي الكبري حينها بمدرسة الحاج عبدالله الثانوية العامة..بكيت لكن بكائي لم يفيد...أظنه الوجه السيء من ضريبة الحِّتالة التي اتمرغ بنعيمها الي الان...ولربما تسرب ذاك اللوري الحميم لنصي(نبّية الروح).
(واللواري الهيجت صمت القري
النائمة البعيدة
بي مزاريك المساعدية
الطموحين للسواقة اتهالكن
رقدن شمال قلبي
وحرس حلم البنيات النعاس.)
علاقة امي بالمدينة عرب وجدت تربتها الخصبّة فنبتت وأينعت ثّم أثمرت وداً و محبات و مساسقات طيِّبة وصلات متشابكة انتفضت جميعها مؤازرةً عظيمة اقتلعتني من صحرائهم الطفيلية البشعة لنعيم الود الإنساني الشفيف..رطب الحضور الحميم عروقي رغم نحول جسدي و انكسار روحي....رأيت الوجوه حمائم سلام....شممت عطر أرواحهم المضيئة...مدّوا الأيادي...أشرعوا الأحضان...هو الدفء يمشي الدروب..ينيرها و يفتح مسالكها...يمدٌَّ النوافذ مشرعات....مشرعات....هم لا يطرقون الباب لكنهم يدخلون تصحبهم تلك الضّجة البشرية الراقية يشربون الشاي او القهوة..نمدُّ...يمدون الطعام فتشبع البطون بركةٌ و رضاء.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
لا ادري كيف عِمل اقتصادنا البيتي تلك الأيام لكنَّ مائدتنا عمِرت باطيب الطعام ..تنادي الأعزاء..اري الان بقلبي الوجوه و احفظ بذاكرتي و مخيلتي الأسماء تدافعوا شاركونا قليلهم و زادوا أرقاماً واجبة السداد لشعبنا الطيب.تحبهم امي تعزّهم و تحفظ عميقا بقلبها الجميل...هم أبناء و بنات صويحباتها من قضي منهنَّّ ومن تنتظر علي ((تبروقة في وش البحر)) ربح بيعهنَّ و أثمرنَّ اقماراً و جيادا أصيلة.
تُعلي امي من شان الصداقة لكنها تعظم من امر الجيِّرة..(النبي وصي حتي سابع جار).....(جارك القريب و لا ود أمك البعيد)...وسيلا بديعا من المأثورات و الأمثلة التي تعيشها واقعا يوميا يمتد علي مدي وجودها و حياتها فالجيران عندها أولوية يأتون قبل الدار وساكنيه نحن و اغنامها و الدجاج... اعمال يومها وليلتها اكرامهم و مطايبتهم.توطّد لذلك بكل الوسائل و فيض المحاننات..تصبّح عليهم...تمدّ ماعونها و اللبينة..تناغهم..تعاودهم و تغشاهم...تحفظهم بغيبتهم.
لا اذكر اني طوال وعي بها(امي) رأيت كدرا او عكرا لطخ صفاء ودها و الاخر صديقا او جار او حتي عابر سبيل.اسمق أشجار روحها انها لم تحضَّ علي قطيعة او ملاعنةً وسباب.كنت بطفولتي مشاغبا لايوق اجترحت من العراك ما بقيت اثاره بخارطةِ جسدي هزيمة او بعض انتصار لكنّ امي مضت وسلام روحها تزور أسر أعداء طفولتي و تبَّرهم ودا نقيا سلسبيل وتفرش ملاءات صفائها تلك النضيرات.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
احتشد بيتنا بهم حوشه....غرفه...راكوبة امي....طقطت عناقريبها و تصايحت البنابر...أتي الناس من كل فجِّ و عمرٍ و نفيرٍ و قلقٍ و فضولٍ و تضامنٍ إنسانيا محض يمشي و يحبو ...يتوكأ ويسابق....يسارق ويجاهر.
امي قالت(حتجيك المدينة عرب باربعاتها) ثّم ابتسمت هي جميلة حتي حين تعبس و رائعة الجمال و الصلاح وقتما كثيراً تبتسم تشٌعُ خدرتها الدقاق فتُنيّر قلبك لمعة شلوخها المطارق.
صدقت امي الصِّديقة فقد جاتني المدينة عرب باربعاتها شهدت انتفاضة شجرة علاقاتها بفروعها و الأوراق....اطربتني زقزقة عصافير شجرتها و تناغم طيورها...حفّتني اجنحة حماماتها و تنادي قماريها.
