دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
شرح قصيدة صه ياكنار ... محمود عثمان رزق [email protected] نبذة عن الشاعر: إنها قصيدة من عيون الشعر العربى وبيوت جماله نسجها يراع الشاعر المبدع والجندى الباسل والوطنى الغيور المرحوم محمود أبوبكر حسن أحمد الملقب بالنسر. ولقد ولد النسر فى عام 1918 بمدينة بور بجنوب السودان حيث كان يعمل والده ضابطا فى قوة دفاع السودان. ومن قبل ذلك وفى الجنوب نفسه تمّ زواج والده الذى ينحدر من قبيلة الحلنقة بشرق السودان بوالدته حميدة التى تنحدر من قبيلة التعايشة العربية بدارفور. والجدير بالذكر أنّ والدته ترعرعت وسط قبيلة الدينكا وفى بيت السلطان نفسه! وذلك بعد أنّ فرّ والدها من بطش الإنجليز وقد لا حقوه بعد معركة كررى فأواه سلطان الدينكا وفتح له قلبه وبيته فى إتحاد وطنى فريد. تنّقل الشاعر مع والده في ربوع السودان المختلفة وكانت بور أول مدينة يرى فيها النور ويستنشق فيها الهواء ويتعلم فيها أسماء بعض الأشياء. ومن بعد بور تأتى مدينة عطبرة في الشمال وهى ثانى المدن أثرا فى حياة الشاعر حيث التحق بمدرسة الأمريكان الأولية. أما المدينة الثالثة التى كونت شخصية شاعرنا هى مدينة الأُبّيض بولاية كردفان حيث إلتحق بالمدرسة الأميرية الوسطى إلا أنّه لم يكمل الدراسة بها لأنّ والده نقل إلى مدينة حلفا فى أقصى الشمال. وفى حلفا أكمل الشاعر النسر المرحلة الوسطى، ومن حلفا إنتقلت الأسرة كرة أخرى لوسط السودان حيث بقعة المهدى لتضع فيها عصا الترحال في عام 1932 فى بيت بحىّ الأمراء المشهور. وفى أم در اكتسب شاعرنا خبرات جديدة ومعارف جديدة والتقى بشخصيات أدبية وعلمية رفيعة المقام أثرت فى حياته ودفعته لمواصلة تعليمه، وبالفعل واصل الصبى النابغة دراسته وإلتحق بكلية غردون وتخرج فى قسم إدارة المكاتب وعيّن مترجما بمصلحة السكة حديد بعطبرة، وفى عام 1937 إلتحق بالكلية الحربية. وللشاعر محمود أبوبكر النسر ديوانا باسم (أكواب بابل على ألسنة البلابل) ومن قصائده الخالدة (زاهي في خدرو) و (إيه يا مولاي إيه) التى يغنيها المرحوم الفنان خضر بشير. تزوج الشاعر زوجتين ورزق منهما سبع بنات وولدين. ومن الصدف العجيبة إنّ لوالده نفس العدد من الذرية!! وصدق المثل الذى يقول: "من شابه أباه فما ظلم". ولا تسألنى عن تاريخ وفاته لأنّى لا علم لى به. نفسية الشاعر: من الواضح جدا أثر إختلاط الأعراق وتداخل الجغرافية فى حياة الشاعر. فهو ابن الجنوب بالميلاد، وابن الشرق والغرب بالنسب والثقافة، وابن الشمال والوسط بالتعليم والسكن والخدمة. وهذه التداخلات الجغرافية والثقافية والعرقية جعلته غيورا على وطنه شديد الإعتزاز به. كما جعلته مبدعا واسع المعرفة، واثقا بنفسه، ركّابا للصعاب. وبالإضافة لذلك فإنّ خوضه للحروب خارج الوطن وإحتكاكه بغير السودانيين قد صقل عوده وقوى من مراسه. والنسر مثل المرحوم التّنى، وعلى عبد