|
تابت والجيش والعذاب بقلم هلال زاهر الساداتى
|
أن ما حدث فى تابت يجل على الوصف فالحدث مثل سيل يغمر ويجرف عواطف واحاسيس وشعور كل انسان سوى من هول المصيبة وفداحة الجريمة ، ولقد أصابنى شئ من التبلد والشلل فى الفكر لأستوعب ما جرى ورب واقع يكذب الظن ويلجم الاراجيف ، وما حدث فى تابت يفزع منه الانسان الي الكذب منصرفا" عن التصديق ، وبعد لأى طاوعنى القلم لأسطر هذه الكلمات ، القرية وأهلها ترقد آمنة مطمئنة ، الكبار فيها غرقى في النوم بعد تعب وكد النهار فى طلب الرزق ، وتأوى الأمهات الى النوم وفي اذهانهن شاغل فيما سيعدونه من طعام فى الغد للعيال مما يتيسر من القوت الشحيح ، وتداعب الفتيات العذارى أطياف الزواج وترقب أبن الحلال الذى ينقلها الى بيت الزوجية السعيد ، وتهدهد الاطفال احلام اللعب واللهو فى غدهم الآتى ، تترآءي كلوحة جميلة للصفآء والبرآءة . وفجأة هبطت علي البلدة كعاصفة هوجآء قوة من جيش حكومة الانقاذ الاخوان المسلمين بكامل اسلحتها وكانها بصدد الهجوم علي عدو غازى، وهجمت علي البيوت فى هيجان وصيحات حرب وسباب وشتآئم فاقت حد البذآءة وهجموا علي النسآء دون تمييز بين الفتاة والمتزوجة والطفلة القاصرة ، وبدأوا فى اغتصابهن بوحشية ولم يجد بكآء وصراخ البنات الصغيرات ولا بكآء وتوسلات الفتيات ، والجنود حمآة الدين والوطن والعرض منتشين فى فجورهم ، واستمرت حفلة العار الفاجرة حتى الصباح ، ومن وقف فى طريقهم من الرجال اصابوه برصاص اودى بحياته او أقعده . والشئ المحير فعلا" هو : هل هؤلاء فيهم عرق ينبض بالرجولة ؟ وهل فى قلوبهم خفقة من الانسانية ؟ أم هم من نسل الشياطين وتدثروا بجلد الانسان ؟ ! وحتى الشيطان يوسوس للانسان ويحرضه لفعل الشر ولا يفعل ذلك بيده ، ولكن يبدو أن هؤلآء من جنس آخر فاق الشياطين فى الشر ؟! عرف السودانيون عامة بالرجولة والشهامة واحترامهم وفخرهم بالمرأة ويجمل ذلك قولنا : ( أنا أخوك يا فاطنة ) و ( أنا أخو البنآت ) ولابد من أن يستجيب المرء اذا استحلفه احدهم أو أحدآهن بقوله أو قولها ، (نسيبتك كان ما عملت كذا ) وديننا الاسلامى كرم المرأة ووضع الأم فى مرتبة أعلى من مرتبة الأب ، فقال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لمن سأله عمن هو أحق بالتكريم الأب أم الأم ، ثلاث مرات ،وكان يجيبه فى كل مرة ـ أمك ُثم أمك ـثم أمك . ثم أن الجيش السودانى جيش الامجاد فى الماضى والذى كان فخرا" لكل سودانى أحاله الكيزان الاخوان المسلمين الي عصابات من المرتزقة الجنجويد والدفاع الشعبى أضاعوا الدين والأخلاق ولطخوا تاريخنا التليد الناصع بالعار فهؤلاء المعتدين على النسآء السودانيات هم جنود سودانيون يحتم عليهم الواجب والشرف حمايتهن والدفاع عنهن ولا عجب فهم مغتصبين اغتصبوا الحكم الشرعى للبلاد وباسم الدين والشريعة الاسلامية حكموا السودانيين بالقهر والظلم والبطش والقتل والتشريد ، يقودهم ويرأسهم مجرم دولى مطلوب للعدالة فى محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى ، ولقد أجرت صحيفة الواشنطن بوست الامريكية الواسعة الانتشار استطلاعا" واسعا" عن أسوأ أربعة حكام دكتاتوريين فى افريقيا فجاء عمر البشير على رأس قائمة الأربعة وهو المطلوب القبض عليه من محكمة الجنايات الدولية . وما ظل يحدث فى دارفور منذ عشر سنوات والحادث فيها الان وفى جبال النوبة وجنوب النيل الازرق وما حدث مؤخرا" من اغتصاب مائتى امرأة وفتاة وطفلات فى سن التاسعة والعاشرة من العمر فى ليلة واحدة فى بلدة تابت بدارفور من قوة من الجيش السودانى هو قمة المأسآة وأبدا" لن ننسى ولن نغفر والحساب آت لا محالة ولا شك فى ذلك . هلال زاهر الساداتى 17ـ11 ـ2014
|
|
|
|
|
|