الغوص في متون التصوف

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 08:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-18-2014, 06:19 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الغوص في متون التصوف

    نتدارسها لنصل للحق الذي ينشده أهل القبلة .........
                  

03-18-2014, 06:50 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    تعرف الصوفية بأنها :
    كتاب التعريفات للجرجاني صفحة (141) : " السيرة المختصة بالسالكين إلى الله – تعالى – من قطع المنازل والترقي في المقامات"

    والطريقة الصوفية يؤسسهها شيخ يدعي أنه يترقى في المنازل ومقامات الأولياء كالقطب - والغو - والوتد - والبدل ....
    ومن مقتضيات شيخ الطريقة أن تكون له كرامات ومكاشفات وذكر خاص به يتلقاه من الغيب --- أما مباشرة من الله سبحانه وتعالى - أو نزل إليه مكتوباًً - أو أتاه من النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظه أو المنام -- أو أتته تلك الكرامات من الخضر عليه السلام ......
    ولابد لشيخ الطريقة أن يكون له ذكر خاص به -- وشيخ الطريقة يؤرث الولاية الى أبناءه أو أحد أفراد الأسرة ....
                  

03-18-2014, 07:53 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    مشكور أستاذ احمد على فتح البوست الهام
    فليكن حوار هادئ حول الصوف
    كيف ومتى نشأ التصوف ؟؟؟
    ما هو تعريف التصوف ؟؟؟
    موقف علماء السلف من المتصوف خاصة الأئمة الأربعة .
    مآل التصوف الآن ومدارس التصوف المختلفة .
    ركائز التصوف من علماء وافكار
    محي الدين بن عربي ، الحلاج ، ابويزيد البسطامي ، عبد الكريم الجيلي .
    أفكار التصوف : الإنسان الكامل ، الحقيقة المحمدية ، الشريعة والحقيقة والعلاقة والفرق بينهما ، الظاهر والباطن ، التقليد والوصول ، الوحي والنبوة والرسالة والتشريع الخاص .
    علماء التصوف الحديث في السودان والطرق الصوفية اليوم :
    الختمية ، القادرية ، السمانية ، التيجانية ، البرهانية .
    علماء التصوف :
    عبد الجبار المبارك ، عبد المحمود نور الدائم الطيبي ، محمود محمد طه ، محمد عبده البرهاني ، عبد الرحيم البرعي وغيرهم
    كتب التصوف :
    النصرة العلمية ، أزاهير الرياض ، المولد الكبير ، النور البراق ، طبقات ود ضيف الله ، طبقات الشعراني ، اللإبريز للدباغ ، الفتح الرباني فيما يحتاج إليه المريد التيجاني ، الأنوار الرحمانية في المآثر والأوراد القادرية ، السالك طريق محمد والرسالة الثانية لمحمود محمد طه ،
    تبرئة الذمة في نصح الأمة ، مجلة القوم ، تاتية بن الفارض او نظم السلوك .
    وغيرها الكثير المثير .....
    الدعوة لأنصار التصوف لتبرئة ساحته مما يوجد في كتبهم ، إما بتبنيها وإيجاد الأدلة لها ، او برفضها والإعتذار لأصحابها فلسنا حريصون على تجريمهم بقدر ما نحن حريصون على تنقية العقيدة من آثار تلك الكتب .
    الدعوة لخصوم التصوف لتوضيح العقيدة السليمة وبيان الأخطاء والمخالفات التى وردت فيها من دون تشفي ولا ظلم ولا تجن ، فالحق أحق ان يتبع والعدل مع الخصم من قواعد الشرع .
    الدعوة لمن لا يعرف التصوف ، لمعرفته عن قرب ومناصرة الحق ورد الباطل بصرف النظر عن حامل الحق وحامل الباطل .
    فإلى حوار هادئ وليكن سؤالنا ، من أين جاء التصوف وهل تصوف النبي الكريم وصحابته الأبرار ؟؟؟
    مع التحية والود
                  

03-18-2014, 08:03 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    من أوائل من كتب في طريقة التربية الصوفية كتاب الرسالة القشيرية مؤلفها على عبدالكريم القشيري .....

    أول صوفي وضع نظام الطرق الصوفية هو الصوفي الإيراني محمد أحمد الميهمي المتوفى سنة 430هـ والمعروف باسم أبي سعيد، فقد أقام في بلدته نظاماً للدراويش، وبنى خاناً بجوار منزله للصوفية، وجعل نظام تسلسل الطريق عن طريق الوراثية...

    من أسباب نشأتها :
    تلقي الدين من غير الكتاب والسنة وآثار السلف ومثال لذلك :

    1- التلقي عن أهل الكتاب - ويظهر ذلك جلياًً في كتاب القوت -- لأبو طالب المكي الذي نقله فيه الكثير من المعتقدات عن أهل الكتاب.

    2- اعتماد الرؤى والأحلام والمنامات- حيث تجد في كتاب الرسالة في علم التصوف للقشيري -أفرد لها باباً كاملاً للرؤى والأحلام والحكايات .

    3- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة.

    4- خوارق ظنوها آيات وهي من أحوال الشياطين.

    5-حب الشهرة والجاه، واتباع الهوى--- يقول الغزالي في كتاب ميزان العمل صفحة (135) :
    " لما اتحد المذهب وعجز طلاب الرياسة عن الاستتباع وضعوا أموراً وخيلوا وجوب المخالفة فيها والتعصب لها، كالعلم الأسود، والعلم الأحمر، فقال قوم: الحق هو الأسود، وقال آخرون: لا بل الأحمر، وانتظم مقصود الرؤساء في استتباع العوام بذلك القدر من المخالفة، وظن العوام أن ذلك مهم، وعرف الرؤساء الواضعين غرضهم في الوضع".

    6- تسلط الصوفية في بعض البلاد الإسلامية على الجامعات والمراكز العلمية -- مثال لذلك نجده في كتاب الطرق الصوفيه مؤلفه د.زكريا بيومي صفحة (83-84): "في مصر في زمن الدولة العثمانية لم يكن يعين شيخ الأزهر إلا بموافقة شيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر، وهذا أدى إلى انخراط بعض مشايخ الأزهر في الطرق الصوفية".

    7- دعم بعض الدول والاستعمارية للطرق الصوفية :
    الدولة العثمانية ساندت الطريقة الختمية - وكانت بريطانيا تدفع مخصصات شهرية لمحمد الختم الميرغني من شيوخ الطريقة الختمية - وكذلك الإستعمار الفرنسي ساند الطريقة التجانية وأغدق عليها العطايا - تجده في كتاب الطرق الصوفية مؤلفه د.زكريا بيومي صفحة (109).

    8- الشهرة والأمجاد الشخصية لشيخ الطريقة: ادعاء الكرامات والمبالغة فيها ، وادعاء النسب الشريف فكل شيوخ الطرق الصوفية لهم نسب قرشي هاشمي حتى لو كان من غير العرب، وبناء القبة بعد موته - وضمان الجنة للمريد ذكره الميرغني شيخ الطريقة الختمية في " لؤلؤة الحسن الساطعة ضمن مجموعة النفحات الربانية". صفحة (48).

                  

03-18-2014, 08:10 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    مشكور يا احمدونا
    ولكن وعلى غرار الرسائل والأبحاث الأكاديمية دعنا نعرف التصوف .
    ما معنى كلمة صوفية هل لها تصريف في اللغة العربية ؟؟؟
    ما معناها إصطلاحا ومن هو اول من أطلق هذا المسمى بهذه الصفة على هذا الكيان ؟؟؟
    مع التحية
                  

03-18-2014, 08:39 AM

محمد المسلمي
<aمحمد المسلمي
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 11831

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    الاخ احمدونا والأخ ودالزبير مؤفقين وربنا يكفيكم شر المعرقلين
                  

03-18-2014, 09:05 AM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد المسلمي)

    سلام صاحب البوست و المتداخلين



    تاريخ التصوف هذا علم من العلوم الشرعية وأصله أن طريقة هولاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريق الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الحياة وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة. وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف ولما نشأ الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على الله باسم الصوفية. ابن خلدون - المقدمة[24]
                  

03-18-2014, 09:09 AM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    بداية ظهور اسم الصوفية

    يقول الإمام القشيري:

    «اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله Mohamed peace be upon him.svg لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول Mohamed peace be upon him.svg، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم الصحابة، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ـ ممن لهم شدة عناية بأمر الدين ـ الزهاد والعُبَّاد، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهاداً، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة[21].»

    ويقول محمد صديق الغماري:

    «ويعضد ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب "ولاة مصر" في حوادث سنة المائتين: إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف. وكذلك ما ذكره المسعودي في "مروج الذهب" حاكياً عن يحيى بن أكثم فقال: إن المأمون يوماً لجالس، إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، فعلمت أنه بعض الصوفية. فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في "كشف الظنون" أن أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة خمسين ومئة (150 هـ)[22].»
                  

03-18-2014, 09:32 AM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    تحياتي للأخ أحمدونا وللمحاورين

    هناك مغالطة منطقية معروفة في الحوار المنطقي وإسمها (مغالطة رجل القش)، وهي أن تورد رؤية خصمك في أضعف نقاطها ومن ثم إردائه بالضربة القاضية، وأربأ بك عن هذا.
    إذا كنت تريد مناقشة التصوف فهو في البدء نظرة فلسفية للوجود وللخالق، وفي رأيي هم يتفوقون عليكم تماماً في هذه الرؤية الغيبية الخالصة، بينما تغوص الرؤى السلفية في التلفيق بين المادي والغيبي.
    سلوك الشيوخ وشطحات الشيوخ وتراتبية المؤسسة الصوفية كله يمكن تفسيره مرتبطاً بالنظرة الصوفية للوجود وللخالق ولكنه بمعزل عن فلسفة التصوف يكون كما تصفونه (شطحات وتخاريف).
    حاول أن تكون أميناً مع أفكار خصمك حتى تهزمه فكرياً بالحق والحقيقة.
                  

03-18-2014, 09:56 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    مشكور أخي أحمد صالح على الإضافا الثرة وفتهم من هذا ان التصوف بدأ في العام 150 بعد الهجرة .
    ما هي أصل كلمة تصوف في اللغة والإصطلاح وكيف إرتبطا ؟؟؟
    مع التحية
                  

03-18-2014, 10:01 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    من الفيسبوك مع التحية لكاتبه
    Quote: لا يمكن إلغاء الطرق الصوفية بجرة قلم كما يتمنى البعض ولكن يمكن تصحيح الأخطاء والخرافات بالدعوة المخلصة لله والإشفاق على إخوة مسلمين من الوقوع في المعصية جهلاً أو تغريراً.. وليس بالشماتة والإستعلاء وإظهار التفوق عليهم ووصفهم بالقبوريين وعباد القبور ولعنهم والدعاء عليهم بالهلاك والتدمير إلى آخر الموال الذي نسمعه أحياناً في خطب الجمعة.
    خليل

    كلامك سليم تماما وإتفق معك ، فلسنا حريصين على إلغائهم ولا حتى على تغيير إسمهم بقدر ما نحن حريصون عى تقييم أنفسنا وغيرنا وان ننقح من كتبهم وتراثهم ما يتعارض مع الشرع ، لهم دور كبير في نشر حلقات القرآن والكثير من الفضائل ولا ننكر ذلك كما انهم يحبون الصحابة ولا يقبلون سبهم ولا التهجم الذي يقوده الرافضة عليهم وهذه محمدة وثناء ، ليسوا سواء فمنهم العالم ومنهم المتبع ، منهم من يقف عند الدليل ومنهم من لا ، ولكن في الجملة يحتاج التراث الصوفي الى تنقيح شديد وبروح متجردة وهذا ما نصبو إليه .
    مع التحية
                  

03-18-2014, 10:01 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    من الفيسبوك مع التحية لكاتبه
    Quote: لا يمكن إلغاء الطرق الصوفية بجرة قلم كما يتمنى البعض ولكن يمكن تصحيح الأخطاء والخرافات بالدعوة المخلصة لله والإشفاق على إخوة مسلمين من الوقوع في المعصية جهلاً أو تغريراً.. وليس بالشماتة والإستعلاء وإظهار التفوق عليهم ووصفهم بالقبوريين وعباد القبور ولعنهم والدعاء عليهم بالهلاك والتدمير إلى آخر الموال الذي نسمعه أحياناً في خطب الجمعة.
    خليل

    كلامك سليم تماما وإتفق معك ، فلسنا حريصين على إلغائهم ولا حتى على تغيير إسمهم بقدر ما نحن حريصون عى تقييم أنفسنا وغيرنا وان ننقح من كتبهم وتراثهم ما يتعارض مع الشرع ، لهم دور كبير في نشر حلقات القرآن والكثير من الفضائل ولا ننكر ذلك كما انهم يحبون الصحابة ولا يقبلون سبهم ولا التهجم الذي يقوده الرافضة عليهم وهذه محمدة وثناء ، ليسوا سواء فمنهم العالم ومنهم المتبع ، منهم من يقف عند الدليل ومنهم من لا ، ولكن في الجملة يحتاج التراث الصوفي الى تنقيح شديد وبروح متجردة وهذا ما نصبو إليه .
    مع التحية
                  

03-18-2014, 10:02 AM

يوسف محمود
<aيوسف محمود
تاريخ التسجيل: 05-17-2013
مجموع المشاركات: 627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    عليك الله يا احمد
    عشان البوست يؤتى ثمره ويكون وقف ليك يوم القيامة اخرج من الصندوق وانظر اليه من الخارج
    ومن ثم تعال برؤى تنصف جميع زوايا الصندوق
    الزاوية اللتى ينظر بها اخوانا في انصار السنة هى اضيق الزوايا ولذلك لم نرى حوارا واحد في هذا الضرب اتى ثمره
    بل ينتهى الى مايحمدعقباه ويكدر نفوس شرايح عريضة من اهل القبلة
                  

03-18-2014, 10:08 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: يوسف محمود)

    Quote: هناك مغالطة منطقية معروفة في الحوار المنطقي وإسمها (مغالطة رجل القش)، وهي أن تورد رؤية خصمك في أضعف نقاطها ومن ثم إردائه بالضربة القاضية، وأربأ بك عن هذا.
    إذا كنت تريد مناقشة التصوف فهو في البدء نظرة فلسفية للوجود وللخالق، وفي رأيي هم يتفوقون عليكم تماماً في هذه الرؤية الغيبية الخالصة، بينما تغوص الرؤى السلفية في التلفيق بين المادي والغيبي.
    سلوك الشيوخ وشطحات الشيوخ وتراتبية المؤسسة الصوفية كله يمكن تفسيره مرتبطاً بالنظرة الصوفية للوجود وللخالق ولكنه بمعزل عن فلسفة التصوف يكون كما تصفونه (شطحات وتخاريف).
    حاول أن تكون أميناً مع أفكار خصمك حتى تهزمه فكرياً بالحق والحقيقة.

    الأخ عيدروس
    تحية طيبة
    إتفق معك في ان نبرز الجوانب الإيجابية والسلبية للخصم والأ نركز على المثالب ، نعم ولكن يجب ألا نترك المثالب لوجود محاسن في الطرف الآخر وخاصة إذا كانت المثالب تفقد المحاسن رونقها وتنهى المحصلة .
    Quote: نظرة فلسفية للوجود وللخالق،

    هل هذه النظرية للوجود والخالق هي نظرة الصحابة خير القرون وموافقة للشرع ام نظرية كاملة ذات قواعد واركان تتعارض مع اساسيات العقيدة الإسلامية في الوجود والخالق ؟؟
    إن كانت متسقة فلنأخذ من الأصل ونترك الفرع ، وإن كانت مباينة فننظر لنقاط التباين وننقحقها حتى تتسق وهذا ما نصبو إليه في هذا البوست .
    مع التحية
                  

03-18-2014, 10:23 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    شكراً أخوتي للمرور العطر -- محمد الزبير - المسلمي -- أحمد حامد صالح - عيدروس - يوسف محمود .....

    البوست للحوار ولكى تعم الفائدة وينتشر الوعي ---

    الكل يدلي بدلوه ورأيه ......

    ومشاركات ناس الفيس بوك مهمه ومرحب بها ---

    والبوست مفتوح للكل بكل ترحيب ......

                  

03-18-2014, 10:47 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: ما هي أصل كلمة تصوف في اللغة والإصطلاح وكيف إرتبطا ؟؟؟



    قال الجوهري في (كتاب الصحاح): ( الصوف للشاة والصوفة أخص منه وصوفة أي حيٌّ من مضر وهو الغوث بن مريم بن أدين بن طابخة بن إلياس ابن مضر، كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج أي يغيضون بهم ).

    وقال ابن خلدون في (المقدمة): " إن قيل بالاشتقاق فإنها مشتقة من الصوف لأنهم في الغالب مختصون به ".

    كلمة (صوفي ) أصلها من (صوفيا ) أي الحكمة وهي كلمة يونانية ، أو من كلمة ( صوفي ) في التراث اليهودي.

    والنصارى الأرثوذكس : يسمون فتيانهم ( صوفية) ......




    كان عند قدماء اليونان: مذهب روحي يعتنقه النساك والزهاد، ينأون بجانبهم عن الدنيا، ويلجئون إلى أنواع المجاهدات والرياضات الروحية، يتقربون بأرواحهم إلى خالقهم، لتلقي الحكمة والمعارف القدسية، كان يطلق عليهم لقب: (تيو صوفية)، ومعناه: الحكماء الإلهيون.

    كانت طائفة من الهنود القدامى، كانوا يعرفون باسم: (جيمنو صوفيا) ومعناه: الحكيم العاري. كانوا يقضون حياتهم في السياحة، متأملين الله تعالى.

    وابن عربي يقول: " فاعلم أن التصوف تشبيه بخالقنا لأنه خلق فانظر ترى عجبا"

    جاء في اصطلاحات الصوفية للكاشاني: "التصوف: هو التخلق بالأخلاق الإلهية"

    الجرجاني: "الفلسفة التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية، لتحصيل السعادة الأبدية، كما أمر الصادق صلى الله عليه وسلم في قوله: (تخلقوا بأخلاق الله).

    قال القشيري: " وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق، والأظهر فيه أنه كاللقب .. القوم لم يختصوا بلبس الصوف"

    (عدل بواسطة ahmedona on 03-18-2014, 11:20 AM)
    (عدل بواسطة ahmedona on 03-18-2014, 11:26 AM)

                  

03-18-2014, 10:31 AM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    التصوف الفلسفي في الإسلام
    أبو العلا عفيفيقسم : مقالات 15-05-2013
    التصوف الفلسفي في الإسلام
    يعرض هذا البحث التصوف الفلسفي من ناحية نشأته والعناصر التي دخلت في تكوينه من خارج نظرياته، وستتم الإشارة خلال هذه الدراسة إلى بعض هذه النظريات إشارة سريعة مجملة.
    تتصل نشأة التصوف الفلسفي في الإسلام بنشأة التصوف نفسه من جهة، وبنشأة الزهد غير الفلسفي الذي تقدم التصوفَ. وقد خلط بعض الناس بين التصوف والتصوف الفلسفي من جهة، وبين التصوف والزهد من جهة أخرى، وفهم البعض أنها من المترادفات.
    أما الزهد فهو الناحية العملية للطريق الصوفي، أو هو الحياة التي يحياها الصوفي، تلك الحياة البادية في مظهره الخارجي من تقشف في المأكل والمشرب واعتزال للناس وانقطاع إلى الله، ويبدو الزهد في حياة أحدهم الباطنة الروحية من خشية لله وورع وتقوى وعبادة وصوم وصلاة وذكر وتهجد وهجر للدنيا وزخرفها. بينما التصوف فأصدق وصف له أنه طريق لتصفية النفس ومجاهدتها ورياضتها والانتقال بها من حال الى حال ومن مقام إلى مقام، والترقي بها في خطوات بطيئة عسيرة حتى يصل بها صاحبها الى المقام الذي يطلق عليه الوفية اسم "مقام الشهود "أو" الوجد" أو " الفناء"؛ وهو المقام الذي يصل فيه الصوفي حد الإدراك، وفي هذه الحالة لا فرق بين صوفي مسلم وصوفي مسيحي أو يهودي أو بوذي؛ فهو يدرك من الحقائق ما لا سبيل للعقل الإنساني أنه يدركه، ويتذوق من المعاني ما يكلّ اللسان الإنساني عن شرحه.
    وأما التصوف الفلسفي فهو الأساس الميتافيزيقى أو النظريات الفلسفية التي يحاول بها الصوفيون في وقت صحوهم تفسير أو تعليل ما يجدونه في وقت سكرتهم أو في حالة وجدهم.
    وقد وُجدت هذه الأنواع الثلاثة في الإسلام وظهرت فيه ظهوراً تاريخياً متوالياً بحيث يمكن اعتبار كل منها دوراً من أدوار التصوف يمثل المقدمة المنطقية للدور الذي يليه، فظهر الزهد في القرنين الأولين من الهجرة، وظهر التصوف في القرن الثالث، وظهر التصوف الإسلامي في القرن الرابع وما بعده، ولم يأت القرن السادس والسابع حتى بلغ التصوف الفلسفي أقصى ما يمكن أن يصل إليه من النضج، ثم بدأ يضعف شأنه بعد ذلك بشكل تدريجي. أما الزهد فقد ظهر في الإسلام قوياً فتياً مع بداية ظهور الإسلام تقريباً، وذلك لأن الإسلام دين ورحمة وزهد وتقوى وليس دين دنيا وشهوات ولذات، كما يصفه أعداؤه الذين يحاولون إرجاع نشأة الزهد في الإسلام الى عوامل كلها من خارج الإسلام، ويخصون من بين هذه العوامل المسيحية والرهبنة المسيحية التي كانت منتشرة في صحراء العرب وبلاد الشام ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية. صحيح أنالإسلام لم يدعُ الى الرهبنة، بل هو صريح في إنكارها في القران والحديث، ولكنه دعا الى العبادة والورع والتقوى والتهجد وقيام الليل والصوم والصلاة.
    ولم يذكر القران كلمة زهد ولا مادة (زهد) إلا في آية واحدة في سورة يوسف في قوله تعالى " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " ولم يذكرها هنا على سبيل المدح ولا بالمعنى المقصود، ولكنه وإن لم يذكر " الزاهد " فقد ذكر العابدين والسائحين والقانتين والمحسنين والركع السجود، وكل هذه الصفات من صفات الزاهدين. وإذا كان الزهد طريقة للتقرب إلى الله ومناجاته وذكره فقد وصف القرآن الله بأنه رحيم، وبأنه ودود، وبأنه قريب من عبده، بل إنه أقرب اليه من حبل الوريد، وبأنه سميع مجيب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
    فلا حجة للقائلين بأن فكرة الحب الإلهي قد دخلت الى الزهد الإسلامي عن طريق المسيحية لأن الإسلام قد قضى على كل أمل في الاتصال الروحي بين العبد وربه بوصفه الله بأنه: جبار متكبر منتقم... الخ
    ظهر الزهد في الإسلام بدعوة صريحة إلى مظاهره كما سلف، ودعت إليه ظروف أخرى هي الظروف السياسية القاسية التي عاش فيها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين وعهد بنى أمية؛ فقد كان هذا عصر حروب وفتن مستمرة وقلاقل واضطرابات، وفيه دخلت النظريات السياسية الى العقائد الدينية، وتدخل الحكام في آراء الناس الدينية ومعتقداتهم، فاضطهدت الحرية وكبت التفكير الحر؛ فشعر من لم يميلوا إلى اعتزال الناس بضرورة العزلة وزهدوا فى الدنيا وزخرفها وفي الحكومة والحكام.
    أما الرهبنة المسيحية فقد كان لها أثرها في الزهد الإسلامي لا من حيث أنها كانت السبب في وجوده، بل من حيث إنه تسرب كثير من تقاليد الرهبان المسيحيين وعاداتهم وطقوسهم إلى طريقة المسلمين في الزهد. بل إن القرن الثاني لم يكد ينتهي حتى انتظمت حركة الزهد الإسلامي داخل أديرة وصوامع أشبه بأديرة وصوامع المسيحيين، فأسست خانقاه في دمشق سنة 150ه، وأخرى بخراسان سنة 200.
    يقول عبد الرحمن جامي في كتابه نفحات الأنس إن أول خانقاه أسست في الإسلام كانت بالرملة بفلسطين أسسها راهب مسيحي في القرن الثاني، أما المقريزي فيقول في "الخطط" إن الأديرة لم تظهر في الإسلام إلا في الفرن الخامس الهجري، ولعله يقصد بذلك انتشارها الواسع في البلاد الإسلامية لا مجرد وجود بعضها. وقد امتاز الزهد في القرنين الأول والثاني، ولاسيما القرن الثاني، بصدق الورع والتقوى وسلامة الإيمان والخشية الشديدة من الله ومن عذاب جهنم، وبالأمل الشديد في الحظوة برؤية الله في الدار الآخرة، وكثرة المناجاة والكلام في الحب الإلهي.
    وقد تغلغل الزهد في القرن الثاني فظهر أعلام من مثل الحسن البصري المتوفى سنة 110ه، وهو المؤسس لفرقة الصوفية بالبصرة، وإبراهيم بن أدهم البلخي المتوفى سنة 161ه، وداود بن نصير المتوفى سنة 165ه، والفضيل بن عياض المتوفى سنة 186ه، ومن النساء رابعة العدوية التي توفيت سنة 135، وكانت رابعة آية من آيات الله في الزهد، زهدت أولاً في الحياة الدنيا وزخرفها طمعاً في الآخرة وجنتها، ثم زهدت في الجنة طمعًا في الفوز بمحبة الله ورضاه. وقد حل الحب الإلهي من قلبها كل محل فأصبحت لا تناجي سوى الله ولا تتحدث إلا إليه، وفي هذا يحكي شهاب الدين السهر ودي في عوارف المعارف أنها كانت تقول:
    إني جعلتك في الفؤاد مؤانسي وأبحت جسمي من أراد جلوسي
    فالجسم منى للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد جليسي
    ويقول القشيري عنها إنها كانت تقول في مناجاتها " إلهي تحرق بالنار قلباً يحبك؟ فهتف بها هاتف: ما كنا نفعل ذلك، فلا تظن بنا ظن السوء.
    أما القرن الثالث فدور انتقال من الزهد إلى التصوف بمعناه الحقيقي. والواقع أن هذا الدور كان أقرب إلى الزهد منه إلى التصوف، في هذا القرن نجد كلمة " صوفي " شائعة الاستعمال ولم يكثر استعمالها قبل نهاية القرن الثانى خلافًا لما ذهب إليه القشيري، فلم يفرق الناس بين زاهد وصوفي لأنه لم يوجد من الزهاد من ينطبق عليه وصف صوفي بالمعنى الدقيق. أما في القرن الثالث فحصل التمييز بينهما فسمى الزاهد زاهدًا وسمى الصوفي صوفيًا أحيانًا وعارفًا أحيانًا،
    بل إننا نجد في هذا القرن تحولًا في وجهة نظر الزهاد أنفسهم ، فلم يعودوا ينظرون إلى الزهد باعتباره غاية في نفسه ، بل باعتباره وسيلة لتحقيق غاية أخرى هي الكشف؛ أي إنهم اعتبروا الزهد مرحلة من مراحل الطريق بواسطتها يصل السالك أو المريد إلى تصفية النفس والترقي بها في معارج الحياة الروحية إلى أن يصل بها إلى حالة الفناء التي تنكشف له فيها الحقائق الإلهية ، فتنعكس هذه الحقائق على مرآة قلبه، كما تنعكس صور المرئيات على صفحة المرآة الصقلية المجلوة ، وفي هذا القرن أيضاً نجد القوم يكثرون من الكلام في المواجد والأذواق ، ويصفون الأحوال أو المقامات ، ويتكلمون في الصحو والسكر والمحو ، وفي الوحدة والتفريد والتجريد والفناء والبقاء ، وغير ذلك من أحوالهم الصوفية.
    يعرّف معروف الكرخي المتوفى سنة 200ه التصوف بأنه: الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الناس، يريد أنه إدراك الحقائق الإلهية بواسطة الكشف والزهد في الدنيا. وهذا تعريف جديد للتصوف لم نسمع به من قبل. وثمة نغمة أخرى جديدة نسمعها من ذي النون المصري الذي كان أول من تكلم في المعرفة الحاصلة بالكشف واعتبرها المقياس الحقيقي لحياة الرجل الصوفي، إذ يقول: إنه بمقدار ما يعرف الصوفي من ربع يكون إنكاره لنفسه. وتمام المعرفة بالله تمام إنكار الذات، وهي الحالة التي عبر عنها غيره بالفناء. وفي هذا المعنى يقول الحسين بن على بن يزدينار: " يكون العارف بمشهد من الحق إذا بدا بدأ الشاهد، وفني الشواهد، وذهب الحواس، واضمحل الإحساس، وهو قول ينسبه بعض الصوفية للشلبي. والنغمة الثالثة نسمعها من أبي يزيد البسطامي المتوفى سنة 261 ه في الحال التي يعبر عنها القوم بالفناء، إذ يقول أبو يزيد، وقد سئل عن العارف أي الصوفي: للخلق أحوال ولا حال للعارف، لأنه مُحِيَت آثاره ورسومه، وفنيت هويته، أى شخصيته، لهوية غيره، وعييت آثاره لآثار غيره، فالعارف خيار والزاهد سيار، وفي هذا إشارة صريحة إلى التفرقة بين الزاهد والعارف أو الصوفي.
    كان التصوف الفلسفي، أثناء هذا القرن، في دور التكوين، فقد توفرت عوامل ظهوره، وتهيأت النفوس لقبوله، وظهرت بوادره بالفعل في عبارات بعض رجال الصوفية أمثال ذي النون المصري، وأبي يزيد البسطامي، إلا أنه من المغالاة أن نقول إن لأحد من متصوفة القرن الثالث مذهبًا فلسفًيا خاصًا أو عقيدة فلسفية صوفية معينة، رغم أن كثير من أقوالهم يمكن تأويلها تأويلاً فلسفيًا. وسرعان ما انتهى عصر الانتقال وبدأ التصوف يدخل في دوره الثالث وهو الدور الفلسفي الحقيقي، وكان ذلك في القرن الثالث والرابع ومابعده، فقد تحول التصوف إلى شكل جديد بدخول النظريات الفلسفية فيه، وربما كان أول السابقين إلى هذا الميدان الحسين بن منصور الحلاج المتوفى سنة 309ه.
    لم تقف الصوفية بعد القرن الثالث الهجري عند الكشف والشعور بالمواجد والأذواق في أحوالهم الصوفية، بل حاولوا أن يفسروا ما يدركون ويؤولوا ما يشعرون به، ويعللوا ما يتذوقونه من تلك المعاني التي هي فوق طور العقل، فكانت نتيجة شرحهم وتفسيرهم وتعليلهم أن وضعوا نظرياتهم الفلسفية، وعرفوا الكشف في أحوالهم فحاولوا أن يضعوا نظرية للكشف في صحوهم.
    أدركوا وحدة الوجود في حالة فنائهم فحاولوا تفسير وحدة الوجود، أدركوا الوحدة في الكشف والتعدد في الصحو فدعاهم ذلك إلى تفسير معنى الوحدة والكثرة، ومعنى الحق والخلق ومعنى الفيض والاتصال، والجمع والتفرقة وغير ذلك، فمجموعة تفسيراتهم لمظاهر الحياة الصوفية هي ما نعنيه بفلسفتهم التي يمكننا أن نلخصها في ثلاث نظريات؛ نظريتهم في طبيعة الوجود، ونظريتهم في المعرفة، ونظريتهم في الإنسان ومركزه في العالم وموقفه من الله.
    على أن من الصوفية، من رجال العصر المتأخر أمثال محيي الدين بن عدي وشهاب الدين عمر السهرودى المقتول ، من سلك مسلك الفلاسفة من بادئ الأمر ، فكانت لهم وجهات نظر فلسفية خاصة في طبيعة الوجود وفي الإنسان والعالم ، فاستعملوا المنهج النظري الفلسفي وأساليب الفلاسفة واصطلاحاتهم واستدلالاتهم ، ثم نظروا إلى التصوف باعتباره مرحلة متممة لطريقتهم، والفرق بين هذا النوع من الصوفية والنوع الأول أن الأوائل أمثال الحلاج يضعون نظرياتهم الفلسفية في عرض تأويلهم وتفسيرهم لما يشاهدونه في أحوالهم ومواجدهم ، أما اللاحقون فيلجؤون للكشف والذوق توكيدًا وتحقيقًا للنتائج التي يصلون إليها بالنظر العقلي.
    وهذه الطريقة ممثلة تمام التمثيل في كتب ابن عربي بوجه خاص لأنه بعد أن يبحث المسائل الفلسفية بحثاً عميقاً ويناقشها من جميع وجوهها يحس كأن العقل غير كافٍ للوصول إلى درجة اليقين فيها، فيحيل القارئ إلى الكشف والذوق، أو يخبره بأنه هو نفسه قد أدرك حقيقتها كشفًا أو ذوقاً.
    سار التصوف الفلسفي بعد ذلك سيراً حثيثاً بخطوات واسعة فسيحة وظهرت فيه المذاهب الفلسفية الكاملة، بل والمدارس الفلسفية، وأُلّفت فيه المؤلفات من مثل الحياة والمشكاة للغزالي، والنصوص والفتوحات لابن العربي، وحكمة الإشراق للسهرودى، والإنسان الكامل لعبد الكريم الجبلي.
    أما العوامل التي ساعدت على ظهور التصوف الفلسفي فكثيرة ومتعددة ، فقد كانت البيئة التي يعيش فيها متصوفة القرن الثالث وما بعده مزيجًا غريًبا من الأمم والثقافات والديانات والفلسفات المختلفة ، بل كان الجو الذى يتنفس فيه المسلمون خليطًا من هذه العناصر كلها ، فلا عجب إذن أن يأتي التصوف الفلسفي في الإسلام ممثلاً لكل مذهب من المذاهب ، حاويًا لكل بدعة إسلامية وغير إسلامية ، ففلسفة التصوف الإسلامي ليست مذهبًا واحدًا ولا عقيدة واحدة ، بل مجموعة من المذاهب بعضها يتفق مع روح الإسلام وبعضها يتعارض مع التعاليم الإسلامية معارضة صريحة . وأهم هذه العناصر التي دخلت في التصوف الفلسفي:
    أولا: التصوف نفسه بكل ما فيه من وصف للحياة الزوجية، وكلام في المقامات والأحوال، وذكر للمواجد والأذواق، وتعبيرات عن خاطر النفس ومحاسبتها ومراقبتها.
    ثانياً: القرآن والحديث : فقد أتخذ الصوفية كثيًرا من الآيات القرآنية أساسًا لنظرياتهم فأوّلوها تأويلات تتفق وروح هذه النظريات ، وذلك من مثل قوله تعالى :" كل شيء هالك إلا وجهه"، وقوله :" كل من عليها فان" ، وقوله : "الله نور السموات والأرض" ... الخ ، فقد أوّلوا الوجه في الآيتين الأولى والثانية على أنه الذات الإلهية الأزلية المقومة لكل موجود ، وأولوا الهالك والفاني على أنه مظاهر الوجود أو الوجود المتكثر، أما النور ففسروه تفسيراً زرادشتيا على أنه الوجود الحقيقى وضده الظلمة التى هى العدم المحض ، أما الأحاديث التى يستشهد به الصوفية فأكثرها مدخول على النبى الكريم صلى الله عليه وسلم و منتحل.
    ثالثاً: على الكلام : فقد وصل علم الكلام فترة ظهور التصوف الفلسفي في الإسلام أقصى حده في النضج الفلسفي
    ، وتسرب كثير من نظرياته إلى نظريات الصوفية ، والمعروف أن عدداً كبيراً من رجال الصوفية في القرن الثالث كانوا من كبار المتكلمين كذلك أمثال أبى القاسم الجنيدى والحارث المحاسبى وغيرهما . والناظر في كتب التصوف من مثل ؛ اللمع السراج، والتعرف للكلا باذى ، والرسالة القشيري، وغيرها، ومعروف مدى اتصال علم الصوفية بمسائل الكلام ومدى امتزاجها بنظرياتهم ، وتكفي الإشارة هنا إلى عقيدة وحدة الوجود التي هي أخص مظهر للتصوف الفلسفي الإسلامي ، فإنها، فيما اعتقد، راجعة في أصل نشأتها إلى تفكير إسلامي كلامي صوفي ، وليست كما يقول بعض المستشرقين راجعة إلى الفلسفة الأفلاطونية الجديدة أو إلى الفلسفة الهندية ، فقد بدأ الصوفية يبحثون في عقيدة التوحيد بحثاً كلاميًا فوقعوا ، من حيث لا يعلمون، في عقيدة وحدة الوجود . بدأوا ببحث الوحدانية فقالوا: الله واحد بمعنى أنه لا شريك له، فنفوا الشريك والند والضد والمثل، وقالوا أهم صفة للإله الواحد وجوب الوجود. ثم بحثوا في واجب الوجود فقالوا الله واجب أي وجوده من غيره، ولكنهم زادوا على ذلك بقولهم إنه واجب الوجود بمعنى أن وجوده هو الوجود الحقيقي وكل ما عداه فوجوده ظاهري أو وهمى. ثم توسعوا في معنى وجوب الوجود فقالوا إن واجب الوجود هو الفاعل كل شيء والعلة في وجود كل شيء فانتهوا من بحثهم بنتيجتين:
    الأولى: نفي العلل كلها والقول بأن لا فاعل على الحقيقة إلا الله
    والثانية: نفي الوجود المتكثر الظاهر في الكون والقول بأنه وجود زائل متغير، وأن المقوم لكل موجود والحقيقي في كل موجود هو الحق أو الله.
    وهكذا بدأوا بقولهم: لا إله إلا الله، وانتهوا بقولهم: لا موجود على الحقيقة إلا الله. ثم وجدوا، أو خيل إليهم أنهم وجدوا، ما يعزز دعواهم هذه في الحالة الصوفية التي يعبرون عنها بالفناء، وهي الحالة التي يشعر فيها الصوفي بالوحدة المطلقة فلا يدرك فيها فرقًا بين حق وخلق، وهي الحالة التي صاح فيها الحلاج بقوله: أنا الحق!
    وقد سمى الصوفية عقيدة التوحيد بتوحيد العوام ، وعقيدة وحدة الوحدة بتوحيد الخواص ، وأوردوا لكل منهما تعريفًا خاصًا ، يقول الجنيد في تعريف توحيد العوام إنه إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته ، ويقول في تعريف الخواص إنه الخروج من ضيق الرسوم الزمانية إلى سعة السرمدية يعنى بذلك الفناء.
    رابعًا: الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، ولاسيما الأفلاطونية الجديدة المتأخرة التى ظهرت في كاتبات برفلس ويبملبخوس والكاتب الأفلاطونى المسمى خطأً ديوتسبوس الأزبوباغنى . ولا نبالغ إذا قلنا إنه لا تكاد مسألة من مسائل التصوف الإسلامى الفلسفي أو نظرية من نظرياته تخلو من أثر الفلسفة الأفلاطونية الجديدة؛ فنظريات الصوفية في خلق العالم والفيض أو الصدور عن الواحد الحق، وكلامهم في النفس والعقل والقلب والكشف والمعرفة والشهود، وفي العالم العلوي والعالم المحسوس وفي الإنسان الكامل، كلها مطبوعة بطابع هذه الفلسفة ومستند إليها.
    خامساً: المسيحية ولا نعني بالمسيحية الديانة المسيحية وعقائدها ، بل الحياة المسيحية كما حييها المسيحيون في البلاد التى انتشر فيها الإسلام ممثلة في حياة الرهبان والمتصوفين ، ولم يأخذ الصوفية عن المسيحين بعض أساليبهم في الزهد ومظاهر التقشف ولباس الصوف الذى منه اشتق اسمهم فحسب ، بل أخذوا عنهم بعض نظرياتهم في طبيعة المسيح وفي التثليث : فقال بعضهم بالحلول ، مثل الحسين بن منصور الحلاج الذى قتل بسب هذه العقيدة سنة 309 ومن أبياته في الحلول قوله :
    سبحان من أظهر ناسوته سر سناً لاهوته الثاقب
    ثم بدا لخلقه ظاهراً في صورة الأكل والشارب
    حتى لقد عاينه خلقه كلحظة الحاجب بالحاجب
    وقال بعضهم صراحة بالتثليث، وأن التثليث أساس يقوم عليه أمر الخلق كله، ولكنه تثليث اعتبارى قائم بالفردية الإلهية، وبهذا المعنى يجهر ابن عربى في غير مبالاة في قوله:
    تثليث محبي وقد كان واحدا كما صير الأقنام بالذات أقنما
    وليست نظرية الصوفية فيما يسمونه النور المحمدي، أو الحقيقة المحمدية، الذي يقولون إنه كان في القدم قبل أنه يخلق الله العالم، وأنه بواسطته ومن أجله خلق الله العالم، ليست سوى صورة من صور النظرية المسيحية في المسيح الذي يطلقون عليه اسم " الكلمة " ويقولون إنها كانت في الأول مع الله، وأنه بواسطتها ومن أجلها خلق الله العالم.
    سادساً: الفلسفة الهندية التي دخلت الإسلام عن طريق فارس وماوراء النهرين وما جاورهما من حدود الهند، فالمسلمون لم يفتحوا الهند إلا في القرن الرابع الهجري زمن السلطان محمود الغزنوي المتوفى سنة 421ه، ولكن الفلسفة الهندية البوذية والتصوف قد شقا طريقهما إلى بلاد الفرس وما جاورها قبل الفتح الإسلامي بنحو ألف سنة، وقد كان كثير من بلاد هذه الناحية مراكز مشهورة بالتصوف خاصة بالإدارة الوثنية القديمة وخاصة مدينة بلخ.
    وجدير بالذكر في هذا المقام أن كثيرًا من أوائل الصوفية في الإسلام قد جاءوا من بلخ هذه وما جاورها، وبواسطتهم دخل في التصوف الإسلامي كثير من النظريات الهندية والتقاليد البوذية في مجاهدة النفس ورياضتها وتعذيب البدن وما إلى ذلك. ومن هؤلاء إبراهيم بن أدهم الذي يقول عنه الأستاذ جولدزيهر إن قصته قد حكيت على مثال قصة بوذا، فقد كان من بيت من بيوت الملك فزهد في الملك والدنيا بأسرها وعاش من عمل يده، ومثل أبي يزيد البسطامي الذي كان من أصل فارسي زرادشتي تلقى عقيدة الفناء عن أبي علي السندي، كما تلقى عنه الطريقة الهندية المعروفة بمراقبة الأنفاس؟ والفناء الذي يتكلم عنه أبو يزيد والذي شاع بعده في كلام الصوفية جميهم هو ما يسميه الهنود " زفانا" أي انمحاء الشخصية الفردية والشعور بالوحدة العامة للوجود. ومما يدل على أن عقيدة الفناء هندية الأصل أنها ظهرت أول ما ظهرت في كلام الصوفية من الفرس أمثال أبي يزيد البسطامي، وليس لها وجود في عبارات أهل مصر والشام أمثال ذي النون المصري على الرغم من أن ذا النون كان من معاصري أبي يزيد.

    كل هذه العناصر وعناصر أخرى ثانوية دخلت التصوف الإسلامي فغيرت من عادته وصورته، وعنها جميعها ظهرت ناحية من نواحي الحياة العقلية الروحية في الإسلام على جانب كبير من الأهمية، لأنها مرآة نرى فيها النشاط العقلي والروحي على السواء كما نرى فيها وصفًا دقيقًا لأحوال النفس الصوفية في أرقى درجات صفاتها، ومحاولات فلسفية أراد بها أصحابها وضع نظريات في طبيعة الوجود أو طبيعة المعرفة أو طبيعة الإنسان ومركزه من الله والعالم. ولم يقف الصوفية ، كما لم يقف بقية فلاسفة الإسلام، من هذه المصادر كلها موقفًا سلبيًا ، أي لم يكونوا مجرد نقلة أو مرددين لأقول غيرهم ترديد الصدى للصوت ، بل مزجوا كل هذه العناصر المختلفة المتباينة مزجًا ربما لم يعهده تاريخ الفلسفة ولا تاريخ التصوف في أي أمة أخرى ، وخرجوا بعد كل ذلك بمذاهب في التصوف الفلسفي كان لها أثرها ولها خطرها في تطور الفلسفة والتصوف في القرون الوسطى والحديثة ، لاسيما بعد أن بلغ التصوف الذروة الفلسفية في مذاهب بعض المتصوفة من أمثال محيي الدين بن عربي ، وشهاب الدين عمر السهرودي المقتول ، وعبد الحق بن سبعين الأندلسي ، وعبد الكريم الجبلي ، والصدر القونوي ، وجلال الدين الرومي ، وعبد الرحمن جامي وغيرهم .
    من هذا يتبين أن كل نظرية في نشأة التصوف الإسلامي ثابتة على فكرة إرجاعه إلى أصل واحد مقضي عليها بالفشل، إذا رأيت النواحي العديدة الإسلامية وغير الإسلامية التي استند منها التصوف مادته.
    ولكن بعض المستشرقين إن لم يكن أكثرهم لم يروا في القول بأن التصوف الإسلامي قائم على أصل واحد أو مستند من جهة واحده ؛ فذهب الأستاذ فون كريمر ودوزى إلى أن أصل التصوف الإسلامي هندي أساسه مذهب الغيداتنا ، وذهب الأستاذ مركس ، إلى أن أصله الفلسفة الأفلاطونية الجديدة ، وقال الأستاذ يرون إنه فارسي في جوهره وإنه نتيجة لرد فعل أحدثه ثوران العقل الأدمي ضد الدين الإسلامي الفاتح ، وربما كان الأستاذ نيكسلون أكثر اعتدالاً وأوسع نظراً من هؤلاء جميعًا، إذ يعترف أن التصوف الإسلامي ظاهرة معقدة غاية في التعقيد ، وأن أصوله متشعبة كثيرة لم يكشف البحث الحديث إلا عن بعضها .
    والحق أن كل نظرية من هذه النظريات إنما تعبر عن جزء من الحقيقة لا الحقيقة برمتها، وأن الذي دعا هؤلاء المستشرقين إليها قصر نظرهم على ناحية خاصة من التصوف دون النواحي الأخرى، وملاحظتهم لبعض جهات الشبه بين التصوف الإسلامي والأحول التي قالوا إنه مستمَد منها، ناسين أو متناسين الثقافة الإسلامية والعقلية التي هضمت كل ما وصل إليها من عناصر الفلسفة والتصوف الأخرى، واستخلصت لنفسها فلسفة وتصوفًا جديرين بالبقاء وجديرين بأن يطلق عليهما اسم الفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامي.

    http://www.mominoun.com/arabic/ar-sa/articles/%D9%85%D9%82%D...%84%D8%A7%D9%85/1380
                  

03-18-2014, 11:15 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    Quote: ثانياً: القرآن والحديث : فقد أتخذ الصوفية كثيًرا من الآيات القرآنية أساسًا لنظرياتهم فأوّلوها تأويلات تتفق وروح هذه النظريات ، وذلك من مثل قوله تعالى :" كل شيء هالك إلا وجهه"، وقوله :" كل من عليها فان" ، وقوله : "الله نور السموات والأرض" ... الخ ، فقد أوّلوا الوجه في الآيتين الأولى والثانية على أنه الذات الإلهية الأزلية المقومة لكل موجود ، وأولوا الهالك والفاني على أنه مظاهر الوجود أو الوجود المتكثر، أما النور ففسروه تفسيراً زرادشتيا على أنه الوجود الحقيقى وضده الظلمة التى هى العدم المحض ، أما الأحاديث التى يستشهد به الصوفية فأكثرها مدخول على النبى الكريم صلى الله عليه وسلم و منتحل.
    ثالثاً: على الكلام : فقد وصل علم الكلام فترة ظهور التصوف الفلسفي في الإسلام أقصى حده في النضج الفلسفي
    ، وتسرب كثير من نظرياته إلى نظريات الصوفية ، والمعروف أن عدداً كبيراً من رجال الصوفية في القرن الثالث كانوا من كبار المتكلمين كذلك أمثال أبى القاسم الجنيدى والحارث المحاسبى وغيرهما . والناظر في كتب التصوف من مثل ؛ اللمع السراج، والتعرف للكلا باذى ، والرسالة القشيري، وغيرها، ومعروف مدى اتصال علم الصوفية بمسائل الكلام ومدى امتزاجها بنظرياتهم ، وتكفي الإشارة هنا إلى عقيدة وحدة الوجود التي هي أخص مظهر للتصوف الفلسفي الإسلامي ، فإنها، فيما اعتقد، راجعة في أصل نشأتها إلى تفكير إسلامي كلامي صوفي ، وليست كما يقول بعض المستشرقين راجعة إلى الفلسفة الأفلاطونية الجديدة أو إلى الفلسفة الهندية ، فقد بدأ الصوفية يبحثون في عقيدة التوحيد بحثاً كلاميًا فوقعوا ، من حيث لا يعلمون، في عقيدة وحدة الوجود . بدأوا ببحث الوحدانية فقالوا: الله واحد بمعنى أنه لا شريك له، فنفوا الشريك والند والضد والمثل، وقالوا أهم صفة للإله الواحد وجوب الوجود. ثم بحثوا في واجب الوجود فقالوا الله واجب أي وجوده من غيره، ولكنهم زادوا على ذلك بقولهم إنه واجب الوجود بمعنى أن وجوده هو الوجود الحقيقي وكل ما عداه فوجوده ظاهري أو وهمى. ثم توسعوا في معنى وجوب الوجود فقالوا إن واجب الوجود هو الفاعل كل شيء والعلة في وجود كل شيء فانتهوا من بحثهم بنتيجتين:
    الأولى: نفي العلل كلها والقول بأن لا فاعل على الحقيقة إلا الله
    والثانية: نفي الوجود المتكثر الظاهر في الكون والقول بأنه وجود زائل متغير، وأن المقوم لكل موجود والحقيقي في كل موجود هو الحق أو الله.
    وهكذا بدأوا بقولهم: لا إله إلا الله، وانتهوا بقولهم: لا موجود على الحقيقة إلا الله. ثم وجدوا، أو خيل إليهم أنهم وجدوا، ما يعزز دعواهم هذه في الحالة الصوفية التي يعبرون عنها بالفناء، وهي الحالة التي يشعر فيها الصوفي بالوحدة المطلقة فلا يدرك فيها فرقًا بين حق وخلق، وهي الحالة التي صاح فيها الحلاج بقوله: أنا الحق!
    وقد سمى الصوفية عقيدة التوحيد بتوحيد العوام ، وعقيدة وحدة الوحدة بتوحيد الخواص ، وأوردوا لكل منهما تعريفًا خاصًا ، يقول الجنيد في تعريف توحيد العوام إنه إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته ، ويقول في تعريف الخواص إنه الخروج من ضيق الرسوم الزمانية إلى سعة السرمدية يعنى بذلك الفناء.

    مشكور يا أخ عيدروس لجلب هذا البحث الضافي ، ولعله يتسق تماما مع ما أفردت من ان للتصوف تفسيرا خاصا للخلق والكون .
    ولعل الإشارات الواضحة للأدلة التى يقوم عليها التصوف من تأويل الآيات تاويلا بعيدا عن مدلولات اللغة وكذلك الإستناد الى كم هائل من الروايات المنسوبة للنبي والتى سماها الباحث مدخولة هي مثار بحثنا في هذا البوست لترى مدى إتساق التصوف من مباينته للشريعة ، خاصة في أمهات العقائد مثل وحدة الوجود ، الحلول ، الإتحاد ، الفناء ، الكشف وغيره .
    مشكور مرة أخرى ولعلي اعود للمادة القيمة التى جلبتها بشئ من التفصيل فالكاتب يعتبر من المراجع الكبيرة في التصوف الفلسفي في عصرنا الحاضر كما تتميز كتاباته بالعمق في جلب الشواهد .
    مع التحية
                  

03-18-2014, 11:45 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    تعريف التصوف اصطلاحاً:
    - معروف الكرخي في كتاب عوارف المعارف : " التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق".

    - تعريف الجنيد: " التصوف أن تكون مع الله بلا علاقة".وقد عرفه أيضاً : " التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسانية ومنازلة الصفات الربانية والتعلق بعلوم الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة".

    - تعريف سحنون التصوف "التصوف هو أن لا تملك شيئاً ولا يملك شيء".

    - تعريف الدكتور إبراهيم هلال التصوففي كتاب التصوف الإسلامي بين الدين والفلسفة: "رغم كثرة التعريفات التي عرف بها التصوف الإسلامي في كتب التصوف وغيرها فإننا نستطيع أن نقول أن التصوف كما يراه الصوفية في عمومه هو السير في طريق الزهد، والتجرد عن زينة الحياة وشكلياتها وأخذ النفس بأسلوب من التقشف وأنواع من العبادة والأوراد والجوع والسهر في صلاة أو تلاوة ورد.
    حتى يضعف في الإنسان الجانب الجسدي ويقوى فيه الجانب النفسي أو الروحي فهو إخضاع الجسد للنفس بهذا الطريق المتقدم سعياً إلى تحقيق الكمال النفسي كما يقولون وإلى معرفة الذات الإلهية وكمالاتها وهو ما يعبرون عنه بمعرفة الحقيقة
    ".

    - عرفه الشيخ محمد فهر في كتاب التصوف بين الحق والخلق " التصوف طريقة زهدية في التربية النفسية يعتمد على جملة من العقائد الغيبية (الميتافيزيكية) مما لم يقم على صحتها دليل لا في الشرع ولا في العقل".

    (عدل بواسطة ahmedona on 03-18-2014, 03:33 PM)

                  

03-18-2014, 12:02 PM

سيف النصر محي الدين
<aسيف النصر محي الدين
تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 8995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بكري كان حميت الجماعة بشتموا السعودية ووب.. و كان خليتهم ووبين! (Re: محمد الزبير محمود)

    من مداخلتك التالتة يا شيخ احمدونا يتضح هدفك الأساسي من البوست، لذا اقترح عليك تغيير عنوانه الى : الرؤية السلفية للتصوف و نقد متونه استنادا على كتب السلفيين و بيان مخالفة التصوف لعقيدة السلف و انحرافه عن منهج أهل السنة و الجماعة الذين هم فقط الفرقة الناجية و هم فقط من يعرف الحق و هم الذين لا يأتيهم الباطل من خلفهم و لا من بين أيديهم .... بس ما عارف مساحة العنوان حتكفيك وللا لا ههههههعع
                  

03-18-2014, 01:25 PM

قصي محمد عبدالله

تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 3140

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    التحية والسلام لجميع المتداخلين،
    التصوف جد عالم جميل ورائع ،
    ليس في عالمهم شئ يسمى الكراهية، الكبرياء، سوء الظن ، الأنانية، الخوف ...
    والأجمل مافي هذا العلم أنه يهتم بأعمال القلوب مثل الإنابة والخشوع والزهد والخوف والتبتل ، وما إلى ذلك من بواطن القلب والروح...
    *********
    فقط أردت أن أحجز مساحة في المقدمة، وسأعود بإذن الله مساء،
    ومعي كتابين جميلين عن التصوف والصوفية هدية لإخواني المريدين الأعضاء، و زوار هذا المنبر العام!
    فتكم بعافية.
                  

03-18-2014, 01:33 PM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: قصي محمد عبدالله)

    حاولت أنقل أكتر كلام نقدي عقلاني قريتو عن التصوف هنا ، لكن للأسف هو في شكل صورة وكتير وفشلت القاه في صورة ورد.

    الكتاب: النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية - الجزء الثاني-
    الكاتب: حسين مروة
    الفصل الثالث: التصوف.

    لو في زول لقاهو في صورة نص ونزلو يكون افادني وافاد القراء والمتحاورين فائدة لا حد لها.
                  

03-18-2014, 01:47 PM

عبدالعزيز عثمان
<aعبدالعزيز عثمان
تاريخ التسجيل: 05-26-2013
مجموع المشاركات: 4037

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    نجلس بتقدير لنتعرف علي كل الاراء التي تطرح هنا بسماحة ومحبة واحترام،،لكم التحية علي المنحي الهادئ.
                  

03-18-2014, 02:14 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: عبدالعزيز عثمان)

    Quote: حاولت أنقل أكتر كلام نقدي عقلاني قريتو عن التصوف هنا ، لكن للأسف هو في شكل صورة وكتير وفشلت القاه في صورة ورد.

    الكتاب: النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية - الجزء الثاني-
    الكاتب: حسين مروة
    الفصل الثالث: التصوف.
    لو في زول لقاهو في صورة نص ونزلو يكون افادني وافاد القراء والمتحاورين فائدة لا حد لها.

    مشكور يا سيد
    ولو في النت يا عيدروس شوت اللنك هنا ونحاول كلنا.
    Quote: نجلس بتقدير لنتعرف علي كل الاراء التي تطرح هنا بسماحة ومحبة واحترام،،لكم التحية علي المنحي الهادئ.

    مشكور يا عبد العزيز ولنجعل أدب الحوار والإحترام المتبادل شعار البوست جميعا.
    مع التحية
                  

03-18-2014, 02:38 PM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)
                  

03-18-2014, 02:57 PM

Balla Musa
<aBalla Musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 15238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    يحلنا منكم اللانام لا أكل الطعام..

    يارب بكرة السعودية تتنصل عن الفكر الوهابي
    وتوقف الدعم المادي لحملة دفاتر التبرعات باسم المساجد.
                  

03-18-2014, 03:26 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Balla Musa)

    Quote: من مداخلتك التالتة يا شيخ احمدونا يتضح هدفك الأساسي من البوست، لذا اقترح عليك تغيير عنوانه الى : الرؤية السلفية للتصوف و نقد متونه استنادا على كتب السلفيين و بيان مخالفة التصوف لعقيدة السلف و انحرافه عن منهج أهل السنة و الجماعة الذين هم فقط الفرقة الناجية و هم فقط من يعرف الحق و هم الذين لا يأتيهم الباطل من خلفهم و لا من بين أيديهم .... بس ما عارف مساحة العنوان حتكفيك وللا لا ههههههعع


    شكراً لك د.سيف النصر -- بسعد دوماً بمشاركاتك وسعة صدرك وأفقك .....

    يا دكتور إعتبر تلك المداخله وجهة نظرً قابله للمناقشة - ومحاور للنقاش يمكن التمدد فيها.....
    كما أن التصوف ليس بجملته مذموماً دعونا نستفيد من الأشياء الجميلة ونترك ما سواه -...
    وجلنا نشأ وتررع في مجتمعات صوفيه ......
    وبالحوار تتضح الرؤى .


    شكراً قصي - عبدالعزيز عثمان - بله موسى - وخليل وأتمنى المزيد من المساهمات .....
                  

03-18-2014, 03:33 PM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)
                  

03-18-2014, 04:09 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    التصوف الأندلسي مبادئه وأصوله -1-

    دعوة الحق

    49 العدد







    لم يختلف الباحثون المحدثون –ولا سيما الغربيون منهم- حول شيء قدر اختلافهم في نشأة التصوف الإسلامي، وقد عنى المستشرقون أنفسهم من تلمس مصدر اجنبي للتصوف، فنسبه بعضهم للرياضيات الروحية التي كان يقوم بها الهنود، ونسبه آخرون الى أصول ايرانية قديمة، وقال آخرون ان جدور التصوف الإسلامي يهودية أو مسيحية، وكان كل لون من ألوان الفكر العربي ينبغي أن يرد إلى أصول غريبة عن الإسلام.
    والواقع أن التصوف إسلامي محض، له شخصيته المتميزة القوية،وقد كان يستمد أولا قبل كل شيء من حياة الزهد والتقشف التي كان الرسول (ص) وبعض الصحابة رضي الله عنهم يحيونها، ثم تطور هذا الزهد والتبتل كما تتطور سائر ألوان الفكر وتسير من البساطة الى التعقيد، وهكذا انتهت الى التصوف كما نعرفه على مر العصور، وهذا لا يمنع أن يكون التصوف قد تاثر قويا من خلال هذا التطور والنمو الطبيعيين برواسب الثقافات القديمة ولا سيما بالرهبنة المسيحية وبالافلاطونية الحديثة، على أن التصوف الإسلامي ظل دائما محتفظا بشخصيته المستقلة القوية، وقد باشر بعد ذلك آثارا عميقة في تفكير مسيحية العصور الوسطى كما هو معروف.
    كذلك اختلف في أصل اشتقاق لفظ التصوف، والأرجح انه يرجع إلى أن اللباس الذي كانت تتميز به هذه الطائفة من الزهاد كان ثياب الصوف رمزا إلى الخشونة والتقشف.
    وقد ارتبط التصوف منذ نشأته بالزهد كما ذكرنا، غير انه بمرور الزمن فرق رجال الصوفية بين طائفتهم وبين الزهاد، اذ أصبحوا في مرتبة أكثر سموا، بل كانت نظرتهم إلى الزهاد مشوبة بشيء من التعالي كما جاء في هذا الخبر الذي يرويه أبو نعيم الاصبهاني عن الصوفي المصري ذي النون حيث يقول: (العارف متلوث الظاهر صافي الباطن، والزاهد صافي الظاهر متلوث الباطن) وليس معنى ذلك أن الزهد لم يعد من لوازم المتصوف، وإنما أرادوا به أن الزهد في ظاهره يمكن أن يكون مصطنعا لسبب من أسباب الدنيا وأن التصوف الحقيقي لا يرتبط بهذا المظهر الخارجي.
    وقد ارتبطت البيئة المصرية منذ قديم بالتصوف حتى قبل تحول مصر إلى الإسلام، فالرهبانية في المسيحية مثلا مصرية النشأة منذ أن أسس القديس المصري باخوم في القرن الرابع الميلادي أول مجموعة من الأديرة، وقد انتشر هذا النظام الرهباني بعد ذلك إلى سائر بلاد المسيحية في العالم، بل كانت مشاركة مصر في التصوف سابقة على ذلك منذ نشوء الافلاطونية الجديدة في رحاب هذه البلاد، وربما كانت البيئة المصرية بما احتوت عليه من آثار قدماء المصريين الرائعة مما أوحى بالكثير إلى أهل التفكير الصوفي منذ زمن عريق القدم، فان تلك الآثار كان من شأنها أن تثير لدى هؤلاء المنقطعين إلى عبادة اله رغبة في التأمل الباطني العميق، وسنرى ذلك ظاهرا في التفكير الصوفي عند أول صوفي مصري جدير بهذا الاسم وهو ذو النون الخميمي.وهكذا كان لمصر نصيب كبير في نشأة هذا اللون من الحياة الروحية الإسلامية، وتحدثنا المراجع التاريخية عن طائفة وجدت في الاسكندرية في سنة 200 كانت تسمى "الصوفية" وكانت تامر بالمعروف وتنهي عن المنكر، ولسنا نعرف عن تلك الطائفة الا اشتراكها في الاحداث الواقعة في المدينة من حروب وفتن كانوا فيها حلفاء لأولئك الاندلسيين الربضيين الذين احتلوا الاسكندرية في ذلك الوقت، ولا نعلم ما اذا كانت هذه الطائفة تدين بعقيدة روحية تسمح لنا بأن نعتبرهم صوفيين بمعنى الكلمة، على أنه ربما كانت هذه أول جماعةيطلق عليها ذلك الاسم في العالم الاسلامي، وهو أمر لا يخلو من دلالة.
    وعلى أية حال فان أول صوفي كبير برز في مصر في هذه الفترة المبكرة –اواخر القرن الاني وأوائل الثالث- وهو ذو النون ثوبان بن ابراهيم المصري الاخميمي، ولا يتسع المجال للترجمة لذي النون والحديث عنه بالتفصيل ولكنا نكتفي بعرض سريع لحياته وآرائه،وانما سنقف عنده وقفة خاصة لأنه يمثل الاتجاه المصري في التصوف الاسلامي خير تمثيل، ثم للاثر العظيم الذي باشره ذو النون في تصوف المغرب والأندلس بصفة خاصة.
    ولد ذو النون في اخميم بصعيد مصر في حدود سنة 180، من أصل نوبي على ما يظهر، وكان أول ما طالعه وتفتحت عليه عيناه تلك الآثار المصرية التي كانت تؤجج في نفسه الرغبة في الاستطلاع والشره الى المعرفة، ويذكر المترجمون له أنه أخذ الفقه عن إمام المدينة مالك ابن انسن وامام مصر الليث بن سعد، وهو أمر نظنه مستحيلا اذ أن مولده يقارب وقت وفاة هذين الامامين، ونعتقد ان ذا النون ما كان ليهتم كثيرا بالفقه ونواز له ومسائله، وان اهتمامه كان موجها منذ البد إلى الرياضيات الروحية، ويذكر آخرون من مشايخة في طريق التصوف فاطمة النيسابورية وسعدون واسرافيل وهما شيخان لا نكاد نعرف عنهما إلا ما ورد في ترجمة ذي النون نفسه وانه كان يكل تكوينه الروحي الى تأمله وعبادته، ولعله كان يعمل بما أوصاه به سعدون في مقبرة البصرة:
    ياطالب العلم ها هنا وهنا
    ومعدن العلم بين جنبيكا
    ان كنت تبغي الجنان تسكنها
    فلتذرف الدمع فوق خديكا
    وقم اذا قام كل مجتهد
    تدعوه كيما يقول لبيكا
    وكان ذو النون كذلك كثير السياحات فبينما نراه بين الحقول الخضر على الضفاف إذا به بعد ذلك تائها في صحاري الحجاز، أو ضاربا في شعاب سينا أو منزويا في بعض كهوف بيت المقدس أو مصعدا في جبال لبنان، بل يحمله الظمأ إلى علوم الروح على الرحلة إلى الغرب فإذا بنا نراه في القيروان قابعا أربعين يوما على باب شقران ليستفيد منه وصية، ويوصف له عابد في تاهرت في مضي ليسأله كيف عرف الله، ولا شك في أن افريقية والمغرب بوجه عام كانت جديرة بأن تستهوي قلب هذا الصوفي بما حفلت به من عباد وزهاد ضربوا مثلا عاليا في الإخلاص له والتعبد إليه.
    ولكن كلام ذي النون بدا غريبا لفقهاء مصر ومحدثيها الذين لم يعتادوا هذا الضرب من التعبيرات الصوفية فسعوا به إلى الخلفية المتوكل وحمل إلى سر من رأى إلى حضرة الخليفة فسمع كلامه وما عتم أن أطلق سراحه فانحدر إلى بغداد فأقام بها مدة مديدة ثم عاد إلى مصر.
    وقد كان تأثر ذي النون بالبيئة المصرية عظيما ويبدو أنه احتك بكثير من رواسب الثقافات والديانات القديمة بهذه البلاد، وفي الإخبار المأثورة عنه كثير مما يشير إلى معرفته بقراءة ما على البرابي المصرية من نقوش وإلمامه باللغة السريانية، كما نرى في كلامه نقولا عن التوراة والإنجيل، وكلمة "الرهبانية" من أكثر الكلمات دورانا في حديثه، ومن أمثلة ذلك قوله في وصف الصوفية أنهم (رهبان من الرهبانية ملوك في العباد)، وقد نسب إلى ذي النون الاطلاع على أسرار الكمياء لا بطريق المعالجة وإنما بطريق الإلهام والكشف، ولهذا فقد قرن بكبار الكيميائيين من أمثال جابر بن حيان، ومازالت بعض الكتب المنسوبة إليه من ذلك مخطوطة بعد، ولو أنها كتب لم تصح نسبتها إليه.
    وأما تصوف ذي النون فإنه وجداني بسيط نابع من نفس فياضة المشاعر دقيقة الحس، وهو في هذا يختلف عن ألوان ذلك التصوف العقلي المعقد الذي نراه في صوفية العراق وايران، ومن أجل ذلك ذكرنا انه هو الذي يمثل البيئة المصرية في بساطتها البعيدة عن التعمق واستقامتها الراغبة عن التطرف والشطح، وهو من أجل ذلك تصوف كان من الطبيعي أن يتأثر بالحياة الروحية في غرب العالم الإسلامي ويتأثر بها.
    وأشهر ما يعرف من آراء ذي النون الصوفية ما قاله حول المقامات والأحوال أي تصنيف الصوفية في درجات وطبقات لا ينبغي أن يتعدوها، ثم تصنيف احوال النفس الصوفية وانتقالها من درجة إلى درجة فوقها حتى تصل الى المعرفة الحقيقية، ولننظر الى قول ذي النون في ترتيب تلك الحوال فهو يبدأ بدرجة الخوف، ثم الهيبة، فالطاعة، فالرجاء، فالمحبة فالشوق، فالانس بالله، فالاطمئنان اليه، فاذا اطمأن الى الله كان ليله في نعيم ونهاره في نعيم وسره في نعيم وعلانيته في نعيم، أما طبقات المريدين فان حرص ذي النون على أن يلتزم كل درجته يظهر نا من هذا الخبر الذي احتفظ لنا به السراج في كتاب اللمع: وفيه ان ذا النون لما دخل بغداد اجتمعت اليه جماعة الصوفية ومعهم قوال يقول، فاستأذنوه بأن يقول شيئا فأذن لهم فابتدأ يقول:
    صغير هواك عذبني
    فكيف به اذا احنكا
    وانت جمعت من قلبي
    هوى قد كان مشتركا
    اما ترثي لمكتئب
    اذا ضحك العدول بكى
    فقام ذو النون وسقط على وجهه والدم يقطر من جبينه ولا يسقط على الأرض، قال: ثم قام رجل من القوم يتواجد فقال له ذو النون: الذي يراك حين تقوم، فقعد، وشرح ذلك السراج فقال انه أشار إلى قيام هذا الرجل ومزاحمته لغيره بالتكلف فعرفه ان الخصم من دعواك بقيامك ليس غير الله ولو كان الرجل صادقا في قيامه لم يجلس وذلك أن المشايخ منهم -أي من الصوفية- مشرفون على أحوال من دونهم بفضل معرفتهم ولا يجوز لهم ان يسامحوهم اذا جاوزوا حدودهم وادعوا حال غيرهم.
    وربما كان ذو النون من أول الصوفية الذين تكلموا عن اسم الله الأعظم الذي يتعلق بذات الله لا بصفاته، وقد أشار الدباغ والمالكي في حديثهما عن لقاء ذي النون لشقران العابد القيرواني ان هذا هو الذي أدلى إليه بهذا الاسم الأعظم الذي جعل ذا النون محيطا بأسرار الكيمياء وقادرا على الكرامات، وقد الح عليه أحد تلاميذه وهو يوسف بن الحسين الرازي لكي يطلعه على هذا الاسم فأجرى عليه ذو النون اختبارا في قصة طويلة يذكرها ابو نعيم الاصبهاني في حلية الأولياء ويتبين بعد هذه التجربة ان ذلك التلميذ لم يكن خلقيا بان يطلع على الاسم الأعظم.
    والحب الإلهي يدور كثيرا في كلام ذي النون، وقد كان هذا الصوفي من أكثر في كلام ذي النون، وقد كان هذا الصوفي من أكثر من تحدثوا عن هذا الحب وفصلوا مراتبه، وحديثه في ذلك كثير متناقل في مجموعات الأدب الصوفي، وكثيرا ما كان يخرج الى شاطئ البحر اذا جن الليل فينظر الى السماء والماء ويتغنى بقوله:
    اطلبوا لانسكم
    مثلما وجدت أنا
    قد وجدت لي سكنا
    ليس في هواه عنا
    ان بعدت قربني
    أو قريب منه دنا
    او يترنم في جوف الكعبة:
    حبك قد ارقني
    وزاد قلبي سقما كتمته في القلب والـ
    ـأحشاء وحتى انكتما
    لا تهتكن ستري اذي
    البستني تكرما
    ضيعت نفسي سيدي
    فردها مسلما
    كذلك يعتبر ذو النون منن أول الصوفية الذين اهتموا بمسألة السماع أي إدخال الغناء والموسيقى في التمارين والرياضات الصوفية وعملوا على نشرها بعد ذلك في التصوف الإسلامي، وكان رأيه في الصوت الحسن انه (مخاطبات وإشارات إلى الحق أودعها الله كل طيب وطيبة)، وفي السماع انه (وارد حق يزعج القلوب إلى الحق فمن اصغى إليه بحق تحقق ومن أصغى إليه بنفس تزندق) وقد قال مرة لبعض تلاميذ ممن لا يحسنون الغناء (أنت بلا قلب) ونحن نعلم ان مسألة تجويز السماع أو تحريمه كانت من المسائل التي انتقل فيها النقاش من الفقهاء الى الصوفية، وربما كان أهم من دافع عن السماع واباحته،بلا صبح من الشائع منذ أيام ذي النون أن يكون في المجتمعات الصوفية (قوال) يغني بصوت عال.
    وينسب محيي الدين بن عربي في الفتوحات المكية الى ذي النون رأيا في العرش يبدو أنه كان الأصل الذي استمد منه ابن عربي نظريته في النفس الرحماني وروحه المدبر له، وهي نظرية كانت من الأسس التي قامت عليها فلسفة وحدة الوجود.
    ونشير أخيرا الى أن ذا النون بعد أن تعرض للاضطهاد والمحاكمة مرتين كان حريصا في سلوكه حذرا في إبداء آرائه، فكان يتبع في ذلك مبدأ التقية الذي سار عليها الشيعة، فيبدو للناس مجرد زاهد أو ناسك بينما يحتفظ بكثير من آرائه التي قد لا تعجب الفقهاء والعامة لنفسه أو لخاصة تلاميذه، وهكذا كان يلح دائما على التفريق بين سلوكين: سلوك للعامة وآخر للخاصة، ويدور هذا التفريق في كلامه كثيرا، فالتوحيد توحيدان، والتوبة توبتان الى غير ذلك من التفصيل الذي يتضح لمتتبع آرائه وأقواله، وناحية أخرى كانت تقرب بينه وبين آراء الشيعة، تلك هي استخدامه للتاويل الرمزي فهو كثيرا ما يفرق بين الظاهر والباطن وقد احتفظت لنا المجموعات الصوفية بكثير من تأويلات الرمزية، ومن ذلك تفسيره للحج وغيره من العبادات مما نراه ملا في حلية الأولياء لأبي نعيم.
    وقد اطلنا بعض الشيء في الحديث عن ذي النون المصري، غير أننا نرى أن هذا الصوفي المصري لا يمكن أن يفصل عن تاريخ الحياة الروحية في الأندلس، وسنرى فيما يلي كيف كان لأراء ذي النون أثر كبير في تصوف هذه البلاد.
                  

03-18-2014, 04:15 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    التصوف الأندلسي مبادئه وأصوله -2-

    دعوة الحق

    العددان 50 و51







    وقد بدات الحركة الصوفية في الاندلس بما كان من الطبيعي ان تبدأ به أي حياة زهدية بسيطة، وهوأمر لايحتاج في نشأته الى أن يكون متأترا بعوامل خارجية،فقد احتفظت لنا كتب التراجيم بكثير من اخبارأفراد رغبوا عن الدنيا واتجهوا الى رياضات دينية قائمة علىقواعد زهدية، وقد كان لهؤلاء مكانة عظيمة بين الشعب الاندلسي في تاريخه المبكر، وأول ما نجده من ذلك لدى بعض التابعين الذين دخلوا الاندلس وكان فيهم للناس قدوة صالحة، فمن أمثلة هذا مايروى عن التابعي حنش بن عبد الله الصنعاني المتوفي في اوائل القرن الثاني من انه كان اذا فرغ من عشائه وحوائجه، قرب اناء فيه ماء فكان اذا وجد النعاس استنشق الماء حتى يظل يتلو من آي القرآن الكريم بقية ليله
    وقد كان من الطبيعي ان يتجه الكثيرون من أهل التدين في هده الفترة المبكرة الى الجهاد ضد نصارى ألاندلس كما يذكرعن نعمان بن عبد الله الحضرمي وكان يسكن برقة، فاتفق أن وفد بعد اشتراكه في غزو الاندلس هو وصاحب الخليفة الاموي سليمان بن عبد الملك لابلاغه نبأ فتح قدر للمسلمين، فسألهما سليمان حاجاتهم، أما محمد بن حبيب فذكره له عدة حوائج فقضيت، وأما نعمان فانه قال للخليفة أنه ليس له حاجةالا أن يرده الىالثغر ليواصل الجهاد، وعاد نعمان ألى أقصى ثغور الاندلس حتى لقاه الله الشهادة وكان نعمان من أزهد الناسكان يتصدق بعطائه كله حتى لا يبقى معه شيءولا عليه ثوب ولا ازار.
    وممن نعرفهم من هؤلاء الصالحين الاندلسيين في خلال القرن الثاني الهجري ثلاثة يتحدت المؤرخون عنهم باعتبارهم عباد الاندلس:أولهم ميمون بن سعد،وقد كان موضع اجلال من أهل الاندلس حتى من نصاراها المعاهدين،ذكر ابن القوطية من إخباره أنه دخل على ارطباش بن غيطشة القوطي وكان يتصدر مجلسه على كرسي مصمد من الذهب، وكان لديه سادة العرب، والموالي، فما أن رآى أرطباش الرجل الصالح حتى قام منه، ولكن ميمونا أبى إلا الجلوس على الأرض فجلس أرطباش معه، وكان لميمون هذا ابن يسمى داود يذكر ابن الابار أنه كان واحد عصره نسكا وزهدا، اما الزاهدان الثانيان فهما أبو الفتح الصدفوري وفرقد السرقسطي، وكانا صاحبين يرابطان معا في ثغري سرقسطة وقلنبرية (التي تقع الان في البرتغال) وتؤتر عن فرقد المذكور نبوءات حول الحرب التي دارت فيما بعد بين عبد الرحمن الداخل ويوسف بن عبد الرحمان الفهري وقد تحققت كلها على ما وصف:
    وقد كانت رحلات الأندلسيين إلى المشرق مما أطلعهم على كثير من مظاهر الحياة الزوجية التي كان يحياها العباد والمتزهدون، وهكذا نرى في خلال القرنين الثاني والثالث صدى لهذه الحياة المتدينة مما سنعرض له أمثلة فيما يلي:
    فعيسى بن دينار الفقيه الطليطلي الذي توفي سنة 212 ناشر مذهب مالك في الأندلس كان يذكر عنه انه ظل اربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العتمة، مما يدل على أنه كان يقضي الليل كله في العبادة والتهجد.
    وابو العجنس القرطبي الزاهد لم يكن له طوال شهر رمضان الا ثلاث أكلات من سبعة أيام الى سبعة ايام ثم اكلة الفطر، وحفص بن عبدالسلام السرقسطي تلميذ الامام مالك ادام الصيام أربعين سنة، وكان الأمير الحكم يستقدمه كل عام في شهر رمضان لكي يؤم به، وخلف بن سعد القرطبي المتوفي سنة 305 كان يختم القرآن كل ليلة، وسعيد بن عمران القرطبي كان ابوه من التجار المياسير وكان في صباه منهمكا في البطالة ثم تاب وتصدق بأكثر ماله ثم خرج للحج وتعبد حتى اصبح منقطع النظير في النسك والزهد، وسعدون بن اسماعيل الربى كان من الزهد والتقلل بحيث لم يتزوج ولا اشتغل بشيء من الدنيا طول حياته، واحمد بن يوسف بن مؤذن الوشقي انفق اكثر ماله في استنقاذ أسارى المسلمين، فيذكر انه فك من اسر العدو مائة وخمسين سبية.
    وقد تزايد وجود مثل هذه الشخصيات في الأندلس ولا سيما بعد أن اشتغل بعض الرحالين من الاندلسيين الى المشرق بجمع سير عباده وزهاده، ولعل أول كتاب في ذلك يؤلفه أندلسي هو كتاب محمد بن وضاح المتوفي سنة 287 وعنوانه "العباد والعوابد" ولعله هو أول ما فتح قلوب الأندلسيين وأرواحهم الى تلمس اخبار زهاد المشرق ومتصوفيه.
    وفي هذا العصر بدأت معالم التصوف الأندلسي تتحدث شيئا فشيئا فنحن نرى الشعب يتجه بكثير من الإجلال والتعظيم لهؤلاء الصالحين، فتردد عنهم اخبار تؤكد أنهم كانوا مستجابي الدعوة، وتطور الامر حتى بدأت نسبة الكرامات اليهم، وبدأت تسميتهم بالابدال وأولياء الله.
    ولعل من أول هؤلاء، الزاهد ايوب الب######## الذي احتفظ لنا ابن سعيد في كتاب المغرب بخبر عنه يقول فيه: أن قاضي الجماعة بقرطبة مسرورا بن محمد في أيام الأمير عبدالرحمان الأوسط خرج بالناس لصلاة الاستسقاء فلما أتم خطبته قال: يا أيوب الب######## عزمت عنك حتى كنت لتقومن، فلم يقم أيوب اليه الا بعد أن أقسم عليه في الثالثة وقال: يا هذا، أشهرتني، أما كنت ادعو حيث أنا؟ ثم رفع القاضي رأسه فقال: اللهم انا نستشفع إليك بوليك هذا، والح بالدعاء وكثر الضجيج والبكاء، فلم ينصرفوا إلا وأخذ يتهم في أيديهم من كثرة المطر، وطلب أيوب بعد ذلك فلم يوجد، ويؤثر عن أبي العنجس الزاهد الاستجي خبر يماثل ذلك ويقال انه كان يركب اثانة حتى ياتي مجشر حريش بقرب قرطبة فيطلق الآتان ترتع ويصلي إلى الصبح فلا يعدو عليها ذئب ولا غيره فإذا أصبح عاد إلى منزله.
    ويقال أن عبدالله بن عبدالسلام بن قلمون القرطبي المتوفي في أواخر القرن الثالث أنه لقن العباد في المشرق وجاور بمكة فلم يزل على منهج الابدال حتى لقي الله وهو بأرض الغربة.
    ويذكرون عن يوسف بن سليمان القرشي البطليوسي انه كان مقربا للثائر في هذه المنطقة على بني امية عبدالرحمن بن مروان الجليقي، ثم سعى به الى ابن مروان فهم بقتله، واقبل يتدبر امر اغتياله فما هو الا ان وقعت في ذلك النهار سبع صواعق على بطليوس وقعت إحداهما في ركن مجلس ابن مروان الذي كان يجلس فيه فارتاع لذلك ارتياعا شديدا وظن انه نذير للذي هم به في الرجل الصالح فكف عنه.
    وكان أبو وهب القرطبي على ما يذكر المترجمون له معروف الكرامات معدودا في الإبدال، وقد ظل قبره في قرطبة مشهورا يتبرك به حتى فتح النصارى قرطبة سنة 633 بشهادة ابن الابار.
    وكان قاسم بن ثابت السرقسطي ورعا ناسكا فاريد على أن يلي القضاء بسرقسطة فامتنع، وأراد ابوه اكراهه عليه فسأله أن يتركه يتروى في أمره ثلاثة ايام فمات في هذه الأيام سنة 302، ويقال انه دعا الله ان يقبضه اليه فاستجاب دعوته.
    أما لفظ "الابدال الذي اشرنا الى شيوعه في هذه الفترة فلعله أول مظهر لدخول الاصطلاحات الصوفية المشرقية الى الأندلسن ويقصد به هذا النفر من الرجال الصالحين الذين يقون العالم شر غضب الله ونقمته عند فشو الخطايا فيهم، ولعل شر، ولعل من أول المباحث الاسلامية حول هذا اللفظ ما نراه فيما كتبه الجاحظ عنهم في رسالة التربيع والتدوير، وقد اختص الصوفية هذا الاصطلاح بكثير من الاهتمام، فأسهبوا في العصور المتأخرة في الحديث عن توزيعهم على الاجيال الزمنية وعلى الأقاليم السبعة وغير ذلك مما نرى تفصيله في الفتوحات المكبة لابن عربي.
    ومن هذه المظاهر كذلك اقامة اربطة صغيرة يقيم فيها النساك والعباد افرادا وجماعات، للعبادة والتأمل، أو للجهاد والمرابطة، ويحدثنا الخشني في كتاب تاريخ قضاة قرطبة ان محمد بن بشير المعافري الباجي حينما دعى الى تولي القضاء بقربة في عهد الامير الحكم بن هشام (في أواخر القرن الثاني الهجري) اقبل وهو لا يعلم ما يراد به، فلما صار بسهلة المدور مال إلى متعبد هناك كان يقيم به صديق له من النساك، وتدور بين الرجلين محاورة ريفة يستشير فيها ابن بشير صديقه العابد في أمر قبول منصب القضاء الى آخر هذا الخبر الذي يمكن ان يراجع في ذلك الكتاب المذكور، ونرى من هذا الخبر كيف اقبل ناسكو الاندلس في هذه الفترة المبكرة على الاعتكاف في تلك المتعبدات المنعزلة، وقد توهم بعض المستشرقين أن هذا أثر مباشر للرهبانية المسيحية في الأندلس، ولو أن الأرجح ان ذلك لم يكن الا تقليدا لما بدأه في هذا الوقت متصوفية المشرق، بل ولما نراه في افريقية التي شاع فيها في منتصف القرن الثالث بناء الأربطة مثل سوسة والمنستير وغيرهما مما كان يوجد على امتداد الساحل الافريقي، وكان كثير من الصلحاء ينقطعون الى هذه ليواصلوا فيها حياة هي مزيج من التبتل والجهاد مما نرى تفصيله في امثال كتاب الدباغ "معالم الايمان" والمالكي "رياض النفوس"، وقد بحث هذه الأربطة المستشرق الفرنسي (جورج مارسيه)، والاسباني (خايمه اوايفراسين)، والاسباني (خايمه اوليفراسين) في بحثين شيقين، هذا ونود ان ننبه في هذا المقام الى أن طائفة من الأندلسيين قد انتقلوا الى افريقية واستقروا في تلك الأربطة مثل يحيى بن عم الكناني الذي توفي سنة 289 في سوسة والذي كان له أثر كبير على الثقافة الافريقية والأندلسية في عصره، وقد افردنا بحثا خاصا بيحيى بن عمر هذا وبينا أن عددا كبيرا من تلاميذه الاندلسيين كانوا من مناطق الثغور في اسبانيا مثل سرقسطة ووشقة وتطليه والى أن هؤلاء التلاميذ حرصوا على ان ينقلوا إلى بلادهم هذا التقليد الإفريقي فأنشأوا الأربطة كذلك، وانتهجوا فيها مثل حياة أساتذتهم في افريقية من تعبد وجهاد.
    وقد بدأ يشيع في الأندلس لبس الصوف باعتبار ذلك مظهرا من مظاهر التقشف فقد كان ينسب الى عبد الرحمن الداخل انه كان يفضل لبس الصوف، وقد عد ذلك من فضائله ودلائل ورعه، على اننا نشك في صحة هذا الخبر اذ أن أول من يورده هوابن نباتة في كتاب شرح العيون وعنه نقله السلاوي في الاستقصاء وهما مرجعان متأخران، ثم انه لم يعرف عن عبد الرحمان ممارسة أي رياضة زهدية، اما الذي نعرف عنه أنه أول من ارتدى الصوف تقشفا ونزوعا الى خشونة المعيشة فهو قاضي قرطبةسعيد بن سليمان المتوفي سنة 240 اذ يذكر الخشني عنه انه كان يجلس للحكم وعليه غضارة وجبة صوف بيضاء وعلى راسه اقروف من الصوف كذلك، وينسب الى ابن طاهرالتدميري المتوفي في القرن الرابع انه كان ايضا يرتدي الصوف.
    اما اصطلاحا "الصوفيية "فلم يعرف في الاندلس الا في اواخر القرن الثالث، وقدعرف هدا اللفظ في المشرق من قبل، اشرنا الى احتكاك الاندلسيين الريفيين الذين طردوا من قرطبة ايام الحكم بن هشام في اواخر القرن الثاني بتلك الطائفة التي كانت تعرف في الاسكندرية باسم الصوفية ولو اننا لاتعرف في الاسكندرية باسم الصوفية ولو اننا لانعرف لهذه الطائفة تعاليم صوفية بمعنى الكلمة، على ان الثابت هو ان هذا الاسم اصبح منذ القرن الثالث يطلق على هذه الجماعات التي كانت تزاول ما نعرفه اليوم من مدلول ذلك الاصطلاح، وقد عرف هذا اللفظ بعد ذلك في افريقية في منتصف القرن الثالث الهجري، وان كان بمعنى قريب مما رأيناه من قبل في طائفة الصوفية بالاسكندرية، أي دالا على طائفة من الرجال كانوا يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر احتسابا لله وزلفى اليه، يذكر المالكي في رياض النفوس ان قاضي القيروان سحنون بن سعيد أرسل يوما في طلب الف رجل من الصوفيةفاجتمعوا اليه من البوادي، فتخير منهم مائة رجل أرسلهم لفك ظلامه بسبب شيء ارتكبه أحد ######## بني الاغلب:
    أما اول من نعرف أنه تقلب بلفظ الصوفي في الاندس فهو عبد اله بنصر القرطبي المتوفي سنة 315 وكان على ما يذكر ابن الفرضي مؤدبا في مسجد أبي علاقة، وكان ممن يسرد الصلاة والصوم، الا ان هذا الاسم الذي أطلق عليه ربما دل على أنه كان متصوفا بمعنى الكلمة لامجرد زاهدا يكثر من العبادات فحسب:
    وإذا كانت هناك كرامات قد نسبت الى بعض الصالحين الاندلسيين في تاريخ مبكر فانها كانت بسيطة لاتتجاوب ما كان المترجمون لهم ينصون عليه من أنهم كانوا مجابي، الدعوات، على أنها في القرن الثالث اصبحت تتجاوز ذلك إلى مظاهر أكثر تعقيدا وأقرب الى ما كان يعرف عن كرامات الصوفية، وقد نسبت الى بقي بن مخلد القرطبي المتوفى سنة 276 احدى هذه الكرامات اذ يذكر ان امرأة جاءت الى بقي فقالت ان ابنها قد اسره الروم وليس لها مال لتفديه، فتمتم بكلمات فما كانت الا أيام حتى حضر الشباب الاسير الى أمه معلما الناس انه في الوقت الذي نطق بقي بن الله قد استجاب لدعوة أمه فيه، والغريب أننا نرى أن روايات هذا الخبر كلها تنتهي الى عبدالكريم بن هوزان القشيري صاحب الرسالة الى الصوفية دون أن يذكرها من ترجموا لبقي من قدماء الأندلسيين، وهو خبر قريب من كرامة تؤثر عن ذي النون المصري: فقد جاء في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ان امرأة اختطف التمساح ولدها فأسرعت إلى ذي النون فدعا الله بدعاء، رد إليها ولدها بعده سليما معافى، والكرامتان كما نرى متشابهتان لولا أن كلا منهما متأثر هذا ببيئة مصر وذلك ببيئة الأندلس.
    ويذكر ابن الفرضي في ترجمة يحيى بن قاسم بن هلال القرطبي المتوفى في سنة 287 انه كان من العباد وكان يطلق عليه إسم "صاحب الشجرة" وتفسير ذلك أنه كانت في داره شجرة تسجد لسجوده إذا سجد.
    على أنه كما بدا التصوف في المشرق بتلك العبادات أوالرياضات الدينية والميل الى حياة متزهدة متشقفة ثم انتهى الى أن اصبح تأملا عقليا وجدانيا خالصا، فكذلك كان الأمر في الأندلس، بدأ التصوف يستقل عن تلك الحياة الزهدية، وبدأت معالجة تتجسم بشكل واضح، واننا نرى أن ذلك انعكس في مظهرين:
    الأول أن هذه العبادات بعد أن كانت مزيدا من التدين يزاوله افراد متفرقون لا تجمعهم صلة أصبحت منذ أواخر القرن الثالث رابطة تجمع بين نفر من العباد يقيمون في متعبد خاص بهم، فإننا نجد ابن الفرضي في ترجمة أحد هؤلاء وهو اصبغ بن مالك القبري المتوفى سنة 299 انه يجتمع إليه أهل الزهد والعبادة فيتذاكرون في داره، وكان يعيش في يشتر، وهي تلك القلعة المنيعة التي كان يتحصن بها عمر بن حفصون الثائر على الخلافة الاموية، بل ان هذه الرياضات الدينية لم تعد قاصرة على الرجال بل اشترك فيها النساء كذلك، يذكر ابن الابار أن أم الحسن بنت أبي لواء سليمان بن أصبغ المكناسية وهي من بيت بني وانوس البربري كانت قد أقامت مسجدا لصق بيتها في فحص البلوط شمال غربي قرطبة، فكان يقصدها صوالح نساء اهل ناحيتها يتذاكرون سير العابدين والعابدات، ويقول انه كان لها ببلدها لذلك شان كبير، ومما يلفت نظرنا في هذين الخبرين ان هذه المتعبدات التي كان يقيم اهل الصلاح والعبادة من الرجال والنساء لم تكن مثل اربطة ثغور افريقية التي كان يقيم بها عدد من النساء يقومون بالجهاد والعبادة في آن واحد، وانما كانت اماكن للعبادةفقط اذ هي بحكم موقعها كما نرى بعيدة كل البعد عن ثغور المسلمين المتاخمة لبلاد النصارى، فيشتر تقع على الجبال المحيطة بغرناطة، وفحص البلوط في المنطقة الجبلية المحيطة بقرطبة، ومعنى ذلك أنها كانت أشبه بالزوايا المخصصة لحياة تأملية روحية صرف، ثم اننا نلاحظ انه قد روعي في اختيارها أنها اقيمت في جهات جبلية وعرة تعين على الانقطاع والاعتكاف الكامل على نهج ما نرى في كل حياة صوفية خالصة.
    اما المظهر الثاني الذي أشرنا الى بروزه في هذه الفترة دالا على تميز الصوفية عن العباد في الأندلس فهو بدء اصطدامهم بالفقهاء من المحافظين على سلامة العقيدة في جوهرها ومظهرها، وقد رأينا أن هذه الحياة المتعبدة لم تجد من الفقهاء في الأندلس اعتراضا ولا نقدا حتى الآن، بل ان هؤلاء الزهاد كانوا موضع احترام وتبجيل من الجميع اذ كانوا في نظرهم قوما صالحين مقبلين على العبادة دون أن يرى احد في أفعالهم أو أقوالهم ما يتعارض مع الشريعة، اما في أواخر القرن الثالث فقد ظهر من هؤلاء العباد ما بدا الفقهاء ينظرون اليه في ريبة وتشكك.
    واول من يمثل لنا هذا الاصطدام بين الفقهاء وبين هؤلاء العباد الذين لا نسرف اذا سميناهم صوفية بمعنى الكلمة هو يمن بن رزق الطيلي الذي احتفظ لنا ابن الفرضي ببعض اخباره، وكان أصله من قرية بالثغر بجوار تطيلة أي في أقصى شمال الأندلس، ويبدو أنه كان من أهل السياحة اذ يذكر أن وفاته كانت بالمشرق بعسقلان وأن قبره هناك كان موضع تبجيل المسلمين بهذه المدينة، وقد كانت عسقلان في أرض الشام من المدن التي اشتهرت باربطتها ومتعبداتها، ويظهر انه استقر فترة من حياته في القيروان، إذ أن معظم أخباره ينتهي إلى مواطن له اندلسي عاش في افريقية حتى وفاته هو يحيى بن عمر الأندلسي تلميذ سحنون، ويذكر يمن انه لما أوشك على الاحتلام رأى كان قفل نحاس على قلبه ثم نظر الى مفتاح القفل بين يديه ففتح به ذلك القفل، ومثل هذه الرؤيا اشبه بما كان يعرض لأهل التصوف مما كان يتفق للزهاد، ويذكر يحيى بن عمر انه كان يعتكف في بيته النهار كله لا يخرج إلا للصلاة مع الجماعة ثم يعود، وانه لم يكن في داره الا حصير ينام عليه ومصحف ثم الكتاب الذي وضعه هو وسماه "الزهد" وانه كان إذا أراد شراء شيء أو التصدق بشيء أدخل يده تحت الحصير فأخرج دراهم صحاحا كبارا.
    اما كتاب "الزهد" الذي وضعه يمن فلا نعرف عنه الا ما اثاره من حملة الفقهاء عليه سواء في القيروان أو قرطبة، أما في القيروان فقد افتى بالنهي عن قراءته محمد بن مسرور المعروف بابن الحجام، وأما في قرطبة فقد صرح بمثل ذلك احمد بن خالد المعروف بابن الحباب الذي كان يصف يمنا بانه "صاحب وساوس"،وعلى الرغم من هذا الحكم فقد عكف على كتاب "الزهد" نفر من صوفية الاندلس نذكر منهم زاهدا سجلماسي الاصل يدعى جساسا كان يذيع هذا الكتاب وينشره في متعبد له بثغر مجريط "مدريد الحالية" خلال القرن الرابع الهجري، وعن جساس المذكور رواه عبدالرحمن بن خلق الاقليشي المتوفى سنة 347، وليس لدينا شك في ان ما احتواه كتاب الزهد ليمن بن رزق كان أكثر بكثير مما يدل عليه عنوانه اذ لو كان مجموعة من المواعظ الزهدية لما أثار ثائرة الفقهاء، بل يبدو لنا كتابا صوفيا بمعنى الكلمة.
    وننتقل الآن الى أقدم شخصية اندلسية صوفية ظهرت خلال أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري وكان لها اثر كبير بعد ذلك في الحياة الروحية بهذه البلاد حتى ابن عربي المرسي في القرن السابع الهجري، ونعني بهذا شخصية ابن مسرة الجبلي القرطبي المتوفى سنة 319، ولا يتسع المجال هنا الى التحدث بما كنا نؤمل من تفصيل عن هذا المتصوف الاندلسي العظيم، وقد افرد بحثا لدراسته المستشرق الاسباني اسين بلايتوس استطاع فيه ان يعيد تكوين صورة لمذهبه الذي اندثر وان كان قد ترك آثارا عميقة في الفكر الأندلسي بعد ذلك.
    وقد ولد محمد بن عبدالله بن مسرة في سنة 269، وكان ابوه رحل الىالمشرق فسمع من علمائه قبل ذلك واتجه الى الآراء الاعتزالية والكلامية مع تدينه ونسكه ثم عاد فأودع ابنه محمد علمه ثم رحل ثانية الى المشرق فتوفى هناك، أما ابنه محمد فإنه واصل اتجاه والده وكانت له كذلك رحلة الى الشرق حيث درس مع كبار صوفيت هو أهل الكلام فيه، وينص ابن الفرضي على أنه كان يتكلم على تصحيح الأعمال ومحاسبة النفس على حقيقة الصدق وغير ذلك من اشارات الصوفية في نحو من كلام ذي النون الاخميمي وابي يعقوب النهرجوري الذي كان تلميذا غير مباشر لذي النون، وقد عاد ابن مسرة بعد ذلك الى بلده، فاستقر في دار له بناها على جبل العروس، أو الجبل الأسود في شمالي قرطبة، وكان يحيط به عدد من تلاميذه، حتى توفي سنة 319.
    على أن كتب ابن مسرة وتعاليمه حينما عرفت وذاعت كانت موضع حملة الفقهاء في أيام هشام المؤيد بن الحكم المستنصر فأحرقت كتب المسريين بأمر قاضي الجماعة محمد بن يبقي بن زرب، وتعقبت السلطات أفراد هذه المدرسة متهمة اياهم بالزندقة.
    وقد نص المترجمون لابن مسرة على تأثره العميق بآراء ذي النون المصري وتلاميذه من بعده والواقع أن الذي يتتبع ما حفظ لنا من آراء الصوفي الأندلسي في كتاب انفصل لابن حزم والفتوحات المكية لابن عربي وغيرهما من المراجع المتأخرة ليلاحظ بالفعل أن هناك تشابها بينها وبين آراء ذي النون.
    وأول ما نلاحظه من ذلك أن تصوف ذي النون كان خطوة في سبيل تكوين فلسفة وحدة الوجود التي فصلها ابن عربي والتي أشار الى انها تستمد من رأى لذي النون في العرش.
    كذلك نشير إلى كلام ذي النون عن اسم الله الاعظم الذي يعتبر العلم به قمة المعرفة، وقد كان هذا أيضا من أسس الفلسفة المسرية وتناوله محيي الدين بن عربي بحديث مفصل كان له أثر بعيد في التصوف المسيي في العصور الوسطى.
    ونلاحظ أيضا أن ابن مسرة اتبع في سلوكه طريقة تشبه تلك التي استنها ذو النون، فقد اجتهد المتصوف الاندلسي في أن يكون له ظاهر يقتنع به العامة والفقهاء باعتباره عابدا ناسكا بينما يحتفظ لنفسه ولخاصة تلاميذه بأرائه التي قد تبدو للجمهور بعدا عن الشريعة أوخروجا عليها، وهوفي هذا يشبه ما كان يجري عليه ذوالنون كما سبق ان أوردنا من التفريق بين سلوكين واحد للعامة وآخر للخاصة.
    على أن هناك فرقا واضحا بين تفكير الرجلين: فذو النون كان صوفيا بمعنى الكلمة عدوا للآراء المعتزلة، منابذا لأهل الكلام، مناهضا لارائهم في حرية الارادة حتى انه تعرض للاضطهاد من أجل ذلك، أما ابن مسرة فقد ابتدع منهجا غريبا مزج فيه بين التصوف والاعتزال، حتى ان التهمة الكبرى التي وجهت اليه هو وأصحابه كانت أخذهم بما قال به المعتزلة من نفي القدر، والاستطاعة أي حرية الإرادة.
    على أن ابن مسرة لم يكن هو المفكر الأندلسي الوحيد الذي استمد لآراء ذي النون الاخيمي فقد ظلت قداسة الامام المصري تاسر الباب الاندلسييين بعد ذلك بمدة طويل، ولعل ذلك يرجع الى اعتدال ذي النون وعدم تطرفه في تصوفه اذا قسناه بغيره من متصوفة العراق، او ايران مثل ابي يزيد البسطامي، او الحلاج
    وقد ألف ابن شعبان المعروف بابن القرطبي كتابا سماه "مواعظ ذي النون الاخميمي "متناقلا في الاندلس،وابن شعبان المذكور فقيه اندلسي الاصل استقر بمصر واصبح رئسا للمذهب المالكي بها خلال هذا االقرن الرابع الهجري،كما عرفت بالاندلس خلالا هذا العصر مؤلفات منسوبةالى ذي النون نذكر منها رسالة "سؤال ذي النون المصري بعض الزهاد عن صفة المؤمن "وهي رسالة اذاعها في الاندلس مسلمة بن القاسم القرطبي المتوفي سنة 353 والذي عرف عنه اهتمام بالفلسفة وعلوم التصوف، ولهذا فاننا نجد ان أخبار ذي النون واقواله يتردد صداها في الاندلس كثيرا في ذلك الوقت وتحتفظ بها المراجع الأندلسية كما نرى في كتاب جامع بيان العلم ابن عبد البر، والصلة ابن بشكوال الذي يقص علينا خبرتوبة ذي النون أي تحوله الي الطريقة الصوفية بشكل غريب يختلف عما تذكره كتب التصوف المشرقية :
    وعلى الرغم مما كانت تبديه السلطات الرسمية والفقهاء المالكيون من ضيق بأقوال المتصوفية فقد ظهرت في خلال القرن الرابع شخصيات صوفية لها مكانتها،ولو ان الأغلب على هؤلاء هو انهم كانوا يذهبون الى تصوف معتدل مثل ما رايناه من الصوفي المصري الكبير، كذالك اتجه التصوف الى الجمع بين التأمل النظري والعبادة العملية ولاسيما الجهاد الذي كان متنفسا لهذه النزاعات الروحية ولا سيما في ذاك العصر ااذي بلغ الجهاد فيه ضد نصارى الشمال ذروته في ايام الحاجب المنصور بن أبي عامر.
    ومن هؤلاء مخارق بن الحكم بن مخارق القرطبي الذي يذكر ابن القرضي أنه كان من زملائه في الدراسة، وكان من العابدين المتهجدين ويقال انه كان مجاب الدعوة، وانه حج على قدميه ثم عاد فكان يتقوت من عمل يديه، وخرج الى أرض الحرب مجاهدا فاستشهد في الغزاة التي فتح فيها المنصور العامري قلنبرية (في البرتغال الآن) سنة 377.
    ومنهم كذلك محمد بن طاهر القيسي التدميري الذي تسميه المراجع الزاهد الشديد، وكان قد رحل الى المشرق فسمع من الفقهاء والمحدثين والزهاد وجاور الحرمين ثماني سنوات، وظهرت له في المشارق دعوات مجابة وكرامات ظاهرة ثم انصرف إلى الأندلس مجيبا دعوة والده وكان لا يزال يكتب إليه مع حجاج الأندلس يستدعيه، فلما قدم تدمير تنكب نزول مرسية عاصمة الاقليم لسبب رآه لم يكن يستحل معه سكنى مرسية ولا الصلاة في مسجدها الجامع ونزل قرية بخارجها نسبت بعد ذلك إليه وابتنى لنفسه بيتا من الحطب والشعر كان يأوي اليه، وكانت له هناك جنينة يعمرها بيده ويتقوت منها، وكان مع ذلك لايدع الجهاد مع المنصور العامري وشهد معه فتح سمورة وقلنبرية ثم سكنى قريته واستقر بالثغر وواصل الرباط وكانت له في الباس والشجاعة حكايات عجيبة، ثم مازال يرابط في طلبيرة، وكانت ثغرا من اعمال طليطلة حتى استشهد في سنة 379 ، وتروى عن هذا الرجل الصالح قصص في جهاده باليد واللسان تسطر اسمه في سجل اعاظم الرجال، ويذكر عنه في مصر انه كان السبب في أن يهوديا من كبار رجال الدولة اعتنق الاسلام بعد رؤيا رآها الزاهد الاندلسي .
    كذلك اهتم بعض متصوفة الاندلس بالتقليد الذي كان شائعا في المشرق وهو السياحة الصوفية، ومن هؤلاء عطية بن سعيد المتوفي سنة 409 والذي طاف بلاد المشرق حتى وصل الى بلاد تركستان وما وراء النهر وكانت له مكانة جعلت اصحاب ابي عبد الرحمن السلمي صاحب طبقات الصوفية يلتقون به حتى ضاق به الصوفي البغدادي واورد له مترجمون كرامات كثيرة، كما ألف في التصوف كتبا تناقلها الناس، وكان له اهتمام بجمع اخبار ذي النون المصري، وقد اورد الحميدي والخطيب البغدادي في ترجمته ابياتا ينسبها الصوفي المصري يقول فيها
    اقلل مابي فيك وهو كثير
    وازجر دمعي عنك وهو غزير
    وعندي دموع لو بكت ببعضها
    لفاضت بحور بعدهن بحور
    قبور الورى تحت التراب وللهوى
    رجال لهم تحت الثياب قبور
    سأبكي بأجفان عليك قريحة
    وارنو بالحاظ اليك تشير
    ومن هؤلاء المتصوفة السائحين محمد بن شجاع الصوفي الذي رآه الحميدي في نحو سنة 430 وتوفي قريبا من ذلك، ويروى عنه خبر يصور اعجابه بتلك الحياة الروحية التي كانت منتشرة في مصر حتى بين فتياتها الصغيرات.
    وقد دخل إلى الأندلس بعض صوفية المشرق برسم السياحة أيضا نذكر منهم ابراهيم بن علي الديلمي الخراساني دخل الأندلس سنة 358 بعد أن لقي بالشام أبا عبدالله الروذباري وبالمغرب ابا الخير التيناتي الاقطع وغيرهما من العباد، وجدير بالذكر أن أكثر من ذكرهم من مشايخ التصوف كانوا من بين من اتصلت روايتهم بذي النون المصري، على أن هذا الصوفي لم يقم بالأندلس الا قليلا ثم خرج عائدا إلى المشرق.
    ومنهم ظاهر بن محمد البغدادي المعروف بالمهند وفد على الأندلس سنة 340 في أيام عبدالرحمن الناصر، وتكسب بشعره ثم نسك آخر عمره ويقول ابن الفرضي أن له في الزهد رسائل عجيبة ومقالات على مذاهب المتصوفة الا انه كان قليل الشهود بقرطبة وتوفي سنة 390، اما الحميدي فيقول انه حكيت عنه أخبار تشبه اخبار الفكرية وتقابل طريقة الحلاج وغلو في ذلك يسيء الظن به، ولعله كان لذلك منقطعا الى ضيعته قليل الشهود بقرطبة كما ذكر ابن الفرضي.
    ومنهم حكم بن محمد القيرواني الذي تلمذ بمصر على بنان الحمال وكان من التلاميذ غير المباشرين لذي النون المصري، ثم عاد إلى افرقية فاضطهده الشيعة فخرج إلى قرطبة وظل بها حتى وفاته سنة 370، وقد نص ابن خير في فهرسته على أن حكما هذا اذاع في الأندلس كثيرا من كتب الزهد أو الرقائق لعبد الله بن المبارك، والرقائق للفضيل بن عياض، والزهد لأحمد بن حنبل، وفضائل التابعين لسعيد بن اسد بن موسى، وكتب ابن أبي الدنيا، على أن حكما كما نرى من حياته وخصومته للشيعة، ثم من الكتب التي نشرها في الأندلس لم يكن من غلاة المتصوفة بل ربما كان أقرب إلى الزاهد البسيط الورع منه الى الصوفية.
    وقد انتشر في الأندلس في هذا العصر إنشاء الروابط، وقد رأينا أمثلة لذلك فيما سبق، وهي روابط لم تكن للجهاد على ثغور المسلمين فقط، بل لمجرد الاعتكاف والعبادة، ومن أمثلة ذلك رابطة اقامها الخليفة هشام بن الحكم المؤيد اثر رؤيا لاحدى جواريه في قرطبة، كذلك كثر انشاء الزوايا على ما يذكر ابن حزم في كتاب الاخلاق، وكان الغرض منها علميا دينيا فضلا عن اكرام الغرباء وتيسير المعيشة لهم.
    وعلى الجملة فان التصوف الاندلسي ظل حتى انتهاء القرن الرابع كما عرضنا اقرب الى البساطة واشبه بالتصوف المصري البعيد عن التطرف، وكانت الحياة الدينية مقرونة دائما بالعمل الصالح ولا سيما بالجهاد، وفي ذلك يقول ابن سعيد: "وما طريقة الفقراء على مذهب اهل الشرق في الدورة التي تكسل عن الكد وتخرج الوجوه للطلب في الأسواق فمستقبحة عندهم إلى النهاية" وهو أمر يدلنا على أن الأندلس في تأثرها بالمشرق لم تخل حتى في حياتها الدينية والروحية من خصائص تميزها عن سائر بلاد الشرق الإسلامي.
                  

03-18-2014, 04:24 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)



    التصوف بالغرب الإسلامي .. صفحة السياسة وهامش الثقافة / عبد الجليل شوقي
    د. عبد الجليل شوقي
    abduljalyl shawqiلقد عرفت ظاهرة التصوف بالغرب الإسلامي انتشارا واسعا منذ القرن الهجري الثالث مع مدرسة ابن مسرة،

    وما لبث أن تطور من صفته الساذجة البسيطة الملتصقة بالزهد والتقشف والإنزواء في الجبال والكهوف، إلى حركة –أو لنقل كما قال ابن خلدون- إلى علم حادث في العلوم الشرعية، له أفكاره ونظرياته وتياراته، وإن كانت في أغلب الأحيان غير متجانسة نظرا للطابع الذاتي الذي يميز هذا العلم، فكل ذات هي تيار صوفي مستقل، وفي سبيل إضاءة عتمة هذه القضية ولو جزئيا، أتطرق في هذه المداخلة إلى بعض المفاهيم الصوفية قصد التنبيه إلى إشكالية تداخلها، ثم بعد ذلك الوقوف عند تعريف التصوف باعتباره مصطلحا أدبيا ودينيا، بالبحث عن أصوله ونشأته، حيث يتبدى لنا أنه يتشكل من عدة تيارات مختلفة في العصرين المرابطي والموحدي، سواء تعلق الامر بالتصوف الاسلامي أم بالتصوف اليهودي.

    لا يخفي على كل من نبش في الفكر الصوفي بالغرب الإسلامي وجود مادة مهمة من هذا التراث، وإن كانت الكثير من مصادره لازالت مخطوطة، ومنها ما هومفقود، وهي تحكي ثورة الصوفي المنزوي في هامش الحياة السياسية، الغارق في بحر تأملاته وسعيه الذؤوب للاتحاد مع المطلق. وتحكي تبادل الأدوار بين الهامش والصفحة، بين الثقافة المعاكسة والثقافة الحاكمة.



    1- مفاهيم صوفية.

    إن دراسة الفكر الصوفي عامة، تفترض بداية وضع حدود بين مفاهيمه الكثيرة، والتي تتداخل حينا وتستغرق بعضها البعض أحيانا أخرى، وتترادف أحايين أخرى، ولهذا كان لزاما الوقوف عندها بغية إنارتها باعتبار ذلك مدخلا لهذه المداخلة:



    أ- الطريقة.

    تعتبر الطريقة في النظم الإجتماعية تجسيدا للمنهج في المجال الديني على شكل تنظيم هرمي لإتباع ذلك المنهج تحت توجيه وإشراف رائد ملهم، يدين له أتباعه بالتعظيم والتبعية الفكرية والروحية[1]، وفي مجال التصوف هي عبارة عن مجموعة أفراد يتبعون شيخ الطريقة، ويخضعون لنظام دقيق في السلوك الروحي، ويحيون حياة جماعية يتخللها إجتماعات دورية في مناسبات معينة، ويقصدون مجالس الذكر والعلم بصورة منظمة في الزوايا والربط[2]، إلا أن هذا المفهوم أحيانا يختلط بمصطلحات أخرى، فمثلا "في المغرب تعني الزاوية الطريقة"[3].



    ب- الزاوية.

    عرف ابن مرزوق الزاوية في مسنده بأنها "تلك المواضع المعدة لإرفاق الواردين وإطعام المحتاج من القاصدين[4]، ويطلق أهل الشرق على الزاوية "الرباط" أو الخانقاة[5]، ومن هنا نجد تداخل آخر بين المفاهيم، حتى أننا نجد في بعض الإطلاقات أن الزاوية أعم من الرباط[6].



    ج- الرباط.

    يعرف الفقهاء الرباط بكونه عبارة عن احتباس لنفس في الجهاد والحراسة[7]، ويعرفه المتصوفة بأنه عبارة عن الموضع الذي تلتزم فيه العبادة[8]، واستخدمت كلمة الرباط في المجتمع المغربي علما على الأبناء الذين رابط أسلافهم أو كانوا رؤساء زوايا على اعتبار استمرار الصفة عن طريق الوراثة[9].

    ومما سبق نجد أن خصيصة المكان في كل من المفهومين: "الزاوية" و"الرباط" تزيد من قوة التداخل بينهما، وأما الطابع الجهادي للرباط فيجعله يتداخل مع مجموعة من المصطلحات الشائعة في مجال الجهاد مثل: المحرس لحراسة الثغور؛ الحصن؛ القلعة؛ البرج أو المنظرة المستعملة للمراقبة؛ القصر. وأما خصيصة الرباط التعبدية فإنها تجعله يختلط مع مفهوم إسلامي آخر هو المسجد.

    وبتأمل هذه المفاهيم قد لا نلوي إلا على فكرة واحدة مفادها أن هناك تداخلا كبيرا بين هذه المفاهيم الصوفية، ولعل ذلك راجع إلى ما قاله ابن خلدون من أن هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة[10]، فلم يتسن الوقت الكافي لتتبلور مفاهيمه بشكل دقيق، وكذلك إلى كونه ساحة انصهار المتناقضات، فهناك الغلو في الدين، والتساهل فيه، وهناك طابع الإنخراط في المجتمع والإنزواء عنه، والحرب والسلم، والتشدد والتسامح... وهذا التداخل بين المفاهيم، ارخى بظلاله على التداخل داخل المفهوم الواحد، وهو بالضبط ما عرفه مفهوم التصوف من صعوبات في التعريف؛



    2- تعريف التصوف.

    لم يستطع الدارسون لعلم التصوف أن يتفقوا عند تعريف محدد وواضح له، فتعددت التعاريف بتعدد وجهات النظر، الشيء الذي جعل الدكتور حسن جلاب[11] يقول بإن هؤلاء الدارسين أوصلوا عدد التعاريف إلى ألف تعريف واردة في كتب التصوف والطبقات، وارتبطت هذه التعاريف بتحديد أصل التصوف ومصدره، فهناك من يقول بالأصول الإسلامية، وهناك من يقول بالأصول غير الإسلامية ويشتقون الكلمة من "سوفيا" اليونانية التي تعني الحكمة، أو من "جيمنوسوفيا" الحكيم الهندي، ومن الصوف الذي كان المسيحيون الرهبان يلبسونه. وأما الذين يردوه إلى أصول إسلامية، فسنكتفي ببعض التعاريف:



    أ-ابن سينا.

    يفرق ابن سينا بين الزاهد والعابد والعارف، يقول: "عن الزاهد هو المعرض عن متاع الدنيا وطيباتها، والعابد هو المواظب على القيام بالعبادات من صلاة وصيام وقيامها وغيرها، أما العارف فهو ذلك الإنسان المنصرف بفكره إلى الله مستديما لشروق نور الحق في سره"[12]، والنتيجة التي توصل إليها ابن سينا هي اجتماع الزهد والعبادة في التصوف وليس وجود التصوف في الزهد أو العبادة وحدهما، فكل صوفي زاهد وعابد، وليس كل زاهد أو عابد صوفي، فالتصوف اسم جامع لمعاني عديدة كالفقه والزهد والنسك والعبادة وغيرها من المعاني التي تندرج تحت التصوف.



    ب-أبو القاسم القشيري.

    يقول: "ولا يشهد لهذا الإسم اشتقاق من جهة العربية ولا قياس والظاهر أنه لقب ومن قال اشتقاقه من الصفا أو من الصفة فبعيد من جهة القياس اللغوي قال وكذلك من الصوف لانهم لم يختصوا بلبسه"[13].



    ج-ابن خلدون.

    يقول: "والأظهر إن قيل بالإشتقاق أنه من الصوف وهم في الغالب مختصون بلبسه لما كانوا عليه من مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب إلى لبس الصوف"[14].



    د- الجنيد.

    يقول: "التصوف أن يميتك الحق عنك ويحييك به "[15].

    هـ-عبد القادر الجلاني الحسني.

    يقول: "التصوف هو الصدق مع الحق وحسن الخلق مع الخلق"[16].

    و-التصوف اليهودي.



    يعتبر التصوف ظاهرة تعبدية عالمية عرفته العديد من الديانات والثقافات، بحسب خصوصياتها ومرجعياتها، ويعتبر المصطلح الصوفي العبري "وبقوت" ويعني بالضبط "المشاركة والإلتصاق والعشق" أكثر مما يعني الإتحاد والحلول لا غير"[17]، كما هو الشأن عند المسلمين، والتصوف اليهودي هو الذي يعرف بـ "القبالا" يصل بواسطة "دبقون" إلى درجة أسمى، وذلك بتحقيق أمر إعادة بناء الوجدانية الإلهية التي دمرتها الخطيئة الأولى، وبإعادة التناغم الكوني (والشامل)، وهذه نفسها ترتبط –عندهم- بمجيء المخلص المنتظر[18].

    ملاك الأمر؛ كل تعريف من هذه التعاريف غير قادر على الاحاطة بالمفهوم وتحقيق تعريف شامل.



    3-نشأة التصوف

    للحديث عن نشأة التصوف، يجب أن ننظر إليه بشكل شمولي يفرق فيه بين الشق المعجمي المعياري للمصطلح باعتباره فكرة عرفتها الإنسانية منذ وجودها على الأرض، فمثلا يقول عز وجل في القرآن الكريم: "إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا"[19]، فقد فسر ابن كثير هذه اللآية بقوله: "يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم، لئلا يفتنوهم عنه، فهربوا منهم فلجؤوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم"[20]، ويضيف القرآن الكريم في نفس السورة: "وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته و يهيئ لكم من أمركم مرفقا"[21].

    ودونما حاجة للإسترسال في إيراد مثل هذه الآيات والأمثلة، فإن الشق المهم من التصوف عندنا هو تلك الظاهرة العامة التي عرفتها الدولة الإسلامية متمثلة في العكوف على العبادة والإنقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزهد فما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه والإنفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان عاما في الصحابة والسلف[22]، فكانت النشأة الأولى للتصوف نقيا من الشوائب لم يخالفه زيغ ولا شطط وذلك لأن هؤلاء العلماء من السلف كانوا ملتزمين بالكتاب والسنة[23]، ولم يعرف صورته الملموسة باعتباره اتجاها قائم الذات إلا في القرن الهجري الثاني، حيث برز على الساحة بشكل قوي، باعتباره حركة دينية إصلاحية ردا على ما آلت إليه الأوضاع تاريخئذ، فقد فشا الإقبال على الدنيا، وجنح الناس إلى مخالطتها[24] وكذا لخروج الإسلام عن حدود البيئة الصحراوية التي نشأ فيها، وما ترتب عن ذلك من عوامل المثاقفة مع تلك الأمم التي كانت على حظ كبير من الفلسفة والعلم والحياة الروحية العميقة[25]، فاختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية أو المتصوفة[26]، واستمر هذا التيار إلى القرن3هـ وما بعده، فدخل مرحلة أخرى سميت بالطريقة، والتي أفرغت من مضمونها الأيديولوجي لتنقلب إلى مشيخات كان لها دور في عملية التخدير الإجتماعي كالإيمان بالأولياء والسادة والأدعية[27].

    وكغيرها من القضايا الإسلامية فقد كان للمستشرقين رأي في نشأة هذا التصوف، فأرجعه المستشرق "نلكسون" إلى نزعة الزهد التي سادت القرن الهجري الأول في المجتمع الإسلامي نتيجة عاملين هما: المبالغة في الشعور بالخطيئة، والخوف الشديد من العقاب في الآخرة[28]، وهو رأي يمكن أن نستشف منه دور الحياة الروحية ونزعة الإيمان في نشأة التصوف، الشيء الذي يدفعنا لطرح السؤال حول العوامل الأخرى لنشأته، لنجد أنفسنا –كغيرها من اللحظات- أمام دور السياسة في ذلك، فعلى المستوى نظام الدولة الإسلامية الداخلي، فقد كثرت الفتن الداخلية التي بدأت بمقتل الخليفة عثمان بن عفان، وقيام الحروب الاهلية بين أنصار علي وأنصار معاوية، وكذا حين أصبحت الخلافة وراثية محصورة في أسرة واحدة[29]، ولهذا رفض الزهاد الإستبداد الأموي واحتجاجهم السلبي على تنكيلهم بخصومهم وقتلهم للمسلمين ومنهم آل البيت[30]، بالاضافة إلى اتساع رقعة العالم الاسلامي ودخول الكثير من العادات والتقاليد الغريبة عن الإسلام، وتخلي المسلمين تدريجيا عن كثير من أمور الدين، الشيء الذي أدى ببعض المسلمين إلى إيثار حياة العزلة والعبادة تورعا وابتعادا عن الإنغماس في الفتن السياسية.

    وأما على المستوى الإجتماعي، فقد تفاحش التمايز الطبقي بازدياد الطبقة الحاكمة ثراء، وفقر الفئات الإجتماعية[31]، وظهور حياة البذخ والترف، وهو تغيير كبير عما عهدته الأمة الإسلامية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين، فقد فتح المسلمون بلدانا كثيرة وغنموا من وراء ذلك غنائم كثيرة، مما أدى إلى ظهور ثراء في المجتمع الإسلامي مقترنا بحياة الترف وما يستتبع ذلك من انحرافات[32]، وقد كان –كذلك- للعامل الإقتصادي دور كبير في نشاة التصوف، فحين يرى المعدم للمال والنعمة في يد غيره يشعر بالحرمان، ومن تم يلجأ إلى التصوف محدثا نفسه أنه وإن كان قد حرم من نعيم الدنيا فعليه بنعيم الآخرة[33]، وإن كان هذا العامل في نظري غير دقيق، يقلل من شأنه وجود متصوفين كثر أغنياء، وهو عامل ردده العديد من الباحثين، وإن كنت أرى أن وجوده ضروري، لكن بشرط أن ينظر إليه باعتباره عاملا واحدا من عدة عوامل تتجتمع لتفسير قضية نشأة التصوف.

    إلى حدود هذه النقطة-أي القرن 3هـ- لازال التصوف عبارة عن ظاهرة أساسها هو الزهد في متاع الدنيا الناتج عن رد فعل حيال الازمة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والنفسية التي عرفتها الدولة الإسلامية، لكن الذي يهمنا هو ذلك التحول من السلوك العملي الصرف الذي نجده في الزهد، إلى تعامل السلوك مع النظرية أي الإنتقال من التطبيق إلى التنظير، و يحدد د. حسن جلاب أسباب هذا الإنتقال[34]:

    ü الخلوص إلى مفاهيم نظرية وفلسفية بعد تأمل دام من منتصف القرن الأول إلى القرن الثاني هجري.

    ü التطور الفكري الذي عرفته آخر القرن الهجري الثاني والقرنين الهجريين الثالث والرابع بازدهار الترجمة وتلاقح التراث الفكري العربي بالتراث الفكري لشعوب وأمم اخرى (اليونان...)".

    وإذا يممنا وجهنا شطر الاندلس، نجد أن التصوف الأندلسي قد انطلق مع ابن مسرة (269هـ/318هـ) في نهاية القرن الهجري الثالث وبداية القرن الهجري الرابع، "وهو اتجاه تميز بنزوعه نحو التلفيق الذي يجمع الزهد إلى آراء ونظريات فلسفية ذات أصول غنوصية إشراقية وأفلاطونية محدثة"[35]، وأضاف المستشرق الإسباني آسيي بلاسيوس أن الطابع التلفيقي في فكر ابن مسرة القائم على تبني آراء ما يعرف بأمبادوقليس المنحول[36]، وبعد ذلك انتشرت مدرسة ابن مسرة في مختلف الأمصار وطعمت بأفكار أخرى شيعية وأخرى شاذة.

    وأما في المغرب فقد ظهر التصوف في العصر المرابطي، باعتباره نتيجة للتغيرات التي عرفها المجتمع بالإنتقال من عيش بسيط بدوي يغلب عليه الزهد في عهد عبد الله بن ياسين، إلى حياة الدعة والمجون في عهد علي بن يوسف[37]، وكذا إلى تفاقم الظروف وظهور الأزمات، وهذا السبب الأخير، كان محط اهتمام الباحثين الأوربين، فقد اعتبر "لوبينياك" أن الظاهرة الصوفية جاءت كرد فعل ضد الفشل الذي منيت به ثورات الخوارج، بينما عزا "ألفرد بل A.bel" ذلك إلى العقلية المغربية المجبولة على الإعتقاد بثنائية قوى الخير والشر[38]، واما "بالنثيا" فلم يكلف نفسه عناء البحث في عوامل نشأة التصوف المغربي في العصر المرابطي، واعتبره مجرد استمرار لحركة ابن مسرة التي ذاع صيتها في الأندلس منذ النصف الثاني من القرن الثالث هجري[39].

    وبغض النظر عن كون الأزمة عامل ضروري في ظهور التصوف في المغرب، فإن عوامل أخرى تظافرت معها، فعلى المستوى السياسي، احتكر اللمتونيون والمالكية الحكم، مما أجج تدمر المتصوفة المنتمية للشعب، وعلى المستوى الإجتماعي ظهور التفاوت الطبقي بين الساسة والوجهاء وكافة الشعب، وكذا ظهور الأمراض والأوبئة والمجاعات...

    وظاهرة التصوف أو علم التصوف، منذ نشأته انقسم الباحثون والكتاب فيه إلى فئات ما بين مؤيد ومعارض، فالقائلون بإيجابياته يعتبرونه منهجا روحيا يصقل الذات ويطهر النفس، ويعمق العقيدة، وهو الملاذ الوحيدة للبشرية والمنقذ لها مما تعانيه من تخمة حضارية غلبت المادة على الروح، وأما القائلون بسلبيته فيحملونه مسؤولية ما آلت إليه الأمة الإسلامية من تأخر وانحطاط[40]، وظهرت على مر التاريخ عدة تصانيف منها:

    ü لمع الصوفية لأبي نصر السراج.

    ü قوت القلوب لأبي طالب المكي.

    ü حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني

    ü طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمان السلمي.

    ü صفوة التصوف محمد بن طاهر المقدسي.

    ü إحياء علوم الدين الإمام الغزالي.

    اختلاف تعاريف التصوف وما خلفه من تعدد عوامل نشأته كان دافعا في ظهور العديد من التيارات الصوفية التي كانت تعبر عن خلفيات سياسية ودينية واجتماعية معينة منحت تميزا يسمح لها بان تشكل تيارا وذلك على مر تاريخ التصوف المغربي، الذي قسمه علال الفاسي إلى أربعة عصور: العصر الأول يتمثل في عهد أبي مدين والعصر الثاني من عند أبي مدين وعبد السلام بن مشيش إلى أواخر القرن السادس إلى زمن الشاذلي في القرن السابع هجري، والعصر الثالث من زمن الشاذلي إلى عهد الجازولي من القرن السابع إلى القرن التاسع الهجري والعصر الرابع والأخير من عهد الجزولي إلى يومنا هذا من القرن التاسع إلى القرن الرابع الهجري"[41]، وسنحاول التطرق إلى التيارات الصوفية في العهدين الأول والثاني-لدى علال الفاسي-.



    4-التيارات الصوفية

    كما أسلفنا بدأ التصوف على شكل ظاهرة زهد من لدن السلف الصالح، ثم بعد ذلك تحول في القرن الثالث الهجري إلى حركة قائمة الذات تنظر ومنتظمة في طوائف وطرق يحكمها نظام خاص، "ومن أوائل هذه الطرق "السقطية" نسبة إلى السقطي، و"الجنيدية" نسبه إلى "الجنيد" و"النورية" نسبة إلى أبي الحسن النوري[42].

    وفي القرن الهجري الخامس، ظهرت عدة طرق صوفية لا تزال تمتد فروعها إلى يومنا هذا في كل بقاع العالم الإسلامي ونذكر منها: "الجيلانية" نسبة إلى عبد القادر الجيلاني، وكان شعاره "الفقيه من عمل بفقهه"، والطريقة الرفاعية التي انتشرت في مصر وشمال إفريقيا وكان شعارها "الفناء في محبة الله" والطريقة "الأحمدية" نسبة إلى أحمد البدوي وشعارها "التصوف جهاد وعبادة" والطريقة "البرهامية" نسبة إلى إبراهيم الدسوقي، والطريقة "الشاذلية" نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي وتعرف طريقته بالمنهج الوسيط والصراط المستقيم[43] .

    وإذا ركزنا النظر في التصوف المغربي –وهذا مقصودنا ومبتغانا- فقد عرف المغرب عدة تيارات ومدارس سنية حددها الدكتور حسن جلاب[44] في:

    ü من الجنيد إلى أبي أبي مدين (تـ 594هـ).

    ü من أبي مدين إلى الشاذلي (تـ656هـ).

    ü من الشاذلي إلى الجزولي (تـ 870هـ).

    ü ما بعد الجزولي.

    ü

    أ-التيارات الصوفية في العهد المرابطي

    بدأ التصوف في العهد المرابطي ساذجا سنيا، بعيدا عن كل القضايا الفلسفية وكذا الحسابات السياسية، وأكتفى في بعض أشكاله مجاهدة النفس والزهد أمثال: ابن عميرة، وابن فرند، وطور آخرون هذه المجاهدة في النفس إلى جهاد ضد النصارى والمتربصين بالإسلام من خلال المرابطة على الثغور أمثال الإمام الصدفي، ووقف آخرون على "إحياء علوم الدين" للغزالي يستلهمون مبادئه دون التعمق فيها ومدارستها أمثال: أبي يعزى، أبي الفضل بن النحوي، وأبي عبد الله الدقاق، وابن سعيد الصنهاجي، وأبي مدين شعيب...[45]، وأهم ما ميز هؤلاء هو ارتكازهم على الكرامة الصوفية والبركة، والتشديد على الجانب الأخلاقي... والنزوع إلى السلام، وعدم معارضة السلطة معارضة صريحة[46]، وهذا التيار الصوفي السني الساذج كان له كبير الدور في التصوف المغربي، وكان له دور كبير في خلق تيارين:

    الأول: مساندة كتاب الإحياء.

    وأولهم تلميذه ابن العربي أول العربي الذي أدخل كتابه إلى المغرب، فعرف انتشارا واسعا، حتى أن ابن القطان لاحظ وجود تيار مناصر للغزالي بالرغم من أوامر الإحراق الصادرة عن الفقهاء وأمير المسلمين سماهم بالغزالية[47]، ومن أشهر الأعلام الذين تبنوا أفكار الغزالي بعده: ابن العريف الصنهاجي وأبو الحكم بن برجان.

    الثاني:التيار الداعي إلى إحراق الإحياء، و يتزعمه كل من:

    ü قاضي القضاة بقرطبة ابن حمدين.

    ü فقهاء قرطبة.

    ü أمير المسلمين.

    ü فقهاء المغرب.

    و يمكن إضافة تيار ثالث انتقد الإحياء دون أن يدعو لإحراقه[48]، ومن أقطابه:

    ü ابن الوليد الطرطوشي (تـ520).

    ü ابن علي المهدي.

    ü ابن الألبيري(تـ537هـ).

    بعد هذا التيار السني الساذج، ظهر تيار آخر سني لكنه مشحون بأفكار فلسفية غريبة عن الثقافة الإسلامية، وعرف ذروته مع ابن عربي تلميذ الغزالي، فقد تأثر الأول بالتراث اليوناني كفلسفة أفلاطون وأرسطو ومؤلفات ابن سينا أخوان الصفا[49]، ويمكن أن نقسم هذا التيار إلى اتجاهين إثنين:

    الأول: اتجاه معتدل تبني أفكار الغزالي المبنية على مجاهدة النفس والميل إلى العلوم الباطنية والزهد في كل شيء... وقد ظل هذا الإتجاه معارضا للسلطة معارضة سلمية إصلاحية ولم يتبن العنف والثورة، وتميز بارتكازه على قاعدة المذهب المالكي، ويأتي في طليعته ابن العريف الصنهاجي صاحب كتاب "محاسن المجالس" وأبو الحكم بن برجان، وفيما بعد تبنى الإتجاه نفسه ابن حرزهم، وطريقة ابن العريف (481هـ/535هـ) الصوفية تنتهي إل الجنيد كطريقة الغزالي مع اختلاف في السند[50] فطريقته إذن سنية جنيدية تقوم على الزهد في كل شيء ما عدا الله، وتعتبر المقامات والأحوال مفيدة للسالك في أول الطريق قصد الوصول إلى شهود عين الحقيقة[51] ويميز ابن العريف بين:

    ü العالم ويتعلق بالأعمال .

    ü المريد ويتعلق بالاحوال.

    ü والعارف ويتعلق بالأحوال.

    وقد أثار ابن العريف إشكالية أثارها الغزالي في كتاب "العلم" من كتاب "إحياء علوم الدين" وهي وجود علم ظاهر... وعلم باطن أو الحقيقة أو الدين في معناه السليم. وقال بإن العلم الحقيقي هو من القائلين بوحدة الشهود وفيها إقرار بالوحدانية والشهود والفناء[52]، وأما ابن برجان -تلميذ بن العريف- فقد كان غزالي المغرب[53]، اشتهر بالتفسير بالإشارة وباتجاهه الصوفي السني[54]، ويمثل تيارا يوازي بين أجنحة المريدين ويكبح جماح المتطرفين[55]. على الرغم من الطابع السلمي لتيارهما السني، فإنهما أوذيا من طرف المرابطين، فقد أرسلهما ابن الأسود مقيدين إلى مراكش.

    وأما الإتجاه الثاني من التيار الفلسفي فيتزعمه أبو القاسم بن قسي صاحب كتاب "خلع النعلين" الذي عبر من خلاله عن أفكاره الداعية إلى العنف وعصيان ولي الأمر، وهو من أتباع الطائفة الشودية التي تبنت التصوف المتفلسف وتنسب إلى الشوذي، ونورد فيما يلي بعض عناصر هذا التيار:

    1- أبو الحسن أحمد بن قسي (تـ546)، كان بحصن أركش الواقع على نهر لكة من أعمال شريس، وقد ثار بهذا الحصن ونواحيه آخر الدولة المرابطية وسمى أصحابه بالمرابطين[56]، وقد ثلبه المؤرخون بأبشع الصفات من خلال –مثلا- كتاب "المعجب" ورد له الإعتبار ابن العربي في شرح كتابه "خلع النعلين" وذلك لإلتقائهما في الفلسفة الإشراقية وحركته تستند على فكرة المهدوية[57]، بل و إن بعض التراجم أكدت أنه لم يكن من أصل عربي إسلامي بل ينحدر من أصل مسيحي من مدينة شلب[58]، وذلك لمحاولة إعطاء ثورته أبعاد أخرى تصوغ كل الحلول التي من شأنها أن تقبر ثورته.

    2- أبو عبد الله الشودي الذي جعلته قطب الدين القسطلاني من تلامذة الحلاج للشبه الموجود بين المذهبين، وردها آخرون إلى مدرسة ابن مسرة[59] .

    ولأفكار ومبادئ هذا التيار، فقد استحق أن يقذف بوابل من الفتاوي والمواقف من لدن الفقهاء والعلماء و المفكرين.



    ب- التيارات الصوفية في العهد الموحدي

    هكذا وقفنا على المحنة التي عاناتها التصوف على العهد المرابطي بتياراته السني الساذج والسني المتفلسف السلمي والسني المتفلسف المتشدد، لكنه في العصر الموحدي عرف انتعاشا ملحوظا، وظهر أعلاما كبار ، ففي هذا العصر انتهت زعامة مدرسة ألميرية الصوفية إلى عبد الله الغزال شيخ محي الدين ابن عربي كبير صوفية الأندلس، والذي سيترك ما كان عليه ابن العريف من قول بوحدة الشهود للمناداة بوحدة الوجود ووضع أسس فلسفية صوفية أخرى تذكرنا بمذهب ابن مسرة[60]، وقد أحسنت الدولة الموحدية استغلال هذا التيار الصوفي خصوصا ذلك المندفع للجهاد، لمحاربة النصارى والجهاد، فظهرت العديد من الطوائف ومنها: الطائفة البونية والتي يعتبر أبو مدين والرفاعي من شيوخها، وطائفة اليحاسني ويعتبر أبو محمد صالح دفين مدينة آسفي من شيوخها وكذا الطائفية الشاذلية، ولعل ما يميز أعلام التصوف الموحدي أنهم نهلوا من تصوف ابن مسرة واتجاهه الصوفي التلفيقي[61]، ونورد فيما يلي بعض أعلام التصوف في العهد الموحدي:

    1- أبومدين شعيب الأنصاري الأندلسي المعروف بالغوث، والذي انتهت إليه مدارس الغزالي والجيلاني وأبي يعزى: أقطاب الشرق والغرب، و قد اعتمد أبو مدين الطريقة الأخلاقية، فمدرسته تطرح إشكالا لا تفسير له إلا بالرجوع إلى خصوصية البيئة المغربية وظروفها السياسية ذلك أن هذه المدرسة قد أثمرت اتجاهين مختلفتين أشد الاختلاف[62].

    الإتجاه الأول: محي الدين بن عربي الذي توسع في فلسفة التصوف، وقال بوحدة الوجود، وصرح بأقوال الباطنية في كتبه الكثيرة التي تبلغ المئات وأشهرها وأخطرها: "الفتوحات المكية" و"فصوص الحكم"[63]، وعرف كذلك بقاعدة خطيرة في النبوة والولاية، فهو يقول بتفضيل الولي على النبي من حيث كونه وليا أفضل منه حيث كونه نبيا، ومن هنا كانت ولاية النبي أفضل من نبوته ونبوته أفضل من رسالته[64]، وبناء على أفكاره هذه أفتى العلماء بأنه زنديق وملحد أمثال: بدر الدين بن جماعة، والبلقيني، وابن تيمية، وبدر الدين البقاعي(تـ885) صاحب كتاب "مصرع التصوف" أو "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي" وجلال الدين السيوطي، ونعمان خير الدين الآلوسي، وغيرهم.

    الإتجاه الثاني: الشيخ عبد السلام بن مشيش(622هـ) وأبو محمد صالح الماجري (ت631هـ)، وهما يمثلان التصوف السني السلمي، خلافا التصوف الإشراقي لإبن عربي، وهو أمر عجيب على الرغم من أن هؤلاء كلهم طلبة لشيخ واحد.

    2- ابن سبعين الأندلسي(ت669هـ).

    تبنى ابن سبعين الطريقة الإشراقية، وكان دائم الإنتقال للطريقة الاخلاقية، ومن مؤلفاته: "بد العارف" و"الرسالة الفقيرية"، وبأفكاره هاته عاش رحالة، تسبقه أفكاره أينما حل وارتحل، وتسبقه معها استعدادات الفقهاء للتخلص من إقامته إلى جوارهم، فقد غادر الأندلس سنة 640هـ، واستقر بسبتة وأقام بها زاوية، لكن أفكاره جعلت "ابن خلاص" يطرده، فشد الرحال إلى بجاية، ومنها إلى تونس حيث تصدى له فيها الفقيه "السكوني" متهما إياه بالزندقة، فواصل المسير إلى مصر ومنها إلى مكة المكرمة.

    3- ابن دهاق إبراهيم بن يوسف الأوسي المعروف بابن المرأة (تـ611)، كان في مالقة وانتقل إلى مرسية له عدة كتب منها: "شرح الأسماء الحسنى" و"شرح محاسن المجالس".

    4- محمد بن علي بن أحلى الأنصاري(تـ645هـ) وأصله من لورقة.

    5- هذا بالإضافة إلى متصوفة آخرين امثال:

    ü أبو يعزى ينور (تـ572هـ).

    ü محمد بن علي بن حرزهم.

    ü أبو الحسن الشادلي (تـ656).

    ü الششتري (تـ668هـ).

    صحيح أن العلاقة بين الموحدين والصوفية كانت أحسن من نظيرتها بينهم وبين المرابطين، فقد ظهرت خلافات بينهم مع السلطة على عهد يعقوب المنصور، لكن الباحثين قللوا من شأنها نظرا لطغيان التقارب الفكري والعلمي والهدف الإصلاحي للطرفين، وقد عمقت هزيمة العقاب هذه العلاقة المتميزة-على خلاف ما كان متوقعا- من خلال ظهور نشاط صوفي مغربي واضح ومتميز، نهج –على المستوى الفكري- نهجا قريبا من المشروع الموحدي، حينما يعمل قدر الإمكان على تخليص الفكر الصوفي من الطابع التواكلي الإشراقي الذي علق به، كما ساهم –على المستوى الإجتماعي والسياسي- في دفع الخطر الخارجي الذي بدا وكأن الدولة الدولة الموحدية في طور ضعفها لم تعد قادرة على مواجهته، فطغى من تم على التصوف المغربي البعد العملي واتجه أقطابه مثل ابن مشيش و الشاذلي وأبو محمد صالح إلى تعميق قيمة الجهاد وإعلاء فضيلة الرباط على الثغور والسواحل[65].
                  

03-18-2014, 04:27 PM

الزبير بشير
<aالزبير بشير
تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 1770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    السير الي الله يحتاج لمرشد

    الرحمن اسأل به خبيرا

    الطريق الي الله ذكر و اعمار فكر

    الدين هو حب الخير للغير

    اما التسويف و التحريف لا نعرف طرقه

    الزبير الختمي
    اشعري مالكي
                  

03-18-2014, 04:31 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: الزبير بشير)

    -
    المدد في المفهوم الصوفي


    حورية بن قادة: باحثة مساعدة بمركز الإمام الجُنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة.

    يقف غير المتخصص في ألفاظ الصوفية واصطلاحاتهم وقفة الحائر القلق، بحيث يصعب عليه فهمها فهما دقيقا، وقد تظهر له هذه الألفاظ مخالفة لنصوص الشريعة وأحكامها، وذلك لأنها تعتمد على التجربة والمعرفة الذوقية، وهما أمران لا سبيل إلى الوصول إليهما وفقا لمعايير وأقيسة علمية منطقية...، فلكل فن من الفنون، أو علم من العلوم اصطلاحات خاصة به، لا يعلمها إلا أرباب ذلك العلم...

    وهذه الألفاظ التي تداولها الصوفية هي أمور تحدّثوا بها من باب الإشارة أو الكناية أو المجاز، كما نرى ذلك في كثير من الكلام العربي، ونجده بارزا في كتاب الله تعالى في مواطن عديدة، كما في قوله تعالى: and#64831;وأُشربوا في قلوبهم العجلand#64830;.[1] أي حب العجل. وقوله تعالى: and#64831;واسأل القريةand#64830;.[2] أي أهل القرية. وقوله تعالى: and#64831;أو من كان ميِّتا فأحييناهand#64830;.[3] أي كان ميِّت القلب فأحياه الله تعالى. إلى غير ذلك من الآيات الكريمة...

    وقد قامت اصطلاحات الصوفية بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك، فلا بد لمن يريد الفهم عنهم من صحبتهم حتى تتضح له عباراتهم، ويتعرف على إشاراتهم ومصطلحاتهم، فيستبين له أنهم لم يخرجوا عن الكتاب والسنة، ولم ينحرفوا عن الشريعة الغراء، وأنهم هم الفاهمون لروحها، الواقفون على حقيقتها، الحارسون لتراثها.

    قال بعض العارفين: " نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقنا".[4] لأن الغاية من تدوين هذه العلوم إيصالها لأهلها، فإذا اطّلع عليها من ليس من أهلها جهِلها، ثم عاداها، لأن الإنسان عدو لما جهل، ولذلك قال السيد علي بن وفا رحمه الله تعالى: "إن من دوّن المعارف والأسرار لم يدونها للجمهور، بل لو رأى من يطالع فيها ممن ليس هو بأهلها لنهاه عنها".[5]

    وكلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم، ولا يعرف اصطلاحاتهم من قراءة هذه الكتب ليس من قبيل كتم العلم، ولكن خوفا من أن يفهم الناس من كتبهم غير ما يقصدون، وخشية أن يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإنكار والاعتراض، شأن من يجهل علما من العلوم، لأن المطلوب من المؤمن أن يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام، وما يتفق مع مستواهم في العلم والفهم والاستعداد، ولهذا أفرد البخاري في صحيحه بابا لذلك فقال: "باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا".[6]

    ومن الكلمات التي لها تأويل شرعي صحيح في اصطلاحات الصوفية: كلمة [مدد] التي يرددها بعضهم فينادي بها أحدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يخاطب بها شيخه.

    وحجة المعترض عليهم أن هذه الكلمة هي سؤال لغير الله، واستعانة بسواه، ولا يجوز السؤال إلا له، ولا الاستعانة إلا به، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".[7] ثم إن الله تعالى بيّن في كتابه العزيز أنه هو مصدر الإمداد حين قال: and#64831;كلاًّ نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربكand#64830;.[8]

    وقد جهل هذا الصنف من الناس أن السادة الصوفية هم أهل التوحيد الخالص، الذين يأخذون بأيدي مريديهم ليذيقوهم حلاوة الإيمان، وصفاء اليقين، ويخلصوهم من شوائب الشرك بجميع صوره وأنواعه.

    ولابد أولا من معرفة معنى هذه الكلمة [مدد] عند علماء اللغة، كي يتبين المعنى ويتضح اللبس:

    فمعنى كلمة [مدد] يختلف باختلاف نية قائلها؛ فقد جاء في لسان العرب لابن منظور: "مددنا القوم: أي صرنا لهم أنصارا ومددا وأمددناهم بغيرنا".[9] وقال سيبويه: "المدد ما مدّهم به أو أمدّهم؛ والجمع أمداد، قال: ولم يجاوزا به هذا البناء، واستمدّه: طلب منه مددا، والمدد: العساكر التي تُلحق بالمغازي في سبيل الله.. والإمداد: أن يرسل الرجل للرجل مددا، تقول: أمددنا فلانا بجيش. قال الله تعالى: and#64831;أن يمدكم ربكم بخمسة آلافand#64830;. وقال في المال: and#64831;أيحسبون أنما نمدهم به من مالand#64830;. وقال تعالى وعلا: and#64831;وأمددناكم بأموال وبنينand#64830;. فالمدد ما أمددت به قومك في حرب أو غير ذلك من طعام أو أعوان...".[10]

    ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن هناك فرق بين مدد الخالق سبحانه ومدد المخلوق، فكلمة مدد تأتي بمعنى المساعدة والمعاونة وهي مستحبة في كل أنواع البر بجميع الطرق التي أجازها الشرع الحنيف، فاستعانة الناس بعضهم ببعض في الأمور لا مفر منها ولا غنى عنها والإنسان مأمور بها، ولاسيما في أمور البر والتقوى، فقد قال الله تعالى: and#64831;وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوانand#64830;،[11] فالتعاون بين الخلائق هو المدد، أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض، فلو طلب الإنسان من بني جنسه الإمداد فليس بمعنى أنه يطلب منه كما يطلب من ربه، ولكن بالمدد والقدرة التي أمده الله بها.

    ولتوضيح المراد من كلمة [مدد] قيل: "لا بد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:

    • نظرة توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفرد بالإيجاد والإمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحدا من خلقه، مهما علا قدره، أو سمت رتبته، من نبي أو ولي.



    • ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيء سببا".[12]

    وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا لخلقه ما جعل للملائكة الكرام عليهم السلام من وظائف وأعمال ظاهرية وباطنية، وزوّدهم بإمدادات وقدرات نورانية، فقد أكرم الله أنبياءه ورسله وأولياءه بشيء من الأسرار التي تجعلهم قائمين بها على نصرة دين الله، ويمدون بها من شاؤوا بإذن ربهم ورضاه؛ لإقامة دين الله جلّ جلاله.

    فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها، ولا يعتقد بتأثيرها الاستقلالي، فإذا نظر العبد إلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقد أشرك، لأنه جعل الإله الواحد آلهة متعددة، وإذا نظر للمسبب وأهمل اتخاذ الأسباب فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سببا. والكمال هو النظر بالعينين معا، ولتوضيح هذه الفكرة نسوق بعض الأمثلة:

    إن الله تعالى وحده هو خالق البشر، ومع ذلك فقد جعل لخلقهم سببا عاديا، وهو التقاء الزوجين، وتكوُّن الجنين في رحم الأم، وخروجه منه في أحسن تقويم، وكذلك فإن الله تعالى هو وحده المميت، ولكنه جعل للإماتة سببا هو ملك الموت، فإذا لاحظنا المسبب قلنا: and#64831;الله يتوفى الأنفسand#64830;.[13] وإذا قلنا: إن فلانا قد توفاه ملك الموت، لا نكون قد أشركنا مع الله إلها آخر، لأننا لاحظنا السبب، كما بيّنه الله تعالى في قوله: and#64831;قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكمand#64830;.[14]

    كذلك بالنسبة للاستعانة، فإذا نظرنا للمسبب قلنا: "إذا استعنت فاستعن بالله"، الحديث.[15] وإذا نظرنا إلى السبب قلنا: and#64831;وتعاونوا على البر والتقوىand#64830;.[16] "والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".[17] فإذا قال المؤمن لأخيه: أعِنِّي على حمل هذا المتاع، لا يكون مشركا مع الله تعالى أحدا، أو مستعينا بغير الله، لأن المؤمن ينظر بعينيه، فيرى المسبب والسبب، وكل من يتهمه بالشرك فهو ضال مضل.

    ومبدأ البركة أو المدد معروف في الفكر الإسلامي، قال عنه أبو حامد الغزالي: "أنه إذا حق دخول النار على طوائف من المؤمنين فإن الله تعالى بفضله يقبل فيهم شفاعة الأنبياء والصديقين، بل شفاعة العلماء والصالحين، وكل من له عند الله تعالى جاه وحسن معاملة، فإن له شفاعة في أهله وقرابته وأصدقائه ومعارفه، فكن حريصا على أن تكتسب لنفسك عندهم رتبة الشفاعة".[18]

    وذكر محمد زكي إبراهيم أن طلب الدعاء والشفاعة من الحي أو روح الميت طلب عبودية لله، وهو مباح في مبادئ الإسلام، وطلب المدد من الحي معناه دعاؤه، وإرشاده، وروحانيته، وتوجهه، وبركة صلاحه، وتقواه، وسره مع الله، وطلب المدد من الميت طلب من روحه الحي بخصائصه في برزخه السامع المدرك الذي له ما يشاء عند ربه".[19]

    فمعنى المدد هنا هو طلب التوسل إلى الله والاستشفاع به إليه عز وجل في قضاء الحوائج ودفع الجوائح، والتماس بركة مقامه عند الله تعالى، والاستمداد من مدد الله وسره. and#64831;وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاand#64830;.[20]

    والتوسل ليس معناه التوسل بالذات المشخصة من اللحم والدم والعظم والعصب، وإنما هو التوجه إلى الله تعالى بالمعنى الطيب في الإنسان، والمعنى الطيب ملازم للروح سواء تعلقت بالجسم في الحياة أو تخلصت منه بالموت واستقرت في برزخها على مقامها هناك...[21]

    وهكذا، فليس اللفظ وحده بكاف لتطلَق أحكام الشرك والكفر على عباد الله، ولو كان ذلك كافيا لما عاتب حضرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ابن أبي شيبة الذي قتل رجلا بعد أن قال "لا إله إلا الله"، فلما سمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال: يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح. قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا، فما زال يكررها عليه حتى تمنى لو أنه أسلم يومئذ".[22]

    ولهذا يؤكد أهل الطريقة على أن مسألة الحكم على إيمان الناس يجب أن تأخذ مسألة النوايا والمعتقدات القلبية بنظر الاعتبار، ولا تقف عند حدود الظن الذي نهى عنه الحق تعالى في قوله: and#64831;يَا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثمand#64830;.[23]

    وقال تعالى حاكيا عن جبريل عليه السلام: and#64831;قال إنما أنا رسول ربك لِأَهَبَ لَكِ غلاما زكيّاand#64830;.[24] هنا أسند جبريل عليه السلام الوهب لنفسه مع أن الوهاب الحقيقي هو الله تعالى...
    وقال تعالى أيضا: and#64831; إِن تتوبا إِلَى الله فقد صغت قلوبكما وإن تَظَاهَرَا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرand#64830;.[25] وقد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة أن الله تعالى وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كلهم أعوان للرسول صلى الله عليه وسلم على من آذاه وأراد مساءته.[26]
    وهو نص صريح في جواز الاستعانة بجبريل أو الملائكة أو صالح المؤمنين من الأولياء والصالحين، وما يؤكد هذا ويثبته أيضا، ما روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله".[27]

    وقد ثبت أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أريد مرافقتك في الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: "أعِنّي على نفسك بكثرة السجود".[28] أي العبادة.

    فهذه كلها أدلة تؤكد مشروعية طلب المدد من الله تعالى عن طريق عباده الصالحين وأوليائه المتقين، وكل ذلك متوقف على حسب نية الإنسان واعتقاده...

    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-18-2014, 09:42 PM)
    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-18-2014, 10:44 PM)

                  

03-18-2014, 04:39 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    Quote: والواقع أن التصوف إسلامي محض، له شخصيته المتميزة القوية،وقد كان يستمد أولا قبل كل شيء من حياة الزهد والتقشف التي كان الرسول (ص) وبعض الصحابة رضي الله عنهم يحيونها، ثم تطور هذا الزهد والتبتل كما تتطور سائر ألوان الفكر وتسير من البساطة الى التعقيد، وهكذا انتهت الى التصوف كما نعرفه على مر العصور، وهذا لا يمنع أن يكون التصوف قد تاثر قويا من خلال هذا التطور والنمو الطبيعيين برواسب الثقافات القديمة ولا سيما بالرهبنة المسيحية وبالافلاطونية الحديثة، على أن التصوف الإسلامي ظل دائما محتفظا بشخصيته المستقلة القوية، وقد باشر بعد ذلك آثارا عميقة في تفكير مسيحية العصور الوسطى كما هو معروف.


    شكراً أحمد -- هنا محاور أثرت وتأثرت بالتصوف ........
                  

03-18-2014, 04:42 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: السير الي الله يحتاج لمرشد

    الرحمن اسأل به خبيرا

    الطريق الي الله ذكر و اعمار فكر

    الدين هو حب الخير للغير

    اما التسويف و التحريف لا نعرف طرقه

    الزبير الختمي
    اشعري مالكي


    سعيد بمرورك أخي الزبير ---- وأتمنى مساهمتك ---
                  

03-18-2014, 05:16 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    فلنواصل بنفس العلمية والروح الجميلة
    مرحبا بالأخ الزبير الختمي الأشعري ونتمنى ان تكون إضافة حقيقة فنحن نحتاج لكل الإتجاهات لإثراء الحوار .
    ونتمنى ان يكون عطاء الدكتور بلة موسى إيجابيا خاصة وان لديه الكثير .
    مع التحية
                  

03-18-2014, 05:40 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    مراحل تطور التصوف :
    1- المرحلة الأولى :
    كان الصوفي فيها يتفرغ للعبادة والبعد عن الناس، مع التزامهم بآداب الشريعة، وقد يغلب على بعضهم الخوف الشديد والبكاء المستمر. وذكر في كتاب سير أعلام النبلاء كل من عامر بن عبد الله بن الزبيرفي المدينة المنورة - في البصرة طلق بن حبيب العنزي - وعطاء السلمي الذي بكى حتى عمش - وفي بغداد إبراهيم بن سيار وبشر بن الحارث الحافي - وجنيد بن محمد الجنيد.

    ومن هذا الزهد المشروع نسبياً انتقل بعضهم إلى تأليف الكتب، يدعو فيها إلى أمور لم تكن عند الزهاد السابقين، كترك الزواج مثلاً، ومن هؤلاء: مالك بن دينار الذي امتنع عن الزواج، وعن أكل اللحم إلا من أضحيته، وكثيراً ما كان يقرأ في كتب السابقين كالتوراة والإنجيل.
    ومن أقطاب هذه المرحلة: رابعة العدوية، التي استحدثت قصة الحب الإلهي والعشق الإلهي.

    2- المرحلة الثانية :
    دخل في مفهوم الصوفية مصطلحات جديدة عن الفناء والبقاء، وعلم الإشارة في المكاشفات، والمآل في ذلك إلى الذوق - ونشأ علم الظاهر وعلم الباطن - وسقوط التكاليف الشرعية عن أوليائهم لما حبوا به من الكشف والإلهام ، ودخول مفهوم أن الأولياء يعلمون الغيب كنوع من الكرامات ..
    وأقطاب التصوف من هذه الطبقة منهم: أبو الحسن الشاذلي، وأبو يزيد البسطامي، وأحمد الرفاعي، وأحمد البدوي، وعبد القادر الجيلاني والتيجاني والنقشبندي.

    ولو تأملنا في كتاب المدرسة الشاذلية الحديثة وأمامها أبوالحسن الشاذلي مؤلفه شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود صفحة (32)
    " أن الله سبحانه كلم الشاذلي على جبل زغوان، وهو الجبل الذي اعتكف الشاذلي في قمته، وتعبد فيه وتحنث".

    ونفس المصدر أعلاه صفحة (84):
    " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم الشاذلي من داخل حجرته الشريفة (فلما قدم المدينة زادها الله تشريفاً وتعظيماً، وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس حافي القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم تتسليماً، فسئل عن ذلك فقال: حتى يؤذن لي... فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة: (يا علي ادخل) ".
    ويقول الشيخ الشاذلي " أعطيت الشاذلية ثلاثاً لم تحصل لمن قبلهم ولا لمن بعدهم: الأول أنهم مختارون في اللوح المحفوظ، الثاني أن القطب منهم إلى يوم القيامة، الثالث أن المجذوب منهم يرجع إلى الصحو".

    يتبع ........

                  

03-18-2014, 05:44 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)



    3- المرحلة الثالثة:
    وهذه المرحلة تأثرت تأثيراً قويا بالفلسفة اليونانية - الأفلاطونية الحديثة هي مصدرهم ممن يعتقدون بوحدة الوجود والحلول ، ونظرية الفيض والمحبة والإشراق والمعرفة بدءاً من أبي يزيد البسطامي، وسهل التستري وابن سبعين، وإنتهاء بابن الفارض والحلاج وابن عربي والسهروردي وغيرهم.

    وتحول إعتقاد المتصوفه في هذه المرحله أنه ليس هناك فرق بين الله وخلقه، إلا أن الله تعالى كل والخلق جزؤه، وأن الله متجل في كل شيء من الكون ، فالكل مظاهره، وما في الوجود إلا الله، فهو الظاهر في الكون، والكون مظهره .

    كما يقول إبن عربي في كتاب الفتوحات المكية : " فلا مظهر إلا نحن، ولا ظهور لنا إلا به، فبه عرفنا أنفسنا وعرفناه، وبنا تحقق عين ما يستحق إلا له".

    فلولاه لما كنا ***** ولولا نحن ما كانا

    فإن قلنا بأن (هو) **** يكون الحق إيانا

    فبدانا وأخفاه *** وأبداه وأخفانا

    فكان الحق أكواناً ***** وكنا نحن أعياناً

    وكان إعتقاد هؤلاء القوم كما في كتاب اللمع للطوسي صفحة (495):
    " أن العالم كله ظل وعكس لذات الله تعالى، فهل في الوجود إلا الله؟ ".


    (عدل بواسطة ahmedona on 03-18-2014, 05:49 PM)

                  

03-18-2014, 06:15 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    ذكرتونا تقييم لجنة الإختيار في مكتب العمل ... لدكتوراه أحد القادمين من لندن ...

    اظنو برضو سألوه من سنن الوضوء أو حاجة بالشكل دا

    (واغلب اعضاء اللجنة خريجين ثانوي بالمناسبة )

    تغوص شنو يا احمدونا ... دا درب فردي اسمو "الطريقة" ... يا تاخدها ... يا ما تاخدها ... انت قايلها "مذهب"؟



    ... المهم ....
                  

03-18-2014, 06:27 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)

    Quote: ذكرتونا تقييم لجنة الإختيار في مكتب العمل ... لدكتوراه أحد القادمين من لندن ...
    اظنو برضو سألوه من سنن الوضوء أو حاجة بالشكل دا
    (واغلب اعضاء اللجنة خريجين ثانوي بالمناسبة )

    تبارك الجميل --- مرحب بيك في البوست -- وجودك مهم ....
    ومرحب بيك في السعودية - إنشاء الله زيارة ممتعه ....

    Quote: تغوص شنو يا احمدونا ... دا درب فردي اسمو "الطريقة" ... يا تاخدها ... يا ما تاخدها ... انت قايلها "مذهب"؟
    ... المهم ....

    ود شيخ الدين -- تمهل - ما زلنا في مرحلة التمهيد لأخذ الطريقه --- ولكن الطريق يحتاج لتمهيد المفاهيم ليسهل الهضم ......

    المهم خليك قريب ....
                  

03-18-2014, 06:36 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    هي نان انت داير تغوص قبّال تتبلبل




    ... المهم ...
                  

03-18-2014, 08:15 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)



    التشابه بين أديـان الهنـد والفكر الصوفي:
    1- التأمل والحلول:
    يوجد تشابه كبير بين معتقدات البراهمة وهم حكماء الهنود والصوفية عن طريق التأمل يصبون إلى الكمال الروحي الذي يؤدي في النهاية إلى الحلول في الله تعالى .

    2- التناسخ والفناء:
    وإن كانت البوذية تأثرت بالبراهمة في فكرة الفناء غير الفكر البوذي حيث يرى البراهمة أن الروح تخرج إلى جسد آخر، والفناء المطلق وهو عودة الروح إلى منشئها لتحل في الله تعالى .

    3- اليوغا الهندية هي عبارة عن رياضات شاقة فيها تعذيب للجسد للوصول إلى قتل الشهوة، وتحرير النفس من رغباتها وتعويد الجسد على الهدوء، وأحياناً يكررون بعض الألفاظ .

    4- وحدة الوجود: تشير الكتب الهندية القديمة أن جميع أشكال الحياة من الحياة الإلهية إلى حياة أصغر الخلائق هي ذات واحدة وهي ماثلة في كل مخلوق وهي فكرة (وحدة الوجود).

    5- المظهر العام: لباس الخرقة والمرقعات، واستعمال السبح ذات الأعداد الكبيرة .

    6- القدرات والمعجزات: وفقاً لما ورد في كتاب (بيتنجل) في سياق حديثه عن التدين الهندي، أن الرجل إذا اشتغل بالرياضات وتهذيب النفس يمنح القدرة على ثمانية أشياء وهي:

    - التمكن من تلطيف البدن حتى يخفى عن الأعين.

    - التمكن من تخفيف البدن حتى يستوي عنده وطء السوائل والوحل والتراب.

    - التمكن من تعظيمه حتى يُرى في صورة هائلة عجيبة.

    - انطواء المسافات بينه وبين المقاصد الشاسعة.

    - التمكن من الإرادات، أي فعل ما يريد.

    - التمكن من علم مايريد.

    - التمكن من الترأس على أي طائفة.

    - خضوع المرؤوسين وطاعتهم .

                  

03-18-2014, 08:43 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    التصوف منذ بدايته إلى غاية القرن الواحد والعشرين تحرسه العائلات الشريفة المنحدرة من حضرة رسول الله هذا يفسر مصداقية هذه المدرسة لأنها مدرسة تهتم بتوصيل السالكين إلى الله عندما يكون مقصدك حضرة الله وجناب الله كل ما سوى الله باطل كما يقول المثل أو كما يقول أهل الصوفية "الله بس باقي هوس" يعني عندما يكون مقصدك الله لا تكون كما الآخرين الذين يتكالبون على سلطات هي في منظور الصوفية زائلة والحقيقة البيولوجية هي مع الصوفية لانه إن كان من الجانب البيولوجي فإن الإنسان زائل وبالتالي فالصوفية لا يستثمرون في أجسادهم أو في بطونهم أو في بنايات زائلة لا يستثمرون في سلطات زائلة بإختفاء أجسادهم هم على وعي شديد ويومي بزولان أجسادهم هذا الزولان الموجود في الأمكنة الشرقية عند البوذيين مثلا وفي ديانات لليابانية مثل الشاتوية وفي الهندوسية كثيرا ما يغيب علينا في الجانب الغربي الكوكب الأرضي يعتقدون أنهم خالدون فيكدسون الأموال يبحثون على السلطات الزمنية يبحثون السلطات والبهارج الدنيوية وكثيرا ما يغيب هذا المبدأ وفكرة زولان الأشياء في الحين أن الصوفية دائما هي قائمة على مبدأ واستنكار زولان جسد الإنسان عندما تبقى هذه الفكرة راسخة في ذهنك وتستحضرها في كل لحظة وتستذكرك فنائك لبس فقط قبل موت ولكن في حياتك و حسب الحديث المعروف بحضرة النبي "موتوا قبل أن تموتوا" يعني أنه يجب أن يتذكر الإنسان زولان جسده وشخصه قبل الموت ... من ما يسمى الفناء في الله من ما جعلهم مغيبين هذا التغيب ليس تهميشا من طرف السلطات الزمنية وإن كان في بعض الأحيان مورست عليهم حملات تهميشية و إن كانت هذه الحملات لم تقضي عليهم لأنهم بطبيعتهم يعيشون مثل الدببة بمعنى بإمكانهم تخزين طاقاتهم في فصل الشتاء والعودة في فصل الربيع بكل طاقتهم دون أن يحرجوا إنسان أو كائنا من كان يعني إذا وضعتهم في نوم مفروض فهم ينامون يأخذونك على حد "سذاجتك" يقولون لك نحن نانمون إن اردت ذلك فلا يسعنا إلا أن ننام حتى يأذن لنا بالعودة إلى الحياة وعودتهم إلى الحياة عادة ما تكون سلمية فأنا عندما أشبهم بالدببة في جانب القدرة على التحمل،الصير وعندما يعودون إلى الحياة فهم يعودون كالفراشات يعودون كالحمامة التى عادت إلى سفينة نوح لتبشر بالسلم ونهاية الطوفان


    ما يدور الان انعكاس للصراع السياسى الذى ابعد الاشراف الكرام من الحجاز .
                  

03-18-2014, 08:55 PM

Zakaria Joseph
<aZakaria Joseph
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 9005

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)
                  

03-18-2014, 09:26 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Zakaria Joseph)

    >

    (عدل بواسطة Abureesh on 03-18-2014, 09:29 PM)

                  

03-19-2014, 07:30 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Abureesh)

    .أنظر لترجمة الشيخ عبد القادر الجيلاني من أقوال كبار علماء أهل السنة (منقول من ويكيبيديا)
    قال الإمام النووي : ما علمنا فيما بلغنا من التفات الناقلين وكرامات الأولياء أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغداد محيي الدين عبد القادر الجيلاني،
    كان شيخ السادة الشافعية والسادة الحنابلة ببغداد وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج بصحبته غير واحد من الأكابر وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق
    وتتلمذ له خلق لا يحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد علية إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والإعظام, والرجوع إلى قولة والمصير إلى حكمه
    , وأُهرع إليه أهل السلوك - التصوف - من كل فج عميق. وكان جميل الصفات شريف الأخلاق كامل الأدب والمروءة كثير التواضع دائم البشر وافر العلم والعقل
    شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظما لأهل العلم مُكرِّماً لأرباب الدين والسنة, مبغضاً لأهل البدع والأهواء محبا لمريدي الحق مع دوام المجاهد ولزوم المراقبة
    إلى الموت. وكان له كلام عال في علوم المعارف شديد الغضب إذا انتهكت محارم الله سبحانه وتعالى سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة. وبالجملة لم يكن في زمنه مثله [9].
    قال الإمام العز بن عبد السلام : إنه لم تتواتر كرامات أحد من المشايخ إلا الشيخ عبد القادر فإن كراماته نقلت بالتواتر[10].
    قال الذهبي : الشيخ عبد القادر الشيخ الامام العالم الزاهد العارف القدوة، شيخ الاسلام، علم الأولياء، محيي الدين، أبو محمد، عبد القادر بن أبي صالح عبد الله ابن جنكي دوست الجيلي \
    الحنبلي، شيخ بغداد.[11]
    قال أبو أسعد عبد الكريم السمعاني: هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح، كثير الذكر دائم الفكر, وهو شديد الخشية, مجاب الدعوة، أقرب الناس للحق، ولا يرد سائلا ولو بأحد ثوبيه.
    قال الإمام ابن حجر العسقلاني الكناني : كان الشيخ عبد القادر متمسكاً بقوانين الشريعة, يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة ومزج ذلك بمخالطة الشاغل
    عنها غالبا كالأزواج والأولاد, ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأنها صفة صاحب الشريعة صلى الله علية وسلم[12].
    قال ابن قدامة المقدسي: دخلنا بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة فإذا الشيخ عبد القادر بها انتهت إليه بها علما وعملا وحالا واستفتاء, وكان يكفي طالب العلم عن قصد غيره من كثرة ما اجتمع فيه من
    العلوم والصبر على المشتغلين وسعة الصدر. كان ملئ العين وجمع الله فيه أوصافاً جميلة وأحوالاً عزيزة, وما رأيت بعده مثله ولم أسمع عن أحد يحكي من الكرامات أكثر مما يحكى عنه, ولا رأيت
    احداً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه[13].
    قال ابن رجب الحنبلي : عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ثم البغدادي, الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ وسيد أهل الطريقة, محيي الدين ظهر للناس, وحصل له القبول التام, وانتصر
    أهل السنة الشريفة بظهوره, وانخذل أهل البدع والأهواء, واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته, وجاءته الفتاوى من سائر الأقطار, وهابه الخلفاء والوزراء والملوك فمن دونهم[14].
    قال الحافظ ابن كثير : الشيخ عبد القادر الجيلي، كان فيه تزهد كثير وله أحوال صالحة ومكاشفات[15].
    قال الإمام اليافعي : قطب الأولياء الكرام، شيخ المسلين والإسلام ركن الشريعة وعلم الطريقة, شيخ الشيوخ, قدوة الأولياء العارفين الأكابر أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قدس سره ونور ضريحه,
    تحلى بحلي العلوم الشرعية وتجمل بتيجان الفنون الدينية, وتزود بأحسن الآداب وأشرف الأخلاق, قام بنص الكتاب والسنة خطيبا على الأشهاد, ودعا الخلق إلى الله سبحانه وتعالى فأسرعوا إلى الانقياد, وأبرز
    جواهر التوحيد من بحار علوم تلاطمت أمواجها, وأبرأ النفوس من أسقامها وشفى الخواطر من أوهامها وكم رد إلى الله عاصياً, تتلمذ له خلق كثير من الفقهاء[16].
    قال الإمام الشعراني : طريقته التوحيد وصفاً وحكما وحالا وتحقيقه الشرع ظاهرا وباطناً[17].
    قال الإمام أحمد الرفاعي : الشيخ عبد القادر من يستطيع وصف مناقبه, ومن يبلغ مبلغة, ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه, وبحر الحقيقة عن يساره من أيهما شاء اقترف, لا ثاني له في وقتنا هذا[18].
    قال الشيخ بقا بن بطو : كانت قوة الشيخ عبد القادر الجيلاني في طريقته إلى ربة كقوى جميع أهل الطريق شدة ولزوما وكانت طريقته التوحيد وصفا وحكما وحالاً[19].
    قال ابن السمعاني عنه: إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح، ديِّن خيِّر، كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة.
    قال عنه محيي الدين ابن عربي: وبلغني أن عبد القادر الجيلي كان عدلاً قطب وقته.
                  

03-18-2014, 09:13 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    التصوف عند السهروردي:
    يفهم من أدبيات السهروردي المنزع العملي في اهتماماته الصوفية،و إذا عرف هذا المعنى من التصوّف،خلصت الجهود لأجل حصول الأخلاق وتبديلها وفق الحقيقة المعبّرة عن المهمّة الرئيسة من التصوّف،لهذا انتهى إلى أنّ التصوف فوق الزهد وفوق الفقر( ).
    و أقوال مشايخ الصوفية في ماهية التصوّف تزيد عن ألف قول،يطول نقلها،كما قال السهروردي،لهذا حاول رحمه الله استنتاج ضوابط تجمع مجمل معانيها و إن اختلفت ألفاظها،ذلك أنها مع اختلاف الألفاظ فالمعاني متقاربة،و يجمعها حسب تقديره أصول مهمة.
    يقول رحمه الله:" الصوفي هو الذي يكون دائم التصفية لا يزال يصفي الأوقات عن شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس،ويعينه على كل هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه،فبدوام الافتقار ينقى الكدر،وكلما تحرّكت النفس وظهرت بصفة من صفاتها أدركها ببصيرته النافذة وفر منها إلى ربّه،فبدوام تصفيته جمعيته،وبحركة نفسه تفرقته وكدره؛فهو قائم بربه على قلبه،وقائم بقلبه على نفسه،قال تعالى:"كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " وهذه القوامية لله على النفس هو التحقق بالتصوف"( )


    يستهل السهروردي حديثه عن المحبّة بحديث النبي المصطفى(صلى الله عليه وسلّم):"اللهم اجعل حبّك أحبّ إليَّ من نفسي و سمعي و بصري و أهلي ومن الماء البارد"

    الحب الخالص أن يحب العبدُ الله تعالى بكليته

    شدّة التعلّق بالمحبوب يورّث الحنين والأنين حتى أنّه لا يسكن إلاّ إذا لحق بمحبوبه،لهذا قالت رابعة العدوية :"محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه."،و قال أحدهم( ):" من قتلته محبته فديته رؤيته،و من قتله عشقه فديته منادمته."و فضلا عن كلّ ذلك فقد"ذهب المحبون لله بشرف الدنيا و الآخرة، لأن النبي(صلى الله عليه وسلّم)قال"المرء مع من أحب"فَهُم مع الله تعالى."(

    ييسّر للمحب الصادق في المحبة الترقي السريع في الأطوار،فلا يمكث كغيره المُدد الطويلة ليصل إلى المبتغى،فيصل إلى المقصود في الترقية في أقصر وقت يتقلب في أطوار المقامات،لأنّ التقلب في أطوار المقامات و الترقي من شيء منها إلى شيء طريق المحبين،و من أخذ في طريق المجاهدة من قوله تعالى:"و الذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا"( )تحقق له المراد.


    من أخذ في طريق المحبوبين يطوي بساط أطوار المقامات و يندرج فيه صفوها،و خالصها بأتمّ وصفها،و المقامات لا تقيّده و لا تحبسه وهو يقيّدها و يحبسها بترقية منها و انتزاعه صفوها و خالصها،لأنّه حيث أشرقت عليه أنوار الحب الخاص خلع ملابس صفات النفس ونعوتها،و المقامات كلها مصفية للنعوت و الصفات النفسانية،فالزهد يصفيه عن الرغبة،و التوكل يصفيه عن قلّة الاعتماد المتولّد عن جهل النفس،و الرضا يصفيه عن ضربان عرق المنازعة،و المنازعة لبقاء جمود النفس ما أشرق عليها شموس المحبّة الخاصة فبقي ظلمتها وجمودها،لهذا قال أحدهم( ):" فإذا تقلّب في أطوار المقامات لعوام المحبين،وطي بساط الأطوار لخواص المحبين وهم المحبوبون،تخلفت عن هممهم المقامات،و ربما كانت المقامات على مدارج طبقات السماوات:وهي مواطن من يتعثّر في أذيال بقاياه."( )

    ومنتهى ما يطلبه المحب أن يحرر إرادته من التعلّق بكلّ شيء حتى من المحبّة نفسها،فلا تتعلّق همّته بغير المحبوب بالفناء عن المحبّة نفسها،قال أبو يعقوب السوسي"لا تصح المحبّة حتى تخرج من رؤية المحبة إلى رؤية المحبوب بفناء المحبّة من حيث كان له المحبوب في الغيب ولم يكن هذا بالمحبة،فإذا خرج المحب إلى هذه النسبة كان محبا من غبر محبة"( )،و يقرب منه ما نقل عن الشبلي عندما سئل عن المحبّة؛فقال:كأس لها وهج إذا استقر في الحواس وسكن في النفوس تلاشت.( )
                  

03-18-2014, 09:20 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    يهتم الصوفية الحقيقيون بالوظيفة الاجتماعية للمحبّة،لهذا يعتنون بالأبعاد الوظيفية للحب من زاوية اجتماعية،حتى لتغدو المحبة عندهم بغير تلك الأبعاد إدعاء فارغا لا دليل عليه،ذلك أنّهم جعلوا من تلك الوظيفة الاجتماعية شاهد إثبات صدق المحبّة،منها على سبيل المثال لا الحصر.
    أ – علامة المحبّة اتقاء المحارم( )
    اتقاء المحارم دليل المحبّة، لهذا نقل عن بعضهم وفق ما أثبته السهروردي أنّ من ادعى محبّة الله من غير تورّع محارمه فهو كاذب،و تورّع المحارم دعوة لضبط العلاقات الاجتماعية وفق مراد الله،فمن لم يكن منضبطا بها من مدعي المحبة فهو كاذب،و بهذا يتأكّد ما للمحبة من أثر في ضبط العلاقات الاجتماعية و صبغها بالأبعاد الإنسانية،التي تُرى إعانة وتضامنا مع الفقراء و المساكين في شعاب الحياة.
    ب - الإنفاق من الملك علامة المحبّة:
    الإنفاق على عباد الله الذين هم عيال الله مما جعلك الله مستخلفا وموظفا فيه ،كما ورد في الحديث، لهذا عدّ من أهم مظاهر الأبعاد الاجتماعية في المحبة أن تتجلى في الإنفاق على العباد،و من ادّعى محبة الجنة من غير إنفاق ملكه فهو كذاب،كما نقله السهروردي.( )
    ج - حب الفقراء علامة المحبّة( )
    حب رسول الله(صلى الله عليه وسلّم)عنوانه حب الفقراء والمساكين،و لهذا قال السهروردي: إنّ من ادعى حب رسول الله (صلى الله عليه وسلّم)من غير حب الفقراء فهو كذاب"،ذلك أنّ من مقتضيات حب الرسول أن تطيعه فيما أمر،و محبّة الفقراء والمساكين من التجليات المهمّة لحب النبي(صلى الله عليه وسلّم) ،و كانت رابعة تقول:
    تعصي الإله و أنت تظهر حبّه هذا لعمري في الفعال بديع
    لو كان حبّك صادقا لأطعته إنّ المحب لمن يحب مطيــع
                  

03-18-2014, 09:25 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    : المحبّة وصناعة الحاضر و المستقبل.
    العناية بالمحبّة عند الصوفية و السهروردي على الخصوص،تدفعنا إلى محاولة تأوين ما جاء في المحبّة عند الصوفية مع مقتضيات أسئلة الواقع المعيش،ولكن يصادفنا في طريق الإثبات مجموعة من المواقف التي تجعل التصوف أبعد ما يكون عن مسائل الحاضر و المستقبل،وهو في أحسن الأحوال قضية شخصية وتجربة ذاتية غير قابلة للتبليغ أو غير قابلة للنقل للآخرين،مما يجعل المحبة الصوفية،وفق التصور الشائع، أبعد ما تكون عن إمكان الإفادة منها في حاضرنا ومستقبلنا،فهل لهذا الرأي ما يسنده؟
    أ - المحبة الصوفية ونقد الواقع المعيش:
    ليس من مسالك الصوفية وفيهم السهروردي،نقد الواقع الاجتماعي أو التوقّف عند القضايا اليومية للحياة المعيشة وفق المسالك المتداولة في النقد الاجتماعي،و تعد هذه الميزة مستند إثبات سلبية الصوفية،و الأمر بحسب تقديرنا و ذلك بحسب أدبيات الصوفية أنفسهم،أنّ هذه الميزة مَحْمَدَة لهم وليست مَذَمَّمَة،ذلك أنّهم لا يتوقّفون عند فحص التصرفات و تمحيصها وفق مسالك الناقدين الاجتماعيين،وخاصة رواد فكرة التحضر في الأمة الإسلامية،بل يرون أنّ التوقّف عندها قد يكون سببا في الميل عن النصائح المستبطنة في حديثهم عن الحب ومقتضياته وتجلياته،فيكفي فقط بحسب تقديرهم أن تعالج الخلل دون تسمية المُعَالجَين بالمرضى،لأنّ خلع صفة المرضى عليهم يدفعهم إلى عدم التهيُّؤ للعلاج،كما أنّه يتضمن إقرارا واقعيا بأنهم ليسوا أهل حسابات مع الموصوفين بل مع الصفات التي جعلت الموصوفين أبعد ما يكونوا عن المحبة،لهذا هم يزاولون نقد الواقع المعيش ولكن ليس بمشرحة حركات النهضة،ولكن بشفقة و رحمة و حنان منقطع المثيل،من هنا نحن بحاجة إلى تفعيل هذه المسالك في النقد بحب وشفقة من أجل نهضة الأمة،و لا يتأتى لغير من كان حبّه بكليته خالصا لله تعالى.
    ب – المحبة الصوفية وثقافة العمل الإيجابي:
    ميزة المحبة في التصوف أنّه مسعى هادئ الإصلاح بعيد عن مسالك التهريج الثقافي و السياسي،تنأى بنفسها من مغبّة الوقوع تحت طائلة ثقافة الاستعداء التي شاعت وانتشرت في الأوساط السياسية و الإيديولوجية في العالمين العربي و الإسلامي، لهذا لو شاع انتشار الثقافة الصوفية الحقّة،كانت عونا على دفع الناس إلى العمل كلّ بحسب ثقافته وطاقته،فلا تفكير في غير القيمة المضافة التي يفيد بها المجتمع و الأمة،فلا يتوقّف المسعى الصوفي المتشبّع بثقافة المحبّة عند فكرة تصفيات الحسابات أو إقصاء المخالفين من تأطير المشهد التربوي والفكري،بل يكون قيمة مضافة للجميع،فأهله غير مشغولين بمعركة سلطة القول في الثقافة الاجتماعية أو الدينية فضلا عن ابتعادها عن السياسية بصورتها المتداولة،فلا تنازع أحدا على كرسي أو سلطة،و لكنّها تنازع الفساد من خلال التنبيه إلى خطورته على المجتمع،لهذا كانت المحبّة الصوفية قيمة مضافة للجميع عند أهلها المتشبعين بها،فلا يدخلوا معركة تصفية الحسابات السياسية أو الفكرية،لأنّهم يرون المجتمع بجميع مكوّناته، وبصرف النظر عن درجة التزامهم بالأوامر الشرعية،مثار شفقة ورأفة وليس مثار نقد وتجريح،و إذا رفضوا أن يكونوا صرعى ثقافة العُصب و الصراعات،فإنّهم لا يقبلون أن تصفى بهم الحسابات مع أحد،و بهذا يستردون ثقة المجتمع والأمة.
    ج – المحبّة الصوفية و ثقافة التضحية:
    ضيّع مجتمعنا العربي و الإسلامي المعاصر ثقافة التضحية وترك الأنانية، ونَشْرُ ثقافة المحبّة تربي المجتمع على التضحية، وخاصة إن تصدّر الحديث عنها أهلها من الذين يرى التزامهم بها في شعاب الحياة،وتدريب المجتمع على المحبّة المثمرة،تجاوز لثقافة الادعاءات الفارغة،فكم من الأشخاص من يدعي حب الفكرة و الأمة والبلد،فينيلها من كلامه الجمل المنمّقة و العبارات الرنانة والخطب المحبوكة،ولكنّه لا ينيلها خرقة بالية في تصرفاته المتجلية في شعاب الحياة،نحن بحاجة إلى ثقافة البرهنة على صدق المحبّة،و صدقها أن تعيش ما تحب في خاصة نفسك أولا،ثم في تمثّل الأبعاد الوظيفية للمحبّة،و من عجز عن ذلك،فلا أقل من أن يسكت عن ادّعاء المحبة.
    د- المحبّة الصوفية وتعدد المرابطة دون الأمة:
    لم ينقل عن الصوفية الحق إدّعاء أنّهم المسلك الأوحد لإصلاح أوضاع الأمة،قد يقول بعضهم أنّ مسلكهم من أهم المسالك،ولكن ليس فيهم من قال بأنّه المسلك الوحيد،ولو تشبّع أفراد المجتمع ،كلّ في الفضاء الذي يحسن الإفادة فيه،بثقافة أنّ الذي هو عليه ليس إلاّ رافدا من روافد بناء المجتمع و الأمّة،و ليس الرافد الوحيد،و حَكَمَهُ مسلك التفكير في العمل الإيجابي الذي يقدّمه،لاقتصدت الأمة في الطاقات و انتفعت بالأوقات،و ابتعدت عن ثقافة الخصومات التي لا طائل منها.
    تشبّع أفراد المجتمع بثقافة المحبّة مع إقرارهم بأنهم لا يمثلون المسلك الأوحد لتنمية المجتمع،يسهم في التأسيس النظري و التطبيق العملي لقبول ثقافة تعدد المراطبة من أجل نهضة الأمة،فنبعث اجتماعيا فكرة أنّنا بحاجة إلى جهد الجميع كلّ بحسب طاقته في الفن الذي يحسن إفادة الأمة به.
                  

03-18-2014, 09:31 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    Quote: هل هذه النظرية للوجود والخالق هي نظرة الصحابة خير القرون


    هل نظرتكم انتم للكرة الارضية هى نظرة الصحابـة ومن تبعهم..

    الصحابة رضى الله عنهم وعلى رأسهم سيدنا ابوبكر عاشوا زمانهم وحلوا مشاكل عصرهم من القران والسنــة.. فهل رجال هـذا العصر، بمشاكلهم المختلفة عن مشاكل مجتمع زمن الصحابة، يستطيعون
    حلها من القران والسنـة ايضـا؟ أم انهم يتقمصون زيفا زمن الصحابة ويحاولون تطبيق حلولهم على مشاكل لم تفصل تلك الحلول لها.. وإن فعلوا فأبشر بمظاهر النفاق والكذب والتناقض بين القول والفعل.
    الصوفية حين جاءوا السودان، وجدوا سكانها الافارقة يضربون الطبول ويرقصون.. فقاموا (بتأصيل) تلك الممارسات واخترعوا النوبة وحلقات الذكر.. فهم الذين ادخلوا الإسلام فى السودان.. الصحابة
    وعلى راسهم عبدالله بن ابى السرح لم يستطيعوا دخول السودان، الصوفية هم الذين استطاعوا، ليس دخول السودان فحسب، بل دخول قلوب السودانيين.
    بعدين إنتو الوهابيـة.. عندكم شغل كتير جدا لتصحيح مساركم قبل ان تحاولوا تصحيح الاخرين.. شيوخكم المالين المطارات والشوارع، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، لو اكتشفوا كراتين وسكى
    ماشـة لأمير، يعملوا رايحين ويقبلوا غادى.. صاح واللا غلط؟ بعدين، لمن الملك؟ ولمن الجلال؟

    أمشوا إتعاركوا مع الشيعـة، فهم مثلكم مهووسين ومتطرفين..
                  

03-19-2014, 00:15 AM

ABDALLAH ABDALLAH
<aABDALLAH ABDALLAH
تاريخ التسجيل: 08-26-2007
مجموع المشاركات: 7628

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Abureesh)

    Quote: الغوص في متون التصوف

    الأخ أحمدونا,السلام عليكم
    إنما الأعمال بالنيات ولكل إمرئ ما نوى
    والنيه زاملة سيدها
    زى ما بقولواأهلنا الطيبين.

    طبعا ومن البديهى للصـوفى أن يغـوص فى أتون بحــور التصـوف للإسـتزاده والتعمق.
    أمـا عــدو الصـوفيه فإن غـاص فى أعـمـاق بحـور التصــوف
    بالتأكـيد لـيس لـحـنيه بل لـشـئ فـى نفـس يعقــوب .
                  

03-19-2014, 04:48 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ABDALLAH ABDALLAH)

    Quote: الصوفية دائما هي قائمة على مبدأ واستنكار زولان جسد الإنسان عندما تبقى هذه الفكرة راسخة في ذهنك وتستحضرها في كل لحظة وتستذكرك فنائك لبس فقط قبل موت ولكن في حياتك و حسب الحديث المعروف بحضرة النبي "موتوا قبل أن تموتوا" يعني أنه يجب أن يتذكر الإنسان زولان جسده وشخصه قبل الموت ... من ما يسمى الفناء في الله من ما جعلهم مغيبين هذا التغيب ليس تهميشا من طرف السلطات الزمنية

    شكرا أحمد صالح -- بالضبط تلك هي فكرة الفناء وترسخها في الفكر الصوفي ....

    Quote: الصوفية حين جاءوا السودان، وجدوا سكانها الافارقة يضربون الطبول ويرقصون.. فقاموا (بتأصيل) تلك الممارسات واخترعوا النوبة وحلقات الذكر.. فهم الذين ادخلوا الإسلام فى السودان.. الصحابة
    وعلى راسهم عبدالله بن ابى السرح لم يستطيعوا دخول السودان، الصوفية هم الذين استطاعوا، ليس دخول السودان فحسب، بل دخول قلوب السودانيين.

    أخ / أبو الريش --- دعنا نتحاور ونتفاكر --- جلنا نشأنا في بيئه صوفية --- ما العيب أن نسعى لتنقية الشوائب التي علقت بها بالفكر الصوفي بنفس هادئ ......
    Quote: طبعا ومن البديهى للصـوفى أن يغـوص فى أتون بحــور التصـوف للإسـتزاده والتعمق.
    أمـا عــدو الصـوفيه فإن غـاص فى أعـمـاق بحـور التصــوف

    أستاذ/ عبد الله عبدالله --- شكراٍ لمرور --- وعصرت علي في موضوع عدو الصوفية --- اتمنى مساهمتك عن الفكر الصوفي ولك الباع الطويل استاذي.....

    (عدل بواسطة ahmedona on 03-19-2014, 04:53 AM)

                  

03-19-2014, 01:59 AM

قصي محمد عبدالله

تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 3140

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    سلامي للجميع،
    كنت أود التعديل في مداخلتي الأولى ولكن آثرت فتح مداخلة أخرى وذلك بهدف ترفيع المنشور.
    وكما وعدت سابقا بإهداء إخواني المريدين كتابين:

    مدارج السالكين



    المعجم الصوفي:
                  

03-19-2014, 04:51 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: قصي محمد عبدالله)

    الأخ قصى، سلام..

    الملفات التى تكرمت بها شكلها برامج exe قابلة للتنفيـذ، لذلك لم أنزلها ولا انصح بتنزيلها..

    لماذا لا تكون فى شكل pdf؟

    وشكرا
                  

03-19-2014, 05:02 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Abureesh)

    Quote: التصوف فى الاسلام يتشابه لحد كبير مع المسيحية الارذوكسية و الكاثولوكية من حيث الطقوس الروحانية.

    أخ / زكريا جوزيف --- سعيد بمشاركتك -- نعم هناك تشابه في الطقوس الروحانية ---

    من الواضح تأثر التصوف من بعض الافكار والمفاهيم النصرانية متمثله في فكرة المعرفة والشهود والتأمل والفناء، هي من تأثيرات النصرانية على التصوف .....
    وهو ما ذهب إليه القديس برنار بنظرته للحياة المسيحية الصوفية تنحصر في اتباع طريق النجاة، وطريق النجاة في نظره بأن يقوم العابد الزاهد بالبحث والتأمل في نفسه ثم في العالم ثم في الإله ......
    ينقضي الى الإدراك اليقيني البعيد عن أي ريب في الحقيقة ................
    ويرتقي الى الغيبوبة التي تكون الروح فيها شاغرة بنفسها فتسمو إلى مرتبة الاستمتاع بالصلة الإلهية .......
                  

03-19-2014, 07:02 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: هل نظرتكم انتم للكرة الارضية هى نظرة الصحابـة ومن تبعهم..

    الصحابة رضى الله عنهم وعلى رأسهم سيدنا ابوبكر عاشوا زمانهم وحلوا مشاكل عصرهم من القران والسنــة.. فهل رجال هـذا العصر، بمشاكلهم المختلفة عن مشاكل مجتمع زمن الصحابة، يستطيعون
    حلها من القران والسنـة ايضـا؟ أم انهم يتقمصون زيفا زمن الصحابة ويحاولون تطبيق حلولهم على مشاكل لم تفصل تلك الحلول لها.. وإن فعلوا فأبشر بمظاهر النفاق والكذب والتناقض بين القول والفعل.
    الصوفية حين جاءوا السودان، وجدوا سكانها الافارقة يضربون الطبول ويرقصون.. فقاموا (بتأصيل) تلك الممارسات واخترعوا النوبة وحلقات الذكر.. فهم الذين ادخلوا الإسلام فى السودان.. الصحابة
    وعلى راسهم عبدالله بن ابى السرح لم يستطيعوا دخول السودان، الصوفية هم الذين استطاعوا، ليس دخول السودان فحسب، بل دخول قلوب السودانيين.
    بعدين إنتو الوهابيـة.. عندكم شغل كتير جدا لتصحيح مساركم قبل ان تحاولوا تصحيح الاخرين.. شيوخكم المالين المطارات والشوارع، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، لو اكتشفوا كراتين وسكى
    ماشـة لأمير، يعملوا رايحين ويقبلوا غادى.. صاح واللا غلط؟ بعدين، لمن الملك؟ ولمن الجلال؟

    أمشوا إتعاركوا مع الشيعـة، فهم مثلكم مهووسين ومتطرفين..

    ابو الريش تحية
    لو طبقنا فحوى إقتباسك المبني على فكرة الرسالة الثانية لوجدنا ان عين ما تقوله ينطبق ايضا على الفكر الصوفي ، فإن أدواته واساليبه لا تصلح لإنسان اليوم وكما قال استاذ فكرتكم فعلى اهل الطرق جميعا ان يتركوا طرقهم ويتبعوا طريق الفكر الجمهوري .
    إذن ينطبق على التصوف أيضا ما تريد تطبيقه على المنهج السلفي .
    مع التحية
                  

03-19-2014, 07:19 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    طبقات التصوف ومكانتهم نجد شرحاً لها في كتاب الفتوحات المكية لإبن عربي الجزء الثاني صفحة (40):
    " والمجمع عليه من أهل الطريق أنهم على ست طبقات أمهات: أقطاب، وأئمة، وأوتاد، وأبدال، ونقباء، ونجباء ".

    ونجد في كتاب ختم الأولياء للترمزي الحكيم صفحة (495):
    "ولهم مراتب. الأولى مرتبة القطبية ، ولا يكون فيها أبدا إلا واحد بعد واحد، ويسمى غوثا، لكونه مغيثا للخلق في أحوالهم . ثم مرتبة الإمامين، وهما كالوزيرين للسلطان . أحدهما صاحب اليمين، وهو المتصرف بإذن القطب في عالم الملكوت والغيب، وثانيهما صاحب اليسار، وهو المتصرف في عالم الملك والشهادة . وعند إرتحال القطب إلى الآخرة، لا يقوم مقامه، منهما وإلا صاحب اليسار، لكونه أكمل في السير من صاحب اليمين: لأنه، بعد، ما نزل في السير من عالم الملكوت إلى عالم الملك، وصاحب اليسار نزل إليه، وكملت دايرته في السير والوجود. ثم مرتبة الأربعة، كالأربعة من الصحابة ، رضي اله عنهم أجمعين! ثم مرتبة البدلاء السبعة ، الحافظين للأقاليم السبعة. وكل منهم قطب للإقليم الخاص به. ثم مراتب الأولياء العشرة ، كالعشرة المبشرة . ثم مراتب الإثني عشر، الحاكمين على البروج الإثني عشر، وما يتعلق بها ويلزمها من حوادث الأكوان . ثم العشرين والأربعين والتسعة والتسعين، مظاهر الأسماء الحسنى، إلى الثلاثمائة والستين. وهؤلاء قايمون في العالم على سبيل البدل، في كل زمان، ولا يزيد عددهم ولا ينقص إلى يوم القيامة . وغيرهم من الأولياء يزيدون وينقصون، بحسب ظهور التجلي الإلهي وخفائه . وبعدهم: مرتبة الزهاد والعباد والعلماء من المؤمنين، الكائنين في كل زمان إلى يوم الدين . وجميع هؤلاء المذكورين، داخلون في حكم القطب . والأفراد الكمل، الذين تعادل مرتبتهم مرتبة القطب إلا في الخلافة، هم الخارجون من حكمه. فإنهم يأخذون من الله، سبحانه، ما يأخذون من المعاني والأسرار الإلهية بخلاف الداخلون في حكمه، فإنهم لا يأخذون شيئا إلا منه ".

    ونجد في كتاب روضة التعريف لمؤلفه الوزير لسان الدين بن الخطيب صفحة (432) :
    " خواص الله في أرضه، ورحمة الله في بلاده على عباده: الأبدال، والأقطاب، والأوتاد، والعرفاء، والنجباء، والنقباء، وسيدهم الغوث ".

    ونجد في كتاب كشف المحجوب للهجيري صفحة (447):
    " أهل الحل والعقد، وقادة حضرة الحق جل جلاله، فثلاثمائة يدعون الأخيار، وأربعون آخرون يسمون الأبدال، وسبعة آخرون يقال لهم: الأبرار، وأربعة يسمون الأوتاد، وثلاثة آخرون يقال لهم: النقباء، وواحد يسمى القطب والغوث. وهؤلاء جميعا يعرفون أحدهم الآخر، ويحتاجون في الأمور لإذن بعضهم البعض ".

    ونجد في كتاب التعريفات للجرجاني صفحة (154):
    " القطب ، وهو الغوث: عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان ومكان، وهو على قلب إسرائيل عليه السلام . الإمامان: هما شخصان، أحدهما عن يمين الغوث ونظره في الملكوت، والآخر عن يساره، ونظره في الملك، وهو أعلى من صاحبه، وهو الذي يخلف الغوث. الأوتاد: عبارة عن أربعة رجال منازلهم على منازل أربعة أركان من العالم: شرق وغرب وشمال وجنوب، مع كل واحد منهم مقام تلك الجهة. البدلاء: هم سبعة، ومن سافر من القوم من موضعه وترك جسدا على صورته حتى لا يعرف أحد أنه فقد، فذلك هو البدل لا غير، وهم على قلب إبراهيم عليه السلام. النجباء: أربعون، وهم المشغولون بحمل أثقال الخلق فلا يترفون إلا في حق الغير. النقباء: هم الذين استخرجوا خبايا النفوس، وهم ثلاثمائة ".

    ونجد تلك المفاهيم واضحة وجليه في قصائد أهل التصوف في السودان مثل قصيدة مصر المؤمنه للشيخ البرعي ............
                  

03-19-2014, 07:22 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    قصيدة مصر المؤمنة---الشيخ البرعي

    يا صاحِ هِمَّنا لزيارة اُمنا مصر المؤمّنا بأهل الله
    نـدعـوك بالأربـعـة والكـتـب الأربـعـة
    والـسـور المـائـة والعـشـرة وأربـعـة
    بالملائـكـة السـتـة والكـرمـا الأربـعـة
    بنبيـنـا محـمـد والخـلـفـاء الأربـعــة
    والسـتـة البَعُـدُهـم والأئـمـة الأربـعـة
    والفقـهـا السبـعـة وأقطابـنـا الأربـعـة
    أوتــاد الأرضِ فــي القِـبَـل الأربـعــة
    الأبـدال والنقبـا العـشـرة فــي أربـعـة

                  

03-19-2014, 09:19 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)



    التصوف والعلوم المكتسبه - والعلوم اللدنية :
    العلوم الكسبية :
    " هي التي يحصلها الإنسان عن طريق التعلم والقراءة والكتابة وعن طريق التلقي من المشايخ والعلماء ".
    يقول الإمام الغزالي في ذلك :
    " أما العلم فهو العلم بالأمور الدنيوية والآخروية والحقائق العقلية …… وهي تتحصل له - أي العلوم الكسبية – بالتجارب والفكر، والناس في هذا مراتب لا تحصى يتفاوت الخلق فيها بكثرة المعلومات وقلتها وبشرف المعلومات وخستها وبطريق تحصيلها".

    العلوم اللدنية أوالعلوم الوهبية :
    " هـي العلوم التي يحصلها الإنسان بلا جهد وذلك بتحصيلها مـن الله تعالى مباشـرة - مستدليـن بقوله تعالى " وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا".
    " تحصل لبعض القلوب بإلهام إلهي على سبيل المبادأة والمكاشفة …… وهي درجات …… وأقصى الرتب رتبة النبي صلى الله عليه وسلم الذي تنكشف له كل الحقائق أو أكثرها من غير اكتساب وتكلف، بكشف إلهي في أسرع وقت".

    - أبي يزيد البسطامي والعلم الوهبي:
    " أخذتم علمكم من علماء الرسوم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت".

    - رسالة ابن عربي رسالة الفخر الرازي :
    " اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك أن الرجل لا يكتمل عندنا في مقام العلم حتى يكون علمه عن الله عز وجل بلا واسطة من نقل أو شيخ".

    طرق تحصيل العلوم الوهبية اللدنية :
    1- الكشف
    : الاطلاع على ما وراء الحجب من المعاني الغيبية. - وهو العلم اليقيني الذي تنكشف فيه العلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب ولا يقارنه إمكان الغلط والوهم ولا يتسع القلب لتقدير.

    2- الذوق :
    وهو نور عرفاني يقذفه الحق بتجليه في قلوب أوليائه ويفرقون به بين الحق والباطل من غير أن ينقلوا ذلك من كتاب أو غيره.

    3- الوجد :
    وهو ما يصادف القلب دون تكلف.

    4- الإلهام
    : هو الاطلاع على أسرار الغيب بعين البصيرة في عالم المثال بلا شك ولا شبهة اطلاعاً غيبياً -- وهو ما يلقى في الروع بطريق الفيض أو هو ما وقع في القلب من علم.

    5- الفراسه :
    هي قدرة المؤمن التقي على توسم الخير أو الشر بمن حوله من الأشخاص والكائنات.

    6- الرؤى المنامية :
    واستدلوا رواية الرؤيا الصالحة.


                  

03-19-2014, 11:33 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: وكما قال استاذ فكرتكم فعلى اهل الطرق جميعا ان يتركوا طرقهم ويتبعوا طريق الفكر الجمهوري .


    الأخ الكريم محمد الزبير محمود
    عارف يا أخ محمد ان اهم شئ فى النقاش والحوار الآمانـة.. وتحرى الصدق.. أرجوك اقرأ ما قاله الأستاذ هنا فى موضوع: انغلاق الطرق الصوفية

    وخصوصا هـذه القفرة:
    Quote:
    إلى الراغبين في الله، السالكين إليه، من جميع الطرق ومن جميع الملل.
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمدا داعيا إليه ومرشدا ومسلكا في طريقه. وقد انغلقت اليوم بتلك الاستدارة الزمانية جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله، وموصلة إليه، إلا طريق محمد.. فلم تعد الطرق الطرق ولا الملل الملل منذ اليوم.

    (عدل بواسطة Abureesh on 03-19-2014, 11:39 AM)

                  

03-19-2014, 12:24 PM

بابكر قدور
<aبابكر قدور
تاريخ التسجيل: 02-26-2013
مجموع المشاركات: 1561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Abureesh)

    Quote: يا صاحِ هِمَّنا لزيارة اُمنا مصر المؤمّنا بأهل الله
    نـدعـوك بالأربـعـة والكـتـب الأربـعـة
    والـسـور المـائـة والعـشـرة وأربـعـة
    بالملائـكـة السـتـة والكـرمـا الأربـعـة
    بنبيـنـا محـمـد والخـلـفـاء الأربـعــة
    والسـتـة البَعُـدُهـم والأئـمـة الأربـعـة


    الأخ أحمدونا
    لك الود والتحايا الطيبات

    وللمتداخلين معك مثلها .. تابعت هذا البوست ولكن صراحة ليس بالدقة
    التي تبلغ قراءة كل كلمة فيه .. وأردت التدخل منذ البداية ولكن استوقفني
    المقتبس أعلاه .. حيث تفضلت وأوردت قصيدة الشيخ البرعي .. وأراك
    قد لونت جزءاً منها لتلفت نظر القارئ للأوتاد والأقطاب والأبدال والنقبا
    وهو مالم يرده الشيخ .. الواضح والملفت في هذه القصيدة وهو ما أراده
    الشيخ البرعي هو الرقم أربعة .. وهاكه فيما اقتبست أنا دونما فعلته أنت
    وقد كفر البعض الشيخ البرعي وأخرجوه من ملة الإسلام بهذه القصيدة
    لأن كل صاحب هوى .. وجد طرفاً منها يحمل هواه .. فهلا أفهمتنا بارك
    الله فيك ما هي قصة الرقم أربعة في هذه القصيدة؟
    ودى وتحياتي وتقديري ....
                  

03-19-2014, 01:41 PM

قصي محمد عبدالله

تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 3140

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: Abureesh)

    Quote: لأخ قصى، سلام..

    الملفات التى تكرمت بها شكلها برامج exe قابلة للتنفيـذ، لذلك لم أنزلها ولا انصح بتنزيلها..

    لماذا لا تكون فى شكل pdf؟

    وشكرا

    مدارج السالكين صحيح pdf لاتخاف منها،
    والثاني موجود عندي في القرص الصلب (موسوعة كاملة) مرفعها من جهازي عن طريق مركز الخليج ،وليست من النت.
                  

03-19-2014, 06:28 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: قصي محمد عبدالله)

    Quote: حيث تفضلت وأوردت قصيدة الشيخ البرعي .. وأراك
    قد لونت جزءاً منها لتلفت نظر القارئ للأوتاد والأقطاب والأبدال والنقبا
    وهو مالم يرده الشيخ .. الواضح والملفت في هذه القصيدة وهو ما أراده
    الشيخ البرعي هو الرقم أربعة .


    شكراً قدور لمرورك --- سوف أتطرق لعلم الباطن وعلم الحروف وهو جزء من علم الباطن بالفكر الصوفي....

    خليك قريب
                  

03-19-2014, 06:51 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    كيفية الدخول في الطريق الصوفي:
    تم إيضاح آلية الولوج لعالم التصوف في كتاب عوارف المعارف للسهروردي - وما كتبه عبدالقادر الجيلاني في كتاب الغنية .......

    كما شرح المنوفي في كتاب جمهرة الأولياء آلية الولوج الى عالم التصوف:
    " وإذن فهناك طريق الله، وسالك يسلك ذلك الطريق، ومرشد يدل على مفاوز الطريق… وذلك الطريق الذي كان أول مرشد له الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن تحلى بدقائق الإيمان… وبعبارة أخرى هو طريق التصوف الذي كان أول خطوة فيه أن بايع الرسول صلى الله عليه وسلم العشرة أهل بيعة الرضوان… فمن بدأ السير فيه فهو مريد التصوف، ومن توسط فهو سالك متعرف، ومن انتهي إلى مقام التحقيق فهو المرشد المحقق".

    ويواصل المنوفي في كتاب جمهرة الأولياء الجزء الأول صفحة (312):
    " أول المنازل في الطرق الصوفية يسمى فيها الداخل مريداً، أي يريد السير في الطريقة، وتسمى منزلة الإرادة يقبله الشيخ ويأخذ عليه العهود بالتوبة من الذنوب وصدق النية وترداد الأوراد المقررة عليه من الشيخ ، وألا يعتقد أي معتقد لم يقره الشيخ، ولا يحق له الاعتراض على الشيخ حتى إن رآه مخطئاً.
    ويسمى بعد توجهه وإرادته المذهب الصوفي سالكاً، وبعد استمراره وسلوكه ومواظبته على الأوراد التي يلقنه الشيخ، فإذا أتقنها انتقل إلى مرتبة أخرى تسمى مرتبة العبودية"

    مرتبة العبودية :
    " العبادة غاية التذلل للعامة، والعبودية صدق القصد للخاصة" وعليه أن يكثر من الضراعة والإلحاح إلى الله بترداد ما يمليه عليه المشايخ من أذكار وأوراد.

    مقام العشق لله :
    ينتقل المريد إلى مقام آخر حيث تقبل عليه العناية الإلهية وينتقل قلبه إلى مقام العشق لله، وعلى المريد هنا أن يكثر من الرياضة التي توصله إلى ربه ، فيكثر من الأوراد والعزلة بنفسه والندم الشديد حتى تتملكه – حال علوية شريفة

    مقام الوجد :
    ثُم ينتقل المريد بها إلى مقام يسمى الوجد...
    ويقول نفس المصدر أعلاه :
    "الوجود: وجدان الحق بذاته ولهذا تسمى حضرة الجمع حضرة الوجود" ومنها الى مقام الهيام .....

    - مقام الهيام :

    وهو أسمى من مقام العشق، وعند هذا المقام تتوارد على قلب السالك النفحات الربانية، ويعتقدون أنه في هذه الحال تزداد معرفة السالك الباطنة الصفات الذات العلية.....

    - مقام الحقيقة :

    وهنا يصل السالك إلى الحقيقة وتسمى هذه المرحلة - مقام الحقيقة – التي يعرفها المنوفي بأنها "مشاهدة الربوبية"

    "مشاهدة الربوبية" :
    وهي في الحقيقة الوصول إلى الأعماق والحلول، فإذا وصل إلى مقام الحقيقة يمكنه أن يظل يرتقي إلى أن يحقق منازل ثلاثاً هي: "الفناء"، و "اللقاء"، و "البقاء"، والفناء يقصدون به أن يفنى العبد عن كل شيء في الله تعالى ، ويصير كما قال الحلاج: ما في الجبة إلا الله.


    (عدل بواسطة ahmedona on 03-19-2014, 07:00 PM)

                  

03-19-2014, 07:16 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)


    طرق ومسالك وقواعد الصوفية :

    1- أول ما يجب على الداخل هو أن يختار الفرد أو الجماعة من المريدين شيخاً لهم يسلك بهم رياضة خاصة بهم على دعوى تصفية القلب للوصول بالمريد إلى معرفة الله.

    2- أن يتبع المريد شيخه اتباعاً مطلقاً .

    3- عليه أن يردد ما يردده الشيخ من أذكار.

    4- ثم يكون وجوباً عليه أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء، فإن الاعتراض وإبداء الرأي من أكبر الأخطار على المريد وطرده عن رحمة الله.

    5- وعليه كذلك أن يعتقد أن جميع ما يفعله الشيخ هو الحق والصواب .

    6- كما أنه يجب عليه أن يجتاز تلك الخلوة المفروضة.

    7- وأن يتصور صورة الشيخ ماثلة أمامه في كل حال، وأن يعتقد أن الشيخ يعلم بكل شيء عنه وهو في داخل خلوته، ويعرف كل شؤونه ما دق منها وما جل.

    8- وأن لا يغير شيخه بآخر.

    9- ولا يزور أحد المشايخ والأولياء ما دام في أول أمره.

    10- وأن يمشي في الطريقة منزلة منزلة حتى يصل إلى القطبانية.

    11- وألا يخالط المقصرين والبطالين من أهل قيل وقال.

    12- وألا يضن بماله ولو طلبه الشيخ كله.

    13- وأن يرضى بالذل الدائم وحرمان النصيب، والجوع الدائم والخمول ، وتقديم أضرابه وأشكاله وأقرانه عليه في الإكرام والعطاء والتقريب عند الشيوخ ومجالس العلماء، فيجوع هو والجماعة يشبعون والكل أعزاء ونصيبه الذل، ويعز الجماعة ويستجيز الذل ويجعله نصيبه. قال الجيلاني بعد أن ذكر ما سبق:"فمن لم يرض بهذا ويوطن نفسه عليه فلا يكاد أن يفتح عليه ويجيء منه شيء".

                  

03-19-2014, 07:14 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: قصي محمد عبدالله)

    Quote: تعرف الصوفية بأنها :
    كتاب التعريفات للجرجاني صفحة (141) : " السيرة المختصة بالسالكين إلى الله – تعالى – من قطع المنازل والترقي في المقامات"

    والطريقة الصوفية يؤسسهها شيخ يدعي أنه يترقى في المنازل ومقامات الأولياء كالقطب - والغو - والوتد - والبدل ....
    ومن مقتضيات شيخ الطريقة أن تكون له كرامات ومكاشفات وذكر خاص به يتلقاه من الغيب --- أما مباشرة من الله سبحانه وتعالى -
    أو نزل إليه مكتوباًً - أو أتاه من النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظه أو المنام -- أو أتته تلك الكرامات من الخضر عليه السلام ......
    ولابد لشيخ الطريقة أن يكون له ذكر خاص به -- وشيخ الطريقة يؤرث الولاية الى أبناءه أو أحد أفراد الأسرة ....

    هذا التعريف غير دقيق وغير منصف
    أولاً مصطلحات الأبدال والأغواث قد وردت فيها أحدايث متواترة وإن كانت في جملتها ضعيفه رغم كثرتها ولكن بعض ما ورد فيها له شواهد في الصحيح والحسن
    فقد قال الحافظ السيوطي أن تواترها يرفعها لدرجة الحسن ..
    وقد إستخدم لفظ (أبدال) الإمام الحافظ البخاري: فقال في رجل : كانوا لا يشكون أنه من الأبدال
    أما الرؤية القلبية في في اليقظة والمنام لسيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام مثبة في الصحيحين
    أما الواردات والمكاشفات فهي كذلك من الرؤى الثابتة فهي البشرى في الحياة الدنيا كما فيي آية الأوليا في كتب الله كما جاء التفسير بقول البشير النذير صلى الله عليه وسلم
    هي الرؤية الصالحة يراها العبد أو ترى له ...وقال في حديث للبخاري : الرؤية الصالحة جزء من ستة أربعين جزءاً من النبوءة

    Quote: روى البخاري (6989) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة
    عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) .
    وقد وردت رواية أخرى في عد أجزاء النبوة ، ينظر : "فتح الباري" (12 /363) .

    وقد اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث اختلافا واضحا :
    فقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : أَجْزَاء النُّبُوَّة لَا يَعْلَم حَقِيقَتهَا إِلَّا مَلَك أَوْ نَبِيٌّ , وَإِنَّمَا الْقَدْر الَّذِي أَرَادَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّن أَنَّ الرُّؤْيَا جُزْء مِنْ أَجْزَاء النُّبُوَّة فِي الْجُمْلَة ، لِأَنَّ فِيهَا اِطِّلَاعًا عَلَى الْغَيْب مِنْ وَجْه مَا , وَأَمَّا تَفْصِيل النِّسْبَة فَيَخْتَصّ بِمَعْرِفَتِهِ دَرَجَة النُّبُوَّة .
    وَقَالَ الْمَازِرِيّ : لَا يَلْزَم الْعَالِم أَنْ يَعْرِف كُلّ شَيْء جُمْلَة وَتَفْصِيلًا , فَقَدْ جَعَلَ اللَّه لِلْعَالِمِ حَدًّا يَقِف عِنْده , فَمِنْهُ مَا يَعْلَم الْمُرَادَ بِهِ جُمْلَة وَتَفْصِيلًا , وَمِنْهُ مَا يَعْلَمهُ جُمْلَة لَا تَفْصِيلًا , وَهَذَا مِنْ هَذَا الْقَبِيل .
    وذهب بَعْض أَهْل الْعِلْم إلى أن وجه المناسبة في ذكر هذا العدد في الحديث أَنَّ اللَّه أَوْحَى إِلَى نَبِيّه فِي الْمَنَام سِتَّة أَشْهُر , ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ فِي الْيَقَظَة بَقِيَّة مُدَّة حَيَاته , وَنِسْبَتهَا مِنْ الْوَحْي فِي الْمَنَام جُزْء مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا ، لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْد النُّبُوَّة ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة عَلَى الصَّحِيح . وقد أنكر هذا التأويل ابن بطال والخطابي وغيرهما .
    وقَالَ النَّوَوِيّ : لَمْ يَثْبُت أَنَّ زَمَن الرُّؤْيَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سِتَّة أَشْهُر .

    وقَالَ الْمَازِرِيّ : وَقِيلَ : الْمُرَاد أَنَّ لِلْمَنَامَاتِ شَبَهًا مِمَّا حَصَلَ لَهُ وَمَيَّزَ بِهِ من النُّبُوَّة ، بِجُزْءٍ مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا .

    وقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الرُّؤْيَا تَأْتِي عَلَى مُوَافَقَة النُّبُوَّة , لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ مِنْ النُّبُوَّة .
    وقال ابن الأثير :
    " ليس المعْنى أن النُّبوّة تَتَجزَّأ ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوّة ، فإن النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة ، ولا مُجْتَلبَة بالأسباب ،
    وإنَّما هي كرامة من اللّه تعالى .

    أما الكرامات فإجماع أهل السنة على أن كل ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي....حتى إحياء الله الموتى للولي ثبتت في أخبار صحيحة لصاحبة
    وغيرهم .
    وبالجملة فليست هذه شروط لشيخ الطريقة فهم مشهور عندهم أي الصوفية : الإستقامة خير من ألف كرامة

                  

03-19-2014, 07:34 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    Quote: أولاً مصطلحات الأبدال والأغواث قد وردت فيها أحدايث متواترة وإن كانت في جملتها ضعيفه رغم كثرتها ولكن بعض ما ورد فيها له شواهد في الصحيح والحسن
    فقد قال الحافظ السيوطي أن تواترها يرفعها لدرجة الحسن ..

    مرحب بيك أخ / منتصر عبد الباسط -- ومرحب بمساهماتك لتعم الفائدة .....
                  

03-19-2014, 07:35 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    أنظر لترجمة الإمام الغزالي الصوفي الفقيه للإمام الذهبي قال في كتابه سير أعلام النبلاء
    الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان زين الدين أبو [ ص: 323 ] حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي ، الشافعي ، الغزالي ، صاحب التصانيف ، والذكاء المفرط .

    تفقه ببلده أولا ، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة ، فلازم إمام الحرمين ، فبرع في الفقه في مدة قريبة ، ومهر في الكلام والجدل ، حتى صار عين المناظرين ، وأعاد للطلبة ، وشرع في التصنيف ، فما أعجب ذلك شيخه أبا المعالي ، ولكنه مظهر للتبجح به ، ثم سار أبو حامد إلى المخيم السلطاني ، فأقبل عليه نظام الملك الوزير ، و سر بوجوده ، وناظر الكبار بحضرته ، فانبهر له ، وشاع أمره ، فولاه النظام تدريس نظامية بغداد ، فقدمها بعد الثمانين وأربعمائة ، وسنه نحو الثلاثين ، وأخذ في تأليف الأصول والفقه والكلام والحكمة ، وأدخله سيلان ذهنه في مضايق الكلام ، ومزال الأقدام ، ولله سر في خلقه .

    وعظم جاه الرجل ، وازدادت حشمته بحيث إنه في دست أمير ، وفي رتبة رئيس كبير ، فأداه نظره في العلوم وممارسته لأفانين الزهديات إلى رفض الرئاسة ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتأله ، والإخلاص ، وإصلاح النفس ، فحج من وقته ، وزار بيت المقدس ، وصحب الفقيه نصر بن إبراهيم بدمشق ، وأقام مدة ، وألف كتاب " الإحياء " ، وكتاب [ ص: 324 ] " الأربعين " ، وكتاب " القسطاس " ، وكتاب " محك النظر " . وراض نفسه وجاهدها ، وطرد شيطان الرعونة ، ولبس زي الأتقياء ، ثم بعد سنوات سار إلى وطنه ، لازما لسننه ، حافظا لوقته ، مكبا على العلم .
                  

03-19-2014, 07:40 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    وهذه كلام كبار جمع من كبار علماء أهل السنة في الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني مؤسس التصوف الجماعي منقول من ويكيبيديا
    قال الإمام النووي : ما علمنا فيما بلغنا من التفات الناقلين وكرامات الأولياء أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغداد محيي الدين عبد القادر الجيلاني، كان شيخ السادة الشافعية والسادة الحنابلة ببغداد وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج بصحبته غير واحد من الأكابر وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق وتتلمذ له خلق لا يحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد علية إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والإعظام, والرجوع إلى قولة والمصير إلى حكمه, وأُهرع إليه أهل السلوك - التصوف - من كل فج عميق. وكان جميل الصفات شريف الأخلاق كامل الأدب والمروءة كثير التواضع دائم البشر وافر العلم والعقل شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظما لأهل العلم مُكرِّماً لأرباب الدين والسنة, مبغضاً لأهل البدع والأهواء محبا لمريدي الحق مع دوام المجاهد ولزوم المراقبة إلى الموت. وكان له كلام عال في علوم المعارف شديد الغضب إذا انتهكت محارم الله سبحانه وتعالى سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة. وبالجملة لم يكن في زمنه مثله [9].
    قال الإمام العز بن عبد السلام : إنه لم تتواتر كرامات أحد من المشايخ إلا الشيخ عبد القادر فإن كراماته نقلت بالتواتر[10].
    قال الذهبي : الشيخ عبد القادر الشيخ الامام العالم الزاهد العارف القدوة، شيخ الاسلام، علم الأولياء، محيي الدين، أبو محمد، عبد القادر بن أبي صالح عبد الله ابن جنكي دوست الجيلي الحنبلي، شيخ بغداد.[11]
    قال أبو أسعد عبد الكريم السمعاني: هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح، كثير الذكر دائم الفكر, وهو شديد الخشية, مجاب الدعوة، أقرب الناس للحق، ولا يرد سائلا ولو بأحد ثوبيه.
    قال الإمام ابن حجر العسقلاني الكناني : كان الشيخ عبد القادر متمسكاً بقوانين الشريعة, يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة ومزج ذلك بمخالطة الشاغل عنها غالبا كالأزواج والأولاد, ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأنها صفة صاحب الشريعة صلى الله علية وسلم[12].
    قال ابن قدامة المقدسي: دخلنا بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة فإذا الشيخ عبد القادر بها انتهت إليه بها علما وعملا وحالا واستفتاء, وكان يكفي طالب العلم عن قصد غيره من كثرة ما اجتمع فيه من العلوم والصبر على المشتغلين وسعة الصدر. كان ملئ العين وجمع الله فيه أوصافاً جميلة وأحوالاً عزيزة, وما رأيت بعده مثله ولم أسمع عن أحد يحكي من الكرامات أكثر مما يحكى عنه, ولا رأيت احداً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه[13].
    قال ابن رجب الحنبلي : عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ثم البغدادي, الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ وسيد أهل الطريقة, محيي الدين ظهر للناس, وحصل له القبول التام, وانتصر أهل السنة الشريفة بظهوره, وانخذل أهل البدع والأهواء, واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته, وجاءته الفتاوى من سائر الأقطار, وهابه الخلفاء والوزراء والملوك فمن دونهم[14].
    قال الحافظ ابن كثير : الشيخ عبد القادر الجيلي، كان فيه تزهد كثير وله أحوال صالحة ومكاشفات[15].
    قال الإمام اليافعي : قطب الأولياء الكرام، شيخ المسلين والإسلام ركن الشريعة وعلم الطريقة, شيخ الشيوخ, قدوة الأولياء العارفين الأكابر أبو محمد عبد القادر بن
    أبي صالح الجيلي قدس سره ونور ضريحه, تحلى بحلي العلوم الشرعية وتجمل بتيجان الفنون الدينية, وتزود بأحسن الآداب وأشرف الأخلاق, قام بنص الكتاب
    والسنة خطيبا على الأشهاد, ودعا الخلق إلى الله سبحانه وتعالى فأسرعوا إلى الانقياد, وأبرز جواهر التوحيد من بحار علوم تلاطمت أمواجها, وأبرأ النفوس من
    أسقامها وشفى الخواطر من أوهامها وكم رد إلى الله عاصياً, تتلمذ له خلق كثير من الفقهاء[16].
    قال الإمام الشعراني : طريقته التوحيد وصفاً وحكما وحالا وتحقيقه الشرع ظاهرا وباطناً[17].
    قال الإمام أحمد الرفاعي : الشيخ عبد القادر من يستطيع وصف مناقبه, ومن يبلغ مبلغة, ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه, وبحر الحقيقة عن يساره من أيهما شاء اقترف,
    لا ثاني له في وقتنا هذا[18].
    قال الشيخ بقا بن بطو : كانت قوة الشيخ عبد القادر الجيلاني في طريقته إلى ربة كقوى جميع أهل الطريق شدة ولزوما وكانت طريقته التوحيد وصفا وحكما وحالاً[19].
    قال ابن السمعاني عنه: إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح، ديِّن خيِّر، كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة.
                  

03-19-2014, 07:58 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    24- قال الإمام الذهبي في كتابه ترجمة الحفاظ
    وسمعت من صدر الدين الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام إبراهيم بن محمد ابن المؤيد بن حمويه الخراساني الجوينيشيخ الصوفية،
    قدم علينا طالب حديث "و" روى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء حسن القراءة مليح الشكل مهيبًا دينًا صالحًا،
    وعلى يده أسلم غازان الملك، مات سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وله ثمان وسبعون سنة،
                  

03-19-2014, 08:06 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    وهذه ترجمة الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء للشيخ الإمام الرفاعي المنسوب له الطريقة الرفاعية

    الإمام ، القدوة ، العابد ، الزاهد ، شيخ العارفين أبو العباس [ ص: 78 ] أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الرفاعي المغربي ثم البطائحي .

    قدم أبوه من المغرب ، وسكن البطائح ، بقرية أم عبيدة . وتزوج بأخت منصور الزاهد ، ورزق منها الشيخ أحمد وإخوته .

    وكان أبو الحسن مقرئا يؤم بالشيخ منصور ، فتوفي وابنه أحمد حمل .

    فرباه خاله ، فقيل : كان مولده في أول سنة خمسمائة .

    قيل : إنه أقسم على أصحابه إن كان فيه عيب ينبهونه عليه ، فقال الشيخ عمر الفاروثي : يا سيدي أنا أعلم فيك عيبا .
    قال : ما هو ؟ قال : يا سيدي ، عيبك أننا من أصحابك . فبكى الشيخ والفقراء ، وقال - أي عمر - : إن سلم المركب ، حمل من فيه .

    قيل : إن هرة نامت على كم الشيخ أحمد ، وقامت الصلاة فقص كمه ، وما أزعجها ، ثم قعد ، فوصله ، وقال : ما تغير شيء .

    وقيل : توضأ ، فنزلت بعوضة على يده ، فوقف لها حتى طارت .

    [ ص: 79 ] وعنه قال : أقرب الطريق الانكسار والذل والافتقار ; تعظم أمر الله ، وتشفق على خلق الله ، وتقتدي بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    وقيل : كان شافعيا يعرف الفقه . وقيل : كان يجمع الحطب .

    ويجيء به إلى بيوت الأرامل ، ويملأ لهم بالجرة .

    قيل له : أيش أنت يا سيدي ؟ فبكى ، وقال : يا فقير ، ومن أنا في البين ، ثبت نسب واطلب ميراث .

    وقال لما اجتمع القوم ، طلب كل واحد شيئا فقال هذا اللاش أحمد : أي رب علمك محيط بي وبطلبي فكرر علي القول . قلت : أي مولاي ، أريد أن لا أريد ، وأختار أن لا يكون لي اختيار ، فأجبت ، وصار الأمر له وعليه .

    وقيل : إنه رأى فقيرا يقتل قملة ، فقال : لا واخذك الله ، شفيت غيظك ! ؟

    وعنه أنه قال : لو أن عن يميني جماعة يروحوني بمراوح الند والطيب ، وهم أقرب الناس إلي ، وعن يساري مثلهم يقرضون لحمي بمقاريض وهم أبغض الناس إلي ، ما زاد هؤلاء عندي ، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه
    ، ثم تلا : لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم [ ص: 80 ] [ الحديد : 23 ]

    وقيل : أحضر بين يديه طبق تمر ، فبقي ينقي لنفسه الحشف يأكله ، ويقول : أنا أحق بالدون ، فإني مثله دون .

    وكان لا يجمع بين لبس قميصين ، ولا يأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أكلة ، وإذا غسل ثوبه ، ينزل في الشط كما هو قائم يفركه ، ثم يقف في الشمس حتى ينشف ، وإذا ورد ضيف ، يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر .

    وعنه قال : الفقير المتمكن إذا سأل حاجة ، وقضيت له ، نقص تمكنه درجة .

    وكان لا يقوم للرؤساء ، ويقول : النظر إلى وجوههم يقسي القلب .

    وكان كثير الاستغفار ، عالي المقدار ، رقيق القلب ، غزير الإخلاص .

    توفي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة في جمادى الأولى - رحمه الله
                  

03-19-2014, 08:24 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    سبحان الله يتحدثون عن شيوخ الصوفية كأنهم شياطين ويجحدون أويبخسون فضلهم على الأمة
    وخاصة أهل السودان فهم أي الصوفية من رفع رايات الإسلام وأسسوا فيه دولة الإسلام بعد سقوط دولة النصارى
    في علوة التي كانت عاصمتها سوبا جاء الصوفية من المغرب والحجاز وغير ذلك فأسسوا المساجد ونشروا الفقه ومدراس القرآن
    قوماً خشعاً لربهم لا يفتر لسانهم من ذكر الله وليس ذكر معايب البشر فهناك ألسنة لا تفتر من الخوض في أعراض المسلمين
    وألسنة أخرى مشغولة بذكر الله
    نُذًكر بأن الذين يتنقصون منهم مسلمون ألله ومن أهل السنة وأهل ذِكر وورع
    نستغفر الله مما يخزي في يوم الحساب من غيبة وبهتان
    يقول الشيخ عبد المحمود بن الشيخ نور الدائم الطيبي
    أستغفر الله في سر وإعلان ـــــــــــ من كل ما كان من ذنب وعصيان
    أستفر الله من ذنب نويته أو ـــــــــــ أبداه مني لسانٌ للردى جــــــــــان
    أستفر الله من ذنب يكون به ـــــــــــ عند المهيمن في الدارين نقصاني
    أستفر الله من ذنب يكون به ــــــــــ عن حضرة الله في الدارين حرماني
    أستفر الله من ذنب به فرحت ــــــــ نفسي أو حــــــزنت في أي أحيان
    أستفر الله من ذنب جهلته أو ـــــــــــ له علمـــــــــــت بتدقيق وإمعان
    أستفر الله من ذنب يكون به ــــــــــ خزيي وتشتيت شملي ضعف إيماني
    أستفر الله من ذنب يدنسني ــــــــــ وغدٍ محرقٌ جســـــــــــــمي بنيران
    أستفر الله من تنجيس خاطرنا ـــــــــ بظن سوء وآثــــــــــــــــام وأدهان
    أستفر الله من ذنب رأته عيوني ـــــــ أو له سمعـــــــت في الوقت آذاني

    (عدل بواسطة منتصر عبد الباسط on 03-19-2014, 10:42 PM)

                  

03-19-2014, 08:21 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    في بهاء اللغة الصوفية
    محمد التهامي الحراق
    باحث مغربي

    .1- صبوة الإشارة:

    اللغة الصوفية لغة حب ومحبة، وهذا نسبها الأول، لغة تشتق من جسد العاشق الصوفي، تنتشي بصبابته، ترتعش بوجده، وتتزيا عند الهجر بالحداد كما الجسد بالضمور. ومثلما يتعرى المحب من أعراف العقلاء، فإن لغة الحب هاته تقطع مع العقلُ؛ فهو عند الصوفية عقال وسجن، إنه حجاب كما هو شأن العبارة، العقل يحول بين الصوفي وبين تذوقه للدلالات الروحية الباطنية، وكذلك العبارة تخون تلك الدلالات، لأنها تستر هذه التجربة وتحجبها فيما هي تريد الإفصاح والتعبير عنها، من هنا تمجيد المتصوفة للإشارة؛ فالإشارة لغة أذواق ومواجيد؛ لغة ينتظمها نحو القلوب. إنها محو ونسيان لتسلط العقل، وتفجير لمواجيد القلب وخلجاته العشقية ونبضاته الروحية الملتهبة. لغة الإشارة، بماهي لسان الباطن، تقوم على اختراق لغة الظاهر وتجاوزها، إنها بجملة تعلن عن "موت لغة الظاهر" لتتحلى اللغة الصوفية بنشوة الوجد كما هو شأن باطن الصوفي، فتتفجر إشاريتها بمعرفة لها الحدس والإشراق والكشف؛ معرفة ذوقية روحانية تصدر عن تجربة فردية باطنية باذخة. لغة الصوفي إذن، لغة سر يستبطن بالحدس والذوق والتجربة الصوفية، ولا يدرك بالعقل والحجا والمنطق المألوف. إنها لغة ذوق وأحوال لا لغة عقل وجدال؛ فالحب يذاق ولا يعقل، واللغة عن قول هذا الحب قاصرة، أعني لغة العبارة؛ ذلك أن السر الصوفي ليس معنى ماثلا، أو فكرة ذهنية يمكن أن تحملها وتقولها لغة العبارة، المعنى الصوفي كشف إذا عبر خفي. من هنا يبدو أن اللغة الصوفية الإشارية، بما هي لغة حب وسر، ليست وسيلة تواصل وتبليغ، فهي ليست تدوينا لفكرة، أو وعاء لمعنى، أو جسرا لعبور دلالة؛ لأنها كفت عن أن تكون عبارة، إنها إيماء وتمليح وليست لغة بلاغة وتوضيح، بل ربما كانت لغة للحجب والتغليط والتلبيس والتعمية؛ لغة تمجد الغموض؛ أعني الغموض بما هو استغلاق نابع عن خروج هذه اللغة عن المعايير السائدة والأليفة في القول والتعبير؛ فارتباط الإشارة هنا بالغيب والباطن يجعلها لا مرجعية وغامضة، بهذا المعنى تكون اللغة الصوفية لغة ليلية.

    2. لغة حيرى:

    تتحلَّى لغة الصوفي، بما هي جسد وجده، بالهيبة والبهاء، وذاك ما يميز الليل. إنها تخترق الأُلْفَة وتدفع بالحرف نحو أفق الغرابة والإدهاش بمقدار غرابة ودهش وخصوصية التجربة التي تحياها روحه؛ ذلك أن الصوفي يحاول أن يصف ما لا يوصف؛ أن يقول ما لا يقال؛ أن يكتب ما لا يطيقه قلم بشري. إنه يرقم وجده على الماء، يكتب بلغة تفجر فيض الوجد دون أن تقوله. فما تستطيعه هذه اللغة، ربما، هو إعلان صمتها، هذا الصمت المثخن بالحيرة؛ صمت تقوله لغة مبللة بـ"ماء الغيب"، بجمال شعري نكهته مقدسة، لأنه ينطف من رغبة في قول المطلق بلغة لها النسبية والصيرورة هوية. فالصوفي يبغي قول الوحدانية بلغة التعدد، الإفصاح عن الوترية بلغة الشفع، وإعلان الجمع بلغة الفرق. تلك حيرة اللغة الصوفية وسر بهائها في آن، هذا البهاء ينحفر على جسد اللغة الصوفية كأوشام شهية، وعن تلك الحيرة المقدسة تنبثق الإشارة، تتدفق كلمات مبللة بمداد المعرفة الإلهية المطلقة. على أن كيمياء حيرة الإشارة الصوفية هو ذاك التوتر بين المطلق والنسبي؛ فالإشارة هنا، عتبة بين المقدس والمدنس، بين اللامحدود والمحدود، بين اللامرئي والمرئي، أو قل بلغة القوم، إنها مجمع بحري المعاني والأواني، وهو المجمع الذي يقع على خريطة الخيال بما هو برزخ بين عالم المعاني وعالم الأجسام. هذه البرزخية هي التي جعلت اللغة الإشارية تحتفي بالمجاز، فمن خلاله تعلن حيرتها، نشيد صمتها، حلمها المجيد؛ بعبارة إنها تفجر من خلاله الرؤيا بما هي معرفة نورانية. لنتذكر هنا أن تجلي أنوار المعرفة اللدنية، والذي تنحفر آثاره بخشوع وقشعريرة على اللغة، يحصل في الليل كميقات رمزي للتجلي، للحلم المقدس، للرؤيا. ربما كان هذا مصدر ليلية اللغة وغموضها الإشاري؛ فليلى التي طالما تغنت بها القصائد الصوفية، تشير إلى تجلي الذات الإلهية في الليل بما هو زمان الإسراء والمعراج والتنزلات الإلهية. هكذا يبدو مجاز الليل نفسه تمجيدا للمجاز الذي تحتفي به اللغة الصوفية احتفاءها بالخيال، ذاك ما تقود إليه حيرة الصوفي، وهو يواجه اللغة، يخضبها بالحيرة.

    3. العالم مجاز:

    تنخطف يد الصوفي برعشة السر الذي يلتهب في كنفه، واللغة هنا حيرة، لأنها وطن الشغف؛ لأنها فضاء المساررة والمناجاة، والمحب تسترقه المواجيد فيهبل ويخبل بالمجاز؛ لأن المجاز "همس"، أو قل كلام ليلي، وليس تصريحا أو قولا شمسيا، كما أن المجاز، وبالأساس، لغة الكون التي يقرؤها الصوفي ببصيرته، بعين قلبه، بعينه الثالثة. فالعالم مجاز، ذاك ما يقدسه الصوفي في سره، والكون بالنسبة إليه كتاب رموز، مستودع إشارات، مسرح دلائل، مجلى آيات، مرأى شواهد تشير جميعها إلى الحق المحبوب بديع السماوات والأرض، إذ هو الظاهر والباطن، الجلي والخفي، المرئي واللامرئي؛ فهو لا مرئي بالوهم، لكنه متحقق الوجود بالتحقيق في أنية الأشياء والأسماء؛ فهو عين كل أنية، وذات كل هوية، وجوهر كل التعينات، وماهية كل الموجودات. أما أشياء الكون ومحسوساته، فأفياء وألوان، لا وجود لها من ذاتها، ولا تملك في ذاتها جوهر كينونتها، إنها تفتقد لحقيقتها في نفسها، لذلك فهي ظلال، ووجودها وجود مجازي. هكذا يغدو الكون كله صحيفة منشورة أمام الصوفي، يقرأ فيها بعين قلبه، دلالة أحدية، وأنية صمدية، إليها يؤول كل تعدد أو تكثر أو شفعية. بهذا يمجد الصوفي المجاز، ويؤثر الصمت على الكلام، لأن الصمت أبجدية الحب، وهو يرى في نفسه كيانا مجازيا لا وجود له إلا بوصفه محبا، وإذا ما "تكلم" كان المجاز لغته كيما يمجِّد صمته، صونا لسره عن غير أهله، وصدعا بأن لا كلام بعد كلام محبوبه؛ فالمجاز تشتيت للمعنى عبر تكثيف الإيحاء والاحتمالات، حيث يبدو المجاز كلاما خاما لم يقل بعد. إنه بحاجة إلى التعبير (بمعنيه: الإفصاح والتأويل). هكذا يحتفي الصوفي بالمجاز في "صمتة و"كلامه".