حقاً الناس ألوان فجرّهم آدم...اشعلهم الأديم فتناثروا و تحاننوا درجاتً من قوسٍ و قزحٍ و شمسٍ و مطر.
جاءتني أقمار قريتنا التي رحلت أرواحهم فجرا خفيفة كما الفراشات...أصدقائي وجيرتي بعضهم بنات و أبناء صويحبات امي الرحيمات لهنَّ و لهم الرحمة والمغفرة...جاءني الراحل الامير التاج كركيساوي و زارني الراحل بشير علي بشير تصحبه رنّة ضحكته و تلك السخرية الحبيبة ولزمني الراحل الفنقلوو وسعي بمحبته لبيتنا الراحل صديق الطاهر و جاءني النفيدي تسابقه أسئلته المرّحة و لزمت امي تساعدها بمحبة الراحلة سيَّدة بت السلامية و اخرين وأخريات كثر تضيق بهم هذي المساحة لكنَّ القلب يسعهم معزّةً وعرفان.اللهم ارحمهم واجعل قبورهم روضً من رياض جناتكَ الحق و انزل عليهم رحمتك وتقبلهم قبول صدق.
لله درَّ كثيرين فلقد صرت هاجسهم دعموني وازروني بلا منِّ و لا آذي.
لم تسألني امي برغم ان الرغبة تجرُها من أنف حكمتها هكذا هنَّ الأمهات يظل إلحاح غوصهن فيك بعمقِ التفاني....و نكران الذات...طويل و عتيق..جذره الدمع و الدماء.لكنَّ بت حوه وعت بحسَّها ما اعتراني من شحوب روح فمنحتني دعمها اللامحدود...فتوستده و التحفته و تغطيت به.الا انَّ خوفها و حزنها وأثر جرح روحها ذاك...حرقة حشاها وثمن تماسكها الوسيع الفداحة اعادني...أعادها....أعادنا...
مشِّيمتين من وجعٍ و من رهقٍ و براءة...كأنما نداءات الخَلقِ افلتتنا من بين يديها حين صمّت أذان العالم دقات طبول قوافل التّيه و البذاءة.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
تغيرت حتي طريقة امي كانت تدنو من سريري بعنقريبها حين تجنَّ الليالي و كادت تلصقه عندما انهار جسدي...أخذتني الملاريا لخدرِ حمتِّها علت بيَّ التصاوير و هبطت بيَّ الكوابيس.لكنَّ الوجوه الخيِّرة المضيئة أطلت من عبر كوات وعي تضامنها و جرتني فمنحتها يديَّ و الإرادة.تقاطعت عند عنقريب مرضي حكايات و حيوات عديدة لا يخلو بعضها من الطرافة لعل حملة امي الخاصة قد أشعلت حراكا وحوارات وجدلا واسع و حميم لم يخلو في بعض وجوهه من جسارة ساحكي هنا واقعة بطلها صديقي عمر بخيت حدثت بعد أشهر قلائل من إطلاق سراحي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
تشكر طه جعفر على الحضور الأنيق
Quote: شكرا يا بشري
علي هذه التجارب حكيها سيمد المناضلين بالثبات
محمد سيف الدولة أخي و ابن عمي و رفيقي في دروب الحزب
و حكايته أحد حكايات اسرتنا التي بها الشيوعي، الجمهوري و الاتحادي و القومي العربي
و كمان كيزان اجاركم الله
فليعد للسودان مجده و لترفرف علي سمائه السمحة رايات الحرية و العدالة و الحب |
مشروع الاستنارة والنضال من أجل الحرية قدمت فيه الكثير من التضحيات التي لم تزل مجهولة لدى الكثيرين
مع انها تجارب ملهمة
أتمنى لك حضور دائم في هذا البوست
أول مرة أعرف بقرابتك لحبيبنا محمد سيف الدولة
يبدو أن الأدب له علاقة بالبيولوجي
تسلم يا حبيب وتحياتي عبرك للأسرة الكريمة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
خلّاد ذلك الرجل الخلوق
في ليلة اقتحام جامعة الجزيرة 1994 تم اعتقال معظم طلاب الجامعة، وتم ايقافهم في طابور عرض على الكمبيوتر، طبعاً الكميوتر كان عناصر الكيزان وسط الطلاب، فقد أتو بهم ملثمين، ليصنفوا الطلاب، الذين لهم أنشطة سياسية، والذين ليس لهم نشاط ولكنهم يشاركون ويدعمون من لهم نشاط سياسي، والطلاب الذين لا نشاط لهم يذكر سوى التحصيل الأكاديمي. أما أنا فقد أوقفوني على الحائط لوحدي كأخطر الخطرين، المهم كان لزاماً عليّ ككادر خطابي أن أؤكد لناس الأمن انتمائي للجبهة الديمقراطية، وأن أحاول بقدر الامكان تجنيب الطلاب التعذيب باعلان مسئوليتي عما حدث في الجامعة من مقاومة، ونتيجة لذلك بالطبع أتحمل التعذيب أمام الطلاب الذي كان القصد منه كسر همة وهزيمة الطلاب، مما يؤدي بالطبع لتدني الروح المعنوية وكسر الارادة، ولكن خاب فألهم فذلك التعذيب أصاب الطلاب المعتقلين بالحنق، فسجلوا مواقف بطولية تستحق الانحناء لعظمة أولئك النفر.
