|
(الشعب مرق )..المهنيّة إلتزامٌ وموقف ! / فيصل الباقر
|
(الشعب مرق )..المهنيّة إلتزامٌ وموقف ! " نحن مرقنا، ضد الناس السرقوا عرقنا "، شعارجرىء وصادق وذكى ولمّاح ، وهو - شعار - واضع العبارة والمعالم والهدف ، وفيه تشخيص دقيق وشامل للأزمة، وتلخيص لمطالب الشعب ، شعارٌ ردّده المُتظاهرون فى هبّة سبتمبر، إلى جانب شعارات أُخرى ، تُعبّر جميعها ، عن تحدّى وإرادة شعبيّة سودانيّة " ميّة الميّة " ، لا تعرف الخوف ولا التردُّد ولا الوجل ، فى مُواجهة و تحدّى دولة حزمة الظُلم والفساد وإنتهاك حقوق الإنسان . فى الشعارات المرفوعة والهتافات الداوية ، دعوة صريحة لمواصلة " المروق" أى الخروج ضد/على سارقى عرق الشعب. ولا أجد فى وصف الحالة الثوريّة التى جسّدتها وتُجسّدها " هبّة " سبتمبر 2013 ، أبلغ ممّا قاله شاعر الشعب ، محجوب شريف ، قبل أكثر من عقدين ونيف من الزمان ، على أيّام إنتفاضة مارس/أبريل 1985، حين قال : " يا شعباً لهباً ثوريتّك ، تلقى مُرادك والفى نيتّك ، عُمق إحساسك فى حُريتّك ، يبقى ملامح فى ذُريتّك "، وما أشبه الليلة، بالبارحة.وكما يقول مثلنا البسيط : " السايقة واصلة " ، والمعركة مع دولة إذلال الرجال وقهر النساء طويلة ، وسينتصر شعبنا ، ولو كره المُرجفون ،والنصر الذى يرونه بعيداً ، يراه شعبنا قريباً، بل أقرب من حبل الوريد !. وما أروع المواقف التى تُجسّد قيم الإنحياز للشعب والوطن والمهنيّة العاليّة والضمائرالمهنيّة والإنسانيّة الحيّة والصاحية ، تلك المواقف المُشرّفة التى لا تعرف " الدغمسة " ولا " اللجلجة " ، وقد وقفها - بشجاعة وشرف - صحفيُّون وصحفيّات ، بتقديم إستقالات مُسبّبة ، من صُحفهم التى ارتضى مُلّاكها وقادتها الإنضمام للكتيبة الأمنيّة (جهاراً نهاراً )، وبدلاً عن مواصلتهم للأدوار المرسومة لهم " امنيّاً" فى الإنزواء خلف قضبان " رزيلة " السكوت عن الحق، خرج بعض - هؤلاء إلى القُرّاء، وفى صفحاتهم الأولى، بما أملاه عليهم " المُخدّم " أو الشريك فى الملكيّة " جهاز الأمن، فوصلت بهم " الجُرأة على الحق " ، مراحل وصف المتظاهرين بعبارات و أوصاف من شاكلة ( مُخرّبين ) و ( تخريب ) ، وهى عبارات مُستلفة من قاموس مفضوح ، فاقد الصلاحيّة ،نهلت منه صحافة دول الطُغاة الذين قذفت بهم شعوبهم، إلى مزبلة التاريخ !. وفى مُقابل الصُحف التى باعت ضميرها وشرف المهنة ، بثمنٍ بخسٍ ، هناك صُحف، إنحازت للحقيقة وللضمير المهنى، فرفض ناشروها ورءساء تحريرها " التعاون الأمنى " والإنصياع لأوامر" الرقيب " وتهديداته " و(عنتريّاته ) ومُسلسل الترهيب والترغيب ، فكانت ضربة البداية ، موقف " ( الأيّام ) صاحبة التاريخ الوضىء فى مواجهة الدكتاتوريّات ، وهى أيّام ( المحجوبين وبشير) ، وللأجيال الجديدة من القُرّاء والصحفيين ، نشرح فنقول : المحجوبان هما محجوب محمّد صالح ، والراحل المُقيم محجوب عُثمان ، أمّا بشير، فهو شريكهما فى التاسيس والتحرير المغفور له - بإذن الله – بشير محمّد سعيد ، وقد أعادتها لهم ، إنتفاضة أبريل ، بعد أن صادتها دكتاتوريّة مايو ، فآلت ملكيتها - وقتذاك- لسيىء الذكر المدعو ( الإتحاد الإشتراكى ).. ورفضت صحف حديثة النشأة الإذلال الأمنى والإنصياع لتوجيهاته ، فتوقّفت بعضها عن الصدور لايّام معدودات ، فكان جزاؤها " الإيقاف الأمنى " لأجل غير مسمّى ، ومنها ( الجريدة ، القرار ، المشهد الآن ) ، وسبقتهم ( الميدان ) قبل عامٍ ونيف . ومازال الباب مفتوحاً ، لأن تنحاز صُحف أُخرى للشعب والوطن . ونختم، بإزجاء أسمى آيات التقديروالإحترام،لكُل زملائنا وزميلاتنا من الصحفيين والإعلاميين الذين رفضوا بريق الوظيفة وسحر" المُرتّب " ، و" المظروف " ، وإنحازوا للشعب والوطن وشرف المهنة ، ومنهم - على سبيل الذكر، لا الحصر - كواكب الصحافة حيدرالمُكاشفى وعزالدين أرباب وهند رمضان وعبدالفضيل أحمد حامد، وزميلنا الإعلامى سعدالين حسن، ونعتذر- من قبل ومن بعد - لكل من فاتنا ذكر أسمائهم ، بسبب ضيق الحيز، من " اللاحقين "،ونسجّل ونوثّق بكل الفخر والأعزاز مواقف أؤلئك المعتقلين والمُعتقلات ومنهم الصحفيّة أمل هبّانى وغيرها ،وهناك حزمة كبيرة من الموقوفين أمنيّاً عن الكتابة ، ومنهم زهير السرّاج وعثمان شبونة وغيرهما ، فجميعهم/ن أؤلئك وهؤلاء ، باقون وباقيات فى وجدان شعبنا العظيم .ويبقى الذى بيننا وشعبنا الكريم المعطاء.
|
|
|
|
|
|