|
موقعة التيّار : الخرطوم " مدينة لا تعرف الأسرار" ! /فيصل الباقر
|
مساء السبت ( 19 يوليو 2014 )، إقتحمت مجموعة ( مُسلّحة ) مبانى صحيفة ( التيّار) ، الواقعة فى وسط الخرطوم ، وأعتدت بالضرب المبرح على رئيس تحريرها الزميل عثمان ميرغنى ، ومارست الجماعة العنف المسلّح ضد الصحفيين ، وجرحت بعضهم ،وأرهبتهم بقوّة السلاح ، قيل أنّه ( كلاشنكوف ) ، ثُمّ لاذت بالفرار، وفى معيّتها ( غنائم ) هى عبارة عن لابتوبات وموبايلات . وقالت الأخبار أنّهم كانوا ( مُلثّمين )، وقد جاءوا لموقعة التيّار، على ظهور عربات دفع رُباعى !. وجاء أوّل رد فعل الشرطة : " أنّها تحرّكت فور تلقّى بلاغ بالإعتداء على رئيس التحرير ، لمكان الحادث ، ولم تعثر على الجُناة " ، وكأنّ واجب الجناة - فى هكذا جرائم - يُحتّم عليهم (قانونيّاً أو أخلاقيّاً ) إنتظار مقدم الشرطة الميمون، أو ترك رسالة خطيّة، تقول:"حضرنا ولم نجدكم" !...ولم تنسى ( الدولة / الحكومة) - كالعادة - أن تتعهّد مشكورة مأجورة ، بملاحقة الجُناة !. وتوالت وستتوالى تفاصيل الأخبار وسيناريوهات وقصص ( الماجرى ) فى التحريات والتحقيقات ..وإنّا لمنتظرون !. صحافة ( نجر ) و ( سلق ) الأخبار ، مضت فى ( كسبها ) وسعيها وسبقها الصحفى فى طريق ( الدغمسة الخبرية ) ، وسعت لتبسيط الحدث ونتائجه ، فركّزت على تطمينات المسئولين ، بدءاً بتصريحات مُساعد رئيس الجمهوريّة ، وإفادات وزارة الداخليّة ، مروراً بتعهدات والى الخرطوم ، ومُجاملات وزير العدل ، كما (حشرت ) ضمن ( الشمار الصحفى ) تمنّيات وزير الدفاع ( بصراحة، لم أفهم بعد ، إقحام وزير " الدفاع بالنظر " فى موضوع وخبر موقعة التيّار) !!..ومشت بعض الصُحف فى مسارات تخفيف وقع الحادثة والصدمة على الجمهور، بإستخدام مُفردات (مُليّنة ) مُستعينة بما أسمته - يومها - نتائج الفحوصات الطبيّة ، من شاكلة "عدم وجود إصابات بليغة أو خطيرة ، بإستثناء كدمات فى الرأس والعين اليُمنى" !. بعض المقالات التى كُتبت - وللأسف- بأقلام زملاء المهنة ، المفترض أنّهم " أهل الوجعة " ، هرولت مُسرعة إلى تكريس منهج المُساواة بين ( الضحيّة والجلّاد )، بتبرير فِعلة الجناة ، بتحميل ( الضحيّة ) مسئوليّة ما حدث ، متوسّلة بعبارات على نسق " إستفزاز المشاعر " و" الكلام فى الممنوع" و " الجُرأة " فى التعبير عن الأفكار...إلخ ، وهذا - فى تقديرى - منهج ضار، وخطير على مبدأ حريّة التعبير والصحافة ، و يجب أن يتوقّف " ذاتيّاً " حتّى لا يُشارك الصحفيون والصحافة فى وأد الحريّات ، فى المُقابل لجأت كتابات من زملاء فى المهنة ، إلى تحميل كاتبى تلك المقالات ، مسئوليّة المُشاركة فى الجريمة ، بتصوير كتاباتهم وكأنّها (تحريض للجُناة) على إرتكاب الجريمة ، وهذا الزعم ليس صحيحاً - فى تقديرى - على الأقل ، فى معظم المقالات التى إطّلعت عليها ، حتّى لا نحكم على المختلف، بالنوايا والأفكار المُسبقة ، فيما يُحتّم علينا، الواجب ، الحذر الشديد من الوقوع فى فخاخ التجريم المجّانى ، إذ المطلوب ، بذل الجهد لتوحيد( أهل المهنة ) لمواجهة الفيل وليس الطعن فى الظل !. المطلوب من الصحافة ومِنّا فى المجتمع الصحفي ، وضع هذه القضيّة فى مٌقدّمة أجندتنا اليوميّة ، مع مواصلة رفع الصوت عالياً - بأقوى العبارات - ضد هذه الجريمة النكراء ، بدون " التنعيم "، أو اللجوء لإستخدام مفردة " لكين " ، أمّا ( الحكومة / الدولة ) ، ولجان تحقيقها، فليس أمامها - إن كانت تنشد العدل و تتحرّاه - سوى السير الدؤوب فى طريق كشف الجريمة النكراء ، بمُلاحقة الجُناة، وتتبّع ( آثارهم ) بالسرعة اللائقة والفائقة ، وجمع الأدلّة والبراهين القويّة ضدهم ، والقبض عليهم ، لتقديمهم للعدالة ، ولتعلم ( أتيام ) ولجان التحقيق ولجان ( التضييق ) وغيرها، فى مُختلف الوزارات و المُستويات والأجهزة ، أنّ الخرطوم كانت وستظل - كما عهدناها و سمّيناها فى صحيفة ( الميدان ) " السريّة والعلنيّة " : (( مدينة لا تعرف الأسرار))، وأنّ بعض أبجديات وأساسيات علم الجريمة ، تؤكّد إستحالة إخفاء المُجرمين ، لكل أدوات وعناصر الجريمة ، وفى جريمة ( موقعة التيار ) ما يكفى من الأدلّة الجنائيّة والماديّة والفكرية والسياسيّة ، وغيرها ، و ما سيقود حتماً إلى أوكار الجُناة ، فى التنفيذ والتخطيط ، ومن يقف خلفهم ، وعليه ، المطلوب كشف كُل ( طلاسم ) الجريمة وأبعادها والأهدف ( المُعلنة والمُبطنة ) منها ، وتحديد الجهات والمؤسسات التى تُفرّخ العنف وتُربّيه ، والتى تصنع المناخ الذى يجعل هذا الفعل الإجرامى ال######## ممكناً ومقبولاً لدى البعض ؟! ويبقى أنّ شعبنا يعرف تماماً ، من المسئول عن تكريس ثقافة العنف ، وإلغاء الآخر المُختلف ، و من يملك خناجر نحر الخصوم الفكريين ، و" قطع أيدى ورؤوس وأوصال " المُعارضين السياسيين ؟!... وإنّا لمتابعون ومنتظرون ... وما ضاع حق وراءه مُطالب..ويا صحفييى السودان ، إتّحدوا ..وأمشوا عِدِل ، يحتار عدوكم !.
|
|
|
|
|
|