اللطيف، وغيرهم ممن كان يمسك بحبل الوطن ولا يلتفت لعصبية القبيلة ولسان حالهم يردد مع التّنى أبياته الرائعة: ما بندور عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصايب الوطن العزيز ولهذا جاءت قصائد الشاعر محمود النسر وطنية خالصة تمجد الوطن وأهله بكل ألوان طيفهم. مناسبة القصيدة: عندما إشتعلت الحرب العالمية الثانية وهدد التمدد النازى كل أوربا ومستعمراتها، احتاجت بريطانيا لقوات إضافية غير بريطانية تقاتل معها ذلك العدو الشرس فوعدت السودانين بالاستقلال إذا ما وقفوا بجانبها فى الحرب مقاتلين. وكالعادة ومن الطبيعى فى هذه الظروف أن ينقسم الناس بين مكذب للوعد وبين مخاطر صاحب حاجة يعمل بالمثل القائل: " نمشى ورا الكضاب لغاية خشم الباب" وإلى النوع الثانى كان ينتمى صاحبنا النسر!! فما أن سمع الرجل بالخبر حتى أسرع فى همة ونشاط متحركا من عطبرة صوب الخرطوم للإنضمام للكتائب السودانية المقاتلة ، وبالفعل أرسل لينازل النازية في الأراضى الليبية. أما أصحاب المعسكر الآخر الذى كان يشكك فى مصادقية الإنجليز ويرى أن الأمر خدعة فنذكر منهم المحامى عقيل أحمد عقيل الذى كان صديقا للشاعر. و قبل أن يغادر النسر لميدان المعركة فى ليبيا حاول عقيل إقناعه بعدم المشاركة فى حرب ليس للسودانيين فيها ناقة ولا جمل إلا وعدا لن يرى النور لأنّ أصحابه قد مردوا على النفاق والخداع والكذب. إلا أن النسر لم يقتنع وكأنه يريد أن يبرئ نفسه أمام ربه ووطنه من التخاذل أو عدم إقتناص الفرص من أجل الوطن العزيز، فرد على صديقه ومن تبعه بهذه القصيدة الرائعة التي أصبحت شعاراً ونشيدا لمؤتمر الخريجين فيما بعد. وقام الموسيقار المرحوم إسماعيل عبد المعيّن بتلحين القصيدة فأبدع فى لحنها فزادها جمالا وجلالا وطيبا!!. ومن لم يطرب لهذا اللحن وتلك الكلمات فهو كجلمود صخر نسيه الزمان فى الفيافى. فبكلمات هذه القصيدة ومعانيها ولحنها نفاخر أبناء الضاد حيث ما كانوا. فهى قصيدة حلوة الالفاظ ، نبيلة المعانى ، فريدة التركيب، خفيفة على النفس لا يمل أحد سماعها ولا يسأم من تكرارها، ولهذا كتب لها الخلود فى وجدان أهل السودان. لغة القصيدة: إنّ الشعر يقّيم بلغته وقدرة الشاعر على ابتكار معانى جديدة واسلوب تعبير أكثر سهولة ورقة وشبها بالعصر. ولقد إستعرض الشاعر فى هذه القصيدة ثقافة لغوية عالية ومقدرة هائلة على تطويع الكلمات وتصوير المعانى التى تجيش بها نفسه ويرسمها له خياله. فالقصيدة تحتوى على كم ليس بالقليل من الكلمات التى لا يعرف معانيها كثير من متعلمى هذا الزمان على مختلف درجاتهم العلمية. ويزيد الأمر تعقيدا أن خيال الشاعر الخصب ساعده على الولوج فى الرمزية بلا رفق فجاءت بعض أبياته وإشاراته غامضة جدا لا تنفع فيها معرفة معانى الكلمات فقط. فالقصيدة إذا صدقنا أنفسنا تحتاج لسرب من النقاد أهل المعانى ممن ألمّ بالجوانب الفنية فى التعبير الشعرى وخاصة التعبير الرمزى ليفكوا طلاسمها ورموزها!! ولعل هذا يفسر لنا عدم وجود شرح لهذه القصيدة فيما كتب. فقد بحثت وبحثت وبحثت لأجد لها شرحا واحدا فلم أجد!! وحتى الأستاذ حسان أبو عاقلة فى كتابه "قصائد من الشرق" اكتفى بشرح بعض الكلمات ولم يحاول شرح بيت واحد منها!!. ولعل هذه الرمزية الكثيفة هى التى منعت النقاد من محاولة شرح القصيدة ولا ألومهم على ذلك. أما أنا فى محاولتى هذه أتذكّر قول الله تعالى : " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوما جهولا ". نعم، أشعر بصدق أننّى قد ظلمت نفسى وجهلت عاقبة أمرى ولكن عذرى هو أنّى إبتغيت الإصلاح ما استطعت. وقيل لأبى تمام: يا أبا تمام ، لم لا تقول من الشعر ما يعرف؟ فرد أبو تمام للسائل قائلا: وأنت لم لا تعرف من الشعر ما يقال؟ أه عاد نبقى فى الإحراجات الزى دى ياجماعة!! ألحقونا يا أهل المعانى قبل أن نعانى!! الروايات المختلفة: بالرغم من أنّ القصيدة نظمت فى الأربعينيات من القرن الماضى وقد توفر لها من أسباب التوثيق ما لم يتوفر لشعراء القرون السابقة، جاءت بعض أبياتها برويات مختلفة. فمثلا، البيت اللذى يقول فيه الشاعر: صه غير مأمور وهات هواتنا كالأرجوانة وأيل غير مصفد له رواية ثانية تقول: صه غير مأمور وهات مدامعا. كالأرجوانة وأبكى غير مصفد والبيت الذى يقول فيه: فالبندقية فى بداد بيوتها طلعت بمجد ليس بالمتبدد له رواية أخرى تقول: فالبندقية فى بداية أمرها طلعت بمجد ليس بالمتبدد وقوله: صه يا كنار فبعض صمتك مسعدى إلا محاجرا بعد لم تجمد فى رواية أخرى: صه يا كنار فبعض صمتك موجعى إلا محاجر بعد لم تجمد وقوله: صه ياكنار فما فؤادى فى يدى طورا أضل وتارة قد أهتدى روى أيضا هكذا: صه ياكنار فما فؤادى فى يدى طورا أضل وتارة لا أهتدى وقوله: فإذا رأيت من الطلاقة بارقا فابذل حياتك غير مغلول اليد له رواية اخرى هى: فإذا رأيت من الفكاكة بارقا فابذل حياتك غير مغلول اليد وقوله: أنا لا أخاف من المنون وريبها مادام عزمى يا كنار مهند فى رواية أخرى: أنا لا أخاف من المنون وريبه مادام عزمى يا كنار مهند وقوله : أنا كم رعيتك والأمور عصية وبذلت فيك كل ما ملكت يدى له رواية أخرى هى: أنا كم رعيتك يا سودان والأمور عصيبة وبذلت فيك كل ما ملكت يدى كما أنّ هناك بيتا مثبت سماعا ولم أجده مكتوبا وهو: ودع من تحب فإنما *** أنا إن دعوتك فلن تعيش إلى غد. ولقد سمعت هذا البيت من مجموعة كبار الفنانين الذين تغنوا بالقصيدة ولكن لم أجده مكتوبا فيما قرأت!! ولا شك أن الروايات المختلفة تزيد من صعوبة شرح القصيدة لأنّها تضيّع المعنى الذى أراده الشاعر حقا. ولهذا نناشد أبناء وأحفاد الشاعر بطباعة ديوانه مرة أخرى محققا وموثقا ومشروحا لوضع نهاية لهذه الإختلافات، وكذلك من أجل أن يحلق النسر فى فضاء الضاد عاليا عزيزا ويغشى حدائق بابل ويناجى فيها البلابل بعد حبس طويل قضاه فى حدود وطنه الصغير السودان معزولا عن العالم الذى أحب. والى اللقاء مع شرح القصيدة وقد يطول شيئا ما.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
