عم عوض: جيفارا الشاطرابي عبد الله علي إبراهيم

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 10:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.عبد الله علي ابراهيم
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-19-2014, 10:40 PM

عبدالله علي إبراهيم
<aعبدالله علي إبراهيم
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 2080

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عم عوض: جيفارا الشاطرابي عبد الله علي إبراهيم

    أغرق النيل جزيرة الشاطراب الواقعة بعمودية جلاس القديمة في تاريخ ربما سبق بداية القرن العشرين أو تلاه بقليل. وهذا ثأر الماء من الطين. فهو يُلبس الجزر قميصه (في لغة عبد الحي) ثم يفترسها في قاع النهر ووحله. ولكن بدا لي جدل النهر والجزيرة بخلاف ذلك في مسرحيتي "الجرح والغرنوق" التي كتبتها في سبعينات القرن الماضي واسترجعت فيها بعضاً مما انطبع في ذاكرتي من عطلتي الصيفية الأخيرة في البلد عام 1961. ومن أقوى تلك الانطباعات ما ثار من خلاف حول ملكية سواقي جزيرة الشاطراب بعد أن لفظها النيل مرة ثانية أي "رقدت" في اللغة السائرة. وجاء إلى الجزيرة قاض تسوية خصيصاً للنظر في نزاعات الملكية ولجاجها. وحضرت طرفاً من جلسات فض النزاع تلك.
    استخلصت مسرحيتي النهر والجزيرة من ضوضاء الملكية وصكوكها المسلولة ومزاعمها عرضاً وطولاً. فصورت ما بينهما كعشق تطفلت عليه الملكية الفردية ونفثت فيه سمومها وضرجته بالشقاق. فتجد الفتاة في المسرحية تستعير جدل الجزيرة والنهر لتبوح ما بينها وبين حبيبها:
    أنا الجزيرة، وحبيبي النهر. أنا نحت يديه المليئتين بالطمي وعشب صدره الفارع. يأخذني حبيبي في ذراعيّ موجه في فورة الشبق والفيضان. يذوبني. يخفيني في ثيايه المبتلة. ولسنوات أظل أسيرة الغياب والدوار والقبل. اتسقط بأنفي عطر منابعه الاستوائية وعرق وحشته الصحراوي.
    يفتقدني القرويون حين يغرق حبيبي علامات ملكياتهم الصغيرة التي تدمي جسدي. تغتم الوجوه. تبور صكوك التملك في الأيدي. تسقط كسور الميراث العشرية. وتستلقي المدى على الأذرع كالسحالي الميتة. ويتلاشى تاريخ كامل من الحساب والثأرات.
    وأرتوي أنا من حبيبي، من دعك خصل شعره، من مذاق الشمس والقمر والرياح في شفتيه. ثم يرفعني حبيبي ليهديني للشمس بعد سنوات من المتع العنيفة والناعمة والرائعة. قطرات الماء حَبَبٌ على ذراعيه المضفورين من نشيج السماء وابتهالات الأرض.
    أوتاد القرويين مدى على حرير ظهري. رائج سوق الصكوك. ومبرور الخلف من السلف بأجزاء كسور الميراث العشرية. تستيقظ السحالي الميتة في انتظار بادرة خصام لكي تلوث صدر حبيبي الجميل بالدماء المسكونة بالحمى والشهوات والحزازات. تبدأ دورة جديدة في تاريخ من الحساب والثأرات.
    وكانت تلك الدورة الجديدة قد بدأت بالفعل خلال عطلتي كما سبق القول. وكان بطلها عندي هو عمي عوض وداعة الله الذي استفدت من بعض لغته وعزائمه في مسرحية أخرى هي "السكة الحديد قربت المسافات". وعوض هو ابن خالة الوالد. فهو ابن خادم الله بت علي ود عبد العال وهو ابن زينب. وعبدالعال هو الذي تسمت به قرية العالياب بالغرب بين كورتي والغريبة. وكان يود الوالد جداً. ويفتقده لا يغيب عنه أكثر من يومين أو ثلاثة. ثم يحل علينا بقميص بلدي وسروال وعمة ناصعة. لا تفارقه عصاة لها إيقاع على الأرض وهو يلقي الكلام على عواهنه. وكان لا ينادي الوالد إلا بعلي أفندي حين كان ما يزال بخدمة الحكومة ثم أصبحت حاج علي حين استعفى.
    ويبدو أن محنة عوض والوالد تعود إلى نشأتهما معاً في العالياب ثم عملهما في محطة عطبرة: كان الوالد ناظراً للمحطة وعمي عوض رئيس طلبة المخازن بها. ومما حيرني طويلاً هي تلك الرحلة الغامضة التي حملت جدي إبراهيم للبقاء بالعالياب بعد الزواج من أهله آل عبد العال بعيداً عن أهله الشقتاب بجزيرة أم درق. بل باع جدي ميراثه من الأرض. وهذه حماقة كبيرة كانت وماتزال. ولا بد أن هناك من أساء إليه. فقد بلغني أنه كان غضوباً جداً. وقد توثقت علاقتي بهذا الجد الوحيد الذي لم أره بفضل الغربة بين الأمريكيين. فهنا اصبح اسمي "مستر إبراهيم". فأصبحت سيرته بعض شاغلي. وآمل أن افرغ مما بيدي من مشروعات لأكتب روايتي عنه.
    لم يكن بيع جدي للأرض مما غفرته الوالدة جمال، الشايقية الإزيرقابية، لجدي وذريته وهي المؤرخة المضاد للشقتاب أهلي. وكانت ما تفتأ تذكرنا، كيداً للوالد، أن جدنا إبراهيم "طلعكم عرب". و"عرب" هنا بمعنى خلو طرفنا من الطين. وكانت الوالدة الإزيرقابية في خفض من الطين ضفافاً وجزائراً: "من بت الجزيرة لكافوته" وسواقي بلدتها البرصة. ولم يكن يبدد غلواءها سوى عمي عوض. كان يدق عصاه بطريقته الفذة ثم يؤرجح رأسه ناظراً إلى الأرض يتفرس في وجوه من حوله طلباً للمناصرة قائلاً :" إنت يا جمال البرصة دي قايلاها شنو. البرصة دي ما باء ساكت". ولا يعرف أي منا بالضبط ما كان يعنيه عم عوض بأن البرصة باء ساكت. كلام والسلام. ولكنه كان يَجِد أحياناً ويقول لها حين تستخف بأهله "العباياب" (وهم قسم من الشاطراب) إنه من ملوك أبكر. وقد قرأت في كتاب كروفورد عن تاريخ السودان الوسيط أنه كان للبديرية مملكة بالدفار وأبكر القريبتين من دنقلا العجوز. ولأهلنا اعتقاد طري بأن أصلنا بديرية جئنا لعمودية جلاس من دنقلا وامتلكنا دارها عنوة. يكفي أننا ما نزال ندعو متى دعونا ب "حاج ماجد وحاج محمود" ممن قبابهم ظاهرة تزار بدنقلا. بل أن ابن عمي اسمه حاج ماجد من فرط شدة ذكرى دنقلا فينا.
    كان عم عوض شاطرابياً ولكنه شديد الاعتزاز بأنه "عبايابي" و"عاليابي". وكان لا تعجبه من الشاطراب في عطبرة الداخلة استسلامهم لقيادة الطمبلاب: حاج عطا وحاج إبراهيم. وعطبرة الداخلة هي دار الشاطراب بعيداً عن جزيرتهم التي غرقت. فقد اقبلوا على العمل بالسكة الحديد حين زلزلهم ثأر الماء على جزيرتهم وأخلى طرفهم من الأرض. وبالداخلة زاويتهم المركزية. وقد نزلوا بالداخلة أهلاً على جعلييها من شيعة العمدة السرور السافلاوي. وقد آخت بينهما رابطة الختمية برغم دراما إثنية من الخلاف والمواجهات كنت طرفاً في واحدة منها في منتصف الخمسينات ولا ناقة لي ولا بعير. فما أنا جعلي ولا شاطرابي وإن كانوا بالنسبة لحمة إمرأة. وأتمنى أن يعكف داخلابي نجيض على كتابة هذا التاريخ من الخصومة المؤدي إلى الإلفة تذكرة لباعة الفتنة وفارشيها على الأرصفة الآن. فالناس من طين يعكرون ويصفون. والداخل بينهم مارق.
    ولم يخف عم عوض معارضته المستقيمة للقيادة الشاطرابية التي نبتت في ملابسات عطبرة. وكان يعتقد أنهم يستاثرون بطين في الجزيرة الناشئة ليس لهم وأنهم يدبرون لتغيير اسم حلة العالياب إلى الشاطراب. وكان هذا ظلماً سينهض عم عوض ليرد الصاع فيه صاعين. ووجد من زين له أن حملته للحق مشابهة لما نهض به الرفيق شي جيفارا آنذاك مسافراً زاده الثورة. وكان هذا "الواشي" هو ابن عمتي الخير عبد الرحيم النقابي بالسكة حديد بهيا. واستمع عمي عوض إلى ملحمة جيفارا جيداً. وهتف ذات ليلة ليلاء: "انا جيفارا" ونظر يميناً ويساراً في الحضور ونقر عصاه مرات. ثم رتب للسفر للبلد وأمر الخير، ابن ابن عمه، أن "يدلى" معه رفيقاً في حملة جيفارا الشاطرابي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de