|
تأمُلات كلنا في الهم شرق أيتها الشامية.. كمال الهِدي
|
mailto:[email protected]@hotmail.com
· وصلتني رسالة من معلمة سودانية في مقتبل العمر ( العشرينات) لكنها رغماً عن صغر سنها تحمل هموم الوطن ويشتعل قلبها غيرة عليه. · جأرت المعلمة الشابة بالشكوى في رسالتها من بنات بلدها اللاتي يضحكن ويتعاملن بلا مبالاة مفرطة مع من تسيء للسودان وأهله. · والمفارقة أن من تسيء للسودان وأهله شابة سورية جاءت لبلدنا هرباً من الجحيم الذي اشتعل في بلدها منذ سنوات ( نسأل المولى عز وجل أن يلطف بأهل سوريا). · الشابة السورية التي فرت من نيران بلدها لتحظى بحفاوة أهلنا في السودان - كعادتهم مع كل ضيف- التحقت بنفس المدرسة التي تعمل بها المعلمة السودانية التي ذكرت. · لكن ومنذ أيامها الأولى في المدرسة بدت الضيفة السورية متعجرفة.. متأففة.. ساخطة.. منعزلة عن مجتمع المدرسة وغير راغبة في الحديث مع زميلاتها حسب وصف المعلمة السودانية. · إلا أن المعلمات السودانيات المجبولات على الطيبة وحسن المعشر لم يتركنها وأبدين تعاطفاً شديداً معها الأمر الذي أجبرهما فيما يبدو على التعامل معهن. · لكنها للأسف الشديد لم تقابل احسانهن باحسان مماثل إنما بدأت في إظهار سخطها بالكلام كأن تقول لهن أنها أحست عند قدومها للسودان بالتخلف وأن بنات بلدها الأخريات اللائي يقمن في بلدان أخرى يتقدمن للأمام فيما تعيش هي في تخلف. · وظلت المعلمة السورية ناكرة الجميل تدعو الله أن يخرجها من بلدنا في أسرع وقت. · والأنكى والأمر أنه كلما تحدث أحد أولادها بلهجة سودانية عبرت عن ضيقها الشديد منهم حيث تستهزئ بلهجتنا عبر محاكاتها لأولادها الصغار وهم يتكلمون باللهجة السودانية ودائماً ما تزجرهم حتى يكفوا عن الحديث بهذه اللهجة غير المحببة لها. · وماضاعف من ألم المعلمة السودانية أن غالبية المعلمات السودانيات المدرسة ظللن يتعاملن مع استهتار واستهزاء زميلتهن السورية بشيء من عدم الوطنية حسب وصف المعلمة صاحبة الرسالة. · فتارة كن يضحكن. · وفي أخرى يعقبن على استهزائها باستهزاء آخر أو يكتفين بالصمت في أفضل الأحوال. · ولم تظهر أي واحدة باستثناء من راسلتني غضبها واستيائها مما سمعنه ورأينه من زميلتهن السورية. · لن ندفن رؤوسنا في الرمال ونقول أن بلدنا عال العال، وأن كل شيء فيه على ما يرام. · ولا ننكر أننا أُبتلينا بأكبر المصائب خلال العقود الأخيرة. · ونقر بأن تراجعاً ملحوظاً قد حدث في شتى مناحي حياتنا كسودانيين. · إلا أن كل ما تقدم لا يمنح هذه المعلمة السورية مبرراً لكي تسيء لبلدنا وأهله الذين لا يتأخرون مطلقاً عن اكرام الضيف رغم ضنك العيش. · ولا يفترض أن يدفع ما تقدم زميلاتها السودانيات للقبول بمثل هذه الاهانات والسكوت عنها. · لابد من تذكير هذه المعلمة السورية المتعجرفة أنها لم تأتينا من إحدى بلدان العالم الأول. · فهي قادمة من سوريا- التي قبل أن تشتعل فيها النيران الحالية- كانت تعاني من الكثير جداً من مشاكل ونواقص بلدان العالم الثالث. · كلنا في الهم شرق أيتها الشامية، بل نحن الآن أفضل حالاً منكم رغم ما نعانيه، فلماذا لا تحترمين أهل بلد يحتضنونك رغم همومهم التي تهد الجبال. · السودان رغم كل مشاكله فيه الكثير مما يستوجب أن تحمدي المولى علا شأنه عليه. · لن تجدين في هذا البلد من يسيء لك لمجرد أنك تقيمين فيه مجبرة. · ولن تجدين فيه من يحاول استغلالك كزائرة. · وربما تعيشين فيه لسنوات دون أن تكون عين أهله على ما تملكين من مال إن وجد. · ولا أظنك ستجدين من يحاول اجبارك على عمل لا تحبينه كما حدث في بلدان شتى لبنات بلدك اللائي أرغمن مثلك على مغادرة وطنهن. · ألم تسمعين بالقاصرات السوريات اللاتي تعرضن للإغراء وأُرغمن على الزواج من رجال في أعمار آبائهن! · هل حدث معك شيء من هذا القبيل بين أهلنا في السودان؟! · فلماذا الإساءات والتجريح والعجرفة غير المبررة إذاً؟! · ولأخواتي السودانيات المعلمات بالمدرسة المعنية أقول أنه يتوجب علينا أن نميز جيداً بين الوطن وبين سوء الحكام. · وعلينا أن نفهم جيداً أن نقدنا الذاتي الذي نمارسه ليس سوى محاولات لإصلاح أحوالنا، وهو لا يعني بأي حال الاستهتار بهذا الوطن. · ننتقد ونعترف ونقر بأخطائنا وما لدينا من فساد وسوء إدارة وتدهور في الكثير من أوجه الحياة، لكننا لا يفترض أن نسمح للآخرين بالإساءة لنا أو التقليل من شأننا. · إن كانت لدينا مشاكل، فغيرنا يعانون من ( بلاوي ). · ويجب تذكير أصحاب بيوت الزجاج دائماً بالكف عن رمي الناس بالحجارة.
|
|
|
|
|
|