|
جنوب السودان : قهر المُستحيل .. ما العمل ؟ /فيصل الباقر
|
ما حدث ويستمر حدوثه فى دولة جنوب السودان منذ 15 ديسمبر 2013 ، وإمتداداته ونتائجه فى هذا العام ، أمر يستحق إعمال العقل و والفكر لفهم طبيعة الأزمة والصراع والنزاع ، وينتظر بذل كل الجهود (المُخلصة ) الممكنة- لا المُستحيلة - للخروج من نفق الازمة والعنف الدموى ، ولوقف إستمرار تدحرج كُرة ثلجه المُتّجهة بقوّة نحو (الحرب الشاملة ) المُدمّرة ، والتى لن يخرج منها منتصر ومهزوم ، إنّما الخاسر الأكبر فيها - كما تؤكّد كُل القراءات العاقلة - هو السلام والإستقرار والتنمية والخدمات وإحترام وتعزيز حقوق الإنسان ، وهى غايات ينشدها ويستحقّها إنسان جنوب السودان العادى والبسيط ، بغض النظر عن إنتمائه القبلى والفكرى والأيديولوجى ، وموقفه السياسى ورؤيته للأوضاع هناك . من السودان تنطلق أصوات مُختلفة - وفق مصالحها الطبقيّة - بعضها شامتة ، وبعضها مُشفقة ، وبعضها مُغرضة ومُنحازة لطرف بعينه أو أكثر من أطراف الصراع والنزاع ، وهناك أصوات تُعبّر عن حالة من ( الوصاية ) والتفكير ( الأبوى ) ، وهناك - أيضاً - أصوات صادقة وموضوعيّة ، وتنشد الخير للبلدين والشعبين ، وتربط مُستقبلها ومُستقبل البلدين ، بضرورة نبذ العنف المُسلّح وغير المُسلّح والإقتتال والحرب ، بإعتبارهم ، أكبر وأخطر إنتهاكات حقوق الإنسان . من بلدان الجوار الأُخرى ، تنطلق أصوات ، تنظر بعضها لمصلحتها ( الآنيّة ) " فقط "، وتتمنّى بعضها ضرورة إبقاء الدولة الجديدة ، فى مُربّع وخانة ( السوق ) ، و ( البوّابة الخلفيّة ) وتعمل أصوات ومواقف على الإبقاء على الأزمة الحاليّة فى جنوب السودان ، لأطول وقت ممكن ، للإستثمار فى الأزمة ، وتنشط أصوات فى بناء وفض التحالفات ، و ( الدعم المشروط ) ولسان حال (وساطاء الإيقاد ) يقول " الفينا مكفّينا " ، فأوضاعنا الداخليّة ، لا تحتمل تبعات طوفانات نزوح و لجوء جديد . أمّا الوساطة العالميّة ، فهى مازالت مُتردّدة وليست مُطمئنّة من نتائج حسم الصراع والإجابة على السؤال المحورى الغلبة فى النهاية لمن ؟ . ولن نضيف جديداً إن قلنا إنّ ما يحرّكها المصالح ، والمصالح وحدها .. ولينظر من شاء لموقف الصين التى دخلت دبلوماسيتها إلى نادى الوساطة فى سابقة تستحق بها دخول موسوعة " جينس " العالميّة !. الوضع الإنسانى المزرى ، وصل مرحلة " كارثيّة " خطيرة ، وإستمراره يعنى إنفجار الأوضاع الصحيّة فى البلد والمنطقة بأثرها ، وتزايُد الأمراض الناتجة عن الإحتراب والعنف ، وإتّساع رقعة ( الكارثة الإنسانيّة /البيئيّة ) ، وعلى من يرى غير ذلك ، مُراجعة تقارير مفوّضيّة الأُمم المتحدة لشئون اللاجئين ، وبقيّة المنظمات الإنسانيّة المُتواجدة على الارض وفى الميدان . الحل الأوّل والاخير يكمن فى مصداقيّة الحزب الحاكم فى جنوب السودان ( الحركة الشعبيّة ) ، فى إعمال الآليات الداخليّة وتفعيلها للخروج من نفق الازمة وحالة الإحتراب . وعلى ( البرلمان ) أخذ زمام المُبادرة ، نحو المُصالحة والمُساءلة وتحقيق العدالة والإنصاف ، ويقينى أنّ الصحافة ( مقروءة ومسموعة ومرئيّة ) يُمكن ان تلعب دورها ، فى المساهمة فى بناء السلام ، فى البال إمتلاك قطاعات واسعة من الصحفيين والصحفيات فى دولة جنوب السودان - كما فى السودان - لمعارف فى علوم وفنون ( الصحافة والنزاع ) ، ولديها مواثيق وإلتزامات تجاه موضوع ( تغطية النزاعات ) ، وهذا لا يعنى - بالضرورة - ترك مُلاحقة ( الماجرى ) من أنباء المُفاوضات فى أديس ابابا ونشر أسرارها وتقاطعاتها وإنعكاساتها فى أديس ، كما فى عواصم الجوار الإقليمى وغيرهما ، ولكن ، الواجب المهنى المُقدّم يُحتّم علي الصحافة والصحفيين ترتيب الأولويات والمساهمة فى وضع الاجندة ، وتحمُّل المسئوليّة على أكمل وجه ، رغم المخاطر والصُعوبات ...ولنتذكّر مهام صحافة النزاع فى ( صب الماء على النار ، بدلاً عن الزيت ) ، وعلى الدولة وكل الأطراف المُتنازعة إحترام مبدأ حريّة الصحافة.وترك الصحافة تقوم بمسئولياتها الكاملة، دون ترهيب أو ترغيب !. أنتهز هذه الفرصة لتحية وتأييد ودعم جهود المُبادرة التى أطلقتها مجموعة شبابيّة تحت إسم ( شباب من أجل بلادى )..ولتنطلق معها مُبادرات شبابيّة و نسائيّة وفنيّة، فالشباب والنساء والفنون، مع الصحافة طاقات يُمكن أن نقهر بها المستحيل !.ومن هنا نبدأ !. فما العمل ؟
|
|
|
|
|
|