شوفوا طريقة الوعظ دي مقنعة كيف...قصة طويلة لكنها ممتعة

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 01:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2014, 06:00 PM

احمد سيد احمد
<aاحمد سيد احمد
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 1257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شوفوا طريقة الوعظ دي مقنعة كيف...قصة طويلة لكنها ممتعة

    Quote:
    ضدان يا اختاه
    د.عبد الرحمن العشماوي

    حينما جلستُ في المقعد المخصص لي في الدرجة الأولى من الطائرة التي تنوي الإقلاع إلى دولة غربية , كان المقعد المجاور لي من جهة اليمين ما يزال فارغاً , بل إن وقت الإقلاع قد اقترب والمقعد المذكور ما يزال فارغاً ,
    قلت في نفسي : أرجو أن يظل هذا المقعد فارغاً أو أن يُيسر الله لي فيه جاراً طيباً يُـعينني على قطع الوقت بالنافع المفيد , نعم إن الرحلة طويلة تستغرق ساعات يمكن أن تمضي سريعاً حينما يجاورك من ترتاح إليه نفسك , ويمكن أن تتضاعف تلك الساعات حينما يكون الأمر على غير ما تريد !

    وقُـبيل الإقلاع جاء من شغل المقعد الفارغ , فتاةٌ في ميعة الصبا , لم تستطع العباءة الفضفاضة السوداء ذات الأطراف المزينة أن تخفي ما تميزت به تلك الفــتاة من الرقة والجمال .. كان العطر فواحاً بل أنَّ أعين الركاب في الدرجة الأولى قد اتجهت إلى مصدر هذه الرائحة الزكية , لقد شعرت حينها أنّ مقعدي ومقعد مجاورتي أصبحا كصورتين يحيط بهما إطار منضود من نظرات الركاب , حينما وجهت نظري على أحدهم ..... رأيتهُ يحاصر المكان بعينيه , ووجهه يكاد يقول لي : ليتـني في مقعدك ,
    كنت في لحظتها أتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ألا وإن طيب الرجال ماظهر ريحه ولم يظهر لونه , ألا وإن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه )

    ولم أدري كيف استطعت في تلك اللحظة أن أتأمل معاني هذا الحديث الشريف , لقد تساءلت حينها لماذا يكون طيب المرأة بهذه الصفة ؟

    كان الجواب واضحاً في ذهني من قبل : إن المرأة لزوجها , ليست لغيره من الناس , ومادامت له فإن طيبها ورائحة عطرها لايجوز أن تتجاوزه إلى غيره , كان هذا الجواب واضحاً , ولكن ما رأيتهُ من نظرات ركاب الطائرة التي حاصرت مقعدي ومقعد الفتاة قد زاد الأمر وضوحاً في نفسي وسألت نفسي : ياتـُـرى لو لم يفح طيب هذه الفتاة بهذه الصورة التي أفعمت جوَّ الدرجة الأولى من الطائرة , أكانت الأنظار اللاهثة ستـتجه إليها بهذه الصورة ؟

    عندما جاءت " خادمة الطائرة " بالعصير أخذت الفتاة كأساً من عصير البرتقال وقدمتهُ إلي , تـناولته شاكراً وقد فاجأني هذا الموقف وشربت العصير وأنا ساكت , ونظرات ذلك الشخص ماتزال تحاصرني , وجهت إليه نظري ولم أصرفه عنه حتى صرف نظرهُ حياءً – كما أظن – ثم اكتفى بعد ذلك باختلاس النظرات إلى الفتاة المجاورة , ولما أصبح ذلك ديدنه كتبت قصاصة قصيرة :
    " ألم تتعب من الالتفات ؟ " فلم يلتفت بعدها .

    عندما غاصت الطائرة في السحاب الكثيف بعد الإقلاع بدقائق معدودات اتجه نظري إلى ذلك المنظر البديع , سبحان الله العظيم , قلتها بصوت مرتفع ,
    قالت الفتاة التي كانت تجلس بجوار النافذة : إي والله سبحان الله العظيم ووجهت حديثها إليَّ قائلةً إن هذا المنظر يثير الشاعرية الفذة ومن حسن حظي أنـني أجاور شاعراً يمكن أن يرسم لوحةً شعريةً رائعةً لهذا المنظر .

