|
السياسة بنكهة السرد!
|
السياسة بنكهة السرد! في رواية «حفلة التيس» يصور «ماريو بارغاس يوسا»‚ الروائي البيروفي الشهير‚ الحكم الديكتاتوري في جمهورية «الدومنيكان»‚ على مدى (31) عاما‚ من العام 1930 حتى العام 1961‚ للجنرال رافائيل ليونيداس تروخيبو مولينا‚ ليعكس صور الدم والقمع البشري‚ التي تكاد تنتمي لعالم الأساطير‚ رغم انها تمثل الواقع وتقترب منه بدرجة لا تقبل الشك‚
«ماريو بارغاس» الذي كتب أعمالا رائعة ومهمة‚ مثل «في مديح زوجة الأب» و«مدنية الكلاب» و«دفاتر دون ريغو بيرتو» و«من قتل بالمنيو موليرو»‚ يلتفت هذه المرة‚ مؤخرا‚ لديكتاتور جديد‚ بعيدا عن أميركا اللاتينية‚ يشغل العالم حاليا‚ إنه صدام حسين بما تمزجه سيرة حياته من تفاصيل الحلم والواقع والخيال والأساطير المدهشة‚
يعالج «ماريو» ما جرى وما يجري في العراق‚ من منظور سردي سياسي ناقد‚ في كتاب أصبح الآن‚ الأكثر مبيعا في بلجيكا وهولندا‚ يتناول فيه همه الفطري ككاتب‚ أن يكسر قداسة العالم‚ عبر أعماله التي تفكك صور القبح الإنساني‚ ولإنجاز هذا العمل‚ نظم ماريو رحلة إلى العراق‚ بصحبة ابنته‚ في الفترة من الخامس والعشرين من يونيو‚ إلى السادس من يوليو‚ العام الماضي‚
صدر الكتاب تحت عنوان «يوميات من العراق»‚ لأول مرة‚ بالاسبانية‚ في أواخر العام الماضي‚ ولاقى اقبالا كبيرا واهتماما من وسائل الإعلام‚ وترجم في نصف عام‚ إلى العديد من اللغات الأوروبية الحية‚ بيد أنه لم يترجم إلى اللغة العربية‚ بعد‚
في هذا الكتاب‚ يتحول الروائي‚ إلى آفاق عالم جديد‚ يكون فيه السرد اداة لإعادة بناء عالم أفضل من خلال الكتابة السياسية والفكرية الناقدة‚ ولا يتخلى «ماريو» عن عقلية الروائي‚ حيث يحافظ على أسلوب القص والحكايات‚ من خلال قصص واقعية لشخوص عراقية‚ التقى بها الكاتب‚ وحاورها حول ظروف معاشها‚ ورؤاها للحاضر والمستقبل‚
ولا يعتمد العمل‚ على الشخوص العامة فحسب‚ بل يلقي الضوء على خطوط عالية‚ عبر لقاءات مع شخصيات بارزة ومنها محمد باقر الحكيم‚ في حوار أجري معه قبيل اغتياله‚ بأسابيع قليلة‚
تلفت هذه الكتابة الجديدة‚ في مشروع «ماريو بارغاس»‚ إلى تحول هام في المشروع السردي‚ عندما يتخذ المباشرة والتقرير الصحفي والمقابلات الحية والشخوص الحقيقية‚ بديلا لما هو معروف وسائد في اعتماد النصوص السردية «الروائية» على عالم التخيل‚ والابداع المستخرج من كنز الذاكرة رغم ان الكاتب لم يطلق على عمله صفة الرواية‚
يقول ماريو: بدت بغداد مدينة شديدة القبح في ظل الخراب الذي ضربها في كل مكان‚ رغم شهرتها في الخمسينيات كواحدة من أجمل المدن العربية‚ فالحرب خلفت أنقاضا وحرية‚ لكنها الحرية التي أدت إلى نهب كل شيء «الحرية البربرية»‚
ينتقل ماريو في عمله بين اليوميات‚ والمقال السياسي المباشر‚ وقد ذكر انه كتب العمل بسرعة شديدة‚ وأراد ان يكتب بهذا الشكل‚ كي تكون آراؤه واضحة كما يريد لها - حسب تعبيره ويشير إلى أن السبب الرئيسي وراء رحلته إلى بغداد‚ يرجع لرغبة ذاتية ‚ لاختبار صحة موقفه المعارض‚ للغزو الأميركي - البريطاني للعراق‚
ووصف عدد من النقاد كتاب ماريو الجديد‚ بأنه يقدم صورة عن عراق ما بعد سقوط صدام حسين‚ تتداخل فيه صور الرعب‚ خلال زمن الديكتاتور‚ وذلك من خلال منظور سردي‚ قلما نجده في المقالات والكتابات السياسية‚ التي نطالعها بشكل يومي عن الأحداث في الساحة العراقية‚ في مشاهد تنتقل لترصد الحياة بعين أدق من الكاميرا‚
عماد البليك -
|
|
|
|
|
|