عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 11:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-19-2013, 10:29 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار
                  

12-19-2013, 10:33 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    فلنجعل حركة السلم والحقوق والحريات مشروعنا الوطني وهمنا المصيري. بقلم: فاروق محمد ابراهيم طباعة أرسل إلى صديق



    الخميس, 19 كانون1/ديسمبر 2013 10:58


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الخرطوم 18 ديسمبر 2013

    رسالتان للحوار تحت شعار: فلنجعل حركة السلم والحقوق والحريات مشروعنا الوطني وهمنا المصيري


    الرسالة الأولى

    من: فاروق محمد ابراهيم

    إلى: الدكتور أمين مكي مدني، رئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني

    الأستاذ كمال الجزولي، المسئول السياسي لكونفدرالية منظمات المجتمع المدني

    الزميلات والزملاء المحترمين أعضاء كونفدرالية منظمات المجتمع المدني


    تحية وتقديرا وبعد:
    وظيفة منظمات المجتمع المدني وحركة الدفاع عن الحقوق والحريات
    والأحزاب السياسية في ضوء أحداث سبتمبر/أكتوبر 2013
    1. إنني أستهل هذه الرسالة يا أخي أمين ويا أخي كمال بتأكيد إحترامي لشخصيكما وتقديري لإسهامكما المتميز في الشأن العام، ولكل الزميلات والزملاء بكونفدرالية منظمات المجتمع المدني، وأكتب معاتبا في نفس الوقت لتجاوزات أعتذر بسببها عن المشاركة في المؤتمر الجاري عقده بالعاصمة الإثيوبية أديس في الأيام 15- 18 ديسمبر الجاري. وأستميحكما عذرا أن أضطررت "لفتح الجرح لتطهيره من خلال حوار داخلي واسع، صريح، شفاف وحراق.....نسبة للتعويل على المنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني في لعب أدوار مقدرة في معارك التحول الديمقراطي بوصفها الضلع الثالث، إلى جانب الأحزاب والتقابات،....وبالأخص في روحية الفضاء المعنوي المطلوب لهذا التغيير" كما جاء يا أخي كمال في مقالك الواسع الإنتشار في المواقع الإسفيرية بتاريخ 25-26 نوفمبر 2013 بعنوان " الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير".
    2. كما تذكر يا أخي أمين فقد تبلورت ثلاثة مواقف عبرت عن نفسها بقوة في الإجتماع التأسيسي للهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات المنعقد بقاعة الفنار بتاريخ 29 يناير من العام الماضي، إذ توافق الطرح من جانبك ومن شخصي على ضرورة إستناد الهيئة المقترحة المستقلة عن الأحزاب السياسية وعن تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض لقاعدة تسندها. لكن بينما كان رأيك إستناد الهيئة على منظمات المجتمع المدني فقد ارتأيت إستنادها للجان شعبية تضم النشطاء الحقوقيين كأفراد، بغض النظر عن إنتماءاتهم الحزبية، يتم تأسيسها بالمحليات في مختلف الولايات. وقد عارض صاحب المقترح رئيس الإجتماع الأستاذ فاروق أبوعيسى الفكرتين بقوة، لتخوفه في الحالة الأولى من الزج بمنظمات المجتمع المدني في أتون الصراع السياسي، ما يبعدها عن المهمات التي أنشئت لأجلها، كما وفي الحالتين فإن قيام تنظيم مركزي، خصوصا على مستوى الأحياء، يصلح في تقديره لحزب سياسي لا للمنظمة الحقوقية المستقلة للدفاع عن الحقوق والحريات التي توافق المجتمعون على تأسيسها، ويضعها في حالة تنافس وصراع مع الأحزاب السياسية يفقدها الوظيفة التي أنشئت لها. وهكذا مضيت ومعك الأستاذ كمال الجزولي، الذي تغيب عن الإجتماع، في تأسيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني، بينما قبلت تولي المسئولية الأولى في الهيئة الوليدة، على أن أقوم بالتوفيق بين رؤيتي لبناء حركة إجتماعية جماهيرية للسلم والحقوق والحريات مع مقتضيات نظام الهيئة الأساسي، الحقوقي، اللامركزي، الذي توافق عليه المؤسسون، خاصة وقد تبين في الجلسة الأخيرة للإجتماع التأسيسي أن الدستور المجاز لا يتعارض مع الدعوة لتأسيس هيئات مستقلة مماثلة للحقوق والحريات تنداح أفقيا في مختلف أنحاء القطر، وتتولى هيئتنا التنسيق معها لتحقيق نفس الأهداف.
    3. وكان طبيعيا أن تلتقي الهيئة والكونفدرالية مع تحالف قوى الإجماع الوطني في تنظيم الوقفات الإحتجاجية ضد مصادرة حرية الصحافة والصحفيين، ضد حل المراكز الثقافية، ضد التعصب الديني وحرق دور العبادة، ضد الإعتقال الجزافي وتوفير العون القانوني للمعتقلين والمتضررين، وللدفاع عن حقوق التعليم والعلاج والتنظيم النقابي التي رفعت راياتها الهيئات النقابية للأطباء والمعلمين والأساتذة الجامعيين والمحامين الديمقراطيين وشبكة الصحفيين السودانيين. كذلك كان طبيعيا إزاء الإستجابة المحدودة للحراك الذي كان دون طموحنا بكثير أن نتدبر تفعيل قواعد كل من الكونفدرالية والهيئة والتحالف. ولهذه الأسباب استجبت دون تردد لدعوتكما للإجتماع التأسيسي للكونفدرالية بتاريخ 29 سبتمبر 2012 بغية تنسيق الحراك المشترك، ولتجاوز التكاثر والتمايز الذي لا مبرر له لمنظمات ذات هدف واحد، ما كان محل ترحيب مكتب الهيئة التنفيذي.
    "مسودة ميثاق ثورة سبتمبر 2013" وموضوعات الإختلاف
    4. غير أنه كما جاء في مطلع الميثاق الذي توليتما إعداده وتفجر الخلاف بسببه، والذي أوجزه بكلماته هنا: "كعادته، سبق الشعب السوداني قواه الوطنية السياسية.)...( بهبة سبتمبر/أكتوبر التي قابلها نظام الإنقاذ بالقمع الوحشي،.. (لكن)....تصاعدت وتيرة الإحتجاجات وارتفع سقفها مطالبة بإسقاط النظام...(لذا).. تداعت القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقيادات النقابية والفئات الشبابية...وتم الإتفاق على الميثاق التالي:
    1. تتكون عضوية الميثاق من الجهات التالية:
    1- قوى الإجماع الوطني المتمثلة في الأحزاب السياسية القائمة وأية أحزاب يقبل انضمامها له.
    2- منظمات المجتمع المدني الأعضاء في كونفدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية وأية منظمات أخرى يقبل عضويتها فيه.
    3- الهيئات النقابية المهنية والفئوية الحرة الحالية وتلك التي تنضم إليها.
    4- التنظيمات الشبابية القائمة وتلك التي تنضم إليها.
    5- الفئات والجماعات التي ظلت تعارض النظام الحالي دفاعا عن قضاياها التنموية والإنسانية.
    2. توافق الجهات المنصوص عليها في الفقرة (1) على نصوص هذا الميثاق، أو حسب تعديله، ليحدد أهدافها وبرامج وأسلوب عملها وتكوين مؤسسات الحكم إبان الفترة الإنتقالية المشار إليها في البند (2) وتنفيذ أهداف هذا الميثاق.
    3. تكون الأهداف الرئيسية للميثاق: حل جميع أجهزة الحكم الحالية بما فيها رئاسة الجمهورية والجهازين التنفيذي والتشريعي وجهاز الأمن الوطني والمخابرات.
    4. تكوين رئاسة الدولة والحكومة لإدارة شؤون البلاد في الفترة الإنتقالية بما فيها الإدارة التنفيذية وسن القوانين، على أن لا تتجاوز الفترة الإنتقالية مدة ثلاث سنوات"............ثم بعد الفقرات 5-13 التي تحدد مهام الفترة الإنتقالية بما فيها الحوار الشامل والهادف مع جميع الفصائل التي حملت السلاح في وجه النظام والمؤتمر الدستوري في فترة أقصاها 6 أشهر وقانون الإنتخابات التي تجرى قبل نهاية الفترة الإنتقالية، تأتي الفقرة الأخيرة:
    14. تتم مناقشة بنود هذه المذكرة بغرض إجازة الميثاق الوطني بواسطة الجهات القائمة بموجب البند (1) والجهات التي تتم الموافقة على إنضمامها وتكون المذكرة خاضعة للتعديل أو الإضافة حتى صدورها في صيغتها النهائية وإعلانها في أقرب وقت ممكن للإستجابة لنداء ونضال الجماهير وتطلعاتها من أجل إقامة نظام حكم ديمقراطي عادل، على أن يتم ذلك خلال الأيام القليلة القادمة".

    5. لقد عارضت بشدة كما تذكر يا أخي كمال فكرة أن تتولى الكونفدرالية المبادرة بهذا الميثاق، وذلك في لجنة الكونفدرالية التي كنت مسئولها السياسي، ما قاد إلى المواجهة الحادة بيننا في الإجتماع الذي دعوتما له مساء السبت 5 أكتوبر لإطلاعنا على المسودة. كان الخلاف أولا من الناحية الشكلية، إذ تعجلتما بإصدار هذه المسودة في تجاهل تام لا لموقفي المعترض مبدئيا وحسب وإنما أيضا المؤيدين لها، إذ شرعتما بتنفيذها وطرحها على الجهات المعنية قبل إطلاعنا عليها. وكما أشار الدكتور الباقر العفيف، برغم إتفاقه معكما، فمثل هذه القضايا المبدئية ينبغي أن تحسم بالتوافق، لا التصويت. وقد صار من جراء هذه المجابهة بالأمر الواقع أن أصبح عسيرا لإي أحد أن يقول "بغم". حتى زميلنا فيصل محمد صالح الذي كان في طريقه لتفلد النوط العالمي للرأي وشجاعة الشجعان كليهما، لم يستطع أن ينبس بتلك الأحرف الثلاث المحظورة إلا بأدب جم وعلى استحياء!
    6. لكنني أتجاوز العتاب وأنتقل إلى اللباب. ونقطة الإختلاف الأولى أن مهمتنا كحركات حقوقية ليست إسقاط حكومة ما وإستبدالها بأخرى كما جاء في الميثاق وإنما تعميق وتوسيع الحركة الإحتجاجية، التي هي حركة الدفاع عن الحقوق والحريات وحكم القانون، والعمل على مناصرتها وتطويرها بالوسائل السلمية. هذه مهمتنا تحت هذا النظام وأي نظام آخر، ما يعني الإحتفاظ لحركة الحقوق بإستقلاليتها. فالأنظمة تذهب وتجيء لكن مهمتنا تظل باقية. هذا الإستقلال هو الذي يضمن إستمرارية الحركة ويحول دون الإنتكاسة ويصب في مجرى التغيير التراكمي في توازن القوى لصالح التحول الديمقراطي. وليس هذا الموقف تكتيكيا مرهونا بحالة وطننا الراهنة وإنما هو موقف إستراتيجي، نتخذه تحت كل الأنظمة. لا يعني هذا بالطبع التسليم لهذا النظام بمشروعية مفتقدة تماما، لكن الأحزاب والحركات السياسية المدنية والمسلحة مجتمعة أو مفترقة هي المنوط بها رفع شعار إسقاط النظام، لا الحركات الحقوقية. ولا معنى للمزايدة في هذا الشأن.
    7. ونقطة الإختلاف الثانية أن مشروع الميثاق يقيم تنظيما مغلقا لقاعدة محدودة ومحددة مسبفا تحتكر ربادة التغيير، وهذا هو السبب في أن عدد المشاركين في الوقفات الإحتجاجية لم يتجاوز العشرات. لقد ظللنا ياأخي أمين ويا أخي كمال طيلة التسعينات وحتى الآن ندعو لتشكيل لجان شعبية للتجمع – التحالف الآن - في الأحياء ليكون تنظيما مفتوحا للجماهير التي تحدث التغيير، وهذا لم يحدث، ولو حدث لكان وضعنا الان مختلفا. فهل نعيد نحن نفس الخطأ بإقامة تنظيم مغلق يقصر القاعدة الإجتماعية للمجتمع المدني في تلك المنظمات "الممثلة في الكونفدرالية وأي منظمات أخرى تقبل الكونفدرالية عضويتها فيه" وفق البند 1-2 من الميثاق؟ لماذا نجعل من هذه الحفنة الصغيرة الممثل الشرعي والوحيد للمجتمع المدني؟ ثم ما هي منطمات المجتمع المدني العضو قي الكونفدرالية الآن، وكم عضويتها؟ ألا يعيد هذا النص إلى الأذهان النكتة المصرية المريرة إبان العصر الذهبي للإنقلابات العسكرية في ستينات القرن الماضي، عن من يخول لنفسه الحق في الإستيلاء على السلطة بإسم الجماهير دون إذن منها، ومن يعلق آمالا عليه؟
    8. ونقطة الإختلاف الثالثة تتعلق بقوام مشروع ميثاق الثورة الذي هو مبدأ محاصصة السلطة السياسية. لقد تمت هذه المحاصصة أول مرة بسبب الضعف البنيوي للأحزاب السياسية إبان ثورة أكتوبر حينما احتلت جبهة الهيئات، التي كان بيدها إعلان وإنهاء الإضراب السياسي، كل مقاعد مجلس الوزراء ما عدا خمسة مقاعد خصص واحد منها لكل حزب، ومقعدان للجنوب، بينما استأثرت جبهة الهيثات بما تبقى من كعكة السلطة. ذلك ما فرضه توازن قوى الثورة، وما قاد للهجمة المعاكسة بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وفق التوازن الجدبد عقب الإنتخابات. ونفس المحاصصة تمت في أبريل عقب الإنتفاضة التي حسمتها القوات المسلحة، فصارت الضلع الثالث إلى جانب الأحزاب والنقابات. وقد واصل التجمع الوطني الديمقراطي الأخذ بمبدأ المحاصصة، إذ نص مبثاق التجمع الوطني الديمقراطي (مؤتمر القضايا المصيرية، أسمرا 15-23 يونيو 1995 ص15) على التالي:
    "إن تجاهل القوى المنتجة من نقابات وإتحادات في الممارسة السياسية والفشل في حل قضايا الشعب الأساسية وما صاحب ذلك من مظاهر فساد، مضافا إلى إستمرار الحرب الأهلية في جنوب البلاد لسنوات طويلة، والإنقلابات العسكرية وما تمخض عنها من نظم دكتاتورية أعاقت التطور الديمقراطي وقهرت الإنسان السوداني، لا بد أن تكون نتيجته الفشل والإحباط والأزمة المستعصية. ولا سبيل في نظرنا للخروج من هذه الأزمة إلا بمشاركة فاعلة لقوى التجمع الوطني الديمقراطي الثلاث وهي الأحزاب والنقابات والقوات النظامية وكل الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي في السلطة بمستوياتها التشريعية والسيادية والتنفيذية أثناء فترة الإنتقال وخلال الحكم الديمقراطي اللاحق."
    9. لكن من يضمن إنفاذ المحاصصة عند سقوط النظام؟ الثورة الشعبية المنتصرة هي التي فعلت ذلك في أكتوبر 64، والمجلس العسكري الإنتقالي الذي حسم السلطة فرض المحاصصة المجحفة على التجمع النقابي العاجز عن مواصلة الإضراب في أبريل 85. وقد كان التجمع الوطني الديمقراطي بأمل أن تفرض ذلك فصائله المسلحة التي كان جيش الحركة الشعبية لحمتها وسداها والعقيد قرنق قائدها، عوضا عن الإنتفاضة التي عجز عن إشعالها، فأدرك مؤخرا جدا حكمة المتنبي العظيم أن من يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا. حقيقة لقد ولى زمن التخطيط المسبق لمحاصصة السلطة، لان اللحظة الثورية والقوى الثورية الفاعلة هي التي تفرض ذلك، ويفرضها واقع التغيير وقواه الفاعلة، لا ميثاق التجمع ولا مشروع ميثاق الكونفدرالية.
    10. علينا أن نميز هنا بين الحكومة القومية التي يمكن أن تشكل من جملة الأحزاب وربما شخصيات وطنية لتنفيذ مهام الفترة الإنتقالية أو أية مهام قومية من ناحية، ونظام المحاصصة كما جاء في العبارة المقتبسة من ميثاق التجمع كضامن للتعددية من ناحية أخرى. لقد كان اللجوء للإنقلاب العسكري تارة ولنظام المحاصصة تارة أخرى نتيجة للضعف البنيوي في المجتمع السوداني، خاصة ضعف بنية الأحزاب السياسية، ما جعل نظام الحكم الأوتوقراطي الذي شيده الإستعمار أكثر مواءمة لتلك البنية. وأذكر أن التايمز البريطانية كتبت مقالا إفتتاحيا في صبيحة الثامن عشر من نوفمبر 1958 – وكنت حينها في بعثة دراسية بلندن - تتحسر فيه على "الديمقراطية التي بنيناها وأطاح بها الجيش السوداني". وقد دهشت حينما قرأت في اليوم التالي Letter to the Times كتبه السير هارولد مكمايكل السكرتير الإداري في حقبة العشرينات، معنفا محرر الصحيقة الإستعمارية العريقة، قائلا ما معناه: " من قال لكم أننا بنينا نظاما ديمقراطيا في السودان؟ لقد بنينا نظاما أوتوفراطيا يرتدي فيه المفتشون والمديرون الزي العسكري ويحملون الأشرطة العسكرية على صدورهم وقبعاتهم ويتولون السلطات التنفيذية والقضائية بإشراف مركزي مباشر من السكرتير الإداري بالخرطوم، والذي فعله الجيش السوداني كان العودة بالبلاد للنظام الأوتوقراطي الذي بنيناه والذي هو أكثر مواءمة للبلاد من الدستور الوسمنستري الذي لم نعدها له إعدادا جيدا". كما أن الحركة الوطنية في موقفها المعارض للتطور الدستوري تحت ظل الحكم الثنائي المستند لعبارة الزعيم الزهري الشهيرة بصدد الجمعية التشريعية، لن ندخلها ولو جاءت سليمة مبرأة من كل عيب، لم تكن مواتية لدستور 1956 المؤقت، خصوصا بعد التعديل الذي أدخلته عليه ثورة اكتوبر.
    11. لقد حقق الشعب السوداني إنتصارين عظيمين لحركة الحقوق والحريات في اكتوبر 64 وأبريل 85، لكن محاصصة السلطة في أكتوبر فتحت شهية العلمانيين يمينا ويسارا لها، ما قاد لإنقلاب مايو. وقد زادت محاصصة السلطة في أبريل من شهوة الإسلاميين لها، ما قاد للإنقلاب الذي نعاني ويلاته الآن. وفي الحالتين ضعفت حركة الجماهير الموحدة لأجل السلم والحقوق والحريات وفقدت إستمراريتها لكونها صارت طرفا في صراع السلطة. وهذا هو الأساس المنطقي لمعارضتي لمشروع ميثاق ثورة سبتمبر 2013 الذي تقدمتما به.
    12. لقد تغيرت الآن بنية المجتمع السوداني التي خلفها الإستعمار وقال مكمايكل أنها مواتية للحكم الأوتوقراطي المركزي. فالإقتصاد المركزي الذي كان قوامه إنتاج القطن وتصديره والفائض الإقتصادي الذي يوفره وجعل حكم السودان ممكنا من الخرطوم تحت الإدارة الإستعمارية البريطانية أو العسكرية السودانية تغير تماما. والقطاع التقليدي الذي كانت تسير جماهيره الإشارة من الزعماء الطائفيين أو القبليين استيقظ من سباته ولم يعد سهل الإنقياد. وكل التجارب التي خضناها جعلت أي نظام للحكم لايقوم على التعددية والفدرالية والديمقراطية محكوما بالفشل. في نفس الوقت فإن الأحزاب السياسية السودانية التي كانت ضعيفة النشأة أرهقتها تماما وزادتها ضعفا الأنظمة العسكرية المتوالية. والنظام الديمقراطي الذي ننشده لا بد أن يقوم على الأحزاب السياسية، وليست لدينا الأن أحزاب سياسية سواها. والإنتفاضة والتغيير قادم مهما طال الزمن، وهي كسابقاتها، بما في ذلك هبة سبتمبر، أنتفاضات لأجل الحقوق والحريات ولأجل الأمن والسلام، وبرنامجها هو نفس البرنامج الذي طرحناه في قانوني الهيئة والكونفدرالية الأساسيين. فما العمل؟ إن المنطق الذي تقوم عليه هذه الورقة أن نعمل لأن تكون هنالك إنتفاضة مستدامة، ان تتواصل مسيرة الأنتفاضة بمواصلة طرح البرنامج الحقوقي أيا كانت الحكومة التي يتم تشكيلها، سواء حكومة هذا النظام أو الحكومة الإنتقالية القومية المبتغاة أو الحكومات التي تأتي عقب الفترة الأنتقالية. نترك الحكم للأحزاب السياسية ونضع الخطوط الحمراء للتعدي على الحقوق والحريات التي يؤدي تعديها لإشعال الإنتفاضة. هذا من ناحية، ومن الناحية الثانية يتم تشجيع تطوير الأحزاب ودمقرطتها وتوحيد المتشابه منها، فتكون هنالك علاقة ديالكتيكية بين الإنتفاضة المستمرة والأحزاب الحاكم منها والمعارض، وصولا للتوازن والإستقرار الديمقراطي المنشود.

