|
طقوس الحزن الجماعي..إحتفاء بالموت أم خداع للحزن؟
|
اللهم أغفر لموتانا وموتى من جهلك من العالمين اللهم أرهم جميل رحمتك كما أريتهم عظيم قدرتك اللهم إرحمنا إن سرنا إليك راغبين أو خائفين متوجسين
الموت... الحقيقة المطلقة ..قد يختلف البعض في كثير مما يعتبر مسلما به عند الآخر, فمثلا قد يتجادل أثنان في وجود الله , وينتهي النقاش ويمضي الطرفان ويسبغ الحضور صفة مؤمن على أحدهما وصفة ملحد على الآخر, وربما (وهذا يعتمد على أشياء كثيرة) ربما مضى بأكثر من ذلك اللقب, فربما يدعى بصاحب الفكر الحر أو صاحب العقل الباحث عن الحقيقة, لكن ما يهمني أنه يمضي في طريقه, وتستمر حياته وقد لايكون لإلحاده أي أثر في واقعه, فقد يعيش مرتاح الضمير هانيء البال وينعم بوفاة هادئة في حضرة من أحب,وبعد وفاته سيصل وحيدا إلى شاطيء الحقيقة, ولن نستفيد بشيء من وصوله, فإلحاده في الدنيا يخصه ووصوله للحقيقة يخصه, ولكن هب أن إثنين تجادلا في أمر الموت, فكيف سينتهي هذا الجدال برأيك؟؟ الطرف الكافر بالموت سيدعى بالمجنون وفي ذلك تشكيك بقدراته العقلية, مما سينسحب على حياته ككل, فلو كان رب أسرة فربما إنفض سامرها عنه وربما طلبت زوجته الطلاق وبما أنه مجنون فسيتولى عنه ذلك القاضي, ولو كان صاحب مال فربما حجر عليه(بضم الحاء) وتحكم في ماله الأخرون, ناهيك عن المعاملة والنظرات (المشفقة تارة والخائفة تارة أخرى) التي سيتلقاها بالتأكيد, والأنكى والأمر أنه سيتلقى برهان الموت بالضربة القاضية, وفي ذلك هزيمة لرأيه ودليل للآخرين, فحياته تأثرت برأيه وموته أثبت خطئه.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: طقوس الحزن الجماعي..إحتفاء بالموت أم خداع للحزن؟ (Re: Musab Osman Alhassan)
|
إذن لماذا تعتصرنا آلة الحزن عند حدوثه لمن نحب؟؟ هل فوجئنا به؟؟ هل لو علمنا بموعده كنا سنقابله بمشاعر مختلفة؟؟ لا بكل تأكيد , والقطعية هنا للشعور نفسه ليس لحجمه وتأثيره, فاللذين قرروا وقف اللآلات المعينة على الحياة عن مريضهم , واللذين حكم على من يهمهم أمره بالإعدام , يعلمون تماما وقت حدوث الموت, لكنهم يحزنون مثل أي شخص فاجئه موت عزيزه( مرة أخرى أتحدث عن الشعور نفسه وليس حجمه), الموت يعني أنك لن ترى من تحب مرة أخرى, لن ترى ضحكته,لن يمارس تأثيره في حياتك كالسابق,إذن نحن نبكي فقدنا لهذه الأشياء التي مجموعها يمثل الفقيد, والحزن كشعور يعرفه جميع البشر على إختلافهم في الجنس والعرق والدين والبيئة والتربية, وهو شعور معدي(Contagious) أي أن إنتقاله ممكن من شخص لآخر, لكن طريقة تجليه تختلف من شخص لآخر, فالكثير منا ينغمس فيه في أول الأمر, ويتعاطاه كمخدر طال إشتياقه إليه, ويستغل لحظة حزنه هذه ليبكي بكل عنفوان, يبكي كل شيء وليس فقد عزيزه فقط, يبكي أحلامه الضائعة أو ظروفه القاسية, يبكي ظلم الناس, والبعض يكتمه ويتجلد, زاعما رباطة الجأش, والحزن ينخر دواخله كمرض خبيث منتظرا اللحظة التي يتجلى فيها في ردود أفعاله, لكن هنالك من يتعاملون بطريقة يصعب تفهمها للوهلة الأولى, ففي ولاية نيوأورليانز بالولايات المتحدة الأمريكية, وبالذات لدى الزنوج من هذه الولاية طريقة غريبة في الحزن, لضعف قدراتي التقنية سأكتفي بشرحها..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: طقوس الحزن الجماعي..إحتفاء بالموت أم خداع للحزن؟ (Re: Musab Osman Alhassan)
|
تبدأ الجنازة بمسيرة تتقدمها فرقة موسيقية تعزف ألحان جنائزية حزينة, تمشي المسيرة كلها بخطوات متناسقة راقصة كئيبة, حتى تصل الجنازة إلى المقبرة , يتوقف العزف قليلا حتى يكمل القسيس عظته, ثم عند الدفن تبدأ الفرقة بعزف لحن حزين آخر, يستمر هذا اللحن خلال عملية الدفن, ثم تبدأ المسيرة بالخروج من المقبرة على أنغامه إيضا, وما أن تغيب المقبرة عن النظر حتى يتيغير العزف والخطوات تماما, فتصبح الموسيقى أبهج ما يكون, وتتجاور الدموع والبسمات على نفس الخدود, ويتبدل المزاج العام للمسيرة ولا يعود الجو الكئيب حتى عند وصول الجنازة إلى بيت المتوفي\ة , بل يبدأ تقديم الشراب والطعام(كأي جنازة إعتيادية هناك) لكن في جو راقص .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: طقوس الحزن الجماعي..إحتفاء بالموت أم خداع للحزن؟ (Re: Musab Osman Alhassan)
|
ربما كان هنالك من الشعوب الأخرى من يشابه هؤلاء في حزنهم، لكن لم يفعلون ذلك؟ هل هو إحتفاء بالميت وبإنجازاته (تأبين) ؟ أم أنه إحتفاء بالحياة وضرورة إستمراريتها؟ هو بالتأكيد توجيه لهذه المشاعر الفياضة نحو نشاطات أكثر إيجابية وتسريع لوتيرة الزمن القادرة على مسح الحزن مهما كان حجمه، هو كذلك خداع لهذا الشعور الذي يمسك الروح من تلابيبها ويرمي بالعقل في مسار الجنون، فإن كان تعاطي الحزن وإجترار الذكريات وإعادة تدوير الدموع والزفرات أسلوبا ناجحا لتجاوز محنتهم لما تركوه وأتبعوا هذه الطريقة الغريبة، لا أقول أنها صحيحة ، لكن من منا يملك حق التقييم؟
| |
|
|
|
|
|
|