|
قضيّة نساء تابت : مُحاولة ضياع الحقيقة بين المُبتدأ والخبر ! بقلم فيصل الباقر
|
فجأة تحوّلت قضيّة نساء " تابت " من قضيّة بحث عن التحقيق النزيه والشفّاف فى أصل المسألة المُثارة ، وهو مطلب عادل ، تفرضه قيم العدالة والإنصاف ، حول القضيّة المُطروحة فى " الإدّعاء " بإغتصاب نساء فى قرية " تابت " وفقاً لتقرير صحفي ، بثّه راديو دبنقا – تحوّلت القضيّة – بقدرة قادر – إلى حملة إعلاميّة مُضادّة ، عمدت على إغراق المشهد الإعلامى السودانى ، بكثير من الضجيج و الصخب الإعلامى ، شنّتها الأجهزة الإعلامية الحكومية ، بصورة بعيدة كُل البعد عن مُراعاة المهنيّة والإحترافيّة ، فى طرح القضايا المطلوب فيه – من قبل ومن بعد – العدالة والإنصاف ، والبحث عن الحقيقة ، التى هى واحدة من مطلوبات الصحافة والإعلام . فى مواجهة " المُبتدأ " الذى بثّه راديو دبنقا ، جاء " الخبر " من الدولة ، وليت قائل الخبر سكت عن الكلام المُباح فى هذا المقام ، واعتصم بالصمت ، الذى يُقال عنه ، " إنّ فى الصمت كلاماً " ، بدلاً عن " دبلوماسيّة " ( زيادة الطين بِلّة ) كما يقول النحويون ، وفى البال القاعدة الذهبيّة ، التى تقول " إذا كان الكلام من فضّة ، فالسكوت من ذهب " !.. إذ خرجت علينا عبقرية الدبلوماسيّة السودانيّة ، فجأة ، بتصريح غريب وعجيب ، جاء فى شكل " إتّهام " ، مُباشر لبعثة اليوناميد و جنودها ، بإغتصاب النساء والتحُّش بهن وإسغلالهن جنسيّاً ، وقد كُل ذلك على لسان وكيل وزارة الخارجيّة السيد عبالله الأزرق الذى قال بكل برود أعصاب : " رصدنا حوادث قام جنود من يوناميد بإغتصاب نساء ، ولم تتّخذ البعثة ضدّهم أيّة إجراءات للمحاسبة ، ولم تخرجهم من البلاد " و يواصل الأزرق مُستطرداً : " إنّ معسكرات يوناميد تحدث فيها أشياء تخدش الحياء ، وهناك تقارير عن الإستغلال الجنسى والتحرُّش الجنسى ، وقصص مُخيفة لإستغلال الفتيات " ، ويختم الأزرق بثالثة الأثافى ، إذ يقول " كُنّا نُتابع ذلك ، عبر القنوات الدبلوماسيّة ، بعيداً عن الإعلام " !. و للمُفارقة ، أنّ حديث الأزرق ، جاء فى حضرة " لقاء صحفى مع رؤساء تحرير الصحف وقادة الأجهوة الإعلاميّة " !. وليفهم السيد الأزرق ، أنّنا – فى كُل الأحوال – سنقف ضد جريمة إغتصاب النساء ، سواء كان المنتهكون ، جنود القُبّعات الزرقاء ، أو غيرهم ، وهو بهذا الإدعاء مُطالب ، قانونيّاً وأخلاقيّاً ، بأكثر ممّا قال ، ولن تحرفنا معركة بقاء أو ذهاب بعثة اليوناميد ، وهى معركة جانبيّة ، عن أصل الموضوع ، وهو التحقيق النزيه ، فى لُب القضيّة ، لأنّ هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ، ولا تُطوى ملفّتها بالسكوت والتسويات !. بإختصار شديد ، نريد أن نقول ونُنبّه ونُثبّت - فى هذا المقام والمقال - بكل صدقٍ وأمانة إلى ( المُبتدأ والخبر) وأصل القضيّة وفصلها ، وهو هُنا : خبر راديو دبنقا ، وحملة النفى التى نُفّذت عبر الإعلام الحكومى ، و أخيراً - وليس آخر - حديث السيّد الأزرق ، وردّة فعله على ما جاء فى خبر راديو دبنقا ، يجب أن لا يحرفنا عن المسار الصحيح ، فى القضيّة المركزيّة ، وهو ضرورة وأهميّة التحقيق النزيه والشفّاف ، فى أىّ إدعاءات ، تتعلّق بإنتهاكات حقوق إنسان ، تتعرّض لها وتواجهها النساء ، وبخاصّة النساء فى مناطق النزاع ، بما فى ذلك جرائم الإغتصاب والعنف الجنسى ضد النساء ، وضرورة الإنصاف ، لأنّ المطلوب حماية النساء ، بالمعنى العميق لمفهوم الحماية ، الوارد فى إتفاقيات ومُعاهدات وبروتوكولات منظومة حقوق الإنسان ، وفى البال القول العظيم: " إنّما النساء شقائق الرجال ، ما أكرمهن إلّا كريم ، وما أهانهن إلّا لئيم"...
|
|
|
|
|
|