وصفة للخروج من الغيبوبه :د عبد السلام نورالدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-30-2014, 06:01 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وصفة للخروج من الغيبوبه :د عبد السلام نورالدين

    يبدو ان السودان الشمالي والاوسط والجنوبي، لم ينعم بالاستقرار، منذ سقوط السلطنة الزرقاء 1505ـ1820، تحت سنابك الغازي المصري التركي 1820م، وهزيمة سلطان دار فور ابراهيم حسين في موقعة منواشي 1874م. وقد جاءت الهزيمة على يد النخاس المعتمد لدى اسرة محمد على باشا، الزبير بن رحمة، الذي كان يحارب بالاصالة عن نفسه وبالوكالة عن دولة والي مصر، والتي انعمت عليه بلقب ورتبة الباشوية للخدمات الجليلة التى اداها لها. فامدته بالسلاح الناري الفتاك، والمجهول لدى القبائل النيلية آنذاك، فاقتحم به مجاهل الغابات الاستوائية، واجتاح السلطنات المسلحة بالعصي والحراب والكرابيج والسيوف والسهام في دار فور ووادي وباقرمي لادخالها تحت هيمنة الباشا محمد علي، الذي اعد نفسه لبناء وقيادة امبراطورية ضاربة تمتد من افريقيا الى الشرق العربي الى حدود الباب العالي في الاستانة. لم ينعم هذا السودان منذئذ (وحتى هذه اللحظة التي تنداح فيها دوامات الحروب الاهلية دوائرا لتتسع بانتظام) بقسط من الاستقرار الاداري والسياسي ليتفرغ الى تنمية قواه البشرية والطبيعية، فيما ظل الاستثناء الفاقع اللون في خضم ذلك الاضطراب تلك المفارقة الهازئة التي تؤكد باستفزاز ان الاستقرار الاداري والتنمية الاقتصادية والتعليمية المحدودة التي شهدها السودان في تاريخة الحديث قد اتفق لها ان تتحقق على يد الاستعمار البريطاني 1898ـ 1956م وليس الحكم الوطني من قبل ومن بعد. فعرف السودان لاول مرة الخطوط الحديدية 1892ـ1912 ، كلية الطب 1924، مشروع الجزيرة ،1926 كلية الخرطوم الجامعية، والمطبعة والصحيفة، وقلم الرصاص ولوح الاردواز كمعالم في طريق الحداثة السودانية. وتمضي المفارقة قدما وعلى نهج فضائحي تماما كراقصة عارية تداهم على حين غرة عبادا وزهادا في عقر معبدهم الديني المقدس بكامل عريها وفتونها، فتقسرهم مفاجأة الذهول على الاستسلام والاستغراق في تأمل جسدها العاري.
    المفارقة الفاجعة انه كلما توغل السودان متباعدا من الفترة الاستعمارية، كلما تقهقر بانتظام الى الخلف ادارة وسياسية واقتصاد وثقافة وعقلانية. والى ذلك فإذا كان ثمة شيء قد تحقق منذ الاستقلال وحتى الان، يستحق التوقف والنظر، فهو ان الذين حكموا السودان عبر ما يقارب نصف قرن من الزمن ( 48عاما) قد بذلوا كل ما فى وسعهم للبرهان على فرضية جد اسطورية، تدحض مبادئ علم الطبيعة التي تقول بان للزمان بعدا واحدا لاغير هو الاتجاه صوب الامام، من الحاضر الى المستقبل ومن ثم يصبح من العبث بمكان السير عكس اتجاه حركة الزمن.

    ان تجربة الحكم الوطني السوداني منذ الاستقلال وعلى وجه خاص تجربة دولة الازمة ( بلغة د. حسن الترابي في اطروحته للدكتوراه بجامعة السربون اغسطس 1964م) او دولة الانقاذ، دولة الخيار الحضاري، هي سعي متصل دؤوب للسير بالزمان في السودان في اتجاه معاكس لبعدة الطبيعي، هذا التقدم المستحيل الى الماضي، لم يتسن له، بكل اسف، ان يضع السودان على اعتاب اشعال انوار النبوة ايام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتسن له ان يضع السودان على اعتاب سني الراشدين من الخلفاء ابوبكر وعمر وعثمان وعلي، ولم يتسن له ان يضع السودان على اعتاب العصر الذهبي للفتوحات الاسلامية الاموية والعباسية اليانعة التي امتدت من بحر قزوين شرقا الى جبال البرنيس غربا، ولم يتسن له ان يضع السودان على اعتاب السلطنة الزرقاء فى سنار او سلطنة دارفور على ايام السلطان تيراب وعبد الرحمن الرشيد، ومع ذلك، والحق يقال، فقد عاد السودان تكلأه عناية ورعاية رجالات المجلس الاربعيني للجبهة القومية الاسلامية 1989 الي ايام الجهدية ومجاعة سنة 1306هجرية في المهدية 1885ـ1898م مجتازا الى ايام التركية الاولى 1820ـ1885، حيث تمنى السودانيون انذاك و(الخازوق) امامهم ، و(الباشبو زق) من خلفهم ان يحشروا (عشرين في تربة ولا ريال في طلبة).

    من هنا، فاولى المهام التي تواجه قوى التنوير والعقلانية في السودان وعلى وجه خاص، مؤسسات المجتمع المدني في الداخل والمهاجر، العمل على عودة الوعى للحياة الاجتماعية والثقافية ومؤسساتها، وذلك ليس بالامر اليسير، خاصة بعد أن تحولت اللاعقلانية ـ اللاوعي ـ مع الخرافات والاساطير، الي ايدولوجية لها شيوخ وحواريون وقبائل، يبذلون جهدا غير مقدس لتأصيلها في التربة السودانية بحسبانها هوية للفرد والمجتمع والدولة.

    وتبدأ الخطوة الاولى في كشف قناع ايدولوجية الغيبوبة فى فضاء الثقافة، بالاقتراب من الهوية السودانية المتعددة التي تم حصرها وحصارها في واحدية اللغة والدين، والثقافة العربية الاسلامية،على الرغم من ان استقراء الجغرافيا والتاريخ والانثربولوجيا الثقافية، يؤكد بالبيان الاحصائي، ان التعددية قسمة جوهرية في هوية الفرد والمجتمع السوداني. فالسودان متعدد القوميات والاديان والثقافات واللغات والهوية حتى على مستوى الفرد الواحد Multiple Identity. وهذا التعدد غير قابل ان يبتسر في الاحادية، وليس جريا مع التبسيط نتاجا للدمج القسري الذي فرضه محمد على باشا باحتلاله في عام 1820م بحثا عن الذهب والعبيد ومطاردة المماليك كما اذاع، وليس نتاجا للحكم الثنائي الذي اعاد استعمار السودان في 1898م، ولكنه يمتد الي مجرى ومسارب ابعد غورا من القرن التاسع عشر الى الاف السنين التي صاغت شعوب وثقافات واديان ولغات واقاليم ما يعرف حاليا بالسودان. ويكتسب مفهوم السوداني، متعدد الهوية، بعدا هاما في بناء مجتمع مدني فى السودان واعادة صياغة وتحديد الوظيفة والاطار للدور الذى يلعبه المجتمع السياسي(او الدولة في مجتمع متعدد الاديان والثقافات واللغات).

    حينها يضحى من الضرورة بمكان الاعتراف بكل اللغات الحية التي يتحدثها السودانيون، والاعتراف يعني كتابتها وتدوين آدابها وتاريخها وتدريسها في المدارس والجامعات للناطقين بها والراغبين في التعرف عليها. ويضحى من الضرورة ايضا فصل الاعلام والثقافة عن مؤسسة الدولة، ولا مناص من ان يكون الاعلام قوميا او استثمارا لمن اراد.

    واذا كان الاقتصادي يقترب من الثقافة ومؤسساتها ومفرداتها كآليات لتعزيز مجرى التنمية البشرية الشاملة، فإن المعنى بالوظيفة الثقافية للتنمية لا يفصل بينهما، الا في اطار ترسيم الحدود بين تخصصات العلوم االانسانية على المستوى الاكاديمي الصرف. وترى الشواهد ان التجربة السودانية منذ انتصار المهدية 1885، فالحكم الثنائي 1898، والحكم الوطني منذ الاستقلال 1956، وحتي غيبوبة حقبة الانقاذ 1989قد تضافرت بمستويات متفاوتة في اختصار واختزال وابتسار الثقافة بدرجات متفاوتة، فيما تؤكد تلك التجربة بشواهدها ان اهمال الثقافة بمعناها الواسع، اواقصاءها اواخضاعها كتابع ذلول لاتجاهات الادارة السياسية والايدولوجية، قد كان جزءا مكونا للمعضل السوداني العام الذى دفع بالبلاد الى هاوية المجاعات والهجرات الجماعية والتطهير العرقي والثقافي ودوامات الحروب الاهلية. ولذا فلا بد ومن أجل مدخل سليم ، يتجنب ابتسار الثقافات اواقصاءها في سودان المستقبل، ان نضعها في اطارها الطبيعي، كاحدى مقومات المجتمع المدني الاساس، وكرتاج للتنمية البشرية الشاملة.

    * أكاديمى سوداني واستاذ بجامعة ليستر ببريطانيا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de