1- عتود الدولة ..

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 07:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2014, 09:15 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
1- عتود الدولة ..

    الإستقراء الإسفيري !!

    اقدم رجل وأرجعها !!!
    وحالي العلي حال البلا .. السمحة قالوا مرحلة !!

    والسمحة دي فكرة ظلت تراودني لعام مضى ..
    وكان ان تشبعت روحي اسفيريا وقد أمضيت زهاء 8 سنوات من حياتي في مراقيه ..

    انتبهت كعادتي المتأخرة للسلبيات وكانت كثيرة ..
    وهكذا فكرتُ محاولة شيء جديد ..

    كانت أهم المظاهر السلبية استغراقى الشديد في سودانيزاونلاين عن 3 مسائل ..

    الاولى خاصة وقد عالجتها ..
    والثانية مهنية أو أن لها إرتباطات مهنية .. وتقريبا كده اتعالجت
    والثالثة تمثل محور هذا البوست والبوستات القادمة ..

    جوهرها أن هذا الاسفير ياخذ منك وقتا ثمينا من الممكن انو الواحد يبذلو للقراءةِ ام دق كما يقولون ..
    أظنهم يعنون القراءة الجادة ..
    القراءة ثم مراجعة القراءة وترسيخ المعاني بالاتفاق أو الاختلاف أو التحفظ أو الارجاء لميقاتٍ معلوم ..

    هكذا فكرت أنو ألم الاتنين سوا ..
    الاسفير والقراية ام دق كما يقولون ..
    أهكذا يقولون ؟!!

    قراءة كتاب أو مراجعة قراءة كتاب وقراءته من جديد على صفحات الاسفير ..
    من خلال تناول الافكار الرئيسية لكل فصل من فصوله ..

    والمثير للأمر أن هناك كتبا جديدة تستحق الإستقراء الإسفيري
    " الإسم الذي أطلقته علي سلسلة البوستات المزمعة " "ولد ده !!"

    وكنت أخال ظلما وجهلا أنه ما عاد في بطن الكتب ما يستحق القراءة .. الامر الذي يدخل في باب ظلم الجهلاء لأنفسهم .. الا أنني انتبهت من غفلتي على بعض القراءات التي تستحق ..

    سأبدأ عملية الاستقراء ب "عتود الدولة .. ثوابت الدين أم متحركات التدين" لكمال الجزولي ..
    وسأعقبه بإذن الله ب " آذان الإنعام" وقد فرغت من قراءته لاسابيع خلت ..

    هذا مسار صعب جدا وشاق وطول الا انو مسار جيد .. ومفيد للناس على اية حال .. لاسيما وإنو لا خير في كثيرٍ من نجوانا ههنا !!

    سنلتقي باذنه تعالى في هذا الخيط التمهيدي عند الاستقراء الاول .. عتود الدولة !!

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 02-15-2014, 09:20 PM)

                  

02-15-2014, 09:40 PM

مني عمسيب
<aمني عمسيب
تاريخ التسجيل: 08-22-2012
مجموع المشاركات: 15691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    الأخ المشرف \ محمد المشرف ..

    لك كل التحية والتقدير ,,,

    Quote: كانت أهم المظاهر السلبية استغراقى الشديد في سودانيزاونلاين عن 3 مسائل ..
    الاولى خاصة وقد عالجتها ..
    والثانية مهنية أو أن لها إرتباطات مهنية .. وتقريبا كده اتعالجت
    والثالثة تمثل محور هذا البوست والبوستات القادمة ..

    لقد تابعت مداخلاتك الجديرة بالوقوف والتمحص والاهتمام في بوست العزيز د.احمد
    بعنوان (دولة النفس السلفي في السودان ) وحقيقة كانت لي مثأر اهتمام من جميع النواحي
    لغة وتنسيق وانتقاء لفظي مدهش . حتي وصفتك في مداخلتي وانا مقتبسة من كلامك الرائع
    بالمحنك . ومن هنا اقول لك لنا الشرف اخي محمد في متابعة كل ما تكتب ونتمني لك التوفيق
    في كل مشروعاتك الخاصة والعامة . ودمت لنا اخي محمد شعلة استنارة . ولي قدام .

    (عدل بواسطة مني عمسيب on 02-15-2014, 10:02 PM)
    (عدل بواسطة مني عمسيب on 02-17-2014, 09:00 AM)

                  

02-16-2014, 12:37 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: مني عمسيب)

    Quote: هذا مسار صعب جدا وشاق وطول الا انو مسار جيد ..
    ومفيد للناس على اية حال ..
    لاسيما وإنو لا خير في كثيرٍ من نجوانا ههنا !!

    أشدّ على يمينك أخي المشرف!
    هذا هو الطريق نحو شيءٍ مجدٍ!
    أما أن نقضي أوقاتنا في هذا المكان، ونحن نتغالط،
    ونعيد تكرار أنفسنا عشرات المرات،
    بلا حياء،
    من باب موت الجماعة عِرِس!
    فتلك والله غفلة!


    فمرحباً بك وبالرائع كمال الجزولي!
                  

02-16-2014, 03:18 PM

حامد بدري
<aحامد بدري
تاريخ التسجيل: 03-10-2013
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: صلاح عباس فقير)

    الشايل اسمو مسا الخير والعافيه
    غايتو الحمد لله فيديو الراعي فشفشنا شوية والا كان طرشقنا في كتابه هنا يعلم الله ياوراها مخابرات يامخدرات او انفعالات وفي كتابه مجكنه اريتك ماتغيب كتير
                  

02-16-2014, 03:29 PM

عبدالحفيظ ابوسن
<aعبدالحفيظ ابوسن
تاريخ التسجيل: 06-24-2013
مجموع المشاركات: 22319

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: حامد بدري)

    وكن صبورا يا صاحب
    و امض في طريقك غير مباليا لما يجعلك تنحرف عن هدفك
                  

02-16-2014, 06:00 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: عبدالحفيظ ابوسن)

    Quote: الثالثة تمثل محور هذا البوست والبوستات القادمة ..

    جوهرها أن هذا الاسفير ياخذ منك وقتا ثمينا من الممكن انو الواحد يبذلو للقراءةِ ام دق كما يقولون .



    الاسفير سارق الوقت الجميل .. كما قالت الروائية رانيا مأمون .
    --------------------------------------------------------------
    الجميل صفة للاسفير وتصلح أيضاً كصفة للوقت .


    -----------------------------------
    ما تطول يا مشرف .متابعين
                  

02-16-2014, 11:09 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: فتحي الصديق)

    كابرتني قبل كدا يامشرف ، وها انت تنحو نفس نحوي !



























    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

    لا ادعي شيئا جديدا ، الحياة خضراء فقط !
                  

02-17-2014, 11:14 PM

Haytham Ghaly

تاريخ التسجيل: 01-20-2013
مجموع المشاركات: 4763

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: عبداللطيف حسن علي)

    ود المشرف سلام ومحبة


    انا شخصيا حا اكون في انتظار

    آذان الانعام على احر من الجمر



    هذا الكتاب ملحمة فكرية غريبة
                  

02-18-2014, 05:30 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: Haytham Ghaly)

    شوّقتنا لآذان الأنعام يا هيثم،
    خت لينا رابط نشوف!
    وتحياتي!
                  

02-20-2014, 04:46 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    عتود الدولة ..
    ثوابت الدين ام متحركات التدين ..
    المؤلف: كمال الجزولي
    الناشر: دار مدارك
    الإهداء: إلى ذكرى عبدالخالق ..


    مقدمة تخصني نحو إستقراء (عتود الدولة .. ثوابت الدين أم متحركات التدين)
    هناك مقولة علقت بذهني مذ قرأتها اول مرة في تسعينيات القرن الماضي .. المقولة للفنان التشكيلي كاظم العراقي .. وأذكر جيداً أني قرأتها في إحدى أعداد مجلة الخرطوم في سنواتي الأولى بجامعة الخرطوم ..

    يقول كاظم العراقي:

    ( هذا انا .. هذا جسدى اراه فى الرؤيا من الداخل ... كما كنت اراه وانا فاقد الوعى .... انا استقرئ ولا احلل .. هى الرؤيا تركتها لحالها فانطلقت حرة مثلما رأيتها ...)


    مذاك الحين, وجدت نفسي وقد تعلقت بعمليات الإستقراء مقابل التحليل.. كان معنى العبارة -كما فهمتها- كثيفا جدا في ذاتي .. رؤية الأشياء وفق منظوري الداخلي لا وفق تفاصيلها الداخلية .. والفرق –في إعتقادي- أن المنظور الداخلي أكثر تعبيراً عن الذات وهي تقف إزاء الأشياء .. الأشياء التي قد تكون احداثا هامة –أو غير هامة- في الحياة .. قد تكون افكاراً تمر عليك او أمامك .. قد تكون معاني متفرقات هنا وهناك.. قد تكون منتوجاً جمالياً لفنان ما .. لوحة تشكيلية .. شعراً .. دراسة إجتماعية .. كتاباً يطرح رؤى جديدة .. قد تكون أي شيء .. أي شيء !!!


    إذن ما سأقدمه هنا, هو عملية إستقراء تخصني وتعبر عني إزاء هذا الكتاب الممتاز .. ليس لكمال الجزولي أدنى علاقة بعملية الإستقراء عدا ان الكتاب يخصُه .. وهنا يتجلى الفرق في إعتقادي بين الإستقراء والتحليل .. فالتحليل يفترض طرح الأفكار التي جادت بها قريحة الكاتب, وبالتالي تكون أكثر صلة بالكاتب .. بينما الإستقراء – اكرر- يخصني .. لا أدعي تحليل ما جاء به كمال الجزولي وإنما أطرح افكاري إزاءه ..


    يلي الإهداء المثبت في مقدمة الكتاب, وفي صفحة تالية, حديثا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نصه

    (ما امرتكم بشيء من دينكم فخذوه
    أما ما كان من أمر دنياكم فأنتم أولى به)
    رواه مسلم وابن ماجة وابن حنبل ..


    يضعني عنوان الكتاب .. وربما الإهداء المثبت في صدره نحو عبدالخالق .. وبالتأكيد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. يضعني أمام الكثير من الأسئلة القديمة حول البناء الإلهي والنبوي بالإضافة للبناء الإنساني المحض للدين الإسلامي .. هذا البناء الشاهق والضخم والمهول كما نعيش في رحابه الآن .. يضعني امام التفكير المستمر في كيفية إستقصاء وإستخلاص الجذر الإلهي والجذر النبوي للدين .. ومن ثم محاولة فهم الكيفيات التي تم بها إنتاج هذا التراث الديني الضخم والمتراكم عبر القرون وتمريره على الوعي الجمعي تحت دعاوى القداسة.. فالدين مسألة جوهرية جدا في الحياة التي نعيشها .. وهو الظاهرة الأكثر التصاقا بالإنسان السوداني من المهد الى اللحد .. ويمتد "وفق تعاليمه الخاصة" لما بعد ذلك من حياة نؤمن أيمانا قاطعا بوجودها في آخرتنا التي تمثل نهاية المطاف للرحلة الإنسانية التي وجدنا انفسنا نخوض غمارها طولا وعرضا وكدحاً شديداً في هذا الوطن وتحت شموسه القاسية ومناخاته غير المؤاتية نحو التقدم والرفعة والإزدهار..


    إذن نحن إزاء موضوع شديد الوعورة ومحاط بالكثير من المحاذير والتابوهات الممنوعة والمقدس الحقيقي والمقدس الإفتراضي, نحن إزاء تاريخ طويل ومثبت بالكثير من المسامير الصدئة في نفوسنا, وهو والى ذلك موضوع مرتكز تماما على الجوهر الإيماني شديد النقاء والمحكوم بالعقل "مناط تكليفنا" .. وهو الى جانب ذلك مشاد في دواخلنا بفعل –دعوني أقول- الفطرة الإنسانية السليمة التي فطرنا عليها والحمد لله الذي هدانا لهذا الإسلام..

    عتود الدولة (1)

    "أفو .. يا حضرة القاضي إت ما بتخاف الله؟!! دحين أمانة في ذمتك هسع ده مصحف عتود؟!!!"

    هكذا صاح المدعي في قضية تخص ملكية "عتود" في إحدى محاكم الريف السوداني .. وكان أن هم أن يقسم كذبا بملكية العتود على مصحف المحكمة قبل أن يطالب المدعى عليه القاضي أن يكون القسم على مصحفٍ أثريِ يعلمونه علم اليقين في تلك البلدة .. فلما امر القاضي بجلب ذلك المصحف أتوا به محمولا في صندوق بواسطة اربعة رجال من فرط ضخامته .. فلما أمر القاضي المدعي بالقسم على ذلك المصحف.. صاح فزعاً بالكلمات أعلاه !!..

    من هنا أتت تسمية الكتاب .. وهي لعمري تسمية عامرة بالدلالات وذات رمزية تكاد تختزل في معناها كل مضامين الكتاب
    (ثوابت الدين/الجذر الصحيح الإلهي والنبوي /المصحف..
    ام متحركات التدين/الوعي المتخيل للدين جراء تراكم الإضافات الإنسانية المحضة عبر القرون/متخيل المصحف) ..


    يمضي بي كمال الجزولي في براعة لغوية فائقة نحو مزيد من الشروحات في ضرورة التمييز ما بين ما هو ثابت في امر الدين وبين المتحرك الناتج عن حركة التأريخ الانساني.. بين ما هو قطعي الورود الدلالة في نصوص القرأن والسنة وبين الإجتهاد البشري المحض والمضاف والمتواتر والمستمر .. بين المقدس الأصيل والمقدس العالق في أذهاننا بفعل التراث المتراكم..


    من الأهمية بمكان إثبات أن عملية التفكير المستمرة والناقدة للاجتهاد البشري.. لا تنزع عن الإجتهاد البشري صفة الجلال والقيمة العالية, وذلك بما إحتواه من مضامين فقهية وتشريعية لا يضيرها في شيء وضعها في إطارها الصحيح كإجتهاد بشري محدود بظروفه الموضوعية وقصوره الذاتي عن الكمال عبر الزمن المتحرك .. الكمال المتصور والمفضي للتقديس .. التقديس الواجب لجلال اسمه الواحد الأحد.. ولكمال شأنه تبارك الله أحكم الحاكمين ..

    هنا .. لا يترك كمال الجزولي الامر مفتوحاً على هذه الملاحظات وإنما يربطها ربطا وثيقا بحراكها في المجتمعات وكيف إنتهت بالمجتمعات المسلمة للتسليم المطلق بقداسة الكثير من التراث الديني والنصوص والباسها -في التباس عظيم- لباس النصوص القطعية الورود والدلالة في القرآن والسنة دونما ادنى إعمال للعقل –مناط التكليف الإلهي الحقيقي- في مقاربة هذه النصوص او هذا التراث..


    هذا المشهد بكلياته الممتدة عبر القرون, وخلاصاته الراهنة في حياة الناس, يمثل مدخلا للمبحث الرئيس لهذا الكتاب "قضية الدين والدولة" ..


    حكم الإسلام السياسي هذا الوطن المغلوب على امره لما يشارف ربع القرن .. ربع قرن من الزمان شهدت من المآسي والمخازي والجرائم الكبيرة ما ناء بحمله الشعب السوداني وما زال يكابد اثقاله حتى يومنا هذا .. والثابت في يقيني انهم ما جاؤوا لحكمنا من الفراغ .. ولا أستمر حكمهم بحكم المصادفة, وإنما كانت ركائز حكمهم مشيدة على أرضية عقولنا بل وشديدة الرسوخ في وعينا الجمعي من خلال تسليمنا المطلق بقداسة التراث الديني و وقوعنا التام في سطوة الزيف العالق فيه مما أفضى بمجتمعاتنا بأن تكون قابلة جدا للخداع ..


    ربع قرن من الزمان شهدت كل هذا الكم الهائل من المخازي الوطنية الكبيرة وما زال الإسلام السياسي الجاثم على صدر هذا الشعب يحلم باستمرار هذه المهزلة, بل وباكمال دورات تاريخية قادمة في حكم السودان .. تتبدل مسمياتهم وتكويناتهم بيد أنهم يتفقون تماما في الأرضية التي ينطلقون منها نحو أهل السودان .. احتكار الدين .. فعن أي دين يتحدثون ؟! وكيف ينبسط ويمتد وعى الناس نحو ادراك الحقائق الجوهرية والاساسية حول هذه الخديعة الكبرى المتدثرة باثواب المقدس .. وما هي الكيفيات التي يتم بها فضح هذا التزييف الشنيع .. هذا الاسترزاق والتوسل والتسول الرخيص بالقيم السماوية لإشباع الشهوات المريضة بالسلطة وتراكم الثروات والحسابات البنكية والعقارات والأراضي في بلد يموت فيه الناس جراء الفقر والامراض والحروبات والمكابدة ؟!!


    اجزم أن هذا الكتاب أداة وعي بيد الشعب السوداني .. اجزم بذلك كثيرا .. وأتمني أن أساهم في ذلك بعملية الاستقراء هذه عبر هذا الموقع .. أداة وعي تعمل من خلال تنقية التراث الديني من شوائب القداسة الزائفة ومن ثم عرضه للمحاكمة العقلية في إمتثال تام لجوهر التكليف الالهي في إعمال العقل كآلية لا يتحقق كمال الإيمان الا بها ..


    شكرا جزيلا لكل الأصدقاء من مروا من هنا ..
    لكم التجلة والاحترام والتقدير ..
    ونواصل ..



    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 02-20-2014, 05:10 PM)
    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 02-22-2014, 05:04 PM)

                  

02-21-2014, 07:17 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    حالة التسليم المطلق بقداسة التاريخي من خلال نظرية (التقادم المكسب للقداسة) كما يقول كمال الجزولي .. هي حالة ثقافية تلبست الناس وشاعت فيهم حتى قامت عندهم مقام الدين الصحيح .. بالعودة لجذور هذه الثقافة نجد أن بناءها الفكري قد شيد على قوالب (الترميزات الأسطورية) في مقابل ديناميكيات التدبر العقلي وهي الديناميكية الصحيحة دينيا بموجب صحيح الدين نحو انجاز البناء الفكري للدين في المجتمع المعاصر ..


    بيد أن العلة الأخرى في هذا التكوين المعيب في ذاته, كانت في خضوع ذات المنجز البشري المحض لعمليات قص وإقصاء وتبعيض متعمدة بحسب رؤية ومصالح المتاخرين .. والأمر هنا بمثابة منهجية خاطئة لعملية التقديس الخاطئة أصلا ..

    ولعل النموذج الذي ذكره كمال الجزولي كان شديد الوضوح.. حيث تم نوع من الاقصاء المتعمد لبعض الفتاوي العمرية ذات الطابع السياسي, العمرية نسبة لسيدنا عمر بن الخطاب, لصالح غيرها المتعلق بالحجاب واتخاذ مقام إبراهيم مصلى وغيرها..

    يكون نموذج عمر بن الخطاب –في الواقع- نموذجا عقليا متطورا جدا بالمقارنة مع الكثير من النماذج المطروحة المعاصرة التي تنتهج النقل الدقيق للقديم/التأريخي/المقدس .. تنهجه نحو تأسيس الفقه المعاصر لضبط الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للإنسان المسلم في القرن الواحد وعشرين !!

    عمر الذي لم يكن تفصله عن الوحي المقدس حقا وحقيقة الا سنوات قليلة في ابعد سنوات عمره, فيقرر تعطيل العمل بنصوص قرآنية شديدة الوضوح حول آلية توزيع الغنائم تغليبا للمصلحة العامة ووفق محاجة عقلية صارمة .. وعمر الذي الغى سهم المؤلفة قلوبهم .. وعمر الذي أفتى بعدم جواز قطع يد السارق في عام الرمادة .. هذه مواقف عقلية عظيمة وخاضعة تماما لصحيح الدين ولم تفارقه قيد أنملة, بل ومستجيبة لأكثر من 50 نص قرآني حاث على إستخدام العقل و 18 نص قرآني يدعو المؤمنين للتفكير..

    ذاك عمر وهؤلاء هم الذين ألبسوا اسلافهم قداسة وجعلوا من اقوالهم دينا يلتمسون به غير وجه الله و إنقلبوا علينا يسرقون وينهبون ويقتلون ويعيثون في أرض السودان كل هذا الفساد العظيم ..
                  

02-21-2014, 09:02 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    عند هذه الإحالة التأريخية لعمر بن الخطاب (رضى الله عنه) بغرض التأسيس التاريخي لمبدأ التدبر العقلي للنصوص القرآنية.. وقبلها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. يضع كمال الجزولى القواعد من كتابه .. منهج عقلاني ملتزم تماما بصحيح الدين .. وحتى أنه في ذلك يستلهم سيرة الصحابة الكرام في تطبيقه.. هو اتفاق تام مع هذا المنهج.. بيد أنه يستلزم -بالضرورة- الإختلاف الطبيعي بموجب ديناميكية المنهج الداخلية, وبحيث لا يكون للنقل وعمليات النسخ المكرورة للمنتج العقلي للسلف البعيد دورا في قضايا الراهن الا في حدود استلهام منهجهم في التدبر العقلاني .. وهنا يبرز كمال الجزولي مفهوم التعامل مع النصوص من منظور المصالح الكلية للمجتمع المسلم .. وهو ذات المفهوم العُمَري .. والذي هو بالضرورة ذات الذي أشار اليه الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ب (أمور دنيانا) ..

    في الحقيقة لم اكن شديد الإقتناع وكمال الجزولي يشير لتطور هذا المنهج العقلاني عند عمر بن الخطاب من ناحية استيفاءه لشرط الشورى .. هذه المسألة التاريخية تحتاج للكثير من التقصى حول الآلية التي كانت تتم بها الشورى وإلى أي مدى كانت ملزمة التطبيق وما قواعدها ونحو ذلك .. هذا تصوير نموذجي يرتبط بحالتنا الذهنية الراهنة بأكثر مما كان الأمر عليه في الحقيقة .. هل كان هناك للدولة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب مؤسسة شورية ذات تقاليد معروفة و آليات واضحة ؟! .. لابد من تقصى المسألة ولكن .. مسألة تمتع بعض الصحابة بمنهج عقلاني صاف نحو فهم النصوص القرآنية ومجالات تطبيقها في الواقع المتغير .. فتلك مسالة مرجحة جدا ..

    يبقى أن نقول: مسألة إتخاذ عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة كمرجعية للمنهج العقلاني في التأريخ الإسلامي ويتوافر لها الكثير من الإجماع في مجتمعاتنا المعاصرة.. هو مسالة صحيحة تماما وتصب في اتجاه المصالح الكلية للمجتمع السوداني بكل تأكيد..

    إنطلقت دعاوي التاصيل الديني للمجتمع السوداني بواسطة نظام الهوس الديني أوائل التسعينيات.. وأذكر من آثارها المضحكة جدا أن المرء كان ليسمع عبارات على شاكلة "لله دركم" و "خيار من خيار" في دواوين الحكومة وغيرها .. وكنا قد كنا لا نسمعها الا عبر المسلسلات الدينية في نسختها المصرية الفقيرة المحتوى والشكل .. كان ذلك غاية ما تم من تأصيل قبل ينصرف نظام الهوس الديني بكلياته لتلك "المأكلة" التأريخية المعروفة .. ولو أرادوا تأصيلاً حقيقيا لكانوا رجعوا للأصول .. لصحيح الدين .. للمنهج العقلي والنقدي في مقاربة النصوص القرآنية نحو راهننا المعاش .. ولبسطوا الوعي بكل ذلك كله .. ولكانوا أرتقوا بوعي الناس لذلك المقام العقلي المحمود بموجب التكليف الالهي .. ولو فعلوا .. لو كانوا فعلوا ذلك وقد ملكوا الأرض السودانية وما عليها .. لما أشار الناس في يومنا هذا أن: شتان ما بين عمر و عمر !!

    وللاشياء في تجلياتها صلات وصلات .. فالمعاني السامية في تعاضدها وتآذرها تشد بعضها البعض .. والمعاني السافلة هي كذلك .. تشد بعضها البعض .. يبدا الانحطاط عند اي نقطة في الدائرة ثم يكون المحيط بكامله منحطا .. في السياسة .. في الاقتصاد .. في الادارة .. في الاخلاق .. في كل شيء !!

                  

02-21-2014, 01:55 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)



    عتود الدولة (2)

    تداعي شخصي ..

    يقول عاطف خيري:

    نـحـن الـبـلاد الـشـاكيه جـرحـها لـلـصديد
    جــاتــنـا الــقــوافـل بـالـضـجـيـج
    جــرّتـنـا مــــن حــلـبـة رقــيـص
    ورّتــنــا كــيـف صـلـبـوا الـمـسـيح
    ورّتــنــا كـــيـــف كــتــلــوا الــحـسـيـن
    وبكــيـنـا اكـــتـــر مــنــهــا
    سـاقـتـنـا فــــى الآخــــر عــبـيـد !!!

    مــيـن يـشـترينى مــن الـمـلوك الـخـايده
    فـــــــى الـــــــدم الــقــديــم
    مـيـن الـلي يـوصف بـيـتنا لــى هـدهد يـتيم
    يــــــا هـــدهـــدى الــمــهــدود
    مـــيـــن هـــدهـــدك نـــمـــت
    كــــــل الــطــيــور غـــنـــت
    مـــنـــك يــجــيـنـى ســـكــوت
    مـــيـــن الـــهـــداك لــلــنــاس
    أو هــــــدّ فـــيـــك الـــمـــوت
    يــا أوســم الـجـايين ، انـا قـلبى حِله حـنين
    والـــشـــوف فــتـحـنـى بـــيــوت
    يـــــــــــا صــــالــــحـــه
    لا جــنـبـك لا فــــت مــنـك فـــوت
    دايــــمـــاً مــعّــلــق بـــيـــن
    بـــيـــن الــحــيــاة والـــمــوت
    أدخــــــل ضــــــلام الـــنــاس
    نــــــورك يــجـيـنـي خـــيــوط
    وقـــبــال أقــــع فــــى الــضــو
    جــــــواك ســنــدنـى خـــفــوت
    أنــــا بــرضــى حِــلــة شــــوق
    لــكــنــى فــــــى الــتــابــوت

    ولكنا ما زلنا في هذا التابوت التأريخي للدين المزيف, يقول صاحب آذان الانعام أن للهدهد كما للغراب رمزية تعبيرية في النص القرآني.. فبينما يختص الغراب بالتعبير عن مستوى أدنى من التواصل بين السماء والإنسان إقتضته الحالة العقلية للمتلقي .. تلك الحالة العقلية للانسان, وقد كانت تمر بمرحلتها الطفولية التي فرضت ذلك النوع من التعليم المعتمد على الإشارة والحركات بغية تقليدها .. ذلك قبل إرتقاء الحالة العقلية للإنسان ومن ثم ارتقاء وسائل التواصل بين السماء والأرض لتدخل فيها اللغة والرموز والحكي و الاستنباط وحفز العقول لممارسة عمليات التفكير الأكثر تعقيداً, والتي يمثل الهدهد عنوانها ورمزيتها في زمان سليمان .. هذا التطور في إمكانيات العقل البشري في زمن وجيز, بين زمان سيدنا آدم وصولا لزمان سليمان .. بين حالة الإنسان الذي لا يتعلم الا بالاشارة والحركات (لغة الغراب) .. وبين الإنسان الذي يتلقى في شخص سليمان تقريرا شاملا ودقيقا لأحوال الناس من نواحي عقائدية وإقتصادية وإجتماعية (لغة الهدهد) ..

    قال تعالى:
    ( فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ( 22 ) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ( 23 ) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ( 24 ) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ( 25 ) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ( 26 ) ) ..

    كان ذلك لسبعة ألف عامٍ سبقت .. لياتينا في يوم الناس هذا .. ومن أرض السودان .. ليأتينا ذات الهدهد يحكينا عن متاهة قوم سُلط عليهم من زين لهم الشيطان اعمالهم ففسقوا في الأرض وأفسدوا فيها هذا الفساد العظيم .. سُلِط عليهم من لا يسجدون للشمس ولكنهم يتخذون من الدين الاسلامي ومن كلمات الله مطية للدنيا والسلطان والعروش الباذخة .. يبنون أمجادهم على ارضية أنحطاط وجهل المجتمعات المسلمة وغياب العقل المسلم عن مناط تكليفه وعن التفكير و السعي الدؤوب للمعرفة وتلقى العلم والثقافة العالية ..

    لو كنا جميعا نتفق أن هذا الدين يحض على المعاني السامية والنبيلة ويحث الناس على العلم والمعرفة ويدعوهم للتفكير .. لو كنا نتفق جميعا في ذلك فلنتساءل .. من أين تراكمت علينا وعلى أغلب المجتمعات المسلمة كل مظاهر الانحطاط هذه ؟!!

    هل من الممكن أن ينتهى المطاف بجموع المؤمنين وبحراكهم التأريخي والإجتماعي لهذا الانحطاط لو كان يتمسكون بصحيح الدين ؟!!
    فإن كانوا لا يتمسكون بصحيح الدين فبماذا كانوا يستمسكون ؟!!

    والإجابة تضعنا تماما أمام الحقيقة الواضحة .. فإن كان صحيح الدين يحض على ذلك كما نتفق جميعاً, فلقد أقعدنا الدين الكذوب وتقديس مكونه التراثي البشري المحض عن المعاني الراقية للايمان .. ذلك الايمان المستخلص بالعمليات العقلية الاستدلالية والاستنباطية والمحاججات والجدال المعافى في مناخات إنسانية حرة و محررة تماما من النصوص العتيقة التي وجدنا عليها آباؤنا الأولين فأوجدنا فيها واقعا موازيا لنا لنعيش فيه بين ظهراني ماضينا لا نحيد عن نصوصه العتيقة قيد أنملة .. ولسان حالنا يحاكي تماما ما قاله الهدهدان : هذا ما وجدنا عليه السلف الصالح !!..

    شتان بين هذا وذاك المعنى الراقي جدا للأيمان الذي ارتضاه الله لعباده وقد ارتقوا وارتقت إنسانيتهم لمراقي عظيمة في كل نواحيها وفي معظم المجتمعات, معظم المجتمعات فوق ظهر البسيطة تعيش الآن أزدهارا وتطورا مستمرا الا تلك التي ما زالت تعيش تحت وطأة تقديس السلف الصالح, وتنظم حياتها ومعاشها وسعيها في الأرض وفق ما نقل عنهم في بطون الاف الكتب الصفراء المتآكلة الاطراف والمعدومة الصلاحية .. معدومة الصلاحية حتى وإن تمت إعادة طباعتها الفاخرة الاف المرات .. ان هي الا عملية مصادرة تأريخية للكتاب الواحد المحكم الذي تنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأعجز العالمين .. مصادرته وتجييره لصالح واقع شديد الانحطاط ينتج فيعاد انتاجه في نسخِ فاخرة لا تضيف للبشرية ولا لمجتمعاتها شيئا الا مزيد من الانحطاط ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 02-21-2014, 02:12 PM)

                  

02-21-2014, 02:12 PM

عبدالحفيظ ابوسن
<aعبدالحفيظ ابوسن
تاريخ التسجيل: 06-24-2013
مجموع المشاركات: 22319

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    متابعة
                  

02-25-2014, 11:01 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20360

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 1- عتود الدولة .. (Re: عبدالحفيظ ابوسن)

    أعتذر عن الإنشغال الشديد ..
    وسنواصل في استقراء الكتاب باذن الله ..


    مررت اليوم على مقالة لعبدالوهاب الأفندي .. والأفندي صاحب رؤية ناقدة لاحوال الاسلام السياسي الذي ينتمي اليه .. وهو في ذلك كغيره من "مثقفي" الاخوان المسلمين في السودان .. الا أنهم وجميعا يمارسون نوعا من "المقاوحة" والالتفاف عن الاعتراف بفشل هذا المشروع السياسي !!..


    المقال:


    ثارت ضجة كبيرة في منتصف الثمانينات داخل مجلة ‘أرابيا’ الشهرية التي كنت أتولى إدارة تحريرها، وذلك عندما نشر الزميل جاويد أنصاري، المحرر الاقتصادي، استطلاعاً مطولاً عن بلده الأصلي باكستان تناول فيه ما وصفه بـ ‘الفساد الإسلامي’. فقد ثارت ثائرة الناشرين وعدد من الزملاء، قبل أن تصل انتقادات نظام ضياء الحق وأنصاره، بسبب ما وصف بأنه مبالغة في نقد الأوضاع في باكستان، وقبل ذلك بإلصاق صفة ‘الإسلامي’ بالفساد.
    ولم يكن د. أنصاري، وهو عالم اقتصاد ضليع كان يدرس الاقتصاد في جامعة لندن ويعمل مستشاراً في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، من خصوم الإسلاميين. بل إنه كان يدعي الانتماء للجماعة الإسلامية في باكستان، رغم أن الجماعة كانت تتبرأ منه بسبب مواقفه الراديكالية. وقد فجر معي ذات مرة معركة في غير معترك لأنني انتقدت الحركات الإسلامية ومن ضمنها الجماعة الإسلامية.
    وكان قد كتب مقاله ذاك بعد زيارة قصيرة إلى باكستان، ضمنها مشاهداته وملاحظاته، وكان من ضمنها أن الفساد في باكستان ضياء الحق أصبح يتنكر بلبوس ‘إسلامي’.
    تذكرت ذلك السجال بإزاء التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية، وخاصة التقارب بين أجنحة ما كان يسمى بالحركة الإسلامية، خاصة المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المعارض الذي انشق عنه عام 2000. فهذا التقارب يذكرنا من جديد بأن هناك ‘مشكلة إسلامية’ في السودان، الذي لم يشهد فقط ‘الفساد الإسلامي’، بل كذلك الاستبداد ‘الإسلامي’، وحتى النهب والقتل الجماعي، بل وارتكاب الفواحش، باسم الإسلام وتحت رايته.
    وقد بلغ الأمر أن القيادي الإسلامي الراحل، ياسين عمر الإمام، رحمه الله وأحسن إليه، قال مرة إنه أصبح يخجل من دعوة أي شخص للانتماء للحركة الإسلامية، بما في ذلك أحفاده، بسبب ما لحق بصورتها من تشويه. وقد سمعنا للأسف روايات متواترة عن ارتداد كثير من الناس عن الإسلام في بعض بقاع السودان النائية، وقد يكون مثل ذلك وقع في الحواضر ونحن عنه غافلون.
    وحقيقة لولا أن هذا الدين مؤيد من السماء، لكان حرياً بأن يندثر وينقرض في بلاد السودان بسبب ما وقع من صد عن سبيل الله عبر ممارسات تسيء إلى الدين الحنيف، وترفع شعاراته لارتكاب الظلم والكبائر تحت هذه المظلة، وكفى به إثماً مبيناً. فارتكاب المحرمات والآثام العظيمة من الكبائر عند الله تعالى، وهو مع ذلك غفور رحيم لمن تاب وآمن ثم اهتدى. ولكن ارتكاب هذه الجرائم باسم الدين أمر آخر، لأنها افتراء على الله، وكذب في حضرته، وتشويه وإساءة للدين الحنيف.
    وأذكر أننا كنا خلال بضع سنوات مضت نناقش في لجنة شبه رسمية قضايا الإسلام والمسلمين في بريطانيا، ومتطلبات توطين الإسلام في هذه البلاد. وفي إحدى الجلسات، خاطب المجموعة شخص يدعو لتبرير الفواحش وشرعنتها، ويستشهد في ذلك بآيات قرآنية ونصوص يزعم أنها تؤيد ما يقول. فقلت لصاحبنا: يا هذا، إن الله غفور رحيم، يغفر الذنوب جميعاً لطلاب المغفرة، بما فيها الفواحش والكبائر التي تحدثت عنها. ولكن ما لا يمكن القبول به او السكوت عليه هو الافتراء على الله تعالى، وتحريف الدين، لأن الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، لا يأمر بالفواحش ولا يرضاها.
    وبنفس القدر، يمكن أن يقال أن الاستبداد والفساد، وأكل أموال الناس بالباطل، وسفك الدماء بغير حق، بل والتعدي على الأعراض، كلها من الكبائر والعظائم التي تورد صاحبها موارد التهلكة. أما الافتراء على الله تعالى بالزعم بأنه يرضى مثل هذه الأمور، بل يأمر بها، فهو في مقام آخر. وقد جاء في صحيح التنزيل قوله تعالى: ‘ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ’. وقد فسره ابن كثير بقوله: ‘ ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلاً: أي خديعة ومكراً لئلا تزل قدم { بعد ثبوتها} مثلٌ لمن كان على الاستقامة فحاد عنها، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة، المشتملة على الصد عن سبيل اللّه، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به لم يبق له وثوق بالدين، فيصد بسببه عن الدخول في الإسلام’.
    فكل ممارسة تتلبس لبوس الدين وتسيء إليه، هي صد عن سبيل الله، ويا له من إثم عظيم!
    من هنا فإن التقارب بين ‘الإسلاميين’ (إن صحت التسمية بعد كل ما قلنا أعلاه)، لا ينبغي أن يكون على نفس الأسس التي كان عليها شملهم مجتمعاً من قبل، وإنما على أساس التبرؤ من تلك الممارسات والتوبة عنها والبحث الجاد في سبل التكفير عن تلك الآثام، ورد المظالم إلى أهلها.
    إن التقارب بين كل طوائف المجتمع السوداني مطلوب ولا بديل عنه. ولكن التقارب ليس مطلوباً لذاته، وإنما يجب أن يكون التعاون على البر والتقوى، كما أمر الله تعالى، وليس على الإثم والعدوان.
    وفي حقيقة الأمر، فإنه لم يكن هناك أي مبرر معقول لما وقع من خلاف وقطيعة، لأن الطرفين لم يختلفا في أمور كثيرة، وإنما كان الخلاف حول الزعامة والمناصب والمواقع. ولا نحتاج هنا إلى تكرار ما رددناه مراراً من قبل من أن كلا طرفي هذا النزاع كان على خطأ، وأهم من ذلك، كلاهما استمر على الخطأ. ذلك أن أيا من الطرفين لم يخاطب لب المسألة، بل ظل يتهم الطرف الآمر بأنه كان المسؤول عن الممارسات الخاطئة، ويبرئ نفسه من كل ذلك، وينسب الإيجابيات (إن وجدت) إلى نفسه.
    وتزداد المسألة تعقيداً لأن النظام الحالي لم يعلن في مبتدئ أمره بصراحة برامجه السياسية ومنطلقاته الفكرية، بخلاف كل الحركات المماثلة في أي مكان آخر، كما حدث مع الثورة الإسلامية في إيران ونظرية ولاية الفقية. فالثورات الشيوعية طرحت رؤاها الماركسية كما فعل لينين أو ماو أو تيتو، كل حسب اجتهاده.
    وكذلك فعل البعثيون والناصريون، وحتى العقيد القذافي طرح نظريته الثالثة. ولا عبرة هنا بأن تلك التجارب، وكذلك تجربة نظام مايو المستنسخ منها في السودان، كانت كوارث على البلاد والعباد. الشاهد أنها المنطلقات كانت واضحة، مما أتاح كذلك نقدها واستبدالها، كما حدث عند الأحزاب الشيوعية والاشتراكية في أوروبا الغربية ومراجعاتها.
    أما في الحالة السودانية، فإن نظام الإنقاذ بدأ بإنكار هويته الإسلامية، وكان الشيخ الترابي وعلي عثمان وغيرهما يديرون الأمور من وراء ستار، وينكرون في العلن كل صلة لهم بها. وحتى عندما بدأوا المجاهرة على استحياء، كانوا (وما يزالون) يتسخدمون النهج الذي وصفه الرئيس البشير عقب انفصال الجنوب بـ ‘الدغمسة’، أي التلبيس وعدم الوضوح. فكان الحديث عن ‘المشروع الحضاري’ (عوضاً عن ‘الإسلامي’)، وتسمية ‘المؤتمر الوطني’ أو ‘المؤتمر الشعبي’، بدون إشارة إلى الإسلام. أما البرنامج الحقيقي ونظريات ‘التمكين’ وغيرها فكانت تتداول في الغرب المغلقة وفي أوساط محدودة، ممثلة في دوائر ‘السوبر-تنظيم’ وملحقاته الأمنية وشبه العسكرية.
    من هنا فإن حل ‘المشكلة الإسلامية’ يجب أن يبدأ بصورة عكسية، كما أسلفنا في مداخلة سابقة. فالبداية لا يمكن أن تكون بالتبرؤ من الممارسات السابقة، بل توضيح ماهية ومنطلقات تلك الممارسات. أي أن المطلوب أن يسمع الناس بوضوح، ومن جديد، التبشير بالمشروع الحضاري، وما هي صفة ذلك المشروع، وماذا كانت منطلقاته النظرية، وكيف بررت تلك المنطلقات ما وقع من ممارسات. فلا يمكن الثقة بتحول حقيقي في المواقف ما لم يتم نقد ومراجعة المنطلقات النظرية والأخلاقية للممارسات السابقة، كما لا يمكن نقد تلك المنطلقات ما لم يتم بيانها.
    وكنا قد قمنا بمحاولة محدودة في كتاب ‘الثورة والإصلاح السياسي في السودان’ إخراج بعض المسكوت عنه إلى العلن من أجل فتح حوار حول القضايا الحقيقية. ولكن تلك المحاولة كانت بطبيعتها محدودة، بسبب ما لقيته من مقاومة مسبقة وهجوم لاحق أولاً، ولكن قبل ذلك وبعده لأننا لم نكن نمتلك كل المعلومات. وينبغي اليوم على من كانت لديهم كل المعلومات أو القدر الأكبر منها، أن يقدموا تفسيراتهم لما وقع وتبرير ذلك قبل المضي إلى المرحلة القادمة، وهي المراجعة.
    خلاصة الأمر أن هناك عبئا ثقيلا يتحمله المنتسبون للتيارات الإسلامية المختلفة في السودان، لأن ممارسات خاطئة كثيرة وقعت وما تزال تقع باسم الإسلام، ولم ينكرها إلا قلة، بينما تورط فيها الأكثرون إما مشاركة وإما تأييداً وإما سكوتاً. وهذا هو لب ‘المشكلة الإسلامية’ كما نراها، لأنها تتعدى الأزمة السياسية في السودان إلى بعد آخر. فالأزمة السودانية ستتم معالجتها عاجلاً أم آجلاً عبر انفراج وتفاهم بين القوى السياسية المختلفة. ولكن ما لحق بسمعة الإسلام والحركات الإسلامية من ضرر ربما يحتاج إلى أجيال لإزالته، ولكن البداية يجب أن تكون الآن. فهذه مسؤولية أمام الله، وهي تقع أساساً على هذا الجيل.

    ‘ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de