    قانونا الكونفدرالية والهيئة الأساسيان: إتفاق على المبدأ وتعارض في الآليات والمفاهيم

    13. وتتعلق نقطة الخلاف الرابعة بقانون الكونفدرالية الأساسي الذي إطلعت عليه لأول مرة حينما بعثت به سكرتارية الكونفدرالية كجزء من التحضير للمؤتمر. وقد ظننت لأول وهلة أنه مسودة لمشروع قانون مقترح، خاصة وقد كتبت كلمة DRAFT على رأسه. غير أني فوجئت بحاشية فوق الكلمة الأخيرة من سطر الوثيقة الأخير تفيد أن هذا القانون أجيز في الإجتماع التأسيسي بتاريخ 29 سبتمبر 2012. فأنا قطعا لم أطلع على هذه الوثيقة التي ربما أجيزت "بالإجماع السكوتي"، خاصة وقد صوتنا لمنصب الرئيس بالإجماع، كما ساد الإجتماع توافق تام. أما مرد العتب فإنه من المفترض أن تعرض هذه الوثيقة الملزمة على المنظمات المكونة للكونفدرالية، وأن يتم التأكد من وصولها على الأقل لكل من شارك في الإجتماع النأسيسي، حتى يقوم بدوره بعرضها على منظمته والحصول على موافقتها. ولو كنت إطلعت على هذه الوثيقة في ذلك الحين لما ترددت في الإنسحاب من الكونفدرالية التي يتعارض دستورها مع النظام الأساسي للهيئة التي أمثلها تعارضا تاما.
    14. ليس لدي إعتراض على أهداف الكونفدرالية وإتما العكس، إذ صيغت في عبارة بليغة شديدة الإيجاز، ينص الجزء الأول من الفقرة رقم 3 منها على أن " أهداف الكونفدرالية تتضمن حث ودعم أنشطة التنظيمات المنخرطة فيها والإرتقاء بأدائها لمهماتها الرامية إلى التحول الديمقراطي والإعلاء من شأن حكم القانون وإستقلال القضاء وكفالة الحقوق التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق المكملة له لكل المواطنين والأشخاص المتواجدين في السودان، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، للرجال والنساء والأطفال، وللنازحين واللاجئين وذوي الحاجات الخاصة والعمال المهاجرين وغيرهم، دون تمييز بينهم لأي سبب من الأسباب". وهذه العبارة تتطابق مع نفس الفقرة في قانون هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات التي زادت بتشكيل 9 لجان متخصصة، واحدة منها لكل ميثاق من المواثيق الحقوقية الدولية.
    15. لكن بينما يتسق القانونان تماما في الأهداف، فإن قانون الكونفدرالية الأساسي ينص مباشرة وفي نفس الفقرة على أنه: Without any restriction on the confederation, it shall coordinate the activities of its members, representing them before different organizations, when necessary, encouraging participation in workshops, discussion groups, preparation of studies and research, and awareness raising programs through all media channels, production and publication of books and publications, cooperation with member organizations in their respective fields and with regional and international organizations engaged in such activities”. Also, in Article 4 of the Basic Law: “The Confederation of Sudanese Civil Society Organizations is hereby established as a corporate organization". ذلك بينما تتواصل نفس الفقرة في ديباجة قانون الهيئة الأساسي لتنص على أنه " وعطفا على ما تقدم فقد آلينا نحن مواطنون ومواطنات سودانيون وسودانيات بتأسيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات إنطلاقا من أن للإنسان حقوقا طبيعية أكدتها الأديان السماوية وعبرت عنها المواثيق الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية وغيرها ...وبما أن هذه الحقوق والحريات غير قابلة للإنتقاص فإننا ملتزمون بالقيام بدورنا في التوعية والدفاع والمناصرة لحقوق وحريات المواطن..علما أننا لا نسعى للنضال بإسم الجماهير.. ولا تمثيلها.. بل نعمل على تبصيرها بالحقوق والحريات وبضرورة النضال من أجل تحقيقها والدفاع عنها دون النظر للإنتماء السياسي أو الثقافي".
    16. وهكذا فإن الكونفدرالية تقيم تنظيما مركزيا صارما تكون منظمات المجتمع المدني مدمجة فيه بوصفه شخصية إعتبارية ممثلا لها corporate organization وناطقا بإسمها، ومخولا إتخاذ سياسات كمشروع ميثاق ثورة سبتمبر 2013 بإسمها وبإسم المجتمع المدني السوداني الذي يشكل، بنص قانونه وميثاقه، ممثله الشرعي والوحيد. أما القانون الأساسي للهيئة التي أمثلها فإنه لا يدعي تمثيل المجتمع المدني أو أية جهة سوى عضويته، وهو يعمل لحث المواطنين والمواطنات لتأسيس تنظيمات جماهيرية مستفلة للسلم والحقوق والحريات، تنداح أفقيا على المستوى الوطني وتعمل بإسمهم وتشكل متبرا تنسيقيا يخنارونه بأنفسهم. وتهدف الهيئة، كما الكونفدرالية، للتحول الديمقراطي ولإنفاذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية والإقليمية المنبثقة منه. لكن لأن الهيئة تتحسب لتراكم تغيير توازن القوى الشعبي لصالح التحول الديمقراطي ولتحول المواقف بالنسبة للأنظمة السياسية المتغيرة فهي تترك أمر إسقاط النظام أو إقامة النظام البديل للأحزاب والمنظمات والحركات السياسية. وما ينص عليه قانون الهيئة الأساسي ليس بدعة وليس "وهما من الأوهام التي ما تنفك تعشعش في أذهان الكثير من النشطاء" ولكنه ممارسة كل الحركات الحقوقية التي تعمل للدفاع عن الحقوق وتحقيق المطالب والمناصرة، هنا والآن، ولا تنتظر سقوط النظام وحلول آخر محله. فتلك مهمة الأحزاب السياسية التي تتعاور على السلطة.

    الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير
    17. إنك تنطلق في تحليلك يا أخي كمال من أن منظمات المجتمع المدني حلت محل المنظمات الجماهيرية كضلع ثالث للإنتفاضة بجانب الأحزاب والنقابات، على غرار انتفاضتي أكتوبر وأبريل (ملاحظة: ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي يجمل منظمات المجتمع المدني والنفابات كضلع ثاني بجانب الأحزاب، ويعتبر فصائل القوات المسلحة التي تنحاز للإنتفاضة وفصائل التجمع المسلحة الضلع الثالث للتغيير) وتدعو، لضرورة "تحقيق فاعلية النشاط الرامي عموما لإحداث التغيير المنشود عن طريق إشاعة روحية جديدة في أفقه وبالتالي في أفق نشاط هذه المنظمات على وجه الخصوص". لكن " ناشطي هذه المنظمات، "مناضلي" القرن الجديد عن جدارة"، تعاني منظماتهم "مرضا يكاد يستفحل، بل ولولا فسحة الأمل لقلنا أنه قد يستعصي على العلاج تماما ! وأبرز أعراض هذا المرض ثلاثة: "ضعف الوعي بالذات"، و"تناقض النظر والممارسة"، و"إزدواجية الحقيقة والوهم". أما العرض الأول، وهو جهل المنظمات بكونها سليلة المنظمات الجماهيرية سابقا، فتنسبه أولا "لعسر جمع التبرعات الذي يحتاج إلى عمر نوح وصبر أيوب، مقارنة باليسر النسبي في إنسياب التمويل من المنظمات الأجنبية" الذي هو من نوعين، حميد وخبيث، وثانيا، طبيعة مناهج التدريب الغربية وثالثا، غلبة المصطلحات والمرجعيات المعربة بلا هوادة. وأما العرض الثاني، وهو تناقض النظر والممارسة، "فيتمثل في التناقض الفاضح لدى الكثير من هذه المنظمات بين اللغو النظري بهذه القيم والمبادىء، وبين المفارقة الخشنة لذات هذه القيم والمبادىء على صعيد الممارسة العملية"، وتمظهراتها تضعضع الشفافية، والتحول بذريعة الدواعي الأمنية لكيانات مغلقة لمصلحة مالكيها الذين قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. وأما العرض الثالث، وهو ازدواجية الحقيقة والوهم فيتمثل في "الأوهام التي ما تنفك تعشعش في أذهان الكثير من النشطاء، وأخطرها طرا تعريف منظمة المجتمع المدني ككيان "غير سياسي apolitical " بينما المقصود أنها كيان "غير حزبي “nonpartisan، والفرق يقينا جد شاسع". وبما أن مقالك هذا يمثل التبرير النظري لتأسيس للكونفدرالية عوضا عن الهيئة، فسأنظر هنا في التطبيق العملي لهذه المفاهيم في كل من التنظيمين.
    مؤتمر التخطيط الإستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني و"الفضاء المعنوي للتغيير"
    18. إن أعراض متلازمة منظمات المجتنع المدني المرضية التي اجتهدت في توصيفها يا أخي كمال تنطبق على كونفدرالية منظمات المجتمع المدني النعل بالنعل والحافر على الحافر. فلننظر أولا لمؤتمر التخطيط الإستراتيجي المنعقد الان، وهو باكورة فعاليات الكونفدرالية. السؤال الأول: من الواضح أن هناك تمويل خارجي للكونفدرالية. من الذي قرر طلب هذا التمويل وممن؟ وما مقداره؟ ولأي أغراض؟ وبأي شروط؟ لماذا لم يطرح مبدأ التمويل الأجنبي علينا نحن مؤسسي الكونفدرالية للموافقة عليه؟ أين الشفافية؟ من الواضح، بالنسبة لهذا الأمر البالغ الأهمية، أن هنالك أشخاص أقل من أصابع اليد الواحدة، وربما شخصان، هم الذين اتخذوا هذه القرارات، وهم أصحاب الكونفدرالية الحقيقيين. السؤال الثاني: لماذا ينعقد مؤتمر الكونفدرالية، وكل المشاركين فيه سودانيون مقيمون بالعاصمة القومية الخرطوم، في فندق الهلتون في العاصمة الإثيوبية أديس، بتمويل أجنبي كامل؟ ما الذي يمنع إنعقاده في الفنار أو أي قاعة بالعاصمة القومية؟ أين الحس الإنساني ونحن نبيح لأنفسنا سياحة 5 نجوم مدفوعة الأجر بإسم حقوق الإنسان، ودماء شهداء إنتفاضة سبتمبر/أكتوبر لم تجف بعد، والكثير من أسرهم الفقيرة فقدت عائلها الوحيد؟ هل نحتاج "لفانوس ديوجينيس" لكي نرى التناقض الفاضح بين الممارسة العملية ولغو صفاء الكوثر وروحية الفضاء المعنوي للتغيير؟.السؤال الثالث: هل يعلم الممول أنه ليست هنالك موانع بتاتا لعقد المؤتمر بالخرطوم ووافق مع ذلك على التمويل بالهلتون بأديس؟ لو أنه يعلم فهذا تمويل خبيث، وكما تفضلت "من يدفع للزامر يفرض عليه اللحن"، ولو أنه لا يعلم والكونفدرالية فعلت ذلك من وراء ظهره، فتلك هي الطامة الكبرى.

    الجمعية العمومية للهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات
    19. حقيقة الأمر يا أخي كمال أن مقالك يقدم مرافعة ضد منظمات المجتمع المدني وليس لصالحها، وضد أجندتكما الخاصة، أنت والأخ أمين، لتمثيل المجتمع المدني بإسم الكونفدرالية عند إندلاع الإنتفاضة. وحقيقة الأمر أن منظمات المجتمع المدني صارت مهنة تقوم بها كوادر متخصصة ويكسب الكثيرون منها عيشا شريفا، وهؤلاء لا هم عملاء ولا هم "مناضلو" القرن الجديد عن جدارة، كما جاء في مقالك. والتمويل الأجنبي منه الخبيث، لكن أكثره يمكن أن يكون حميدا إذا ما وظف توظيفا جيدا، وهذه مسئولية العاملين في مجاله. وحيث أن الكثيرين من المهمومين بالشأن العام ممن حوربوا في أرزاقهم لاذوا بتلك المنظمات، خصوصا العاملة منها بشكل مباشر في مجال حقوق الإنسان، فإن هذا الوضع يوفر لنا فرصة طيبة للإستفادة من تنسيق هذه المشاريع لخدمة حركة السلم والحقوق والحريات التي هي جوهر مشروعنا الوطني. كذلك فإن وجود هذه الكوادر يكون مفيدا إذا ما لعبوا دورهم في مقاومة الجوانب السلبية لعمل المنظمات التي تعرض لها مقالك. وهذا الدور يتم من داخل هذه المنظمات وبواسطة العاملين فيها وليس من خارجها.
    20. لقد إنبثقت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات وكونفدرالية منظمات المجتمع المدني كلتيهما من الإجتماع التأسيسي المنعقد بالفنار بدعوة من رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني بتاريخ 29 يناير 2011، وإنعقاد الجمعية العمومية في الذكرى الثانية لهذا التاريخ مناسبة لمراجعة التجربة بكاملها، بما في ذلك تجربة إنتفاضة سبتمبر. إنك تنعي يا أخي كمال على نشطاء منظمات المجتمع المدني التي تؤسس عليها مشروع الكونفدرالية، وترى فيهم مناضلي القرن الجديد عن جدارة، ضعف وعيهم بأصلهم المتجذر في منظمات الحركة الجماهيرية سابقا. لكن الحركة الجماهيرية لم تمت، ومشروع الهيئة الذي طرحتم الكونفدرالية بديلا له هو مشروع الحركة الجماهيرية "الأصل" بدمها ولحمها وعظمها. فالهيئة تقوم على العمل الطوعي الذي قامت عليه الحركة الجماهيرية أصلا ولا تتلقى دعما ماليا من أي منظمة، كما لا تدفع رواتب أو مساعدات بأي شكل للعاملين فيها، فكلهم متطوعون يعملون من منازلهم. وقد تمكنا من جمع عشرات الآلاف من الجنيهات من أعضاء الهيئة ومناصريها بالداخل والخارج في أقل من عمر نوح وصبر أيوب، صرفت كلها على النشاط الجماهيري وتنظيم حملة الدفاع عن المعتقلين وقضايا الشهداء واجرحى. كذلك توفرت تبرعات من خارج الهيئة خصصها الذين أسهموا بها للصرف على الدعم القانوني لمعتقلي وجرحى وشهداء إنتفاضة سبتمبر، ولدعم الدفاع عن معتقلي الحركة الشعبية بجنوب النيل الأزرق، وهذه وضعت في حساب خاص لدعم العمل الطوعي – أكرر الطوعي – للمحامين، ولا تصرف لأي غرض آخر، وهي مفتوحة لمن يود التعرف عليها. وسنعرض للرأي العام وللجمعية العمومية تقريرا ماليا عن التفاصيل الدقيقة للتبرعات وأوجه الصرف، بالأسماء والتواريخ، لزوم الشفافية. كما طرحت الهيئة أفكار لمشاريع لتوظيف التمويل الأجنبي "الحميد" لمنظمات أهلية عريقة لخدمة مشروع الحقوق والحريات، وهي أيضا مفتوحة لمن يهمه أمرها. ونحن مدعوون جميعا لتوحيد وتطوير هذه الحركة، لا لتشظيتها. وحيث أن دورة مكتب الهيئة التنفيذي الراهن، بما في ذلك مهمة المنسق التي كلفت بها ولن أقبل تجديدها بأي حال وقد تجاوزت الثمانين من العمر، هذه الدورة تنتهي بإنعقاد الجمعية العمومية. وبما أنك والأخ أمين ومعظم أعضاء الكونفدرالية لايزالون في قائمتها فإن مشاركتكم تكون خطوة جادة لتقييم التجربة ولتوحيد وإنطلاق حركة السلم والحقوق والحريات. ولنفس الهدف نوجه الدعوة للجنة القومية للتضامن مع المعتقلين وأسر الشهداء، إذ لا داعي بتاتا لتكائر المنظمات لنفس المهمة.
    21. عتاب ورجاء أخير يا أخي كمال. لقد طلبت مني عقب نقاش مثمر بيننا في رحلة العودة من نيروبي قبل عام ونصف تقديم محاضرة بدار إتحاد الكتاب عن المرجعية الدينية لإعلان ومواثيق حقوق الإنسان، كانت بدايته الحوار حول مقالاتك الجيدة التي لا زلت أحتفظ بنسخ منها بعنوان عقلانيون، نعم. علمانيون، لا. وقد زاد الآن إهتمامي بموضوع هذه المحاضرات، إذ قدمت ورقة بنفس العنوان في منتدى بنيروبي شارك فيه العديد من المفكرين الإسلاميين، وتواعدنا على مواصلة الحوار بالخرطوم. لذا سيكون هذا الموضوع محور ورقتي الحوارية الثانية. ولم يلق طلبك حينها مني الموافقة والإستحسان وحسب، وإنما ألححت في رسالة لاحقة تحديد موعد ل 6 محاضرات في نفس الموضوع بدار إتحاد الكتاب. ترى هل صرف "الإنحراف الكونفدرالي" نظرك عن الوفاء بالوعد الذي لا زلت أنتظر تلبيته؟

    ومعذرة لو كان الحوار حارا وحارقا، فهذا متفق عليه.
    ولكم جميعا خالص المودة والإحترام والتقدير.

