|
تأمُلات ما بين صلاح وفاطمة.. كمال الهِدي
|
mailto:[email protected]@hotmail.com
جئتها سعيداً مهللاً هذه المرة.. فقد اعتادت صديقتي على مضايقتي كلما وجدتني في موقف لا أحسد عليه بسبب ما يفعله بنا المسئولون في بلدنا.. وقلت لها بكل فخر وزهو: لابد أنك قد سمعت بالموقف الحازم والمشرف لبرلمان السودان.
" ياخي قول بسم الله وكده في الأول إلقاء تحية وبعدها نشوف ما فعله برلمانكم" هكذا كان ردها على فرحتي الغامرة وكأن هذه الصديقة المزعجة لا تسعد إلا عندما تجدني في ورطة.
قلت سريعاً: سلام .. كيف أخبارك وعساك بخير.
قالت: ضاحكة: الحمد الله بخير وعافية.. والآن قل لي ما هو الموقف الحازم لبرلمانكم المبجل؟!
أجبتها بذات الزهو والاعتزاز: قرأت تصريحاً لرئيس لجنة الثقافة والشباب والرياضة بالبرلمان تؤكد فيه أن ممثلي الشعب بصدد استدعاء وزير الشباب والرياضة لتوضيح ملابسات خوض لاعب سوداني لمباراة في الشطرنج ضد منافس إسرائيلي.
لم أشعر بوقع مفاجأة عليها حيث قالت بهدوء، بل برود تام: توقعت أنهم قرروا سحب الثقة من الحكومة.. أو أنهم احتجوا على الغلاء الفاحش في أسعار السلع عندكم.. أو أنهم طالبوا وزير صحتكم ( المتعجرف) بالاستقالة على تردي الخدمات الصحية، بل انعدامها، فإذا بك تحدثني عن مباراة للشطرنج ومواجهة لاعب إسرائيلي! متى تفيقون من هذا...
قاطعتها بغضب: أفهم من ذلك أن مواجهة لاعب سوداني لآخر إسرائيلي يعد حدثاً عادياً في نظرك!
وأضفت: يبدو أنك تأثرت كثيراً بالإعلام الغربي يا عزيزتي ولم يعد يهمك شيء مما يسيء لنا كمسلمين و( عرب) وكمناهضين للظلم والغطرسة الإسرائيلية!
هزت رأسها بحسرة وهي تقول: دعك من هذه الشعارات الزائفة يا صديقي، فما تفعله الكثير من برلمانات وحكومات البلدان الإسلامية و ( العربية ) ( برلمانكم وحكومتكم نموذجاً) أسوأ بكثير وأشد وحشية مما تقوم به اسرائيل.
وأضافت: هذه منافسة رياضية يا عزيزي ولو كان لبرلمانكم مواقف صارمة وحازمة فلتكن في أمور أخرى أكثر أهمية.
قلت: نحن لا نعترف بالكيان الصهيوني يا عزيزتي ولا يمكن أن يقبل ممثلو شعبنا بمصافحة لاعب سوداني لمنافس إسرائيلي فأرجو أن تفهمي وتكفي عن تخاذلك هذا.
قالت بعد أن علت وجهها ابتسامة ساخرة: تخاذل!! أي تخاذل بالله عليك أكثر من أن يبصم ممثلو شعبكم هؤلاء بالعشرة على زيادة الأسعار ومضاعفة أعباء مواطنيكم البسطاء!
رجوتها أن تكف عن خلط الأوراق وقلت: أحدثك عن حادثة وقعت بالأمس القريب وموقف يستحق الدعم والمؤازرة من كافة المسلمين والعرب، فتكلميني عن أسعار وزيادات وأحداث وإجراءات وقعت قبل زمن طويل!
قالت: لكنها تؤثر على حياة الناس يا عزيزي.. أما هذا اللاعب فلو أنه شارك أو رفض فذلك لن يؤثر بصورة مباشرة على حياة أي كائن في هذه البسيطة.. فإسرائيل موجودة وتحظى بالدعم المباشر وغير المباشر من دول كثيرة تبدو في السطح وكأنها تناهض سياساتها.. وإن رضيتم أم أبيتم هي مستمرة في تطورها وتفوقها على جيرانها.. فلماذا لا تكون الأولوية عندكم لحياة مواطنيكم بدلاً من هذه الشعارات الماسخة.
وأضافت: ومن قال لكم أن المشاركات الرياضية لابد أن تكون سياسية! ألا يردد الرياضيون دائماً أنهم دعاة محبة وسلام! فلماذا لا ينظر برلمانكم للأمر من هذه الزاوية!
قلت: أراك اليوم أكثر تخاذلاً.. فأي سلام ومحبة يمكن أن تكون مع المعتدين الذين سلبوا حقوق الغير..
لم تدعني أكمل وقالت: وماذا عن المعتدين واللصوص والمنافقين والكذابين من ذات الجنس والدين!
لم أحتمل هذيانها فاستأذنتها بحجة الانشغال بأمر عاجل وودعتها وانصرفت وفي قلبي شيء من النشوة والسعادة بموقف برلماننا ورجاله ونسائه ( الأوفياء) الممسكين على جمر ( القضية) وظللت أردد في نفسي: يحيا يعيش برلمان السودان!
