|
سليمان الراجحي.. الملياردير الذي بدأ "حمّال أمتعة"
|
سليمان الراجحي.. الملياردير الذي بدأ "حمّال أمتعة"
--------------------------------------------------------------------------------
لم يكن طريقه مفروشا بالورود، وإنما كان مليئا بالصعاب التي استطاع أن يقهرها حتى وصل إلى قمة النجاح، بدأ حياته العملية طباخا وحمالا ، ليصبح اليوم واحدا من أهم رجال الأعمال ليس في السعودية فحسب وإنما في منطقة الخليج برمتها، وحملت قصة كفاحه التي استمرت قرابة 80 عاماً في عالم التجارة الكثير من العبر، والدروس، والتي ترسم الطريق لكل باحث عن النجاح.
إنه الملياردير السعودي الشهير الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي، الذي يحتل المرتبة الـ107 عالميا في قائمة "فوربس" لأثرياء العالم، والمرتبة السابعة عربيا بثروة بلغت 8.4 مليارات دولار، واستطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية من خلال المشاريع التي طورها وجعلها من أفضل وأنجح المشاريع المتخصصة في نشاطها، ومنها "مصرف الراجحي" الذي يعد من أكبر الشركات المصرفية عربيا وعالميا، و"الشركة الوطنية للدواجن وإنتاج البيض"، التي تعتبر من أكبر مزارع الدواجن في العالم، وكذلك "مشروع تربية الأغنام" في الجوف, ومشروع "شركة الروبيان الوطنية" في الليث، وغيرها من المشروعات الكبرى.
البداية من "الصفر"
ولد الشيخ سليمان عام 1340هـ في "البكيرية" وهي إحدى مدن منطقة القصيم، وتعود أصوله إلى قبيلة بني زيد في نجد، وقد انتقل مع أسرته إلى الرياض بحثا عن الرزق، ولم يكمل الشيخ تعليمه مثل بقية إخوته فقد كان دائم التغيب عن المدرسة، ولم تكن له رغبة في استكمال التعليم، حيث كان مشدوداً لعالم التجارة لذلك اكتفى بما تعلمه حتى السنة الثانية الابتدائية.
بدأ الراجحي حياته العملية في العاشرة من عمره بتجارة "الكيروسين"، حيث لم تكن الكهرباء معروفة في ذلك الوقت، وكان "الكيروسين" يأتي من خارج المملكة في "تنكات" ثم تعبأ في قوارير، وكان يربح من هذه التجارة قرشا أو قرشا ونصف خلال اليومين، وعمل بعد ذلك حمّالاً مقابل نصف قرش في اليوم، وكان الريال في ذلك الوقت يساوي حوالي 22 قرشا، ثم انتقل ليعمل طباخا بإحدى الشركات التي كانت تعمل في مشاريع الدولة، لكنه لم يستمر طويلا، بسبب رفض الشركة زيادة راتبه أسوة بزملائه في العمل.
وفي عام 1365هـ، استقل الراجحي واختار محلاً صغيراً لتجارة "البقالة"، وكانت ثروته وقتها حوالي 400 ريال، وبعد ذلك بخمس سنوات بدأ العمل في مجال الصيرفة، فكان يبيع ويشتري العملات مع الحجاج، وكانت انطلاقته في عالم الاقتصاد عندما عينه أخيه صالح الراجحي موظفاً معه وكان راتبه في ذلك الوقت 1000 ريال.
يقول الراجحي: "إن رأس الإنسان هو كمبيوتر إذا ما استُخدم في التفكير الجاد والعمل الدءوب، وقنوات العمل مفتوحة أمام الجميع تنتظر دخولها"، ومن هذا المنطق استطاع الملياردير الشهير أن يبني ويدير صروحه الاقتصادية، ورغم أن الرجل لم يكمل تعليمه إلا أنه نجح في إدارة موظفيه، والذين يحمل معظمهم شهادات وخبرات اقتصادية كبيرة.