مقدمة: بعد إرجاع الفضل والشكر لله أولا ، يعود الفضل للدكتور على الريح جلال الدين الأستاذ المشارك بكلية اللغة العربية بجامعة أم درمان الإسلامية ورئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة ام درمان الإسلامية ، الذى راجع شرحى للقصيدة وساعدنى فى فك غموض بعض أبياتها التى استعصت علىّ بسبب رمزيتها. ولقد بذل الدكتور مشكورا جهدا كبيرا فى البحث عن ديوان الشاعر ولما وجده أهدى لى منه نسخة مصورة أصبحت مرجعا لتوثيق القصيدة على مستوى الترتيب والكلمات. وهكذا استطعنا أن نحسم الخلاف فى تلك الروايات المختلفة للقصيدة ، فأوردنا القصيدة هنا كما وردت فى الديوان ولم نغيّر فى ترتيب أبياتها ومفرداتها شيئا إلا مفردة واحدة ذكرناها فى محلها وذكرنا الدافع لتغييرها أيضا. و قد ثبت لنا من خلال قراءتنا للديوان ، أنّ الشاعر كان يكتب القصيدة الواحدة أو البيت الواحد بعدة طرق وروايات إستجابة منه لطلب أو تحد من أصحابه! فهو قد ذكر هذه الحقيقة فى ديوانه وضرب لنا بعض الأمثلة لذلك. ولهذا نستبعد أن تكون تلك الروايات المختلفة لقصيدة "صه يا كنار" زيادات مدسوسة على الشاعر ، بل هى فى غالب ظننا من نظمه أيضا ولكن ليس لدينا ما نثبت به هذا الظن ! ولكن بالرغم من عدم ثبوت هذه الروايات فى ديوانه رأينا أن نشرحها للفائدة ، وبالفعل قمنا بشرحها بعد أن فصلنا بينها وبين الأبيات الأصل بالألوان ، فجعلنا الأصل باللون الأحمر والرواية الأخرى باللون الأزرق. أما الأبيات المختلفة تماما ولم ترد فى الديوان أوردناها وشرحناها فى فصل مختلف تحت عنوان " أبيات لم ترد فى الديوان" . وأرجو بهذا الجهد المتواضع أن أكون قد سددت وقاربت وأضفت شيئا للأدب السودانى ، مع العلم أنّ هذه القصيدة لم يشرحها أحد من قبلى كتابة حسب علمى، ولا يستبعد أن تكون قد أخذت حظها من الشرح الشفهى. صه يا كنار للشاعر / محمود أبوبكر النسر كثير من الناس قد أخذ بروعة اللحن وحماسة الأداء وفخامة صوت المغنين ، إلا أنّه لا يدرى عن معانى الأبيات شيئا. وهذه محاولة منى لجمع روعة المعانى بروعة اللحن حتى تكتمل الصورة فتزداد روعة وجمالا وجلالا وطيبا. والشاعر محمود أبوبكر قد لقّب نفسه بالنسر لأنّ النسر رمز للقوة ، والعلو ، والشموخ ، والرفعة. وفى ذلك يقول الشاعر أبو القاسم الشابى: سأعيش رغم الداء والأعداء *** كالنسر فوق القمة الشماء القصيدة: صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يـدي ودعِ الملامة للملالة أو أدِ فى رواية أخرى: صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يـدي ودعِ المزاحَ لذى الطلاقـةِ والدد معانى الكلمات: صه (بالسكون): كلمة زجر للمتكلّم بمعنى دعْ حديثَك هذا الذى أنت فيه ولا تسترسل فيه مواصلا. صه ( بالكسر المنون): كلمة زجر للمتكلم بتعنى أصمت مطلقا ولا تتكلم أبدا فى أى موضوع. الكنار: طائر مغرّد وديع رمز به الشاعر لصديقه المحامى عقيل أحمد عقيل ومن تبعه فى نهجه السلمى لجلاء الإستعمار. والدليل على ذلك أنّ الشاعر قال فى أبيات أرسلها لصديقه عقيل فى ملامة بينهما: فما لكنارى أنكر اليوم شدوه ***غريدى ومالى أتقي وأصون الطلاقة : البشاشة والمرح والعبث أدّ : من الوأد الدد : هو اللهو واللعب وفى حديث رسول الله (ص) : "ما أنا بدد ولا الدد منى" أي ما أنا في شيء من اللهو واللعب ولا ذلك من اشتغالي. ومنه أيضا قول طَرَفة بن العبد : كأَنَّ حدوج المالكيَّة غدوةً خلايا سفينٍ بالنواصف من دَدِ معنى البيت الشاعر يخاطب صديقه المحامى عقيل أحمد عقيل ويرمز له بالكنار لأنّه كان معارضا لمشاركة الشاعر فى الحرب ويطلب منه الكف عن الإسترسال فى الحديث الذى لا ينفع ويطلب منه أن يضع يده فى يد الشاعر رمزا للوحدة وعهدا بالكفاح. ويقول لصاحبه هذا: دع المزاح والعبث والضحك لأنّ ذلك من شيمة أهل اللهو والعبث لا من شيم أهل الكفاح. وفى مقابل الكنار المسالم الوديع نجد النسر ذلك الطائر الشرس الفتّاك! وكل من الرمزين يعبر عن مدرسة فكرية لها رؤيتها فى النضال الوطنى ومحاربة المستعمر. ** صه غيرَ مأمـورٍ وهـاتِ هـواتنا ديما تهش على أصيد الأغيد وفى رواية أخرى: صه غيرَ مأمـورٍ وهـاتِ مدافعا كالأرجوانة وأبل غير مصفد معانى الكلمات: هات : اِسْمُ فِعْلٍ لِلأَمْرِ بِمَعْنَى أَعْطِنِي هواتنا : جمع هتون وهى السحب الممطرة التى تصب بشدة لساعة من الزمن ثم تنقطع لتعود مرة أخرى، وهنا يقصد بها المدافع التى تمطر الأعداء بالقنابل. و هَتَنَ الدَّمْعُ : أى سَالَ وَجَرَى قَطْرَةً قَطْرَةً. الأرجوانة : زهرة حمراء اللون أبل : من الإبلاء وهو بذل غاية الجهد لنيل المطالب وخاصة فى الحرب. غير مصفّد : غير مقيّد ديما : هو المطر الذى يصب بلا رعد ولا برق بصورة متواصلة لعدة أيام وكأنه سيدوم الأصيد : هو الذى يرفع رأسه كبرا فلا يلتفت يمينا ولا شمالا وكأنّ برقبته داء يمنعه الإلتفات، والأصيد هو المائل العنق ، وهو أيضا الفناء من المكان. الأغيد: هى المرأة اللينة الناعمة التى تتثنى فى مشيها، وهى أيضا النباتات اللينة الخضراء. وقال شاعر آخر:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
والدجى يسعى رويدا ***سعى غيداء ردّاح يهشّ : هشّ بالشئ إذا سرّ بالشئ وفرح به ، والهشّ هو أيضا نثر الشئ برفق نثرا لينا وأظن أنّ الشاعر يقصد المعنى الثانى أى النثر برفق. معنى البيت: بالرغم من أنّ كلمة "صه" هى أمر إلا أنّ الشاعر حولها لطلب ورجاء وإلتماس رقيق بقوله: " صه غير مأمور" ، وذلك لأنّ المقام بينه وبين صديقه مقام ندية وحب وإحترام لا يحتمل الأوامر كما يقول النحويون. وكأنّه يقول لصديقه أرجوك أن تسكت يا صديقى وتكف عما أنت فيه من حديث ، ويطلب من البكاء على الوطن بدموع حمراء كالأرجوانة فى لونها، تنهمر من مقلتيه كالسحب الممطرة، كما يطلب منه البلاء الحسن وأن ينطلق فى ميدان المعركة كما تنطلق الأيل فى مراعيها لا يلجمها لجام ولا يتوقف أمامها شئ. فإذا صغـرتَ فكـنْ وضـيئاً نَيّرا مثلَ اليراعـةِ في الظـلام الأسود معانى الكلمات: وضيئا: مضيئا اليراعة: حشرة صغيرة تطير فى الظلام وتحدث نورا معنى البيت: فيا صديقى لا تحقرن نفسك ولا تستصغرها فأنت مهما تكن صغيرا فيمكنك أن تضع بصماتك على هذه الحياة الدنيا. ألا تنظر لتلك اليراعة الصغيرة وهى تبعث النور فى الظلام الأسود؟! فأنت كذلك يمكنك أن تكون مثلها تضئ ظلمات الجهل وتدفع بالوطن العزير مع غيرك من أبنائه للعلياء والحرية والتقدم. فإذا وجدت من الفكاك بوادرا فابذلْ حياتَـكَ غـيرَ مغلـولِ اليد وفى رواية أخرى: فإذا رأيت من الطلاقة بارقا فابذلْ حياتَـكَ غـيرَ مغلـولِ اليد
معانى الكلمات: الطلاقة: هى الحرية والفكاك من الأغلال والقيود الفكاك : هو أن ينفك الإنسان من الأغلال بارقا: فرصة أو بادرة غير مغلول: غير مقيّد بوادرا: فرصا معنى البيت: ويا صديقى إذا سنحت لك فرصة لتكسر الأغلال والقيود وتفكها من عنقك فأفعل ولو كلفت حياتك وكلفت ما تملك من مال وجاه. فجد فى العطاء يا صديقى من أجل الوطن والحرية ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك.. وخذ المطالب من زمانك عنوة والق العريف على الرعاف ولا تد وفى رواية أخرى: وخذ المآرب من زمانك عنوة والق العريف على الرعاف ولا تد معانى الكلمات: المآرب: الحاجات والمطالب عنوة: بقوة وعزة وكرامة ألق: أطرح أرضا العريف: هو العالِم بالشيءِ و القَيِّم بأمر الناس ، و في العسكرية العريف هو من كان فوق الجندي مرتبة ودون الرّقيب. الرعاف: المطرُ الكثير وهو الدم الذى يسيل من الأنف أيضا لا تد: لا تدفع دية هذا العريف المقتول معنى البيت و ياوطنى خذ حوائجك التى تتمثل فى الإستقلال والعزة والكرامة من الزمان بعنوة وتحد ، واقتل كل عريف من الأعداء ودعه ينزف دما ولا تهتم بدفع ديته لأن هذا هو جزاء الأعداء، فهل رأيت من قبل قاتل العدو يدفع دية لأهله؟! ومبدأ شاعرنا أن الحياة تعاركا ونطاحا وفى ذلك يقول فى قصيدة أخرى: ما رأيت الحياة إلا نطحا *** وطعانا جميعها وجلادا ينطح الكبش ربه حين يقوى *** فاذبح الكبش قبل أن يتمادى إنما المجد أن تجاهد حتى *** يمنع الموت ساعديك الجهادا فإذا ادّخـرتَ إلى الصباح بسالـةً فاعلمْ بأن اليومَ أنسبُ من غـد معنى البيت: فإذا علمت من نفسك عزيمة للقتال وصبرا عليه وشجاعة فيه، فلا تدخر هذه العزيمة وتلك الطاقة إلى الصباح لأنّ اليوم أنسب للنضال من غد، والوطن أحوج إلينا اليوم من غد. واسـبقْ رفاقَكَ للقيـود فـإنني آمـنتُ أنْ لا حـرَّ غيرُ مُقيَّد معنى البيت: وأسرع يا صديقى نحو السجون والمعتقلات والقيود فإنّ الأحرار الذين رفضوا عبودية البشر هم الذين يزج بهم فى السجون والمعتقلات وتقيد أيديهم وأرجلهم ، لأنّهم صرخوا فى وجوه جلاديهم قائلين: "السجن أحب إلينا مما تدعوننا إليه"!. فالسجون ياصديقى هى بيوت الأحرار فلا تخف منها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