    لم تكن الفتاة وهي تقول لي هذا على حالتها التي دخلت بها إلى الطائرة , كلا ... لقد لملت تلك العباءة الحريرية وذلك الغطاء الرقيق الذي كان مسدلاً على وجهها ووضعتهما داخل حقيبتها اليدوية الصغيرة , لقد بدا وجهها ملوناً بألوان الطيف أما شعرها فيبدو أنها قد صففـته بطريقة خاصة تـُـعجب الناظرين ...

    قلت لها : سبحان من علم الإنسان ما لم يعلم , فلولا ما أتاح الله للبشر من كنوز هذا الكون الفسيح لما أتيحت لنا رؤية هذه السحب بهذه الصورة الرائعة ..

    قالت : إنها تدل على قدرة الله تعالى ....

    قلت : نعم تدل على قدرة مبدع هذا الكون وخالقه الذي أودع فيه أسراراً عظيمة وشرع فيه للناس مباديء تحفظ حياتهم وتبلغهم رضا ربهم , وتـنجيهم من عذابهم يوم يقوم الأشهاد .

    قالت : ألا يمكن أن نسمع شيئا من الشعر فإني أحب الشعر وإن هذه المرحلة ستكون تاريخية بالنسبة إلي , ما كنتُ أحلم أن اسمع منك مباشرة ..

    لقد تمنيت من أعماق قلبي لو أنها لم تعرف من أنا , لقد كان ففي الذهن أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها .

    وسكتُّ قليلاً كنتُ أحاور نفسي حواراً داخلياً مربكاً , ماذا أفعل , هل أبدأ بنصيحة هذه الفتاة وبيان حقيقة ما وقعت فيه من أخطاءٍ ظاهرة أم أترك ذلك إلى آخر المطاف؟
    وبعد تردد قصير عزمت على النصيحة المباشرة السريعة لتكون ختامة الحديث معها.

    وقبل أن أتحدث أخرَجَـت من حقيبتها قصاصات ملونة وقالت : هذه بعض أوراق أكتبها , أنا أعلم أنها ليست على المستوى الذي يناسب ذوقك ولكنها خواطر عبرتُ بها عن نفسي ....

    وقرأتُ القصاصات بعنايةٍ كبيرة , إني ابحثُ فيها عن مفتاح لشخصية الفتاة ...

    إنها خواطر حالمة , هي فتاةٌ رقيقة المشاعر جداً أحلامها تطغى على عقلها بشكل واضح , لفتَ نظري أنها تستشهدُ بأبياتٍ من شعري , قلتُ في نفسي هذا شيء جميل لعل ذلك يكون سبباً في أن ينشرح صدرها لما أريد أن أقول , بعد أن قرأت القصاصات عزمتُ على تأخير النصيحة المباشرة وسمحتُ لنفسي أن تدخل في حوارٍ شاملٍ مع الفتاة ..

    قلتُ لها : عباراتك جميلة مُنـتـقاة ولكنها لا تحمل معنىً ولافكرة كما يبدو لي , لم أفهم منها شيئاً , فماذا أردتِ أن تقولي ... ؟

    بعد صمتٍ قالت : لا أدري ماذا أرتُ أن أقول : إني أشعرُ بالضيق الشديد , خاصةً عندما يخيم عليَّ الليل , أقرأ المجلات النسائية المختلفة , أتأملُ فيها صور الفنانات والفنانين , يعجبني وجه فلانة وقامة فلانة وفستان علانة , بل تعجبني أحياناً ملامح أحد الفنانين فأتمنى لو أنَّ ملامح زوجي كملامحه , فإذا مللتُ من المجلات اتجهتُ إلى الأفلام , أشاهد منها ما أستطيع وأحسُّ بالرغبة في النوم بل إني أغفو وأنا في مكاني فأترك كل شيء واتجه إلى فراشي ...... وهناك يحدث ما لا أستطيع تفسيره , هناك يرتحل النوم فلا أعرف لهُ مكاناً .