من ضمن هؤلاء زميلنا خلّاد، وكان قد تم تصنيفه من قبل الكمبيوتر بأنه طالب يهتم فقط بالنشاط الاكاديمي، سأله الضابط مستفزاً قبل أن يطلق سراحه، هل أنت جبهة ديمقراطية؟ وعندما أجابه بالنفي عقب الضابط بأن قال له: طبعاً الشينة منكورة، وهنا لم يتحمل صديقنا خلّاد ورد بكل شموخ وعزة، ليست منكورة ولا شيئ أنا جبهة ديمقراطية وشيوعي كمان؟ وكانت سبباً في تعذيبه، وابقائه في المعتقل لأيام عددا، لك التحية يا صديقي أينما كنت
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
أعود لك ياا رمضان
قلت أنهم أوقفوني على الحائط بالقرب من الذين تم تصنيفهم كطلاب لا علاقة لهم بالسياسة، وكان رمضان من ضمن أولئك الطلاب، ولكن رمضان تزحزح حتى يتكل ظهره على الحائط على بعد أمتار من المكان الذي تم ايقافي فيه، المهم كان يأتي أفراد وضباط أمن لا يعرفون أشكالنا ويسألون: بشرى دة وينو؟ فجاء أحدهم وطلب من رمضان أن يقف وسأله: هل انت بشرى؟ رمضان ردّ: لا أنا ما بشرى أنا رمضان، فقام ذلك الأحدهم بصفع رمضان، وهو يردد رمضان انت الشلت السلاح، رمضان أجاب بالنفي، فأجتموا عليه يضربونه، ويكررون السؤال، وكان رد فعل رمضان غير متوقعاً، اذ قال لهم بغضب: أيوة شلتو عايزين تعملو شنو؟، طبعاً رمضان ظل معنا لآخر يوم بل خرج بعدنا بساعة، وكان فاكهة المعتقل بقفشاته وتعليقاته، كان يقول لي: بالله يا بشرى هسي نحن المحركين الجامعة دي، يعني هسي أنا بعتبر من القيادات السياسية، وبتتوقع يا بشرى لما نطلع الطلاب حا يشيلونا في الكتوف ويهتفوا بينا.
رمضان دة قبل كدة عندو قصة برضو مع ناس الأمن لما أرادوا اعتقال صديقنا وائل أحمد خلف الله متحدث مؤتمر الطلاب المستقلين من بص الجامعة (زمن الجامعة كان عندها بصات)، أصر رمضان على ناس الأمن بأنه لا يمكن أن يترك وائل، واذا أرادوا اعتقال وائل لا بدّ أن يعتقلوه معه، وبذلك أخذه ناس الأمن مع وائل وأعتقلوا وائل وضربوا رمضان ورموه في خلاء النشيشيبة
رمضان كان جسوراً لدرجة التهور، في يوم لم يقدموا لنا أكلاً طول اليوم، وفي المساء رأى رمضان أحد الضباط فذهب اليه غاضباً: اذا ما قادرين تأكلونا فكونا نمشي نأكل، فضحك الضابط وجاءتنا سندويتشات الفول المصلح نتيجة لذلك، وفي الحقيقة ناس الأمن أيضاً، اكتشفوا حماقة رمضان وتهوره، فكانوا يمازحونه، ويستفزونه ثم يضحكون من ردة فعله، وفي نفس الوقت كان صوته جميلاً أو نحن حسبناه جميلاً لا أدري وشكل ثنائي رائع مع عبد الناصر عطبرة، لك التحية رمضان فقد خففت عنا سجننا وتعذيبنا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
يقول الصديق محمد سيف الدولة:
الكتابة عن عمر بخيت متعة للقلب الا انها شائكة و صعبة،تحرضك حكاياته،بهاء روحه،ولذاعة عبارته الذكية،دقّة سهام تشبيهاته و مجال ونساته المغنطيسي الجذاب فتبقي أسير السمر حين تلبس المسامرة ثوب عمر الثري فنعاف المسلسلات و حبائلها.كل ذلك يجرك للكتابة لكنها تخذلك وقت تبادر حصاد
الحكايات
الضحكات
الدعابات
ثم المواقف السودانية( الحرّة والصميمة)
فليس هناك ما يماثلها او يماثل عمر بخيت سواه
لا بلاغة او عبارات جزلة ومموسقة تحاكي فعله فيك.لربما موسيقي داوخلك وسيل ذكرياتك الطيبة ولغة البصيرة ورنين ضحكاتك بالمكان و طيف الابتسامات ثم تحلقكم حوله،سعيكم لمجلسه اي كان و وقتما توفر،خفافا و ثقال،تطحنكم ملاريا الجزيرة او ينتشي بكم نجاح موسم البصل هذا التّوق الانساني البسيط و الطريف لصحبته يجعل الكتابة أمرا عصي فالكلمات رموز و حبيبات ضوء المشاعر وظلال هاجرة أزمنة القحط و الموات تحتاج من يفهم مفتاح سرها حتي تشارف تخومه.لكنني لا اعدو سوي راوية بائس و دليل عير اعمي اثخنني الحنين و هزتني الهزائم فانتبذتُ ركني القصي بمقهي الإسافير اسّود صفحات اثيره بمحاولاتي الخائبة الخجولة.
عمر بخيت احد نبلاء المدينة عرب في زمانٍ ينقرض فرسانه،حفظ بلدتنا فحفظته،و وعاها فبّرته ثم انحاز لنتاج قدر بقائها فراعته و مشي بين الناس ايً كانوا و من اي جهة من جهات القلب أتوا فأوجدوا فيه
وسقطت
القبيلة
الجهة
والتفاوت.
حان اوان الحكاية اذاً ساحكيها....
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
كان الفصل شتاء و يعجبني فيه قصب السكر ،جميلة حِزمه بظهر اللواري التي تتراقص عظامها حين تجري الأسفلت عدواً و يئن حديدها ويلهج بمرِّ الشكوي صريرا عندما تحبو و تتلوي بادغال طين وتراب الجزيرة.نعشق القصب صغارا وكبارا فهو فاكهة البيوت الناحلة وواقود كسرتها الموسمي المجاني.التقيت بواكر ذاك العصر عمر و وليد عند ورشة الاسطي كامل مشينا صوب رواكيب القصب بظهر تلة الترعة قبالة طريق مدني المناقل،تخيرنا أطيب القصب سلاحنا لذلك خبرة و معرفة راكمناها فصارت كأنها أزلية (فاقع بنفسجٌ لونه يعلوه بياض نداه الجاف فعل الشمس و المسافة) او عكِرٌ بياضه تعلوه دكنّة و تتقاصر أطوال فصوصه باتساق وتناسق من لدن ساقه حتي العنق.قطع البائع خيارنا فقعدنا للقصب تجلة لنلوكه ظهورنا للطريق بناسه و عرباته و ضجيج اصيله ذاك،و وجوهنا للترعة بمائها الطيني فعل فيضان مورد جريانها القريب.
تكاملت للمضغ و للمصِّ الفكَ و الفم و الأسنان و الشفاه و صرخ الجوف حين رطبته فيوض ماء السكر الزلال فانتشينا ضحكا و دعابة ولم تخلو المؤانسة من سيرة اعتقالي بمواجعها و الطرائف.كنا بمجلسنا ذاك نرمق الشمس و ترمقنا بعيدة هي و قريبة لمس اليّدَ و الخاطر،نزلت درجات ليلها لكنها تشابت بأخمص رأسها حين انتهت فينا قدرة المضغ فتدحرجنا كما الشمس من قمة تلة الترعة صوب السوق وجهتنا مجلسنا في المساء برش صلاة المغرب قبالة ورشة ميرغني حسن ادريس.
