|
أمنّا آمنة لطفي : سلام عليك فى الخالدين !!
|
سلام يا .. وطن
حيدر احمد خير الله
فجر السبت الحادي والثلاثين من مايو العام 2014 ، إستقبل البرزخ أمنا الحاجة آمنة لطفى عبدالله زوجة المعلم الشهيد / الأستاذ محمود محمد طه ، والتى قاسمته الطريق الطويل ليست أماً لأبنائه فحسب بل اماً لكل ابناء الفكرة وبناتها ، كانت أمة وحدها .. معجونة من طين الحنو الممزوج بزيت المحبة وتشرق دوماً بأعذب وأصفى إبتسامة .. وكأن الإسم قد فصِّل على المسمى ..
*وفى كل مسيرة الأستاذ وهو يعاني غربته وغربة مايدعو إليه كانت أمنا آمنة القسيمة للمسيرة المحرقة تقابلها بالإبتسامة المشرقة وترسم لوحة الإيمان العميق بالدعوة وأُنموزجها المجسّد .. وهي هي الثابت الرئيس وسط امواج المتغيرات ..
*رايتها أول مرة منتصف العام 1977من القرن الماضي كنا ثلاثة من الصبية لم نتجاوز السادسة عشرة او زهاؤها .. الأستاذ / لسان الدين الخطيب والدكتور / حيدر بدوي صادق وكاتب هذه السطور ، كنا مطاريد منازلنا على حداثة السن وقلة التجربة ولا نصير سابق فى الإنتماء ، كانت تحتوينا بدفء أمومة قلّما تجد لها ضريب .. لم نشعر معها باننا إفتقدنا أمهاتنا فقد ملأتنا بأكثر مما كنا نحتاج ، ومن عجب ان هذا الإشباع كان شعور الجميع فى حضرتها ..
*لم تعرف حياتها خصوصية عامة النساء ، إنحصر دورها فى الذكر والفكر والتسليك ، كأن كل الجمهوريين عندها هم ( محمد ) إبنها الذي إفتقدته غرقاً وهو فى العاشرة من عمره وعلق الأستاذ عندما سمع بوفاته ( لقد ذهب الى أب ارحم منى) .. وكأن كل الاخوات الجمهوريات عندها هن اسماء وسمية .. فقلبها العامر إحتوانا جميعاً بكل خلافاتنا ومواريثنا وتناقضاتنا .. دون ان تكل او تمل ، او تشيح بوجهها .. بحرمن المعارف .. وكتلة من الاضواء..
وقيم السماء مجسَّدةٌ فى اللحم والدم ..
*ولما مضى الفداء الكبير فى زمن الهوس الأول كان لسان حالنا : كمن كان لهم أمانان من العذاب والأسى والغربة .. ذهب احدهما وبقي الآخر ، فى قيمة أمنا آمنة بين ظهرانينا .. النظرة منها تبعث على الطمأنينة وهدوء النفس .. والنظرة اليها تهدئ الخاطر وتبعث على السكون .. فظلت سيرتها بين عموم الإخوان صمام امان المحبة بينهم وموطن سر الرغبة فى الحفاظ على المسير بصدق فى طريق الرجعى ..
*وها أنت تمضين الى عليائك وتتركين فينا غربة جديدة فى زمن غربته لاهبة وشمسه حارقة وزمانه بئيس .. ولأول مرة لم تنتظري لنسألك الى أين ياأماه ؟! ولمن تتركينا ؟! وترحلين للمرة الأولى بلا إستئذان .. ويظل ابناؤك وبناتك يذكرون .. الله الله الله .. ونقول : لأهل السودان : سلام على أمنا امنه لطفى فى عليائها ..
الجريدة الأحد 1/6/2014
|
|
|
|
|
|