    4. تمجيد الهمس:

    الصمت من آداب الحضرة، تلك شعيرة من شعائر الحب لدى الصوفي، يمجدها عبر المجاز، لأن المجاز "همس"، وليس للمحبين سوى "الهمس" حين يسلبهم بهاء كلام المحبوب، وتخشع أصواتهم لهيبة رحمانيته، ولأجل ذاك الهمس المقدس تعانق اللغة الصوفية الوحي كأصل روحي باذخ، من خلاله تبلل اللغة بالشغف المطلق في قول قبسات الغيب التي يكاشف بها قلب الصوفي. هذا اللقاء بين لغة الأرض وأسرار الغيب هو ما تجسده، ببهاء مطلق، لغة الوحي؛ ذلك أن الألوهية اتصلت بالبشر من خلال الكلام، ولما تكلم الحق صعق الخلق، فافتتن المحبون باللغة، مسوا بحيرة الحرف الذي حمل السر. لأجل هذا يحمل الصوفي شهوة مزمنة للصمت وتمجيد "الهمس" بدل الكلام؛ فالكلام الحق صدر عن الحق في فرادة لا تتكرر، وكل أشكال الكلام بعده يجب أن تعتنق الصمت، أو تعلن هذا الاعتناق، حتى وهي تحاول الكلام (المجاز: الهمس)، ذاك ما تجسده الإشارة الصوفية، ذاك ما يبررها ويمنحها نكهتها الروحية. إنها "همس"، كلام خام بقدر ما يضمر نية في التكلم، بقدر ما ينزع للصمت، من هنا يظهر أن الإشارة الصوفية لا تحمل في طيها حقيقة معينة، أو قل هي "همس" بحقيقة مفتوحة لا تكتمل أبدا؛ حقيقة يتخللها الصمت بكثافة، وتشير إليها الدوال وقد تضمخت بفيض الإيحاء، وتبللت من بحر المعرفة التي تلوح على قلب الصوفي من غياهب الغيب. هكذا تكون اللغة هنا، بما هي همس العين الثالثة، سفرا مفتوحا على قراءات لا متناهية، حيث تحلق الإشارة الصوفية عبر أزمنة وأمكنة مختلفة لتحرك قشعريرات ما تفتأ تتجدد، في قارئ ما يفتأ يتعدد.

    5. طاسين التلقي:

    وتثمل لغة الصوفي بمجازاتها القادمة نكهتها من رحم الأزل، تقطر الإشارة بأنوثة الهمس المجيد، ترتشف من هيبة الحيرة التي ترتجف منها أنامل الصوفي، اللغة هنا بين الهيبة والبهاء تترنح، بين القبض والبسط، بين الجلال والجمال، ذاك سرها العصي عن البوح، نسغها الغريب عن غير المكتوين بحيرة الحرف، إنها الحيرة التي تقود اللغة إلى "جنونها"، إلى حتفها حين تتجسدن، إذ تصيب الحروف بمسها جسد الصوفي، تبذر فيه دبيبا ناريا، يتخذ أحوالا شتى تختلف بحسب وقت الصوفي ولحظات سفره الروحي، فيتمكن أو يتلون، يتحرك أو يسكن، أو يجمع بين الضدين كالجبال تراها جامدة، وهي تمرمر السحاب. هنا تقول اللغة الصوفية عبر الجسد ما لا يقوله قول أو يهمس به حرف، مقتبسة ذلك من لغة الوحي المقدسة، سلالتها الروحية، ودوحة نسبها الباطني؛ فلغة الوحي ترتل وتتجسدن بإطلاقيتها وتعاليها وتساميها وألوهيتها في جسد المصلي، فيغذي الجسد الإيمان، مثلما يغذي الإيمان الجسد. كذلك اللغة الصوفية، وهي تحاكي لغة التقديس، تمجد النغم والسماع، وتتجسد في حضرات الذكر، إعلانا عن فيض الوجد، وطمعا في الزلفى ومزيد من الاكتواء بالحب والانمحاء في المحبوب، فتنتقل حيرة الحرف وحرقته من "همس" الإشارة إلى جذب "العمارة" (حلقة الذكر الصوفي)؛ فالحركة هنا نداء على السكون؛ أي سكون المحب إلى محبوبه في إطلاقية ووترية. هكذا تعانق اللغة الصوفية، في طقوس تداولية روحانية، الموسيقى وحضرة الذكر، بوصفهما نمطا من أنماط التجسيد والتلقي الصوفي، عناق نكتشف من خلاله أننا إزاء لغة سرية تحتفي بطاسينها، وتعلم القارئ أن يمجد التواضع، وهو يقترب منها. ذلك أن هاته اللغة تمرن قارئها على عشق الصمت، والانتشاء بالصدى، لأنها تحتفظ بسرها وهيبتها؛ أعني هيبة العشق التي لا تعادلها هيبة. إنها لغة تستدعي ذوق القارئ "ليحتسي" معناها، فهي لا تكتفي بقوله، بل إنها لا تقوله، وإنما "تهمس" به، تستشرفه، تبذره في مستقبل قراءة عاشقة لها نكهة االفرح. بهذه التقاسيم تفتن اللغة الصوفية قارئها، وتحير مريدها، وتزدان على إيقاع الروح حين تنشد وإن لم تفهم...
                  

03-19-2014, 08:41 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    التصوف الفلسفي في الإسلام

    أبو العلا عفيفي

    يعرض هذا البحث التصوف الفلسفي من ناحية نشأته والعناصر التي دخلت في تكوينه من خارج نظرياته، وستتم الإشارة خلال هذه الدراسة إلى بعض هذه النظريات إشارة سريعة مجملة.
    تتصل نشأة التصوف الفلسفي في الإسلام بنشأة التصوف نفسه من جهة، وبنشأة الزهد غير الفلسفي الذي تقدم التصوفَ. وقد خلط بعض الناس بين التصوف والتصوف الفلسفي من جهة، وبين التصوف والزهد من جهة أخرى، وفهم البعض أنها من المترادفات.
    أما الزهد فهو الناحية العملية للطريق الصوفي، أو هو الحياة التي يحياها الصوفي، تلك الحياة البادية في مظهره الخارجي من تقشف في المأكل والمشرب واعتزال للناس وانقطاع إلى الله، ويبدو الزهد في حياة أحدهم الباطنة الروحية من خشية لله وورع وتقوى وعبادة وصوم وصلاة وذكر وتهجد وهجر للدنيا وزخرفها. بينما التصوف فأصدق وصف له أنه طريق لتصفية النفس ومجاهدتها ورياضتها والانتقال بها من حال الى حال ومن مقام إلى مقام، والترقي بها في خطوات بطيئة عسيرة حتى يصل بها صاحبها الى المقام الذي يطلق عليه الوفية اسم "مقام الشهود "أو" الوجد" أو " الفناء"؛ وهو المقام الذي يصل فيه الصوفي حد الإدراك، وفي هذه الحالة لا فرق بين صوفي مسلم وصوفي مسيحي أو يهودي أو بوذي؛ فهو يدرك من الحقائق ما لا سبيل للعقل الإنساني أنه يدركه، ويتذوق من المعاني ما يكلّ اللسان الإنساني عن شرحه.
    وأما التصوف الفلسفي فهو الأساس الميتافيزيقى أو النظريات الفلسفية التي يحاول بها الصوفيون في وقت صحوهم تفسير أو تعليل ما يجدونه في وقت سكرتهم أو في حالة وجدهم.
    وقد وُجدت هذه الأنواع الثلاثة في الإسلام وظهرت فيه ظهوراً تاريخياً متوالياً بحيث يمكن اعتبار كل منها دوراً من أدوار التصوف يمثل المقدمة المنطقية للدور الذي يليه، فظهر الزهد في القرنين الأولين من الهجرة، وظهر التصوف في القرن الثالث، وظهر التصوف الإسلامي في القرن الرابع وما بعده، ولم يأت القرن السادس والسابع حتى بلغ التصوف الفلسفي أقصى ما يمكن أن يصل إليه من النضج، ثم بدأ يضعف شأنه بعد ذلك بشكل تدريجي. أما الزهد فقد ظهر في الإسلام قوياً فتياً مع بداية ظهور الإسلام تقريباً، وذلك لأن الإسلام دين ورحمة وزهد وتقوى وليس دين دنيا وشهوات ولذات، كما يصفه أعداؤه الذين يحاولون إرجاع نشأة الزهد في الإسلام الى عوامل كلها من خارج الإسلام، ويخصون من بين هذه العوامل المسيحية والرهبنة المسيحية التي كانت منتشرة في صحراء العرب وبلاد الشام ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية. صحيح أنالإسلام لم يدعُ الى الرهبنة، بل هو صريح في إنكارها في القران والحديث، ولكنه دعا الى العبادة والورع والتقوى والتهجد وقيام الليل والصوم والصلاة.
    ولم يذكر القران كلمة زهد ولا مادة (زهد) إلا في آية واحدة في سورة يوسف في قوله تعالى " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " ولم يذكرها هنا على سبيل المدح ولا بالمعنى المقصود، ولكنه وإن لم يذكر " الزاهد " فقد ذكر العابدين والسائحين والقانتين والمحسنين والركع السجود، وكل هذه الصفات من صفات الزاهدين. وإذا كان الزهد طريقة للتقرب إلى الله ومناجاته وذكره فقد وصف القرآن الله بأنه رحيم، وبأنه ودود، وبأنه قريب من عبده، بل إنه أقرب اليه من حبل الوريد، وبأنه سميع مجيب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
    فلا حجة للقائلين بأن فكرة الحب الإلهي قد دخلت الى الزهد الإسلامي عن طريق المسيحية لأن الإسلام قد قضى على كل أمل في الاتصال الروحي بين العبد وربه بوصفه الله بأنه: جبار متكبر منتقم... الخ
    ظهر الزهد في الإسلام بدعوة صريحة إلى مظاهره كما سلف، ودعت إليه ظروف أخرى هي الظروف السياسية القاسية التي عاش فيها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين وعهد بنى أمية؛ فقد كان هذا عصر حروب وفتن مستمرة وقلاقل واضطرابات، وفيه دخلت النظريات السياسية الى العقائد الدينية، وتدخل الحكام في آراء الناس الدينية ومعتقداتهم، فاضطهدت الحرية وكبت التفكير الحر؛ فشعر من لم يميلوا إلى اعتزال الناس بضرورة العزلة وزهدوا فى الدنيا وزخرفها وفي الحكومة والحكام.
    أما الرهبنة المسيحية فقد كان لها أثرها في الزهد الإسلامي لا من حيث أنها كانت السبب في وجوده، بل من حيث إنه تسرب كثير من تقاليد الرهبان المسيحيين وعاداتهم وطقوسهم إلى طريقة المسلمين في الزهد. بل إن القرن الثاني لم يكد ينتهي حتى انتظمت حركة الزهد الإسلامي داخل أديرة وصوامع أشبه بأديرة وصوامع المسيحيين، فأسست خانقاه في دمشق سنة 150ه، وأخرى بخراسان سنة 200.
    يقول عبد الرحمن جامي في كتابه نفحات الأنس إن أول خانقاه أسست في الإسلام كانت بالرملة بفلسطين أسسها راهب مسيحي في القرن الثاني، أما المقريزي فيقول في "الخطط" إن الأديرة لم تظهر في الإسلام إلا في الفرن الخامس الهجري، ولعله يقصد بذلك انتشارها الواسع في البلاد الإسلامية لا مجرد وجود بعضها. وقد امتاز الزهد في القرنين الأول والثاني، ولاسيما القرن الثاني، بصدق الورع والتقوى وسلامة الإيمان والخشية الشديدة من الله ومن عذاب جهنم، وبالأمل الشديد في الحظوة برؤية الله في الدار الآخرة، وكثرة المناجاة والكلام في الحب الإلهي.
    وقد تغلغل الزهد في القرن الثاني فظهر أعلام من مثل الحسن البصري المتوفى سنة 110ه، وهو المؤسس لفرقة الصوفية بالبصرة، وإبراهيم بن أدهم البلخي المتوفى سنة 161ه، وداود بن نصير المتوفى سنة 165ه، والفضيل بن عياض المتوفى سنة 186ه، ومن النساء رابعة العدوية التي توفيت سنة 135، وكانت رابعة آية من آيات الله في الزهد، زهدت أولاً في الحياة الدنيا وزخرفها طمعاً في الآخرة وجنتها، ثم زهدت في الجنة طمعًا في الفوز بمحبة الله ورضاه. وقد حل الحب الإلهي من قلبها كل محل فأصبحت لا تناجي سوى الله ولا تتحدث إلا إليه، وفي هذا يحكي شهاب الدين السهر ودي في عوارف المعارف أنها كانت تقول:
    إني جعلتك في الفؤاد مؤانسي وأبحت جسمي من أراد جلوسي
    فالجسم منى للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد جليسي

    ويقول القشيري عنها إنها كانت تقول في مناجاتها " إلهي تحرق بالنار قلباً يحبك؟ فهتف بها هاتف: ما كنا نفعل ذلك، فلا تظن بنا ظن السوء.

    أما القرن الثالث فدور انتقال من الزهد إلى التصوف بمعناه الحقيقي. والواقع أن هذا الدور كان أقرب إلى الزهد منه إلى التصوف، في هذا القرن نجد كلمة " صوفي " شائعة الاستعمال ولم يكثر استعمالها قبل نهاية القرن الثانى خلافًا لما ذهب إليه القشيري، فلم يفرق الناس بين زاهد وصوفي لأنه لم يوجد من الزهاد من ينطبق عليه وصف صوفي بالمعنى الدقيق. أما في القرن الثالث فحصل التمييز بينهما فسمى الزاهد زاهدًا وسمى الصوفي صوفيًا أحيانًا وعارفًا أحيانًا،

    بل إننا نجد في هذا القرن تحولًا في وجهة نظر الزهاد أنفسهم ، فلم يعودوا ينظرون إلى الزهد باعتباره غاية في نفسه ، بل باعتباره وسيلة لتحقيق غاية أخرى هي الكشف؛ أي إنهم اعتبروا الزهد مرحلة من مراحل الطريق بواسطتها يصل السالك أو المريد إلى تصفية النفس والترقي بها في معارج الحياة الروحية إلى أن يصل بها إلى حالة الفناء التي تنكشف له فيها الحقائق الإلهية ، فتنعكس هذه الحقائق على مرآة قلبه، كما تنعكس صور المرئيات على صفحة المرآة الصقلية المجلوة ، وفي هذا القرن أيضاً نجد القوم يكثرون من الكلام في المواجد والأذواق ، ويصفون الأحوال أو المقامات ، ويتكلمون في الصحو والسكر والمحو ، وفي الوحدة والتفريد والتجريد والفناء والبقاء ، وغير ذلك من أحوالهم الصوفية.

    يعرّف معروف الكرخي المتوفى سنة 200ه التصوف بأنه: الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الناس، يريد أنه إدراك الحقائق الإلهية بواسطة الكشف والزهد في الدنيا. وهذا تعريف جديد للتصوف لم نسمع به من قبل. وثمة نغمة أخرى جديدة نسمعها من ذي النون المصري الذي كان أول من تكلم في المعرفة الحاصلة بالكشف واعتبرها المقياس الحقيقي لحياة الرجل الصوفي، إذ يقول: إنه بمقدار ما يعرف الصوفي من ربع يكون إنكاره لنفسه. وتمام المعرفة بالله تمام إنكار الذات، وهي الحالة التي عبر عنها غيره بالفناء. وفي هذا المعنى يقول الحسين بن على بن يزدينار: " يكون العارف بمشهد من الحق إذا بدا بدأ الشاهد، وفني الشواهد، وذهب الحواس، واضمحل الإحساس، وهو قول ينسبه بعض الصوفية للشلبي. والنغمة الثالثة نسمعها من أبي يزيد البسطامي المتوفى سنة 261 ه في الحال التي يعبر عنها القوم بالفناء، إذ يقول أبو يزيد، وقد سئل عن العارف أي الصوفي: للخلق أحوال ولا حال للعارف، لأنه مُحِيَت آثاره ورسومه، وفنيت هويته، أى شخصيته، لهوية غيره، وعييت آثاره لآثار غيره، فالعارف خيار والزاهد سيار، وفي هذا إشارة صريحة إلى التفرقة بين الزاهد والعارف أو الصوفي.
    كان التصوف الفلسفي، أثناء هذا القرن، في دور التكوين، فقد توفرت عوامل ظهوره، وتهيأت النفوس لقبوله، وظهرت بوادره بالفعل في عبارات بعض رجال الصوفية أمثال ذي النون المصري، وأبي يزيد البسطامي، إلا أنه من المغالاة أن نقول إن لأحد من متصوفة القرن الثالث مذهبًا فلسفًيا خاصًا أو عقيدة فلسفية صوفية معينة، رغم أن كثير من أقوالهم يمكن تأويلها تأويلاً فلسفيًا. وسرعان ما انتهى عصر الانتقال وبدأ التصوف يدخل في دوره الثالث وهو الدور الفلسفي الحقيقي، وكان ذلك في القرن الثالث والرابع ومابعده، فقد تحول التصوف إلى شكل جديد بدخول النظريات الفلسفية فيه، وربما كان أول السابقين إلى هذا الميدان الحسين بن منصور الحلاج المتوفى سنة 309ه.
    لم تقف الصوفية بعد القرن الثالث الهجري عند الكشف والشعور بالمواجد والأذواق في أحوالهم الصوفية، بل حاولوا أن يفسروا ما يدركون ويؤولوا ما يشعرون به، ويعللوا ما يتذوقونه من تلك المعاني التي هي فوق طور العقل، فكانت نتيجة شرحهم وتفسيرهم وتعليلهم أن وضعوا نظرياتهم الفلسفية، وعرفوا الكشف في أحوالهم فحاولوا أن يضعوا نظرية للكشف في صحوهم.
    أدركوا وحدة الوجود في حالة فنائهم فحاولوا تفسير وحدة الوجود، أدركوا الوحدة في الكشف والتعدد في الصحو فدعاهم ذلك إلى تفسير معنى الوحدة والكثرة، ومعنى الحق والخلق ومعنى الفيض والاتصال، والجمع والتفرقة وغير ذلك، فمجموعة تفسيراتهم لمظاهر الحياة الصوفية هي ما نعنيه بفلسفتهم التي يمكننا أن نلخصها في ثلاث نظريات؛ نظريتهم في طبيعة الوجود، ونظريتهم في المعرفة، ونظريتهم في الإنسان ومركزه في العالم وموقفه من الله.
    على أن من الصوفية، من رجال العصر المتأخر أمثال محيي الدين بن عدي وشهاب الدين عمر السهرودى المقتول ، من سلك مسلك الفلاسفة من بادئ الأمر ، فكانت لهم وجهات نظر فلسفية خاصة في طبيعة الوجود وفي الإنسان والعالم ، فاستعملوا المنهج النظري الفلسفي وأساليب الفلاسفة واصطلاحاتهم واستدلالاتهم ، ثم نظروا إلى التصوف باعتباره مرحلة متممة لطريقتهم، والفرق بين هذا النوع من الصوفية والنوع الأول أن الأوائل أمثال الحلاج يضعون نظرياتهم الفلسفية في عرض تأويلهم وتفسيرهم لما يشاهدونه في أحوالهم ومواجدهم ، أما اللاحقون فيلجؤون للكشف والذوق توكيدًا وتحقيقًا للنتائج التي يصلون إليها بالنظر العقلي.
    وهذه الطريقة ممثلة تمام التمثيل في كتب ابن عربي بوجه خاص لأنه بعد أن يبحث المسائل الفلسفية بحثاً عميقاً ويناقشها من جميع وجوهها يحس كأن العقل غير كافٍ للوصول إلى درجة اليقين فيها، فيحيل القارئ إلى الكشف والذوق، أو يخبره بأنه هو نفسه قد أدرك حقيقتها كشفًا أو ذوقاً.
    سار التصوف الفلسفي بعد ذلك سيراً حثيثاً بخطوات واسعة فسيحة وظهرت فيه المذاهب الفلسفية الكاملة، بل والمدارس الفلسفية، وأُلّفت فيه المؤلفات من مثل الحياة والمشكاة للغزالي، والنصوص والفتوحات لابن العربي، وحكمة الإشراق للسهرودى، والإنسان الكامل لعبد الكريم الجبلي.
    أما العوامل التي ساعدت على ظهور التصوف الفلسفي فكثيرة ومتعددة ، فقد كانت البيئة التي يعيش فيها متصوفة القرن الثالث وما بعده مزيجًا غريًبا من الأمم والثقافات والديانات والفلسفات المختلفة ، بل كان الجو الذى يتنفس فيه المسلمون خليطًا من هذه العناصر كلها ، فلا عجب إذن أن يأتي التصوف الفلسفي في الإسلام ممثلاً لكل مذهب من المذاهب ، حاويًا لكل بدعة إسلامية وغير إسلامية ، ففلسفة التصوف الإسلامي ليست مذهبًا واحدًا ولا عقيدة واحدة ، بل مجموعة من المذاهب بعضها يتفق مع روح الإسلام وبعضها يتعارض مع التعاليم الإسلامية معارضة صريحة . وأهم هذه العناصر التي دخلت في التصوف الفلسفي:
    أولا: التصوف نفسه بكل ما فيه من وصف للحياة الزوجية، وكلام في المقامات والأحوال، وذكر للمواجد والأذواق، وتعبيرات عن خاطر النفس ومحاسبتها ومراقبتها.
    ثانياً: القرآن والحديث : فقد أتخذ الصوفية كثيًرا من الآيات القرآنية أساسًا لنظرياتهم فأوّلوها تأويلات تتفق وروح هذه النظريات ، وذلك من مثل قوله تعالى :" كل شيء هالك إلا وجهه"، وقوله :" كل من عليها فان" ، وقوله : "الله نور السموات والأرض" ... الخ ، فقد أوّلوا الوجه في الآيتين الأولى والثانية على أنه الذات الإلهية الأزلية المقومة لكل موجود ، وأولوا الهالك والفاني على أنه مظاهر الوجود أو الوجود المتكثر، أما النور ففسروه تفسيراً زرادشتيا على أنه الوجود الحقيقى وضده الظلمة التى هى العدم المحض ، أما الأحاديث التى يستشهد به الصوفية فأكثرها مدخول على النبى الكريم صلى الله عليه وسلم و منتحل.
    ثالثاً: على الكلام : فقد وصل علم الكلام فترة ظهور التصوف الفلسفي في الإسلام أقصى حده في النضج الفلسفي
    ، وتسرب كثير من نظرياته إلى نظريات الصوفية ، والمعروف أن عدداً كبيراً من رجال الصوفية في القرن الثالث كانوا من كبار المتكلمين كذلك أمثال أبى القاسم الجنيدى والحارث المحاسبى وغيرهما . والناظر في كتب التصوف من مثل ؛ اللمع السراج، والتعرف للكلا باذى ، والرسالة القشيري، وغيرها، ومعروف مدى اتصال علم الصوفية بمسائل الكلام ومدى امتزاجها بنظرياتهم ، وتكفي الإشارة هنا إلى عقيدة وحدة الوجود التي هي أخص مظهر للتصوف الفلسفي الإسلامي ، فإنها، فيما اعتقد، راجعة في أصل نشأتها إلى تفكير إسلامي كلامي صوفي ، وليست كما يقول بعض المستشرقين راجعة إلى الفلسفة الأفلاطونية الجديدة أو إلى الفلسفة الهندية ، فقد بدأ الصوفية يبحثون في عقيدة التوحيد بحثاً كلاميًا فوقعوا ، من حيث لا يعلمون، في عقيدة وحدة الوجود . بدأوا ببحث الوحدانية فقالوا: الله واحد بمعنى أنه لا شريك له، فنفوا الشريك والند والضد والمثل، وقالوا أهم صفة للإله الواحد وجوب الوجود. ثم بحثوا في واجب الوجود فقالوا الله واجب أي وجوده من غيره، ولكنهم زادوا على ذلك بقولهم إنه واجب الوجود بمعنى أن وجوده هو الوجود الحقيقي وكل ما عداه فوجوده ظاهري أو وهمى. ثم توسعوا في معنى وجوب الوجود فقالوا إن واجب الوجود هو الفاعل كل شيء والعلة في وجود كل شيء فانتهوا من بحثهم بنتيجتين:
    الأولى: نفي العلل كلها والقول بأن لا فاعل على الحقيقة إلا الله
    والثانية: نفي الوجود المتكثر الظاهر في الكون والقول بأنه وجود زائل متغير، وأن المقوم لكل موجود والحقيقي في كل موجود هو الحق أو الله.
    وهكذا بدأوا بقولهم: لا إله إلا الله، وانتهوا بقولهم: لا موجود على الحقيقة إلا الله. ثم وجدوا، أو خيل إليهم أنهم وجدوا، ما يعزز دعواهم هذه في الحالة الصوفية التي يعبرون عنها بالفناء، وهي الحالة التي يشعر فيها الصوفي بالوحدة المطلقة فلا يدرك فيها فرقًا بين حق وخلق، وهي الحالة التي صاح فيها الحلاج بقوله: أنا الحق!
    وقد سمى الصوفية عقيدة التوحيد بتوحيد العوام ، وعقيدة وحدة الوحدة بتوحيد الخواص ، وأوردوا لكل منهما تعريفًا خاصًا ، يقول الجنيد في تعريف توحيد العوام إنه إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته ، ويقول في تعريف الخواص إنه الخروج من ضيق الرسوم الزمانية إلى سعة السرمدية يعنى بذلك الفناء.
    رابعًا: الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، ولاسيما الأفلاطونية الجديدة المتأخرة التى ظهرت في كاتبات برفلس ويبملبخوس والكاتب الأفلاطونى المسمى خطأً ديوتسبوس الأزبوباغنى . ولا نبالغ إذا قلنا إنه لا تكاد مسألة من مسائل التصوف الإسلامى الفلسفي أو نظرية من نظرياته تخلو من أثر الفلسفة الأفلاطونية الجديدة؛ فنظريات الصوفية في خلق العالم والفيض أو الصدور عن الواحد الحق، وكلامهم في النفس والعقل والقلب والكشف والمعرفة والشهود، وفي العالم العلوي والعالم المحسوس وفي الإنسان الكامل، كلها مطبوعة بطابع هذه الفلسفة ومستند إليها.
    خامساً: المسيحية ولا نعني بالمسيحية الديانة المسيحية وعقائدها ، بل الحياة المسيحية كما حييها المسيحيون في البلاد التى انتشر فيها الإسلام ممثلة في حياة الرهبان والمتصوفين ، ولم يأخذ الصوفية عن المسيحين بعض أساليبهم في الزهد ومظاهر التقشف ولباس الصوف الذى منه اشتق اسمهم فحسب ، بل أخذوا عنهم بعض نظرياتهم في طبيعة المسيح وفي التثليث : فقال بعضهم بالحلول ، مثل الحسين بن منصور الحلاج الذى قتل بسب هذه العقيدة سنة 309 ومن أبياته في الحلول قوله :
    سبحان من أظهر ناسوته سر سناً لاهوته الثاقب
    ثم بدا لخلقه ظاهراً في صورة الأكل والشارب
    حتى لقد عاينه خلقه كلحظة الحاجب بالحاجب
    وقال بعضهم صراحة بالتثليث، وأن التثليث أساس يقوم عليه أمر الخلق كله، ولكنه تثليث اعتبارى قائم بالفردية الإلهية، وبهذا المعنى يجهر ابن عربى في غير مبالاة في قوله:
    تثليث محبي وقد كان واحدا كما صير الأقنام بالذات أقنما
    وليست نظرية الصوفية فيما يسمونه النور المحمدي، أو الحقيقة المحمدية، الذي يقولون إنه كان في القدم قبل أنه يخلق الله العالم، وأنه بواسطته ومن أجله خلق الله العالم، ليست سوى صورة من صور النظرية المسيحية في المسيح الذي يطلقون عليه اسم " الكلمة " ويقولون إنها كانت في الأول مع الله، وأنه بواسطتها ومن أجلها خلق الله العالم.
    سادساً: الفلسفة الهندية التي دخلت الإسلام عن طريق فارس وماوراء النهرين وما جاورهما من حدود الهند، فالمسلمون لم يفتحوا الهند إلا في القرن الرابع الهجري زمن السلطان محمود الغزنوي المتوفى سنة 421ه، ولكن الفلسفة الهندية البوذية والتصوف قد شقا طريقهما إلى بلاد الفرس وما جاورها قبل الفتح الإسلامي بنحو ألف سنة، وقد كان كثير من بلاد هذه الناحية مراكز مشهورة بالتصوف خاصة بالإدارة الوثنية القديمة وخاصة مدينة بلخ.
    وجدير بالذكر في هذا المقام أن كثيرًا من أوائل الصوفية في الإسلام قد جاءوا من بلخ هذه وما جاورها، وبواسطتهم دخل في التصوف الإسلامي كثير من النظريات الهندية والتقاليد البوذية في مجاهدة النفس ورياضتها وتعذيب البدن وما إلى ذلك. ومن هؤلاء إبراهيم بن أدهم الذي يقول عنه الأستاذ جولدزيهر إن قصته قد حكيت على مثال قصة بوذا، فقد كان من بيت من بيوت الملك فزهد في الملك والدنيا بأسرها وعاش من عمل يده، ومثل أبي يزيد البسطامي الذي كان من أصل فارسي زرادشتي تلقى عقيدة الفناء عن أبي علي السندي، كما تلقى عنه الطريقة الهندية المعروفة بمراقبة الأنفاس؟ والفناء الذي يتكلم عنه أبو يزيد والذي شاع بعده في كلام الصوفية جميهم هو ما يسميه الهنود " زفانا" أي انمحاء الشخصية الفردية والشعور بالوحدة العامة للوجود. ومما يدل على أن عقيدة الفناء هندية الأصل أنها ظهرت أول ما ظهرت في كلام الصوفية من الفرس أمثال أبي يزيد البسطامي، وليس لها وجود في عبارات أهل مصر والشام أمثال ذي النون المصري على الرغم من أن ذا النون كان من معاصري أبي يزيد.
    كل هذه العناصر وعناصر أخرى ثانوية دخلت التصوف الإسلامي فغيرت من عادته وصورته، وعنها جميعها ظهرت ناحية من نواحي الحياة العقلية الروحية في الإسلام على جانب كبير من الأهمية، لأنها مرآة نرى فيها النشاط العقلي والروحي على السواء كما نرى فيها وصفًا دقيقًا لأحوال النفس الصوفية في أرقى درجات صفاتها، ومحاولات فلسفية أراد بها أصحابها وضع نظريات في طبيعة الوجود أو طبيعة المعرفة أو طبيعة الإنسان ومركزه من الله والعالم. ولم يقف الصوفية ، كما لم يقف بقية فلاسفة الإسلام، من هذه المصادر كلها موقفًا سلبيًا ، أي لم يكونوا مجرد نقلة أو مرددين لأقول غيرهم ترديد الصدى للصوت ، بل مزجوا كل هذه العناصر المختلفة المتباينة مزجًا ربما لم يعهده تاريخ الفلسفة ولا تاريخ التصوف في أي أمة أخرى ، وخرجوا بعد كل ذلك بمذاهب في التصوف الفلسفي كان لها أثرها ولها خطرها في تطور الفلسفة والتصوف في القرون الوسطى والحديثة ، لاسيما بعد أن بلغ التصوف الذروة الفلسفية في مذاهب بعض المتصوفة من أمثال محيي الدين بن عربي ، وشهاب الدين عمر السهرودي المقتول ، وعبد الحق بن سبعين الأندلسي ، وعبد الكريم الجبلي ، والصدر القونوي ، وجلال الدين الرومي ، وعبد الرحمن جامي وغيرهم .
    من هذا يتبين أن كل نظرية في نشأة التصوف الإسلامي ثابتة على فكرة إرجاعه إلى أصل واحد مقضي عليها بالفشل، إذا رأيت النواحي العديدة الإسلامية وغير الإسلامية التي استند منها التصوف مادته.
    ولكن بعض المستشرقين إن لم يكن أكثرهم لم يروا في القول بأن التصوف الإسلامي قائم على أصل واحد أو مستند من جهة واحده ؛ فذهب الأستاذ فون كريمر ودوزى إلى أن أصل التصوف الإسلامي هندي أساسه مذهب الغيداتنا ، وذهب الأستاذ مركس ، إلى أن أصله الفلسفة الأفلاطونية الجديدة ، وقال الأستاذ يرون إنه فارسي في جوهره وإنه نتيجة لرد فعل أحدثه ثوران العقل الأدمي ضد الدين الإسلامي الفاتح ، وربما كان الأستاذ نيكسلون أكثر اعتدالاً وأوسع نظراً من هؤلاء جميعًا، إذ يعترف أن التصوف الإسلامي ظاهرة معقدة غاية في التعقيد ، وأن أصوله متشعبة كثيرة لم يكشف البحث الحديث إلا عن بعضها .
    والحق أن كل نظرية من هذه النظريات إنما تعبر عن جزء من الحقيقة لا الحقيقة برمتها، وأن الذي دعا هؤلاء المستشرقين إليها قصر نظرهم على ناحية خاصة من التصوف دون النواحي الأخرى، وملاحظتهم لبعض جهات الشبه بين التصوف الإسلامي والأحول التي قالوا إنه مستمَد منها، ناسين أو متناسين الثقافة الإسلامية والعقلية التي هضمت كل ما وصل إليها من عناصر الفلسفة والتصوف الأخرى، واستخلصت لنفسها فلسفة وتصوفًا جديرين بالبقاء وجديرين بأن يطلق عليهما اسم الفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامي.
                  

03-19-2014, 08:58 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    الصُّوفيُّ: المسافرُ في الحُبِّ.

    يعني التصوف أن تكون إنساناً أوّلاً وقبل كلِّ شيء، وأن تحقق معنى "وفيك انطوى العالمُ الأكبر"، وتتذكّر أنك مهما علوت أو هبطت وعيت أو غفلت سهوت أو تذكّرت، فأنت حيٌّ تحيا بالله، وأن ليس هناك قواطع وحدود صُنعت وبُتّ في أمرها مسبقاً، ولا بد أن تسعى على درب قد حُدد لك من قبل، أنت تحاول، وأنت تفكر، وأنت تجاهد نفسك ما استطعت أن تحيا وتتجدد، قال ربك في الكتاب "يزيد في الخلق ما يشاء" و" أنا عند ظن عبدي بي"، وأنا لا أقف لعبدي بالمرصاد كي ألقيه في حفرة، ولا أتحيّن الفرصة لسهو أو غلط فألقي به في النار لأجل جملة أو كلمة أو حرف، أنا آخذ العباد بما كسبت قلوبهم وأستيقنوا به وقدّموه، إن خيراً فخيراً، وإن شرّاً فشراً. وربّك الغفور ذو الرحمة.

    وقيل قديماً: التّصوفُ: هو استرسالُ النّفس مع الله على ما يريده. وكان من دعاء أحدهم: "يا إلهي، اجعل عين قلبي مبصرة وأرشدني إلى معراج اليقين، وافتح بالرّحمة كنوز الجُودِ عليّ وادعُ قلبي إلى ساحةِ الأمل، وارزقني قلباً عامراً بالثناء عليك، ولساناً يكونُ بمنأى عن مدح من سواك، واشغل تفكيري بشكرك في السّراء، وزد من حمدي لك في الضّراء وسُق، هودج أملي إلى حيث يقع باب الفلاح، وبما أنك قد سموت بي في الدنيا عن التراب، فلا تُسلمني في الأخرى إلى طوفان الهلاك، واغمرني بالعفو حتى أصبح طاهراً، وأحيني بذاتك حتى لا أموت فليس ما أحمله قلباً، إنما هو جماد أمتلكه في الخفاء، وأنت من يهب الأموات الحياة، ولتُنر هذا الضريحَ الترابيَّ بالعقلِ المنير والفكر النقي، وما ذلك الأمل الذي أعلّقه على تلك الحياة إلاّ إضاعة لها في الغفلة، فلا تذرني في نوم الغفلة أكثر من ذلك فإن أمامي نوماً آخر. وإني أخطُّ في صحيفتي لازدهار أيامي، وعندما تنتهي زخرفة هذا الديباج، فلتكتبه عندك في سجل العتقاء من النار. ولا تسألني عن حسابي الذي لا يستحقُ التقويم، فإنه لا يستحق السؤال. وليكن كرمُك حارس سوقي وعنايتُك وكيلي في عملي، وجدد أملي بغفرانك، واجعل أملي فيك يفوق الحدود".



    صفات الصوفي:

    - يبحث الصّوفيُّ عن قلب ينبضُ بالحياة، ويطلبُ الرشاد إلى معراج سماوي، في كل لحظة تتجدد فيه صلته بالله يكون الله صديقه الأوحد ومطعمه وساقيه، لا يبحث عن كنز من المال والمادة، بل يطلب فتح كنوز الرحمات حتى تتنزل على العباد، ولا يريد أن يرى إلاّ الله، وفي كُلّ حسن يرى صورة الله وتجلياته، يريد أن يتخلّص من غبار النفس الزائف ومن ترابها الذي يمنعه من الحياة، يطلبُ العفو وإن تورّمت قدماه قياماً وصلاة لله، يطلب النور الأعلى، وإن كان في حضرة ربّ العباد.

    - يؤمن الصوفيُّ أن قلبه قطعة مُضغة تتكوّن لحظة بلحظة وتتجدد فيها الحياة بالله، وعلى قدر صفاء القلب تصفو الحياة، وعلى قدر طهارة القلب تُقبل صلاته وتتأكد صِلاته، لا ينشغلُ الصوفيّ بالصورة الظاهرة، وإن كان الظاهر يتجمّلُ من خلال الباطن، فلا ينشغل كثيراً بالطاهر من الماء أو المكان؛ فالعالم كله منه وبه طاهر، يعرف أنواع الماء السبعة لكنه غير مشغول بنقل أحكام الطهارة البرّانية وصحيح نُطق القرآن وكيفية المعاملات كما وردت في الكتاب أو السنّة فحسب، وهمُّه الأكبر أن يجدّ في طلب الحقيقة ويجدها، ويسهم فيها، ويكون جزءً منها، ويكون قلباً وقالباً ترجمة لها.

    - يُسقط الصوفيُّ التكاليف، ليس على نهج أهل الصورة كما يُشيعوا عنه، ولكنه يفعل كلّ شيء بحبّ وعشق دائم؛ فهو يؤمن بأنه لا كُلفة في عبادة العباد المحبّين، وهم خاصةُ الله ونُجباؤه، فإذا كان العوام من أمثالنا يجدون كُلفة ومشقة في أداء العبادات، فيقومون للصلاة بنصبٍ، ويصيبهم الملل إن طالت، وكذا الصوم وغيره من العبادات، فإن من ذاقوا حلاوة القُربِ والاتصال لا كُلفة في مناجاتهم لأحبّ الأحباب، فكل عمل يؤدّونه له " لذّةٌ " و" مُتعةٌ " لا يشعر بها إلا من أدّاها بقلب يشتعل بعشق الله. أن تكون صوفيّاً؛ أي ألا تريد من الله سوى الله.

    ذُكر أن إحداهن ذات يوم كانت تحملُ ناراً في يدها اليمنى، وفي الأخرى كانت تحمل الماء وكانت تعدو مسرعة، فسألوها سيدتنا إلى أين أنت ذاهبة؟ وماذا تبتغين؟ فقالت: أنا ذاهبة إلى السماء حتى ألقي بالنار في الجنة وأصب الماء في الجحيم، فلا تبقى الواحدة ولا الأخرى ويظهر المقصود. فينظر العباد إلى الله دون رجاء ولا خوف، ويعبدونه على هذا النحو. وذلك لأنه لو لم يكن ثمة رجاء في الجنة وخوف من الجحيم أفكانوا يعبدون الحق ويطيعونه؟

    أن تكون صوفيّاً، فأنت كافرٌ بكلّ الأصنام، لا الأصنام التي حطّمها إبراهيمُ قديماً أو مُحمّد صلى الله عليه وسلم، بل الأصنام التي تتجدد كل يوم وتُنصب في الشوارع والميادين والمساجد ودور العلم وفي أروقة الإعلام الشاسعة. لا ينبغي لك أن تنخدع بالصورة أو الكلام، فأنت لست عبداً لغير الله، وما الصورة إلا وهمٌ وخيال، ولو كانت لبشر أفاضل، فالشيخ أو الدّال على الطريق بمثابة القنطرة تعبر بها ثم ترى من بعدها ما لم يره.

    لتكون صوفيّاً لا تنخدع بأحد، وقديماً قال أحدهم: في وسط جميع الدراويش يختفي واحدٌ صادقٌ فقيرٌ، فابحث عنه جيداً وستجده.

    - يؤمن الصوفيٌّ أن الشيطان الذي في داخله هو الذي يستحق التأديب والتهذيب، ولا يلقي بتبعة أفعاله على الشيطان الخفي، الذي ورد في الذكر أن علاجه الاستعاذة، وبالاستعاذة ينتهي أمره. إن شيطان النفس هو الكفة الأخرى للقرين السماوي الذي يصاحب الصوفي في رحلات تحقيقه، قال أحدهم عن هذا الشيطان الذي لا يكلّ عن الحركة والعمل: في داخلي شيطانٌ، لا يخفى عليّ... وقطع رأسه ليس أمراً سهلاً... لقنته الإيمان ألف مرة... ولم يدخل في الإسلام. هذا الشيطان هو أنا ما دمتُ حيّاً، في كل مرّة أخطئُ وأتوب... ثم أخطئ وأهذّب نفسي... ثم أجاهد نفسي ليل نهار حتى الممات، حتى أتخلّص من كل خُلقٍ دنيٍّ وأتحلّى ما استطعتُ بالخُلقِ السَّني... ليس هناك لن أعود فلا يضمن أحدٌ نفسه، ولا يأمنُ مكرها. وفي صيغ استغفار النبيّ الأكرم ما رُوي أنه سيد الاستغفار يقول: وأنا على عهدك ووعدِك ما اسْـتَـطعتُ... ومن يستطيعُ ما استطاع.

    أن تكون صوفيّاً؛ يعني أنك تلتمسُ من الحياة ما فيه نفع للعباد وتقدّمه على منافعك حتى ولو كانت قربة لله وأداء فريضة من فرائض الدين. كان أحدهم قد روى عن بايزيد البسطامي قصة تقول: كانت مع البسطامي مجموعة من الدراهم وأراد أن يحجّ، وفي طريقه للحج وجد عجوزاً صاحب عيال فقير، فسأله الفقيرُ عن وجهته فأخبره أنه ذاهب إلى الحج حيث الكعبة بيت الله يطوف كما المناسك، فرجاه أن يطوف به ويعطيه المال فهو أحوج إليه هو وعياله، والبسطامي أحوج إن كان عبداً لله أن يطوف ببيت الله الحيّ "قلوب العباد عياله"، وقد فعل البسطامي وانصرف عن الحج. وقد انصرف أهل الصورة عن المعنى الكامن في فعل البسطامي وترجموه إلى إهمال الفرائض والاستخفاف بالدين، ونسوا ما هو أولى من ذلك، أن العاقل لا ينشغل بفعل غيره مع ربه، وأولى به أن ينشغل بالله.

    وأن تكون صوفيّاً؛ أي أن تخلع عنك كل الأفكار المُسبقة ما كان بالياً منها أو حديثاً، ولا تفرض فكراً على أحد ولا تنشغل بأفكار الآخرين مهما ظهر لك أنها لا تناسبك ولا تناسب الآدميين، وإن كنت مهموماً بتغيير العالم من حولك، فإنه سيتغير حتماً إن تغيّرت، ومن خلال حياتك الناجحة وبشريتك الراقية سيسعى غيرك للحصول على ما حصلت.

    يُروى أن رجلين من أهل الله في طريق سفر من بلدة لأخرى، وفي الطريق مرا بنهر، ووجدا على ضفته امرأة تنتظر بمفردها في وقت متأخر، وتبدو عليها ملامح الحزن والأسى، فسألاها: يا أختاه هل تحتاجين من شيء نقدمه لك، فقالت: أريد العبور للضفة الأخرى لأعود لأولادي ولكنني تأخرت وأخاف الغرق، فسارع أحد الرجلين إليها وحنى ظهره وقال لها اركبي، فامتطت المرأة ظهره وعبر بها إلى الضفة الأخرى من النهر، وبعدها أنزلها وألقى عليها السلام، ثم انطلق مع صاحبه إلى وجهتهما، وبعد مسيرة يومين من السفر، قال له صاحبه: هناك سؤال يؤرقني طوال سفرنا، فهل لي أن أسأله إياك، فأشار إليه بالموافقة، فسأله: كيف تسنّى لك وأنت شيخ عالم فاضل أن تمس امرأة لا تحل لك، بل وتحملها على ظهرك وتشعر بحرارة صدرها على ظهرك، وتحتّك أبدانكما أحدهما بالآخر، أليس هذا حرام؟ فأجابه صاحبه مبتسماً: والله يا صاحبي، لقد تركت أنا المرأة على ضفة النهر الأخرى قبل يومين، ولكن يبدو أنك لم تتركها طوال اليومين حتى هذه اللحظة.

    فإن كان كثيرٌ من الناس يتعبّدون الله ويتقربون إليه بسوء الظن، فكن أنت غيرهم وأحسن الظنّ بعباد الله تكن إنساناً قبل أن تكون صوفيّاً.

    وأن تكون صوفيّاً تطوفُ لترى ولا تنزوي في صومعة بعيداً عن العالم من حولك، ولا تتنصل من خبرة سابقة هي سبب في تكوينك الحالي، فكل ما قدّمته لنفسك من حسن وسيء هو أنت الذي تراه الآن، فإن كنت تاركاً للصلاة أو الصيام أو مقترفاً للرذائل يوماً، لا بد أن تتذكر ذلك إن حدّثتك نفسك احتقار أهل الآثام والمعاصي، فيوماً ما كنت أنت هناك، وذكِّر نفسك قائلاً: وأنت يا نفس لو ابتليت ببيع الخمر والحشيش يوماً واحداً لضاقت عليك الأرض بما رحُبت، خوفاً من زوال رياستك لا خوفاً من اللّه عز وجل، بدليل وقوعك في الذنوب التي هى أقبح من بيع الحشيش مثلاً، ثم لا تضيق عليك الأرض ذلك الضيق.

    وتذكّر أن من أهل الله من رأى للعاصي محاسن كثيرة، منها: أنه لولا تحمله تلك القاذورات التى نزلت على الخلق لربما كنت أنت المرتكب لها بحكم القبضتين، إذ لا بد للمعاصي من فاعل. وفي حكاية لـ أفضل الدين رحمه اللّه يقول: أنا في غاية الحياء والخجل من جاري، فقلت لماذا؟ فقال لأنه غارق في الزنا واللواط وشرب الخمر والبوظة وبلع الحشيش ليلاً و نهاراً، فأنا أتخيل دائماً أنه محتمل ذلك عني لقذارة حالي وخباثة أصلي، فإنه من ذوي البيوت وأي شيء بين حائطي وحائطه. ويروي الشعراني عن سيدى علي الخواص رحمه اللّه قوله: لا يصح لعبدٍ قدم في طريق القوم حتى يشهد نفسه تحت الأرضين.

    والتصوف أن نرى نفوسنا دون كل جليس من الناس، ولو بلغ ذلك الجليس في الفسق إلى الغاية، فنرى نفوسنا أفسق منه، فمن شك من أهل الدعاوى في ذلك فليعرض على نفسه صفات الفسق التي عملها طول عمره، ويقابل بينها وبين صفات الفسق التى ظهرت من ذلك الجليس، فإنه يجد صفات فسقه هو أكثر من صفات جليسه بيقين فهو أفسق، وذلك لأن اللّه ستار، وما يكشف من صفات عبيده الناقصة إلا القليل والباقى يستره، وما ستره لا حكم له، ولا يجوز لنا رمي أحد بالفواحش باطناً قياساً على ما وقعنا نحن فيه وستره اللّه علينا.

    إن التَّصوّفُ إحساسٌ أکثرُ منه عقand#1740;دة... لذلك من العبث أن تطالب شخصاً أن يأتيك بالدّليلِ على إحساسه، ومن العبث أن يُدلل الصوفيّ على حاله. وأن تكون صوفياً أن تغيب عن كل هذه الأمور التي تدفن الإنسان ولا تنشغل بالرّد على المخالف، فتتحول دون أن تدري عن وجهتك وتقع فيما فيه وقع.

    ومن وصايا سيدي علي الخواص رضي اللّه عنه: إذا جاءكم مجادلٌ فلا تقيموا عليه الحجج بالأجوبة المسكتة، وتصدّقوا عليه بالسكوت، فإن السكوت يخمد هيجان النفس، والجواب بالجدال يهيّجها.

    وأن تكون صوفيّاً؛ أي أن يكون حديثك وحالُك بلسماً يشفي الصدور ويشرق منه النور، تترجم الحرف في صمت بفعل لا بكلِمٍ يكلمُ صدور العباد. كان هناك شيخ يعلّم تلاميذه العقيدة "لا إله إلا الله" يشرحها لهم، ويربيهم عَلَيْها أسوة بما كان يفعله الرسول الأكرم "صلى الله عليه وسلم"، وفي يوم أتى أحدُ تلامذة الشيخ ببغاء هدية له، وكان الشيخ يحب تربية الطيور والقطط، ومع الأيام أحبّ الشيخُ الببغاءَ وكان يأخذه معه في دروسه حتى تعلّم الببغاء نُطق كلمة "لا إله إلا الله"، فكان ينطقها ليلاً ونهاراً، وفي مرة وجد التلامذة شيخهم يبكي بشدة وينتحب، وعندما سألوه قال لهم: قتلَ القطُّ الببغاءَ، فقال التلاميذ: ألهذا تبكي؟ إن شئت أحضرنا لك غيره وأفضل منه، فأجاب الشيخُ قائلاً: لا أبكي لهذا. ولكن أبكاني أنه عندما هاجم القطُّ الببغاء أخذ يصرخ ويصرخ إلى أن مات. ومع أنه كان يكثر من قول "لا إله إلا الله"، إلا أنه عندما هاجمه القطُّ نسيها ولم يقم إلا بالصراخ، لأنه كان يقولها بلسانه فقط، ولم تخالط قلبه ولم يشعر بها، ثم قال الشيخ: أخاف أن نكون مثل هذا الببغاء نعيش حياتنا، نردد "لا إله إلا الله" بألسنتنا وعندما يحضرنا الموت ننساها ولا نتذكرها، لأن قلوبنا لم تعرفها، فأخذ طلبة العلم يبكون خوفاً من عدم الصدق في قول "لا إله إلا الله".

    أن تكون صوفيّاً فيكون معتقدك أنه إذا تنسّمت عبير المحبّة في مكان فثمّ وجه الله، وأن تكون صوفيّاً؛ أي أن يكون ابتهالك: لا تردّني إليّ بعدما اختطفتني منّي. وأن تكون صوفيّاً، أي لا تقلّك أي أرض ولا تظلك أي سماء. وأن تكون صوفيًاً؛ أي ألا تذكر كلّ ما كتبته هنا.

    * خالد محمد عبده باحث مصري
                  

03-19-2014, 08:50 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    Quote: أما الكرامات فإجماع أهل السنة على أن كل ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي....حتى إحياء الله الموتى للولي ثبتت في أخبار صحيحة لصاحبة
    وغيرهم .

    الأخ منتصر
    تحية طيبة
    أرجو ان تذكر لنا المراجع التي ذكرت هذا الإجماع وهل قال به الائمة الاربعة ؟؟؟
    الذي يظهر جليا من القرآن الكريم ان الله تعالى يختص انباءه بما لا يختص به سائر البشر لا ولي ولا غيره وذلك بسبب التأييد والتمكين والنصرة التى يحتاجها النبي لذا كان استثناء الأنبياء ظاهرا هنا في مسألة الغيب التي يدعيها الصوفية ويسمونها بالكشف قال تعالى :
    ( قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ( 25 ) عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ( 26 ) إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ( 27 ) ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ( 28 ) )
    فهل لك من دليل في ان هذا الأمر يتمدد ليشمل الأولياء ؟؟؟
                  

03-19-2014, 09:16 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    النصوص المقدّسة في التراث الصوفي: في سبيل ترسيخ منظومة أخلاقية مشتركة

    صابر السويسي


    يلاحظ الناظر في كتب التصوّف ميلاً لدى أصحابها إلى إحكام وصل التجربة الصوفيّة بالمنزع الأخلاقي؛ فمحمد بن علي الكتّاني يختزل التصوّف في تعريفه له على أنّه خلق، وذلك في قوله: "التصوف خُلُقٌ، فمن زاد عليك في الخُلُقِ فقد زاد عليك في الصفاء" (القشيري، 2001، ص 184). ويؤكّد أحمد الجريري هذا التوجّه في قوله بأنّ التصوّف: "الدخول في كل خلق سَنِيٍّ، والخروج من كل خلق دَنِيٍّ" (القشيري، 2001، ص 183). وكذلك محمّد بن علي القصّاب في قوله: "التصوّف أخلاق كريمة" (القشيري، 2001، ص 184). وأيضاً أبو الحسن النوري في تعريفه التصوّف بقوله: "ليس التصوّف رسوماً ولا علوماً ولكنّه أخلاق" (الهجويري، 1980، ص 237). والشواهد والأمثلة على ذلك كثيرة، تطفح بها كتب التصوّف، وهي جامعة بين الأقوال والسلوك، لتؤكّد حرص الصوفيّة على هذا الجانب في تجربتهم وتكريسهم له عمليّاً.

    والمصدر في توثيق هذا المنزع وتأكيده إضافة إلى هذه الشواهد، هو النص القرآني والحديث النبوي أساساً لما ورد فيهما من حثّ على مكارم الأخلاق ودعوة للمحبّة والتآخي والتضامن والتراحم والصبر والرضا والعفّة والورع والصدق...فالصوفيّة كثيراً ما يستحضرون حديثاً نبويّاً، جاء فيه أنّ الرسول قال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ".

    إلاّ أنّ هذا لم يعدم حضور نصوص مستمدّة من ديانات سابقة على الإسلام اعتمدها كثير من الصوفيّة في باب تأصيل مقالاتهم وتوجّهاتهم السلوكيّة والاجتماعيّة... إذ يورد الترمذي مثلاً شواهد من قبيل: "روي عن موسى صلى الله عليه وسلم أنّه قال: يا رب، أوصيتني بصلة الرحم فكيف بمن تباعد منّي أرحامه في مشارق الأرض ومغاربها؟ قال: يا موسى أحبّ لهم ما تحبّ لنفسك" (الترمذي، 2002، ص 67). والقشيري يستدلّ بـ: "أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: أتريد أن تكون لك يوم القيامة مثل حسنات الناس أجمع؟ قال: نعم، قال: عد المريض وكن لثياب الفقراء فاليا..." (القشيري، 2001، ص 179). وأيضاً: "وفي الزبور: القانع غني ولو كان جائعاً" (القشيري، 2001، ص 99)... هذا فضلاً عن أخبار تنقل سلوك عدد من الأنبياء والمرسلين والصالحين... اتّخذها الصوفيّة مثالاً يحتذى في حسن الخلق وكمال الإيمان، وقد يتجلّى هذا مثلاً في قول الجنيد: "بناء التصوّف على ثماني خصال، اقتداء بثمانية أنبياء عليهم السلام..." (الهجويري، 1980، ص 235).

    فالمنظومة الأخلاقيّة التي اعتبروها عمدة طريقتهم تتجاوز بيئتهم الثقافيّة، وتنشد الكونيّة عبر تمثّلها مختلف المرجعيّات السماويّة والوضعيّة على حدّ سواء، وهي في هذا تتّسق مع اعتقادهم في الحقيقة المحمّديّة من حيث هي حقيقة جامعة لكلّ الديانات والشرائع، فضلاً عن مراعاتها في ذلك منطق عصرهم وطبيعة الحياة فيه وحضور ممثّلين عديدين لهذه الأديان والثقافات داخل البلاد الإسلاميّة، ومحافظتهم على عقائدهم وعاداتهم وطقوسه؛ فاستدعاء شواهدهم علامة على رغبة في إقامة جسور تواصل وتعايش معهم، بإبراز نقاط الالتقاء بينهم عبر نشر مثل هذه المنظومة الأخلاقيّة الجامعة أو المشتركة.

    إنّ الصوفيّ في استدعائه مثل هذه الشواهد الدينيّة، إنّما يؤكّد مقولة "الطرق إلى الله تعالى عدد أنفاس الخلائق" (ابن خلدون، 1996، ص 141)، ويثبت انفتاح التجربة الروحيّة وشمولها وتحرّرها من قيود الوسائط والأشكال. فالنصّ عندهم في معناه لا زمنيّة له ولا حدود وإن نطق بلسان قوم مخصوص، وهو وثيقة وسلطة تزكّي قيمة أو توجّه سلوكاً، وقادر على اختراق جميع السياقات الثقافيّة لما يحمل من أبعاد إنسانيّة يعمل الصوفيّة على استجلائها وبيان عمقها بتجاوز الألفاظ ودلالتها الظاهرة والغوص في باطنها.

    ويقيم هذا دليلاً على أنّ الصوفيّة، عبر جمع نصوص مختلفة من ديانات وثقافات متنوّعة، يتوجّهون بخطابهم إلى الإنسان الفرد منطلقاً في التجربة التعبّديّة، ويحاولون البرهنة على أنّ الغاية بلوغ أقصى ما يمكن من الكمال، والكمال المنشود ههنا بعيد كلّ البعد عن الجانب الجسماني أو المادي، هو كمال يحاول الاقتراب من الأخلاق الربّانيّة والتخلّق بها لتحقيق الصفاء المنشود، أو ما يعرف عندهم بالمرآة، حيث يرى الله نفسه في عبده أو يتجلّى فيه. وفي ذلك يقول عبد العزيز المهدوي: "المرآة في الحسّ خاصيتها انطباع الصور فيها، والقلب إذا تخلّى عن الأوصاف المذمومة وتحلّى بالأوصاف المحمودة صار مرآة يتجلّى الحق فيه" (المهدوي، د.ت، و74)، وهي مرتبة لا يمكن لصاحبها إدراكها ما لم يتجرّد من الوسائط ويتحرّر من الانتماءات الضيقة، ويجعل منشوده منحصراً في إدراك الذات الإلهيّة والتحقّق بصفاتها. بذلك تذوب مرجعيّات النصوص وتمّحي آثار أصحابها ولا يبقى منها سوى مدلولها الذي يتغيّا الصوفيّة بلوغ منتهاه وامتلاك ناصيته. ولهذا أباحوا لأنفسهم استدعاء جميع ما يخدم غايتهم من نصوص أيّاً كانت هويّتها الثقافيّة أو الدينيّة. فليست العبرة ههنا باللفظ أو دلالته الظاهرة بقدر ما هي متجذّرة في الفهم والاعتقاد والسلوك.

    وتتميّز هذه المنظومة التي حاول الصوفيّة تأكيدها في نصوصهم باختلافها من صوفي إلى آخر، فكلّ تجد لديه تركيزاً على أخلاق بعينها أضحت في عرفه مقامات استوجب على السالك خوضها ومعايشتها وتثبيتها في سلوكه. والمبرّر عندهم أنّ مثل هذا التركيز ناتج عن خصوصيّة التجربة ذاتها، فكلّ له مقام محدّد يختصّ به وينهل من معينه العلوم والمعارف، وقد لا يتمكّن من تجاوزه، ومنهم من يترقّى في جميع المقامات ويتعدّاها، ليستوعب كلّ العلوم والمعارف وينال حظوة القرب من الله أكثر من غيره. فالصوفيّة بذلك درجات وتخلّقهم بأخلاق الله أيضاً مراتب ومنازل، قلّ من تمكّن من إدراكها في كلّيّتها. وهذا رهين إخلاصه وصدقه في الطريق من جهة وموقوف على تدخّل الذات الإلهيّة لتزكية مجهود العبد من جهة أخرى.

    فالمسألة الأخلاقيّة إذن، ليست مشروطة بالاطلاع على النصوص وفهم محتوياتها أو الالتزام بأوامرها وتجنّب نواهيها بقدر ما هي استقصاء لباطنها واستيعاب لما جاء فيها عمليّاً وتكريس له في واقعهم.

    فمثل هذه القيم الأخلاقيّة التي يعلن الصوفيّة تقيّدهم بها ويدعون إليها عبارة عن عقد تواصل وتعايش يرسم أفق تفاعلهم مع غيرهم بقطع النظر عن انتماءاتهم وعقائدهم. فالكلّ في النهاية واحد في أصله ومرجعه، والذات الإلهيّة جماع محاسن الخلق ورمزها الأعلى. ولا ضير من ثمّ إذا تعدّدت الرسوم والأشكال بما أنّ الغاية في النهاية واحدة.

    بهذا المعنى، يخترق التصوّف عتبة المحلّيّة ليعانق أبعاداً إنسانيّة كونيّة عنوانها التواصل والانفتاح لا العزلة والانغلاق على الذات. فالتجربة الصوفيّة بانصرافها إلى العناية بالموضوع الأخلاقي وإعلائها من شأنه، بل اختزالها مجمل أدبيّاتها وقواعدها فيه، ترسّخ حضورها في واقع الحياة البشريّة وتحدّد حقيقة دورها في السموّ بالكائن البشري وتعزيز علاقاته بالكون. شعارها في ذلك المحبّة؛ فهي الينبوع الذي تنبع منه العلاقات المنشودة بين البشر وتتأسّس على قاعدتها منظومة الأخلاق المشتركة التي عملت كتابات الصوفيّة على بيان تعاليمها وأركانها وضوابطها وأبعادها، وهي الدين الجامع الذي يوحّد البشريّة قاطبة ويزيل عقبة الأشكال والحجب، يقول محيي الدين ابن عربي: (ابن عربي، 1981، ص 43)

    أَدِينُ بِدِينِ الحُبِّ أَنَّى تَوَجَّهَتْرَكَائِبُهُ فَالحُبُّ دِينِي وَإِيمَانِي

    إنّ التصوّف إذن، بتمثّله ما جاء في نصوص دينيّة سابقة للإسلام وعدم تحرّجه من إيرادها في كتابات أصحابه حجّة ومثالاً على قواعد التجربة التعبّديّة كما فهمها سالكوها وترجموا عنها عمليّا، أثبت جملة من منطلقاته الفكريّة ومنها أساساً إيمانه بوحدة المعبود وتقاطع العقائد والأديان عند قيم وأدبيّات مشتركة قد تختلف في تفريعاتها، ولكنّها تلتقي عند الأهداف والغايات الكبرى، وهو ما يتطلّب مراجعة زوايا التفاعل مع النص الديني والنأي به عن مقولات الانتماء والمحلّيّة والإقصاء والنرجسيّة.

    وتبقى من ثمّ المنظومة الأخلاقيّة الصوفيّة في حاجة إلى مزيد من البحث والتحليل لأهمّيّة مضامينها وتنوّع مصادرها واختلاف تفريعاتها من صوفيّ لآخر، وهو ما يدلّ على تفاعلها مع منطق عصرها وواقع أصحابها وانفتاحها على تجارب غيرها.
                  

03-19-2014, 09:52 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    كتب
    أحمد بلحاج آية وارهام
    شجرة الماء الحي
    توطئة:
    1 ـ المشابهة للمحبوب
    1.1 ـ المحبة تتكلم لغة الإشارة
    2.1 ـ الإشارة لغة إلهية
    3.1 المحبة هي الحقيقة
    4.1 جدلية المحبة وسرها
    5.1 الارتباط بين مفهومي المحبة والمعرفة
    2 ـ الصعود إلى نقطة الفهم
    2.1 ـ تكلم الله بلغات مختلفة
    2.2 ـ مقام الرؤية بنور الله
    5.2 ـ وحدة الشهود
    3 ـ التصرف بتقنية "كن فيكون"
    التصوف هو الماء الحي النابع من المعرفة والمحبة الغائرتين في ذات الإنسان المشرقة بجلال الله وجماله. فالإنسان الصوفي ماء حي ينبع إلى حياة أبدية (1)، وقلب تُغرقه أمواج النور الرباني الفائضة فيه. ألم يقل مولانا جلال الدين الرومي "المحيط الذي هو أنا، غرق في نفس أمواجه، يا له من محيط لا حدَّ له، ذلك الذي هو أنا".
    إن هذه الأمواه الحية لَتَتَرفَّعُ عن التجمد الصوري الحائل، لأنها تتعلق بحوزة الحقيقة التي تهدي إليها الطريقة مبتدئة من الشريعة. فالحقيقة على هذا المستوى لم تَعُدْ منهاجًا للمفاهيم، بل قد أصبحت عنصرا كالنار والماء، وشجرة ربانية أنبتها الله تعالى في تربة القلوب الوالهة به، والساعية إليه؛ المحبة ماؤها، والمعرفة نورها، والفيوضات الإلهية ثمارها، تقود الناس إلى المعنى الكلي الذي يعطي للحياة غناها وكمالها، وينفي عنها رهق النقصان تحت ظل العبودية الكاملة لله.
    ولن يتأتى هذا لهم إلا بأمرين اثنين هما: المحبةُ والمعرفة، وسنتناولهما بتركيز، مبينين آثار الاتصاف بهما، والتي هي التصرف بتقنية "كن فيكون"
    1 ـ المشابهة للمحبوب:
    إن تحديد المحبة متعذرة على من لم يُجَرِّبْها، و إن الشرط الأساس لحصول المحبة هو المشابهة للمحبوب، فهي استعدادٌ ينشأ في خيال المحب أولا، ويقوى في غيابه ثانيا.
    والسادة العارفون بالله يفرقون بين ثلاثة أنواع من الحب؛ هي:

    · الحب الإلهي
    · الحب الروحاني
    · الحب الطبيعي أو الجسدي
    فالحب الإلهي يصدر من الخالق نحو المخلوقات، وهو يتجلى في محبة المخلوق للخالق. والحب الروحاني يتجلى فيما يريده المحب من إسعادٍ للمحبوب. والحب الطبيعي أو الجسدي يبحث فيه المحب عن إشباع أهوائه دون تفكير في المحبوب.
    إن الحب الإلهي يتضمن ما يشعر به الإنسان نحو الله، مع أنهما ليسا من طبيعة واحدة، ولكنه يتأتى للإنسان من النوعين الآخرين. ولمساعدة النفس على الجمع بين هاتين الطبيعتين، فإن الله يتجلى في صورة حسية، ليقدر الإنسان على إدراك إشاراته، وذلك بواسطة مقدرته الخيالية التي يُدرك بها الحقائق الروحية المتجلية في شكل صور حسية ، إذ الإنسان يحب المحسوسات التي يتجلى فيها الجمال الإلهي. وفي الخيال يتم الجمع بين ما هو روحاني، ثم يرتفع بما هو طبيعي عن صورته الحسية.
    إن الخيال الخلاق يُمكن المحب من إدراك صورة المحبوب التي كانت بداخله سابقًا على أنها صورة من اسم إلهي أودعه الله فيه عند خلقه. فالهدف الأساس من محبة الإنسان لله هو معرفة جوهر العلاقة بالمحبوب.
    1.1 المحبة تتكلم لغة الإشارة
    فمحبته إياك مرآة تُريك حكمته في خلقه، ومحبتُك إياه طاعةٌ تُشربك سني صفاته. وهذه المحبة لا تتكلم إلا لغة الإشارة، أعني لغة الإشارة، أعني لغة الإشارة الإلهية التي ليست من اللغات التي يمكن تعلمها أو تعليمها بالسبل التقليدية؛ إذ هي ليست من العلم الذي يؤخذ من الكتب، وإنما هو علم من صنف العلوم القلبية التي يُغدقها الله فضلا منه، ومنة على من يستحقها فقط من عباده بفضل تقواه وطاعته له، فعلم الإشارة هو أحد العلوم التي تصفها الآية الكريمة "واتقوا الله ويعلمكم الله" (2)، ذلك أن التقوى هي أساس كل خير، وسببُ مجيء الدنيا، ومجيء الحكمة والعلوم، وصفاء القلوب و الأسرار، فأنت "إذا أقدمت عليه عز وجل بَيَّن لك وكشف وشرح" (3)، فتستحيل الإشارة الخفية عبارة واضحٌ معناها وضوحَ الشمس. إن التقوى تجعل الله حاضرا دائما في قلب الإنسان المتقي، وكما الحديث القدسي " ما وسعتني السماوات و الأرض، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن". وهذا هو حال القوم من أهل الإشارة الذين هم في انصراف كلي إلى الله، فإنهم يدركون ويفهمون إشاراته متى وأينما أرسلها، ولذلك كانوا أهل رقي روحي. فإن الذين يَفهم ويُفهم بالإشارة دون انتظار العبارة هو أقوى روحيا وفكريا من الذي يَفهم ويُفهم بالعبارة.
    2.1 الإشارة لغة إلهية:
    إن الإشارة لغة إلهية الصنع، غير مفهومة لمن هو ليس من أهل التقوى، و" إنما يعرف الإشارة أهل الإشارة" (4) لكونها لغةً خاصة يُعلمها الله لخاصة خلقه بفضل تقواهم له. وهي تختلف بذلك عن لغة الكلام التي هي لغةٌ عامة وهب الله القابلية على تعلمها لكل البشر من خلقه.
    وإذن؛ فإن كل علم إلهي هو من علوم التقوى التي وصفها الله بقوله الكريم في الآية 282 من سورة البقرة المشار إليها آنفا. فكلما ازداد الإنسان تقوى ازداد حظه من العلم الإلهي ومن المعرفة اللدنية، وفي حالة علم الإشارة يُمكن لأحد الذين أنعم الله عليهم بقدر من هذا العلم أن يفهم من الإشارات ما يَغيب معناها عن أخٍ له أقلَّ نصيبا من هذا العلم.
    وعليه فإن واقع السائر على الطريق الإلهي إلى الله يبدأ بالتغير من واقع ظاهره أسباب وباطنه الله، إلى واقع ظاهره وباطنه الله، من واقع يتجَلّى فيه باسمه "الباطن" من ظواهر سببية إلى واقع يتجلى فيه باسمه "الظاهر" من خلال خوارق "كن فيكون". فمن خلال تدخله المتزايد باسمه "الظاهر في حياة الإنسان يُعلم الله عبد أن يراه دائما.
    فظهور الأسماء والأرقام والحيوانات و الأماكن، ومختلف الأشياء والحوادث في سياقات ظواهر خارقة للعادات والمألوفات كإشارات إلهية تُشير بمختلف الأشكال إلى خالقها، تجعل الإنسان يُبَايِنُ وبشكل تدريجي طبعه في النظر إلى مفردات الوجود من خلال دلالاتها وخواصها الفيزيائية وعلاقاتها السببية بعضها ببعض، ليبدأ النظر إليها كعلامات ودلائل تشير إلى الله عز وجل.وهذه هي المعرفة العليا التي يمنحنا إياها التصوف، وهي معرفة خارجة عن كل المعارف المتداولة والمعروفة، معرفة تجعلنا نصل إلى تخوم حقيقة الحقائق، فنتذكر الله كلما وقع بصرنا على شيء، وليس فقط عندما ننظر إلى الخوارق من الظواهر، وذلك لأن جوهر عام الحقيقة هو القدرة على النظر إلى العالم بنور الله الذي يجعل الناظر به يرى كل شيء على حقيقته: موجودًا قائمًا بالله، دائم الوجود بدوام مدد الله.
    إن الأسباب هي حجاب بين العبد وربه، ولذلك فإن العبد لا يصل إلى الله إلا من بعد أن يصل إلى مرتبة النظر بالله، فلا يعود يرى الأسباب، وإنما يرى مُسبب الأسباب، ف"الاعتماد على الأسباب يُنْقِصُ الإيمان"، ويطفيء نور الإيقان، ويحجب القلب عن ربه عز وجل،ويستدعي المقت منه، ويسقطه من عينه، ويسدُّ بابَ قربه."(5) لأن المحبة انتفت، والحظوظ الدنيوية في النفس اشتعلت، فعميت بها البصيرة.
    3.1 المحبة هي الحقيقة:
    والمسألة هنا ليست مسألة المحبة بمعناها لَدَى علماء النفس، وإنما بمعنى الحقيقة التي كانت واقعا حياديا والجذبة الإلهية. فالحب هنا على النقيض من الصور التي تُشاهد باردة أو ميتةً، بل هو رُوحٌ تُحيي بحرارة حركيتها واقعياتٍ رمزيةً مبنية على الشهود الأساسي لمعنى الكلية، وهذه الكلية خاصة قد صيغت في القرآن الكريم في هاتين الآيتين "لله المشرق والمغرب فأينما تُولوا فَثَمَّ وجه الله" (6) و "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيًّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى" (7)، ففي الآية الثانية يُمكن للأسماء الإلهية أن تعنيَ وجهات النظر الروحية و الأديان أيضا، إذ الأديان المختلفة مثل حبات المسبحة، خيطها العرفان، وجوهرها التوحيد يمر فيها جميعا. (8)
    4.1 جدلية المحبة وسرها:
    ولذلك فإن كل تجربة صوفية هي تجربة محبة خاصة، ولكنها في الإسلام لها ميزة الاتصال بالتجربة النبوية. حيث أصبح معراج النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا أصليا لكل تجربة روحانية تتغيا الوصول إلى الله، وكل متصوف سالك يعيش هذه التجربة في رؤيا أو معراج ذهني، ومن ثمة كانت الروحانية المؤسسة على هذا الشكل تُبلور ما يُسمى بمذهب التجلي، ومن هذا اللقاء بين التجربتين تنبثق فكرة الوحدة الصوفية باعتبارها فناء أي وحدة تناسبية Unio Sympathica التي هي انفعال مشترك co-passion بين العاشق وربه والحضور الفعلي لربه هو في الوجدان الذي يعيشه كمؤمن ، أي في تجليه الذي يجعله في تناسب انفعالي مع الموجود أو الموجودات التي يغشاها بوظيفة التجلي. أما وظيفة التجلي التي تتمتع بها المخلوقات فهي سر جدلية المحبة، فهذه الجدلية تكشف في طبيعة الحب الصوفي اللقاء بين الحب المحسوس والحب الروحاني.
    فالجمال هو التجلي الأسمى، بيد أن لا يتكشف من حيث هو كذلك إلا الحب يقوم بتحويله، فالحب الصوفي هو ديانة الجمال، لأن الجمال هو سر التجليات، ولذلك كان بعيدا عن الزهد السلبي مقدار بعده عن النزعة الجمالية أو إباحة الغريزة التملكية (9)
    5.1 الارتباط بين مفهومي المحبة والمعرفة :
    فمعرفة سر تجليات الجمال والانشداه به هما جناحا العارف للوصول إلى الحضرة الربانية بقلب مليء بالله ولله، يسع الحضرة التي لا تسعها السموات والأرض، إذ لا معرفة دون محبة، ولا وصول دون التحلي بها، كما يُؤَصِّلُ ذلك ابن عربي.
    ومفهوم المحبة والمعرفة عند القوم مؤسس على الحديث القدسي المشهور "كنت كنزا مَخفيا فأحببتُ أن أُعرف، فخلقت الخلق، فبي عرفوني"، ومن ثَمَّ كانت التجليات الإلهية التي جوهرها الأسماء الحسنى. فالله جل جلاله يتجلى للخلق من خلال أسمائه، إذ أن تجليه لا ينفك عن الصور الكونية تؤلهه و وتعبده " و إنْ من شيء إلا يُسبح بحمده"، وهذه العبودية له صادرة عن كونه راعيا للمخلوقات التي تكون عبوديتُها خدمةً مؤدية للمعرفة.
    فمعرفة الله ـ لدى الصوفية ـ لا تتم إلا من خلال تجربة ذاتية يتذوق فيها المتصوف محبة الله، فهي معرفة للذات أولا ، لأن من عرف نفسه عرف ربه، فهذه المعرفة هي سر المحبة التي أودعها الله فيه، وهي الكنز المخفي الذي ينكشف للمحب. و إذا كان التجلي الإلهي هو علة الخلق فإن الله يُمَكِّنُ المخلوقات من معرفته عن طريق المحبة، لأنها تتذكر حقيقة وجودها الذي منحها إياه خالقُها، فتنساق إليه حين تجده في قلبها. (10)
    ورغم ما للمحبة من آفات ومزالق، فإن الاتحاد بالمحبوب في الخيال هو أنبل من التقارب الحسي بينهما، ولا يقي من هذه الآفات والمزالق إلا ترسُّم الخطا النبوية التي توَصِّلُ إلى المحبة الإلهية، فالمحبة تنزلق حين تنحرف خطاها عن خُطَا الرسول صلى الله عليه وسلم الراسمةِ لطريق المحبة الشاملة التي تُرضي الله، وتجعل المتصف بها غارقا في بحر الجمال والكمالات والمعارف اللدنية. إذ لا معارف و لا كمالات لم تَفِضْ من عين الجمال، والجمال جمالان:
    أولا: الجمال المطلق الذي يتجلى في حب التطهر أو الاستكمال المؤدي إلى الحكمة، والشهود البصائري المحب للكون بجميع مكوناته بعين مُكوِّنه.
    ثانيا: الجمال النسبي الذي يُدرك دون الوصول إلى جوهر معرفته.
    وعلى هذا الأساس؛ فإن الحب في شجرة التصوف ـ اللانهائية الأغصان والفروع والجذور ـ هو مبدأ الوجود، وهو الذي يُمكن الإنسان من التقرب إلى الله تعالى تقرب صفاءٍ وجمال، وتقربَ إحسانٍ إلى خلقه الذين هم عياله . وبهذا الحب يُعطي الإنسانُ لفكره وحياته معنًى عميقا، فيصبح فاعلاً في الوجود، متناغما معه، مُتَرَفقا ورحيما به، بصيرًا بإشكالاته، لأن طاقة الحب فيه تجعله فوق الزمن، لأنها من طاقة خالقه. (11)

    2 ـ الصعود إلى نقطة الفهم:
    إن الإسلام على المستوى الروحي يؤكد على المعرفة ما دامت معرفة تحقق غاية الوحدة، بمعنى أنها تُبَدِّدُ وهم الكثرة، وتتخطى ثنائية الفاعل والمفعول، والحب شكلٌ ومعيار للمعرفة التوحيدية، بل إنه مرحلة في الطريق إليها، فهو على المستوى الأرضي ينشد التعادل، ويضع كل شيء في نصابه، وعلاوة على ذلك فإنه يفرق بوضوح بين الفرد والجماعة في الوقت الذي يأخذ فيه بوضوح بين الفرد والجماعة في الوقت الذي يأخذ فيه بتضامنِ كلٍّ مع الآخرين بعين الاعتبار. فالمعرفة والمحبة في الاعتبار الصوفي هما اللتان تُجَلِّيَانِ الإسلام بامتياز كحالة إنسانية في تعادلها بالنسبة للمطلق سواء أكان ذلك في نفس الإنسان أم في المجتمع. (12)
    إن قاعدة الصعود الروحي مبنية على أساس أن الله تعالى له الروح المحض، و أن الإنسان يشبهه أساسيا عن طريق العقل. فالإنسان يتحرك نحو الله معرفةً ومحبة بما هو أكثر تطابقا فيه ( = الصفات العلَى) مع الله باعثِ الإشراق وواهب الإخلاص. وهذا التحرك يسلكُ الطرق الأربعة التالية:
    1 ـ الطريق كرغبة ويتمثل في التجرد.
    2 ـ الطريق كإرادة ويتمثل في السعي.
    3 ـ الطريق كعقلٍ ويتمثل في التمييز والتركيز والشهود.
    4 ـ الطريق كمحبة ويتمثل في الرؤية برؤية المعبود.
    فهذا التمييز الذي نقرأه في شجرة التصوف هو الذي يُعِينُنَا على فهم السبب في أن الروحية الإسلامية ـ بالرغم من قيامها على سر المعرفة ـ تتضمن كُلا من الترك والحب" (13)، فالمعرفة والمحبة من خصائص الإسلام الجوهرية؛ إذ العالم فيه عبارة عن سفرٍ ضخم مملوء بالآيات والرموز والإشارات التي هي عناصر الجمال المُخَاطِبَةُ لأفهامنا، فهي موجهة إلى الذين يفهمون. فالدنيا مؤلفة من صور أصبحت وكأنها معزوفة موسيقية سماوية تجمَّدت بالبرودة، والمعرفة والمحبة هما اللتان تذيبان جمودنا، وتُحرران اللحن الباطنيَ الثاويَ فينا وفي الوجود لا تحدها حدود، ولا تعقلها إلا قلوب العارفين الواقفةُ في شرفة الشهود، تنفعل بها وتتواجد؛ لما فيها من معاني النفَس الإلهي، وبداعةِ التناغم الكوني ، وصفاوةِ التعارف الروحي. ومن هنا ندرك أن الأغانيَ و الإيقاعات الصوفية ورقصاتِ التواجد ما هي في العمق العميق إلا تصرفات رمزية ومشاعر إرهاصية لإيقاعات الخلود المنتَظِمَة مع جذوة المحبة المشتعلة على الدوام في قلوب العارفين. ولذا كان لها ذلك التأثير الروحي الذي يؤدي إلى إفاضة مشاعر الرحيق الإلهي الخفي في شرايين المخلوقات قاطبة، فتنجذب إلى الله بمحبة تُجَسِّرُ الهُوة بين الظاهريةِ التي تتبعُ الحرفَ والعرفانيةِ التي تتبعُ النية الإلهية.(14)

    1.2 تَكَلُّم الله بلغات مختلفة:
    إن انجذاب المخلوقات إلى الله تحت تأثير تجليات أسمائه الحسنى هو الذي يضعنا في العمقِ من سؤال الدين، فإذا كانت هناك أديان مختلفة يُعَبِّر كل منها على حدِّ طبيعته بلغة مطلقة مقصورة عليه، فإن ذلك راجع إلى أن الفرق بين الأديان يتطابق بالمشابهة مع الفوارق بين ذاتيات البشر، فهي حق في نظر معتنقيها لأن الله هو الذي تكلم في كلم زمان،وهي مختلفة لأن الله تكلم لغاتٍ مختلفةً طبقًا للقابليات المتباينة، وهي كذلك مطلقة مقصورة لأن الله قد قال في كل منها "أنا" (15)، ومن ثم تكون النظرة التي نظر بها ابن عربي إلى العقائد الدينية الكلية هي النظرةَ الصوفيةَ الأعمقَ لجوهر الدين المَبْنِي على المعرفة والمحبة، ودليل ذلك قصيدتُه المشهورة التي يقول فيها:

    أَدِينُ بِدِينِ اُلْحُبِّ أَنَّى تَوَجَّهَتْ

    رَكَائِبُهُ، فَاُلْحُبُّ دِينِي، وَإِيمَانِي

    2.2 مقام الرؤية بنور الله:
    و إذا تمكنت المحبة من قلب العارف، وسيطرت المعرفة على كيانه أصبحت الحقيقة مِلْءَ بصره وبصيرته. والحقيقة هي علم بالوجود على ما هو عليه، وبمن فيه على ما هم عليه، وهذا لا يتحقق إلا بالنظر إلى الوجود بنور الله، فهو علمُ مُشَاهَدَةٍ وعيانٍ، حيث يشهد الإنسان الواصلُ ويعاينُ بنور الله؛ الذي لا يُمكنُ سبرُ حقيقةِ الوجود إلا بالنظر به.
    إن الإنسان الذي يصل إلى علم الحقيقة، أي يكتسب مقام الرؤية بنور الله يرى تدخُّل الله متجليا في الظاهرة الطبيعية المألوفة وغير المألوفة، ويشهد بأن الإرادة الإلهية هي القانون الحقيقي الوحيد الذي يُسَيِّرُ كل شيء فالاختلاف بين ظواهر التدخل الإلهي المباشر، وظواهر التدخل الإلهي غير المباشر يختفي في عين الصوفي الناظر إلى الوجود بنور الله، وهذه هي أقصى قِمَّةِ المحبة والمعرفة.
    3.2 الخيال هو عُضو إدراك التجليات:
    فتجلياتُ الله في الكون، وتدخلاتُه المباشرة وغير المباشرة فيه، لا يُدركها إلا الخيال، فهو العضو المدرك لها، أي أنه يدركها إدراكا به يتم اللقاء بين السماء والأرض في منتصف الطريق الذي هو عَالمُ المثال. فإذا كان الخلق خيالا إلهيا وتجلياتٍ، فإن الخيالَ الفعال لدى الصوفي هو عضو إدراك كل هذا عن طريق "علم الهيئة اللطيفة" الذي يُعتبر القلب مركزا لها، فمن جهة هناك منهاج الصلاة الشهودية التي من خلالها يعي المصلي أن صلاته صلاة للحق، ومن جهة ثانية هناك الشهود الذي يتجاوز الفراغَ والهوةَ والتناقضات التي تركها التوحيدُ التجريدي مفتوحةً . (16)

    4.2 الخيال الشهودي:
    إن هذه العملية التي يقوم بها الخيال تندرج في مفهوم الروحانية، ولذلك اعتبره ابن عربي حضرة الحضرات، لأنه في الجوهر خيال فِعال، وفاعليته هذه تُعَيِّنُهُ جوهريا باعتباره خيالا شهوديا يتجاوز علم الملكوت Angéologie الفلسفي، إذ منه تأتي إلى النفس كل معرفة وكل استرجاع للمعارف السابقة عبر الروح القدس، فيتمُّ ربط الفرد الإنساني مباشرة بالجوهر الإلهي.
    فعالم الخيال الفعال هو عالم الخيال الشهودي، عالم خيال الأشواق وموطن الحوادث الشهودية والرؤى الرمزية، العالم الذي يتم فيه تأمل النماذج الأصلية التي يحيل إليها المعنى الباطني للوحي. (17)
    5.2 وحدة الشهود:
    إن ميتافيزيقا الخيال مرتبطة ارتباطا عضويا بمفهوم التجلي وبمذهب التجلي Théophanismeالذي يوجه تصوف المحبين العارفين الواصلين، ويُهيمن على تجربتهم، وعلى المعرفة الصوفية عمومًا، ويُعارض في الآن ذاته لاهوت التجسيد l’ncarnation، وعوائد الفلسفات الوضعية والحَرفية والعقلانية أو التاريخانية. فهو يُمكننا من تفادي الأخطاء الصعبة، ووقاية التصوف ـ القائمة شجرته على المحبة والمعرفة، والنابتة في تربة الشهود البصائري ـ من أن ينعت أو يوصف بأنه "وحدة الوجود". وبخاصة تصوف ابن عربي وعبد الكريم الجيلي و أضرابهما من أقطاب المعرفة الصوفية. والمحبة العرفانية، إذ لا يُمكننا أن نفهم وحدة الشهود إلا بالارتفاع إلى مستوى من الإدراك التأويلي، يظل مبدئيا خارج المدى الذي يشتغل فيه تفكير الحَرْفيين الغلاة، ويكتشف بالتالي عن مصدر قوة المتصوفين المسلمين الذين مكَّنهم من اختراق الأزمنة، وجعلنا اليوم نتصور في العمق طريقً روحانيا مشتركا بين الفروع الثلاثة للديانة الإبراهيمية.
    إنه الطريق المَلَكي بحقٍّ
    طريق المُعتقَد والوحي النبوي الذي هو أبعدُ ما يكون عن التعارض مع الديانة والتجربة الصوفية، بل هو المرشد والنموذج الذي يرتكز إليه التصوف. (18)
    3ـ التصرف بتقنية "كن فيكون":
    بهذا المعنى تكون شجرة المعرفة والمحبة الصوفية قد آتت أكلها، وأُكْلَهَا هو العبودية الكاملة والفناء في الله اللذان يُوصلان العبد إلى درجة الطاعة التي تجعل منه واحدا من اللذين ينطبق عليهم قوله عز وجل في الحديث القدسي "عبدي؛أطعني تكنْ مثلي، تقول للشيء كن فيكون". وفي هذا السياق يروي الشيخ عبد القادر الجيلاني أنه: "قيل لبعضهم: من أين تأكل؟ فقال من البيدر الكبير، فقيل: وما البيدر الكبير؟ فقال:"كُنْ فيكون". (19) فالعبودية الكاملة هي أعلى مرتبة روحية يُمكن أن يصلها عبد، وتُعرف في علم التصوف بالفناء في الله، أسمى درجات الحب التي يُمكن للعبد أن يتبوأها في علاقته بربه، لأنه يفقد صفاتِه لتظهر عليه صفاتُ محبوبه، فالمحبة محوُ المحب بصفاته، وإثباتُ المحبوب بذاته. (20) ومن ثمة يُمكنه الله من التصرف بتقنية "كن فيكون"، كما أشار إلى ذلك الحديث القدسي.
    إن العبد المحب إذا وصل إلى العبودية الكاملة أصب عبداً أمينا يحفظ أمانة "كن فيكون" ، لا يُفرط فيها، ولا يستخدمها إلا فيما يُريد الله، لأنه عبدٌ فقدَ نفسه وصار كله لربه. فلا إرادة خاصةً به فيما يقول وما يفعل، وإنما يصبح عبدا مُنَفِّذا للإرادة الإلهية. وهذه هي أجل درجات العبودية التي لا درجة فوقها، و أعظم درجات الحب التي يصلها العبد في علاقته بربه، حيث يصيرُ هُوَ لاَ هُوَ ، ومحبوبه هُوَ هُوَ، ويحصر ابن عربي علامات هذه الدرجة من الحب في أربع آيات؛ هي:
    1ـ أن يَصَمَّ سمعُه إلا عن كلام محبوبه.
    2ـ أن تعمى عينه عن كل منظور سوى وجه محبوبه.
    3ـ أن يخرسَ لسانه عن الكلام إلا عن ذكر محبوبه.
    4ـ أن يُرمى قفل على خزانة خياله، فلا يتخيل سوى صورة محبوبه، فيه يسمع، وبه يبصر، وبه يتكلم، وله يتكلم.
    فالله تعالى قد جعل قانونا من قوانين علاقته بخلقه أن يحب كل مخلوق يتقرب إليه بالعبادات، فحب الله لعبده يجعل العبد محبا لربه، ويجعل صفات العبد تختفي ليتحلى بصفات ربه، فيسمع بالله، فلا يخفى عليه صوت، ويرى بالله، فلا يغيب عن بصره شيء، ويبطش بالله، فلا تمنعه قوة، ويمشي بالله، فتتلاشى أمامه المسافات،ويصبح كل فعله بالله. ولم يُخل الله زمانا من الأزمان، ولا مكانا من الأمكنة من مثل هؤلاء العباد الذين يتصرفون بتقنية "كن فيكون"،ليربطوا الناس بربهم، وقد صدق الشيخ عبد القادر الجيلاني حين قال:" من عباد الله عز وجل قومٌ يقولون للشيء"كن فيكون" ولكنكم لا ترونهم، وإن رأيتموهم لم تعرفوهم" (21)

    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-19-2014, 10:00 PM)
    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-20-2014, 08:48 AM)
    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-20-2014, 08:51 AM)

                  

03-19-2014, 10:30 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)
                  

03-19-2014, 11:21 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    يقول الشيخ عبد المحمود نور الدائم في ديوانه شرب الكأس الذي هو في التصوف
    على حدود الذي أنشاك من عــدمِ ........إلى إنضاء العمر هذا قف على قدمِ
    وقدِم التَّوب وأنهض كل آونـــــةٍ........إلى المعالي بعزمٍ غير منصـــرمِ
    وعمِّـر الوقت بالأعمال مجتهــداً.........مع الحضور مدى الإصباح والظلمِ
    وأنقل فؤادك بالأوراد مرتقبـــــــاً.........لقرب مولاك مولى الجود والكــرمِ
    وطهر القلب عن رؤيا الســـــوى.. ...أبداً برؤيةِ الله هذا بارىْ النســـــم
    وإشراق قلبك هذا لا يكون بـــــلا ...... محو إلتفاتك للأغيار كلـــــــــــهم
    ولا يقودك وهم بعد علـــــــمك أن ......أن الفاعل الله في كل السوى أفتهمِ
    وساير الخلق كالســـــــراب وهل .... ..يخشى السراب أمرؤ في الناس ذو قَدَمِ
    محض التقرب لم يدركه غير فتى ........فانٍ بمولاه عن بــــــادٍ ومكتتــــــمِ
    من الكثيف ذاك إلى ذاك اللطيف رقى.....بالجد والصدق والتحسين للشيمِ
    والزهد في هذه الدنيا ولذتــــــــــها ......مع مدمع في هذا الخد منســجــــمِ
    ومع سلامة صدر ثم معرفــــــة .....تحمي من الجهل في بدء ومختتــــــمِ
    واخشع ولا يكُ هذا القلب منـــــك لدى .....تلاوة لكلام الله كالرجــــــــــــم ِ
    احسن صلاتك كي تلقى الصلاة ولا .....تغفل ليديها فتكسى خلعة النــــــدمِ
    شؤم عليك صلاة غير واصــــــلة ........مقبولة تجني فيها جنى الحكــــــم
    إصلاح قلبك هذا بالحضور مع الخسوع فيها هما من أعظم النعــــــــــــم
    القصيدة طويلة هذا جزء يسير منها
    دا
                  

03-20-2014, 00:03 AM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    نجيب لخصوم الصوفية من كلام شيخهم بن تيمية في التصوف
    يقول بن تيمية في مجموع الفتاوي الجزء العاشر صفحة 337
    الفناء الذي يوجد في كلام الصوفية يفسر بثلاثة أمور:
    أحدها : فناء القلب عن إرادة ما سوى الرب ، والتوكل عليه وعبادته وما يتبع ذلك ، فهذا هو حق صحيح
    وهو محض التوحيد والإخلاص ، وهو في الحقيقة عبادة القلب وتوكله واستعانته وتألهه وإنابته وتوجهه
    إلى الله وحده لا شريك له وما يتبع ذلك من المعارف والأحوال وليس لأحد خروج عن هذا.
    وهذا هو القلب السليم الذي قال الله فيه : ((إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ))وهو سلامة القلب عن الإعتقادات
    الفاسدة وما يتبع ذلك .
    وهذا الفناء لا ينافيه البقاء بل يجتمع هو والبقاء فيكون العبد فانياً عن إرادة ما سواه وإن كان شاعراً بالله وبالسوى
    وترجمته قول :لا إله إلا الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل
    وله الثناء الحسن ،، وهذا بالجملة هو أول الدين وآخره.
    والأمر الثاني فناء القلب عن شهود ما سوى الرب ، فذاك فناء عن الإرادة وهذا فناء الشهادة .
    ذاك فناء عن عبادة الغير والتوكل عليه ، وهذا فناء عن العلم بالغير والنظر إليه .........
    حتى يقول وفي هذا الفناء قد يقول أنا الحق سبحاني أو ما في الجبة إلا الله، إذا فنى بمشهوده عن شهوده
    وبموجوده عن وجوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن عرفانه . كما يحكون أن رجلاً كان مستغرقاً
    في محبة آخر فوقع المحبوب في اليم فألقى الآخر نفسه خلفه ، فقال : غبت بك عني فظننت أنك أني .
    وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر
    وسكر عشيق الصور وكذلك يحصل الفناء
    بحالة خوف أو رجاء. كما يحصل بحال حب فيغيب القلب عن شهود بعض الحقائق ويصدر منه قول أو عمل
    من جنس أمور السكارى ، وهي شطحات بعض المشايخ كقول بعضهم ((أنصب خيمتي بجهنم ))ونحو ذلك
    من الأقوال والأعمال المخالفة للشرع ، وقد يكون صاحبها غير مأثوم.

    من جموع الفتاوي لابن تيمية الجزء العاشر صفحة 337
                  

03-20-2014, 00:26 AM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    Quote: أرجو ان تذكر لنا المراجع التي ذكرت هذا الإجماع وهل قال به الائمة الاربعة ؟؟؟

    وعليكم السلام
    وقال ابن تيمية: " ومن أصول أهـل السنة والجماعة : التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات،
    وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة".
    (الفتاوى، 3/156، وانظر شرح الواسطية لخليل هراس، ص 176، وانظر الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف للصنعاني، ص 20).
                  

03-20-2014, 06:37 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: منتصر عبد الباسط)

    Quote: حتى يقول وفي هذا الفناء قد يقول أنا الحق سبحاني أو ما في الجبة إلا الله، إذا فنى بمشهوده عن شهوده
    وبموجوده عن وجوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن عرفانه . كما يحكون أن رجلاً كان مستغرقاً
    في محبة آخر فوقع المحبوب في اليم فألقى الآخر نفسه خلفه ، فقال : غبت بك عني فظننت أنك أني .
    وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر
    وسكر عشيق الصور وكذلك يحصل الفناء

    أخي منتصر تلك شبهة على الشيخ إبن تيمية حين كان يعرض ما يقوله المتصوفه ويرد عليها في فتاويه :

    يرى الشيخ رحمه الله أن بعض هؤلاء كالبسطامي مثلاً قال هذا الكلام - الذي لا شك في كفر من قاله بلا عذر - في وقت سكره واصطلامه وغياب عقله , لذلك نقل في موطن آخر عن البسطامي أنه كان إذا أفاق أنكر أنه قال ذلك , وهو وإن كان يرى كفر هذه الكلمات بلا شك كما في كلامه لكن يرى أن التكليف يرفع عمن زال عقله بسبب غير محرم , فهم كالمجانين في هذه الحالة , وهذا كلام لا غبار عليه , لكن هل قالوا ذلك في وقت زوال عقولهم , فهذا مما حصل فيه الخلاف , وقد سبق الشيخ إلى هذا علماء وقال هذا غيره بعده كثيرون أيضاً , فلا يوجه عليه لوم إذاً , لذلك هو يشنع ويكفِّر من يقول هذه الكلمات وهو في الصحو لذلك يفرق بين كون البسطامي ونحوه ذلك وقت الاصطلام , وقبول هذا العذر , وبين من يجعل الحلاج كذلك , فيقول عن الحلاج: (وأما كونه إنما كان يتكلم بهذا عند الاصطلام : فليس كذلك , بل كان يصنف الكتب ويقوله وهو حاضر ويقظان ..) مجموع الفتاوى (2/486- 487). ومما يبين سبب الخلاف حول البسطامي وأمثاله أنهم في حال صحوهم يقولون كلاماً لا يخرج إلا ممن له حال سنية صحيحة وكلام البسطامي مشهور معروف لذلك يقول المناوي : ( وهذا وأشباهه إذا وقع من أولئك الأجلة الأكابر – وذكر منهم الشبلي ايضاً - إنما يصدر عنهم في حال السكر ؛ فلا يؤاخذون به , كما نقل عن أبي يزيد البسطامي من نحو: سبحاني , وما في الجبة إلا الله , أما النار لأستعدن لها غدا , وأقول : اجعلني لأهلها الفدا . أما الجنة لعبة صبيان . وقوله: هب لي هؤلاء اليهود ما هؤلاء حتى تعذبهم , إلى غير ذلك من شطحاتهم المعروفة, فنسلم لهم حالهم معتقدين لهم, ونبرأ إلى الله من كل من تعمد مخالفة الكتاب والسنة ) فيض القدير (1/456). وإن كان الاصطلام وغياب العقل هذا حال ناقصة كما بين الشيخ وأنها خلاف طريقة الصحابة وأئمة الدين لكن هم معذورون , وبسط ذلك له موطن آخر والله أعلم.

                  

03-20-2014, 07:21 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: وقال ابن تيمية: " ومن أصول أهـل السنة والجماعة : التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات،
    وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة".
    (الفتاوى، 3/156، وانظر شرح الواسطية لخليل هراس، ص 176، وانظر الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف للصنعاني، ص 20).

    سلام يامنتصر
    لم تأت بجديد فكلنا يثبت ذلك ولا ننكر كرامات الأولياء ولكن خلافنا في قولك:
    Quote: فإجماع أهل السنة على أن كل ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي........

    هذا هو موضع الخلاف وطالما هو إجماع كما تدعي فأرجو ان تذكر لنا فقط أقوال الأئمة الأربعة في أن كل ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي....
    فالرجاء التركيز على السؤال وعدم تعويم القضية ، نحن امام لفظ محدد تدعي فيه الإجماع .
    مع التحية
                  

03-20-2014, 08:03 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    من الفيسبوك مع التحية للأخ خليل
    Quote: كنت أتوقع أن يكون النقاش محصوراً في التصوف في السودان في وقتنا الحاضر وبأدواته الحالية وليس أن يتم نقل المتون من الكتب القديمة وملء البوست بها وربما لا علاقة لها بما يجري على أرض الواقع في السودان... نريد حواراً حيوياً من مثقفين لا تحدهم المذهبية أو الطريقة الصوفىة من النقاش بعقل مفتوح ودحض الخرافات العالقة بالعقيدة وإيجاد الحلول المناسبة وتصحيح الأخطاء وإزالة سوء الفهم وتغيير أسلوب الدعوة من الشدة إلى اللين.ما دام المبتغى هو وجه الله. وليس الإنتصار للنفس.
    خليل

    وفعلا نريد حوار حيا وواقعيا عن التصوف الذي أمامنا ، أفضنا في النقول المطولة فلعل فيها الكفاية نريد ثمرات هذه النقول .
    التصوف في السودان ، مصادر التلقي ، شبهات وردود .
    مع التحية
                  

03-20-2014, 08:07 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)



    الخلوة الصوفية :
    بالإجمال غير محددة المدة -- وبعضهم يتخذها (40) يوماً وبعضهم يتخذها شهراًً ً واحداً ...........

    كما للخلوة الصوفية شروطها :
    1- أن يعود نفسه قبل دخولها إذا أراد الشروع، السهر والذكر وخفة الأكل والعزلة.
    2- أن يكون دخول الخلوة بحضور الشيخ ومباركته له وللمكان أيضاً.
    3- أن يعتقد في نفسه أن دخوله الخلوة إنما هو بقصد أن يستريح الناس من شره.
    4- أن يدخلها كما يدخل المسجد مبسملاً متعوذاً بالله تعالى من شر نفسه، مستعيناً مستمداً من أرواح مشايخه بواسطة شيخه المباشر.
    5- أن يدخل الشيخ الخلوة ويركع فيها ركعتين قبل دخول المريد ويتوجه إلى الله تعالى في توفيق المريد.
    6- أن يعتقد عند دخوله الخلوة أن الله تعالى ليس كمثله شيء، فكل ما يتجلى له في خلوته من الصور، ويقول له: أنا الله، فيقل: سبحان الله! آمنت بالله.
    7- ألا يتلهف كثيراً على كثرة ظهور الكرامات.
    8- أن يكون غير مستند إلى جدار الخلوة ولا متكئاً على شيء، مطرقاً رأسه تعظيما لله تعالى، مغمضاً عينيه ، ثم يجعل خيال شيخه بين عينيه، فإنه معه وإن لم يره المريد.
    9- أن يشغل قلبه بمعنى الذكر على قدر مقامه، مراعياً معنى الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه.
    10- أن يداوم الصوم؛ لأنه يؤثر في تقليل الأجزاء الترابية والمائية فيصفو القلب.
    11- أن تكون الخلوة مظلمة لا يدخل فيها شعاع الشمس وضوء النهار، فيسد على نفسه طرق الحواس الظاهرة، وسد طرق الحواس الظاهرة شرط لفتح حواس القلب.
    12- دوام الضوء لتلألأ الأنوار فيها بعد ذلك.
    13- دوام السكوت إلا عن ذكر الله تعالى إلا عند الضرورة القصوى فيتكلم بحذر شديد أن يزيد.
    14- أن تكون الخلوة بعيدة عن حس الكلام وتشويش الناس عليه.
    15- كونه إذا خرج للوضوء والصلاة يخرج مطرقاً رأسه إلى الأرض غير ناظر إلى أحد، ويحذر كل الحذر نظر الناس إليه، مغطياً رأسه ورقبته بشيء؛ لأنه ربما يحصل له عرق الذكر فيلحقه الهواء فيضره.
    16- أن يحافظ على صلاة الجمعة والجماعة – وإن وجد نفقة فليتخذ له شخصاً يصلى معه في خلوته.
    وإذا خرج لصلاة الجماعة فليتأخر حتى يكبر الإمام تكبيرة الإحرام فإذا انتهي من الصلاة رجع فوراً إلى خلوته، قال السهروري:"وقد رأينا من يتشوش عقله في خلوته ولعل ذلك لشؤم إصراره على ترك صلاة الجماعة.
    17- المحافظة على الأمر الوسط في الطعام لا فوق الشبع ولا الجوع المفرط.
    18- ألا ينام إلا إذا غلبه النوم بأن تشوش عليه الذكر.
    19- نفي الخواطر عن نفسه خيره كانت أم شريرة.
    20- دوام ربط القلب بالشيخ بالاعتقاد والاستمداد على وصف التسليم والمحبة، والاعتقاد التام بأنه لا يصل إليه أي خير إلا من قبل شيخه المباشر، ومتى غاب فكره عن الشيخ فقد خسر الصفقة.
    21- ترك الاعتراض عن الشيخ؛ لأنه أعلم بمصالحه وأكبر عقلاً وأعظم؛ لأنه بالغ مبلغ الرجال بخلاف المريد.
    22- أنهم في أثناء خلوتهم لا يفتحون أبواب خلوتهم لمجيء الناس وزيارتهم والتبرك بهم، وإياك وتلبيسات النفوس وخداع الشيطان بالإلقاء فيك أن هذا الشخص يهتدي بك وبكلامك وينتفع بملاقاتك في الدين، فإنها من شبكات مكر اللعين.
    23- أنه إذا شاهدوا أشياء تقع لهم في اليقظة أو بين النوم واليقظة فلا يستقبحون ذلك ولا يستحسنونه، بل يعرضون ذلك على الشيخ وهو يتصرف بعد ذلك.
    24- دوام الذكر والأذكار حسب ترتيب الشيخ لها.
    25- الإخلاص وحسم مادة الرياء وطلب السمعة بالكلية.
    26- ألا يعين مدة يخرج بعد كمالها، فإن النفس يصير لها بذلك تطلع إلى انقضاء المدة، بل يدخلها وهو يحدث نفسه بأنه قد انتهي من الحياة ودخل القبر.

                  

03-20-2014, 08:18 AM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    Quote: كنت أتوقع أن يكون النقاش محصوراً في التصوف في السودان في وقتنا الحاضر وبأدواته الحالية وليس أن يتم نقل المتون من الكتب القديمة وملء البوست بها وربما لا علاقة لها بما يجري على أرض الواقع في السودان... نريد حواراً حيوياً من مثقفين لا تحدهم المذهبية أو الطريقة الصوفىة من النقاش بعقل مفتوح ودحض الخرافات العالقة بالعقيدة وإيجاد الحلول المناسبة وتصحيح الأخطاء وإزالة سوء الفهم وتغيير أسلوب الدعوة من الشدة إلى اللين.ما دام المبتغى هو وجه الله. وليس الإنتصار للنفس.
    خليل

    أخ / خليل --- شكراً لمشاركاتك ومساهماتك ............

    أخي الكريم --- موضوع التصوف نوقش بإسهاب في المنتديات والمنابر الأسفيرية وللأسف دون البدء بتوضيح خلفية ذلك الفكر ..........

    إذن لابد أولاً من توضيح خلفية الفكر الصوفي ومرتكزاته ---

    حتى ينطلق الحوار والنقاش من منطلق ثابت ............

    وذلك يوفر الجهد والوقت والكثير من التساؤلات ويسهل الوصول الى نقاط إتفاق وتلافي للأخطاء البشرية التي أعترت ذلك الفكر ..........
                  

03-20-2014, 08:29 AM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    تاني يا أحمدونا ويا محمد الزبير

    السلفية قضيتهم الرئيسية بي يقولوا إنها التوحيد والتنزيه، يقابلها عند الصوفية نظرتهم للخالق وللوجود. أرجو منكما أن كنتما تريدان نقاشاً مثمراً ومفيداً أن تحررا لنا هذه النقطة وتوردا لنا الحجج المتقابلة في هذه القضية.
    أما قصة الطقوس وترتيب المنظمات الصوفية فدي توابع لقضيتكم وقضيتهم الرئيسية.
    وشكراً
                  

03-20-2014, 09:22 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: aydaroos)

    Quote:
    تاني يا أحمدونا ويا محمد الزبير

    السلفية قضيتهم الرئيسية بي يقولوا إنها التوحيد والتنزيه، يقابلها عند الصوفية نظرتهم للخالق وللوجود. أرجو منكما أن كنتما تريدان نقاشاً مثمراً ومفيداً أن تحررا لنا هذه النقطة وتوردا لنا الحجج المتقابلة في هذه القضية.
    أما قصة الطقوس وترتيب المنظمات الصوفية فدي توابع لقضيتكم وقضيتهم الرئيسية.
    وشكراً

    الأخ عيدروس
    تحية طيبة
    فعلا وقد أصبت كبد الحقيقة ، دعونا نحصر الحوار هنا :
    رؤية السلفية للتوحيد والتنزيه .
    رؤية التصوف للخالق والوجود ويا ينبثق منه من فناء وشهود وينتهي بوحدة الوجود .
    مع التحية
                  

03-20-2014, 05:10 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: محمد الزبير محمود)

    Quote: رؤية التصوف للخالق والوجود ويا ينبثق منه من فناء وشهود وينتهي بوحدة الوجود .

    هذه معاني أريدت لذاتها وليست "مصطلحات" يا محمد الزبير محمود ... لا يوجد ما ينتهي بوحدة الوجود ... والعكس صحيح

    (بعض المتصوفة لديهم رؤية للخالق ... عيانًا بيانًا)



    ... المهم ....
                  

03-20-2014, 06:55 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)

    Quote: (بعض المتصوفة لديهم رؤية للخالق ... عيانًا بيانًا)


    دخلت الزوووم يا تبارك ..............
    ورد في كتاب اللمع للطوسي صفحة (461):
    قول أبي يزيد البسطامي " رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك!! فقلت: زيني بوحدانيتك وألبسني أنانيتك وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك، فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هنا"
    وقوله : " أول ما صرت إلى وحدانيته فصرت طيراً جسمه من الأحدية، وجناحاه من الديمومة فلم أزل أطير إلى أن صرت في ميدان الأزلية، فرأيت فيها شجرة الأحدية".
    وقوله بنفس المصدر صفحة (464) : " ضربت خيمتي بإزاء العرش"
    وتجد ذلك التصور واضحاً وجلياً في كتاب أزاهير الرياض للشيخ عبد المحمود نودر الدائم في مناقب الشيخ أحمد الطيب البشير ......

    (عدل بواسطة ahmedona on 03-20-2014, 07:48 PM)

                  

03-20-2014, 07:53 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    طيب يا احمدونا انت ما ياهو دا "غايص" زي العجب؟

    المشكلة وين؟




    ... المهم ....
                  

03-20-2014, 08:20 PM

ahmedona
<aahmedona
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6562

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)

    Quote: المشكلة وين؟


    ... المهم ....


    الصوفي العابد الذي وصل إلى مرتبة النيابة عن الله في تصريف أمور هذا الكون والتحكم فيه بحكم نيابته عن الله وعلمه بكل المغيبات ورؤيته لله في كل وقت لارتفاع الإنية بينه وبين الله عز وجل وأقطاب الصوفية يتصرفون في الكون فيه بما يشاءون .

    ونظرية الحلول وتعريفاتها :
    "هو اتحاد جسمين بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر كحلول ماء الورد في الورد".
    "هو اختصاص شيء بشيء، بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر".

    واستعمل بعض المتصوفة لفظ الحلول ليشيروا به إلى صلة الرب والعبد واللاهوت والناسوت، بمعنى أن الله تعالى يحل في بعض الأجساد الخاصة.

                  

03-20-2014, 08:48 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: ahmedona)

    الرؤية الصوفية للجمال
    وتنهضُ حقيقية الجمال لديها على الوحدة والعشق والانسجام، فهي ترى - وعلى امتداد العصور- أن كل الحقائق؛ وضمنَها حقيقة الجمال، سماويةُُ- أرضيةُُ. فما يَظهر لنا أرضيًّا هو في باطنه سماوي، وما يَظهر لنا كذلك سماويا هو في باطنه أرضيُُّ، وذلك لأن العلاقة بين السماء والأرض هي علاقة محبة ووحدة. فالمعرفة هي هدية الله للإنسان (وعَلَّم آدم الأسماء كلها) (1)، وبها تأهلَّ ليكون خليفةَ الله في الأرض، وصانعَ الجمال فيها، لأن دائرة العلاقة اكتملت بينه وبين الله بطاقة المعرفة التي هي عبادة.
    وإذن؛
    فالعلاقة هي معرفة ارتقائية جمالية، ولا وجود فيها لثنائية الصراع أو فكرة المقدَّس والمدَنَّس. فالحياة لها سِمَةُ الدينامية، وهذه الدينامية تقتضي الحركةَ وتوليدَ الطاقة لاستمرار الحركة، وهذا لا يتم إلا بالاحتكاك والمُقَابَلَةِ، وهذان لا يمثلان صراعًا وتضادًّا، وإنما هما مجاهدة، والمجاهدة أمرُُ داخلي يقوم في النفس بين نوازعِ الحق والسمو، وبين نوازعِ الضلال والهبوط، كما أنها كذلك أمر خارجي يقوم في المجتمعات بين الناس لمواجهة الانحرافات، فدينامية الحركة تنشأ من هنا، وتتولدُ منها طاقة خيّرة مستمرة، تَضمَن استمرارَ الحركة وتكاملها في إِطَارِ الوحدة التكاملية بين الأرض والسماء، وليس في إطار الثنائيات المتصارعة .
    ففي إطار الثنائيات الصراعية يبدو طبيعيا التحدثُ عن ثنائيات: الشكل والمضمون، الله والإنسان، السماء والأرض، ولكن في إطار رؤية صوفية "أَحَديةٍ صمديةٍ" لا وجودَ لمثل هذه الثنائيات في الشكل والمضمون، والنفس والجسد، والمادة والروح، واللفظ والمعنى. فالرؤية لحقيقة الجمال أَحَديةُُ صَمَدية، لا أُحَادية، لأنها التمامُ المطلق. فالأُحادية مقبرة للإبداع والحرية، أما الأحديةُ الصمدية فروحُُ جمالية توليدية، تُولِّدُ المتعدِّدَ، ومن المتعدد تنبثق الإبداعاتُ والحريات فيوضاتٍ مُتتاليةً، ولهذا كان مُتعدِّدُ الرؤية الصوفية واحدًا، وواحدُها هو التمامُ المُطلق الذي تتكامل وتتناغمُ فيه كل الإيقاعات المتعددة (2). ولأجل هذا نرى الصوفي يواجه الرؤية التشكيلية العامةَ للتاريخِ والواقعِ والزمن برؤية تشكيلية جمالية تُزلزلُ الأُولَى وتُعَدِّلُها، وتُعيدُ خلقَها من جديدٍ بموازاةٍ رمزيةٍ تُبدي ما في جوهر الكون من جمال.
    إن أداة الصوفي الوحيدة هي الرؤية المواجهةُ المُشكِّله لموقف جمالي، ولا تصحُّ الرؤية المُواجِهة إلا بشهود بصائري عالٍ، لأن صحتَها متوقفة على مدى استيعابها فيوضاتِ مُطلق الجمال. فالرؤية الصوفية للجمال هي قهرٌ للضرورة في الكون. وتمزيقُُ للحُجُب، للوصول إلى الحرية التي هي فهمُُ لقوانين الحِكمة التي يَسيرُ عليها الكون، وبذلك تتحول الضرورة التي كانت عمياء إلى ضرورة مُبصرة، تتحول إلى حرية البشر، عندما يكتشفون تلك القوانين. فأعمقُ تحقيق للحرية هو في جوهره أكملُ معرفةٍ بالضرورة.
    وبهذا المنحى تكون الرؤية هي (صُوفِيسْتَانْ = أرض الصوفي) التي ما ينفك يرتحلُ فيها، مُكتشفًا ما لَمْ يُكتشفْ بعد، وكاشفًا عَمَّا أَضْمَرَتْه الرؤياتُ الأُخْرَى لِتَسْيِيدِ براءَاتِها، وتخصيبِ مَفَاعِيلِها في الأرض .

    الأستاذ الباحث السيد: آية بلحاج وارهام
                  

03-20-2014, 08:53 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    في مباهج العقل الصوفي

    يستدعي الحديثُ عن هذا الشرح التطرقَ أولاً إلى العقل الصوفي؛ باعتباره عقلا مستقلا عن العقل البرهاني ؛ ذي الأنظومات الصارمة التي لا تَعتبر ما سواها من الأنظومات الأخرى ، وكأنها العينُ الواحدة والوحيدة لإدراك الوجود وفهمه وتحليله، حتى أنه ليُخيل لمُتتبِّع مِيكَانِيزْمَاتِها وآلياتها أنها فضاء ديكتاتوري لا يرى إلا ذاته فحسبُ . وهذا هو ما جاءت الصوفية لِتُبَيِّنَ تَهافتَه ، فالعقل بكل مزاياه وجبروته ليس مؤهَّلا لإدراك الماورائيات ، والنفاذِ إلى أسرارها ؛ إذ لو كان كذلك لجعله الله من أوصافه العُلى وصفاته الحُسنَى ، وهو ما لم يقع . ومن ثمة رأى الصوفية أن العقل عقولُُ ، وأن أَسدَّها وأقوَمَها وأقربَها إلى فهم كُنهِ الماروائيات وأسرار الغيب هو العقل الصوفي ؛ الذي هو عقلُُ بصائري ذوقي ، يستمدُّ نورَه من حضرة جَمعِ الجَمعِ.

    وهذا العقل لا يَظهر كمالُه وجمالهُ إلا عند أقطاب العارفين الذين صَافُوا فَصُوفُوا، فكُسِرَت أقفالُ أبصارهم وبصائرهم، ونُودُوا فَشَاهَدُواْ بعين اليقين ما أنطقهم بعلوم وَهْبِيَّةٍ تنكَسِف عندها العلوم الكَسْبِيَّةُ، وأنَّى لعلوم ساكنة في العبارة أن تنخرقَ لَهَا علوم ساكنة في الإشارة ؟! .

    من هنا كان العقل الصوفي فضاءًا تنحلُّ فيه كل الإشكاليات التي تُؤرِّق الإنسانَ في الوجود ، وتتعالقُ فيه الأرضُ مع السماء تعالقًا توحيديا ؛ سِمَتُه الذوقُ والشوقُ والواردُ، ووضوحُ أسرار المَعِيَّةِ ، والصُّحبَةُ والغيبةُ والوجودُ، وكشفُ الأرواح ، وكشف عالمِ المِثَالِ، وسبرُ عالمِ المُلك والملكوت، والكشفُ الكوني ، وما فوق السموات (1) .

    فمن هذا التوحيد الوجودي يُشرقُ العقل الصوفي برؤًى تُجَدِّدُ الحياة على الأرض، وتضعُها في إيقاع متناغِمٍ مع الهدف الأمثل والمرجُوِّ منها ، وذلك لأنها رؤى متوهجَة بالحُبِّ ومشدودة إلى اللانهائي.

    1- عقل مؤسَّسُُ على الذوق القلبي:

    إن الصوفي صاحبُ كيان خاصٍّ ، تتلبَّسه في معراجه الروحي أحوالُُ، فيتماهَى معها في لحظة مُعاناة خارقةٍ . ولذلك كانت الصوفية تجربة شخصية روحية حميمية فريدة بين الصوفي وبين الله ، لا تُقتبسُ ولا تُستَنسخُ، ثمرتُها المكاشفاتُ والأسرار والفيوضات والنفحَات والإشارات؛ التي يعجز عامة الناس عن فهمها ، إذْ لا يَعرفُها إلا من جرَّبها وتذوق حقيقتَها . أما غيره فلن يعرفها مَهْمَا وُصِفَتْ له حقيقتُها وفُسِّرَت ، فمثل الصوفي كمثل العاشق الذي سُئِل عن العشق فقال :<< كُونُوا مثلي تعرفوه>> ، وذلك لأن الأمور التي تتعلق بالوجدان لا تنفذ إلى النفس إلا عن طريق الوجدان. فالوجدان إذا امتلأ بالمحبوب انخلع العبد عن العالم الخارجي، بل حتى عن نفسه وإرادته ووعيه، وانطلق إلى أودية الفناء والمحو ، وعندئذٍ يُصبح مشمولا برعاية الله، ورَهْنَ مشيئته، فَيُريهِ من آياته الكبرى، ويُفيض عليه من الرقائق والدقائق ما لا يخطر على قلب بشر.

    وهذا هو الفرق بين أهل العقول والعلوم البرهانية وبين أهل القلوب والأذواق العرفانية. فالتجربة الصوفية هي ثمرة معرفة إلهامية حَدسِيَّة مباشرة بغير وسائط من مقدمات وقضايا وبراهين أو تجريب . إنها إدراك ذاتي لا يمكن تعميمُه ، ولا نقلهُ من إنسان إلى آخر إلا بمعاناة التجربة نفسها، فإذا كانت العلوم العقلية تُنالُ بالتعَلُّم والاكتساب فإن العلوم الصوفية ليس ممكنا وضعُ الحدود لها ، لأنها في صميمها إشارات ونفحات وبَوادِهُ وَهِبَات ، يغترفُها أهلها من بحر العطاء الإلهي الذي لا ينتهي مَدَدُه بمعنى أن هذه الإشارات هي لغات الله التي يتلقاها الصوفي في معراجه ، فتنكشف له الأشياء والحقائق . فالكشف منهج ذوقي خاص ، وإدراك وجداني مباشر يختلف عن الإدراك الحسي المباشر ، والإدراك العقلي المباشر ، فهو << بيانُ ما يستتر عن الفهم فيُكشف عنه للعبد كأنه رأي عين >>(2). فالمعرفة الصوفية الذوقية هي معرفة شهودية قائمة على ثلاثة خصائص ؛ عامَّةٍ مشتركة ؛ هي أنها :

    أ- معرفة مُطلَقة مباشرة ولَحظيَّة ، تستعصي على التعبير .

    ب- معرفة متميزة بالصدق والثبات .

    ج- معرفة تتوحد فيها الذات بالموضوع . (3)

    وبهذا يكون التراث الصوفي ؛ الموغل في أرض الإسلام منذ ظهوره؛ فهو ذلك العلم الروحي الذي أخذ مكانَه في قلب هذا الدين ، هو محفوظ حَيًّا ، ومتنقلُُ عبر سلسلة أهل الطريق (4) ، يَفتح للناس بُعدًا من العفوية ، تنجمُ عنه حرية فكرية واسعة ، وحاجةُُ إلى السعي اليومي ، وإلى حياة مُغْنِية ومنفتحة أكثر فأكثر ، ومُيَسِّرَة اللقاءَ بحضرة المُطلَق . فالصوفي ليس ثوريا بالمعنى المتداول في الحقل السياسي ، وإنما هو مُجدِّدُُ ومنعش للحياة ،إنه يُجدِّدُ، ولكنه لا يستخدم أبدًا وسائل العنف والعدوان تجاه الناس والعالم فهو يستعمل مناهج الإيقاظ والتبصير والمحبَّة ، ويُهاجمُ النفس الأمَّارة بالسوء، لكن دون الجسد ، وهذا شيء جوهري، لأنه يدرك أنه ما من ذرة في الوجود إلا وعليها اسم من أسماء المعبود. والمحققُ يرى الله تعالى في كل شيء، وفي أي مكان

    سواء أكان منفردًا أو مع أسرته ، أو نائما أو طاعما أو مشتغلا بأية مهمة كانت، فالحضرة الإلهية موجودة على الدوام ، فإن غابت عنه تَوقفَ هو عن الحياة ، وهذه هي أعلى درجات الحقيقة . فكيف ينظر إليها المفكرون البرهانيون ؟

    إنهم ينظرون إلى الحقيقة عند الصوفية باعتبارها تأويلا باطنيا لمعانٍ تتفق مع نزعاتهم، قاصدينَ إثبات صحة آرائهم ، رغم أنهم يخالفون ما يهدف إليه المشرِّع من الدين . وهؤلاء المفكرون ينسون أن الصوفية بصنيعهم هذا يحاولون فهمَ الباعث والقصد والغاية من التشريع الإلهي والحكمة من ذلك ، فهذا هو المقام الأول عندهم . فالشريعة هي بمثابة الخريطة والدليل التي تُبْعِدُ عن الرسوم والأشكال إلى الاهتمام بالسلوك والإقبال على الأعمال . فإذا كانت الشريعة هي الرسم والخريطة والدليل ، فإن الحقيقة صِدقُُ وإخلاص في العمل والسلوك ولا يمكن أن يكتمل البناء النفسي إلا بهما ، فشريعة بلا حقيقة عاطلةُُ ، وحقيقة بلا شريعة باطلة . وذلك لأن الشريعة كالسفينة ، والطريقة كالبحر، والحقيقة كالدُّرِّ. فمن أراد الدُّرَّ ركب السفينة ، ثم شرع في البحر، ثم وصل إلى الدر ، فمن ترك هذا الترتيب لا يصل إلى الدر فالشريعة هي أوامرُ الله ورسوله ونواهيهما ، والطريقة هي الأخذُ بالتقوى مع قطعِ المنازل والمقامات ، وأما الحقيقة فهي الوصول إلى المقصد ومشاهدة نور التجلي ، كما قيل في الصلاة: خِدمة وقُربة ووُصلة . فالخدمةُ في الشريعة ، والقُربة في الطريقة ، والوُصلة في الحقيقة (5)، والحقيقة في كشوفات العقل الصوفي.
    فماذا يدرك هذا العقل إذن؟
    إننا نعرف بواسطته << شواهد >> الحق التي نستدل بها عليه ، إذْ لا
    لا يمكن لعقل أن يتوهمه ، بل به نستدل على << القدرة النافذة والمشيئة التامة>>فقط – كما يقول الجُنَيْدُ- ومن ثمة فإن التوحد مع الحق لا يكون بأداة عقلية محض، وإنما بأداة عقلية بصائرية . فالعقل المتعارف عليه لا يمنحنا إلا إمكانية معرفةِ الأشياء ، وتنظيمِ فعالياتنا ، وبناءِ قوتنا. أمَّا ما عدا ذلك فإنه يعجز عنه ، ولا يدركه ، وإذا حَاوَلَ فإنه يقع في مأزق الوهم . وعلى كلٍّ فإنه لا يصح النظرُ إلى الصوفية على أنها نقيضُُ للعقل ، فهي علمُُ من العلوم له ميدانه الخاص ، وأهدافه الخاصة ، ولا علمَ ينشأ وينمو خارج نطاق العقل ، ولكن أي عقل نقصد؟ فالعقلُ عقول ، ولذا لا يجوز أن يؤخذ علمُ الصوفية كنقيض للعلوم العقلية أو النظرية ، بل هو يتمفصل معها ضِمْنَ مجالٍ معرفي واحد (6)، دون أن يَنسَى جوهره الذي هو الحب .
    اضطرابُه حُبُُّ ومعراجُُ :
    فالحب الإلهي هو جوهرُ الصوفية ، والخاصية المركزية الأولى عندهم ، ومضمونُ معارفهم : فطريقهم هو طريق الحب ، ولعل من أدق تعريفات هذا الطريق هو أنه طريق إلى الحق المطلق مُحرِّكُهُ الحب. وهذا الأمر يشمل كل الصوفيات التي اتخذت هذا الطريق وسلكَتْهُ في جميع الأديان، فالمحبة عند الصوفية هي أهم أحوال العارف ، وأسمَى صفاته ، وهي من الأصول المهمة في مباني التصوف (7)، وقد أجمعت المصادر على أن رابعة العدوية (ت:581 هـ/108 م) هي أول من صدَعَ بنظرية في الحب الإلهي ، استمدتها من القرآن الكريم والسنة النبوية ، وفتحت بها بابًا جديدا في تاريخ الحياة الروحية في الإسلام ، حيث استعملت من غير تهيب كلمة ( الحب) في علاقتها بالله ، في الوقت الذي كانت في طوائف كثيرة تُنكر أن الله يُحِبُّ و يُحَبُّ على الحقيقة تبعًا لمفهومهم وتصوُّرهَم لمعنى الأُلوهة والصلة بين الله والعالم ، مع أن القرآن يقول: :) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله((8) ويقول : ) فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ((9).
                  

03-20-2014, 08:58 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    فالصوفية لم يستبشعوا شيئا من معاني الحب ولوازمه عند كلامهم عن حبهم لله أو حب الله لهم ،بل اعتبروا ذلك الحب حقيقة لا مجازا ، لأنهم اختُصُّوا بها وعرفوها وجرَّبوها ،وشعروا بلذاتها . فـ << حقيقة المحبة أن تهب كلَّك لمن أحببت ، فلا يَبقى لك منك شيءُُ (…….) وسُميت المحبة لأنها تمحو من القلب ما سوى المحبوب >> (10) فالمحبة هي المحور الذي تدور عليه الحياة الصوفية والهدف الذي تتجه إليه ، لأن فيها تتحد إرادةُ المحب والمحبوب ، ويمَّحِي الفرق بين الجبر والاختيار ، حيث الوحدة الشهودية هي غاية هذا الحب الذي أساسه الجمال . فمحبة الله تقتضي رؤية الجمال أينما كان، وحيثما كان ، ولذا نجد الصوفية هم أشد الناس هياما برؤية الجمال في كل موجود له صورة الجمال، لأن علامة الحب الإلهي عندهم هي حب جميع الكائنات في كل الحضرات المعنوية والحسية والخيالية ، وهذا يعني أنهم لا يكفيهم أن يتحققوا بمقام الجمال للحب والله ، بل لا بد أن يحبوا الجمال في كل مظهر من مظاهر الوجود ، فحبهم الجمال لا يقتصر على صورة بعينها دون أخرى ، لأن كل مظاهر الوجود هي مظاهر جمالية بالأصالة ،لأنها مظاهر تجلى اللهُ فيها بجماله من اسمه الجميل (11) ، أما القبح فهو عارض في العالم ، والعارضُ حُكمُه الارتفاع . ومن هذا الوجه تتوثقُ علاقة الحب بالجمال لسببين:

    أولهما : أن الحب هو علة وجود العالم.

    ثانيهما: أن الجمال هو الصورة التي ظهر عليها العالم .

    واندغام الصورة في العِلَّةِ يتطلب الرحلةَ، والرحلة لا تكون إلا روحية. وهذا هو ما يسمَّى بالمعراج الروحي الذي هو أخصُّ خصائص الصوفية ،وهو محاكاة للمعراج النبوي الذي هو الأصل الكبيرُ الذي بُنيتْ عليه الصوفية ، وأُسِّسَ عمادُها المتينُ، وله تسميات كثيرة ، من قبيل : السفر والطريق والرحلة والسير والسلوك والإسراء . والغاية منه القرب من الله عن طريق حالة خاصة يُدركونه فيها إدراكها ذوقيا مباشرًا ، فهو ينطوي على جوهر الحياة الصوفية بجانبيها المختلفين المتمايزين والمتكاملين : الجانب العملي والجانب العرفاني (=جانب المجاهدة والتخلية والتحلية والتجلية والكشف والإشراق).

    فالنشاط الصوفي من هذه الوجهة هو نشاط روحي ، ولكنه ليس واحدًا من ضروب النشاط العقلي المعروفة ، وإنما هو شيء فوق الوعي العقلي ، يُمكن ان نسميَه تحديدًا بالوعي المتعالي(12) .فبآلية المعراج الصوفي ينتقل الصوفي من عالم الظاهر إلى عالم الحقيقة ، أو من عالم الأرض إلى عالم السماء (= من عالم الشهادة إلى عالم الغيب) ، وأساسُ هذا التصور يكمن في أن الله هو الحقيقة الوجودية المطلقة ، وهو أصلُ كل موجود ومصدرُه ، والصوفي حينما يطلبه بالصعود إليه إنما يطلب أصلَه، ولكن هذا لا يَتأَتَّى له إلا إذا تحولت نفسُه عن صفاتها ، وتخلصت من أدرانها وكُدُورَاتِهَا ، وتحررت من قيودها ، فكل عروج يعرجه رهين بالخطوات الجديدة التي يخطوها في طريق التصفية والتطهير .

    فـ<< الله هو عينُ الوجود >> (13) المفارقُ ، وعينُ كل موجود من حيث حقيقة وجوده ، لا من حيث شَيْئيتُه ، بمعنى أن وحدة الوجود الصوفية ماهي إلا وحدة الشهود التي هي وحدة روحية لا مادية ،عكس الوحدة المادية الاندماجية في الفكر الغربي ، لأنها لا تتعلق إلا بحقيقة الله الأزلية السرمدية اللانهائية ، ولا شأن لها بالمخلوق العدمي . فالواحد الحق ليس الخَلْقَ، والخلق ليس الحق ،وليس ثمة حلول للحق في الخلق ، ولا امتزاج بين الطبيعتين الحق والخلق. فالخلق عدمُُ ، والله هو الحق السرمدي للخَلْق العدمي ، والوهم الوجودي مَرده إلى خلط الحق مع غير الحق ، وهذا الخلط مرده إلى الجهل(14).وهذا هو ما عبَّر عنه ابن عربي بقوله : إن الصوفي << إذا عرج في معارج الحقائق ، وحصَّل ضربًا من مكاشافات اتحاد الرقائق والدقائق ، وصَحَا بعدما سَكِرَ، ونُشِرَ بعدما قُبِر ، لابد من ملازمة الأدب وتَبايُنِ الرُّتب ، ومعرفَةِ النِّسَب ، الوقوف عند العلة والسبب >>(15)

    إن هذا التوهج العشقي الصوفي الممتدَّ على مساحات الذوق الفردي والتجربة الخاصة ليس انفلاتة اعتباطية ، ولا فورة استيهامية ، وإنما هو رؤية بصيرة بالأصل ، منشدَّةُُ إليه ، محكومةُُ به . ولذلك حُدِّدَت لها مَعالمُ وضوابطُ تؤطِّرُها في إطار المشهد الروحي المطلق .
                  

03-20-2014, 09:02 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    - مــعـالــم مَـشْـهَـــدِه :
    وأول من قام بهذا التأطير إمامُ الصوفية الشيخ الجُنيد ( ت : 792 هـ/019 م)، فهو قد وضع نظرية في التوحيد ، حدَّدَ فيها معالم المشهد الصوفي ، ومعالمَ طُرُقِه ، وتتلخص هذه النظرية في ثلاثة محاور مركزية يدور عليها مُجْمَلُ تفكير الصوفية ؛ وهي :
    · الميثاق
    · التوحيد .
    · الفناء .
    وهذه المحاور الثلاثة لا يمكن إدراك أيِّ واحد منها إلا بإدراك علاقته مع الآخر . وذلك عن طريق التمييز بين وجودين للأنفس : وجودها بالله وله ، ووجودِها لذاتها وللأشياء . فالوجود الأول هو أول العوامل التي تكونت ، حيث كانت النفوس في عالم الأرواح (= عالم الذَّرِّ) ، وفي هذا الطور كانت الأنفس غير موجودة إلا بوجود الحق لها ، أي أنها كانت موجودة بالحق ، ويلي هذا الطورَ طورُُ آخر هو وجود الأنفس لذاتها ، أي وجود الخلق .
    ويتم الخروج من عالم الحق إلى عالم الخَلق تنفيذًا للمشيئة الإلهية . فالإنسان في وجوده الدنيوي موجود من جهة ، ومفقود من جهة أخرى ، فهو موجود برسومه ومعانيه وآثاره وصفاته ، أي أنه موجود للأشياء ، غير أنه مفقود عن وجوده بالحق، لذلك فهو في توق دائم إلى التوحُّد معه ، أي إلى التخلص من حالة الفَرْقِ إلى حالة الجمع ، ولا يتحقق له ذلك إلا إذا فنيت النفسُ عن كل شيء ، وعن كل فعل لها ، وعن كل معنى ، وبمقدار ما تفنى عن كل رسم ومعنى يكون لها البقاء الآخر(16) . والبقاءُ هو أن يَقوُم الحق عن النفوس ، وأن تبقَى هي به وله . وهنا فقط يتعالى الإنسان إلى حقيقة الحضرة، ويرجع آخره إلى أوله ، ويصبح في حالة الجمع مع أحدية الحق ، وينفتح من ثَمَّ أمامه الغيبُ الذي هو ذوق، وهذا هو معنى التوحيد فالتوحيد إذن يُعادل الفناء ، فمعنى أن توحده هو أن تَفْنَى فيه كُلية ، والفناء هو العمل بميثاق الله . فالإقرارُ بالوحدانية ونفيُ الأضداد وكلِّ الأشياء يعني نفيَ الفعل عن كل ما سوى الله . إنه تدَرُّجُُ في الفناء عن الحال والرؤية بأربعة أوجهٍ ؛ هي :

    1- وجه يُمثل ذهابَ رؤيةِ الأرباب والأشكال والأنداد .
    2- وجه يمثل ذهابَ رؤية الأرباب مع إقامةِ الأمر والانتهاء عن النهي في الظاهر .
    3- وجه يمثل ذهابَ رؤية الأرباب مع إزالةِ مُعارَضات الرغبة والرهبة من سواه .
    4- وجه يمثل قيامَ العبد بين يديه شبحًا ليس بينهما ثالث ، وذلك بذهاب حِسِّه وحركاته ، لقيام الحق له فيما أراد منه . والعِلمُ في ذلك أنه رَجَع آخرُ العبد إلى أوله (17). وبهذا يتضح أن العلم بالغيب لا بد فيه من رجوع الموجودِ بغيره إلى الموجود بذاته ولذاته ، ولا طريق إلى هذا إلا طريق الصوفية وذلك لأن غاية هذا الطريق هي الوصول إلى إدامةِ البقاء هناك ، حيث الإطلاع على مكنونات عِلمه . فالعارفُ الصوفي-كما يقول الجُنيد في رسائله – هو<< من نطق عن سِرِّك وأنت ساكت >> و << نَطقتْ غيبتُه عن حاله >>. ولا يكون كذلك إلا إذا تَطَهَّرَ بماء الغيب، فما هو هذا الماء ؟ وما هي خصائصه ؟ وما سرُّ إضافته إلى الغيب ؟ .
    4-تَطَهُّرُه بِماءِ الغيب :
    إنها بعضُُ من الأسئلة العميقة التي أثارتها الأبيات التالية للإمام الجنيد (512هـ 792 هـ/910 م) (18) في الأوساط الفقهية والصوفية منذ قالها إلى الآن ؛ وهي:
    تَطَهَّرْ بِمَاءِ اٌلْغَيْبِ إِنْ كُنْتَ ذَا سِرِّ
    وَإِلاَّ تَيَمَّمْ بِاٌلصَّعِيدِ وَباٌلصَّخْرِ
    وَقَدِّمْ إِمَامًا كُنْتَ أَنْتَ إِمَامَــهُ
    وَصَلِّ صَلاَةَ اٌلْفَجْرِ فِي أَوَّلِ اٌلْعَصْرِ
    فَهَذِي صَلاَةُ اٌلْعَارِفِينَ بِرَبِّهِمْ
    فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَاُنْضَحِ اٌلْبَرَّ بِاٌلْبَحْرِ
    فقد وقف أمامها الفقهاءُ حائرين منشدهين ، لما وردَ فيها من مَعانٍ لا تتفق بتاتا مع ما دَرَجُوا عليه من علوم الظاهر ، فهي تخرق كل مفاهيمهم الفقهية ، وآلياتهم العلمية …لكن الصوفية تقبَّلوها بقبول حسنٍ ، واغتبطوا بها أيَّما اغتباط ، واستنبطوا منها علومًا ذوقية عاليةً ما كانت لتخطر على بــال الفقهاء . فصاحبُها هو تاج العارفين ، وشَمْسُ الأقطاب ؛ الذي على نهجه السالك وصلوا إلى الحضرة فطابت لهم السّكرة والصحوة ، وعرَّسُواْ هناك ، فكان لهم وقتان لا ثالث لهما : سكرُُ وصحوُُ، فالسُّكْرُ هو ملاحظة الحق على دوام الوقت ، والصحو هو الغِنَى عن الخلق بالحق . وفي هذا المعنى كتب يَحيى بن معاذ إلى أبي يزيد البسطامي (ت 162هـ/478 م) ما نَصُّه: " سكرتُ من كثرة ما شربتُ من كأس محبة الله "، فأجابه البسطامـي: " غيرك شرب بحور السموات والأرض وما رَوَى بعدُ، ولسانه خارجُُ من العطش ، ويقول : هل من مزيد" (19) . فهم في اضطرابٍ وخوفٍ من الجفاء والهجران، ومن أَلاَّ يُشْرَبُواْ صِرْفًا ، وكأَنَّ الجنيد نطق بحالهم حين قال: ( الكامل)
    مَالِي جُفِيتُ ، وكُنْتُ لاَ أُجْفَى وَدَلاَئِلُ اٌلْهِجْرَانِ لاَتَخْفَـى
    وَأَرَاكَ تَسْقِينِي ، وَتَمْزِجُنِـي وَلَقَدْ عَهِدْتُكَ شَارِبِي صِرْفَا (20)
    مثل هؤلاء الأقطاب هم الذين تصدَّوْاْ لشرح هذه الأبيات الرائية للجنيد، لأنهم أَلْفَوْهَا تنطق عن أحوالهم، وتترجم عن مواجيدهم ، وتُبِينُ عن سِرِّ أسرارهم الفائضة من الحضرة القدسية . وسنَشير إلى هذه الشروح وأسمائها، وأسماء مؤلفيها ومكان وجودها، بعد نسبة الرائية للجنيد، وذلك في الفقرات التالية :
    نسبة الرائية إلى الجنيد :
    لقد ذهبت أغلب المصادر التي تعرَّضت لحياة الجنيد وإنتاجه العلمي إلى نسبة هذه الرائية له ، لكن هناك فئة من العلماء تَعْزُوهَا إلى الشيخ ابن عربي كالشيخ أحمد بنعجيبة (ت:1224 هـ)، وإلى الشيخ أبي الحسن الشاذلي (ت:656 هـ ) كالإمام الشعراني في طبقاته الكبرى ، وإلى أبي مدين الغوث (ت:580 هـ) (21).

    أضافها أحمد بلحاج آية وارهام

    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-20-2014, 09:08 PM)

                  

03-20-2014, 09:30 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    أحنّ بأطراف النهار صبابةً """ وبالليل يدعوني الهوى فأجيبُ
    وأيامُنا تفنى وشوقي زائد """ كأنّ زمان الشوق ليس يغيب

    (عدل بواسطة احمد حامد صالح on 03-20-2014, 10:07 PM)

                  

03-20-2014, 10:13 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    أحلى الهوى أن يطولَ الوجدُ والسقمُ """ وأصدق الحب ما حلتْ به التهمُ
    ليتَ الليالي أحلاماً تعودُ لنا """ فربما قد شفي داءَ الهوى الحلمُ
                  

03-20-2014, 10:41 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الغوص في متون التصوف (Re: احمد حامد صالح)

    Quote: الصوفي العابد الذي وصل إلى مرتبة النيابة عن الله في تصريف أمور

    يا زول دا كلام شنو؟

    الله كمان عندو "من ينوب عنه"؟

    ليه؟ مؤجز؟

    انت انتقد الصوفية ... لاكين كمان ما تبالغ ... الله لو أدى ولي القدرة على تصريف أمر؛ فبإذن الله هذا الولي يتصرف القشة ما تعتّر ليهو ... فهو فعال لما يريد ولا يوجد من يتصرف نيابةً عنه ...

    انتو قدرة الله وإرادتو ما بتفهموها إلاّ لامن تنحصر وفق نظامكم التجسيمي الدايرين تفرضوهو على خالق الأكوان ... وتستنكروا عليهو ما لا يوافق أهواءكم وفقهكم ... ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ...




    .... المهم ....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 6:   <<  1 2 3 4 5 6  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de