ويعتبر "مصرف الراجحي" من أهم المؤسسات التي يديرها الشيخ سليمان وقد تأسس عام 1957م، ويعتبر اليوم أحد أكبر المصارف الإسلامية في العالم، فهو يدير أصولاً بقيمة 124 مليار ريال سعودي (33 مليار دولار أمريكي)، ويبلغ رأس ماله 15 مليار ريال سعودي (4 مليارات دولار)، ويعمل فيه أكثر من 8 آلاف موظف.
وقد شهد عام 1978م دمج مختلف المؤسسات التي تحمل اسم "الراجحي" تحت مظلة واحدة هي "شركة الراجحي المصرفية للتجارة"، وتم في نفس العام تحويل المصرف إلى شركة مساهمة سعودية قابضة، ويلعب المصرف دوراً رئيسياً وأساسياً في سد الفجوة بين متطلبات المصرفية الحديثة والقيم الجوهرية للشريعة الإسلامية، مشكلاً معايير صناعية وتنموية يُحتذى بها.
ويتمتع المصرف بشبكة واسعة تضم 500 فرع، ولديه أكبر قاعدة عملاء، ويعمل في قطاعات ومجالات مختلفة، وهو ما يزال في نمو مستمر من خلال تنويع مصادر الدخل وتطوير الاستثمارات، كما يواصل المصرف تطوير البرامج والمشاريع المصرفية مع التركيز على توفير أحدث الخدمات الإلكترونية والمنتجات الاستثمارية وأكثرها تطوراً، بهدف توفير خدمات مصرفية واستثمارية مبتكرة، لاسيما الأعمال المصرفية الإلكترونية.
وقد حصل المصرف في الربع الأول من العام الماضي على عدة جوائز من مجلة "يورموني" و"بانكرز" الآسيوية لإنجازاته في مجال مصرفية الأفراد والشركات، بما فيها أفضل تمويل لعدة مشاريع في مجال الطاقة والبنية التحتية والإنشاءات والاتصالات وفقاً لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية ، كما نال المصرف "جائزة الشيخ سالم الصباح" لأفضل موقع لمصرف تجاري في العالم العربي.
وتوسع "مصرف الراجحي" خارج السوق السعودية، ودخل السوق الماليزية عام 2006م، بعد أن مُنح الترخيص المصرفي الكامل للعمل كأول مصرف أجنبي في ماليزيا من قبل مصرف "نيغارا ماليزيا"، وهي الخطوة الأولى في توجه المصرف نحو الدخول إلى السوق المصرفي في جنوب شرق آسيا، حيث تم إدخال المنتجات المصرفية الأساسية إلى السوق الآسيوية، وتوفير تجربة جديدة بالكامل من المصرفية الإسلامية، ولدى المصرف حالياً 19 فرعاً في ماليزيا مع خطط لزيادة عدد هذه الفروع في المستقبل.
ويلعب المصرف دورا كبيرا في الحياة الاجتماعية بالمملكة، فقد وقع اتفاقية مع وزارة الشؤون الاجتماعية تتضمن إعداد البرامج التدريبية والتطويرية للشباب والفتيات، تتيح لهم فرص العمل في المجال المصرفي، كما يتعاون المصرف مع الجامعات النسوية في إعداد دبلومات في مجالات مختلفة، حيث يقوم برنامج الدبلوم بتدريب المرأة لتوفير الدعم اللازم لها لإقامة مشاريع تجارية صغيرة.
وفي مجال الرعاية الصحية تبرع المصرف بما مجموعه 600 جهاز ومُعدة طبية للمرضى المحتاجين لصالح "جمعية أصدقاء المرضى"، إضافة إلى مساهمته في توفير السكن والأثاث للجمعية ضمن مشروع بلغت تكاليفه 4 ملايين ريال سعودي، كما وقع المصرف مؤخراً اتفاقية مع "مدينة الملك فهد الطبية" بقيمة 500 ألف ريال سعودي سنوياً لعلاج 600 مريض ومريضة من الذين يسافرون إلى مراكز أخرى لتلقي العلاج.
ونظّم المصرف أيضاً برامج تعليمية لمنع حدوث العمى بسبب مرض السكري، وقد بلغت قيمة المشروع 4 ملايين ريال سعودي، وخصص المصرف مشروع بناء وتجهيز عيادة لمكافحة التدخين في منطقة الإحساء، بالإضافة إلى تولي مصاريف التشغيل لمدة 3 سنوات، في مشروع بلغت قيمته 4.5 مليون ريال سعودي.
وفي مجال الإسكان تعهد المصرف بالتعاون مع "مشروع الأمير سلمان السكني"، بدفع قيمة 20 وحدة سكنية بين منطقة الخرج والمزاحمية بتكلفة بلغت 6 ملايين ريال تقريباً، وأما في مجال العمل الخيري فقد طوّر "مصرف الراجحي"، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، صندوقاً استثمارياً مخصصاً للأيتام، لاستثمار أموالهم ومن ثم حصولهم على العائد في نهاية الأمر.
صروح عملاقة
تمثل "شركة الروبيان الوطنية" أحد الصروح العملاقة التي أقامها الراجحي، وقد حصلت الشركة على المركز الخامس والعشرين ضمن "أسرع 100 شركة سعودية نمواً" من خلال مشاركتها في "المنتدى الدولي للتنافسية" والذي أقيم بالرياض في مطلع العام الجاري.
وجاء هذا النجاح من خلال المنهج السليم الذي تبنته الشركة للاستفادة من الموارد الاقتصادية التي تزخر بها البلاد، وهي موارد غير قابلة للنضوب مثل مياه البحر والأراضي السبخية غير الصالحة للزراعة واستثمارها على نحو مستدام ورشيد، وإحداث تنمية ساحلية للمجتمعات الريفية، واحتواء أبناءها وبناتها بتوفير فرص العمل لهم، وإنعاش اقتصاديات هذه المناطق الساحلية ورفع إسهاماتها في الناتج المحلي الوطني، وتبني النهج العلمي السليم في الاستثمار، وتوطين تقنيات "صناعة الاستزراع" محلياً من خلال القيام بالعديد من الدراسات والأبحاث والتجارب المتخصصة، واستقدام خبرات دولية لها تاريخها في حقل استزراع "الروبيان".
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد افتتح هذا المشروع عام 2003م، وقام بوضع حجر الأساس لتوسعته العملاقة ليتبوأ الريادة العالمية في هذا المجال، حيث أصبحت الشركة أهم منتج ومصدر "للروبيان" على مستوى العالم، وأصبح هذا المشروع الأوحد من نوعه في العالم.
أما مشروع "دواجن الوطنية" الذي يقع بمنطقة القصيم على مسافة 350 كيلومتراً من مدينة الريـاض، فيعتبر الأضخم من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وواحداً من المشاريع العملاقة على مستوى العالم في مجال إنتاج الدواجن والمواد الغذائية ، ويحتل هذا المشروع رقعة تزيد عن 200 كلم مربع بها قرية متكاملة بأقسامها الإنتاجية، من مساكن ومساجد ومطاعم وطرق ومياه وكهرباء وشبكات اتصال.
وتدير هذه القرية النموذجية كوادر علمية متميزة وكفاءات إنتاجية مدربة، وقد بلغت التكلفة الإجمالية لهذا المشروع مع التوسعة حوالي 3 بلايين ريال سعودي، وتم تجهيز المشروع بأحدث ما وصلت إليه وسائل التقنية العالمية في إنتاج الدواجن، وقد حققت الشركة إنتاجا على مستوى عالمي متميز من الجودة ، وهو ما أهّلها لأن تكون الشركة الوطنية الأولى في مجال إنتاج الدواجن.
وحصلت الشركة على شهادتي ISO 9001)) و (ISO 9002) من "هيئة المواصفات العالمية" كأول شركة دواجن تحصل على هذه الشهادة، ثم طورتها إلى شهادة ( Iso 9001-2000 ) ، كما حصلت كذلك على شهادتي الهاسب (HACCP) و شهادة سلامة الأغذية (SQF) كأول شركة في الخليج والشرق الأوسط تنال هذه الشهادات العالمية.
|
|
|
|
|
|