    فاروق محمد ابراهيم
                  

12-19-2013, 10:53 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    عزيزاتى القارئات واعزائى القراء
    رسالة استاذنا د فاروق محمد ابراهيم النور مهمة من حيث الشكل ومن حيث المضمون كذلك
    فهى من ضمن القليل جدا الذى كتب حول الكونفيدرالية رغم ما تنهض به من مسؤوليات كبيرة وهذا فى حد ذاته مشكلة لان الكتابة بشفافية حول الامر خاصة من قياداتها وتلخيص خبراتهم كان يجب ان يكون ما هو متبع وليس مما يعد استثناء.
    الرسالة حفلت بهموم عظيمة وابرزت اشكاليات مفاهيمية ان جاز التعبير بين من يتولون قادتها
    ولذلك رأيت طرح الرسالة للحوار اذ رغم ما جاء فيها من قضايا ، الا ان ما لفت نظرى فيها حتى الان كقضايا يمكن ان تطرح هنا للحوار هى :
    اولا مدى وجاهة الاسباب التى طرحها كاتب الرسالة د فاروق فى مقاطعته للمؤتمر المنعقد بالعاصمة الاثيوبية ؟
    ثانيا تصورنا لطبيعة عمل الكونفيدرالية (كونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى) ومراجعة اهدافها
    ثالثا مفهوم الفضاء المعنوى الذى طرحه د. فاروق فى رسالته
    رابعا اهتمام كاتب الرسالة بما اسماه المرجعية الدينية لاعلان ومواثيق حقوق الانسان
                  

12-19-2013, 11:06 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    كتب د فاروق حول خلافه مع الميثاق ما يلى:

    . لقد عارضت بشدة كما تذكر يا أخي كمال فكرة أن تتولى الكونفدرالية المبادرة بهذا الميثاق، وذلك في لجنة الكونفدرالية التي كنت مسئولها السياسي، ما قاد إلى المواجهة الحادة بيننا في الإجتماع الذي دعوتما له مساء السبت 5 أكتوبر لإطلاعنا على المسودة. كان الخلاف أولا من الناحية الشكلية، إذ تعجلتما بإصدار هذه المسودة في تجاهل تام لا لموقفي المعترض مبدئيا وحسب وإنما أيضا المؤيدين لها، إذ شرعتما بتنفيذها وطرحها على الجهات المعنية قبل إطلاعنا عليها. وكما أشار الدكتور الباقر العفيف، برغم إتفاقه معكما، فمثل هذه القضايا المبدئية ينبغي أن تحسم بالتوافق، لا التصويت. وقد صار من جراء هذه المجابهة بالأمر الواقع أن أصبح عسيرا لإي أحد أن يقول "بغم". حتى زميلنا فيصل محمد صالح الذي كان في طريقه لتفلد النوط العالمي للرأي وشجاعة الشجعان كليهما، لم يستطع أن ينبس بتلك الأحرف الثلاث المحظورة إلا بأدب جم وعلى استحياء!
    6. لكنني أتجاوز العتاب وأنتقل إلى اللباب. ونقطة الإختلاف الأولى أن مهمتنا كحركات حقوقية ليست إسقاط حكومة ما وإستبدالها بأخرى كما جاء في الميثاق وإنما تعميق وتوسيع الحركة الإحتجاجية، التي هي حركة الدفاع عن الحقوق والحريات وحكم القانون، والعمل على مناصرتها وتطويرها بالوسائل السلمية. هذه مهمتنا تحت هذا النظام وأي نظام آخر، ما يعني الإحتفاظ لحركة الحقوق بإستقلاليتها. فالأنظمة تذهب وتجيء لكن مهمتنا تظل باقية. هذا الإستقلال هو الذي يضمن إستمرارية الحركة ويحول دون الإنتكاسة ويصب في مجرى التغيير التراكمي في توازن القوى لصالح التحول الديمقراطي. وليس هذا الموقف تكتيكيا مرهونا بحالة وطننا الراهنة وإنما هو موقف إستراتيجي، نتخذه تحت كل الأنظمة. لا يعني هذا بالطبع التسليم لهذا النظام بمشروعية مفتقدة تماما، لكن الأحزاب والحركات السياسية المدنية والمسلحة مجتمعة أو مفترقة هي المنوط بها رفع شعار إسقاط النظام، لا الحركات الحقوقية. ولا معنى للمزايدة في هذا الشأن.)
    انتهى الاقتباس ثم اضاف ما يفيد اعتراضه على تمثيل المجتمع المدنى بعشرات فقط يمثلون العضوية الحالية
                  

12-19-2013, 11:16 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    ثم اضاف اسباب اعتراضه على الميثاق والمتعلقة بأن يكون دور الكنوفيدرالية او من اهدافها اسقاط النظام الى ضعف بينيوى للاحزاب قائلا حول تجربتى اكتوبر وابريل ما يلى :

    (. علينا أن نميز هنا بين الحكومة القومية التي يمكن أن تشكل من جملة الأحزاب وربما شخصيات وطنية لتنفيذ مهام الفترة الإنتقالية أو أية مهام قومية من ناحية، ونظام المحاصصة كما جاء في العبارة المقتبسة من ميثاق التجمع كضامن للتعددية من ناحية أخرى. لقد كان اللجوء للإنقلاب العسكري تارة ولنظام المحاصصة تارة أخرى نتيجة للضعف البنيوي في المجتمع السوداني، خاصة ضعف بنية الأحزاب السياسية، ما جعل نظام الحكم الأوتوقراطي الذي شيده الإستعمار أكثر مواءمة لتلك البنية. وأذكر أن التايمز البريطانية كتبت مقالا إفتتاحيا في صبيحة الثامن عشر من نوفمبر 1958 – وكنت حينها في بعثة دراسية بلندن - تتحسر فيه على "الديمقراطية التي بنيناها وأطاح بها الجيش السوداني". وقد دهشت حينما قرأت في اليوم التالي Letter to the Times كتبه السير هارولد مكمايكل السكرتير الإداري في حقبة العشرينات، معنفا محرر الصحيقة الإستعمارية العريقة، قائلا ما معناه: " من قال لكم أننا بنينا نظاما ديمقراطيا في السودان؟ لقد بنينا نظاما أوتوفراطيا يرتدي فيه المفتشون والمديرون الزي العسكري ويحملون الأشرطة العسكرية على صدورهم وقبعاتهم ويتولون السلطات التنفيذية والقضائية بإشراف مركزي مباشر من السكرتير الإداري بالخرطوم، والذي فعله الجيش السوداني كان العودة بالبلاد للنظام الأوتوقراطي الذي بنيناه والذي هو أكثر مواءمة للبلاد من الدستور الوسمنستري الذي لم نعدها له إعدادا جيدا". كما أن الحركة الوطنية في موقفها المعارض للتطور الدستوري تحت ظل الحكم الثنائي المستند لعبارة الزعيم الزهري الشهيرة بصدد الجمعية التشريعية، لن ندخلها ولو جاءت سليمة مبرأة من كل عيب، لم تكن مواتية لدستور 1956 المؤقت، خصوصا بعد التعديل الذي أدخلته عليه ثورة اكتوبر).
                  

12-19-2013, 11:08 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    مرحباً طلعت،
    إذن فهذه نخبة من النخبة تريد أن تفعل شيئاً إيجابيّاً!
    لكنها محاصرة بأشواك الفشل!
    ولكي تقفز قفزة عالية خلف هذا الحصار الشوكي،
    ينبغي أن تقطع قطعاً تامّاً مع (المكوّن الحزبي والناشط والمسلح )
    الذي يجري فايروس الفشل في شرايينه!
    عليها أن تنطلق من تلك الحِتّة التي انطلق منها شباب سبتمبر!
    لا لكي تنسج على منوالهم غضباً وطنيّاً،
    ولكن لتؤطر حماسهم وحركتهم،
    وتجعله يصب في قنوات حركة سلمية وطنية مدنية!
    ومن ثَمّ ...
                  

12-19-2013, 11:28 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: صلاح عباس فقير)

    ثم تطرّق د فاروق الى قضية خطيرة تتعلق بهيمنة ثقافة سياسية تستهين بالاجراءات الديقراطية procedural democracy
    وكيف كان ذلك واحد من اخطر ما هدد المنظومة فى مهدها حينما كتب

    (. وتتعلق نقطة الخلاف الرابعة بقانون الكونفدرالية الأساسي الذي إطلعت عليه لأول مرة حينما بعثت به سكرتارية الكونفدرالية كجزء من التحضير للمؤتمر. وقد ظننت لأول وهلة أنه مسودة لمشروع قانون مقترح، خاصة وقد كتبت كلمة DRAFT على رأسه. غير أني فوجئت بحاشية فوق الكلمة الأخيرة من سطر الوثيقة الأخير تفيد أن هذا القانون أجيز في الإجتماع التأسيسي بتاريخ 29 سبتمبر 2012. فأنا قطعا لم أطلع على هذه الوثيقة التي ربما أجيزت "بالإجماع السكوتي"، خاصة وقد صوتنا لمنصب الرئيس بالإجماع، كما ساد الإجتماع توافق تام. أما مرد العتب فإنه من المفترض أن تعرض هذه الوثيقة الملزمة على المنظمات المكونة للكونفدرالية، وأن يتم التأكد من وصولها على الأقل لكل من شارك في الإجتماع النأسيسي، حتى يقوم بدوره بعرضها على منظمته والحصول على موافقتها. ولو كنت إطلعت على هذه الوثيقة في ذلك الحين لما ترددت في الإنسحاب من الكونفدرالية التي يتعارض دستورها مع النظام الأساسي للهيئة التي أمثلها تعارضا تاما).

    مرحب بيك يا صلاح واتمنى ان تبقى معنا

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-20-2013, 06:47 AM)

                  

12-20-2013, 00:13 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    من الاشياء الخطيرة والتى تحتاج الى مراجعات شاملة هو القانون الذى انشأت على اساسه الكونفيدرالية وذلك حسب ما جاء فى رسالة الدكتور فاروق حيث تحولت الكونفيدرالية فى رأيه الى تنظيم مركزى صارم تم فيه دمج لمنظمات المجتمع المدنى كشخصيات اعتبارية corporate مما يؤكد الهوة الشاسعة بين الثقافة الديمقراطية المعاصرة التى تسعى الهيئة التى يرأسها فاروق محمد ابراهيم الى تكريسها وبين ثقافة شمولية ما زالت حية تسعى داخل دهاليز الاحزاب السودانية القائمة وتعشعش فى عقلية ممثليها.. وهو امر يؤكده د فاروق حينما ينفى عن الهيئة اوهام ادعاءات التمثيلى ويؤكد على حقيقة ان ذلك كان واضحا تماما فى قانون الهيئة .
    صاغ فاروق فى رسالته بعد ذلك الكلام المهم التالى :

    (الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير
    17. إنك تنطلق في تحليلك يا أخي كمال من أن منظمات المجتمع المدني حلت محل المنظمات الجماهيرية كضلع ثالث للإنتفاضة بجانب الأحزاب والنقابات، على غرار انتفاضتي أكتوبر وأبريل (ملاحظة: ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي يجمل منظمات المجتمع المدني والنفابات كضلع ثاني بجانب الأحزاب، ويعتبر فصائل القوات المسلحة التي تنحاز للإنتفاضة وفصائل التجمع المسلحة الضلع الثالث للتغيير) وتدعو، لضرورة "تحقيق فاعلية النشاط الرامي عموما لإحداث التغيير المنشود عن طريق إشاعة روحية جديدة في أفقه وبالتالي في أفق نشاط هذه المنظمات على وجه الخصوص". لكن " ناشطي هذه المنظمات، "مناضلي" القرن الجديد عن جدارة"، تعاني منظماتهم "مرضا يكاد يستفحل، بل ولولا فسحة الأمل لقلنا أنه قد يستعصي على العلاج تماما ! وأبرز أعراض هذا المرض ثلاثة: "ضعف الوعي بالذات"، و"تناقض النظر والممارسة"، و"إزدواجية الحقيقة والوهم". أما العرض الأول، وهو جهل المنظمات بكونها سليلة المنظمات الجماهيرية سابقا، فتنسبه أولا "لعسر جمع التبرعات الذي يحتاج إلى عمر نوح وصبر أيوب، مقارنة باليسر النسبي في إنسياب التمويل من المنظمات الأجنبية" الذي هو من نوعين، حميد وخبيث، وثانيا، طبيعة مناهج التدريب الغربية وثالثا، غلبة المصطلحات والمرجعيات المعربة بلا هوادة. وأما العرض الثاني، وهو تناقض النظر والممارسة، "فيتمثل في التناقض الفاضح لدى الكثير من هذه المنظمات بين اللغو النظري بهذه القيم والمبادىء، وبين المفارقة الخشنة لذات هذه القيم والمبادىء على صعيد الممارسة العملية"، وتمظهراتها تضعضع الشفافية، والتحول بذريعة الدواعي الأمنية لكيانات مغلقة لمصلحة مالكيها الذين قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. وأما العرض الثالث، وهو ازدواجية الحقيقة والوهم فيتمثل في "الأوهام التي ما تنفك تعشعش في أذهان الكثير من النشطاء، وأخطرها طرا تعريف منظمة المجتمع المدني ككيان "غير سياسي apolitical " بينما المقصود أنها كيان "غير حزبي “nonpartisan، والفرق يقينا جد شاسع". وبما أن مقالك هذا يمثل التبرير النظري لتأسيس للكونفدرالية عوضا عن الهيئة، فسأنظر هنا في التطبيق العملي لهذه المفاهيم في كل من التنظيمين.)

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-20-2013, 00:17 AM)

                  

12-20-2013, 00:23 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    الاقتباس الاخير التالى يقطر الما ومرارة ويؤكد فى المقابل على حرص د فاروق الكبير على المضى قدما فى ترسيخ الثقافة الديمقراطية الحقة من خلال تاكيده على سيادة مبدأ التجديد القيادى فى الهيئة
    وعزمه على الاستقالة وتقديم اخرين للقيادة .. كما يؤكد الاقتباس حرص ممثلو الاحزاب السودانية على استبدال هيئة الدفاع عن القوق والحريات بالكونفيدرالية وتكوينها المركزى وربما هذا نا يفسر سيادة العقلية الشمولية
    فى ترتيب امر الكونفيدرالية

    .( حقيقة الأمر يا أخي كمال أن مقالك يقدم مرافعة ضد منظمات المجتمع المدني وليس لصالحها، وضد أجندتكما الخاصة، أنت والأخ أمين، لتمثيل المجتمع المدني بإسم الكونفدرالية عند إندلاع الإنتفاضة. وحقيقة الأمر أن منظمات المجتمع المدني صارت مهنة تقوم بها كوادر متخصصة ويكسب الكثيرون منها عيشا شريفا، وهؤلاء لا هم عملاء ولا هم "مناضلو" القرن الجديد عن جدارة، كما جاء في مقالك. والتمويل الأجنبي منه الخبيث، لكن أكثره يمكن أن يكون حميدا إذا ما وظف توظيفا جيدا، وهذه مسئولية العاملين في مجاله. وحيث أن الكثيرين من المهمومين بالشأن العام ممن حوربوا في أرزاقهم لاذوا بتلك المنظمات، خصوصا العاملة منها بشكل مباشر في مجال حقوق الإنسان، فإن هذا الوضع يوفر لنا فرصة طيبة للإستفادة من تنسيق هذه المشاريع لخدمة حركة السلم والحقوق والحريات التي هي جوهر مشروعنا الوطني. كذلك فإن وجود هذه الكوادر يكون مفيدا إذا ما لعبوا دورهم في مقاومة الجوانب السلبية لعمل المنظمات التي تعرض لها مقالك. وهذا الدور يتم من داخل هذه المنظمات وبواسطة العاملين فيها وليس من خارجها.
    20. لقد إنبثقت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات وكونفدرالية منظمات المجتمع المدني كلتيهما من الإجتماع التأسيسي المنعقد بالفنار بدعوة من رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني بتاريخ 29 يناير 2011، وإنعقاد الجمعية العمومية في الذكرى الثانية لهذا التاريخ مناسبة لمراجعة التجربة بكاملها، بما في ذلك تجربة إنتفاضة سبتمبر. إنك تنعي يا أخي كمال على نشطاء منظمات المجتمع المدني التي تؤسس عليها مشروع الكونفدرالية، وترى فيهم مناضلي القرن الجديد عن جدارة، ضعف وعيهم بأصلهم المتجذر في منظمات الحركة الجماهيرية سابقا. لكن الحركة الجماهيرية لم تمت، ومشروع الهيئة الذي طرحتم الكونفدرالية بديلا له هو مشروع الحركة الجماهيرية "الأصل" بدمها ولحمها وعظمها. فالهيئة تقوم على العمل الطوعي الذي قامت عليه الحركة الجماهيرية أصلا ولا تتلقى دعما ماليا من أي منظمة، كما لا تدفع رواتب أو مساعدات بأي شكل للعاملين فيها، فكلهم متطوعون يعملون من منازلهم. وقد تمكنا من جمع عشرات الآلاف من الجنيهات من أعضاء الهيئة ومناصريها بالداخل والخارج في أقل من عمر نوح وصبر أيوب، صرفت كلها على النشاط الجماهيري وتنظيم حملة الدفاع عن المعتقلين وقضايا الشهداء واجرحى. كذلك توفرت تبرعات من خارج الهيئة خصصها الذين أسهموا بها للصرف على الدعم القانوني لمعتقلي وجرحى وشهداء إنتفاضة سبتمبر، ولدعم الدفاع عن معتقلي الحركة الشعبية بجنوب النيل الأزرق، وهذه وضعت في حساب خاص لدعم العمل الطوعي – أكرر الطوعي – للمحامين، ولا تصرف لأي غرض آخر، وهي مفتوحة لمن يود التعرف عليها. وسنعرض للرأي العام وللجمعية العمومية تقريرا ماليا عن التفاصيل الدقيقة للتبرعات وأوجه الصرف، بالأسماء والتواريخ، لزوم الشفافية. كما طرحت الهيئة أفكار لمشاريع لتوظيف التمويل الأجنبي "الحميد" لمنظمات أهلية عريقة لخدمة مشروع الحقوق والحريات، وهي أيضا مفتوحة لمن يهمه أمرها. ونحن مدعوون جميعا لتوحيد وتطوير هذه الحركة، لا لتشظيتها. وحيث أن دورة مكتب الهيئة التنفيذي الراهن، بما في ذلك مهمة المنسق التي كلفت بها ولن أقبل تجديدها بأي حال وقد تجاوزت الثمانين من العمر، هذه الدورة تنتهي بإنعقاد الجمعية العمومية. وبما أنك والأخ أمين ومعظم أعضاء الكونفدرالية لايزالون في قائمتها فإن مشاركتكم تكون خطوة جادة لتقييم التجربة ولتوحيد وإنطلاق حركة السلم والحقوق والحريات. ولنفس الهدف نوجه الدعوة للجنة القومية للتضامن مع المعتقلين وأسر الشهداء، إذ لا داعي بتاتا لتكائر المنظمات لنفس المهمة. )

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-20-2013, 00:32 AM)

                  

12-20-2013, 00:43 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    اعود للتساؤلات التى كنت قد طرحتها فى بداية مداخلاتى ولكن اعرض مرة اخرى للاقتباس التالى :

    (ومشروع الهيئة الذي طرحتم الكونفدرالية بديلا له هو مشروع الحركة الجماهيرية "الأصل" بدمها ولحمها وعظمها.
    فالهيئة تقوم على العمل الطوعي الذي قامت عليه الحركة الجماهيرية أصلا ولا تتلقى دعما ماليا من أي منظمة، كما لا تدفع رواتب أو مساعدات بأي شكل للعاملين فيها، فكلهم متطوعون يعملون من منازلهم. وقد تمكنا من جمع عشرات الآلاف من الجنيهات من أعضاء الهيئة ومناصريها بالداخل والخارج في أقل من عمر نوح وصبر أيوب، صرفت كلها على النشاط الجماهيري وتنظيم حملة الدفاع عن المعتقلين وقضايا الشهداء واجرحى. كذلك توفرت تبرعات من خارج الهيئة خصصها الذين أسهموا بها للصرف على الدعم القانوني لمعتقلي وجرحى وشهداء إنتفاضة سبتمبر، )
                  

12-20-2013, 06:31 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)
                  

12-20-2013, 09:22 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    مرحبا طلعت، وجمعة مباركة،
    في مداخلتي السابقة عبّرت عن موقف عبارة عن "عزف منفرد" في النهاية،
    والحقيقة أني لا علم لي بحيثيات وخلفيات المسألة التي يدور حولها
    الخلاف بين الفريقين!
    والرجلان كلاهما فاروق وكمال الجزولي لهما في النفس مكانة كبيرة،
    وعليهما كثير من التعويل: من أجل نشأة حركة نضال مدني سلمي ديمقراطي!
    ومن الصعب أن أتفاعل مع مقولات الدكتور فاروق في مواجهة كمال الجزولي،
    دون معرفة موقف كمال الجزولي،
    فلذا سأحاول البحث عن مقال كمال الجزولي المشار إليه!
    ولو أنك نزلته ثم ألقيت بعض الضوء على السياق كلّه، حتى نستطيع قراءة
    رسالة الدكتور فاروق بمزاج!
    ويقيني الكبير أننا نحتاج إلى إلى أن نتقارب أكثر،
    ونحاول بناء إيقاع جماعي مشترك بدلاً من استمتاع كلّ منا بمعزوفاته الفرديّة!
    ولا شك أن الحوار بين هذين الرجلين يمكن أن يُرسي قاعدة متينة لهذا العمل الجماعي،
    ولا ريب أنهما يستطيعان بإذن الله تجاوز الخلاف والالتقاء عندما يحقق
    المصلحة الوطنية الكبرى!
                  

12-20-2013, 12:49 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: صلاح عباس فقير)

    الجُّرحُ والقَوْس: منظمات المجتمع المدني السوداني والفضاء المعنوي للتغيير!







    كمال الجزولي
    الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 13:56
    المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان








    دفعت هَبَّة الجَّماهير السُّودانيَّة، في سبتمبر المنصرم، بهموم التغيير في البلاد، أكثر من أي وقت مضى، إلى الواجهة السِّياسيَّة على جميع الأصعدة. ومن ثمَّ فإن الحواريَّة التي افترعها الأستاذ الحاج ورَّاق بهذا الشَّأن (حريَّات الإليكترونيَّة؛ 18 أكتوبر 2013م) تستدعي التداخل في ما يتصل، خصوصاً، بـ "روحيَّة" قضايا "إنضاج العامل الذاتي"، كأحد أهمِّ الرَّوافع الاستراتيجيَّة للقوى التي يُنتظر أن تسهم في إحداث التغيير المنشود. ولئن كان الضِّلعان الرَّئيسان لهذه القوى، خلال ثورة أكتوبر 1964م وانتفاضة مارس/أبريل 1985م، هما الأحزاب السِّياسيَّة والكيانات النقابيَّة، فثمَّة ضلع ثالث برز، بقوَّة أكبر، خلال ربع القرن الماضي، بحيث لا يمكن إغفاله: "منظمات المجتمع المدني" و"المنظمات غير الحكوميَّة" الحديثة.


