النعمان حسن قرنق كان متاحاً له أن يصبح رئيساً للسودان وليس متاحاً له أن يكون رئيساً للجنوب ح أخيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2014, 09:45 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النعمان حسن قرنق كان متاحاً له أن يصبح رئيساً للسودان وليس متاحاً له أن يكون رئيساً للجنوب ح أخيرة

    النعمان حسن - قرنق كان متاحاً له أن يصبح رئيساً للسودان وليس متاحاً له أن يكون رئيساً للجنوب الحلقة الأخيرة


    كراهية أمريكا لقرنق منذ نشأته اليسارية ومواقفه الوحدوية كانت السبب في تصفيته

    الجنوبيون الذين صوتوا لتمزيق السودان هل سينجحوا في حماية الجنوب من التمزق لنفس الأسباب

    هيمنة الطائفية على الحركة الوطنية مع إطلالة الاستقلال كانت السبب في تمرد الجنوب عام55 19م

    هل هناك بلد يملك ثروات السودان دمره أهله وجعلوه أفقر دول العالم

    تناولت في الحلقات السابقة محطتي الإنقاذ والتجمع الوطني الديمقراطي وفى هذه الحلقة الختامية أتوقف عند المحطة الثالثة الخاصة بالحركة الشعبية لتحرير السودان وهى ثالث المثلث الذي قلت عنه انه يتحمل مسئولية الأوضاع المأساوية التي لحقت بالسودان شماله وجنوبه قبل وبعد الانفصال حيث تصاعدت الأحداث وتصاعد العنف بصورة اعنف مما كان عليه فبل الانفصال سواء في الجنوب أو الشمال ليحل الدمار ويتضاعف سقوط الضحايا والموت والتشرد بين أبناء الشمال والجنوب بدلا من إن يحل السلام والمعمار بعد الانفصال مما يؤكد إن ما أرتكب في حق السودان من هذه الأطراف الثلاثة لهو جريمة بكل المقاييس حيث اثبت الواقع إن حسابات الأطراف الثلاثة جاءت بغير ما اشتهى أي منهم
    فالإنقاذ المسئول الأول والتي سعت للانفصال من اجل أن تفرض الحكم الإسلامي على الشمال بعد أن تنفرد به برحيل الجنوب خابت حساباتها حيث تردت أوضاع البلد على كل مستوياتها امنياً واقتصادياً سياسياً.

    أما التجمع الوطني الديمقراطي الشريك الثاني في المسئولية فلقد سلم مستقبل البد كما قلت للمتآمرين على وحدته طمعا في العودة للسلطة تحت العلم الأمريكي عاد للسودان منكسرا بعد أن شارك الإنقاذ في تحمل مسئولية الانفصال

    ثم أخير الحركة الشعبية التي هيمن عليه بعد وفاة زعيمها الدكتور قرنق الانفصاليون فاستثمروا إصرار الإنقاذ على فرض الحكم الإسلامي فدفعوا الجنوب للانفصال وهاهم اليوم يواجهون نفس الحرب الداخلية بعد أن تمزقت الحركة بسبب الصراع من اجل السلطة ومكاسبها الشخصية وتهددوا الجنوب بتفجر الصراعات العنصرية والجهوية التي تتهدد وحدة الجنوب ويعملون ذبحاً وقتلا في مواطني الجنوب الذين أسرفوا في وعودهم لهم بنعيم الانفصال وبدلا من أن يحل الأمن في الجنوب و ينعموا بخيراته ازداد فقرا وسقوطا في الضحايا وهروب الباحثين عن مأمن لأنفسهم.

    تلك هي محصلة المثلث الذي اخص في هذه الحلقة الختامية الشريك الثالث منه إلا وهى الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي أصبحت بجدارة الحركة الشعبية لتدمير الجنوب.

