|
حدث فاتنا الإحتفال به!
|
احتفال خاص! وسط صور الموت والدم‚ التي نتوقف معها يوميا‚ لا نكون قادرين على التسامح مع لحظات لا تتكرر في التاريخ الانساني‚ بعيدا عن كل مشاعر البغضاء‚ التي تنتهك صدورنا الضيقة ‚‚ أعني وبشكل مباشر الانجاز الذي تحقق للإنسانية جمعاء قبل ثلاثة أيام عندما أرسلت المركبة «كاسيني» أولى صورها الى الارض‚ عن كوكب زحل‚ بعد رحلة قطعت فيها 3‚5 مليار كيلو متر‚ منذ الانطلاقة الاولى‚ في اكتوبر عام 1997‚
التوقف مع هذا المشهد‚ والغوص داخل أبعاده العميقة‚ يكشف لنا تصورات محفوفة بالخوف والرعب‚ عن مستقبل علاقة الانسان مع الكون‚ هذه العلاقة الجديرة بالاحترام والقراءة الدائمة‚ بين انشغالاتنا المتكررة بأفكار الكراهية والصدام والقهر والطحن للذات والآخر‚
وخلال زمن وجيز من مسيرة التاريخ البشري استطاع الانسان ان يحقق انجازات عظيمة‚ على مستوى التنظير والتطبيق‚ بيد أن الانسان والى الآن حقق النجاح الاكبر في امكانية سيطرته على الاشياء من حوله اكثر من قدرته على ضبط الذات وإزاحتها نحو ان تكون أكثر تعايشا مع خواصها والانتماء للذات الكونية‚ مع استمرار مشاهد الرعب والجوع والمرض والانانية والتسلط والدمار‚
لهذا‚ فإن مشهد الابتهاج الذي غمر علماء «ناسا»‚ عندما انتهت رحلة «الشاحنة الفضائية» الى كوكب زحل‚ كان من الممكن‚ ان يتحول الى احتفال كبير‚ تبتهج فيه كل شعوب الدنيا‚ لولا رغبة الكائن البشري في تطويل مسلسل العنف والتطاول على الذات‚
واكتفت نشرات الاخبار بأن تنقل صور المسبار‚ والكوكب الساحر‚ بعد ان سردت صور الكراهية‚ ليكون الحدث مجرد طرفة ممتعة تهدف للتسلية‚ ولو توقفنا مع ما جرى بعمق‚ لرأينا نتائج خطيرة مترتبة على ما حدث‚ خلال - ربما سنوات - قادمة‚ لن تطول‚ ويكفي الانتباه لأمر واحد‚ يتعلق بالحواف الحادة التي تحيط بزحل‚ والتي وصفت من قبل العلماء بانها امر غامض بشكل كبير‚ لأنها مجهولة‚ من حيث آلية تكونها‚ وهو ما يخالف قواعد شبه راسخة في مفاهيم الفيزياء وأسطورة الشكل الدائري والانسيابي‚ عماد البليك نشر بالوطن بتاريخ 5 يونيو 2004
|
|
|
|
|
|