    (1)
    ويلزمنا، بادئ ذي بدء، التأكيد، لأسباب لا تخفى، على أن ما يعنينا، هنا، ليس أمر "منظمات الضِّرار" الحكوميَّة التي تضع قناع المنظمات غير الحكوميَّة، أو ما يُصطلح عليها بالـ GONGOs، والتي أنشأها النظام الحاكم، وما زال ينشئ المزيد منها، ويسبغ عليها أشكالاً وألواناً من رعايته وحمايته كي تكون عوناً وسنداً سياسيَّاً له! إنما يعنينا أمر المنظمات المدنيَّة المستقلة التي تنشأ من بين أوساط المجتمع المدني بغرض خدمة قضايا مجتمعيَّة وإنسانيَّة محدَّدة. فتأهيل "العامل الذاتي" لهذه المنظمات، بالذَّات، يقع في مركز الدَّعوة غير المسبوقة التي طرحها ورَّاق بغرض تحقيق "فاعليَّة" النشاط الرَّامي، عموماً، لإحداث التغيير المنشود، عن طريق إشاعة "روحيَّة جديدة" في أفقه، وبالتالي في أفق نشاط هذه المنظمات على وجه الخصوص.
    إن أوَّل ما تجدر ملاحظته، هنا، هو أن ناشطي هذه المنظمات ما انفكوا يعكسون، منذ حين، وعن جدارة، أكثر فأكثر، في السُّودان كما في غيره، صورة "مناضلي" القرن الجَّديد. مع ذلك لا بُدَّ من الاعتراف بأن نشاط هذه المنظمات ظلَّ يعاني، في السُّودان بالتحديد، مرضاً يكاد يستفحل، بل، ولولا فسحة الأمل، لقلنا إنه قد يستعصي على العلاج تماماً! وأبرز أعراض هذا المرض ثلاثة: "ضعف الوعي بالذات"، و"تناقض النظر والممارسة"، و"ازدواجيَّة الحقيقة والوهم".
    وتنبع أهميَّة التَّصدِّي لتهوية هذه القضية ذات الأثر والخطر من ضرورة تهيئة الفضاء "المعنوي"، عموماً، والأخلاقي، بالذات، لنشاط هذه المنظمات، بما يفوق، ربما، الاهتمام بالبُعد "الموضوعي" لهذا النشاط، وذلك هو، على وجه الدقة، محل اتفاقنا مع ورَّاق في ما عناه بدعوته المذكورة، والشَّاملة لكلِّ قوى "التغيير"، كجرس يُقرع للتنبيه إلى أن هذا "التغيير" ليس محض حزمة من الإجراءات نتخذها، فنعبُر بها من حال سئ إلى حال أفضل، وإنما هو، في المقام الأوَّل، مناخ من "روحيَّة" إيجابيَّة يحتاجها الفضاء "المعنوي" لحراك الجَّماهير، تقي من اليأس، فالسُّقوط المأساوي في غواية الاستكانة للتنازل عن "الكرامة"، و"الحريَّة"، و"الحقِّ" في "المشاركة" في تقرير المصير، ومن ثمَّ الارتداد البئيس للقبول ولو بكاريكاتير "مستبدٍّ عادل"، كما يحدث، الآن، في بعض بلدان المنطقة!

    (2)
    إذن، فالعرَض الأول للمرض المشار إليه يتمثل في ضعف وعي الكثير من منظمات المجتمع المدني، في بلادنا، بذاتها، تحت وطأة خطأ معرفي ومفهومي فادح يجعلها تغفل عن حقيقة كونها سليلة ما كان يُعرف في السَّابق بـ "المنظمات الجَّماهيرية"، وتتوهَّم، ضلالاً، أن ظاهرتها "مستجلبة"، أصلاً، من الغرب، ولا نسب لها في الخبرة الوطنيَّة! هذا الخطأ يستند، في الغالب، إلى ثلاثة أسباب أساسيَّة:
    (1) العُسر النسبي في الحصول على التمويل من السُّوق المحلي، حيث يحتاج جمع التبرُّعات إلى عمر نوح وصبر أيوب، مقارنة باليُسر النسبي في انسياب التمويل من المصادر الأجنبيَّة، بصرف النظر عن الحكمة التي تجري بها بعض الأمثال عن أن "من يدفع للزَّامر يفرض عليه اللحن"، اللهم إلا من عصم ربك، بالطبع، وهم، في العادة، قلة! وسوف نعرض، بعد قليل، لنوعين متمايزين من التمويل: "حميد" و"خبيث"؛
    (2) طبيعة مناهج التدريب الغربيَّة التي غالباً ما تأتي في أذيال التمويل الأجنبي، والتي تصمَّم، على نحو ما، بتصوُّرات أيديولوجيَّة زائفة تنزلق، بنعومة، إلى فكر هذه المنظمات؛
    (3) غلبة المصطلحات والمرجعيَّات الأجنبيَّة المعرَّبة بلا هوادة، والمعتمدة كلغة عمل لهذا المجال، فتوحي بأن مصدر علمه الأساسي هو، بالضَّرورة، غير سوداني، حتف أنف النشأة الباكرة للنشاط المدني في بلادنا، والتي سنشير إليها أدناه!
    على أنه تلزمنا المسارعة هنا باستدراكين مهمَّين:
    أولهما: أن المشكلة، كما سبق وألمحنا، ليست وقفاً على التَّجربة السُّودانية، فليس نادراً ما تثار في الكثير من الفعاليَّات المدنيَّة الإقليميَّة؛
    وثانيهما: أننا لا نعمِّم، ولا ينبغي لنا؛ فثمة منظمات في بلادنا، وإن تكن قليلة، مبرَّأة، إلى حد كبير، من حَوَل البصر والبصيرة هذا! وقد ظل إسهامها كبيراً، بالأخص الناشطة منها في مجال حقوق الإنسان، فضحاً للانتهاكات، ودفاعاً عن الضحايا، ورفضاً للتشريد بين معسكرات النزوح في الدَّاخل، واللجوء في الخارج، وشنَّاً للحملات ضدَّ القتل، والتعذيب، والاغتصاب، والإخفاء القسري، والاعتقال الإداري، وتدجين القضاء، وما إلى ذلك. وحبَّذا لو رتبت بعض هذه المنظمات مُدارسات مرموقة لثقافة هذا النشاط الضَّاربة بجذورها في تربة الإرث العريق للعمل الطوعي لدى مختلف تكويناتنا الإثنيَّة "نستخدم المصطلح بدلالة (العرق + الثقافة) معاً"، فضلاً عن تطوُّر هذا العمل، وارتقائه من الشَّكل الأهلي الأوَّلي إلى الشَّكل المدني الحديث، وما راكم خلال ذلك المشوار، منذ مطالع القرن الماضي، من خبرات ثرَّة لم تحبس هذا النشاط في فهم صفوي ينسرب من وسع الهموم العامَّة إلى ضيق الاهتمامات الخاصَّة، مثلما يحدث الآن في الغالب، وإنما ظلت تنفتح به على آفاق الفعل الجَّماهيري، عبر مؤسَّسات الصَّحافة، والمكتبة القبطيَّة، والفرق المسرحيَّة، وأندية الخرِّيجين، والاتحاد السُّوداني، واللواء الأبيض، ومجموعات القراءة Reading Groups، ومؤتمر الخرِّيجين، والأحزاب السِّياسيَّة، والكيانات النقابيَّة، والاتحادات المهنيَّة، والتنظيمات الفئويَّة، والمدارس الأهليَّة، والأتيام الرِّياضيَّة، والجَّمعيَّات التَّعاونيَّة، والرَّوابط الإقليميَّة، وأندية الأحياء، ومعهد القرش، وتنظيمات الكشَّافة، والمرشدات، وغيرها من التنظيمات المرتبطة بالجماهير الشعبيَّة، مباشرة، والفاعلة، تاريخيَّاً، في بلورة وإنفاذ البرنامج الوطنى الديمقراطى. جهد كهذا قمين بتوفير معرفة نحتاجها، بإلحاح، لتصحيح فهومنا المعطوبة، والقائلة بأننا، على هذا الصَّعيد، اتِّباعيُّون ولسنا ابتداعيِّين!

    (3)
    ولئن كان المنطق الأساسي لعمل منظمات المجتمع المدني ينهض على دعامتين اثنتين من قيم الحداثة ومبادئ العدالة الاجتماعية، فإن العرَض الثاني للمرض المشار إليه إنَّما يتمثَّل في التَّناقض الفاضح لدى الكثير من هذه المنظمات، والتي يربو عددها، حاليَّاً، عن الألف، بين ضجيج اللغو النَّظري بهذه القيم والمبادئ، وبين المفارقة الخشنة لذات هذه القيم والمبادئ على صعيد الممارسة العمليَّة! مردُّ ذلك التناقض، في الغالب، إلى تعقيدات الظروف الاستثنائيَّة التي تفجَّرت تحتها وأخضعت لها، خلال ربع القرن الماضي، أشكال وأساليب نشأة ونشاط هذه المنظمات، مقارنة، كما سبق أن أشرنا، بتلقائيَّة الثقافة الشَّعبيَّة، أو حتى بمناهج عمل المنظمات الجَّماهيريَّة المار ذكرها. ولا نعتقد أن بنا حاجة لتعريف هذه الظروف الاستثنائيَّة بالقمع السِّياسي، وشروطه القانونية المجحفة، والتضييق الذي تفرضه هذه الشروط على فرص الحركة باحتكارها للموالين للسُّلطة، مع غياب أبسط احترام رسمي لأيَّة مظلة دستوريَّة لديموقراطيَّة التَّنوُّع والتَّعدُّد، الأمر الذي يُلجئ هذه المنظمات، في أغلب الأحيان، إلى إدارة أمرها بطرق غاية في الالتواء، بل والذهاب في هذا إلى حدِّ أن يصبح الالتواء هو الأصل، وما عداه استثناء!
    لذلك كله فإن من أبرز احتمالات تمظهر هذا العرَض أربعة:
    الاحتمال الأوَّل: تضعضع مناهج العمل الجَّماعي الشَّفاف transparent المفترضة في الإدارة الدِّيموقراطيَّة لهذه المنظمات، وتردِّيها إلى الانغلاق في أنماط ضيِّقة من الذِّهنيَّات القبليَّة، أو العشائريَّة، أو العائليَّة، أو الشُّلليَّة، في أفضل الأحوال، أو ربَّما حتَّى ذهنيَّات المافيا، في أسوأها، حيث تسـتأثر رؤوس معـدودة بالأمر، إداريَّاً وماليَّاً، وربَّما رأس واحد!
    الاحتمال الثاني: تفادي بعض هذه المنظمات مجابهة القيود القانونيَّة لتسجيل "تنظيمات العمل الطوعي" أو "الجَّماعات الثقافيَّة"، وتفضيلها، بدلاً من ذلك، التَّسجيل الميسور، نسبيَّاً، لدى "المسجِّل التِّجاري العام"، دون أن تعير انتباهاً إلى حقيقة أنها إنما تضع نفسها بذلك، منذ البداية، وبصرف النَّظر عن حسن النوايا أو سوئها، في دائرة "السُّوق"، ودون أن تقيم أدنى اعتبار، بالتالي، للفروق الجَّوهريَّة بين هذه الدَّائرة وبين دائرتي "المجتمع" و"الدَّولة"، أو لمنظومات القيم الموضوعيَّة التي تشكل القانون الدَّاخلي لكلٍّ من هذه الدَّوائر، حيث "الرِّبح" قانون "السُّوق"، و"التكافل" قانون "المجتمع"، و"العنف المشروع" قانون "الدَّولة"؛
    الاحتمال الثالث: إرساء غلبة المحاذير الأمنيَّة الأساس التَّبريري لتحوُّل الكثير من هذه المنظمات إلى محض كيانات مغلقة، لا يتجاوز عدد "مالكيها"، بل ولا يرغبون في أن يتجاوز، أصابع اليد الواحدة، بالمخالفة للمبدأ المتمثِّل في وجوب انفتاحها للعضويَّة الفاعلة والرَّاغبة في المشاركة في المجال المعيَّن، الأمر الذي يفضي، بالضَّرورة، إلى غياب الهيكلة والممارسة الدِّيموقراطيَّة الشَّفافة داخلها، فقلما توجد لوائح منضبطة يتمُّ التحاكم إليها، بجدِّيَّة، في ما يتَّصل بالأهداف أو الوسائل، وقلما تنعقد جمعيَّات عموميَّة، أو تُنتخب مجالس أمناء، أو إدارات تنفيذيَّة، أو تُتَّبع أسسٌ محاسبيَّة، أو يُعهد بالميزانيَّات إلى مراجعين، أو ما إلى ذلك من أساسيَّات التنظيم الدِّيموقراطي الحديث.
    الاحتمال الرَّابع: طغيان مشكلة "التَّمويل" التي تأتى، من فوق هذا كله، كما سلفت الإشارة، كي يفضي قبضُ الدولة يدها، كلَّ القبض، عن دعم هذه المنظمات، بالمخالفة لما يقضي واجبها، إلى إفساح المجال بأكمله لينفرد به "التَّمويل الأجنبي" وحده! على أنه ينبغي ألا يُفهم من هذا أن لدينا اعتراضاً، بالمطلق، على "التَّمويل الأجنبي" من حيث هو. لكن، مع إقرارنا بوجود تمويل أجنبي "حميد"، يجدر بنا الإقرار، أيضاً، بوجود تمويل أجنبي "خبيث"، ومنبع "خبثه" إمَّا الاستراتيجيَّات السِّياسيَّة للمانحين أنفسهم، أو فساد أساليب عمل إداريي هؤلاء المانحين أو ممثليهم الإقليميين! مهما يكن من أمر، فإن هذا النوع "الخبيث" من التمويل هو الذي يلعب الدَّور الأكبر في تحويل مثل هذه المنظمات إلى محض "كناتين للعمل المدني!"، بل إن بعض المنظمات أو الجَّمعيَّات أو المراكز ليست، في حقيقتها، غير حقيبة صغيرة تحت إبط "المالك" الذي يكون، عادة، لغفلته، آخر من يعلم أنه، بهذا، إنما يجعل من نفسه هدفاً لسخرية المانحين، أنفسهم، قبل غيرهم، فيطلقون على مؤسَّسته، تندُّراً، ما يُعرف، في دوائرهـم، بالـ "Brief Case NGO"، ويا له من وصف مُهين! هذا النوع من التَّمويل يقف، في تقديرنا، وتحت ضغط الضَّوائق الاقتصاديَّة المعلومة، على رأس مهدِّدات مثل هذه المؤسَّسات بالفناء، أو بالشَّلل في أفضل الأحوال، إذ يحوِّلها إلى مجرَّد "مشروعات إعاشة" لـ "أصحابها" وذويهم، أو "مطايا" للأسفار التي تُحتكر، فحسب، لمن في يدهم القلم في قمَّة إداراتها، ولا تَسَلْ، بعد ذلك، عن القدرات الفكريَّة المتدنِّية لدى الكثيرين مِمَّن يجرى ابتعاثهم، من المحاسيب والخاصَّة والأقارب، إلى مشاركات دوليَّة أو إقليميَّة، فتتحوَّل، بفضل تدنِّي هذه القدرات، إلى محض مواسم لـ "السِّياحة"، الأمر الذي يكون، هو وغيره، محلاً، في العادة، للصِّراعات الشَّخصيَّة، والنزاعات غير المبدئيَّة، ونميمة مجالس الأنس، وثرثرات الهواتف النقَّالة صباح مساء!
    هذه الاحتمالات قد تقع فرادى، وقد تقع مجتمعة، بحسب كلِّ حالة على حدة. أمَّا أخشن تمظهرات التَّناقض بين اللغو النَّظري بقيم ومبادئ الحداثة والعدالة الاجتماعيَّة، وبين إدارة الظهر لنفس هذه القيم والمبادئ في الواقع العملي، فتتبدَّى بجلاء لا يحتاج إلى فانوس ديوجينس لإضاءته حين تجد، مثلاً، منظمة يدِّعي القائمون عليها، في العلن، أنهم يدافعون عن المظلومين، بينما شبكة "المصالح" الضَّيِّقة تدفعهم، في الخفاء، لممالأة الظالمين طالما كانوا من الأقارب، أو الأصدقاء، أو الشُّلة، أو المافيا! أو حين تجد، مثلاً، منظمة أو جمعيَّة أو مركزاً ثقافيَّاً يملأ الدُّنيا ضجيجاً حول الدِّفاع عن حقوق الإنسان، على حين لا يتوانى هو نفسه في جحد حقوق المستخدَمين لديه بالأجر، أو هضم حقوق المبدعين الذين يستثمر إنتاجهم لأغراض الربح، أو انتهاك ملكياتهم الفكرية بفظاظة لا تعرف الحياء! أمثال هؤلاء ينهضون كأسوأ مدافعين عن أعدل قضيَّة، ومن ثمَّ يوفرون أبأس نماذج المصادمة المباشرة لمطلوبات الفضاء "المعنوي" المرغوب فيه للتحشيد باتِّجاه مناصرة نفس القضيَّة التي يُفترض فيهم خدمتها!

    (4)
    أما العـرَض الثالث فيتمـثَّل في بعـض "الأوهـام" التي ما تنفكُّ تعشعـش في أذهان الكـثير مـن النُّشـطاء، وأخطـرهـا طـرَّاً تعـريـف "منظـمـة المجـتمـع المدني" ككـيان "غـير سياسـي apolitical"، بينما المقصود أنها كيان "غير حزبي nonpartizan"، والفرق، يقيناً، جدُّ شاسع! وقد يستبين هؤلاء فداحة خطأهم هذا إذا قدِّر لهم أن يدركوا، مثلاً، كيف أن منظمة دوليَّة، كمنظمة الصحَّة العالميَّة WHO، أصبحت تقرُّ بازدياد نشاط منظمَّات المجتمع المدني كقنوات لممارسة المواطنة في سبيل تحقيق التَّغيير الاجتماعي والاقتصادي. ولأن قنوات كهذه يستحيل أن تكون "غير سياسيَّة"، فإن باحثين كثر، كالسُّوداني محمَّد سعيد الطيِّب والتونسي منصف المرزوقي، أضحوا يميلون نحو تأكيد المفهوم "السِّياسي" لهذه المنظمات بالأساس.
    كذلك فإن ثمَّة تيَّاراً عالميَّاً مرموقاً ما فتئ يشدِّد، منذ حين، لدى الحديث عن منظمات حقوق الإنسان، مثلاً، على أنه لا معنى لمفهوم "الإنسانيَّة" ذاتها بدون الصحَّة، والعمل، والغذاء، والملبس، والمسكن، والتَّعليم، والثقافة؛ وأن تواتر المناداة بالعدالة الاجتماعيَّة في شأن هذه المطلوبات عائد لكون نفس الأسباب تولد، دائماً، نفس النتائج. ومن ثمَّ فمن الضَّروري أن تتصدَّى "حركة حقوق الإنسان" لتحقيق هذه المطالب المشروعة للطبقات الفقيرة والشُّعوب المقهورة. وإنه لمِن عمى البصيرة، بل من "مرض الغرض"، يقيناً، عدم رؤية الطبيعة "السِّياسيَّة" لهذه "الحركة" نفسها من هذه الزاوية بالذَّات! فحتى لو جرى، بحسن نيَّة، ابتلاع الفكرة الزَّائفة بأن على منظمات المجتمع المدني ألا تمارس "السِّياسة"، فإن "المناضل" من أجل "حقوق الإنسان"، أو "صون البيئة"، أو "حماية المستهلك"، على سبيل المثال، سرعان ما يصاب بالحيرة ـ حسب المرزوقي ـ حين يكتشف أنه، في "نضاله" هذا، لا يغادر "السِّياسة"، في الحقيقة، قيد أنملة! فإنْ هو أدان "التعذيب" مارس "السِّياسة"، وإن غضَّ الطرف عنه مارس "السِّياسة" أيضاً، وسواءً طالب، أو لم يطالب، بالحريَّات الشَّخصيَّة، أو العامَّة، أو بحقوق الطفل، أو المرأة، أو الأقليَّات، أو حتى سعى، فقط، لـ "تعليم" حقوق الإنسان، فإنما يمارس "السِّياسة"، بالضَّرورة، ومن كلِّ بُد!
    وهكذا فإن الأمر، في جوهره، أكثر تعقيدا من مجرَّد قوائم الشُّروط التَّبسيطيَّة المُخِلة التي تصمَّم كتالوجاتها manuals خصيصاً ليُدفع بها إلى ورش "الزِّيانة" التَّدريبيَّة على رءوس "اليتامى"، كما في بعض الأمثال، استهدافاً لإخصاء الطابع الرَّاديكالي لخبرة "المنظمات الجَّماهيريَّة" في بلادنا، منذ نشأتها في أتون الصِّراع ضد الاستعمار من أجل الاستقلال السِّياسي، وحتى انخراط سليلتها "المنظمات المدنيَّة" في معمعة النضال من أجل التغيير الشَّامل، سياسيَّاً، واقتصاديَّاً، واجتماعيَّاً، وثقافيَّاً!

    (5)
    أخيراً، لئن كان من قبيل الحُجَّة غير المهضومة أن يدعو أحد لإرجاء المكاشفة الواجبة حول هذه القضيَّة، والمفاكرة الضَّروريَّة في شأنها، بدعوى أن الوقت غير مناسب، أو بزعم الحذر من إساءة استغلال هذه المكاشفة أو المفاكرة من جانب السُّلطة وأجهزتها المعادية للمنظمات المدنيَّة، فإن ثمَّة، مِن أهل نفس هذه المنظمات، مَن لا يتوانى في استخدام ذات هذه الحُجَّة لتكريس الاتجاهات الخاطئة، فتكون هذه المنظمات جرحاً بقدر ما هي قوس! لذا، ولأن الوقت المناسب لأي إصلاح هو، بالقطع، كلُّ الأوقات، فينبغي تفويت الفرصة على كلا الطرفين، السُّلطة والنشطاء الفاسدين، بحملة جادَّة يقودها الشُّرفاء في هذه المنظمات، لإصلاح أوضاعها، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه بغير فتح الجُّرح لتطهيره من خلال حوار داخلي واسع، صريح، شفاف، وحرَّاق، يضمن لهذه المنظمات اليوم، وليس غداً، أن تحافظ على رأسمالها الرَّمزي الافتراضي، القائم، ما يزال، بالحقِّ، في ثقة واحترام أقسام واسعة من الجَّماهير للكثير من قادة هذه المنظمات ورموزها، وتعويلها عليهم في لعب أدوار مقدَّمة في معارك التحوُّل الدِّيموقراطي، وإلا فإن الحديث عن إسهام هذه المنظمات كضلع في التَّغيير المنشود، وبالأخص في دعم "روحيَّة" الفضاء "المعنوي" المطلوب لهذا التغيير، لن يعدو كونه محض أماني، بل .. مجرَّد حديث خرافة!
    -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

    عزيزى صلاح
    اعلاه ما كان قد كتبه الاستاذ كمال الجزولى والمقال موجود فى الرابط اعلى مداخلتك ( عفوا فالاقتباس الخاص بالمنبر لا يعمل عندى)
    اشاركك احترام كل من يناضل فى حندق الشعب ضد نظام الانقاذ ، ولكننا نحتاج الى اعادة تقييم وتصحيح ان شئت الدقة لمسيرتنا الوطنية خاصة فى جانب المعارضة
    فى تقديرى ان رسالة د فاروق على قدر كبير من الاهمية لأن التمعن فى مقال الاستاذ كمال يقودنا الى صحة استنتاجات فاروق حيث ان انفصال القول عن الممارسة ينطبق اكثر
    على الاستاذ كمال مع انه يشكل المفهوم الذى حاول تسويقه فى مقاله عمن اسماهم مناضلى القرن وما قاله ينطبق اكثر على اوضاع الكونفيدرالية وليس على الهيئة السودانية للحقوق
    والدفاع عن الحريات! والاخيرة كانت نموذجا ديمقراطيا مطروحا من حيث التكوين والنظام الاساسى الذى يسيرها لكن كمال ومن معه اختاروا الكوفيدرالية بمركزيتها القابضة كبديل وممثل لمنظمات المجتمع المدنى
    وها هم الان ينتقدون خياراتهم بأنفسهم مما يؤكد حقيقة انفصال الممارسة النظرية عن العملية.
    لكن اكثر ما يمثله ذلك الانفصال هو تصور الاستاذ كمال الجزولى لدور منظمات المجتمع المدنى حيث اوضح فى مقاله انها تمثل ضلعا ثالثا فى معارك اسقاط النظام بينما يرى د فاروق (واتفق معه فى ذلك) انها اى المنظمات
    ذات اهداف استراتيجية تتعلق بترسيخ الحقوق والحريات المدنية وتدعيم الديمقراطية غض النظر عن الحكومة التى تسير امور البلاد . هذا المفهوم الديمقراطى للمجتمع المدنى ومنظماته يهدف الى استعادة الثقة فيه وبالتالى مشروعيته على المدى الطويل
    وهو يمارس حياد تام تجاه الاحزاب السياسية وهو حياد ينجاز الى الديمقراطية فى جوهره
    بإختصار ينطلق كمال ومن معه فى تسيير عمل الكونفيدرالية من مفاهيم (ماركسية) وسوف اوضح بشكل افضل يا صلاح ما اعنيه بذلك.
                  

12-20-2013, 01:39 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    إضافة الى تصورات الاستاذ كمال الخاطئة لاهداف كونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى وهى تصورات ماركسية ضارة بالعمل العام ، سوف اسعى الى توضيح ان الرجل كان قد طرح مقولتين ازعم انهما تحملان عنده مضامين تختلف عما يفترض ان يكون عليه الحال
    مثل :
    - مفهوم الفضاء المعنوى
    - الفرق بين كلمتى لا حزبية منظمات المجتمع المدنى ولا سياسيتها
    فمن الواضح ان الفضاء المعنوى الذى ورد فى قال الاستاذ كمال يحمل دلالات او يقصد به ( الروح المعنوية ) وضرورات ان ترتفع فى خضم النضال الشرس ضد نظام الانقاذ، وعلى الرغم من اهمية ذلك طبعا الا ان مفهوم الفضاء المعنوى اعمق من ذلك وكثيرا كما سوف اوضح
    اما حقيقة الفرق بين تسيييس منظمات المجتمع المدنى ولا حزبيتها ، فإن المتتبع لنصوص كمال بهذا الشأن يجد انه يسعى الى تسيييس عمل المنظمات حتى تنسجم مع تصوراته حول دور سياسى مباشر مزعوم لها فى اسقاط النظام . حقيقة الامر ان لاحزبية منظمات المجتمع المدنى تعود الى طبيعتها كجزء من المجتممع المدنى الذى يعمل فى المجال الاهلى غير الرسمى (وهو مجال يشمل الروابط السياسية والاعلام والصحافة والجمعيات الثقافية والنت الخ ) وهو مجال غير مؤهل لاتخاذ القرارات بل معنى بالوصول الى تشكيل رؤى وتوصيات حول مختلف القضايا لانه مكان للحوار الحر الطوعى والشفاف، بينما الحكومة والاحزاب السياسية المعارضة اضافة الى المؤسسات التشريعية مثل البرلمانات هى المعنية بإتخاذ القرارات المصيرية للدولة ووضع ميزانيتها وتوجيه مصادرها وفق خطط تنموية تكون اقرب للعدالة كلما كان المجتمع يتمتع بوجود مجتمع مدنى قوى وفعال وكلما كانت الحكومة
    شفافة تجاه توصيات المجتمع المدنى التى تتخلق داخله .
    ولذلك فإن الحكومات الديمقراطية هى الاقدر على ذلك ، وفى ذلك يكمن سر تمسك الانسان فى الدول المتقدمة بالتعددية الديمقراطية لانها المعبرة عن هوية المجتمع واحتياجاته وتشريعاته. هذا هو المقصود بلا حزبية منظمات المجتمع المدنى، بمعنى انها ليست جزءا من النظام السياسى الرسمى المعنى بإتخاذ القرارات ولكنها تمثل المجال العام الاهلى او الرأى العام .
    حديث كمال الجزولى لا علاقة له بهذه المفاهيم الديمقراطية هو فقط مهموم بسألة تجييش منظمات المجتمع المدنى لصالح احزاب المعارضة وهو امر ضار جدا بالمجتمع المدنى الذى ننشده لان الاخير مرشح لان يلعب دورا استراتيجيا فى قضية المحافظة على الديمقراطية . الديمقراطية المستدامة تعتمد على رأى عام قوى وفعال ينال ثقة وقبول الناس (اى له مشروعية نافذة) لانه رأى عام منحاز لقضايا الشعب ورؤية ابنائه وبناته الحقيقية مثل دعم الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية الخ من قضايا ملحة .
    القضية ليست حول ضرورة وجود منظمات مدنية لها انشطة سياسية من عدمه، وبالتالى يجب ان تكون سياسية لتشارك فى القضية النبيلة المرتبطة بإسقاط النظام الشمولى الفاسد كما يرى كمال
    ولكن القضية اكبر من ذلك التصور بكثير وهى تتعلق بإستراتيجيات تقوم على تغذية وتقوية المجتمع المدنى الذى انهكته الديكتاتوريات العسكرية منذ الاستقلال حتى يقوم بدوره الخاص بمنح الدولة او منعها مشروعية لقراراتها حينما تكون شفافة تجاه الاجماع الذى يتخلق فى رحمه .او العكس .
    القضية لا علاقة لها بإنحياز تاكتيكى لقضايا الشعب حسب ما يراه المنظر الطبقى الماركسى لان فى ذلك قصر نظر يؤدى عمليا الى تجفيف المجتمع المدنى وسيادة القوة والمال فى التاثير على قرارات الدولة حينما تكون هى البديل عن الحوار الطوعى المسؤول الذى يتشكل فى المجتمع المدنى حول مختلف القضايا ن وهو ما يحدث الان فى ظل انقلاب الانقاذ!
    سيادة مفهوم المستبد العادل الذى ورد فى مقال الاستاذ كمال والتخوف منه سيجد طريقه حتا من الباب الخلفى الذى ترك مفتوحا لينسل الى داخل البناء المنطقى لجل الاطروحات حول الكونفيدرالية التى وردت فى مقاله!!

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-20-2013, 01:55 PM)

                  

12-20-2013, 02:21 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    الفضاء المعنوى الذى صاغه كمال الجزولى فى ثنايا مقاله تحت عنوان (الجرح والقوس: منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير) كان قد جاء ليحمل دلالات رفع الروح المعنوية للنضال المشروع ضد طغمة الانقاذ ويتضج ذلك اكثر فى اشارته الى ما كتبه الاستاذ الحاج وراق فى حريات حول روحيَّة" قضايا "إنضاج العامل الذاتي". وهو امر لا خلاف عليه، ولكن مفهوم الفضاء المعنوى له دلالات اعمق تستند الى حقيقة ان المحافظة على النظام الاجتماعى المتطور فى المجتمعات التى تتبنى التعددية الديمقراطية يقوم على التفاهم بين ابناء المجتمع الحديث المتعدد الثقافات والاثنيات والطبقات، وهو ليس تفاهم قبلى لمجتمع متجانس عرقيا ومغلق مثل العربية السعودية يعتمد فى تثبيت نظامه الاجتماعى على منظومة فكرية ثابتة ونظام قهرى مستبد لا يعرف الرجمة تجاه التمرد باشكاله المختلفة سياسية كانت او اخلاقية ، ولكنه مجتمع (بعد سياسى) لان التفاهم هنا لا يقوم ايضا على (عقد اجتماعى مفترض) ولكنه يقوم على رأى عام قوى ومجتمع سياسى يتمتع بقدر كبير من النفوز داخل السلطة وخارجها، وعلى قدر واسع من الحقوق والحريات العامة . فى مثل هذا المجتمع يتم الحوار الطوعى الحر والخلاق حول مختلف القضايا دون وصاية من احد يصل من خلاله المجتمع السياسى الى قدر معقول من التفاهم حول القضايا ذات الطابع السياسى والثقافى . هذا الحوار والاجماع الذى يحمله الرأى العام يتردد على سمع ومرأى الناس فى مختلف الوسائط الاعلامية مما يساعد على خلق نوع من المعانى والتصورات المتقاربة بين ابناء المجتمع وهى تصورات اقرب الى الصواب لانها تتخلق بحرية . المعانى المشتركة بين الناس حول القضايا التى تواجه مجتمعاتهم والتحديات التى يخبئها المستقبل لهم تكون هى المسؤولة عن حماية النظام الاجتماعى بدلا عن الحكومات المستبدة. وهى اقوى من قدرة المستبد على القمع فى الحفاظ على الامن والنظام لان هناك قناعة مشتركة بين المواطنين بمشروعيتها . هذه المعانى المشتركة فى الفضاء العام التى يتم التوصل لمعظمها بالتراضى والمنطق والمحاججة هى ما يشكل مفهوم (الفضاء المعنوى).
    وهو فضاء ضرورى للمجتمعات الحديثة، وحينما ينعدم بفعل القمع وسيطرة القوة والمصالح الخاصة تحدث المآسى الانسانية الكبرى وتعشعش بدلا عنه نظريات المؤامرة وشيطنه الخصوم كما يحدث الان فى جنوب السودان وهو الشىء الذى عهدناه طوال فترة الانقاذ من سيناريوهات البطش والظلم وعدم التسامح !

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-20-2013, 02:30 PM)

                  

12-20-2013, 07:44 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5475

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    شكرا طلعت
                  

12-21-2013, 01:15 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: باسط المكي)

    سلام طلعت

    شكرا لك لطرح رؤية البروف فاروق وكمال الجزولي دعنا نقرا ونتحاور

    عيد ميلاد سعيد للعالمين
                  

12-21-2013, 08:21 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: Sabri Elshareef)

    الاعزاء باسط المكى
    وصبرى الشريف
    تحياتى وتقديرى للمتابعة والاهتمام
    فى التساؤل الاول الخاص برفض د فاروق الذهاب لحضور مؤتمر الكونفيدرالية بأديس ففى تقديرى انه كان خيارا سليما، كما ان اعتراضه على عقد المؤتمر بالخارج معقول وقد كان الانسب عقد المؤتمر بالخرطوم رغم الظروف الامنية المعقدة. من الواضح ان هناك انحيازا لكونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى لاحزاب المعارضة بسبب قانونها الاساسى الذى حولها الى منظمة مركزية وجعل اهدافها ترتبط بإسقاط النظام الحالى الامر الذى يصيب حيادها فى مقتل. هذا الوضع الجديد للكونفيدرالية يضاف الى انعدام الشفافية فى قرار عقد مؤتمرها بفندق خمس نجوم بالعاصمة الاثيوبية يسهل على النظام محاصرتها واقتلاعها وهى بعد ما تزال غرس فى طور النمو داخل بيئتنا المحلية يرجى منه الكثير.
    من المؤسف انه ورغم كل ما حدث مؤخرا من تغييرات عاصفة فى عالمنا المعاصر سواء داخل السودان او خارجه ، فإن عملية الاصلاح الحزبى الديمقراطى تتعثر كثيرا فى السودان مما يؤكد حقيقة ضعف البنية الحزبية وافلاس قياداتها ، وها هى العدوى تصيب منظمات المجتمع المدنى بدلا عن ان يحدث العكس!
    فى تقديرى ان تمويل المؤتمر يعد من نوع التمويل (الخبيث) لانه كرس الطبيعة الفردية لطريقة اتخاذ القرارات فيها وساعد على الاضرار بها وكان من الافضل (وهو امر ما زلنا نأمل فى معالجته) ابعادها عن صراع السلطة واستخدام اى مساعدات مالية فى دعم المجموعات المحلية التى تسعى الى انشاء منظمات شبيهة على مستوى العاصمة والاقاليم جتى يتحول االتمويل ان وجد الى (حميد) يساعد على نمو مجتمع مدنى سودانى قوى ومعافى .

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-21-2013, 08:40 PM)

                  

12-21-2013, 08:52 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    جاء فى الرسالة الموجهة اعلاه الى د امين مكى وا كمال الجزولى فى قيادة الكونفيدرالية ما يلى:

    . (إن أعراض متلازمة منظمات المجتنع المدني المرضية التي اجتهدت في توصيفها يا أخي كمال تنطبق على كونفدرالية منظمات المجتمع المدني النعل بالنعل والحافر على الحافر. فلننظر أولا لمؤتمر التخطيط الإستراتيجي المنعقد الان، وهو باكورة فعاليات الكونفدرالية. السؤال الأول: من الواضح أن هناك تمويل خارجي للكونفدرالية. من الذي قرر طلب هذا التمويل وممن؟ وما مقداره؟ ولأي أغراض؟ وبأي شروط؟ لماذا لم يطرح مبدأ التمويل الأجنبي علينا نحن مؤسسي الكونفدرالية للموافقة عليه؟ أين الشفافية؟ من الواضح، بالنسبة لهذا الأمر البالغ الأهمية، أن هنالك أشخاص أقل من أصابع اليد الواحدة، وربما شخصان، هم الذين اتخذوا هذه القرارات، وهم أصحاب الكونفدرالية الحقيقيين. السؤال الثاني: لماذا ينعقد مؤتمر الكونفدرالية، وكل المشاركين فيه سودانيون مقيمون بالعاصمة القومية الخرطوم، في فندق الهلتون في العاصمة الإثيوبية أديس، بتمويل أجنبي كامل؟ ما الذي يمنع إنعقاده في الفنار أو أي قاعة بالعاصمة القومية؟ أين الحس الإنساني ونحن نبيح لأنفسنا سياحة 5 نجوم مدفوعة الأجر بإسم حقوق الإنسان، ودماء شهداء إنتفاضة سبتمبر/أكتوبر لم تجف بعد، والكثير من أسرهم الفقيرة فقدت عائلها الوحيد؟ هل نحتاج "لفانوس ديوجينيس" لكي نرى التناقض الفاضح بين الممارسة العملية ولغو صفاء الكوثر وروحية الفضاء المعنوي للتغيير؟.السؤال الثالث: هل يعلم الممول أنه ليست هنالك موانع بتاتا لعقد المؤتمر بالخرطوم ووافق مع ذلك على التمويل بالهلتون بأديس؟ لو أنه يعلم فهذا تمويل خبيث، وكما تفضلت "من يدفع للزامر يفرض عليه اللحن"، ولو أنه لا يعلم والكونفدرالية فعلت ذلك من وراء ظهره، فتلك هي الطامة الكبرى.)
                  