    عجباً أين ذلك النوم الذي كنتُ أشعر به وأنا جالسة , وتبدأ رحلتي مع الأرق وفي تلك اللحظات أكتب هذه الخواطر التي تسألني عنها ..

    " إنها مريضة " قلتها في نفسي , نعم إنها مريضة بداء العصر , القلق الخطير , إنها بحاجة إلى علاج .

    قلتُ لها : ولكنَّ خواطرك هذه لا تـُـعبر عن شيٍ مما قلت إنها عبارات براقة , يبدو أنك تلتقطينها من بعض المقالات المتـناثرة وتجمعينها في هذه الأوراق .

    قالت : عجباً لك , أنت الوحيد الذي تحدثت بهذه الحقيقة , كل صديقاتي يتحدثن عن روعة ما أكتب , بل إن بعض هذه الخواطر قد نُـشرت في بعض صحفنا , وبعث إلي المحرر برسالة شكر على هذا الإبداع , أنا معك أنهُ ليس لها معنىً واضح ولكنها جميلة .

    وهنا سألتها مباشرة :

    هل لك هدفٌ في هذه الحياة ؟!

    بدا على وجهها الارتباك , لم تتكن تتوقع السؤال , وقبل أن تجيب قلت لها :

    هل لك عقلٌ تفكرين به , وهل لديك استقلال في التفكير ؟ أم أنكِ قد وضعتِ عقلك بين أوراق المجلات النسائية التي أشرت إليها وحلقات الأفلام التي ذكرتِ أنكِ تهرعين إليها عندما تشعرين بالملل .

    هل أنتِ مسلمة ؟!

    هنا تغير كل شيء , أسلوبها في الحديث تغير , جلستها على المقعد تغيرت , قالت :

    هل تشك في أنني مسلمة ؟! إني – بحمد الله – مسلمة ومن أسرة مسلمة عريقة في الإسلام , لماذا تسألني هذا السؤال ؟ إن عقلي حرٌ ليس أسيراً لأحد , إني أرفض أن تتحدث بهذه الصورة ... وانصرفت إلى النافذة تـنظرُ من خلالها إلى ملكوت الله العظيم ...

    لم أعلق على كلامها بشيء , بل إنني أخذتُ الصحيفة التي أمامي وانهمكتُ في قراءتها , ورحلتُ مع مقالٍ في الصحيفة يتحدث عن الإسلام والإرهاب , كان مقالاً طويلاً مليئاً بالمغالطات والأباطيل , يا ويلهم هؤلاء الذين يكذبون على الله , ولا أكتمكم أنني قد انصرفت إلى هذا الأمر كلياً حتى نسيت في لحظتها ما جرى من الحوار بيني وبين مجاورتي في المقعد , ولم أكن أشعر بنظراتها التي كانت تختلسها إلى الصحيفة لترى هذا الأمر الذي شغلني عن الحديث معها – كما أخبرتني فيما بعد – ولم أعد من جولتي الذهنية مع مقال الصحيفة إلا على صوتها وهي تسألني :

    أتشكُ في إسلامي ؟!

    قلتُ لها مامعنى الإسلام ؟!

    قالت : هل أنا طفلة حتى تسألني هذا السؤال !

    قلت لها : معاذ الله بل أنتِ فتاةٌ ناضجةٌ تمام النضج , تـُـلون وجهها بالأصباغ وتصفف شعرها بطريقةٍ جيدة وتلبسُ عباءتها وحجابها في بلادها فإذا رحلت خلعتهما وكأنهما لا يعنيان لها شيئاً ... نعم إنك فتاةٌ كبيرة تـُـحسن اختيار العطر الذي ينشرُ شذاه في كل مكان ... فمن قال إنك طفلة ؟!

    قالت : لماذا تقسو عليَّ بهذه الصورة ؟

    قلت لها : ما الإسلام ؟ ... قالت : الدين الذي أرسل الله به محمداً ص , قلت لها : وهو كما حفظنا ونحن صغار " الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك " قالت : إي والله ذكرتني , لقد كنت أحصل في مادة التوحيد على الدرجة الكاملة !

    قلت لها : ما معنى " الانقياد له بالطاعة " ؟

    سكتت قليلاً ثم قالت : أسألك بالله لماذا تتسلط علي بهذه الصورة , لماذا تسيء إلي وأنا لم أسيء إليك ؟

    قلت لها : عجباً لماذا تعدين حواري معك إساءة ؟ أين موطن الإساءة فيما أقول ؟.

    قالت : أنا ذكية وافهم ما تعني , أنت تـنـتقدني وتؤنبني وتـتهمني , ولكن بطريقة غير مباشرة ....

    قلت لها : ألست مسلمة ؟

    قالت : لماذا تسألني هذا السؤال ؟ إني مسلمة من قبل أن أعرفك , وأرجوك ألا تتحدث معي مرةً أخرى .

    قلت لها : أنا متأسف جداً وأعدك بألا اتحدث إليك بعد هذا ...

    ورجعتُ إلى صفحات الصحيفة التي أمامي أكمل قراءة ذلك المقال الذي يتجنى فيه صاحبه على الإسلام ويقول : إنه دين الإرهاب وإن أهله يدعون إلى الإرهاب , وقلت في نفسي : سبحان الله المسلمون يُـذبحون في كل مكان كما تـُـذبح الشياه ويُقال عنهم أنهم أهل الإرهاب !

    وقلبتُ صفحةً أخرى فرأيت خبراً عن المسلمين في كشمير وصورة لامرأة مسلمة تحملُ طفلاً وعبارة تحت صورتها تقول : إنهم يهتكون أعراضنا , ينزعون الحجاب عنا بالقوة وإن الموت أهون عندنا من ذلك , ونسيتُ أيضاً مجاورتي كانت تختلس نظرها إلى الجريدة وفوجئت بها تقول :

    ماذا تقرأ ؟ ... ولم أتحدث إليها بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُـقلت عنها ...

    سادَ الصمت وقتاً ليس بالقصير ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام ... واستمر الصمت ...

    وبعد أن تجولت في الطائرة قليلاً رجعتُ إلى مقعدي , وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلةً :

    ما كنتُ أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة !

    قلت لها : لا أدري ما معنى القسوة عندكِ , أنا لم أزد على أن وجهت إليك أسئلةً كنت أتوقع أن أسمع منكِ إجابةً عنها , ألم تقولي أنكِ واثقة بنفسك ثقة كبيرة ؟ فلماذا تزعجك أسئلتي ؟

    قالت أشعر أنكَ تحتقرني ....

    قلت لها : من أين جاءك هذا الشعور ؟

    قالت : لا أدري

    قلت لها : ولكنني أدري ... لقد انطلق هذا الشعور من أعماق نفسك , إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ , أنتِ تعيشين ما يمكن أن نسميه بالازدواجية , أنتِ تعيشين التأرجح بين حالتين ...

    وقاطعتني بحدة قائلة : هل أنا مريضة نفسياً ؟ ما هذا الذي تقول ؟!

    قلت لها : أرجوك لا تغضبي , دعيني أكمل , أنتِ تعانين من ازدواجية مؤذية , أنتِ مهزومة من الداخل , لاشك عندي في ذلك , وعندي أدلة لا تستطيعين إنكارها .

    قالت مذعورة : ما هي ؟!

    قلت : تقولين أنكِ مسلمة والإسلام قولٌ وعمل , وقد ذكرتُ لك في أول حوارنا أنَّ من أهم أسس الإسلام " الانقياد لله بالطاعة " فهل أنتِ منقادةٌ له بالطاعة ؟

    وسكتُّ لحظةً لأتيح لها التعليق على كلامي , ولكنها سكتت ولم تنطق ببنت شفة – كما يقولون – وفهمتُ أنها تريد أن تسمع , قلت لها :

    هذه العباءة وهذه الحجاب اللذين حُــشِـرا - مظلمومين – في هذه الحقيبة الصغيرة دليلٌ على ما أقول ....

    قالت بغضبٍ واضح : هذه أشكال وأنت لا تهتم إلا بالشكل , المهم الجوهر .

    قلت لها : أين الجوهر ؟ ها أنت قد اضطربت في معرفة مدلولات كلمة " الإسلام " الذي تؤمنين به ثم إن للمظهر علاقة قوية بالجوهر , إن أحدهما يدل على الآخر وإذا اضطربت العلاقة بين المظهر والجوهر اضطربت حياة الإنسان ...

    قالت : هل يعني كلامك هذا أنَّ كل من تلبس عباءة وتضع على وجهها حجاباً صالحة نقية الجوهر ؟

    قلت لها : كلا , لم أقصد هذا أبداً , ولكن من تلبس العباءة والحجاب تحقق مطلباً شرعياً فإن انسجم باطنها مع ظاهرها كانت مسلمة حقـَّـه , وإن حصل العكس وقع الاضطراب في شخصيتها , فكان نزع هذا الحجاب عندما تحين لها الفرصة هيـِّناً ميسوراً , إن الجوهر هو المهم , واذكرك بتلك العبارة التي نقلتها الصحيفة عن تلك المرأة الكشميرية المسلمة , ألم تقل : إن الموت أهون عليها من نزع حجابها ؟ لماذا كان الموت أهون ؟

    لأنها آمنت بالله إيماناً جعلها تنقاد له بالطاعة فتحقق معنى الإسلام تحقيقاً ينسجم فيه جوهرها مع مظهرها , وهذا الانسجام هو الذي يجعل المسلم يحقق معنى قول الرسول عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به "

    إن لبس العباءة والحجاب – عندك – لا يتجاوز حدود العادة والتقليد , ولهذا كان هيناً عليك أن تنزعيهما عنك دون تردد حينما ابتعدت بك الطائرة عن أجواء بلدك الذي استقيت منه العادات والتقاليد , أما لو كان لبسك للحجاب منطلقا من إيمانك بالله واعتقادك أن هذا أمر شرعي لا يفرق بين مجتمع ومجتمع ولا بلد وبلد , لما كان هيناً عليك إلى هذه الدرجة .

    الازدواجية في الشخصية – يا عزيزتي – هي المشكلة ...

    أتدرين ما سبب هذه الازدواجية ؟

    فظننتُ أنها ستجيب ولكنها ظلت صامتة , وكأنها تـنـتظر أن أجيب أنا على هذا السؤال ...

    قلت : سبب هذه الازدواجية الاستسلام للعادات والتقاليد , وعدم مراعاة أوامر الشرع ونواهيه , أنها تعني ضعف الرقابة الداخلية عند الإنسان , ولهذا فإن من أسوأ نتائجها الانهزامية حيث ينهزم المسلم من الداخل فإذا انهزم تمكن منه هوى النفس وتلاعب به الشيطان وظل كذلك حتى تنقلب في ذهنه الموازين ....

    لم تقل شيئاً بل لاذت بصمتٍ عميق , ثم حملت حقيبتها واتجهت إلى مؤخرة الطائرة ... وسألتُ نفسي تـُـراها ضاقت ذرعاً بما قلت , وتـُـراني وُفقت فيما عرضتُ عليها ؟
    لم أكن في حقيقة الأمر اعرف مدى التأثر بما قلت سلباً أو إيجاباً ولكنن كنتُ متأكداً من أنني قد كتمت مشاعر الغضب التي كنت أشعر بها حينما تـُوجه إلي بعض العبارات الجارحة , ودعوتُ لها بالهداية ولنفسي بالمغفرة والثبات على الحق .
    وعادت إلى مقعدها .... وكانت المفاجأة

    عادت وعليها عباءتها وحجابها ... ولاتسل عن فرحتي بما رأيت !

    قالت : إن رحمة الله بي هي التي هيأت لي الركوب في هذا المقعد , صدقت – حينما وصفتني – بأنني أعاني من الهزيمة الداخلية , إن الازدواجية التي أشرتُ إليها هي السمة الغالبة على كثير من بنات المسلمين وأبنائهم , يا ويلنا من غفلتنا !
    إن مجتمعاتنا النسائية قد استسلمت للأوهام , لا أكتمك أيها الأخ الكريم أن أحاديثنا في مجالسنا نحن النساء لا تكاد تتجاوز الأزياء والمجوهرات والعطور والأفلام والأغاني والمجلات النسائية الهابطة , لماذا نحن هكذا ؟

    هل نحن مسلمون حقاً ؟

    هل أنا مسلمة ؟

    كان سؤالك جارحاً ولكني أعذرك , لقد رأيتني على حقيقة أمري , ركبتُ الطائرة بحجابي وعندما أقلعت خلعتُ عني الحجاب , كنت مقتنعة بما صنعت , أو هكذا خُـيِّـل إليَّ أني مقتنعة , بينما هذا الذي صنعته يدل حقاً على الانهزامية والازدواجية , إني أشكرك بالرغم من أنك قد ضايقتني كثيراً ولكنك أرشدتني , إني أتوبُ إلى الله واستغفره

    ولكن أريد أن أستشيرك

    قلت وأنا في روضةٍ من السرور بما أسمع من حديثها : " نعم .. تفضلي إني مُـصغٍ إليك "

    قالت : زوجي , أخافُ من زوجي .

    قلت : لماذا تخافين منه ؟

    قالت :سوف يستقبلني زوجي في المطار , وسوف يراني بعباءتي وحجابي ..

    قلت لها : وهذا شيٍ سيسعده ..

    قالت : كلا , لقد كانت آخر وصية له في مكالمته الهاتفية بالأمس : إياكِ أن تنزلي إلى المطار بعباءتك , لا تـُـحرجيني أمام الناس ... إنهُ سيغضب بلا شك

    قلتُ لها : إذا أرضيتِ الله فلا عليكِ أن يغضب زوجك , وبإمكانك أن تناقشيه مناقشة هادئة فلعله سيستجيب , إني أوصيكِ أن تعتني به عناية الذي يحب له النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة

    وساد الصمت ..... وشردت بذهني في صورةٍ خيالية إلى ذلك الزوج الذي يوصي زوجته بخلع حجابها ..... أهذا صحيح ؟!

    أيوجد رجل مسلم غيور كريم يفعل هذا ؟!

    لا حولَ ولاقوةَ إلا بالله , إن مدنية هذا العصر تختلس أبناء المسلمين واحداً تلو الآخر ونحن عنهم غافلون , بل نحنُ عن أنفسنا غافلون .

    وصلت الطائرة إلى ذلك المطار البعيد , وانتهت مراسم هذه الرحلة الحافلة بالحوار الساخن بيني وين جارة المقعد , ولم أرها حين استقبلها زوجها , بل أن صورتها وصوتها قد غاصا بعد ذلك في عالم النسيان كما يغوص سواها من آلاف الأشخاص والمواقف التي تمر بنا كل يوم
    ولكن .... وبعد فترة
    كنتُ جالساً على مكتبي أقرأ كتاباً " المرأة العربية وذكورية الأصالة " لكاتبتهُ المسماة " منى غصوب " وأعجَـبُ لهذا الخلط والسفسطة والعبث الفكري واللغوي الذي يتضمنهُ هذا الكتاب الصغير , وأصابني – ساعتها – شعورٌ عميق بالحزن والأسى على واقع هذه الأمة المؤلم , وفي تلك اللحظة الكالحة جائني أحدهم برسالة , وتسلمتها منهُ بشغف , لعلي كنتُ أود – في تلك اللحظة – أن أهرب من الألم الذي أشعلهُ في قلبي ذلك الكتاب المشؤوم الذي تريد صاحبته أن تـُـجرد المرأة من أنوثتها تماماً , وعندما فتحت الرسالة نظرت إلى اسم المرسل , فقرأت :

    " المرسلة أختك في الله أم محمد الداعية لك بالخير "

    أم محمد ؟! من تكون هذه ؟!

    وقرأت الرسالة وكانت المفاجأة بالنسبة إلي إنها تلك الفتاة التي دار الحوار بيني وبينها في الطائرة , والتي غاصت قصتها في عالم النسيان !

    إن أهم عبارة قرأتها في الرسالة هي قولها :

    لعلك تذكر تلك الفتاة التي جاورتك في مقعد الطائرة ذات يوم , إني أبشرك , لقد عرفت طريقي إلى الخير وأبشرك إن زوجي قد تأثر بموقفي فهداه الله وتاب من الكثير من المعاصي التي كان يقع فيها وأقول لك ما أروع الالتزام الواعي القائم على الفهم الصحيح لديننا العظيم , لقد قرأت قصيدتك " ضدان يا أختاه " وفهمتُ ماتريد !

    لا أستطيع أن أصور الآن مدى الفرحة التي حملتني على جناحيها الخافقين حينما قرأتُ هذه الرسالة ..... ما أعظمها من بشرى ........ حينها ألقيت بذلك الكتاب المتهافت الذي كنتُ أقرؤه " المرأة العربية وذكورية الأصالة " ألقيت به وأنا أردد قول الله تعالى :
    " يريدون أن يُـطفئوا نور الله بأفواهم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون "

    ثم أمسكت بالقلم ..... وكتبت رسالة إلى أم محمد عبرتُ فيها عن فرحتي برسالتها , وبما حملتهُ من البشرى , وضمنتها أبياتاً من القصيدة التي أشارت إليها في رسالتها , منها :

    ضدان يا أختاهُ ما اجتمعا ......... دين الهدى والفسق والصد
    واللهِ ما أزرى بأمتــــنا .......... إلا ازدواجٌ مالهُ حــــــــــدُ

    وعندما هممتُ بإرسال رسالتي تبين لي أنها لم تكتب عنوانها البريدي , فطويتها بين أوراقي لعلها تصل إليها ذات يوم ,,,,
    ____________
    نقلا عن كتاب لا تغضب للدكتور العشماوي ....وهو شاعر وداعية سعودي معروف
                  

02-19-2014, 06:02 PM

احمد سيد احمد
<aاحمد سيد احمد
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 1257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شوفوا طريقة الوعظ دي مقنعة كيف...قصة طويلة لكنها ممتعة (Re: احمد سيد احمد)

    ضدَّان يا أختاه ..

    د. عبدالرحمن صالح العشماوي


    هذي العيونُ ، وذلك القَدُّ *** والشيحُ والريحان والنَّدُّ
    هذي المفاتنُ في تناسُقها *** ذكرى تلوح ، وعِبْرَةٌ تبدو
    سبحانَ من أعطَى ، أرى جسداً *** إغراؤه للنفس يحتدُّ
    عينانِ مارَنَتا إلى رجل *** إلا رأيتَ قُواه تَنْهَدُّ
    من أين أنتِ ، أأنجبتْك رُبا *** خُضرٌ ، فأنتِ الزَّهر والوردُ ؟
    من أينَ أنتِ ، فإنَّ بي شغفاً *** وإليك نفسي – لهفةً – تعدو
    قالتْ ، وفي أجفانها كَحَلٌ *** يُغْري ، وفي كلماتها جِدُّ :
    عربيةٌ ، حرِّيَّتي جعلتْ *** مني فتاةً مالها نِـدُّ
    أغشى بقاعَ الأرض ما سَنَحَتْ *** لي فرصةٌ ، بالنفس أعتـدُّ
    عربيّةٌ ، فسألتُ : مسلمةٌ *** قالتْ : نعم ، ولخالقي الحمدُ
    فسألْتُها ، والنفسُ حائرةٌ *** والنارُ في قلبي لها وَقْدُ :
    من أينَ هذا الزِّيُّ ؟ ما عرفَتْ *** أرضُ الحجاز ، ولا رأتْ نجدُ
    هذا التبذُّلُ ، يا محدِّثتي *** سَهْمٌ من الإلحادِ مرتدُّ
    فتنمَّرتْ ثم انثنتْ صَلَفاً *** ولسانُها لِسِبَابِهَا عَبْدُ
    قالت : أنا بالنَّفسِ واثقةٌ *** حرِّيتي دون الهوى سَـدُّ
    فأجبتُها _ والحزن يعصفُ بي - : *** أخشى بأنْ يتناثر العقدُ
    ضدَّان يا أختاه ما اجتمعا *** دينُ الهدى والفسقُ والصَّدُّ
    والله ما أَزْرَى بأمَّتنَا *** إلا ازدواجٌ ما لَهُ حدُّ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de