    لكن قبل أن أغوص في المرحلة الأخيرة من مراحل الحركة الشعبية التي اعتبرها الشريك الثالث لابد من وقفة مع خلفية تاريخية مع قضية الجنوب والتي كانت أخر إفرازاتها الحركة الشعبية لتحرير الجنوب لان ما انتهى إليه الجنوب بل والسودان هو نتاج طبيعي لازمة عاشها السودان منذ أطلق صفارة البداية للحكم الوطني.
    لعل أهم ما يجب أن نتوقف فيه عن السودان أن نطرح سؤالاً هاما عنه قبل الخوض في مأساته:

    هل هناك بلد يمللك ثروات السودان دمره أهله وحولوه لأفقر دول العالم مثل ما فعل أهل السودان به ؟

    إذن هو الواقع فواحد من أغنى دول العالم والذي تتوفر فيه كل مقومات النمو الاقتصادي فشل أهلة في أن ينتفعوا بخيراته وحولوه لأفقر دول العالم المتسولة من اجل لقمة العيش وهو الذي راهن عليه الاقتصاديون أن يكون سلة غذاء العالم. ولكن هل كان السودان بكل هذه الإمكانات دولة أو بلدا بالمفهوم العلمي للدولة؟:

    هذا ما لم يعرفه السودان حتى اليوم فهو لم يصبح دولة حتى اليوم إذا عملنا. مقومات الدولة فالسودان تاريخيا هو مجموعة دويلات صغيرة مشتتة عبر تاريخه جمع بينها المستعمر في كل مراحله من بقايا الدولة العثمانية (الاستعمار التركي) والانجليزي حيث أخضعوه كمناطق متجزئة إداريا للاستعمار تتبع للحاكم العام الأجنبي حيث أنهم حفظوا لكل منطقة منه كينونتها المستقلة ليشكلوا بهذا مرحلة تاريخية تختلف عن سودان ما بعد الاستقلال عندما دانت السلطة في المركز لجهوية بعينها عربية إسلامية متمركزة في الخرطوم حيث إنهم عندما قسموه لتسعة وحدات إدارية (مديرية) مستقلة عن بعضها البعض لا يجمع بينها إلا خضوعها إدارياً للمستعمر في المركز في الخرطوم لهذا لم يكن أهل هذه المناطق خاصة التي تتكون من هويات وجهويات مختلفة كما هو الحال في الجنوب وبعض المناطق الأخرى الأمر الذي افرز في هذه المديريات الإحساس بالتفرقة والغبن من إن هوية معينة عنصريا ودينيا تهيمن على غيرها من العنصريات والأديان وهو ما لم يحسوا به طوال فترتي الاستعمار حيث كانوا كلهم يخضعون في نهاية الأمر للحاكم العام في المركز الذي لا ينتمي لأي من مناطق السودان التي ظلت تاريخيا متنافرة.وتصاعد التنافر بينها بعد الاستقلال

    ثم كانت بدايات مرحلة الحكم الوطني والتحرر من الاستعمار والتي تمثلت بداية في مؤتمر الخريجين (المتعلمين ) والذي أسس يومها للحكم الوطني إلا أن هذا المؤتمر كان نتاجه إن هيمنت الطائفية على القوى السياسية ممثلة في طائفتي الأنصار والختمية والأولى سبق أن قدمت لهم نموذجا للدولة الإسلامية التي أسس لها المهدي بثورته الدينية أما طائفة الختمية فلقد كان أهم إفرازات مؤتمر الخريجين إنها أصبحت شريكا أساسياً في ما عرف بالحركة الوطنية ممثلة في الحركية الاتحادية والتي ضمت أهم قيادات العمل الوطني في تلك المرحلة وعلى رأسهم الشهيد إسماعيل الأزهري ى فهذه الحركة التي كانت مزيجا ببين الطائفة والقيادات الوطنية والتي تعتبر أهم ما تمخض عنه مؤتمر الخريجين إلا إن هذه الحركة انصرفت عن بحث أهم قضية تواجه السودان بعد الاستقلال وهى قضية توحيد هذه الدويلات المتنافرة في دولة واحدة تتعايش فيها العنصريات والجهويات والأديان المختلفة للحديث انصرفت للحديث والمطالبة بوحدة وادي النيل أي وحدة السودان ومصر وكان هذا تحت تأثير الشريك الثاني في الاستعمار الثنائي كما يسمونه وهى وحدة لا تخرج عن تأكيد تميز العنصر العربي والإسلامي وتجاهله لبقية مناطق السودان التي تختلف عنهم في العنصر أو الدين أو كلاهما معا كما هو الحال في الجنوب وبهذا أغفلت هذه القيادة أن الوحدة التي تحتاج لأولوية في الرؤى السياسية كيف للحكم الوطني أن يجمع هذا الشتات من الدول المتنافرة تاريخيا في دولة واحدة يتوافق ويتساوى أهلها في السودان وكان هذا يتطلب رؤية سياسية متقدمة من اجل تحقيق التعايش بين العنصريات والجهويات والفواق الدينية بين مناطق السودان المختلفة وكان تجاهل هذه القضية والانصراف للوحدة مع مصر والتي عمقت من مفهوم الانحياز العربي والإسلامي والتي ما كانت لتأخذ الأسبقية على وحدة مناطق السودان قبل الحديث عن وحدة مع دولة خارجية تكرس الدعوة لها الفوارق الجهوية والعنصرية والدينية.


