دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
يحدث في زريبة الفحم
|
يحدث في زريبة الفحم
دقائق وينتهي مسلسل الخوف .. تباعدت الساعات المرحة في حياة عبد المنتصر، رأي نفسه يشبه الببغاء، ويحب طائر البوم، لم يكن في حياته يوما ما منزعجا، أو كان يحس بالاستياء والقلق الذي يبدأ فجأة بلا مقدمات، معتصرا الذات، محولا إياها إلى جحيم لا يطاق. كانت حياة عبد المنتصر غريبة لكنها تشبه حياة الآخرين، غرابتها مكتسبة من طريقته في التعامل مع الأشياء من حوله، بما فيها البشر، الذين تشيئوا بمرور الزمن، وأصبحوا مجردين عن الحس والضمير، وأدرك الرجل أن طريق الوحدة هو أفضل الطرق لبناء المجد الإنساني عندما لا يوجد سواه من طرق لتحريك الحياة الجامدة الغير مستقرة. لماذا أحب طائر البوم ؟ لسببين لأن البوم عند كثير من الناس ينبئ بالشؤم، وهو يحب أن يخالف ما اعتاده البشر من طرق الوعي، وثانيا لأن البوم في نهاية الأمر مجرد طائر لا حول له ولا قوة يمكن القضاء عليه ببساطة، وهو متعاطف معه فالناس تكره ما هو خير، في عالمها الملوث بالأنانية والأكاذيب. قبل عامين سافر عبد المنتصر من بلده الريفي إلى العاصمة بحثا عن عمل يفتح له آفاق السعادة، ويوسع له أبواب الرزق الحلال، لكن سفره كان بداية لمتاعبه وكرهه لحياة الآخرين وحياته، فالذين تعرف عليهم في أغلب الأحوال منافقون ومزيفون لا يعترفون بالأخطاء ولا يملكون ضمائر الرجال، والنساء كن يبحثن عن الدراهم بمتعة مؤقتة، بعن شرفهن القديم في طرق المدينة الوعرة.
كان له صديق واحد تعرف عليه في السوق، لكن الصداقة لم تستمر لأن الرجل تمرد عليه في لحظة صفاء كما ظنها عبد المنتصر، كانت في حقيقة الأمر لحظة انتصار للقوي وانهزام للضعيف البائس وهو عبد المنتصر، جلسا في ليلة بلا قمر وراء سور سوق الفحم حيث يعملان سويا، وحكى عبد المنتصر لصديقه واسمه الوزان معانته، أباح له بما في صدره من غيظ وتوجس من الأيام المقبلة، " الريس رفض أن أحمل جوالين على ظهري " .. قال لي : " أنت تريد أن تغير قوانين سوق الفحم ".. " يا سيدي الريس .. أنا أريد أن اكسب الوقت .. أليس الوقت من ذهب .. أليست هذه الطريقة جيدة لأن نكسب أموالا أكثر للسوق .. بدلا من أن نرفع مائة جوال في اليوم.. سنرفع مائتين على الشاحنات "..
سمع صديقه القصة وتظاهر بمجاملته، ثرثر معه عن الظلم وعن حب بعض الناس ، خاصة إذا ما كانوا رؤساء على الآخرين، في قتل جهود المخلصين، قال له : " لو كان الريس قد برر الأمر بقلقه على صحتك وخوفه عليك .. لصدقت .. ولكن كان سببه واهيا ... ماذا يعني أن تتغير قوانين سوق الفحم .. وهل هي منزلة من السماء".
عندما أصبح الصباح، تحول صفاء المساء لجنون من نوع فريد، لكنه ليس غريبا على سوق الفحم أبدا، كان الوزان قد دخل على مكتب الريس القائم تحت الشجرة، وأخبره بالأمر، وكان كلام الليل قد محاه النهار، ولأن الريس ذكي ويعرف كيف يدير الحيلة، فقد سكت، لم يحدث عبد المنتصر بالأمر، ولم يقل له أنت قلت وقلت ، لكنه غير طريقته معه في التعامل، أصبح لا يهتم بشأنه كثيرا، وصار يشعره أمام الآخرين بأنه عديم الفائدة. شعر عبد المنتصر بالأمر، فكر في أشياء كثيرة منها أن يغادر سوق الفحم لسوق أخر، وقال لنفسه في ساعة وجع :" هل هو سوق الفحم الوحيد الذي خلقه الله في المدينة .. حتى أظل رابطا نفسي لجذع شجرته "... تحرك خفية هنا وهناك، زار أسواق المدينة، سأل عن أجر الحمالين، كل الأجور بائسة، قال له ريس سوق الفحم الجديد القائم قريبا من نهاية المدينة غــــربا : " تعال معنا ... سأعطيك ضعف ما يعطيك له سوق الفحم القديم "، كان قد سمع بمواهبه الفذة في حمل الجوالات دون كلل أو ملل، ومقدرته على السير في الليالي المظلمة دون أن يعثر أو يقع الجوال من على ظهره أبدا ، وهذه ميزة مهمة في تهريب بعض البضائع من سوق الفحم وإليه، فليست كل أسواق الفحم تبيع وتشتري الفحم، هناك أشياء أخرى تباع وتشتري.
وافق أن يكون تحت لواء الريس الجديد، لا أوراق ولا عقود، الاتفاق بين الرجل بالكلمة، والرجل لا يغير كلمته، وهذا أول خطأ ارتكبه عبد المنتصر، فعندما حل أخر الشهر قبض نصف ما كان يقبضه في السوق القديم، قال له ريسه الجــديد : " أنت تعرف الأحوال ... ألم يكن هذا الشهر سيئ الربح .. الشهر القادم سوف تنال الخير الكثير.. لا تخاف وأنت إلى جواري "..
كان ريسه الجديد ممتلئ الجثة، يمتلك عشرات الفدانات من عقارات المدينة، يبيع ويشتري في كل شيء، حتى ضمائر الناس، وقبل عام تزوج وقبل شهرين تزوج وطلق ، وهو الآن مقبل على الزواج من جديد، يدخل السوق فترتجف الأفئدة، وتهتز رموش الرجال، ويبول البعض واقفين على سراويلهم الوسخة، ينتفض كالنسر ويقلق كل من يعمل معه لحظة دخوله لسوق الفحم، " أين كانت هذه الأمور، لماذا لم تعرفها منذ البداية ".. هكذا كلم عبد المنتصر نفسه وهو يمشي، ويجلس، ويقف، بعد أن بدا ظهره في الانثناء وهو لا يدري، وفي ليلة داهمه الوجع، فسقط على الأرض مغميا عليه، حتى دخل عليه أحد رفاقه في السوق، " ما فعل الله بك يا عبده " .. لم يسمع عبد المنتصر له، وقد سمعه، لم يتكلم، ولم يحرك جفنه، تظاهر بالغيبوبة، عاشر الصمت للحظات طالت، رشه الرجل بالماء، لم يقم، بدأ يراجع من تحت العينين المغمضتين أحلامه المؤجلة، وماضيه الملئ بالتفاؤل، كانت أمه تريده أن يكون طبيبا ماهرا يداوي جراح الآخرين، وحمد الله في سره أن ذلك لم يكن لأن الآخرين لا ستحقون على أية حال، فلتمتد جراهم طوالا وعرضا،.. رأي أبيه الذي مات وهو يحمل الماء بعربته التي يجرها الحمار في الحي، كانت لحيته قد ابيضت، وعيونه قد احمرت، قال له : " قم يا بني ولا تلتفت للوراء ... ستصل إلى مرادك "..
لم يكمل تعليمه، لأن الفقر حاصره أسرته وأقلق مستقبله، احترف مهنة الحمال، فقد منحه الله ظهرا يحسد عليه في قوة التحمل، وبعد أن ضاق الحال، ذهب إلى العاصمة، لكن الأمور سارت لما كان..
استيقظ في الصباح الأول لوقعته الأولى في حياته، كانت العين قد أصابته وحسد الآخرين قد حاصره، وفق وحيدا وسط الساحة في سوق الفحم، لم يأتي الحمالون بعد، والريس لا يأتي قبل منتصف النهار، تأمل جوالات الفحم المرصوصة، وفي أركان من الزريبة كانت أكياس صغيرة قد خُبأت، ماذا فيها " الله أعلم "، لكن رفقاء الريس ومن حوله يعلمون، فقد ارتفعت عماراتهم في سماء الخرطوم، حمالو الفحم صاروا ملوك الزمن الجديد، تمطى يمينا وشمالا، بحث عن عود الثقاب في جيبه وجده، أخرج علبة الثقاب، قدح العود، كانت الزريبة قد اشتعلت، وبدأ يوم جديد مات خسر فيه الريس ملايين الجنيهات، وهرب عبد المنتصر إلى مدينة جديدة، باحثا عن العدل.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: يحدث في زريبة الفحم (Re: emadblake)
|
سلامات الحبيب بليك حدثني بعد الحريق ترى هل سيجد عبدالمنتصر نبراسا يتقد عدلا ام انه صار مثلنا ترقبه المطارات التي تضج قدامنا وورانا فاصبح مدمن ارتحالات بين الروح والواقع تنافس طويل ليته ينته بالتعادل فنتائج كل المباريات اصبحت مخيفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحدث في زريبة الفحم (Re: emadblake)
|
العبرة و العظه التي نستلهمها من القصة هي الاقتناع و القناعه و التروي و هذا ما ينقص الكثيرين...كان أحد أجدادي من التجار رجل ذو رأي علي الرغم من قلة تعليمه..عندما رأي أحد اخواني يحاول ان يحترف مهنة التجارة و لم يثبت فيها علي شيء...فهاهو اليوم يبيع ملابس و غدا محاصيل و بعد غد ادوات كههربائية اخذه جانبا و قال: يا ابني الاسم في السوق ما بسوهو بطريقتك المطرطشة دي...يا ابني اقعد في بكانك ده و بيع ابر...و ما تعمل حاجه غيرها بس بيع ابر....بعد يومين الابر لما تكمل من السوق ح يجي يفتشو ليك و يقولو وين فلان بتاع الابر و دي الطريقة الوحيدة الممكن تعمل ليك بيها اسم و ثروة و ابدا ما بهم كسبت كم في البداية
عليالعموم ازيك يا عمده و مشتاقين جدا جدا و اتمني ان تكون اخبار اخونا ود الربيع بخير ...بالله عليك بلغه التحايا...و بالمناسبة دي انا جيت زيارة سريعه لقطر لم اتمكن فيها من الاتصال بكم فلم امكث اكثر من 48 ساعه لغرض معين..اتمني ان تتاح لي الفرصة و اقبلكم قريبا ان شا الله
لك التحية علي القصة المعبرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحدث في زريبة الفحم (Re: emadblake)
|
كم منا يا قليبي المهضلم تمنى أن تكون له شجاعة هذا الرجل لكن هل وجد العدل وهل ثمة عدل في عالم بلا خرائط كما عبر عنه جبرا ابراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف
أخي ود رملية
المساخة التي نحاول أن نجتذب فيها شارة بقائنا تحترق بتمزقنا ونحن نبحث عن الجدوى
الأستاذ الموصلي
هو فضل فيها خشب ما كل مراكب الشوق إحترقت وما بقت إلا مركب الـــ
أنت عارف الجواب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحدث في زريبة الفحم (Re: emadblake)
|
سلامات البليك صدقني برغم جهلي لما آل اليه حال هذا الـ عبد المنتصر الذي لم يتذوق معني اسمه البتة ولكن دائما بوارق الامل تاتي كالطلق نكثر الصراخ وتتلبد هي بين الدياجر لتطل ولكن هل تري سنصمد حينها عند اكتمال شارة بقائنا ام سنصاب بالفرحزان للقدوم اولا والثانية للتاخير مطلق مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: يحدث في زريبة الفحم (Re: emadblake)
|
عماد كيف الاحوال اوعك تقول الزول دة زفانا لغاية الباب وزاغ، الزحام يبتلع حياتنا، صباحا ندرس اللغة، لا نشعر باعراض حياة جديدة بقدر ما يعيد الينا المشهد ونحن نجلس وسط(الشفّع)في الحجرة الواسعة التي تسبح في ضوضاء الربيع المخيم في الخارج ذكري المقولة الرائجة: بعد ما شاب ودو الكتّاب، في فترة الظهيرة نبحث عن عمل وفي عطلة نهاية الاسبوع تستغرقنا المجاملات : عرس ، سماية، وفاة، كما تعلم نحن اينما حللنا لا نتوقف سوي بضعة دقائق نستعيد فيها انفاسنا لحظة ابهار الضوء الاولي قبل ان نستأنف نفس حياتنا، نستورد من بلادنا كما يقول د.حيدر ابراهيم وكما نري بأنفسنا: التمباك والويكة والشطة والشرموط، بل ان احد الاصدقاء عرض علي بفخر زجاجة بيبسي معبأة في الوطن! شربنا منها بضع قطرات بالتجيل الائق بماء مقدس، لها نفس الحياة في الوطن: شهية رغم المرارة الخفية في حوافها أعجبتني جدا قصة عبد المنتصر ، لغة شاعرية هادئة وحكي مؤثر، كنا علي ثقة انك ستضخ كثيرا من الحياة في شرايينا، الي الامام
| |
|
|
|
|
|
|
|