|
|
 الأمن الانساني.. والشرطة السودانية
|
مقال قديم(صحيفة الرأي العام) للفريق اول شرطة دكتور/عباس ابوشامة - وزير الداخلية الاسبق
هزتني قصة الشرطة التي انقذت التائهين في الطريق بين وادي حلفا وابو حمد في ايام عيد الاضحى الحالي، وهذه القصة قد هزتني من عدة جوانب منها:
1- الاهتمام بالأمن الانساني من جانب الشرطة السودانية- واصبحت قضية الأمن الانساني «Human securety» هي الصرعة في ادبيات الامم المتحدة والمنظمات الأخرى المرتبطة بنشاطات الاجهزة الانسانية. والأمم المتحدة تركز على الامن الانساني كاسبقية لكل اجهزتها.
2- ان قيام الشرطة بهذا العمل هو خروج عن المهام التقليدية -أي الامن التقليدي- الخاص بمنع الجريمة واكتشافها وارسالها للمحاكم. وهذا يؤكد اصرار الشرطة السودانية بثقافتها الامنية المتقدمة والمتحضرة على الاهتمام ليس فقط بالامن التقليدي ولكن ايضاً على الدخول في الأمن الاجتماعي للمواطنين ومنه الامن الانساني في سعيها واهتمامها بهذا الجانب.
3- إن أحد المعايير العالمية لاداء الشرطة ليس فقط في تأدية واجبها المهني التقليدي ولكن أيضاً التوسع في العلاقات الانسانية مع المواطنين. وهذا ما يقربها اكثر إلى المواطنين الذين تقوم على خدمتهم. وهنالك مقولة مشهورة ان مشروعية عمل الشرطة لا تستمد من القوانين واللوائح وانما أهم من ذلك من رضاء المواطن عن عملها.
4- ان الانجاز الكبير للشرطة بل والاعجاز ليس في النتيجة فقط وانما في المحنة التي عاشها هؤلاء المواطنون وملحمة البحث المضنية من قبل رجال الشرطة وعزيمتهم في الاستمرار والبحث حتى تم العثور عليهم.
5- ان البطولة لرجال الشرطة في الاصرار والمواصلة في البحث عن المفقودين -دون ان يصيبهم اليأس والاكتفاء بأجر المحاولة بعد بحث مضنٍ وغير مضمون العواقب ولا النتائج في تلك الصحراء الجائعة للتائهين. وهم في سباق محموم مع الزمن.
6- لقد رسم رجال الشرطة صورة رائعة للعمل الامني والتفاني وهم يبحثون عن مواطنين عاديين وليسوا رسميين او ضيوفاً وهذه هي العظمة في هذه اللوحة التي يجسدها احد المفقودين كالآتي:
7- أشار احد الناجين للتلفزيون بتقديرهم العالي لاهتمام الشرطة بمواطنين عاديين من عامة الناس- وكان تأثره لاعتقاده السابق ان الشرطة لن تبذل كل ذلك الجهد المضني -المحفوف بالمخاطر لرجال الشرطة انفسهم- من اجل مواطنين عاديين- فبرهنت له الشرطة انها وراء كل مواطن مهما كان من عامة الناس لتضمن له ليس فقط أمنه ولكن حقه في الحياة كأحد حقوق الانسان الطبيعية.
8- ان الشرطة لو لم تقم بذلك العمل أساساً بل لو ابطأت او عجزت عن العثور عن التائهين بعد بحث معقول لما صوب لها احد سهام اللوم.. والشرطة مسئولة عن الامن الجنائي- أي منع وقوع الجريمة وضبطها ومكافحتها. لذلك فإن ذلك العمل يضيف إلى الشرطة السودانية مجداً جديداً ليس فقط بانقاذ المواطنين ولكن ايضاً بفهمها المتحضر بأن ما قامت به هو ايضاً من المهام غير التقليدية للشرطة.
لذلك أرى ان لا تمر هذه الملحمة دون ان نقدرها حق تقديرها لشرطة السودان وذلك بالآتي:
1- ان يقوم الاعلام بتصوير واخراج هذه القصة منذ ان تاه هؤلاء المواطنون في الصحراء والمخاطر التي أحاطت بهم- ثم الملحمة البطولية للشرطة في الاصرار والعزيمة على العثور عليهم وانقاذهم كمواطنين اعزاء غالين على الوطن بدون اهمية لوظائفهم او اوضاعهم او مرتبتهم الاجتماعية.
2- منح وسام اشادة بأي شكل لشرطة السودان وقيادتها الذين لازموا هذا الحدث حتى النهاية السعيدة.
3-ارسال هذا الموضوع مصوراً ومسجلاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بشئون الانسان عن طريق مكتب الامم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المدانين لتوثيقه .
4- ان يتم تدريس هذه الصورة في معاهدنا الامنية وكذلك المعاهد والمؤسسات العربية المعنية بالدراسات الامنية وبالذات الانسانية.
ان مصدر التقدير الكبير لهذا الحدث ليس فيما جرى فقط ولكن في الدور الريادي والمتقدم للشرطة في ممارسة الامن الانساني.
? شرطي سابق
|
|
 
|
|
|
|
omer osman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست