|
حكاية القاضي محي الدين في "أبو جنزير" بقلم نور الدين مدني
|
كلام الناس نورالدين مدني [email protected]
*عندما أعارني صديقي عبد الله حميدة كتاب "أبو جنزير"حسبته عن أسطورة عطبرة أبوجنزير الذي سبب الرعب لأهالي عطبره في زمن مضى، واندهشت لأن اسم الكاتب الحسن محمد سعيد،فقد توقعت أن يكون الكاتب هو اللواء"سجون"م محمد سعيد ابراهيم لأنه سبق وكتب عن أبوجنزير. *إكتشفت فيما بعد أن كتاب الحسن محمد سعيد رواية سياسية،تروي باسلوب مشوق وممتع جانباً من المتغيرات التي جرت في العهد المايوي إبتداء من إنقلاب هاشم العطا وليس إنتهاءًا بمذبحة القضاة الشهيرة في خواتيم العهد المايوي،إضافة لحكايات أخرى ممتعة عن الإنسان السوداني،خاصة في دول المهجر،وعلى الأخص في دول أوروبا. *أبطال أبوجنزير هم محي الدين زمراوي الذي درس القانون في جامعة الخرطوم ومنح بعثة دراسية في لندن، وحسين الذي كان يرافق محي الين على سطح فندق الليدو بالخرطوم،وعبد الرحيم الذي كان يتمنع ويحجم عن صحبتهما لسطح الليدو، محي الدين يميل إلى الإستقلالية وحرية الفكر رغم ميوله ل"الجبهة الديمقراطية"، إضافة ليوسف الشيوعي ، وحسين الذي وجد مقتولاً عقب فشل إنقلاب هاشم العطا. *محي الدين إلتقى بمكولا اكول في لندن،وهو لاجئ من جنوب السودان كان معارضاً لحكم مايو، وهو في لندن بعث له صديقه يوسف من الخرطوم يخبره فيها بأنه مراقب في كل حركاته وسكناته ، ومع ذلك عاد للخرطوم ،هو وزوجته نجوى، ليجد أن صديقه عبد الرحيم أصبح قياديا مرموقاً في الاتحاد الإشتراكي عقب المصالحة. *عاد محي الدين ليجد أن الخرطوم تواجهه بأهلها الذين فقدوا بريق العينين، ونداوة الوجوه، وخضل السحنة السمراء المرتوية، واعتلتهم تقطيبة تشي بضيقهم من اللهيب المستفحل في الطقس والعيشة. *التحق محي الدين بالقضائية، وظل كما هو لم يتغير ولم يتبدل يقول كلمته بشجاعة ويصدر أحكامه القضائية بمهنية عالية،لم يشارك في بيعة القضاة للرئيس نميري،التي أعقبتها مذبحة القضاة التي لم يسلم منها بعض القضاة المبايعين. *تم إعتقال محي الدين من مكتبه وقدم للمحاكمة أمام إحدى محاكم العدالة الناجزة، نصبت في أبوجنزير، وسط حشد كبير من المحامين والمواطنين الذين تنادوا ليشهدوا هذه المحاكمة التي كانت تهمها ضد القاضي محي الدين جاهزة والحكم جاهز، وتم جلد القاضي الكبير محي الدين وهو يسمع فيما يسمع أصوت مكولا والدكتور حامد ابراهيم سليمان،عنما حذراه من العودة الى السودان. *ختم الحسن محمد سعيد روياته بمشاهد صوفيه ،وكأن "الحلاج"جاء الى محي الدين وقال له:الحب شجرة شامخة راسخة تنبت في القلوب الطاهرة، وفجأة تتحرك الحشود التي كانت تشهد وقائع المحاكمة وتحمل محي الدين هلى هيئته بعدتنفيذ حكم الجلد عليه وترفعه عالياً وهي تجوب وتومض في فضاء الخرطوم.
|
|
|
|
|
|