عند كشك ميرغني خضر و جوار موقد اللبن الضخم تعثرت خطانا ((بالنِعير)) هكذا يسميه عمر بخيت فهو قصير وقميء و ثاني البصاصين بوحدة أمن المدينة عرب التي جعلت من روضة أطفال المجلس موقعا لها.
تكبلت خطاه و خطانا فطفق يحدث عمر عن ثباته بالجهاد قال حديثاً عاطلا أظنه كان يقصدني علي نحو ما ولقد التقط عمر خيط مكايدته البائس فتصدي له و عيِّره بجبن تخاذله عن الجهاد و حوامته بين الاكشاك و ادعاء البطولات و قد صدق صديقي فلقد كان النعير كما طيٌارة الورق حواما و شليقا وغبي.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
يبدو ان عمر بخيت احنقته قصصي ذاك العصر فاهتبل صدفة لقائه والنعير و أراد ان يلقنه درس عمره فتحداه كنا حينها نطوق نار (كانون) اللبن يضمني وعمر و وليد قوس من الغضب بمواجهة النِعير كانت فحمات وسط (الكانون) قد اشتعلت و غلب عليهنَّ لون النار بينما تفاوت حريق الاخريات.
ابتسم عمر بخيت ابتسامته تلك حين تستقر بذهنه كمرور البرق فكرةً،حيلةً او طرفة ثم ألقي بتحديه كعصا موسي.كان النعير يعتلي سنام نعيق التباهي يجهر بملء صوته البومي القبيح ببطولات زائفة و انتصارات خبِّلة كانت قمتهاتفاخره بأكل النار ذاتها و النار المظلومة ادعاءا يتراقص لهيبها و تزحف السنة وسطها المشتعل حثيثا لأطراف (كانون) اللبن.
رمي عمر العصا (التحدي) فدبت بأرض نفاق النعير حيّة صدق ابتلعت كل أرتال اكاذيبه القبيحات.
(أتحداك ندفن أيدينا في جمر الكانون دا و ال######## هو البسحب ايدو اول).
صفع التحدي وجه النعير فاصّفرَ و احّمرَ و علته كل ألوان المفاجأة و الدهشة و الخوف والمباغتة لكنَّ الفائز كان الغباء لونه و سمته وطعمه و رائحته.
قبل النعير التحدي لانه ضمن الفوز.مهنته البصاصية..جلده الكاكي...خلقه الكيزاني...سِمتّه الشيطانية و أوهام السلطة القوة القهر ملأت منه فؤادا اخوي من أفئدة أسلافه بالقهر و البذاءة،ضمنت له الفوز ثم حدثته لواماته النائمات انه لاشك أسد برنبّةَ ذاك المغرب المغريب.
تخير عمر بخيت صدر (الكانون) حيث تنَهدَ الجمرات لدفن يده الأصابع و راحتها بينما انتبذ النعير ركن الموقد الوسيم حيث الفحمات رحيمات يتلفحنَّ سوادهنَّ المثير.انتبه عمر لخطة النعير الغبيّة فاطبقت يده الحرّة بيدِ النعير ال########ة و دفنتها بصدر الجمر.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
صرخ النعير وتلوي واعمل يده لينتزع الملسوعة،دام التجاذب لهنيهات بدت للنعير و عرق جبينه كأنها دهر.وعيَّ الدرس و استلمت الرسالة فأفلت عمر يد النعير وتنفست فيه الصعداء.كان بعينيَّ النعير خوف شممت رائحته الكريهة و النتّنة سقط التباهي حلَّ مكانه قدر الصياد حين تصطاده فريسته،قدره و ضالة المآب.رايت بعينيَّ صديقي لون الوجع الإنساني و نداءات الألم الوقور لست محايدا ولن اكون.بكت فيَّ عضاي و هي تغستل جميلة من شحوب خوفي و ذكري اعتقالهم البذيء رايت فيما رايت هواني حين عظمت كفة العسف وساد الحيف.اغتسلت دموع روحي لكن عارهم لن و لم يغتسل وصمة في جبين الزمان وجرحا بخاصرةِ الوطن.