12-22-2013, 04:45 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    كتب الاستاذ كمال الجزولى فى مقاله (الجرح والقوس) حول مفهوم الفضاء المعنوى الذى اشار اليه الاستاذ الحاج وراق ما يلى:

    (ويلزمنا، بادئ ذي بدء، التأكيد، لأسباب لا تخفى، على أن ما يعنينا، هنا، ليس أمر "منظمات الضِّرار" الحكوميَّة التي تضع قناع المنظمات غير الحكوميَّة، أو ما يُصطلح عليها بالـ GONGOs، والتي أنشأها النظام الحاكم، وما زال ينشئ المزيد منها، ويسبغ عليها أشكالاً وألواناً من رعايته وحمايته كي تكون عوناً وسنداً سياسيَّاً له! إنما يعنينا أمر المنظمات المدنيَّة المستقلة التي تنشأ من بين أوساط المجتمع المدني بغرض خدمة قضايا مجتمعيَّة وإنسانيَّة محدَّدة. فتأهيل "العامل الذاتي" لهذه المنظمات، بالذَّات، يقع في مركز الدَّعوة غير المسبوقة التي طرحها ورَّاق بغرض تحقيق "فاعليَّة" النشاط الرَّامي، عموماً، لإحداث التغيير المنشود، عن طريق إشاعة "روحيَّة جديدة" في أفقه، وبالتالي في أفق نشاط هذه المنظمات على وجه الخصوص.
    إن أوَّل ما تجدر ملاحظته، هنا، هو أن ناشطي هذه المنظمات ما انفكوا يعكسون، منذ حين، وعن جدارة، أكثر فأكثر، في السُّودان كما في غيره، صورة "مناضلي" القرن الجَّديد. مع ذلك لا بُدَّ من الاعتراف بأن نشاط هذه المنظمات ظلَّ يعاني، في السُّودان بالتحديد، مرضاً يكاد يستفحل، بل، ولولا فسحة الأمل، لقلنا إنه قد يستعصي على العلاج تماماً! وأبرز أعراض هذا المرض ثلاثة: "ضعف الوعي بالذات"، و"تناقض النظر والممارسة"، و"ازدواجيَّة الحقيقة والوهم".
    وتنبع أهميَّة التَّصدِّي لتهوية هذه القضية ذات الأثر والخطر من ضرورة تهيئة الفضاء "المعنوي"، عموماً، والأخلاقي، بالذات، لنشاط هذه المنظمات، بما يفوق، ربما، الاهتمام بالبُعد "الموضوعي" لهذا النشاط، وذلك هو، على وجه الدقة، محل اتفاقنا مع ورَّاق في ما عناه بدعوته المذكورة، والشَّاملة لكلِّ قوى "التغيير"، كجرس يُقرع للتنبيه إلى أن هذا "التغيير" ليس محض حزمة من الإجراءات نتخذها، فنعبُر بها من حال سئ إلى حال أفضل، وإنما هو، في المقام الأوَّل، مناخ من "روحيَّة" إيجابيَّة يحتاجها الفضاء "المعنوي" لحراك الجَّماهير، تقي من اليأس، فالسُّقوط المأساوي في غواية الاستكانة للتنازل عن "الكرامة"، و"الحريَّة"، و"الحقِّ" في "المشاركة" في تقرير المصير، ومن ثمَّ الارتداد البئيس للقبول ولو بكاريكاتير "مستبدٍّ عادل"، كما يحدث، الآن، في بعض بلدان المنطقة!) انتهى الاقتباس

    وكنت قد اوضحت مدلولات مفردة فضاء معنوى واهميتها فى انها تعبر عن المعانى والمفاهيم المشتركة بين افراد المجتمع نتيجة للحوار الذى يتم فى جو كامل من الحريات العامة حول قضايا المجتمع المختلفة سياسية كانت او ثقافية وهى كما نرى مدلولات ذات طابع ابستمولوجى اومعرفى بينما قصد كمال الجوانب الاخلاقية والمعنوية لان قضايا المجتمع المعرفية محسومة فيما يبدو فى ثنايا (البرنامج الوطنى الديقراطى) ذلك البرنامج الذى طرحه الحزب الشيوعى السودانى منذ منتصف القرن الماضى تقريبا! وللتاكيد على ذلك نجد ان الكاتب قد اشار الى البرنامج الوطنى الديمقراطى فى ثنايا المقال !
    ثم استعرض الاستاذ كمال الجزولى عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى السودانية التى لعبت ادوارا مختلفة فى حياتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية ولكن ذلك الاستعراض لم يكن مخلصا لانه جاء فى مقابل منظمات المجتمع المدنى الموجودة اليوم ( وفق مفهوم العهد الذهبى وان الماضى افضل من الحاضر) على اعتبار ان هناك استغلال للمنظمات الحالية بواسطة افراد وبواسطة التمويل الاجنبى (الخبيث) . لكن كمال يتجاهل هنا حقيقة اساسية اشار اليها د فاروق فى رسالته وهى انه كان من بين من عملوا على استبدال الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات والتى لعبت دورا مميزا ومسئولا ابان انتفاضة سبتمبر ، استبدالها بكونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى مع ان الهيئة تتمتع بنظام اساسى ديمقراطى اللحمة والسداة ولا تتلقى دعما خارجيا على الاطلاق، مما يؤكد حقيقة ان التباكى على الماضى فى مقال القوس والجرح لا يعبر فى حقيقته عن غياب العمل الطوعى المخلص وانما ياتى فى اطار التمكين لللبرنامج الوطنى الديمقراطى)
    بمعنى آخر فإن الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بأهدافها المتمثلة فى الحياد تجاه العمل السياسى الحزبى والعمل على ترسيخ قضية الحقوق والحريات والدفاع عنها غض النظر عن النظام السياسى السائد، وتكوينها الداخلى الديمقراطى لا تصلح لان تكون (اداة) مناسبة لا يتوقف استخدامها على قضية اسقاط النظام بل حتى تصلح لان تكون اداة مساعدة فى ان يجد البرنامج الوطنى الديمقراطى طريقه الى الواقع السياسى فى السودان بإعتباره يجسد المعرفة السياسية الجديرة بذلك !
    القضية اذن ذات طابع ايديولوجى ولا ترتبط بالشفافية تجاه المنظمات الحالية ومشاكلها التى اشار د فاروق الى امكانيات حلها فى رسالته حينما تحدث عن ان العدد الكبير من العاملين فيها من الشرفاء الذين فقدوا وظائفهم بفعل الطبيعة الاقصائية للاسلام السياسى ممثلا فى انقلاب الانقاذ. فمشاكل منظمات المجتمع المدنى الحالية التى تتمثل فى التمويل (الخبيث) او استغلال افراد لها يبدأ الاتجاه الصحيح فى معالجتها بتطبيق نظم داخلية ديمقراطية وليس باستبدال المنظمات الديمقراطية بأخرى ذات طابع مركزى قابض مثل كونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى الحالية وقانونها المعيب والذى اجيز (بالصمت) كما جاء فى رسالة فاروق!

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-22-2013, 08:16 PM)

                  

12-22-2013, 10:30 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    أخي طلعت، تحية طيبة،
    رغم الشواغل فرّغت نفسي لقراءة مقال كمال الجزولي،
    ثم أتبعته بقراءة خطاب الدكتور فاروق!

    كالعادة كان خطاب الأستاذ كمال الجزولي ذا بنيان منطقي متماسك،
    ولكنّي أخشى أنه قد اختزل (وجود الشعب السوداني ونضاله) في ثلاثة الأضلاع التي
    ذكرها، واعتبرها امتداداً للحركة الجماهيرية ووارثاً شرعيّاً لها!
    وكأنّ حركتنا السياسية قد أُرسيَت على أسس ديمقراطية وطيدة،
    وكأنَّ تطوّرها تطورٌ إيجابيٌّ صاعد،
    وواقع الحال أنّ الديمقراطية في بلادنا لمّا يقم لها كيانٌ راسخ بعد،
    لا في شقّها الحزبيّ ولا في شقّها النقابي،
    ولا في حركة مجتمعها المدني كما يؤكد الجزولي نفسه!
    فإذا كان ذلك كذلك، فنحن بحاجةٍ ماسّة إلى إرساء كيان ديمقراطي راسخ البنيان،
    يؤوي فئة الشباب غير المنتمي، وهي فئة يُرجى منها الكثير، لكونها بريئة
    من علل تكويناتنا الحزبية والنقابية والمنظماتية!
    ويلعب دور صمام الأمان، والموجه لحركة التغيير الوطني!
    ولا يُهدر طاقاته وطاقات الجماهير في الحراك السياسي الظرفي!
    إن نظام الإنقاذ ليس صرحاً قابعاً في بقعةٍ مميّزة من فضاء مجتمعنا،
    حتى نسقطه ونبني آخر مكانه، ولكنه نظام بما له من أيديولوجيا شمولية،
    قد صار جزءاً لا يتجزّأ من تركيبتنا الاجتماعية السياسية، يصعب انتزاعه
    إلا بعملية جراحيّة! وممّا ينبغي أن يشحذ همم القيادات الوطنية للقيام بهذه العملية:
    إدراك أنها في الحقيقة عمليّة استئصال لكل الأدواء والعلل التي أُصيبت بها
    مسيرة حركتنا السياسية منذ الاستقلال، قد جذبتها الإنقاذ وجبذتها وجبدتها حتى
    جمعتها تحت سقفٍ واحد!
    وأخشى أن الأستاذ كمال الجزولي لدى وقوفه عند مسألة التمييز بين
    (سياسية) و(حزبيّة) منظمات المجتمع المدني! كان يهدف إلى فتح بوابة واسعة
    لتوظيف نشاط هذه المنظمات، من أجل تحقيق هدف سياسي مباشر، ألا وهو
    (إسقاط نظام الإنقاذ) باعتباره الهدف الإستراتيجي لحركة النضال الوطني،
    كما هو اعتقاد الحاج وراق وكثير من الناشطين الّذين يعتقدون أن نظام الإنقاذ
    عبارة عن نبتٍ شيطانيّ لا جذور له في حركتنا السياسية،
    ولا علاقة له بتركيبتنا الاجتماعيّة! فمن أين أتى؟!
    وعموماً لا أحد يُنكر الطبيعة السياسية لأيّ عملٍ اجتماعي أو ثقافي،
    ولكن فكرة الدكتور فاروق هي أن تنأى هذه الحركة الحقوقية الواعية بنفسها
    عن خوض صراعات سياسية ظرفيّة، تشغلها عن هدفها الأساس، وهو
    ترسيخ الديمقراطية في وعي المواطنين، وكذا بناء كيانٍ راسخٍ لها!
    باعتبار أنّ مشكلتنا الأساسيّة هي مشكلة الديمقراطية في المقام الأول!
    أعني الديمقراطية المستدامة!

    ولم أكن أتوقع أن ينضمّ الأستاذ كمال الجزولي،
    وهو الداعية الأبرز للعدالة الانتقالية في السودان،
    إلى قائمة المهجوسين بإسقاط النظام!
    بغضّ النظر عن جاهزية البديل الديمقراطي!
    ولو أن فكرة البديل باتت مبتذلةً في وعي الكثيرين،
    إلا أنّ غياب قاعدة قويّة للديمقراطية مؤذنٌ بتدهور الأوضاع
    ومهدّدُ بالانزلاق في هاوية الحرب الأهلية!

    وليت الأستاذ كمال الجزولي يُطلّ علينا في فضاء هذا البوست!
    ليوضّح لنا ما تعذّر علينا إدراكه، في هذه القضية الوطنية المصيرية!
                  

12-23-2013, 11:51 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: صلاح عباس فقير)

    (ولم أكن أتوقع أن ينضمّ الأستاذ كمال الجزولي،
    وهو الداعية الأبرز للعدالة الانتقالية في السودان،
    إلى قائمة المهجوسين بإسقاط النظام!
    بغضّ النظر عن جاهزية البديل الديمقراطي!
    ولو أن فكرة البديل باتت مبتذلةً في وعي الكثيرين،
    إلا أنّ غياب قاعدة قويّة للديمقراطية مؤذنٌ بتدهور الأوضاع
    ومهدّدُ بالانزلاق في هاوية الحرب الأهلية!)

    شكرا صلاح على المداخلة القيمة اعلاه
    من الواضح ان غياب الاصلاح الحزبى الديقراطى والمراجعة وتكرار الاخطاء دون التعلم منها يعد من كوارث احزابنا السياسية . ضعف وغياب مجتمع مدنى فاعل نتيجة لغياب الحريات العامة كانت من اهم الاسباب التى قادت الى الثورة على الاحزاب الشيوعية وانهيار المعسكر الاشتراكى ذلك لغياب التخطيط القائم على احتياجات الشعوب الحقيقية اولا ثم الفساد واستغلال النفوذ بين اعضاء الاجهزة الحزبية والامنية ثانيا.
    اعود لمناقشة موقف الاستاذ كمال الجزولى من قضية التراث والمعاصرة التى وردت بشكل مختصر ومضمر فى ثنايا مقاله القوس والجرح
                  

12-23-2013, 02:08 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    طلعت، ومع ذلك أرى أن صيغة الحزب السياسي كانت أكثر مناسبةً من صيغة
    المنظمة، لتحقيق الهدف المطلوب!
    يعني يكون حزب سياسي أنموذجي يؤسس للقيم الديمقراطية
    نظريّاً، كما يؤسس لها عمليّاً!
    ولا تستفزّه وتستثيره الأحداث الراهنة والظرفيّة، عن الهدف الكبير الذي يسعى إليه،
    وهو تأسيس قاعدة راسخة للديمقراطية:
    من خلال نشاط معرفيّ وإنسانيّ واجتماعي وخيري وجماهيري!
                  

12-24-2013, 11:43 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: صلاح عباس فقير)

    الاخ العزيز صلاح
    تحياتى وتقديرى
    كل من منظمات المجتمع المدنى والحزب السياسى جزء اصيل من الديمقراطية التعددية وكل له دور يلعبه فى ترسيخ الديمقراطية وخدمة قضايا المجتمعات. الفرق ليس فى الاشتغال بالسياسة او عدمها كما نوه بذلك الاستاذ كمال الجزولى فى مقاله تحت عنوان "القوس والجرح"، بل يكمن الفرق فى ان الحزب السياسى يعنى بإتخاذ القرارات ولذلك فهو ينتمى الى النسق السياسى الرسمى اما منظمات المجتمع المدنى فهى تعمل فى المجال غير الرسمى او الاهلى لانها غير معنية بإتخاذ القرارات بل هى معنية بالحوار من اجل تخليق لرأى عام مقبول للغالبية من ابناء وبنات الشعب لانه حوار ومحاججة تتم فى جو كامل من الحريات .
    يمكن ان تكون عضوا فى الاثنين لو كنت عضو حزب سياسى لانك سوف تكون عضو ايضا فى المجتمع السياسى political community الذى يدور فيه الحوار داخل المجتمع المدنى . لكن طبعا مساهتك هنا تعتمد على انتماءك ذاك فان كنت ممن يتبنون مفاهيم شمولية اقصائية فتساهم فى الحوار بشكل سلبى كما هو حادث الان فى السودان بحكم اعتقادك بأن منظور حزبك السياسى يكفى لاضاءة الحقيقة كاملة ولذلك انت لست بحاجة الى المحاججة داخل المجتمع المدنى ، بل بحاجة اليه كوسط لنشر مفاهيمك السياسية!
    لذلك او تلاحظ مثلا ان الاحزاب الدينية العقائدية والحزب الشيوعى لا تسمح لعضويتها بالاختلاف الظاهر داخل المجتمع بل عليها فقط تمرير خط الحزب ودعمه (يمكنك ملاحظة ذلك فى نظمها الاساسية التى تسير حياتها الداخلية). الاحزاب السياسية الديمقراطية لا تطالب العضو بالدفاع عن خطها السياسى و (بلع ذمته) بل تعطيه الحق فى ابداء خلافه مع حزبه امام الناس ولكن تلزمه فقط بالتصويت لها وهو من حقها طبعا. وفى هذه الحالة الناس تعلم ان تصويتك نابع من التزام حزبى فقط.
    حاجتنا يا صلاح الان للمجتمع المدنى قوية جدا – صحيح ان احزابنا ضعيفة البنية وتعانى من كل مظاهر انعدام الديمقراطية (القائد الفرد من المهد الى اللحد) الخ ما تعرفه عنها، ولكن تأتى اهمية المجتمع المدنى فى ان الدولة الديمقراطية تستند اليه فى قراراتها وهنا لا بد للانتقال من فلسفة الوعى الى فلسفة اللغة لان التأثير لا يأتى من خلال تفاعل الذات (الفرد) مع الموضوع (الواقع المحيط) بل من حقيقة اننا نعيش فى الواقع بقدر ما هو يعيش داخلنا لذلك فإن تأثير الرأى العام المتخلق فى المجتمع المدنى لا يكون عن طريق المنابر او البرلمان الخ بل من خلال انتشار التواصل داخل مؤسسات الدولة الرسمية “ subjectless” communication وهذا هو مفهوم الفضاء المعنوى، لذلك فقدرة المجتمع المدنى واهميته تتمثل فى خلق ظروف مناسبة للتشريعات الحقوقية التى تستطيع ان تشكل وضع مؤسسى. المجتمع المدنى هو المسؤول عن التشريعات والقوانين التى تحمى نظام الحقوق والحريات فى النظام الديمقراطى التعددى ومن هنا تاتى اهميته واهمية منظمات مثل الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات التى ينسق لها د فاروق محمد ابراهيم.
                  

12-24-2013, 03:04 PM

عبدالرحمن أبوالحسن

تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 86

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    التحية لصاحب البوست وزواره الكرام
    افتتح العضو طلعت الطيب هذا الخيط عارضاً مقالة كتبها الدكتور فاروق محمد ابراهيم تتناول رؤية له حول الاختلاف بين طرحين أو تصورين مختلفتين لعمل منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي أدى لقيام كيانين منفصلين هما الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات التي يمثلها كاتب المقال، دكتور فاروق محمد ابراهيم، وأخرى هي كونفدرالية منظمات المجتمع المدني ومسئولها السياسي هو الأستاذ كمال الجزولي. ولا أود أن أناقش رؤية دكتور فاروق كما طلب صاحب البوست، وذلك لعدة أسباب، أولها أن مقال دكتور فاروق استند على عدد من الوقائع التي لا أستطيع أن أجزم بصحتها أو عدم صحتها لأنها ببساطة، حتى الآن، رواية من طرف واحد، أما ثانيها وهو أهمها، قناعتي الراسخة أن صاحب البوست ليس معنياً برؤية دكتور فاروق أو غيره، فعينه على الخصم، وأهي فرصة يستثمرها للنيل من أصحاب "التصورات الماركسية" ، ومن ثم الحزب الشيوعي. ولسوف يلقى مقال دكتور فاروق عند صاحب البوست ما لقيته مساهمة الخاتم عدلان "آن أوان التغيير" عنده قبل ذلك، إذ ظل يردد ما جاء بها، ولكأنه كاتبها، ولسوف يظل يقتات على ما كتب دكتور فاروق إلى أن يرزقه الله بمساهمة أخرى.
    استعرض صاحب البوست مقال دكتور فاروق كفقرات بقصد التركيز على بعض النقاط التي يراها مهمة ثم بدأ كتابة مساهمته الخاصة كالتالي

    "إضافة الى تصورات الاستاذ كمال الخاطئة لاهداف كونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى وهى تصورات ماركسية ضارة بالعمل العام ، سوف اسعى الى توضيح ان الرجل كان قد طرح مقولتين ازعم انهما تحملان عنده مضامين تختلف عما يفترض ان يكون عليه الحال
    مثل :
    - مفهوم الفضاء المعنوى
    - الفرق بين كلمتى لا حزبية منظمات المجتمع المدنى ولا سياسيتها"

    ومن هنا تبدأ المفارقة والبون الشاسع بين كتابة وكتابة، دكتور فاروق يعترض على مسودة ميثاق بادرت به الكونفدرالية، ولكن صاحب البوست في عجلة من أمره يرى أن تصورات كمال لأهداف الكونفدرالية نفسها خاطئة، مع أن كمالاً هو مسئولها السياسي! ثم كيف ترمي يا صاحب البوست بقول كهذا دون مقدمات أو حيثيات، يعني مجرد كلام والسلام. أما ماركس فقد حشر قسراً في الموضوع، فلا دكتور فاروق ولا الأستاذ كمال جاب طاري ماركس، ولكن أخانا يقرأ ما بين السطور أو لعله يقرأ خائنة الأنفس.
    لقد ورد في مقال الأستاذ كمال إشارة إلى أن منظمات المجتمع المدني سياسية ولكنها ليست حزبية كتب ذلك في لغة واضحة ومباشرة، ولكن أنظر إلى ما كتب صاحب البوست

    "حقيقة الامر ان لاحزبية منظمات المجتمع المدنى تعود الى طبيعتها كجزء من المجتممع المدنى الذى يعمل فى المجال الاهلى غير الرسمى (وهو مجال يشمل الروابط السياسية والاعلام والصحافة والجمعيات الثقافية والنت الخ ) وهو مجال غير مؤهل لاتخاذ القرارات بل معنى بالوصول الى تشكيل رؤى وتوصيات حول مختلف القضايا لانه مكان للحوار الحر الطوعى والشفاف، بينما الحكومة والاحزاب السياسية المعارضة اضافة الى المؤسسات التشريعية مثل البرلمانات هى المعنية بإتخاذ القرارات المصيرية للدولة ووضع ميزانيتها وتوجيه مصادرها وفق خطط تنموية تكون اقرب للعدالة كلما كان المجتمع يتمتع بوجود مجتمع مدنى قوى وفعال وكلما كانت الحكومة
    شفافة تجاه توصيات المجتمع المدنى التى تتخلق داخله .
    ولذلك فإن الحكومات الديمقراطية هى الاقدر على ذلك ، وفى ذلك يكمن سر تمسك الانسان فى الدول المتقدمة بالتعددية الديمقراطية لانها المعبرة عن هوية المجتمع واحتياجاته وتشريعاته. هذا هو المقصود بلا حزبية منظمات المجتمع المدنى، بمعنى انها ليست جزءا من النظام السياسى الرسمى المعنى بإتخاذ القرارات ولكنها تمثل المجال العام الاهلى او الرأى العام ."

    أنا أعتبر ما كتب أعلاه هو "الكلام بلا معاني"، فمنظمات المجتمع مدني لا حزبية، بحسب رأي صاحب البوست في المقتبس أعلاه، لأنها ليست معنية باتخاذ القرارات المصيرية للدولة، ووضع ميزانياتها ... إلخ ومن قال أن منظمات المجتمع المدني تفعل ذلك؟ وعلى نفس الشاكلة يمضي في حديث مطول عن الفضاء المعنوي للتغيير، فهو عند صاحب البوست ليس الروح المعنوية فقط، بل هو أعمق، كما يدعي، من ذلك بكثير، وعندما تمضي لتتعرف على هذا العمق تجد نفسك في لجة من الكلام المرصوص الذي لا يعني شيئاً كثيراً، أو أنه من فرط بساطته يكاد يكون من المسلمات.
    في هذا المنتدى تجري على ألسنة البعض عبارة "أنت بتقرأ بأذنيك"، وطبعاً لن أقول ذلك للأستاذ، ولكن فقط انبهه إلى أنه مادام وهمة المثقف تتلبسه بهذا الشكل فعليه أن يمعن النظر في المكتوب أمامه، ولا يكتب مما يتصور. لقد كتب الجزولي مقاله الموجود بهذا الخيط عن مرض تعاني منه منظمات المجتمع المدني السودانية، وحدد أعراض هذا المرض في ثلاث ، وناقش كل عرض من هذه الأعراض وأورد جملة من الأسباب يرى أنها من احتمالات نشوء هذه الأعراض . أنا أزعم، يا صاحب البوست، أنك مؤهل للحديث عن ذلك، فلك تجربة في مركز الخاتم عدلان تابعنا بعضاً من فصولها في هذا المنبر، فدعك من خلافات الهيئة والكونفدرالية، وأرنا كيف كان التطابق أو المفارقة بين القيم والمبادئ واللغو النظري من جانب والممارسة الفعلية، على أرض الواقع، من جانب آخر في ضوء تجربتك الشخصية.
                  

12-25-2013, 02:30 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: عبدالرحمن أبوالحسن)

    من اكبر المعوقات التى تعترض تطوير ثقافتنا السياسية ويشترط ازالتها قبل الخروج من مأزق الانقاذ الحالى هو مسألة غياب الحوار السياسى المفيد القادر على اخراجنا الى افق اعادة امتلاك المصير لبلادنا. الحوار الذى عرفناه ومنذ الاستقلال يقوم على مشافهة المنابر سواء اكانت منابر عامة او منابر مقدسة (جوامع )، ثم ظهرت فى السبعينات اركان النقاش بالجامعات وعلى الرغم من كونها متقدمة بعض الشىء عن سابقتها الا انها اقيمت لتدير حوارات حزبية فى الغالب، ولان احزابنا السياسية اما عقائدية او طائفية فى طبيعتها ما زالت تجمع بين القداسة والسياسة لو استعرنا القولة الشهيرة ليحيى الفضلى ، فإنها حوارات تهدف الى نشر الفكرة على طريقة السدانة الايديولجية وتسجيل النقاط واستبعاد التسامح شرف الخصومة والاخلاص من معادلة الحوارات الوطنية وإعتماد التقليل من شأن الخصم والنيل منه تمهيدا لانكار الحقائق وتجاوزها بدلا عن تفنيد وجهات النظر المختلفة.
    هذا ما يختص بسودان ما بعد الاستقلال، اما البشرية بشكل عام فقد عرفت نوعين من الحوارات التى تتمخض عنها قرارات او سياسات. اما النوع الاول فيتمثل فى الحوار الذى يقع تحت نفوذ القوة والمصالح الخاصة وبالتالى يتوسل خدمتها ، وهذا النوع من الحوار هو ما يقع داخل النسق السياسى system والمقصود هنا الجهاز الادارى البيروقراطى للدولة الذى تسيره القوة والاحزاب السياسية والتى تميل الى التصورات الايدولوجية او المنظور الواحد وتستند الى الروابط الاجتماعية social bonds. ولذلك لا يستطيع النسق لوحده صياغة سياسات قادرة على خدمة المصالح العليا للبلاد مها بلغت ادعاءات احزابه على المستويات المختلفة سواء اكانت ادعاءات علموية او اخلاقية، وذلك دون توفر مجتمع مدنى وشفافية تجاه الحوار الجارى فيه. السبب فى ذلك يعود الى الطبيعة التطوعية الحرة للحوار داخل المجتمع المدنى ومنظماته ، ولكن يبقى التساؤل المهم هو ماذا نعنى بالحوار الصحى القادر على خدمة القضايا العامة للمجتمعات الانسانية الذى يتم داخل المجتمع المدنى فى مناخ كامل من الحريات .
    ما هى ضوابط وشروط الحوار والمحاججة من اجل الخروج بتوصيات صائبة فى اى قضية من القضايا؟
    اعود فى محاولة للاجابة على التساؤل المهم حتى يكون هناك اتفاق او فهم مشترك حول هذا الامر
                  

12-25-2013, 05:09 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    احد اهم من كتبوا عن دور الحوار الصحى والمخلص فى تحقيق المصلحة العامة كان يورجن هابرماس اخر فلاسفة مدرسة فرانكفورت والذى استطاع ان يميز بين ثلاث مستويات من الشروط الواجب توافرها فى الحوار ولانها شروط مستترة وغير ظاهره سماها هابرماس بالافتراضات البراجماتية القبلية pragmatic presuppositions ، وهذه الثلاثة مستويات الخاصة بضبط المحاججة rules of discourse ضرورية حيث يقع فى المستوى الاول منها المنطق الاساسى لقواعد دلالات الالفاظ مثل عدم وقوع المتحدث فى التناقضات وقدرته فى المحافظة على الاتساق .
    اما المستوى الثانى للافتراضات القبلية المستترة فيشمل المعايير السلوكية norms التى تتحكم فى ضبط الاجراءات المرتبطة بمبادىء الاخلاص حيث يتوجب على المشاركة فى الحوار تأكيد ما تؤمن به حقيقة فى دواخلها ، ثم الالتزام بمبدأ المساءلة والمسئولية فى توضيح الاسباب والحجج فى تبرير تبنى هذا الرأى او ذاك.
    المستوى الثالث يتعلق بضبط الحوار أو المحاججة من خلال تحصينه من نزعات العداء والاكراه والتحقير او الارهاب، والالتزام بالاحترام الذى تحتمه المواطنة المشتركة بما فى ذلك الاخذ بميدئى الندية والمساواة .
    الهدف من كل ذلك النجاح فى خلق المناخ الملائم للتأكد من فوز افضل الحجج والاخذ بالرأى السليم لان غير ذلك يقود الى فرض رأى معين والاخذ به غض النظر عن صحته وقدرته على تغليب المصلحة العامة. ولذلك وفى رأى هابراس يجب ان تتم المراعاة الدقيقة للقواعد التالية اثناء الحوار:-
    (1) كل شخص له القدرة على المشاركة فى الحوار يحق له ذلك
    (2) أ- من حق اى شخص ممارسة النقد لما هو مطروح ن آراء
    ب- لكل شخص الحق فى طرح رأيها طالما كانت تراه صحيحا ومناسبا
    ج- لكل شخص الحق فى التعبير عن مواقفه ورغباته واحتياجاته كاملا
    (3) لا يجوز منع اى انسان من ممارسة حقوقه فى التعبير بالقمع الظاهر او المستتر كما هو منصوص عليه فى كل من (1) و(2)

    يمكن ملاحظة ان شروط الحوار الصحى بعاليه لا يمكن ان تتوفر فى تنظيم سياسى بفعل الايديولوجية والاجراءات الادارية البيروقراطية التى تحكم الحياة الداخلية لتلك الاحزاب خاصة فى السودان
    ومن هنا ياتى الحرص على المجتمع المدنى وحماية منظماته وهو ما لم يتوفر منذ الاستقلال وحتى الان كى نتمكن من تحويل الديمقراطية المستدامة من مجرد شعار الى واقع ملموس.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-25-2013, 05:18 PM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-25-2013, 05:41 PM)

                  

12-28-2013, 03:33 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    جاء فى رسالة د فاروق :
    .
    (لقد عارضت بشدة كما تذكر يا أخي كمال فكرة أن تتولى الكونفدرالية المبادرة بهذا الميثاق، وذلك في لجنة الكونفدرالية التي كنت مسئولها السياسي، ما قاد إلى المواجهة الحادة بيننا في الإجتماع الذي دعوتما له مساء السبت 5 أكتوبر لإطلاعنا على المسودة. كان الخلاف أولا من الناحية الشكلية، إذ تعجلتما بإصدار هذه المسودة في تجاهل تام لا لموقفي المعترض مبدئيا وحسب وإنما أيضا المؤيدين لها، إذ شرعتما بتنفيذها وطرحها على الجهات المعنية قبل إطلاعنا عليها. وكما أشار الدكتور الباقر العفيف، برغم إتفاقه معكما، فمثل هذه القضايا المبدئية ينبغي أن تحسم بالتوافق، لا التصويت. وقد صار من جراء هذه المجابهة بالأمر الواقع أن أصبح عسيرا لإي أحد أن يقول "بغم". حتى زميلنا فيصل محمد صالح الذي كان في طريقه لتفلد النوط العالمي للرأي وشجاعة الشجعان كليهما، لم يستطع أن ينبس بتلك الأحرف الثلاث المحظورة إلا بأدب جم وعلى استحياء!
    6. لكنني أتجاوز العتاب وأنتقل إلى اللباب. ونقطة الإختلاف الأولى أن مهمتنا كحركات حقوقية ليست إسقاط حكومة ما وإستبدالها بأخرى كما جاء في الميثاق وإنما تعميق وتوسيع الحركة الإحتجاجية، التي هي حركة الدفاع عن الحقوق والحريات وحكم القانون، والعمل على مناصرتها وتطويرها بالوسائل السلمية. هذه مهمتنا تحت هذا النظام وأي نظام آخر، ما يعني الإحتفاظ لحركة الحقوق بإستقلاليتها. فالأنظمة تذهب وتجيء لكن مهمتنا تظل باقية. هذا الإستقلال هو الذي يضمن إستمرارية الحركة ويحول دون الإنتكاسة ويصب في مجرى التغيير التراكمي في توازن القوى لصالح التحول الديمقراطي. وليس هذا الموقف تكتيكيا مرهونا بحالة وطننا الراهنة وإنما هو موقف إستراتيجي، نتخذه تحت كل الأنظمة. لا يعني هذا بالطبع التسليم لهذا النظام بمشروعية مفتقدة تماما، لكن الأحزاب والحركات السياسية المدنية والمسلحة مجتمعة أو مفترقة هي المنوط بها رفع شعار إسقاط النظام، لا الحركات الحقوقية. ولا معنى للمزايدة في هذا الشأن.)

    ثم كتب

    (قانونا الكونفدرالية والهيئة الأساسيان: إتفاق على المبدأ وتعارض في الآليات والمفاهيم

    13. وتتعلق نقطة الخلاف الرابعة بقانون الكونفدرالية الأساسي الذي إطلعت عليه لأول مرة حينما بعثت به سكرتارية الكونفدرالية كجزء من التحضير للمؤتمر. وقد ظننت لأول وهلة أنه مسودة لمشروع قانون مقترح، خاصة وقد كتبت كلمة DRAFT على رأسه. غير أني فوجئت بحاشية فوق الكلمة الأخيرة من سطر الوثيقة الأخير تفيد أن هذا القانون أجيز في الإجتماع التأسيسي بتاريخ 29 سبتمبر 2012. فأنا قطعا لم أطلع على هذه الوثيقة التي ربما أجيزت "بالإجماع السكوتي"، خاصة وقد صوتنا لمنصب الرئيس بالإجماع، كما ساد الإجتماع توافق تام. أما مرد العتب فإنه من المفترض أن تعرض هذه الوثيقة الملزمة على المنظمات المكونة للكونفدرالية، وأن يتم التأكد من وصولها على الأقل لكل من شارك في الإجتماع النأسيسي، حتى يقوم بدوره بعرضها على منظمته والحصول على موافقتها. ولو كنت إطلعت على هذه الوثيقة في ذلك الحين لما ترددت في الإنسحاب من الكونفدرالية التي يتعارض دستورها مع النظام الأساسي للهيئة التي أمثلها تعارضا تاما.) انتهى الاقتباس


    من الواضح ان القيادة الحالية لكونفيدرالية منظمات المجتمع المدنى هى المسؤولة عن جعل اسقاط النظام هدفا لتلك المنظمات
    كذلك من الواضح ان ميثاقها قد تم تمريره دون حوار مسبق او تشاور او بما اسماه د فاروق (إجماعا سكوتيا)
    ولا اشكك اطلاقا فى مصداقية الرجل فيما يتعلق بتجاوز الاجراءات الديمقراطية وفرض الميثاق الحالى فرضا على الكونفيدرالية !
    رسالة د فاروق على قدر كبير من الاهمية بما طرحته من قضايا، ولا علاقة لعرضها هنا بأية تصورات للبعض تتعلق بتآمر مزعوم على الاستاذ كمال الجزولى او حزبه الشيوعى !.
    فى فهمه للاسباب التى جعلت قيادات الكونفيدرالية تضع منظمات المجتمع المدنى التى تمثلها ضمن تحالف قوى الاجماع، يعتقد د فاروق محمد ابراهيم انه يتمثل فى الضعف البنيوى للاحزاب السياسية السودانية وتجارب جبهة الهيئات فى اكتوبر ثم التجمع الوطنى الديمقراطى الذى كانت النقابات المهنية تمثل احدى اضلاعه. انا ارى انه إضافة الى ذلك، فإن الاصل النظرى لتلك المواقف التى تزج بمنظمات المجتمع المدنى فى اتون الصراع السياسى المباشر هو هيمنة التفكير الماركسى على الواقع السياسى السودانى والاعتقاد بأن منظمات المجتمع مجرد ادوات يمكن استخدامها فى الصراع الطبقى . وهو مفهوم ليس حصرا على الحزب الشيوعى، فالجبهة الاسلامية سابقا والانقاذ حاليا تستخدمها لتحقيق اهداف سياسية آنية. لمنظمات المجتمع المدنى دور استراتيجى يرتبط بدعم النظام الديمقراطى التعددى وبتشكيل قاعدته الاساسية وصياغة مشروعيته، وهو دور يعتمد على الحياد تجاه الاحزاب السياسية جميعها والانحياز لقضايا المجتمع الحقيقية بالتعامل معها فى مناخ كامل من الحريات العامة. على الاحزاب السياسية التى تأمل فى ان يكون لها مستقبل فى مجتمع ديمقراطى تعددى، عليها ان تكون شفافة تجاه المجتمع المدنى وليس العكس. اننا اذن امام مفهومين فيما يتعلق بأهداف منظمات المجتمع المدنى : رؤية ماركسية قديمة ترى ضرورة ان تكون للمنظمات دور مباشر فى الصراع الطبقى ولذلك تضع اسقاط النظام العسكرى هدفا لها. ثم رؤية ديمقراطية ترى الا يكون لمنظمات المجتمع المدنى دورا فى اسقاط الانظمة لان دورها يتمثل فى الحوار وتخليق الاجماع المقبول نتيجة الحوارات الحرة والطوعية الواسعة التى تتم داخلها ولذلك فهى اداة لتخليق الشرعية بدلا عن ان تكون اداة فى الصراع الطبقى. والفرق بين المفهومين كبير لان الفهوم الماركسى ذو طبيعة براجماتية بينما المفهوم الديمقراطى لدور المجتمع المدنى فى تخليق الشرعية إضافة الى براجماتيته فى تفعيل الوسائل الخاصة بترسيخ الديمقراطية التعددية فإنه تصور ذو طبيعة اخلاقية ومعرفية،. بمعنى اخر انه يضمن اعادة تقييم الاهداف نفسها من وجهة نظر اخلاقية فى كل مرحلة .

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 12-28-2013, 03:51 PM)

                  

01-05-2014, 01:32 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض رسالة د.فاروق محمد ابراهيم حول الحقوق والحريات من اجل الحوار (Re: طلعت الطيب)

    ردَّاً على دعوة د. فاروق محمد إبراهيم! ... بقلم/ كمال الجزولي طباعة أرسل إلى صديق



    الأحد, 05 كانون2/يناير 2014 06:41









    (1)
    بتاريخ 18 ديسمبر 2013م نشر د. فاروق محمد إبراهيم مقالة في مختلف الوسائط الورقيَّة والإليكترونيَّة وصفها بأنها "دعوة لحوار" موجَّهة إلى د. أمين مكي مدني وإلى شخصي. لكن، وبما أن "الحوار" الجاد ينبغي أن يتأسَّس، ابتداءً، على حقائق أوليَّة محلَّ اتفاق، فإن دعوة د. فاروق، مع احترامي له، لا تصلح لاجتراح أيِّ "حوار" كهذا، كونها تفتقر، للأسف، إلى أبسط تلك المقوِّمات، بل تحتشد، على العكس، بطائفة من المغالطات الخشنة، فضلاً عن أنها تنطوي على خلط للمفاهيم، حيث تعتبر "كونفيدراليَّة منظمات المجتمع المدني" نفسها "منظمة مجتمع مدني" قائمة بذاتها، لا محض شبكة network لتنسيق عمل "بعض" المنظمات، إضافة لإقحامه، بلا أيَّة مناسبة، زعمه بإهمالي محاضرة كنت وعدت بتنظيمها له باتحاد الكتاب! وفي هذا الرَّد سأحاول الاقتصار، قدر الإمكان، على ما يخصُّني من "دعوته" تلك.

    (2)
    تحت العنوان الجانبي (مؤتمر التخطيط الإستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير) تناول د. فاروق بالتعليق مقالة نقديَّة كنت نشرتها مؤخراً بعنوان (منظمات المجتمع المدني والفضاء المعنوي للتغيير)! هكذا يستطيع القارئ أن يلحظ بسهولة أن الرَّجل قد أخذ عنوان مقالتي التي انصبَّت على بعض علل (منظمات المجتمع المدني) بوجه عام، ثمَّ ألصق به ما أسماه (مؤتمر التخطيط الاستراتيجي)، قاصداً الاجتماع الذي عُقد، مؤخَّراً، بهيلتون أديس أبابا، واقتصرت المشاركة فيه على (بعض المنظمات) المنضوية في شبكة (الكونفيدراليَّة)، بوجه مخصوص، دون أن نكون، كما يزعم د. فاروق، من منظميه، أو من الدَّاعين إليه، أو من مؤيِّدي عقده، أو من جالبي تمويله، أو حتى من بين حضوره!
    الشَّاهد أن د. فاروق، باختراعه هذه الصِّياغة، جعل (الكونفيدراليَّة) شاملة لجميع (منظمات المجتمع المدني)، وجعل اجتماع أديس (مؤتمر تخطيط) لجميع هذه (المنظمات)، وبالتالي، وحتى يسهل عليه اتهامي بـ "تناقض القول والعمل"، لجأ لـ "إدراجي" ضمن أعضاء اللجنة التنفيذيَّة لـ (الكونفيدراليَّة) مع أكيد علمه بعدم صحَّة ذلك، وبالتالي ضمن المنظمين لـ (مؤتمر أديس) رغم معرفته الوثيقة بتحفظي عليه، مثلما لجأ لتصوير (الكونفيدراليَّة) نفسها كهدف لمقالتي، لا (منظمات المجتمع المدني) على العموم، مع أن العكس هو الصَّحيح تماماً، وذلك قلباً للحقائق في مقالته، فانظر، فداك نفسي، إلى هذا الضرب من التدليس الذي أربأ به أن ينزلق إليه!
    لذا، ومن باب تحرير الخلاف بيننا، تلزمنا المسارعة، بادئ ذي بدء، لتسليط حزمة كافية من الضوء على ما ذهبت إليه مقالتي، قبل أن أتناول ما يخصُّني في مقالته، حتى تسهل استبانة الخيط الأبيض من الأسود في ما دغمس قلمه!

