"خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 10:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عماد البليك(emadblake)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2009, 02:46 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات



    خيارات أخرى لحياة لم تكتمل

    1

    تقع بلدتي بجوار النهر، وليس في ذلك سر! السر الوحيد أنني لا أجيد السباحة. بل لا أفهم فيها مطلقا.. كانت أمي تخاف علي فمنعتني بوصفي الابن البكر من الاقتراب من بوابات الموت. وقد كان الماء المندفع من الجنوب سببا للموت. الآن وأنا أعيش في بلدة محاطة بالمياه من الجهات الأربعة تقريبا. وأنا أرى نساء ورجالا يسبحون بكل سهولة بما فيهم ابني، يقلبون اجسادهم شبه العارية في الماء.. تمتلكني حسرة كبيرة. بوصفي رجل على أعتاب الأربعين لا يفهم لغة الماء.
    كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلا، وثمة شخوص يتحركون من بعيد في المكان. على الشاطئ. وسفن تقترب من بعيد تذكرني برواية "السفينة البيضاء" لجنكيز اتماتوف والتي قرأتها في سنوات المراهقة، وأنا أحلم وقتها أن أصبح طفلا على شاكلة بطل تلك الرواية، قادرا على عبور البحر لكي أصل إلى سفينة قادمة من بعيد تحملني إلى مكان آخر في هذا العالم. غير ذلك الذي ولدت فيه. غير هذا الذي أعرفه. مكان ليس بالضرورة أن يكون هادئا. فلا هدوء في العالم. ولكن بالضرورة . لابد أن يكون مسرحا لمغامرات أخرى غير التي آلفتها. فالأشياء هنا مملة. اقصد انها مملة في تلك الفترة. وهي بالمناسبة مملة الآن. فالملل مفردة قاموس حياتي المرهونة للغموض دائما. غموض كهذا الماء الذي كشفت السفينة عورته الليلية، فتدلى منها رجل بنزق إلى الماء وهو يصيح.. ربما كان ضاحكا.. ليس بإمكاني أن أميز شيئا من على البعد. يكفييني أن أمارس هوايتي في التأمل وفي التخيل المستغرق في وضع الأحداث الواقعية في سياقات جديدة. غالبا ما يكون ذهني هو موجدها. غالبا ما تستغرقني لدرجة أنني أصدقها........

    (عدل بواسطة emadblake on 06-09-2009, 02:48 AM)

                  

06-09-2009, 03:01 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)




    هل هذه اللحظة العابرة من حياتي... وأنا بجوار البحر ليلا.. هي لحظة صحيحة... واقعية... حادثة فعليا؟ أم أنني أتخيلها؟ فلربما ما زلت ذلك المراهق الذي يقرأ رواية "السفينة البيضاء" والذي توقف فجأة. ربما وضع الكتاب أسفل السرير.. أو على صدره.. أو ذهب ليتوضأ فيصلي أو نادته جدته لمساعدتها في الامساك بالدجاج حتى لا يفلت من القفص..
    أتوقف فجأة. أتذكر أنها واقعية.. هذه اللحظة.. نعم أنا هنا.. وذاك ابني يقفز في الماء.. وتلك زوجتي تمص قصب السكر علامة على الحنين لوطن فقدناه قبل عشر سنوات.. ربما أكثر... بقليل.. تذكرت واقعية اللحظة لأن جدتي كانت لا تؤمن بالأقفاص.. كانت امرأة من قبيلة جان جاك روسو وغرامشي أولئك الباحثين عن حرية كل شيء.. حتى الحيوانات الأليفة.. لهذا كانت نظريتها في الحياة: دع كل شيء في مكانه الطبيعي وسوف يكون سعيدا..
    الآن فقط وأنا أسترجع عباراتها هذه.. كأنني أشعر بأنني لست في مكاني الطبيعي.. رغم سعادة ابني وربما احساسه بالغرور انه يستطيع تصور بلد لم يره من قبل.. هو في الثامنة من عمره ويستطيع أن يتحدث الفارسية بطلاقة... ويفهم في مضامين الثورة الخمينية وآخر ما تبثه الفضائيات عن المشروع النووي الإيراني.. كذلك يفهم في الفرق بين الشيعة والسنة.. وغيبة المهدى الكبرى..
    نحن إذن في إيران.. عذرا نحن هناك منذ عشر سنوات.. لكن في هذه اللحظة أنا وابني وزوجتي في رحلة خارجية... إلى قبرص.. لأن امراة خرجت من الماء بنصف جسد حورية ذكرتني أنني جئت إلى هنا قبل سبع سنوات لأنشر كتابي الأول عن "فلسفة ماني".... وهو الموضوع الذي شغلني لفترة طويلة قبل أن انجزه كرسالة دكتوراه في جامعة السوربون قبل أن أشق طريق عائدا إلى طهران...



                  

06-09-2009, 03:23 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    طهران.. ماني.. المهدي.. السوربون.. السودان.. النيل... مفردات تعبر في ذهني دون أن أقدر على تحديد علاقتي بأي منها.. وكأنني أعيش خارج اللحظة.. وفي كثير من الأحيان – كما أخبرتكم – أفقد بوصلة علاقتي بالزمن، بالحضور فيه. متخيلا نفسي أعيش بروح حيوان أليف تم اغتياله على يدي في حياة غير هذه. تأخذني الفكرة لأن المانوية – نسبة إلى ماني – كانت قد تغلغلت في تفاصيل كثيرة من طريقة نظرتي للحياة، فقد كان ماني وأتباعه يؤمنون بأن من يقتل حيوانا أو نباتا يعاقب بولادته من جديد على هيئة الشيء الذي قتله.

                  

06-09-2009, 03:32 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)


    مرة قالت لي زوجتي بعد خلاف بسيط حول أين نسهر في الليل؟... بغض النظر عن الخلفيات وما انتهى إليه الليل.. فقد سمعتها تناديني وأنا أتقمص روح سمكة: "أين أنت شارد الذهن؟... تأمل وجهك كم يبدوا غريبا هذه الليلة.. أعرف أنك ترغب في النوم المبكر.. لكن تذكر أن السمك لا ينام؟!"
    أدرك أنها كانت مخطئة فالسمك ينام.. ولكن لأنه ليس له جفون فيبدو كما لو كان مستيقظا، له فقط غشاء رقيق يحافظ على عينيه، لكنه إذا نام في قاع البحر ظل مفتوح العينين.
    اختارت ميرامار – اسم زوجتي – مجاز السمكة.. لأنها سمعتني أحدثها كثيرا: أنني أتمنى لو أنني خلقت سمكة.



                  

06-09-2009, 03:39 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)


    لن يمنعني صراخ الرجل الذي هوى إلى الماء من السفينة، من الاستغراق في فكرة كوني سمكة.. وأنني وقعت في شباك صياد عظيم كذلك الرجل العجوز في رواية "الشيخ والبحر" لأرنست همنغواي.. لكن هذا الصياد كان عطوفا وطيبا – هكذا تخيلته في البداية - فآثر أن يحررني ويصنع خلاصي قبل أن أموت في اليابسة.. بعد أن عرف أو تذكر أن ماني سوف يحوله لسمكة ساعة يموت.. وربما وقع في شبكة كالتي وقعت فيها.. فكّر في العقاب فرمى بي في الماء مرة أخرى.. وسبحت.. سبحت كما لم أسبح من قبل.. وأنا في غاية السعادة... أنني سمكة حرة تسبح..

                  

06-09-2009, 03:57 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    أنقذني – طاهري - ابني من تخيلاتي، وهو يقول لي: "أنظر أنهم يحاولون إنقاذه".
    كان الضوء شحيحا. في حين بدت قبرص في الليل مغلفة بالصمت إلا صراخ ذلك الرجل الذي كان يحاول الانتحار.
    أخيرا أخرجوه بملابس مبللة ووضعوه عاريا على الشاطئ وهم يتناوبون على تفريغ الماء من بطنه وهو يتنفس بصوت عال. غير قادر على الكلام.. وأخيرا نطق: دعوني أموت!
    اقتربت منهم.. وكم كانت دهشتي عندما رأيت الرجل. حتما في الدنيا صدف وغرائب. ولكن أن تصل إلى هذه الدرجة فهذا عجيب جدا. إنه أخي، شقيقي. بلال الذي لم أره منذ غادرت السودان قبل تلك السنوات.
    في البداية لم أصدق.. وتخيلت أنني أنا الذي انتحر بدلا عنه. وصرخت: أي حياة هذه وأي وطن ذلك الذي يفرقنا لنجتمع على شاطئ بلد بعيد، في لحظة موت !


                  

06-09-2009, 04:04 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    عندما فتح عيناه الصغيرتان كعيني كجرذ، كنت (أنا السمكة) قد قررت العودة إلى موطني (الماء).. للحظة لم أفكر فيها جيدا.. ولم أتذكر أنني لا أجيد السباحة.. أو أن ثمة ما يخفيني..
    كان قراري الموت... فبلال كان شاحب الوجه، نحيلا، غادر ضحكته المكتومة وأنفاسه المشرقة بعبير صباحي كذلك الذي نشتمه على ضفاف النيل في أوان الخريف... ورأيته يتمشى تحت ظلال الأشجار البائسة في بلدي في سنوات طفولتنا.. كأنه أخي الأكبر.. رغم أنه أصغر مني.. لقد أخبرتكم أنني البكر.. كان يقول لي: "لا تمشي من هنا.. تعال.. لف يمين..".... تتناثر الكلمات في دماغي وأنا أشعر بالضيق... في حين اقتربت من الماء تماما... وفي حين اقتربت أكثر من يد من بينهم يد بلال نفسه لتجرني إلى الرمل.


                  

06-09-2009, 04:08 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    صرخ" يا أخي لا تغرق.. فالحياة لم تكتمل بعد.. ثمة خيارات أخرى"
    شعرت براحة نفسية وأنا أضمه إلى صدري.. كلانا مبللين بالماء.. كلانا غارقين في الأمس لا شيء يرهننا للحظة سوى جسدين متعانقين.. في حين كانت زوجتي وابني وكل الحضور قد اعترتهم الدهشة...


                  

06-09-2009, 04:13 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)




    تداخل الأمس مع اليوم مع أزمنة لم تولد بعد... أحسست أنني سمكة فعليا قادرة على الطيران. رأيت أبي يسير في أزقة البلد عائدا من دكانته في آخر الليل.. سمعت صوت مذيع الـ بي بي سي يعلو من وراء الحائط الذي يفصل بيتنا عن بيت جارنا منصور التكروني الذي كان يترك المذياع مفتوحا إلى الفجر... وهو يحلم بالعودة إلى بلاد الهوسا... لكن الدنيا تظل مجرد أحلام.. ورأيت جدتي تسرح بغنمها في بضع أعشاب نمت وراء النهر الذي آثر أن يستحي من ضجيجه ويعود إلى مجراه.. ورأيت حمد العربي يطارد صبية الحي بعصا غليطة من شجر المسكيت يحاول أن يحشرها في مؤخرة أحدهم.. لشيء في نفسه.. وكما لو أنني رأيت بلال يكلمني في لحظة كانت حقيقة مائة بالمائة: "هل ستفرقنا الحياة ذات يوم؟"



    (عدل بواسطة emadblake on 06-09-2009, 04:14 AM)

                  

06-09-2009, 04:21 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)


    كانت أمي تقول: "الدنيا مجرد حلم".. ولم أدرك معنى هذه العبارة إلا الآن.. الآن فقط تعمق فلسفتي "المانوية" بأن الحياة حلم كبير وعلينا أن نعيشه، نتمزق، نفرح، نتألم، نضحك، نبكي، نتوجع، ندور، نعود... نكون نحن كل شيء.. كل الكائنات.. جرذان.. أسماك.. عصافير.. ضفادع ليلية.. خراف .. عقارب.. سحالي.. قطط.. ثعالب مهلوسة.. أشجار على هيئة المسكيت، النيم، اللبخ، السمر، النخيل، الدوم، الطلح... ياه....
    لساعة كاملة ونحن عائدين إلى الفندق الذي نقيم فيه يصحبنا بلال، لم يتكلم أحد.. ميرامار وطاهري أدركا السبب.. لم أقل لهما غير كلمة واحدة "أخي".. فهما لم يرغبا في إثارة المزيد من الجرح.. أما بلال فكان كمن يبكي لكن لا أثر للدموع.. وأنا أقود السيارة التفت إليه من دقيقة لأخرى لأراه ساهما في مكان بعيد.. كأنه ليس هنا..


                  

06-09-2009, 04:29 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    أخيرا نطق قائلا بحرقة وألم: "لم تحضر جنازة الوالد.."
    لم أتكلم.. كان عيبا كبيرا... ولكن ماذا أقول...
    وأردف بحرقة أشد: "الوالدة كانت تنتظرك بفارغ الصبر.. قبل أن تجن"..
    "جنت والدتي..............!!!"
    استحيت أن أساله.. "وهل ماتت أم لا؟!"..
    لكنه لم يتركني استرسل في فكري، قال لي: "اشباهك لا قيمة لهم، مهما فعلوا.. تظن أنك بروفيسور محترم...."
    لم أتكلم.. ولم أفكر.. واحتسبت دموعي في محاجرها غير قادر على أي قرار تجاه أي فعل في الحياة.. وكدت أن أنحرف بالسيارة فجأة عن الطريق... لأسمع ميرامار تصرخ في بلال: "أيها الغبي كفى... عندما نصل إلى الفندق قل كل شيء... الذي يموت لن يعود مرة أخرى"...
    هل كانت ميرامار طوال سنوات زواجنا بكل هذه القسوة؟!... لم أفكر في ذلك إلا الآن، خاصة بعد أن صرخت مجدداً: "وأنت أيها الغبي... فكر في حياة ابنك إذا كانت حياتك لا تهمك"...


                  

06-09-2009, 04:38 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)




    أوقفت السيارة على حافة الطريق.. رغم أنه مكتوب المنطقة يحظر فيها الوقوف فالشارع ضيق من الجانبين.. وفتحت الباب بعصبية، ودون أدنى تفكير... كنت قد اندفعت في بكاء حار... ومن جديد كان بلال يحتضنني... احتضنه.. في حين ظلت ميرامار في السيارة تصرخ.. وطاهري كان غير مشغول بما يجري ...

                  

06-09-2009, 05:06 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    - 2 –

    كانت العجوز تصرخ، عندما قيّدها اثنان من الرجال، وأخذاها إلى الحجرة وأوصدا الباب جيدا بقفل قديم. لكن الباب الموصد لم يمنع من سماع صوتها في الخارج. صوت مبحوح باك. كأنه قادم من حياة أخرى، أو كهف عميق في باطن الأرض، أو من أعماق النهر.
    بالطبع لم يكن بلال من الرجال الأقوياء فجسده هزيل للغاية. لهذا اكتفى بدور المتفرج على مشهد سجن والدته المجنونة. بعد أن وافق أخيرا على بقائها بمفردها في الغرفة. فالأيام التي مضت كانت مقلقة جدا. بعد أن أصبحت العجوز تتجول في الأزقة جيئة وذهابا، حتى تصل إلى السوق وتعود عن طريق السكة الحديد إلى البيت القديم الذي ولدت فيها ابنها البكر. ثم تنحدر عبر الخور الجاف فهذا ليس موسم المطر. وطوال هذه الرحلة التي تستغرق خمس ساعات إلى ست إلى سبع.. كان أهل البلدة من العجائز وبقايا الأرامل والمتسولين الذين لا يجدون من يعطف عليهم... كانوا ينظرون إلى امرأة عارية كما خلقها الله. وهي تسرح دون أن تتوقف لصوت عابر أو مناد.. يحدث ذلك دون أن يتدخل أحد من المارة ولا الشرطيين الصغار من الأولاد الذين تركوا المدرسة ووجدوا حلم حياتهم في اعتلاء ظهر السيارة الكومر القديمة وهم يتباهون بذلك الفعل.. انهم قادرون على امتلاك سيارة... حتى لو أنها ليست ملكهم أو ملك للإنجليز الذين حكموا البلد قبل أكثر من خمسين سنة.. أو حتى لو أن السيارة تتعطل كثيراً فيمارسون فيها هوايتهم في المكننة.. والتباهي بأن فيهم من أصلح العطل الفني...



    (عدل بواسطة emadblake on 06-09-2009, 05:09 AM)

                  

06-09-2009, 05:23 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    نسجوا حولها الروايات... وأصبحت أحاديث العصاري للرجال العجائز الجالسين فوق دكك الطوب المغطى بالزبالة، محورها: الحاجة زينب بت المبارك.. التي كانت المرأة العفيفة، والتي صارت أجرأ خلق الله بجنونها... ولم يكن لبلال سوى سماع أطراف حديثهم والهرب بسرعة حتى لا يسمع الباقي، كما كان عليه أن يتخير الأزقة والشوارع حتى لا تصاده عين وأخيرا قرر أن يترك البلد... لكنه تراجع عن قراره، لأنه لو فعل ذلك كما أخبر نفسه: "سوف يكرر نفس التاريخ مرة أخرى... وسوف تصبح حكاية عائلته على كل لسان إلى يوم الدين".
    وما كان أمامه من حل سوى الحل الذي طرحه له جبارة ولد جاد النبي، ذلك الرجل الذي كان فيه خير رغم ما يقال عن سوء خلقه وأدبه، بظن بلال.
    فقد اقترح على بلال:"اسجنها وتوكل على الله... إن لم تفعل ذلك فسوف يأتي شباب الكومر ويلقون القبض عليها".
    كاد بلال أن يسأله: "لقد تركوها طوال الشهور الماضية.. فلم يقبضون عليها الآن؟!"..
    لكنه قبل أن يسأل سمع الرد من نفسه، وهو نفس ما قاله جبارة: "لا تنس أن السيد الرئيس سوف يزور البلد بعد يومين ليتلقى البيعة... ولا أعتقد أنه سيتلقى البيعة من امرأة....!!"..
    وانفجر جبارة ضحكا ليكشف أن حسن الظن به غير في محله في بعض الأحيان... وهو ما أغاظ بلال لكنه صمت وارتضى أن ينفذ الفكرة.. وبالفعل اشترى حبلا متينا في الظهر، وقبل أن يدخل العصر كانت العجوز في الغرفة سجينة تنتحب، بعد أن كان جبارة أحد الرجلين الذين منحهما الله بسطة في الجسم ليعلنا نهاية حقبة من تاريخ العائلة الأسود كما عبر جبارة نفسه عن ذلك بصوت مسموع للجميع ممن تجمهروا لحضور الحدث التاريخي في بلدة لا جديد فيها، قال لهم: "الآن يغلق التاريخ بابه على مرحلة سوداء.. والله أعلم ما الذي يحدث غدا..".. كان يتحدث بلغة عربية فصحى، بشكل تلقائي ودون تعنت، ولذلك قصة لا مجال لها هنا...

    (عدل بواسطة emadblake on 06-09-2009, 05:29 AM)

                  

06-09-2009, 05:34 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "خيارات أخرى لحياة لم تكتمل " - رواية في حلقات (Re: emadblake)



    - 3 –


    "لست أنا سمكة قطعا"، قال البروفيسور النصري لنفسه وأردف: "على أية حال فإن الأسماك فيها من الكرامة ما لا عند البشر"... قال ذلك.. وهو غير متأكد من المعلومة الأخيرة، هل فعلا أن السمك له كرامة فعلا؟ ... ولم يكن دماغه يعمل بشكل جيد ليفلسف الأمر كما تعود، أو يراجع الإنترنت فيكتب على جوجل "سمك + كرامة"... ليحصل على نتيجة مفيدة... أو على الأقل يستعين بذاكرته التي تعبت كثيراً أيام السوربون وهي تقلب في الكتب بحثا عن ما للحيوانات من خواص البشر، وما للبشر من خواص الحيوانات.. حتى يثبت بوجه ما أن "النبي ماني" على حق..





    --- أواصل لاحقا ----------------------
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de