تراقصت الأفكار فيَّ لئام و انا ابصر تضاءل النعير و كبرُ عمر بخيت واستطال حتي سدَّ افقهم الكذوب
انصرف النعير وانصرفنا لكنَّ الحكاية لم تنصرف او تُصرفَ بمكاتب الامن بمدني فلقد استدعي النعير و عنّفه أولي البأس والقباحة لمرّمطته سمعة امنهم القومي بأحدي أكشاك اللبن و العصير في المدينة عرب.اظنه نقل بعد ذلك حتي يتعظ ويجيد امر أذية الناس و العباد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
ويواصل محمد سيف الدولة حكايته عن زمن ليس فيه انترنت، ولا معارضة المنبر أو رمادييه نقلاً عن صديقه مصطفى أبوشوك:
كتب صديق الطفولة والعمر مصطفي ابوشوك المحامي و الناشط البعثي:
تسلم يا حبيبنا ، جاء اعتقالنا بعد الصمود القوى لطلاب جامعة الجزيرة في العام 1994 واستمرار تظاهراتهم وخروجهم لشوارع ودمدني أكثر من اسبوع مما دفع رئاسة جهاز الأمن أن ترسل فريقاً كبيراً من الخرطوم ليتولى حسمها وكان أول ما قام به ذلك التيم أن طالب إدارة الجهاز بمدني أن تمدهم بأسماء وعناوين القيادات السياسية بالجزيرة بحكم أن هذه المظاهرات يقف خلفها التيارات السياسية المعارضة بالولاية ،، وقد تم التحفظ علينا أولاً لدى قسم شرطة المدينة عرب وعند منتصف الليل حضرت ثلاث سيارات تابعة للأمن لتأخذنا لرئاسة الجهاز بسراية 114 ،، توقفوا قبل الوصول إليها وأنزلونا على (قيفة) خزان بيكه في مواجهة المياه وهم من خلفنا وكل منهم قد (عمّر) كلاشه ،،، وطلبوا منّا النطق بالشهادة لأول وآخر مرة بعمرنا حيث أننا بعثيين كفار لم يسبق لنا النطق بالشهادة ، ثم أطلق كل واحد منهم مجموعة كاملة فوق رؤوسنا كحلقة أولى ونموذج لما ينتظرنا من إرهاب وتعذيب ،،، وصلنا السراية بعد منتصف الليل وفور نزولنا كان المدير ( هجو ) على وشك المغادرة فطلب إحضارنا فتعرّف هو علينا بينما تعرّفنا نحن على عصاه القصيرة التي وكزنا بها ( مع تركيزه على نور الأبصار ) ،، ثم أمرنا أن ندفع سيارته لأن بها عطلاً كما إدعى ..... ( محمد نور الأبصار ،،، النصري لقمان عبد الحليم ،،، زاهر الجنيد ،،، إيهاب أبو القاسم ،،، حارس المرمي ( أظن أسمه أحمد حسن ) ...... وشاخت الذاكرة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بشرى محمد حامد الفكي)
|
Quote: بل نتطلع لوطن حر ديمقراطي ليس فيه اعتقال أو بيوت أشباح
تشكر بجاوي على المرور والتعليق، بحق مع صعوبة تلك الايام الا انها تركت بعض الاثار الطيبة
وخليك قريب |
تحياتى اخوى بشرى
بالتأكيد كلنا نسعى الى وطن حر ديمقراطى
خالى من بيوت اشباح
وطن بالفيهو نتساوى
بالتأكيد ذكريات النضال احاديث ذات شجون
وكيف كان عالم الانتريت صعب المنال ومجهول
واصل يا اخوى وبنجيك صادين مرة وتانية كمان
كل ودى واحترامى
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: زمان لمان ما كان في سودانيزاونلاين وقبال الانترنت زاتو (مواصلة) (Re: بجاوى)
|
Quote: تحياتى اخوى بشرى
بالتأكيد كلنا نسعى الى وطن حر ديمقراطى
خالى من بيوت اشباح
وطن بالفيهو نتساوى
بالتأكيد ذكريات النضال احاديث ذات شجون
وكيف كان عالم الانتريت صعب المنال ومجهول
واصل يا اخوى وبنجيك صادين مرة وتانية كمان
كل ودى واحترامى |
بجاوي يا حبيب
كم أنا سعيد بحضورك الأنيق في هذا الخيط
أتمنى أن تواصل وتحكي تجربتك وتجربة من تعرف
لننصف قوم لم يسلط عليهم الضوء في وطن من لا وطن له
تشكر يا الحببيب
| |
|
|
|
|
|
|
| |
بشرى محمد حامد الفكي
اشرف السر
طه جعفر
بجاوى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست