|
القول الأخير فى وساطة البشير بين مشار وكير !./فيصل الباقر
|
بداية، هذا المقال يجب أن يُقرأ معطوفاً على مقالين سابقين موجودين على الشبكة العنكبوتية ، هُما ( جنوب السودان : قهر المستحيل .. ما العمل ؟ ) و ( جنوب السودان : مخاوف فرض الحل الدولى – ) إذ مازالت الأزمة مُستعرة ، والصراع المُسلّح هناك يراوح مكانه ، وبلغة الجيش ( مكانك سر ) ، وهذا ما يجعل مسألة البحث عن حلٍّ ناجع وعاجل مسئوليّة الجميع ، أكثر من أىّ وقتٍ مضى ، وهانحن ندلو بدلونا ، علّه يأتى بماء يصب الزيت على النار المشتعلة فى دولة جنوب السودان ، وهى نارٌ قابلة للتمدُّد على كُل المنطقة ، ومرشحة لأن تقضى على الأخضر واليابس ، ما لم تجد الإطفاء العاجل ، قبل فوات الأوان. يطرح أهل السياسة السؤال المشروع والموضوعى و الصعب : هل الخرطوم - تحت قيادة البشير - مؤهّلة للقيام بوساطة حقيقيّة تُؤتى أُكلها ، بين طرفى النزاع ، فى دولة جنوب السودان ؟ الإجابة على هذا السؤال ، لا يُمكن القفز إليها بسهولة وكسلٍ ذهنى بأحرف ( لا ) أو ( نعم ) ، وبدون إعمال الفكر بقراءة هادئة وموضوعيّة ، للمُسلّمات التى تنبنى عليها شروط الوساطة ، وكفاءة الوسيط وإستعداد طرفى النزاع لقبول الوسيط . بدايةً ، نستطيع أن نجزم أن الخرطوم ، بالمقارنة مع بقيّة دول الإيقاد ، وبلا أدنى شك ، هى الأكثر معرفةّ و فهماً بطبيعة النزاع القائم فى دولة جنوب السودان ، وهى الأكثر إدراكاً وخبرةً بتفاصيله وتعقيداته وأسراره السياسيّة والعسكريّة والإثنيّة ، والأكثر إستيعاباً للتفاصيل الدقيقة التى ربّما – أو حتماً – لا تستوعبها بلدان مجموعة الإيقاد منفردة أومجتمعة ، وهذا – بلا شك - من الإيجابيات الكبيرة و المُبشّرة فى علوم وفنون التفاوض..ولكن هل (تمتلك ) الخرطوم الإرادة السياسيّة والرغبة الحقيقيّة للتوسُّط وإنجاح الوساطة بين طرفى النزاع هُناك ؟ وهل تحظى الخرطوم بثقة طرفى النزاع ؟ إمتلاك الخرطوم لهذه المؤهّلات ، محل خلاف كبير بين المراقبين الحصفاء ، وهو ما يجعل وساطة الخرطوم ، ليست مضمونة و لا " مأمونة " لتحقيق الغاية المرجُوّة من الوساطة، وهو نزع فتيل الصراع المُسلّح فى دولة جنوب السودان ، بوقف الإقتتال والعدائيّات ، وفتح الطريق لسلام مُستدام ،وإستقرار حقيقى، وتداول سلمى للسلطة ، وإحترام وتعزيز لحقوق الإنسان فى دولة جنوب السودان ، وهو مالا تستطيع الخرطوم فعليّاً ، ( قيادة ) أو ( تيسير ) وساطة جادّة وناجحة ، مؤدّية لهذه الغايات ، إذ أنّ الواضح – تماماً - أنّ " باب النجّار مخلّع "، و" فاقد الشىء لا يُعطيه " كما فى الأقوال والأمثال المعروفة . هُناك سؤال ظلّ ينتظر الإجابة ، ألا وهو : هل من المنطق والمعقول أن تتنازل دول مجموعة الإيقاد عن دورها طوعاً وإختياراً ، وتسمح للخرطوم أن تختطف أو تنتزع منها ملف الأزمة فى دولة جنوب السودان ، لتنفرد به الخرطوم ، بعيداً عن أُبوّة ورعاية ومُباركة الإيقاد؟ هذا سابع المستحيلات.، فالإيقاد برؤسائها و(حكمائها )، أحوج ما تكون لتحقيق نصر بهذا الملف ، يجعلها طرف أصيل فى الحلول أو السيناريوهات ( الدوليّة ) المؤدّية لها ، حتّى لا تخرج من ( المولد بدون حُمُّص ) كما يقولون !. ويبقى أخيراً طرح السؤال الكبير : هل تمتلك الخرطوم مؤهلات الوسيط " المحايد " فى النزاع الدائر فى دولة جنوب السودان ؟ وهل هناك فى السياسة من يُمكن أن نطلق عليه عبارة ( وسيط محايد ) ؟ وماهى سمات هذا الوسيط المُحايد ، إن وُجد ؟ وهنا مربط الفرس !. وهل من الممكن أو الجائز أن تكون الخرطوم هى هذا الوسيط المُحايد ؟ الخلاصة بإختصار أن الخرطوم تحت قيادة البشير هى - للأسف – جزء أصيل من الأزمة ، إن لم نقل إنّها طرف خفى ومُستتر فى الأزمة، وله مصلحة - مخفيّة - فى بقائها وإستمرارها ، رغم الحديث ( الدبلوماسى ) ( المعسول ) عن النقيض ، وعليه يصبح من الصعب أن تكون أو تُشكّل الخرطوم – تحت قيادة البشير أو الإنقاذ ، جزءاً من الحل أو فض النزاع ؟. ومع فشل الخرطوم والإيقاد فى تحقيق وساطة ناجحة ، يبقى الإحتمال الأكثر ، هو فرض الحل الدولى !. وهو – للأسف - أصعب الحلول ، وأكثرها إيلاماً وقسوةً على شعب دولة جنوب السودان!. وقد سبق أن قلنا من قبل ، وحذّرنا ، أنّ على طرفى النزاع وبخاصّة الحركة الشعبيّة ، عدم إضاعة الوقت والجهد لحل النزاع داخليّاً قبل التدويل ، وللأسف لم تستمع لنا ولا لغيرنا قيادات طرفى النزاع والحركة الشعبية الحاكمة فى دولة جنوب السودان ، وهاهو الملف يمضى بعجل نحو فرض الحلول الدوليّة .
|
|
|
|
|
|