اليوم سنتصارع، نعم أنا وهو سوف نتصارع، ولابد أن أحدنا سوف يهزم الآخر. لابد من ذلك. لابد من فائز، هذا هو قانون اللعبة، لم يحدث أن أنتهت مباراة مصارعة بالتعادل مثلما يحدث عندهم في كرة القدم، تلك اللعبة الغبية التي تحاول أن تكون إنسانية، ولهذا فعندنا في القرية لا أحد يحبها، بل لا أحد بات يهتم بها منذ أن عرفنا المصارعة، وفي حقيقة الأمر كما يقال دائما لا أحد يلعب الكرة عندنا، نحن مصارعون فحسب، نحن جماعة وأهل توارثنا المصارعة كفن ورياضة وحياة أبا عن جد، وظلت كل أسرة منا في القرية، تحتفظ بالأسرار والفنون التي تقربها من الفوز بأي شكل كان، نتوارث ذلك ولا نسمح لأي امرئ كان بأن يسرق جهد الآباء والأجداد، أبدا لا نسمح بذلك. لكل بيت وعائلة طقوسها قبل المصارعة، ففي عائلتنا لابد أن يتمسح المتصارع أولا بالزيت، تحديدا زيت الخردل، تدعك أخته جسده كاملا وهو عاري بالزيت الحار بعد أن تكون قد غلته شر غلية في النار الجهنمية فوق الحطب بالتحديد.. وأي حطب، السدر بالتحديد.. ولماذا السدر رغم وفرة أشجار البامبو بالمنطقة، فأنا لا أفهم السبب، لا أحد يفهم ولا أحد يسأل، فقط ما نفعله أننا نفعل ما وجدنا عليه آباؤنا، ما ورثناه... فقط لا غير..
01-04-2013, 05:14 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
ولكي لا أخوض كثيرا في أسرارنا التي يجب ألا يعلم بها أحد فسوف أحكي لكم فقط الجانب المهم من الحكاية، ذلك المتعلق بالمصارعة التي يجب أن تجري اليوم، فاليوم الجمعة الرابع من شهر يناير / كانون الثاني من عام 2013 هو التاريخ المحدد لتلك المصارعة الموعودة والمبشر بها من قبل الأجداد، جد عن جد، الكل هنا يعلم أن هذا اليوم هو الذي سوف ينتصر فيه أحد بأن لا يهزم غريمه فحسب بل يقتله بطريقة بشعة جدا، ويمزقه إربا.. واذكركم بان قانون المصلحة عندنا لا سقف له، لا تحده حدود، فالمصارع يفعل كل شيء، كل شيء، وليس مسموحا لأحد أن يتدخل أو يتعاطف باسم القرابة أو الدم أو أي حماقة أخرى، فأن تتدخل يعني انك تهزم شرف العائلة، فالشرف الحقيقي أن يموت أخوك أن يقال أنه مات في المصارعة، لا أن يقال أنهم حاولوا انقاذه.. افهموا ذلك جيدا
01-04-2013, 05:31 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
من الغباء أن يظن أحدكم أن المصارعة عندنا مجرد تسلية، أكرر من الغباء.. فهي قد ترقى لأن تكون عقيدة مقدسة تقوم على القتل واللذة والتشفى بل والجنون "الأحمق"، وعذرا للكلمة الأخيرة.. لأن أي من أقاربي أو أهل القرية لو سمع انني اتفوه بهذه الكلمة في وصف فعل المصارعة فسوف يخبر الآخرين أنني لا احترم التقاليد ولا أصون الأعراف أو أنني على الأقل إن صار الأمر دون صخب، أنني إنسان منبوذ، نعم منبوذ بحق.. بل ملعون ومطرود من الرحمة، ومن صلة الدم ومن الحقوق التي أتمتع بها كمواطن في هذه القرية، وأبسط هذه الحقوق أن أمنع من "حقي التاريخي" والمسجل في نواميس الأزل لهذا المكان من العالم، بأن تجرى المصارعة الموعودة اليوم.. فهم يقولون كما أنا أقول لكم واروي لكم ما هو مسطور عندنا ومتناقل أن المصارع الذي سوف ينتصر اليوم هو سليل تلك العائلة التي لم تشكك في قداسة فعل التصارع ذات يوم في التاريخ، ولم تر في الدم سوف نقاء وطهارة، لو أن جسد أحد أبنائها خشد أو فصد في المصارعة، ولهم أن يفرحوا بذلك.. ولو مات فان روحه دون أدنى شك سوف ترتفع إلى الجنة في الفراديس العلية، هناك حيث ستجري مصارعة جديدة، بل مصارعات لذيذة ولكن دونما دماء كما يقولون لنا في كتاب "المصارعة المقدس" عندنا.. فالمصارعات هناك بحضور الملائكة وزمرة من الصالحين وأهل الأعراف هي للمتعة والتسلية والإحساس بالخلاص النهائي من رهق العالم الارضي في القرية التي كنا فيها ذات يوم.
01-04-2013, 05:49 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
لن أبوح بسر ساعة أخبركم بأن المصارعة بينه وبيني التي ستجري اليوم، سوف تكون تاريخية، لاسباب عديدة.. ليس الأمر كذلك، بل هي المصارعة التي ظلت القرية تنتظرها منذ أن جاءت.. منذ ان كانت.. وهو تاريخ بعيد غارق في البعد لا أحد قادر على معرفته بالضبط.. والمهم أنها سوف تكون استثنائية لأنها سوف تنقل على الهواء مباشرة، كما يقال.. لم يحدث أن جرى هذا من قبل.. أبدا.. فغالبا ما تجري مباريات المصارعة في حيز القرية ولا يسمح لأناس من خارجها بأن يشاركوا بالحضور، هذا ما تقوله نواميسنا هنا.. فالمصارعة هي لنا ولأجلنا فحسب.. وإذا حدث أن تدخل أحدهم بأن تلصص ولو بعين واحدة فسوف تفقأ كلتا عينيه في الحال.. وسوف يصبح أعمي ينزف؛ يسير هكذا إلى أي جهة غير معلومة إلى أن يلقى حتفه، لا أحد يعينه أو يهتم به.. كم نحن قاسون.. نحن ورثة المصارعون الكبار.. إذا اليوم الموعود المسطور والمنتظر بأن يحضر الجميع وأنتم مدعوون للحضور ولا تخافوا فلا أحد سوف يناله شر اليوم.. الكل مرحب به.. فقد حضرت قنوات فضائية وصحفيون ومغامرون منذ ليلة الخميس.. وهم الآن في القرية، في الميدان المجاور للمقابر يحضرون كاميراتهم وينصبون خيامهم، ويجهزون الاستديوهات المتحركة لنقل هذا الحدث الكوني..
01-04-2013, 06:11 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
قلت لكم.. بأن المصارع لابد ان يدعك جسده بالزيت.. واخبرتكم عندنا يكون زيت الخردل هو المطلوب.. ولابد ان تكون عاريا.. والمباريات تجري هكذا.. لابد ان يكون المصارع عاريا تماما.. لا أحد يخجل من ذلك.. فالمصارعة كفعل مقدس عندنا، تشبه صلاة أو عبادة علينا أن نحترم طقوسها وقوانينها اقتنعنا بها أم لا.. لا أحد يناقش ذلك.. فنحن نتلو ما هو مسطور في كتابها المقدس عندنا في القرية. نتلو وننفذ لا غير.. ولعل البعض قد يسأل لماذا أنا الذي سوف أتصارع مع خصمي دون غيري من العائلة، فهناك أخواني العشرة وأبناء عمومتي وهناك ابن خالاتي وسرب كبير من الأقارب.. كلهم يمكن أن يتصارعوا، بل هم أمهر مني كما يتهامس الناس سرا.. لماذا أنا؟ ولماذا هو ايضا؟.. ساخبركم بالسبب.. ببساطة فالوصف الذي يقول به كتاب "المصارعة المقدس" ينطبق عليه هو وعلي أنا.. نعم هناك صفات محددة مسطورة منذ قدم التاريخ بأن تجرى المصارعة اليوم وأن يكون طرفاها هو وأنا... شخصان تم اختيارهما بعناية من قبل الوهاب.. وهاب المصارعة الذي جعلها رحمة للعالمين في هذه القرية التي لولاها لهلكت.
01-04-2013, 06:28 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
لن أدس مشاعري.. وعلى من أدسها.. فالواقع أنه لا أحد معي ليسمعني.. فأنا أكلم نفسي الضعيفة، المنتهبة بالخوف والترهات.. آه.. هذا اليوم ليته لم يأت أبدا، وليته ما كان.. حتى أكون أمام هذه المهزلة.. ولما أنا يا إله المصارعة، لما أنا.. لماذا أخترتني دون عبادك لهذا اليوم.. وانت تعرف أنني قليل الحيلة وهزيل الإرادة ولا حول لي.. لكنني بعزمك سوف استعين على السير في الدرب حتى المبتغى.. حتى لا أهزم زمرتي وأهلي وعشيرتي.. وحتى لا يقال أنني جبنت ورعبت.. يا وهاب المصارعة فأنصرني.. وألهمني التزمل حتى لا أفضح نفسي.. وقبل أن أصرخ أو اتقيأ أوجاعي كانت صاحبتي قد طمأنتني وقالت لي لا تخف فأنك لاريب منتصر وسوف يعلو أمرك على كل مصارع جبار.. أعرف انها تعينني على الصبر وتحمل أذى الانتصار على خصمي، الذي هو أقوى مني واشد بأسا بشهادة الجميع، لكنه إله المصارعة قادر على ابتكار العجائب.. وكم من قصص تروى في هذا الشأن في تاريخ القرية.. كم من مصارع لا حول له ولا قوة حقق الانتصار المذهل والفوز العجيب.. وهذا ما يجعلني اطمئن بعض الشيء..