ما بين صلاح إدريس وفاطمة الصادق
ما بين صلاح إدريس وفاطمة الصادق شأن يبدو خاصاً ولا يجدر بهما أن يفرضا على الناس متابعة خلافاتهما التي لا نعرف لها سبباً وجيهاً.
هكذا دائماً صحافتنا تشغل الناس بالغث والشأن الخاص واستعراض العضلات، بينما الوطن وكافة مجالاته في أشد الحاجة لصحافة راشدة تناصح وتقوم وتقدم نقداً بناءً.
الصحيفة الورقية يُنفق عليها المال ويكد ويكدح الكثير من الجنود المجهولين فيها - الذين بلا جهودهم - لا يجد أصحاب الرأي الفرصة لتحبير أعمدتهم بمثل هذه السجالات غير المفيدة والشتائم ونشر الغسيل.
وهذه الصحيفة يشتريها القارئ المسكين بحر ماله لذلك يفترض أن يمنع رؤساء التحرير والقائمين على أمر هذه الصحف نشر ما لا يهم القارئ أو يفيده.
لم أطلع على ما كتبه صلاح لكنني وبطلب من صديق عزيز قرأت ما خطته فاطمة بالأمس.
ماذا سيكسب القارئ عندما يطالع شتائم صلاح إدريس لفاطمة أو انتقاص الأخيرة له ومحاولات نيلهما من بعضمها البعض!
ما الذي يهمنا كمتابعين في كل ما كتبته فاطمة بالأمس عن صلاح! وما ذنب عائلة صلاح ومعارفه، إن هو إساء لها!
وما ذنب أهل فاطمة وعائلتها ليسيء لهم هو!
عموماً ما يجري بينهما شأن يخصهما ولا يفترض أن نفرض الخاص على الناس عبر المساحات المفرودة للشئون العامة.
إن اختلفا بعد أن كانا على اتفاق فليبحثا عن منابر أخرى لتصفية حساباتهما بعيداً عن القراء، ولو أنني ألوم هؤلاء القراء لأنهم يحتفون بمثل هذه الخلافات ويلهثون وراء ( الشمارات).
كلما بدأ سجال مليء بالشتائم والقذف والتشهير بين كاتبين تنفد نسخ الصحيفتين منذ ساعات الصباح الأولى، وهذا ما يشجع بعض الكتاب على افتعال الخلافات بين الفينة والأخرى بهدف ( تسخين) سوق الصحف كلما عانت كساداً.
واللوم.. كل اللوم هنا على القارئ الذي يقبل بمثل هذا.
لن نناشد الجهات المسئولة أو نطالبها بإيقاف مثل هذه الشتائم، لأننا فعلنا ذلك مراراً دون أن تجد مثل هذه المناشدات آذاناً صاغية، ولأن بعض الجهات المسئولة تشجع مثل هذه التوجهات للأسف الشديد.
مثل هذه الشتائم والتفاصيل الشخصية تشغل الناس وتلهيهم وهذا هو المطلوب.
وكيف نعيب الجهات المسئولة بالله عليكم إذا كان المواطن السوداني نفسه يبحث عن ما يلهيه عن ضروريات حياته ويحتفي بذلك؟!
الذنب ذنبكم أنتم أيها القراء الأعزاء.
ورغم كل شيء أرجو ألا تستمر فاطمة الصادقة في سلسلة مقالاتها التي بدأتها بالأمس وكتبت بأعلى حلقتها الأولى ( 1 من 20) وهذا بالطبع نوع من المبالغة بقصد ممارسة الضغط على الطرف الآخر.
طالما أن فاطمة تحظى بمنصب رسمي كلفها به رئيس نادي الهلال نتوقع منها أن تلتزم الهدوء وتسخر وقتها لهذا المنصب بدلاً من إضاعة الوقت في مثل هذه الصراعات الشخصية.
حدثتنا فاطمة في مقال الأمس كثيراً عن أصلها وفصلها ومكانة عائلتها، لكن فات عليها أمر بالغ الأهمية هو أنها لو التزمت الصمت تجاه إساءة شخصية وصلتها من أي كائن لكان أفصح من أن تحدثنا عن دراسة وتعليم والمكانة الاجتماعية لأي من أفراد عائلتها.
يعني الأصل يبين تماماً من تصرفات صاحبه ودون الحاجة للمرافعات الطويلة.
أما إذا كان الخلاف حول شأن عام فمن حق فاطمة أو غيرها أن تسخر قلمها وتقسو كما تحب على الطرف الآخر.
الصحفي المصادم هو الذي يقاتل من أجل القضايا العامة، لا ذاك الذي يسب ويشتم كل من تعرض له بصورة شخصية ويحاول أن يريه أن لديه ما يكفي من مخزون لغوي في الشتائم والسباب.
فهذا لا يفيد أي طرف، بل يضر بجميع الأطراف المعنية ويضاعف من الذنوب.
ما سبق ليس وقوفاً مع الطرف الآخر بالطبع.
فصلاح بدوره قد عودنا على الخلاف الدائم ولو مع طوب الأرض، وهو الآن لا يحفل بمنصب رسمي وما يكتبه يضر بشخصه فقط وربما بتاريخ الهلال باعتبار أنه كان رئيساً للنادي.
لكن نذكر الكاردينال رئيس الهلال الحالي بأن ما تكتبه فاطمة يمكن أن يضر بصورة النادي، لذا وجب التنبيه.
|
|
|
|
|
|