دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
أولادهم .. الجزيرة.. التطهير .. وأولاد الحرام ..!! زهير السراج
|
[email protected] www.facebook.com/zoheir.alsaraj www.altaghyeer.info
* ذكرت سابقا ان حزب الؤتمر الوطنى لجأ الى إغراق السوق بالصحف لتشتيت ذهن القارئ وإضعاف تأثير الصحافة على الرأى العام، ونشر ما يريده من معلومات وأكاذيب، واستندت خطته فى ذلك على إعطاء أموال ضخمة لعدد من أعضائه لتأسيس وإصدار صحف جديدة بالمشاركة مع عدد من الكُتاب والصحفيين خاصة الذين يعملون فى الصحف التى تشكل الرأى العام وإغرائهم بالمال للانسلاخ منها بغرض إضعافها، فكان أن إنسلخ عدد من الصحفيين والكتاب من صحفهم القديمة ليشاركوا فى اصدار الصحف الجديدة التابعة للمؤتمر الوطنى مع إخفاء تبعيتها عن القراء.
* تضمنت الخطة أن يتاح لهذه الصحف قدر من الحرية لانتقاد بعض سياسات الحكومة بشكل عام بدون التعرض للاسماء (وهى نفس الخطة التى أستعيرت فيما بعد لبعض البرامج التى تبثها بعض المحطات الحكومية والخاصة التى نشأت حديثا)، بالاضافة الى نشر بعض ملفات الفساد التى تسمح الحكومة بنشرها أو تتعمد نشرها لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد كالاغتيال المعنوى للخصوم داخل الحزب الحاكم أو صرف الأنظار عن قضية معينة ..إلخ، فضلا عن إعطاء الصحيفة مصداقية لدى القارئ وإبعاد شبهة الانتماء للمؤتمر الوطنى عنها، ولقد أفرزت هذه الخطة العديد من الصحف التى توقف بعضها مثل (الحرة والعاصمة)، ولا يزال بعضها يصدر حتى اليوم مثل (الانتباهة).
* كما لجأ الحزب الى وضع يده على معظم الصحف التى كانت تصدر، خاصة تلك التى كان لها تأثير على الرأى العام، مستغلا: إما خلافات تقع بين الشركاء مثل (الرأى العام) التى أُزيح عنها محجوب عروة بعد خلاف وقع بينه وبين شركائه ليس هذا مجال التطرق إليه، ثم امتلكها الحزب بشراء أسهم بقية الشركاء. أو تعرضها لظروف مالية سيئة مثل صحيفة (السودانى) التى دخلت فى مشاكل مالية كبيرة وديون باهظة رغم انها كانت الصحيفة الاكثر توزيعا والأكثر جذبا للاعلانات فاضطر أصحابها أو ــ أُرغموا تفاديا لدخول أحدهم السجن ــ لعرضها للبيع، وكانت تملك مطبعة وشركة توزيع وشركة اعلانات (أى كانت مؤسسة صحفية كاملة)، فاشتراها حزب المؤتمر الوطنى باسم (جمال الوالى) واجرى تغييرا كاملا فى ادارتها وسياستها التحريرية، ومثال آخر من هذه الفئة صحيفة (الخرطوم) التى تحولت من ملكية كاملة للدكتور الباقر احمد عبدالله الى شراكة بينه والمؤتمر الوطنى. أو بسبب تغير الشركاء أو عدد اسهم الشركاء مما نجم عنه وضع إدارى جديد لم يرض عنه بعضهم ففضلوا الانسحاب وبيع أسهمهم لشركائهم الذين قاموا بدورهم ببيع الصحيفة الى المؤتمر الوطنى، والمثال الأبرز لذلك صحيفة (الصحافة) التى انسحب منها طه على البشير لصديق ودعة الذى باعها للمؤتمر الوطنى.
* باختصار شديد، صار المؤتمر الوطنى هو المالك الأكبر أو الأوحد للصحف فى الخرطوم، وما بقى من صحف بعيدا عن يده فهى: إما تابعة له تحريريا بالتحكم فى تعيين رؤساء تحريرها وفرض السياسة التحريرية التى يريدها مستغلا قانون الصحافة الذى يتيح للمجلس القومى للصحافة رفض أى رئيس تحرير يعينه صاحب أو أصحاب الصحيفة، ولقد رفض المجلس الكثير من رؤساء التحرير، بل حتى مدراء التحرير، فى الاعوام السابقة بايعاز من جهاز الأمن (اليد التى يستغلها الحزب لفرض إرادته) مما اضطر أصحاب الصحف الى تعيين رؤساء تحرير ترضى عنهم السلطة أو خاضعين لإرادتها .. أو هى صحف مستقلة بالفعل (لا يتجاوز عددها ثلاثة أو اربعة بعد السماح لصحيفة الميدان بالصدور مجددا) وهذه الصحف تجد مضايقات وصعوبات لا حصر لها ولا عد منها حجب الاعلانات الحكومية وغير الحكومية عنها بتعليمات من جهاز الأمن، و مصادرتها المتكررة بواسطة الجهاز بعد طباعتها وإيقاف كتابها المؤثرين عن الكتابة بتعليمات شفهية من جهاز الأمن بالاضافة الى فرض رقابة أمنية مباشرة عليها ..إلخ مما أدى لاضعافها ماليا وتحريريا ففقدت الكثير من تأثيرها على الرأى العام.
* فضلا عن ذلك، لجأ المؤتمر الوطنى الى إغراق السوق بالصحف الرياضية والاجتماعية وأعطاها قدرا واسعا من الحرية أو بالأحرى (الفوضى) فانتشرت فيها الشتائم والشائعات وأخبار الجرائم والفضائح والموضوعات المثيرة الأخرى التى تجتذب غالبية القراء وتثير التعصب والبلبلة فى المجتمع فينصرف عن القضايا الرئيسية ويصبح عجينة هشة فى يد الحزب الفاسد يشكلها كما يشاء ويوجهها الى الوجهة التى يريدها باستغلال الصحافة الصفراء ذات الانتشار الواسع، وهو ما حدث بالفعل .. فاصبح الهم الأوحد لكثيرين هو التهليل والشماتة لهزيمة الخصوم الرياضيين وليس الحزن لهزيمة فرقهم ..!! * كما لجأ المؤتمر الوطنى الى استبعاد كل الصحفيين والكتاب الصحفيين البارزين المناوئين له أو الذين يشكل وجودهم فى الصحف مصدر قلق له ولأجهزته، أو حتى الذين لا ينتمون إليه أو للأحزاب والتيارات المتحالفة (أو بالأحرى الخاضعة) له وذلك حتى تصبح الساحة الصحفية بالكامل حكرا لمن ينتمون إليه .. ومهما تجرأ هؤلاء عليه واحتدوا فى انتقاد سياساته وسياسات حكومته فلا بأس من ذلك لأنهم (أولادنا) كما يسميهم المؤتمر الوطنى .. المهم ألا يأتى الانتقاد من أولاد الحرام (كما أسماهم أحد قادة للنظام) .. وهكذا أوقف جهاز الأمن عددا كبيرا من الصحفيين والكُتاب من ممارسة عملهم الصحفى حتى بلغ عددهم أكثر من عشرين صحفيا وكاتبا منهم على سبيل المثال لا الحصر الحاج وراق، رشا عوض، فايز السليك، أمل هبانى، عثمان شبونة، د. حيدر ابراهيم، فيصل الباقر، د. محمد جلال الدين هاشم، د. محمد زين العابدين، محمد عبدالماجد وشخصى الضعيف وغيرهم ..!!
* تلك كانت هى بعض، وليست كل الوسائل التى لجأ اليها النظام الفاسد للسيطرة على الصحف وتسخيرها لمصلحة أغراضه وسياساته الفاسدة، ورغم ذلك فان الصحفيين المحترمين والوطنيين الحقيقيين الرافضين لمفاسد المؤتمر الوطنى هم الغالبية فى صحف الخرطوم، ويجتهد معظمهم ــ رغم الرقابة الصارمة المفروضة عليهم وحملات التخويف والترهيب المستمرة عبر الاستدعاءات الامنية والتهديدات والبلاغات ــ لممارسة عملهم بمهنية عالية ومسؤولية كبيرة .. وأكبر دليل على ذلك المصادرات المستمرة للصحف وحملة الاعتقالات والمحاكم الكثيرة التى يواجهها الصحفيون والكتاب .. !!
* ولم تقتصر سيطرة النظام الفاسد بالخرطوم على الصحف فقط، ولكن تعدتها الى الوسائط الاعلامية الأخرى، حتى التى تُصدر او تُبث من خارج السودان مع اختلاف الاسلوب حيث تلعب الرشاوى المالية الضخمة الدور الابرز فى هذا الجانب.
* المثال الواضح على ذلك قناة (الجزيرة) القطرية التى ظلت تنحاز لسياسات الحكومة السودانية بالكامل منذ وقت ليس بالقصير .. وبالتحديد منذ عام 2008 الذى بثت فيه القناة برنامج (عين على السودان) على مدى أسبوع كامل بعد ان انتقلت بعدد كبير من كبار مذيعيها وأطقمها الفنية من الدوحة الى الخرطوم لتنقل الكثير من الأحداث وتنبش فى الذكريات وتجرى العديد من الحوارات واللقاءات مع عدد كبير من السودانيين أختيروا بعناية بواسطة السلطة بالتعاون مع مكتب (الجزيرة) فى الخرطوم ..
* انتاج وبث ذلك البرنامج لم يكن، كما اعتقد الكثيرون، حبا من القناة لسواد عيون السودان وأهله، وانما كان اعلانا مدفوع القيمة من حكومة الخرطوم للمساهمة فى تمويل القناة خاصة مع المقاطعة الكاملة المفروضة عليها من شركات الاعلان الخليجية الكبرى والصغرى، بالاضافة الى كونها محاولة من الحكومة السودانية لإظهار الجميل للقناة للخدمة الاعلامية المنحازة التى تقدمها لها، أما الأهم فهو شراء القناة لضمان انحيازها الكامل للنظام الفاسد وعدم بث ما يعكر صفو حكومة الخرطوم، ولقد أفلحت الحكومة فى تحقيق هذا الهدف إذ انحازت القناة منذ ذلك الوقت بنسبة مائة فى المائة لسياسات وممارسات نظام الخرطوم، ولقد شهدنا جميعا كيف وبأى اسلوب وخبث تعاملت القناة مع كل أحداث السودان بما فيها انتفاضة سبتمبر المجيدة فى العام الماضى التى انحازت فيها بشكل كامل لنظام الخرطوم القمعى وبياناته الاحادية بدون ابداء اى نوع من المهنية او حتى التعاطف مع الشعب السودانى الذى كان ٌيقتل فى الشوارع برصاص الجنجويد وربابيط السلطة .. !!
* ويعلم الجميع أن معظم العاملين بمكتب (الجزيرة) بالخرطوم ــ ما عدا قلة صابرة تعمل تحت ظروف ضاغطة جدا ــ يدينون إما بالولاء للمؤتمر الوطنى أو يحظون برضاء السلطات السودانية وعلى رأسها جهاز الأمن، بل إن رضاء السلطات وموافقتها على الشخص هو أحد اهم شروط حصوله على الوظيفة فى مكتب القناة بالخرطوم ..!!
* وللحقيقة فـ(الجزيرة) ليست هى الإستثناء الوحيد فى هذا الجانب، بل حتى الاذاعات والمحطات الغربية الكبرى التى يظنها البعض مستقلة أو محايدة بالكامل مثل هيئة الاذاعة البريطانية (BBC ) فهى ليست كذلك، حيث تفرض عليها السلطات السودانية (جهاز الأمن) شروطا لاختيار موظفيها فى السودان مثل أن يكونوا حائزين على عضوية اتحاد الصحفيين السودانيين لمدة لا تقل عن اربع سنوات، وأن يحصلوا على الموافقة الأمنية قبل تعيينهم بشكل رسمى، ولا بد أن هذا يؤثر قطعا على حيادهم وعلى حياد الجهة الاعلامية التى ينتمون إليها.
* غير ان أن (الجزيرة )، كما نعلم، ظلت تسعى من تلقاء نفسها سواء فى الخرطوم او غيرها من المدن او فى مقرها الرئيسى بالدوحة لاختيار المنتمين لتيار الإسلام السياسى لشغل معظم الوظائف خاصة المؤثرة والرئيسية مثل المدراء ورؤساء الأقسام وكبار المراسلين ..إلخ ، بل إن الثورة المصرية التى أطاحت بالاخوان المسلمين كشفت انحياز وزيف وانتماء القناة نفسها لتنظيم الاخوان المسلمين، بل واختلاقها للأخبار وتلفيق الصور والاحداث ففقدت مصداقيتها بالكامل وأوشكت على الانهيار .!!
* كان هذا ما اردت قوله فى الوقت الراهن عن سيطرة النظام على الوسائط الاعلامية وما يتعرض له الصحفيون الوطنيون من متاعب جمة وظروف قاسية فى أداء عملهم.
* ولكن قبل ان أختم لا بد من التأكيد على ضرورة كشف المخادعين والمنافقين المندسين فى الصفوف سواء فى مجال العمل الصحفى او المجالات الأخرى، وعزلهم استعدادا لقيام الثورة التى لن تقوم لها قائمة ما لم نطهر أنفسنا ومجتمعاتنا من الفاسدين والمخزلين والمخادعين .. إنه اول شروط الثورة إذا اردنا التخلص من هذا النظام الفاسد ..!!
* وأجد نفسى هنا مندهشا من حزن البعض لعودة العلاقة الطبيعية بين الترابى والبشير بينما كان الأحرى بهم أن يفرحوا ويبتهجوا بدلا عن الحزن الذى أصابهم، فالسودان الذى يشهد مرحلة تشكُل جديد فى كل شئ فى حاجة الى تمايز وتمييز بين الذين يسعون الى تحرره والذين يسعون الى استغلال سماحة وطيبة وتدين شعبه، وإلى خرابه لتحقيق مآرب شخصية على أشلاء الجوعى والفقراء والمظلومين والمسحوقين.
* لذا فإن إلتئام شمل البشير والترابى، بل كل جماعات الاسلام السياسى والقوى اليمينية الأخرى بالاضافة الى المنافقين والمخادعين وتوحدهم فى جبهة واحدة... سيكون بدون شك فى مصلحة السودان الذى يحتاج فى مرحلته الجديدة الى قوى ثورية حقيقية لم تتلوث بسلطة مسروقة أومال حرام وجرائم شنيعة أو أى نوع من المفاسد والممارسات الفاسدة تقعد بها عن قيادة الشعب والسير بالوطن الى الأمام..!!
* انها لحظة تمايز وتمييز وتطهير تستدعى البهجة وليس الحزن، ويجب ان تشمل كل شئ.. وكل شخص فى الوطن الحبيب حتى يتطهر ويتحرر ويتقدم الى الأمام ..
* بل إذا لم يحدث التمييز بشكل تلقائى أو من تلقاء الفاسدين المضلين، لا بد أن يجتهد كل شخص حر وثورى كى يحدث وهو مبتهج ومتحمس وسعيد بأنه يحدث، وليس العكس، فالثورة لن تشتعل، والتحرر لن يحدث، والتقدم لن يتحقق بينما الوطن ملوث والشعب متخم بالمفسدين..!!
* التاريخ يحدثنا ويعلّمنا أن الثورات لا تلتهب والشعوب لا تنطلق من سجونها لتحرر نفسها إلا عندما تتمايز الصفوف ويعرف كل شخص موقعه ... ارجعوا الى كل الثورات الكبرى فى تاريخ العالم، قديمه وحديثه لتتيقنوا من هذه الحقيقة... فلم تقع ثورة ولم تتحرر امة الا عندما تبين خيطها الأبيض من الأسود.. وظهر حاميها من حراميها .. وفارسها من خائنها ..!!
* انه واجب وطنى وأخلاقى أن نسعى لمثل هذا التمايز والتمييز.. أن نتبين مواقع أقدامنا، ونعرف أصدقاءنا من أعدائنا، ونسعى لتطهير أنفسنا من الذين يمكن أن يشدونا الى الوراء أو يعيقوا مسيرتنا الى الثورة والتحرر .. ليس فقط فى الصفوف الأمامية، بل فى الصفوف الخلفية وهى الأهم، فمن يشعل الثورة هم الذين يأتون من الخلف .. والذين يسرقونها هم الذين لا يعرفهم احد أو الذين كانوا يخدعون الشعب بأفاعيل أو أحاديث مظهرية كاذبة بأنهم منه ومعه بينما هم يكيدون له ويرتزقون من غفلته وحسن نواياه ..!!
* علينا ان ننظر الى أنفسنا، والى ما حولنا ونبدأ منذ هذه اللحظة فى اشعال شرارة التغيير بولاعة التطهير... وهو ما آليته على نفسى فى مجال الصحافة، ولن يقعدنى عنه ترهيب او تهديد او ترغيب او مساومة، ان شاء الله الكريم. إذا الشعب يوما اراد الحياة، فلا بد لليل ان ينجلى ولا بد للقيد ان ينكسر
|
|
|
|
|
|
|
|
|