|
تأمُلات راجين تصلوا وين؟! بقلم كمال الهِدي
|
mailto:[email protected]@hotmail.com
سألتني صديقتي بحسرة ظاهرة: ناوين تصلوا وين؟!
رديت عليها بسؤال: لم أفهم قصدك!
قالت: عندما يتمايل شيخ طرباً وسط مجموعة من النساء والرجال والشباب والشابات من طلاب الجامعات وبعد ذلك يدعو لهم ذات الشيخ بأن يكفيهم الله سبحانه وتعالى شر الفضيحتين الفلس والدين.. فلابد أن أسألك يا عزيزي لكي أفهم ما جري ويجري لكم كشعب.
قلت: لم يجر لنا إلا كل الخير يا صديقتي .. وما الغريب في أن يحتفل شيخ مع حيرانه بعيد ميلاده!
هزت رأسها وبدا عليها غضب شديد من اجابتي لتقول: يبدو أن قلوبكم ماتت يا عزيزي، فالذي أعرفه عنكم كشعب سوداني غير هذا تماماً.
وأضافت: صرتم لا تتعجبون ولا تندهشون من شيء.. ولا تتساءلون حتى.. فما الذي أصابكم يا تُرى؟!
أجبتها سريعاً ودون تردد: قلت لك لم يصيبنا شيء وكل ما في الأمر أن شيخونا صاروا أكثر انفتاحاً ومواكبة للتحولات لا أكثر.
قالت: كل ما أفكر في دعوات ذاك الشيخ واعتباره للفلس فضيحة أحس بغصة في حلقي والله وأتأكد تماماً من أن مصابكم جد كبير، لكن المحزن أنكم تبدون كمن يهيم في وادِ آخر.
قلت: هوني عليك يا عزيزتي ولا تفرطي في التشاؤم، فنحن ما زلنا أهل القيم والمبادئ والشهامة والمروءة..
قاطعتني بعد أن ارتسمت على محياها ابتسامة ساخرة: يبدو أنكم لا تفلحون سوى في معسول الكلام.. أقول لك أن مجتمعكم تحول بصورة مخيفة وأستدل على ذلك ببعض ملاحظات تستحق التأمل وبدلاً من تفنيد ما أقول تتحفني بمعسول كلام عن خصالكم الجميلة!
قلت: أي ملاحظة تستحق المناقشة فيما ذكرت يا عزيزتي؟
قالت: كيف يعتبر الفلس فضيحة يا صديقي! ألا ترى في مثل هذا الفهم كارثة تحل بمجتمعكم، سيما أن تلك الشريحة من شباب يفترض أنه واع ومتعلم باركوا دعوات الرجل ولم يبدوا أي أستغراب!
وأضافت: لو توقف الأمر عند هذه الملاحظة لهونت على نفسي كما طلبت مني.. لكن الشاهد أن ملاحظاتي حول ما يجري عندكم لا حصر لها.
رجوتها أن تكشف عن المزيد من ملاحظتها، عسى ولعل أن يكون فيها ما هو جدير بالنقاش حقيقة.
قالت: عندما نقرأ أخباراً عن هجمة شرسة لعدد كبير من الأجانب على أحد بيوت المواطنين بأحد أحياء الخرطوم بحثاً عن الطعام، ويتضح أن الأجانب يتم تهريبهم بالعشرات كل يوم إلى داخل عاصمتكم ،وفي ذات الوقت نطالع تصريحاً لخبير حول القدرات الكبيرة لأجهزتهم في التصدي للمواقع الإلكترونية السودانية التي يزعمون أنها تضر بمصالح الوطن العليا.. حين نقرأ مثل هذا أليس من حقنا أن نخاف ونشفق على حالكم!
قلت: وما العلاقة بين هجمة الأجانب الباحثين عن الطعام وحديث الخبير الأمني عن المواقع الإلكترونية المعادية لحكومتنا الرشيدة!! من الواضح يا صديقتي أنك وقعت ضحية لهذه المواقع وصرت تقدمين خلطات مختلفة النكهات تماماً.
قالت ضاحكة: هذه أيضاً واحدة من مشاكلكم يا عزيزي وهذا يقودني إلى إحدى نتيجتين فإما أن السطحية في النظر للأمور صارت ديدناً لكم أو أنكم ( تتغابون).. فالعلاقة واضحة وضوح الشمس، والمقصود هو طالما أن لأجهزتكم الأمنية والنظامية مثل هذه القدرات الكبيرة فلماذا لا توقف هذه الأجهزة تهريب هذه الأعداد الهائلة من الأجانب الذين يدخلون بلدكم كل يوم!!
وأستطردت صديقتي متساءلة: وهل يظن هؤلاء أن مواقعكم الإلكترونية وصحفكم المعارضة أياً كانت مساعيها في كشف ونشر أوجه الفساد والقصور لمختلف أجهزتكم الحكومية أشد فتكاً بهم وبمجتمعكم من انتشار المخدرات وسط الشباب أو أنها أكثر قبحاً وشراً من تعدد جرائم اغتصاب الأطفال أو دخول العشرات من الأجانب تهريباً إلى عاصمتكم كل يوم؟! أو تسليم شبابكم وشاباتكم بأي مسخ أو بدع تقدم لهم باسم الدين أو الصوفية؟!
وأضافت: ولا تنسى الأزياء والسلوكيات الغريبة التي صارت في حكم الاعتيادي لدى شبابكم في السنوات الأخيرة.. فالجلباب السوداني راقي الخامة واللون صار نسياً منسيا عند الكثيرين ممن لم يفهموا أن اختيار جدودكم له عكس فهمهم ذوقهم الراقي وبحثهم عما يلائم بيتهم، بينما شبابكم يرتدون ألواناً منفرة وأقمشة لا تناسب طقسكم.. وحالياً نرى العرسان يتفاخرون بارتداء الأزياء التي لا تشبهكم في ليلتهم الكبرى.. وبالأمس القريب شاهدت أخر الصرعات التي تمثلت في عريس لبس في يوم زفافه ما كانت ترتديه ملكة جانسي في مسلسها الشهير.. ولك أن تتخيل إلى أين انتم ذاهبون يا صديقي!
قلت: لو وقفت هذه المواقع الإلكترونية مع الحكومة وساندتها في جهودها لربما تمكنت هذه الأجهزة من القضاء على كل الجرائم التي تحدثت عنها، ولتمكنا من محاربة هذه الظواهر الغريبة !
هههههها.. ضحكة طويلة أطلقتها صديقتي قبل أن تقول: هذا هو المنطق المعوج الذي لن يقودكم سوى إلى المزيد من الهلاك.
سألتها: كيف؟!
ردت سريعاً: وكيف تكون مساندة الجهود والوقوف الإيجابي مع أي أجهزة حكومية سوى بكشف المستور من أوجه الفساد والقصور في عمل هذه الأجهزة يا عزيزي!
قلت: لا تنسي أن السودان بتوجهه الحضاري ووقفته القوية في وجه أمريكا وروسيا واسرائيل صار عرضة لهجوم غربي شرس عليه وعلى إسلامه وأصالته، لذلك المتوقع هو أن تقف المواقع الإلكترونية وكل وسائل الإعلام مع حكومتها طالما أنها تدافع عن مثل هذه التوجهات التي قل أن تجدين من يقاتل من أجلها في عالمنا الإسلامي اليوم!!
قالت: عذراً يا عزيزي.. فهذا هراء لا وقت لدي للرد عليه اليوم وودعتني وانصرفت.
|
|
|
|
|
|