    لهذا كانت تلك ضربة البداية التي صعدت فيما بعد من قضية الجنوب بل وقضايا العنصريات والجهويات والفوارق الدينية التي أصبحت الأزمة الحقيقية للسودان الذي ظل فاشلا حتى اليوم في أن يحقق وحدة السودان وفق رؤى وطنية يتوافق فيها الجميع وهو الفشل الذي انتهى بانفصال الجنوب وتهديد أكثر من منطقة بنفس المصير.

    انطلقت يومها وفى عام 55 عندما كانت وحدة وادي النيل هي المصير المتوقع للسودان انطلقت أول طلقة نارية تعلن عن تمرد الجنوب الذي اشتهر بتمرد توريت والتي راح ضحيته آلاف الأبرياء من الشماليين والجنوبيين فكانت تلك الطلقة الشرارة التي أشعلت نيران التمرد فى الجنوب وتواصل هذاالتمرد حتى عام 1972بالرغم من ان هذه الفترة شهدت فترتين من الحكم الديمقراطي ومثلهما من الحكم العسكري إلا إن الحال لم يتغير بالرغم من إن وحدة وادي النيل لم تكتمل وان سقف مطالب الجنوب لم يتعدى طوال هذه الفترة المطالبة بالفيدرالية إلا إن أحداً من القيادات الوطنية لم يتعامل مع هذا الأمر بجدية بل كانت القوى الحاكمة والمعارضة تسرف في الوعود التي لا تلتزم بها وكان عام72هوالذى شهد أول اتفاق وقعه النميرى مع قيادات التمرد يومها جوزيف لاقو وجوزيف ادوهو والذي نص على منح الجنوب الحكم الذاتي والذي وضع موضع التنفيذ فعلا وحقق السلام والأمن لأول مرة في الجنوب لولا إن النميرى تراجع عنه بالاستجابة لطب قيادات التمرد إلغاء نظام الإقليم الواحد للجنوب حتى لا يستأثر بالسلطة الدينكا وحدهم لأكثريتهم عن القبائل الأخرى واستجاب النميرى لرغبتهم وقرر تقسيم الجنوب لثلاثة ولايات إرضاء للنوير والشلك والأقليات التي رفضت أن يؤول حكم الجنوب للدينكا الأمر الذي أعاد الحال لما كان عليه بل أسوأ منه للتمرد من جديد ولكن هذه المرة وبوجه مختلف شهد مولد الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق وهو التمرد الذي شارك فيه قادة الدينكا لأول كردة فعل لتراجع النميرى عن اتفاق 72 وهى الحركة التي أصبح لها الدور الرئيسي فيما لحق بالسودان بعد فترات تعاقبت فيها أنماط من حركات التمرد أهمها الانانيا ون وأنانيا تو مرورا بفترات الهدنة التي شهدها السودان في عام72 باتفاق السلام الذي حققه النميرى قبل تراجعه عنه لتنطلق الحركة الشعبية عام83وليعيش البلد في عهدها فترة سلام قصيرة من عام2005 بعد حروب دامية انتهت بتوقيع اتفاق نيفاشا الذي كفل للجنوب حق الاستفتاء لتحديد مصير الجنوب والذي انتهى عام2011 عام الفراق الذي انتهى بانفصال الجنوب عقب الاستفتاء الذي تم وفق اتفاق نيفاشا الموقع بين الحركة والإنقاذ تحت الرعاية الدولية بقيادة المتآمرين على وحدة السودان بتواطؤ مع دول الجوار المسمى بدول الإيقاد من الطامعين في تقسيم السودان.

    كان لابد أن أتعرض لهذه المراحل باقتضاب شديد إلا إن أهم ما شهدته تلك المراحل سلبية الحكم الوطني الذي ظل طوال هذه المراحل عاجزا عن استيعاب خطورة هذه القضية حيث لم يتخذ الحكم الوطني وبصفية خاصة الديمقراطي أي خطوة جادة لحل هذه الأزمة التي تتهدد وحدة السودان حتى وقع المقدور بفعل النظام الحالي الذي بنيت أجندته على فرض الحكم الإسلامي دون مراعاة لما يعنيه من مخاطر على وحدة السودان من المناطق التي ترفض أن يفرض عليها حكم عنصري عربي إسلامي ى ولكن كان هذا هو توجه النظام لفرض هذا الحكم حتى لو كان الثمن المقابل له انفصال الجنوب والذي سهل مهمة النظام لتحقيق هذا الهدف هو التجمع الوطني الشريك الثاني كما أوضحت في الحلقة الخاصة به.

    إذن نحن الآن نبلغ أهم محطات هذه الحلقة وهى التطورات التي شهدتها الحركة الشعبية نفسها حتى انتهت بانفصال الجنوب دون إدراكها لمخاطر هذا الانفصال على الجنوب نفسه وليس الشمال وحده ولكن التقت رغبة الطامعين في الانفصال من قادة الحركة مع رغبة النظام الحاكم في التنازل عن الجنوب من اجل فرض الحكم الإسلامي وكما هو الحال مع الحركة دون وعى من قادة النظام على إن ما يترتب على البلد من هذا الانفصال لهذا ما إن واجهوا هذا الواقع حتى وقفوا عاجزين عن أي حلول للسودان من هذا المأزق يؤكد ذلك المأزق الذى يعيشه اليوم قادة الإنقاذ والحركة الشعبية القابضين على السلطة في الجنوب بحثا عن معالجة الأسباب التي فجرت الحروب بالجنوب والتي ستصبح سيفا مسلطا حتى لو نجح الطرفان فى تهدئة الموقف اليوم فستبقى المسببات خطرا يتهدد ضحايا الانفصال من الدولتين.

    حقيقة الوقوف عند محطة الحركة الشعبية هي وقفة بالغة التعقيد ولقد سبق أن تعرضت للمراحل التي شهدتها الحركة في الحلقات السابقة ولكنى اقصر الحديث في خاتمة هذه الحلقة عن اكبر لغز ارتبط بهذه الحركة ولا أظنه وجد الاهتمام الكافي في بحث ما يتعلق به وهو الدكتور جون قرنق خاصة وان السؤال الذي ظل مطروحا هل قرنق وحدوي حقيقة وهل لو انه لم تتم تصفيته هل كان الحال سيتغير وان الاستفتاء لن يقترع لانفصال الجنوب ولا أظنني سأفي هذا اللغز حقه كاملا من البحث في أعماقه ويا ليت من يملكون معلومات أوفى عنه أن يسلطوا الأضواء على حقيقته.

    فالمعروف إن الحركة الشعبية هي وليدة ردة الفعل لقرارات النميرى التي أجهض بها اتفاق السلام والتي تمثلت أولا في قراره بإلغاء إن الجنوب إقليم واحد يحسم أمر حكامه ديمقراطياً وتحويله لثلاثة أقاليم إرضاء للفوارق بين كبرى القبائل في الجنوب وعلى رأسها الدينكا والنوير والشلك والمعروف إن الأخيرين كانا الطرف الموقع على اتفاق السلام 72 ولكن ورغم ذلك فان الحركة بدأت هشة وليست بالقوة التي اكتسبتها بعد ذلك حيث إن انطلاقة الحركة لقوى معترف بها ومدعومة دوليا كان ذلك عندما اصدر النميرى قوانين سبتمبر الإسلامية ذلك القرار الذي فتح أبواب الدعم للحركة من المتآمرين على وحدة السودان والذين وجدوا فيها المبرر لاستغلال النظام السودان للدين وهو ما يتطلعون إليه لتنفيذ مخططهم التآمري.

    ولكن الوقوف مع لغز قرنق يحتم علينا الوقوف عند بعض الملاحظات الهامة حتى نقف على حقيقة هويته إن كان وحدويا كما عرف عنه وان كان سيجنب السودان شر الانفصال إن كتبت له الحياة.

    بداية كان الدكتور قرنق نقيضا لأمريكا حيث إن بداية نشأته السياسية انه كان يساريا وحليفا للنظام الشيوعي القابض على إثيوبيا لهذا لم يكن رجل أمريكا في ذلك الوقت بل كان مصنفا خصما وعدوا لأمريكا حيث إن يساريته في بداية مشواره مع السياسة ووحدويته جعلت منه هدفا لأمريكا تجنبا لدوره في إجهاض مخططها لتقسيم السودان

    ولكن من الجانب الأخر فلان قرنق كان يساري النشأة فانه بالطبع كان يختلف عن الجنوبيين في إن نظرته الأممية كما تنص النظرية الشيوعية فانه إذن لم يكن ذلك القائد الذي ينظر للقضية بمنظار عنصري أو جهوى فالأممية التي نشأ عليها توسع من إطار فهمه للسودان ومشاكله الجهوية لهذا فانه كان مهيأ بالفعل ليكون مؤمنا بأهمية التوافق بين عنصريات وجهويات السودان المختلفة لهذا من المنطق أن نقول انه فكرا يمكن أن يكون وحدويا وليس انفصاليا.

    الجانب الثاني والذي يستحق وقفة إنني شخصياً كنت شاهداً على واقعة في غاية الأهمية واعترف بأنني كنت من الذين يتهمونه بالعنصرية والتوجه الانفصالي ولكن حدث أن مجموعة من السودانيين المعارضين للنظام والمتواجدين في القاهرة كانوا يلاحظون إن الأخوة الجنوبيين وبالرغم من عضويتهم في التجمع الوطني المعارض إلا أنهم على صعيد الواقع لا يشاركون في أنشطته وندواته وأنهم كانوا فى عزلة تامة عن الشماليين مع انهم وقعوا على ميثاق التجمع وقيام دولة المواطنة قبل أن يتراجع عنها التجمع لهذا قررت هذه المجموعة أن تكسر هذا الحاجز مع الأشقاء الجنوبيين فى القاهرة وقرروا تكوين منظمة اختير لها اسم (المنظمة السودانية لتحقيق الوحدة العادلة) وحرصوا ان تستوعب هذه الحركة بعض الأخوة الجنوبيين وبالفعل وجدت المنظمة استجابة من بعضهم وتم اختيار رحمة الله عليه البابا الجنوبي المسيحي باسفيكوا لادو لوليك عضو مجلس السيادة في الديمقراطية الثالثة التي انقضت عليها الإنقاذ في الثلاثين من يونيو 89 كما تم اختيار نائبين له كل من الدكتور بشير البكري والدكتور على التوم وكنت مقررا لهذه المنظمة ولما اعددنا أول بيان للمنظمة تعرضنا لرئيس الحركة الدكتور قرنق بصفته انفصالي ولكن البابا باسفيكوا رئيس المنظمة اعترض على الصياغة وقال بالحرف الواحد مشكلتكم كشماليين لا تفهمون قرنق انه ليس انفصالي بل هو وحدوي أكثر منكم لأنه طامع في أن يكون رئيسا للسودان الموحد لأنه يعلم انه ليس متاحا له إن يصبح رئيسا للجنوب لو انفصل لان الحكم في دولة الجنوب سيهيمن عليه سلاطين زعماء القبائل الكبيرة وان قرنق ليس منهم بل هو دينكا بور وليس دينكا بحر الغزال والدينكا بور أقلية لا يمثلون أي ى قوة في قبيلة الدينكا لهذا لن تتاح له أي فرصة ليكون حاكما للجنوب إذا انفصل ولكنه يطمع في أن يحظى بتأييد السودان شماليين وجنوبيين عندما يكون الأمر خاص بالسودان الموحد وينتفي تأثير السلاطين. كما انه أشار بصفة خاصة لموقف قرنق من كل من الدكتور ريك مشار ولام أكول عندما انشقا عنه لأنهما يرفضان رهن قضية الجنوب بالسودان لإرضاء مطامع قرنق في الحكم واللذان وقعا اتفاق بون الشهير الانفصالي وكان قرنق على رأس الذين اتهموهما بالخيانة الوطنية مما يؤكدانه ليس انفصاليا.
    كان حديث الباب مقنعا مما استوجب تعديل بيان المنظمة.
    بالفعل تأكدت نوايا قرنق عندما حظي باستقبال الشماليين له في الساحة الخضراء والذي تعدى استقبال الجنوبيين له في الساحة الخضراء حيث قدروا له أطروحاته السياسية للسودان الموحد.

    ثالثاً فان أمريكا وبالرغم من إنها أجبرت للتعامل معه كزعيم للحركة الشعبية إلا إنها ظلت تضمر له العداء ومارست عليه ضغوطا عنيفة عبر حلفائها من دول الجوار والذين تقلبت مواقفهم من دعم الحركة حسب متطلبات المواقف التي تدعم الانفصال ثم جاء يوم استدعت أمريكا قادة الفصيلين من الحركة بدعوة من لجنة الشئون الإفريقية بالكونجرس الأمريكي بغرض توحيد الحركة تنظيميا وتوحيد موقفهم من حق تقرير المصير ويومها لم يكن خافيا موقف قرنق الذي رفض بكل قوة التوحد مع الانفصاليين ولكنه أرغم تحت التهديد بوقف الدعم عنه وقبل حق تقرير المصير مجبرا كما أوضح لقادة التجمع عندما اتهموه بالخيانة حيث انه وبالرغم من موافقته رفض أن يوقع على إعلان حق تقرير المصير لهذا صدر الإعلان باسم لجنة الشئون الإفريقية بالكونجرس

    رابعاً كان واضحاً إن الدكتور قرنق شارك التجمع وهذا كان الرهان الخاطئ من الجانبين في أن حق تقرير المصير سيكون لصالح الوحدة إذا نجح التجمع في إسقاط النظام وقفل ملف الدولة الدينية من مسرح الحدث وان الاستفتاء عندئذ سيكون لصالح الوحدة حسب ميثاق التجمع قبل التعديل والقائم على دولة المواطنة الموحدة ولكن كلا التجمع والدكتور قرنق لم يوفقا في حساب القضية حيث تجاهلا إن أمريكا سوف لن تقدم لهم الداعم اللازم لإسقاط النظام وهى تعلم إن مخطط التقسيم لن يحقق نهاياته إلا بوجود النظام وإصراره على الحكم الإسلامي لهذا بقى النظام تحت الرعاية الأمريكية الرافضة للتجمع العودة للسلطة بل والأخطر من ذلك إنها بعد أن حققت اتفاق نيفاشا أدركت إن الخطر على هذا الاتفاق في ألا يؤدى للانفصال يكمن في رؤية قرنق الوحدوية لهذا جاءت تصفيته نتيجة حتمية لإزاحة شخصه من مسرح الأحداث بعد أن رتبوا لاغتياله بتلك الطائرة التي يعلمون أنها نعانى من خلل فني وإنها كانت تحت الصيانة ليرحل قرنق شهيدا للوحدة وليبقى التجمع خارج العملية السياسية مما حقق الانفصال في تنسيق كامل بين أطراف اتفاق نيفاشا بعد أن أزيح من المسرح زعيم الحركة الوحدوي قتيلا وبين تهميش التجمع خارج اللعبة السياسية.

    لهذه الاعتبارات فان الحركة الشعبية بعد ان تمت تصفية الدكتور قرنق وبعد تهميش التجمع حتى لم يعد يشكل أي خطر على النظام. أمكن لأمريكا أن تحقق ما خططت له وبالفعل فان ما تم من توافق بين رغبة النظام في فرض الحكم الإسلامي ورغبة بعض قيادات الحركة بعد تصفية الدكتور قرنق فان نتيجة الاستفتاء لم يعد لها غير طريق واحد وهو الانفصال.

    إذن هكذا كان دور الحركة الشعبية بعد أن فرضت أمريكا على قادتها أن يقدموا التنازلات لها وعمدت على تصفيته رئيس الحركة بعد ذلك فان التآمر على وحدة السودان لم يعد هناك من يقف في طريقها.

    ولكن ترى ماذا تفعل أمريكا اليوم وهى تشهد إن ما زرعته من فتنة بين الشمال والجنوب وما حققته من انفصاله فان ذات الفتنة بإثارة العنصرية والجهوية وجهلها بمطامع القيادات الجنوبية في السلطة وما تجنيه من فساد الحكم فانه يعرض الجنوب لخطر التهديد بالتقسيم والحروب الأهلية فكيف لها إذن أن تحول دون ما خططت له وهى لا تعلم انه سيرتد على الدولة التي طمعت في أن تكون من آلياتها لتحقيق مآربها وهى تواجه هذا المأزق اليوم و موعودة بما هو اخطر منه لان القضايا التي مزقت الشمال هي نفسها ستمزق الجنوب فهل تملك أمريكا أن تمنع ذلك
    الواقع يؤكد إنها لن تستطيع وسوف تدفع الثمن غاليا وإنا غداً الناظره قريب.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de