    (3)
    تسدِّد مقالتي نقدها، عموماً، لكلِّ منظمة مصابة بأيٍّ من العلل الثلاث التالية:
    (1) ضعف الوعي بذاتها لخطأ معرفي ومفهومي يجعلها تغفل عن كونها سليلة (المنظمات الجَّماهيريَّة) القديمة، وتتوهَّم أن ظاهرتها مستجلبة، بكاملها، من الغرب، ولا نسب لها في الخبرة الوطنيَّة! ورصدنا، ضمن أسباب هذا الخطأ، العُسر النسبي في الحصول على التمويل الدَّاخلي، مقارنة باليُسر النسبي في الحصول على التمويل الأجنبي؛
    (2) التناقض بين التنظير والعمل لدى بعض (المنظمات المدنية) الحديثة بسبب نشأتها، خلال ربع القرن الماضي، تحت القمع، مِمَّا يُلجئها لإدارة أمرها بطرق ملتوية، مقارنة باستقامة مناهج (المنظمات الجَّماهيريَّة) القديمة الأكثر تأثراً بتلقائيَّة الثقافة الشَّعبيَّة. واستعرضنا أربعة احتمالات لتمظهر هذه العلة: أولها تضعضع شفافية العمل الجَّماعي مقابل انغلاق الذِّهنيَّات الضَّيِّقة؛ وثانيها استسهال التسجيل في السوق تفادياً لتعقيدات التسجيل في المجتمع المدني؛ وثالثها إرساء المحاذير الأمنيَّة الأساس التَّبريري لاقتصار بعض المنظمات على "مالكين" محدَّدين، وعدم انفتاحها للعضويَّة، مِمَّا يقصي الدِّيموقراطيَّة عن الإدارة والمال فيها؛ ورابعها طغيان "التَّمويل الأجنبي" لحدِّ الدفع ببعض المنظمات لتصميم برامجها، لا بحسب أولويَّات المجتمع، وإنما بحسب أولويَّات المانحين، علماً بأن من يدفع للزَّامر يفرض عليه اللحن (!) واستدركنا بضرورة التمييز بين نوعين من هذا التمويل: "حميد" و"خبيث"، وشدَّدنا على أن الأخير، وحده، هو الذي يحوِّل بعض المنظمات إلى "مشروعات إعاشة" أو "كناتين للعمل المدني"!
    (3) ازدواجيَّة الحقيقة والوهم، إذ توعز بعض التعاليم الغربيَّة، مثلاً، بأن (منظـمـات المجـتمـع المدني) كـيانات "غـير سياسـيَّة apolitical"، بينما المقصود أنها "غير حزبيَّة nonpartisan"! وأشرنا إلى أن منظمة الصحَّة العالميَّة WHO، مثلاً، أصبحت تقرُّ بازدياد نشاط (المنظمَّات المدنيَّة) كقنوات لتحقيق التَّغيير الاجتماعي والاقتصادي، كما أن باحثين كثر أضحوا يؤكدون على المفهوم "السِّياسي" لهذه المنظمات، وأنه لا معنى لمفهوم "الإنسانيَّة" ذاتها، عند الحديث عن "حقوق الإنسان"، بدون التركيز على الصحَّة، والعمل، والغذاء، والملبس، والمسكن، والتَّعليم، والثقافة، بحيث يستحيل "النضال" من أجل هذه "الحقوق" بدون ممارسة "السِّياسة"!
    وخلصنا إلى التحذير من بعض كتالوجات ورش التدريب manuals الغربيَّة التي تستهدف إخصاء الطابع الرَّاديكالي لخبرة "المنظمات الجَّماهيريَّة" القديمة في النضال لتحقيق "الاستقلال السِّياسي"، واستشعار سليلتها "المنظمات المدنيَّة" لواجبها في النضال لتحقيق "التغيير الاجتماعي" الشَّامل!

    (4)
    رغم وضوح هذه الأطروحة، ورغم عدم تطرُّقي فيها إلى "الكونفيدراليَّة"، ولو بكلمة واحدة، لتيقني من أن محلَّ ذلك ليس صفحات الجرائد، وإنما اجتماعاتها، إلا أن مقالة أخي فاروق تجبرني، الآن، على الخوض، جهراً، في هذا الخصوص، ومرغم أخاك لا بطل، كون الرَّجل ما انفكَّ يعاظل الحقائق، ويغالط الوقائع، ويكابر في الحقِّ، ويلوي رقبة الحُجج، ويجرُّ الكلام جرَّاً ليحشره جميعه في زاوية "الكونفيدراليَّة"، فيروح يحصبنا بأسئلة متلاحقة عن اجتماع أديس، كأننا مسئولان عنه، ويخاطبني، على وجه الخصوص، معلقاً على بعض ما ورد في مقالتي المشار إليها بقوله: "إن أعراض متلازمة منظمات المجتمع المدني المرضية التي اجتهدت في توصيفها يا أخي كمال تنطبق على كونفيدراليَّة منظمات المجتمع المدني النعل بالنعل والحافـر على الحافــر"! ومن ثمَّ ينطلق، لا يلوي على شئ، إلى جملة أسئلة محيِّرة حول (مؤتمر التخطيط الاستراتيجي) قائلاً:
    (السؤال الأول: من الواضح أن هناك تمويلاً خارجيَّاً للكونفيدراليَّة: من الذي قرَّر طلب هذا التمويل؟! ومِمَّن؟! وما مقداره؟! ولأي أغراض؟! وبأي شروط؟! ولماذا لم يطرح مبدأ التمويل الأجنبي علينا نحن مؤسسي الكونفدراليَّة للموافقة عليه؟! وأين الشَّفافيَّة؟!
    السؤال الثاني: لماذا ينعقد مؤتمر الكونفدراليَّة، وكلُّ المشاركين فيه سودانيون، في فندق الهيلتون بالعاصمة الإثيوبية، وبتمويل أجنبي كامل؟! ما الذي يمنع انعقاده في أيِّ قاعة بالعاصمة القوميَّة؟ أين الحسُّ الإنساني ونحن نبيح لأنفسنا سياحة 5 نجوم مدفوعة الأجر باسم حقوق الإنسان، ودماء شهداء انتفاضة سبتمبر/أكتوبر لم تجف بعد، والكثير من أسرهم الفقيرة فقدت عائلها الوحيد؟! هل نحتاج "لفانوس ديوجينيس" لكي نرى التناقض الفاضح بين الممارسة العمليَّة ولغو صفاء الكوثر، وروحيَّة الفضاء المعنوي للتغيير؟!
    السؤال الثالث: هل يعلم المموِّل أنه ليست هنالك موانع بتاتا لعقد المؤتمر بالخرطوم، ووافق مع ذلك على التمويل بهيلتون أديس؟! لو أنه يعلم فهذا تمويل خبيث، وكما تفضلت "من يدفع للزامر يفرض عليه اللحن"، ولو أنه لا يعلم والكونفيدراليَّة فعلت ذلك من وراء ظهره، فتلك هي الطامَّة الكبرى)!
    ثم ما أن يفرغ من طرح أسئلته المحيِّرة هذه حتى يسارع إلى لهوجة استنتاجات مجَّـانيَّة قـائلاً بمـلء فمه: "من الواضح .. أن هنالك أشخاصاً أقلَّ من أصابع اليد الواحدة، وربَّما شخصان، هم الذين اتخذوا هذه القرارات، وهم أصحاب الكونفيدراليَّة الحقيقيون"!

    (5)
    هكذا، إذن، ولأن "الغرض"، حقاً، "مرض"، فإن هذا الاستنتاج، على ما يبدو، هو "غرض" الدكتور الأساسي الذي سعى، منذ البداية، للوصول إليه من فوق كل ذلك القلب للحقائق، عالماً، تمام العلم، للأسف، بأنه إنما يفعل ذلك من فوق باطل صريح! محض غمز ولمز خاليين من أيِّ ورع، كما سنكشف بعد قليل، ومؤدَّاهما فرية غليظة يريد من ورائها الإيعاز بأنني ثاني اثنين مسئولين عن "جلب تمويل خارجي" للكونفيدراليَّة، دون "موافقة مؤسِّسيها"! أو "إخطارهم" بـ "مقداره"! أو "أغراضه"! أو "شروطه"! أو حتى "الجِّهة التي طلبناه منها"! ومسئولين، كذلك، عن استخدامه، حال "غياب الشَّفافيَّة"، في عقد "مؤتمر بأديس أبابا"، بينما "يمكن" عقده "في الخرطوم"! وبذا "افتقدنا الحسَّ الإنساني"، حيث سمحنا بـ "سياحة 5 نجوم" مدفوعة الأجر "باسم حقوق الإنسان"، و"دماء شهداء انتفاضة سبتمبر/أكتوبر لم تجف بعد"، والكثير من "أسرهم الفقيرة فقدت عائلها الوحيد"! وهنا يكمن "التناقض" الفاضح بين "الممارسة العمليَّة ولغو صفاء الكوثر، وروحيَّة الفضاء المعنوي للتغيير"! أما المموِّل فإمَّا أنه "يعلم" بعدم وجود ما يحول دون عقد المؤتمر بالخرطوم، ومع ذلك وافق على هذا التمويل "الخبيث"، أو أنه "لا يعلم" وتلك هي "الطامَّة الكبرى"!
    بمثل هذه المغالطات العجيبة، والتجرُّؤ الغليظ على الحق، والافتقار، بتاتاً، للتواضع إزاء أناس لا يخفى على القاصي والدَّاني مدى بذلهم في الدِّفاع، دون منٍّ ولا أذى، عن الحقوق والحرِّيَّات في بلادنا، يحسب الدكتور أنه مستطيع أن يثبت مسئوليتي، مع د. أمين، عن اجتماع أديس، أو المشاركة في ما أسماه "سياحة الـ 5 نجوم بأجندة خاصة"، على حدِّ تعبيره، وأن يؤكد، من ثمَّ، تناقض "أفعالنا" مع "أقوالنا"، رغم علمه الكامل بأن العكس هو الصَّحيح تماماً، وأنني، مع زميلي الأستاذ مامون التلب، من أثرنا، في حينه، باسم اتحاد الكتاب، وفي مختلف المستويات التنظيميَّة للكونفيدراليَّة، كل هذه الأسئلة والاعتراضات التي ينتحلها د. فاروق لنفسه الآن، زوراً وبهتاناً، وأبدينا، جهاراً نهاراً، رفضنا المبدئي لأيِّ تمويل خارجي للكونفيدراليَّة، مثلما عبَّرنا، بثبات، عن رفضنا المشاركة في ذلك الاجتماع، منذ أن اقترح أصحاب فكرته عقده بمنتجع أركويت، قبل أن يتحوَّل، بقدرة قادر، إلى هيلتون أديس أبابا!
    ولحسن الطالع فإننا نحتفظ، في الاتحاد، بأرشيف منضبط لمستنداتنا، ومن بينها الرِّسالة الشافية الوافية المؤرَّخة في الأوَّل من ديسمبر 2013م، والتي تنقض كلَّ افتراء سعى الدكتور لغزله بشأن موقفنا من التمويل الأجنبي لشبكة الكونفيدراليَّة، بالإضافة إلى موقفنا من المشاركة في اجتماع أديس، وذلك ردَّاً على الرسالة التي كانت قد بعثت بها إلينا السكرتاريَّة التنفيذيَّة للشبكة تطلب تحديد موقفنا النهائي من السَّفر إلى العاصمة الإثيوبيَّة، وإلا فسيختارون منظمة أخرى بدلاً عنا! وقد جاء ردُّنا المشار إليه على النحو الآتي:
    الأستاذة ملوك
    تحية طيبة
    لقد سبق أن أبدينا، مامون التلب وشخصي، في مناسبتين مختلفتين، تحفظ اللجنة التنفيذية للاتحـاد على الفكـرة أصـلاً، باعـتبار أن بالإمكان وضـع الاسـتراتيجـية المنشودة هنا فـي الخرطوم، فلا معنى لتبديد الموارد، على شحها، فـي أسـفار لا معنـى لها.
    وننتهـز هذه السانحة لنكرر اعتراضنا على تلقـي الكونفيدرالية منحـاً مـن جهـات أجـنبية، وإمكانية تلقيها من أعضـاء الكونفـيدرالية فـي الداخـل. وكـنا، فـي أحـد الاجـتماعـات، قد ضـربنا مثلاً لهؤلاء الأعضاء بمركز الخاتم عـدلان، وكنا نعني المنظمة الجديدة التي حلت محـله في النشاط المدني، علماً بأنه لا مانع، بالطبع، من أخذ التبرعات من مركز الخاتم بعد كسبه قضيته ضد هاك، وهو ما نأمل في حدوثه في أقرب وقت إن شاء الله.
    هذا ما لزم توضيحه، مع خالص التقدير
    كمال الجزولي
    الأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين
    …......................................
    …......................................
    ولو كان القائمون الفعليون على أمر اجتماع أديس، والذين يعلمهم أخي فاروق جيِّداً، قد بادروا إلى الجَّهر بكلمة حقِّ ظللنا ننتظرها منهم، منذ أن نشر هو مقالته في 18 ديسمبر المنصرم، لما أحوجونا إلى تسطير هذا الرَّد عليه أصلاً، بل لو كان هو نفسه قد أبدى، خلال مناقشة الأمر في اجتماعات الكونفيدراليَّة، عشر معشار ما يبدي الآن من حماس في الاعتراض على المؤتمر وتمويله، لأضحى من حقه أن يقول ما يقول. لكن، للأسف، لا هم فعلوا، ولا هو فعل!

    (6)
    جرى الخلاف، إذن، في حضور الدكتور، حول عقد "مؤتمر التخطيط الاستراتيجي" بتمويل أجنبي في العاصمة الإثيوبيَّة، لكنه التزم الصَّمت التام حيال ذلك كله، فلم يعترض، لا على السفر ولا على التمويل الأجنبي، بل لم يعترض حتى عندما انطرح اقتراح بأن يتولى هو استلام بعض هذا المال؛ وباختصار لم تند عنه أيَّة مساهمة في ما يتصل بواجبات الكونفيدراليَّة إلا على صعيد المقابلة التي اصطنعها اصطناعاً بين الموقفين "الحقوقي" و"السِّياسي"، حيث انصبَّ كلُّ جهده على المطالبة بأن تقتصر الكونفيدراليَّة على اتخاذ الموقف "الحقوقي"، فقط، دون "السِّياسي"، تجاه "دماء شهداء سبتمبر/أكتوبر التي لم تجف بعد"، ما يعني إنكاره التام لجدليَّة العلاقة بين "الحقوق" و"السِّياسة"! وعلى خلفيَّة هذا "الفكر" أصرَّ، بعناد، ألا تشارك الكونفيدراليَّة في التفكير العام حول "ميثاق" منضبط يؤهِّل (منظمات المجتمع المدني) لأن تلعب دورها تجاه مستقبل "الانتفاضة"، كضلع حديث فيها لم يكن له وجود، بصورته وطاقاته الرَّاهنة، لا في ثورة أكتوبر ولا في انتفاضة أبريل!
    ذلك الموقف الغريب يشكل، ولا بُدَّ، انعكاساً قويَّاً لهاجس ظلَّ ينتاب الدكتور، في ما يبدو، إزاء الكونفيدراليَّة نفسها، وما ذلك إلا من باب غلبة إحساسه الخاطئ بالمنافسة، إذ فهم، كما سبق أن قلنا، أنها "منظمة" لا "شبكة" لـ "منظمات مختلفة"، فظنَّ، وبعض الظنِّ إثمٌّ، أنها ما تأسَّست إلا لتناوئ "المنظمة" التي يترأسها هو باسم (الهيئة السُّودانيَّة للدِّفاع عن الحقوق والحريَّات)؛ وأنفق، من ثمَّ، وبلا أيِّ داع، عربيَّاً كثيراً، في الدِّفاع عن (الهيئة)، ولعلَّ أدلَّ ما يدلُّ على فهمه هذا أمران:
    الأمر الأوَّل: قوله، هو نفسه، في صلب مقالته: "لا داعي بتاتا لتكاثر المنظمات لنفس المهمَّة"! وكان حريَّاً بهذا القول أن يوجَّه إليه هو، لا أن يصدر منه!
    الأمر الثاني: أنني اعتذرت، مثلما اعتذر د. أمين في ما علمت، عن المشاركة في "الهيئة"، مع احترامنا لها وللناشطين فيها، لا لسبب سوى لعدم الاقتناع بجدواها، دّعْ طريقة تكوينها، ومنهج عملها. ذلك أنه إذا كان الأمر أمر رصد لأوضاع الحقوق والحريَّات في البلاد، فإنَّ (منظمات الرَّصد) الناشطة في هذا المجال لم تعدم التعدُّد أو التنوُّع، وما تحتاجه هو الدَّعم بأكثر من حاجتها لتأسيس "منظمة" جامعة مانعة "تلقف"، كما عصا موسى، كلَّ ما كانت "تأفك" هذه "المنظمات"، فتقوم مقامها، وتحلُّ محلها! أما إن كان الأمر أمر دفاع عملي، في ساحات القضاء، عن متَّهمي الرَّأي والضَّمير، فثمَّة، أصلاً، مدرسة وطنيَّة ديموقراطيَّة مؤسَّسة لأجل هذا الغرض النبيل، في إطار مهنة المحاماة، منذ آماد بعيدة، وقد انخرطت فيها مختلف الأجيال، وقامت عليها، تاريخيَّاً، رموز خالدة، على رأسها طيِّبو الذكر النُّقباء الأجلاء أمين الشِّـبلي، وعابدين اسماعيل، وميرغـني النَّصري، وعبد الله الحسن، فضلاً عن جيش جرَّار من المحامين والمحاميات الذين لم ينتظر أيٌّ منهم، يوماً، جزاءً ولا شكورا على صنيع حسن بذل، أو يدٍ بيضاء قدَّم. بل إن خدمة هؤلاء بالمجَّان، في هذا المجال، بلا أدنى منٍّ أو أذى، على نهج النفير والفزع، لمشهورة أوسع شهرة، ومقدَّرة حقَّ قدرها، وسط أبناء وبنات شعبنا، فلا طائل من المزايدة عليها!

    (7)
    أخيراً، ثمَّة أمر يقع، بكلِّ المعايير، خارج موضوع "خلافنا" هذا، وهو أمر "المحاضرة" التي كنت وعدت بتنظيمها للدكتور باتحاد الكتاب، على أنني أجدني مضطرَّاً للتعرُّض له، حتى لا ينتاب القارئ شك قصد الدكتور أن يزرعه في نفسه بأن "هذا الخلاف"، بالذات، هو السَّبب في عدم وفائي بذلك الوعد!
    في هذا الشأن كتب أخي فاروق يخاطبني، في خاتمة مقالته، قائلاً: "لقد طلبت مني عقب نقاش مثمر بيننا في رحلة العودة من نيروبي قبل عام ونصف تقديم محاضرة بدار اتحاد الكتاب عن المرجعيَّة الدِّينيَّة لإعلان ومواثيق حقوق الإنسان، كانت بدايته الحوار حول مقالاتك الجَّيِّدة التي لا زلت أحتفظ بنسخ منها .. وتواعدنا على مواصلة الحوار بالخرطوم. ولم يلق طلبك حينها مني الموافقة والاستحسان وحسب، وإنما ألححتُ في رسالة لاحقة على تحديد موعد لـ 6 محاضرات في الموضوع. ترى هل صرف "الانحراف الكونفيدرالي" نظرك عن الوفاء بالوعد الذي لا زلت أنتظر تلبيته"؟!
    انتهت مخاطبة أخي فاروق لي في هذا الموضوع الذي ينبغي أن أوضِّح بشأنه ما يلي:
    (1) لا بُدَّ أن القارئ قد استبان، الآن، بما لا يدع مجالاً لأيِّ شكٍّ، أنه، إذا كان ثمَّة "انحراف كونفيدرالي"، فإنه ليس من جانبنا بأيَّة حال!
    (2) وحتى بافتراض إمكانيَّة القبول بمناقشة هواجس الدكتور، فإن وعدي له قد وقع قبل عام ونصف، بينما لم تمض على "الخلاف" الذي نحن بصدده غير أشهر قلائل!
    (3) أما الجانب الأكثر أهميَّة، فهو ما لن يفوت، بطبيعة الحال، على فطنة القارئ إذا فكر قليلاً في إمكانيَّة أن يطلب محاضر من اتحاد الكتاب أن ينظم له 6 محاضرات، بالجملة، في موضوع يمكن عرضه في محاضرة واحدة!
    (4) وبالتالي، إن كان الدكتور ما يزال عند اتفاقنا على تنظيم محاضرة واحدة له، فإني على أهبة الاستعداد لمناقشة الأمر مع الأمين المساعد للمناشط، وطرحه، من ثمَّ، على اللجنة التنفيذية التي أثق في عدم وجود سبب لديها لرفضه.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de