أنت سيدي الراحل كنت تسكن شهوة الابداع لكي تأخذ حياتنا ما هو غير طبيعتها في الوجود وهذا ما يفسر الانشغال المضجر لك خلال طوال توجدك بقاهرة المعز لتبدع نوعا مميز من أشكال التعبير الجديد بالريشة واللون و الذي لم يتكرس خلال سنوات طويلة وكل ماإزاء التجربة التشكلية السودانية التي أظنها ولدت من خلال ما قدمت من لوحات ومنذ محاولاتك الاولي لكي تجعل اللون يعبر عنك وعن معاناة أمة بحالها إلى آخرمشوارك كنت تقولي ليست الكتابة هي الأهم ! ولكن اللون سلاح خطير كنت دوما تتحدث عن ناجي العلي وكيف كانت ريشته سببا في أغاظة القتلة وعشقك للوحات بيكاسو وخاصة العارية وأوراق خضراء ونصف تمثال لقد علمتني يا صديقي كيف تقرأ اللوحة وكيف نستمتع بالفن التشكيلي والخزف والالوان أذكر مشروعك العظيم وكان مادة للتفكير في عمل فني يقارب هذه الرحلة غير الممكنة إلى الذاكرة والوطن المأزوم كانت مظالم الدنيا أقوي منا تمزقنا هنا وأنت هناك في الغربة تذكر مرة بعض المال جعلك صاحب بيت مؤقت وبعدها قلت أنا فضاء الارض أرحم وملهم ومنذ ذاك التاريخ لم تتخذ بيتا لك وجعلت من حياتك سهر مستمر وعيون مشغولة في البحث عن الجمال ومعدة خاوية ألا من قليل يساعد علي الحركة تعود الاصدقاء وأبناء الوطن بعد الفجر لكي تحكي قصة الليلة الماضية وبعدها يعلن كل واحد منا عن مكابدات الامل في داخله أنها كانت اللوحة الاولي وأسميتها (مكابدات الامل ) لك في قاهرة المعز سألتك أن تذهب معي هذه اللوحة للوطن هدية منك لي قلت بكل عفوية أنها قطعة مني أتركها معي !!! قد تعطيني أحساسا بالخلود !ونزل علينا صمت طويل لا أعلم متي أنتهي وكيف كانت نهايته ذهبنا بعدها الي دار الاوبرا لكي نري بروفة بالية بحيرة البجع من هناك جلسنا علي شاطيء النيل نحكي له بعض أسرارنا مر الليل كبرهة كنت دوما تسألني أن أقرا لك أنشودة المطر للسياب وكنت تكرر هذه الابيات وتبكي بحرقة ( وتغرقان في ضباب من أسى شفيف كالبحر سرح اليدين فوقه المساء دفء الشتاء فيه و ارتعاشة الخريف و الموت و الميلاد و الظلام و الضياء فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء .كنشوة الطفل إذا خاف من القمر
وتقول ولا أري القمر أريد أن أدفن في قبر علي أرض بلادي في منطقة منها هل توفي لي بهذا الوعد أتتمم بالموافقة وأنا لا أملك غير الوعد سمعت أذأن الفجر تركتك ملقي علي ضفاف النيل عشقك العظيم وأنطلقت أجمع حقائبي للسفر لسودان الاعماق الوطن بلا وداع وأنقطعت أخبارك عني سنوات أسال بعض القادمين من القاهرة لا أحد يقول أنه يعلم عنك شيء وأذا بي اليوم أطالع في صفحة صديق خبر رحيلك عن كان أشدة أيلام من قلق الانتظار لاخبارك والشعور بالذنب لا جلك لانك تعرضت لكل مظالم أبناء الوطن الاوفياء أنا لا أقول رحلت ولكن روحك السمحة حرقت الحراك والحضور الانساني المتواضع الذي لايخدمها علي الارض ولا نها أحست بتلاشي الجمال عنا وذهبت تنشد الخلود والجمال في جنان الرضوان البعيدة عن دنس الانسان وضعفه أفعاله القذرة أيها الصديق الفنان لك الرحمة وأنزالك ربي منزل الصدقين فلقد كانت لك نفس طاهرة ومؤمنة بالله والحق والجمال وكمال الخلق لك الرحمة ويرحيل عنا في كل صباح الاخيار ولا نملك غير الدعاء والنحيب وهل تعذرني لاني لم أوفي بوعدي لك بأيكون مدفنك وقبرك في الوطن لك الرحمة ولي الحسرة وغضب الراحلين المبدعيين من عهود السلطنة الزرقاء ليومنا هذا ربي أرحم بهنسي أنه عبد مؤمن وشكور وصبور وذو خلق ولقد كنا نحبه كثيرا ولقد أخترته لجوارك وأنت أرحم الراحمين وداعا بهنسي وداعا صديقي وأني لدي مواثيقكم خائن للعهود وجدا أثيم !!!!
عزاء واجب الزميل بهنس ، من ابناء هذه الدار،،اخو حرف وعشق وطن... ابكاني انه رحل غريبا،مشردا،جائعا مثقل بالاسي والاحزان.. بكيته وبكيت البلاد التي تشرد بنيها... يرحل عاشقيها،،ضائعين ،منسيين في المدن النازفة.. ثم هل نحن نحن،،لا والله.. الا والله لما كانت هذه نهاية مبدع نابه،، ينام في ارصفة الشوارع.. يستجدي الخبز والدف والامان.. ولم يكن صعبا،،ان ناويه.. ان نطعمه... ان نقف معه طبابة حتي تنقشع غمته،،ويصل بر الامان... يا ،،،ماذا حدث لقيمنا وميراثنا المجيد.. ماذا يااصدقاء... اين اصدقائه،،،لماذا لم يكتبو هنا قبلا عن واقعه المحزن الاسيف.. ينام علي الارصفة وياكل وجبة من الفتات وسط عاصمة ضاقت باهليها... لك الرحمة،فها انت ذا في كنف رب رحيم...
12-19-2013, 03:32 PM
زهير عثمان حمد
زهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة