|
... يمد لسانه وتتقافز الأسعار/نور الدين مدني
|
كلام الناس نورالدين مدني [email protected]
*قبل سنوات إنتشرت طرفة عن إبن يطلب من أبيه أن يعطيه "عشرة قروشط، لا تسألوني عن قيمة القرش، فقط أذكر أنه كان عملة مبرئة للذمة قبل أن يختفي مثلما اختفى قبله طيب الذكر المليم، سأل الأب إبنه وماذا تريد أن تفعل بالعشرة قروش؟ قال الإبن : سيزور المدرسة ساحرليقدم بعض العروض لنا، و وهذا ثمن ثمن التذكرة لمشاهدته. *الأب قال لإبنه ساخرأ : ولماذا تريد أن ترى الساحر وهل هناك ساحر أكثر مني، أنا الذي أستطيع براتبي المحدود هذا تلبية كل احتياجاتكم، رغم الفارق الكبير بين راتبي وكلفة حاجاتكم الأساسية. *في ذات الوقت إنتشرت طرفة أخرى مفادها أن باحثاً أجنبياً أجرى دراسة إجتماعية عن أحوال المواطنين المعيشية في السودان،وقد وجد أن غالب إجابات العينة العشوائية التي أجري عليها دراسته يتفقون في إجابة واحدة على السؤال : كيف توفق بين دخلك والمنصرفات؟ وهي : "الله كريم" فخلص إلى أن مفتاح الفرج عند أهل السودان"الله كريم".. ونعم بالله. *بغض النظر عن دواعي إنتشار هذه الطرف، فإنها كانت ومازالت تعبر عن الواقع الإقتصادي والإجتماعي الأصعب الذي يعاني منه غالب المواطنين، وأنه لولا رحمة الله التي تشملنا جميعاً لما استطعنا الموازنة بين الدخل المادي المحدود وحجم المنصرفات المتفاقمة. *نقول هذا ونحن نتحسر على حال الحوار السوداني الذي تعثر، فقد كنا نعول عليه امالنا في الوصول الى إتفاق سياسيى يخرجنا من دوامة الإختناقات السياسية والإقتصادية والأمنية،لكن للأسف تراجعت خطواته، وعادت ريمة الى قديمها. *للأسف تعقدت الأمور أكثر وتفاقمت الأختناقات مع إستمرا السياسيات التي سببتها، وزادت معاناة المواطنين في ظل إستمرار الإنفلات الجنوني للأسعار بسبب ترك حبلها على غارب السوق، كل يبيع على هواه. *بعد ذلك يخرج علينا وزير المالية والإقتصاد الوطني بتصريحات تطمينية عن إنخفاض معدل نسبة التضخم، بينما الواقع يمد لنا لسانه، وتتقافز الأسعار بلا ضابط ولا رابط تحت مظلة سياسة التحرير الإقتصادي التي أفرزت عملياً فوضي إقتصادية ضاربة أطنابها في الأسواق.
|
|
|
|
|
|