وأمـلأْ فـؤادَكَ بالـرجاء فإنها "بلقيسُ" جاء بها ذهابُ الهدهـد معانى الكلمات: الفؤاد: هو القلب الرجاء: هو الأمل والفال الحسن بلقيس: هى ملكة سبأ المذكورة فى القرآن الكريم وقال شاعر آخر: وإعتلت بلقيس عرش *** الليل فى تلك النواحى ثم مالت لغروب *** بعد إضرام الكفاح الهدهد: هو الطائر الذى جاء بخبر بلقيس لسليمان عليه السلام وخبره فى القرآن أيضا، ويقول الشاعر أيضا فى قصيدة أخرى: قلبى الهدهد الذى غاب حتى *** جاءنى بالنبأ وما عاد كلا معنى البيت: ويا صديقى تفائل وأملأ قلبك بالرجاء والأمنيات فإنّ الفجر لا محالة طالع، وأنّه لا صعب فى هذا الكون فها هو الهدهد جاء بخبر بلقيس ملكة سبأ وتسبب فى نقل عرشها وجاءت هى وقومها لسليمان خاضعين! وكأنّه يريد أن يقول لصاحبه عقيل إنّ غيابى فى الصحراء الليبية مقاتلا سوف يأتى لكم بالحرية والإستقلال. فإذا تبدّد شـملُ قومكَ فاجْمَعن فإذا أبَوْا فاضربْ بعزمـة مُفـرَد معانى الكلمات: تبدد: تفرق وتشتت شمل القوم: هى كلمتهم الجامعة التى بالنسبة لهم كالشملة أو الكساء الذى يغطى الجسد فيعمه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
وقال الشاعر: قد يَنْعَشُ الله الفتى بعد عَـثْـرَة وقد يجمع الله الشَتيتَ من الشمل أى قد يجمع الله كلمة القوم بعد شتاتها. بعزمة: عزيمة أبوا: رفضوا وتمنعوا معنى البيت: وإذا رأيت من قومك فرقة وشتاتا وحروبا ومشاحنات فأصلح ذات بينهم وأجمعهم على أخوة صادقة ووطنية جامعة، فإذا أبوا الإنقياد لك فقاتل وحدك بعزيمة وإصرار لا تلتفت إلي أحد منهم. فالبندقيـةُ في بـدادِ بيوتـهـا طلعـتْ بمجـدٍ ليس بالمتبـدّد معانى الكلمات: بداد (بكسر الباء) : هى لِبْدٌ تُشَدُّ على الدَّابةِ التى بها دبِر حتى لا تتأذى، والبداد هو السرج أيضا. والبداد هو النصيب من كل شئ. يقول الشاعر فى قصيدة أخرى: كأنّ الفلك والأفلاك تجرى *** ومشحون اللألئ من بداد والبداد (بفتح الباء) هو التفرق: ويقول آخر: إذا إجتمعوا فضضنا حجرتيهم *** ونجمعهم إذا كانوا بداد (بفتح الباء) المتبدد: المتشتت أو المتفرق أو المتلاشى. معنى البيت: وأعلم ياصديقى أنّ النضال هو سبب فى طلوع فجر الحرية، وبالجهاد والنضال ثبتت أركان حضارتنا الإسلامية ذات المجد الذى لا يتبدد ولا يندثر فلا تتهاون في أسباب الجهاد والنضال. ويرى الشاعر أن حيازة الأسلحة وإن لم تشهر من ( بداد بيوتها) سببا كافيا فى إمتلاك المجد، فبالبندقية تحمى الأوطان ويخوف بها العدو ويردع من العدوان. أما إذا شهرت وأستعملت فهى تأتيك لا محالة إما بالنصر ومجد دنيوى ، وإما بالشهادة ومجد أخروى. فأنت فى مجد واحد متصل لا يتبدد فى كلا الحالتين!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي ... (Re: omer osman)
|
صه ياكنار ودع يمينك فى يدى فكأنّ يوم رضاك ليلة مولدى معنى البيت: أسكت يا صديقى ولا تتكلم كثيرا ودع يمينك فى يدى واشدد بها أزرى من أجل وطننا الحبيب، واليوم الذى تفعل فيه ذلك وأنت راض غير مكره ، هو يوم جديد فى حياتى أرى فيه نفسى وكأنى قد ولدت من جديد ، أو إحتفلت فيه بليلة مولدى!. أنا كم رعيتك والأمور عصية وبذلت فيك جميع ما ملكت يدى معنى البيت: وبعد أن خاطب صديقه وطلب منه أن يضع يده فى يده ، إلتفت للوطن وكأنه شاهد على الحوار بينهما فقال يخاطب الوطن: أيها الوطن العزيز أنا كم رعيتك وسهرت وتعبت من أجلك وبذلت ما أملك لأنّك أهل لذلك، فالقومة ليك ياوطنى! وجرى فؤادى نحو قلبك سلسل لكنّ قلبك (كالأصم) الجلمد معانى الكلمات: سلسل: هو الماء العذب البارد يتسلسل فى الحلق إذا شرب الأصم: هو الذى لا يسمع النداء أصلا، أو الذى لا يستجيب للإستغاثة ولا يقلع عما يفعله وإن كان منكرا. وفى القصيدة الأصم إشارة لصديقه الشاعر أحمد مختارالأصم. الجلمود: الصخرة، يقول شاعر آخر: وأناشيد تسكر الملأ الأعلى *** وتشجى جوانح الجلمود معنى البيت: وبالرغم من أن قلبى يجرى نحوك كما يجرى الماء العذب البارد فى الحلق، إلا أن قلبك قاس كالصخرة الصماء التى تشبه قلب صديقى الشاعر أحمد مختار الأصم - ويبدو أن للأصم مواقفا مع الشاعر أشبه بمواقف صديقه عقيل أحمد عقيل الذى يخاطبه فى هذا البيت -. فها أنا أبادر وأنت لا تستجيب كما لم يستجب من قبلك الأصم! لك فى فؤادى يا كنار مكانة أسمى وأقدس من مكانة (أحمد) معنى البيت: وهنا يحوّل الشاعر رمز الكنار للوطن بعد أن إستعمله فى التعبير عن صديقه فى بداية القصيدة فيخاطبه قائلا: لك مكانة فى قلبى أيها الوطن أسمى وأعلى وأحب وأقدس وأكبر من مكانة شقيقى الأكبر أحمد. والجدير بالذكر أنّ كثيرا من الناس يتحسس من هذا البيت لأنّ ألفاظ القدسية والسمو التى التى سبقت إسم أخيه تصرف الذهن إلى النبى الكريم محمد (ص) الذى عرف بأحمد أيضا. وهذا بالطبع مستحيل لأنّ الرجل كان حافظا للقرآن الكريم ، وكان مخلصا فى تدينه ، وشديد الولاء لأمة الإسلام وحضارتها، ولا ذنب له إن كان إسم شقيقه يشبه إسم النبى (ص)، ولا تثريب عليه أنّ إقتضاه الموقف أن يعبّر عن شعوره نحو أخيه بالفاظ السمو هذه . فيجب ألا نحمّل الأشياء أكثر مما تحمل ولا نتهم الناس فى دينهم بالشبهات. ولا يفوتنا أن نذكر أن الشاعر قد مدح الرسول كثيرا وهو القائل في يوم مولده: ولد الكمال فيا عشية هللي ***وصلى جلالك بالجلال الأول ولدىّ أحمد كالحياة وكالمنى من كل ممتنع وكل مؤيّد! معانى الكلمات: ممتنع : كل شيء ممتنع مرغوب ، والشئ المرغوب هو الذى يستمتع به ويزال به الهم والغم ويدخل السرور إلى النفس. مؤيّد: إِيادُ كل شيء ما يقوّى به من جانبيه فهو قد تأيّد وقوى واشتدّ وثبت.
| |
|
|
|
|
|
|
|