|
!رسـالة قصيـرة إلى كل الملحـدين بقلم فيصل الدابي/المحامي
|
زرت مواقعكم الالكترونية المسماة شبكة الملحدين العرب ، الملحدين الأفارقة والملحدين السودانيين وقرأت معظم كتاباتكم التي تهاجم الأديان السماوية ، التوراة ، الإنجيل والقرآن وتعتبر المحرمات الدينية قيوداً على الحريات الشخصية وتسخر من المؤمنين والمؤمنات ومن الفرائض والعبادات ومن مفاهيم الخلق والرزق، الإحياء والإماتة ، القضاء والقدر، البعث والحساب، الجنة والنار، واتضح لي أنكم فريقان أساسيان، فريق لا يؤمن بوجود الله ولا يؤمن بالرسل ويعتبر أن الله هو مفهوم خيالي اخترعه الانسان العاجزعن مواجهة الكوارث الطبيعية ، وفريق آخر يؤمن بوجود الله لكنه يكذب الرسل ويعتقد أنهم اخترعوا الأديان ثم نسبوها إلى الله ، أنتم تزعمون أن الأديان هي التي تشعل الحروب المدمرة وتطالبون بإخضاع كتب الأديان لمنهج البحث العلمي لاثبات زيفها وتناقضها كما تطالبون بالتخلص من الأديان نهائياً لأنها تكرس التخلف الاجتماعي، أنتم تعتبرون الخطب الدينية أدوات لاستغلال وخداع جماهير البسطاء وتعادون رجال الدين بحجة أنهم يروجون الخرافات لتحقيق مصالحهم الخاصة ومصالح الحكومات الاستبدادية التي توظفهم! هذه هي باختصار مرافعة قضيتكم الالحادية! كمدخل لمرافعة قضيتنا الايمانية ، نقول لكم لنحتكم للمنطق المادي الذي تؤمنون به: إذا وجدنا أمامنا منتج صناعي ، فهل ندعي أنه صنع نفسه من العدم؟! كلا ، فالمنطق يقول لا بد لكل مصنوع من صانع ، فإذا أدرك الانسان أنه مخلوق فكيف لا يكون له خالق؟! هل يُصنع أي منتج صناعي بدون دليل تشغيل يوضح غرضه وكيفية استخدامه؟! كلا، فالمنطق يقول لابد لكل مصنوع من دليل تشغيل ، إذن لماذا لا يكون الدين دليل تشغيل للمخلوق البشري مرسل من الله للبشر عبر الرسل؟! هل يكون للمخلوق البشري غرض من صناعة المنتجات ولا يكون لخالق المخلوق غرض من خلق البشر وخلق الكون؟! مواد المنتجات الصناعية يُعاد تدويرها بعد استهلاكها وتظهر باشكال جديدة وتستخدم مراراً وتكراراً فلماذا يصبح إعادة تدوير مواد المنتجات من قبل المخلوق ممكناً وإعادة تدوير أو بعث المخلوق من قبل الخالق مستحيلاً؟! العبادات هي شكر لله ، فلماذا نشكر المخلوق إذا قدم لنا معروفاً صغيراً ولا نشكر الخالق الذي غمرنا بنعم كبرى لا تُحصى وأولها نعمة الحياة؟! المحرمات تضر فاعلها وتضر الآخرين فالمخدرات مثلاً ضارة صحياً ومحرمة دينياً ومجرمة قانونياً فأين التعارض هنا بين المحرمات والحريات؟! التطاول بالعلم الطبيعي عديم المعنى فالعلم هو تخصص بعض المخلوقين في بعض المخلوقات ومهما تكامل فهو ناقص فهو يفضي أحياناًً لنتائج متضاربة بسبب اختلاف مصالح ممولي البحوث العلمية! ثم كيف سيتم التعامل العلمي التجريبي مع الأديان ، كيف يحيط المادي بالغيبي والمحدود بالمطلق؟! ثم هل من المنطقي أن ننسب خطأ بعض الأشخاص إلى الأفكار التي يعتنقوها ونطالب بإعدامها؟! مطالبتكم بإلغاء الأديان بحجة أن بعض المتطرفين من معتنقيها يستغلونها أو يشعلون الحروب الارهابية ألا تشبه المطالبة بعدم استخدام السيارات بحجة أن بعض السائقين قد ارتكبوا أخطاءً قاتلة أدت لحوادث مميتة؟! مع العلم أن النزعات العرقية الآرية المتطرفة في دولة المانيا المتطورة علمياً وصناعياً هي التي أشعلت أكبر حربين عالميتين في التاريخ البشري وأدت إلى مقتل ملايين البشر من المؤمنين والملحدين على حد سواء! أنتم تطبقون بعض تعاليم الأديان السماوية دون أن تشعروا بذلك ، أنتم تطيعون القوانين الوضعية التي تجرم القتل ، السرقة ، الاغتصاب والاعتداء على الممتلكات، كل هذه القوانين مستمدة من محرمات دينية! أنتم تكرهون حديث الغيبيات ، حسناً ، علم الفيزياء يقول لكم إن كل دورات الحياة الخفية ، كالدورات الدموية ، دورات الذرات ودورات الكواكب ، تتحرك في اتجاه واحد ولابد أن تكون هناك قوة واحدة دافعة لهذه الحركة الخلاقة فلا حركة بدون محرك! هذا هو منطق الحركة المادية الفيزيائية ، العلماء يستخدمون الكهرباء ويجهلون كنهها فهي حضور وغيب، ولم يقل أي مهندس كهربائي إنه لا يجوز استخدام الكهرباء لأنها غيب! أرواح البشر غيب مجهول بالنسبة للأطباء وعلماء النفس ولم يطالبنا هؤلاء بعدم استخدام أجسامنا أو عقولنا بسبب الغيب الروحي؟! هل يجوز لنا أن ننكر وجودكم بحجة أنكم غيب غير مرئي بالنسبة لنا ؟! لماذا تؤيدون محاسبة الانسان أمام محاكم المخلوقين وترفضون محاسبة الخالق للمخلوقين في يوم الحساب؟! ألا تؤمنون بنظرية الاحتمالات في الرياضيات؟! ماهو موقفكم إذا أصبح احتمال البعث، الحساب والجزاء واقعاً مادياً ملموساً ذات يوم؟! لماذا تضعون كل البيض في سلة الاحتمال الآخر الذي قد يخيب بحكم ضعفه الظاهر؟! لماذا تحرمون أنفسكم من الفوائد المادية للإيمان، فتفادي المحرمات ، التحلي بقيم الصدق والامانة ، الاحسان للناس واستشعار الرقابة الإلهية سلوكيات وقيم إيجابية تقوي شخصية المؤمن من الناحية الجسدية وتصنع النجاح المادي في كل الأحوال؟! أرجو منكم أن تراجعوا هذه الرسالة بدقة وأن تتأملوا محتواها بهدوء، وإذا تسلل الايمان إلى قلوبكم ذات يوم، فاشكروا الله على نعمة الهداية إلى الاسلام، فالهادي هو الله سبحانه وتعالى، وختاماً يلزمنا أن ندعو لكم ولأنفسنا: اللهم اهدنا جميعاً إلى صراطك المستقيم، آمين يا ربّ العالمين.
ملحوظة : نأسف على طول الرسالة القصيرة ومخالفة الايقاع السريع لعصر السرعة ولكن للضرورة أحكام!
|
|
|
|
|
|