01-04-2013, 06:46 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
مكتوب منذ الأزل.. في هذا اليوم الرابع من يناير يحدث الأمر العجيب.. ويحدث الحسم بميلاد المصارع المتوج على العرش، الذي على اثره سوف تسير الأجيال ومنه تستلهم العبر.. وبعد هذا اليوم فسوف تتغير تقاليد المصارعة وفنونها تماما إلى الأبد.. إلى الساعة المحتومة.. ستتغيير القوانين والقيم والقصص التي تروى، كل شيء سوف يتغير، بعد أن تكون المباراة النهائية قد أنجزت الوعد التاريخي بأن يعلن عن الفائز، وهو الذي سوف يحدد القيم الجديدة والتشريعات المستقبلية للمنافسات.. لكن ثمة خطوط عريضة وبشائر مشار إليها في كتاب "المصارعة المقدس".. أن من ضمن هذه الشرائع وأولها أن المصارعة لن تكون لأجل دمّ بعد اليوم.. لن تكون إلا للمتعة فحسب.. فالمصارعة التاريخية أترعت الدم النهائي وقررت الخلاص.. وعلى الآباء أن يعلموا الأبناء والأحفاد أن كل ما كان في الماضي يجب أن ينتهي ليبدأ عهد جديد، يجب أن يعلم الجميع بذلك.. ولكن علينا ألا نتعجل الأمر، لنرى من الفائز الذي سوف يصوغ سفر المصارعة الجديد في تاريخ القرية..
01-04-2013, 07:17 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
على مدار التاريخ الإنساني لقرية متخمة بالصراعات والمصائب والأتراح والأفراح في بعض الأحيان، ولمن شاءتهم العناية.. فقد برز مصارعون كثر.. من صعب حصرهم، لكن عوائل قليلة فقط هي التي اختصت بأن ترث الانتصار المتوالي، وحفرت اسمها في ذاكرة القرية.. ومكتوب في الأزل أنه مهما علا مجد مصارع أو شأن عائلة أو تشرفت بأن تكون راعية لمصارع ما، فإن يوم الجمعة الموعود سوف يخرج إلى العالم المصارع الذي سوف يبقى أثره خالدا.. فهل أكون أنا؟ اقول لكم ذلك وأخبر نفسي ولا أعلم إلى الآن شكل خصمي ولا حجمه، أعلم ضعفي نعم، أما قوته فلا أعلمها.. أو ضعفه.. ليس لدي أي معلومات.. فمن شروط المصارعة النهائية أن المتصارعين لن يريا بعضهما البعض إلا ساعة المواجهة، ربما يعرفان بعضهما من قبل لكنهما لا يعرفان أبدا أنهما سوف يتواجهان أمام الجمهور وأن أحدهما سوف يقتل الآخر ويقضي عليه تماما، وأن الدم الذي سوف يسيل من أحدهما سوف يغسل درن الأمس وينير الطريق إلى المستقبل في طقس يشبه صلب المسيح عليه السلام، لا أعرف هل هذه الطقوس والإفادات الورادة في كتاب "المصارعة المقدس" مأخوذة من كتب مقدسة أم لا، لكنني أرى كثيرا من التشابه بين أديان أعرفها وألم بها وما يدين به أهلنا وأدين به أنا من تقديس وميراث هائل وكبير ومهول عن المصارعة. أهلنا بالطبع هنا مسلمون.. لكنهم يعشقون المصارعة لدرجة أنها تكاد تكون الدين السري لهم.. الدين الذي لا يتحدثون عنه إلا ساعة تبرز الحاجة إليه، يوم المصارعة وغالبا ما تجري المصارعات يوم الجمعة.. واليوم ستجري المصارعة المنتظرة، هذا اليوم المعرف في كتاب "المصارعة المقدس" باسم "يوم المصارعة الأعظم" الذي سوف ينجب المصارع الأعظم الذي سوف يغير كما أخبرتكم قوانين اللعبة.
01-04-2013, 07:20 AM
سفيان بشير نابرى
سفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574
اليوم باكرا في الصباح نادني عمي جبريل ود محمد ود عبدالله ود سليمان ود الفكي أحمد ود مدني.. وأخبرني ان علي ان استعد.. وقال لي : يا ولدي يا عماد الدين.. نحن ديننا المصارعة فلا تخذلنا.. قلت له: يا عمي يا جبريل أنا لا أفهم في المصارعة وأنا ضعيف البنية وليس لدي قوى على هذا الشيء. رد غاضبا: ماذا سنفعل إذا كان وهاب المصارعة قد اختارك أنت دون غيرك من العشيرة لتشرفنا في هذا اليوم الأعظم. وقلت لنفسي: أين سأهرب.. ياايها الاله العظيم اله المصارعة ساعدني على النجاة ببدني من هذا الهول وهذه الفظاعة.. وكأن عمي سمع ما أقوله لنفسي.. كأنه رأي الخوف في.. وقال لي: لا تفكر كثيرا حتى لا تحزن.. نحن موعودن بالنصر الكبير يا ولدي.. الاله العظيم يعرف اين يضع سره..
01-04-2013, 07:57 AM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
وسألته يا عمي يا جبريل: من أين لك بهذا الخبر.. وكيف عرفت أنني الموعود بهذا الشرف المخيف؟ كنت أقول واسال وانا مرتعب اتعرق في هذا اليوم البارد في القرية.. وكنت على عجلة من أمرى فقد فوضت هذا اليوم من ليلة أمس لفعل أمور كثيرة.. منها أن اقرأ كتابا اشتريته بالامس ومن شدة رعبي فقد نسيت اسمه أو موضوعه الآن والسبب الذي دفعني لشراءه أصلا من باعة متجولين في القرية يدقون أبواب المنازل يبيعون الكتب أو يستبدلونها بأدوات قديمة لم يعد أهل البيت يرغبون فيها.. وهأنذا أتذكر الآن.. فأنا لم اشتري الكتاب أصلا، انا استبدلته بحذاء قديم بعد أن أهدى لي أحد أصدقائي واحدا آخر.. وقال لي أنه يدعوني لأن ألبسه غدا (اليوم) لكي نذهب به إلى الساحة الكبيرة ونشاهد أحد مباريات المصارعة.. قال لي ذلك ولم أكن ولا هو كان يتصور أن المصارعة التي سوف نشاهدها هي مصارعتي أنا.. أنا الخائف.. ال ج ب ا ن.. أما من طريقة فأهرب من هذه الأساطير التي تعيش بها قريتنا.. ولكن إلى أين.. وهل سيتركوني أفر بهذه البساطة وقد وعرف أهلي جميعا ووضعوا في آمالهم بأن أكون لهم شرفا وأحمل اسمهم إلى يوم الدين.
Quote: سوف اختفي عنكم لبعض الوقت فأنا أجهز نفسي للمصارعة
هاهاهاهاهاهاهاهاهاها و الله البتابع الحكاية دي و ما يضحك ضحكتي الفوق دي يكون بالغ هاهاهاهاهاها
يا عماد ياخ إن اختفيت للحول حارسك بالجد حسيت بعظمة خوفك و رعب من الهول العظيم الراجيك . اسرع عود و رينا الاحوال و الاهوال بالله التعديل بسبب حرف سقط من كلمة البتابع
Quote: الحمد لله أنا حي ولم أمت وسوف آتي على التفاصيل
نحمد الله و نشكر فضله أن إستجاب لدعواتنا و نجاك من الهول العظيم يا عماد فعد بسرعة بعد أن تطبب ما اسخنت به من جراح و اكمل ما انقطع بغيابك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يا بليك و الله في كم بوست في المنبر دا مدور فيها دشمان عجيب كم مرة فكرته اشيل رابط المصارع و انزلوا هناك
01-05-2013, 05:52 PM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
أخبرتكم أننا سوف نتصارع يوم الجمعة، ونسجت تخيلات كثيرة في رأسي حول ذلك الحدث الذي مر كأمر عادي.. ليس توهما مني بل حقيقة عشتها لأنني بساطة ومنذ أن اخبروني باختياري للمنافسة في الصباح الباكر، أحسست بحالة من دوران الرأس القوية، جعلتني غير قادر على التركيز أو عارف لما أنا فاعله، فقد وجدت نفسي أمسك بالكي بيورد واكتب لكم في هذا الموقع الالكتروني قصتي.. قصتي نعم مع هذه المصارعة التي يجب يعرفها الناس.. ليس لانها قصة مسلية فحسب، وهذا ما قد يراه البعض أو لانها حدثت واقعا وهذا لا يهمني كثيرا وقد لا يهمكم ايضا، بل لانها قصة فيها عبرة لي شخصيا حاولت أن انقلها لكم. فالخبرات والتجارب الإنسانية تفيد كثيرا، هي خبرة متواضعة ولكن لا بأس ان تعلموا بها. أخبرني عمي بأن المصارعة ستجري اليوم "أمس" بين عائلتنا وعائلة أخرى ولم يحدد لي اسم العائلة، وهذه أحد القواعد كما تعلمون، وقال لي استعد سريعا لان الوقت يمضي.. وأنا ارقد على اللحاف في الحوش الكبير بالبيت، تحديدا عند الصالة الصغيرة الشرقية من بيتنا المعروشة بالبامبو، الخيزران، كانت اختي قد بدأت مهمتها في تدليك جسدي الطري، وأحسست لأول مرة بنعومة أصابعها وهي تمررها على ظهري وتمسح بالزيت الحار، ويبدو أو أن ذلك حدث فعلا أنني نمت.. لا أدري.. أو أن تأثير الزيت المشتعل قد خدر أعصابي فدخلت في نفق من الضوء الآثر، بحيث وجدت نفسي أؤهل نفسي لهذا اليوم التاريخي.. هذه المصارعة الأبدية التي تنتظرها البشرية.. كم أنا موهوم.. ويمكن أن تقرأ أيضا بالمقلوب م و هـ و م .. لتعطي نفس الكلمة.. الوهم هو الوهم.. موهوم بأنني عبر هذه المصارعة الموعودة سوف أصبح بطلا في التاريخ الإنساني، في قريتنا على الأقل وسيشار لي بالبنان.. وفي تلك اللحظات التي تخدر فيها الجسد، كتبت ما كتبت لكم ورويت ما رويت لكم سابقا.. هل كنت أكتب أنا نفسي أم أُملي على من أحد، لا أعرف وليس ذلك مهما.. المهم انني عشت تلك اللحظات صادقا.. مثلما أنا صادق مع نفسي الآن في تلخيص ما حدث معي بعدها.
01-05-2013, 06:16 PM
عماد البليك
عماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897
لا أعلم كم مضى من الوقت قبل أن أعود إلى الواقع وأكون أنا الذي أعرف نفسي بأن أرى أختي أمامي وقد انتهت من مهمتها.. وأن رزمة من أهلي واقفون أمامي يصفقون تشجيعا لي وهم يهتفون "البطل .. البطل.. المصارع الأعظم".. نعم قالوا "المصارع الأعظم" وهذه ليست من تأليفي قطعا، فأنا متأكد أنني سمعتها منهم تماما.. وكان في الصف الأمامي قد وقف أولاد العائلة من البنات والبنين، ووقف ولدي مهيار ومهيد، ينتظران ان يشهدا اليوم على بطولة والدهما المصارع الذي اختارته عناية العائلة وليست العناية الإلهية أو إله المصارعة الذي اخترعته في لحظة وهم أو غيب أو عبث وجودي.. في تلك الدقائق التي تغيب فيها عقلي عن الواقع.. وإلى الآن لا أعرف لماذا اختارتني العائلة، تحديدا عمي الذي هو المفوض باختيار المصارعين من ممثلي العائلة.. وعمي هذا اسمه عمران، وليس جبريل كما تخيلت أيضا.. بتذكري صورة الملاك الذي يهبط بأجنحته من السماء على الرجال العظام والأنبياء في التاريخ البشري ليغير مجرى حياتهم إلى الأبد.. وكنت اعتقد وانا في تلك اللحظات التي غاب فيها الوعي او تغيب ان حياتي سوف تتغير إلى الأبد هي الأخرى على شاكلة رجل عظيم في التاريخ، فالمصارع الجبار الذي سوف يخرج مني سوف يجعل حياتي مختلفة عن الماضي.. كم أنا مشتاف لذلك الحدث الكبير.. ولكن كما أخبرتكم فقد كان الإحساس بالانتصار المبكر مصحوب بخوف وهلع مهيب، وكنت اعتقد ان جسدي الصغير وبنيتي الهزيلة سوف تحول دون فوزي على خصمي الذي لم أره بعد.. لكن كلمة سمعتها من أختي شجعتني على المضي إلى النهاية بروح التفاؤل والشجاعة التي افتقدها.. فقد قالت لي: المصارعة الحقيقية تقوم على قوة العقل لا قوة البدن.. وقلت لنفسي: كيف فات علي ذلك.. كيف نسيته.. ياه..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة