|
قصص قصيرة جدا- معتصم الحارث الضوّي
|
مالت الأشجار تستمعُ إلى الخبر. أنصتت مليا، ثم استوت على سوقها. مدّت أفرُعها تنادي الطيور. همست "المعلومة" في آذانها. ارتفعت الطيور محلقة، لتنقل إلى الناس: الحقيقة.
بعد محاولات طالت كثيرًا، استجاب. دخل مكتبه الجديد، فأعجبه المقعد الوثير، ثم نظر ساهما إلى صورة الفيلدمارشال المعلقة على الجدار.
في اليوم التالي، قذف بكل كتبه من النافذة. في اليوم الثالث، ذهب إلى السوق للتبضع، ثم اشترى.. بلعوما جديدا.
الإكسير استشفت الإهمال، فصدحتْ بالثورة. سارعوا بإيداع الترياق.. في حسابها المصرفي.
الأصمعي من جديد تمزقت الصفحاتُ بين يديه، وهو يبحثُ في عنفوان محموم. لم يجد مرامه، فأمسكَ بقلمه، وأضافَ اسمها في القاموس.. قبل "العين".
دُفعةٌ جديدة في عتمة الليل، اختبآ في سرير قارس. انصرمتْ بضعُ شهور، فأجاءها المِخاض. اتكأتْ على جِذع الزقوم، ثم ناداها مِن تحتها.. ثُلةُ سياسيين.
مَوقِف إثرَ كُلِ طعنة كان ينسجُ خيطا ويفتلُ جديلة لم تتبقَ إلا فتيلة أتته عجلى.. فتلقّاها بين ضلوعه.. نجلاء واكتملَ العقدُ الناقص ربطَ الحبلَ في ذُرى السقف ارتقى المقعدَ ثم ركَلَهُ.. بلا هِوادة
المواصفات والمقاييس أصدر جهاز الأشعة الفكرية صفيرا حانقا، فاستوقفه الضابط. - ديمقراطية.. حقوق إنسان.. حرية صحافة.. مجتمع مدني.. اللعنة! رأسك ممتلئ بالممنوعات! فتح الضابط درج مكتبه، وناوله رأسا جديدا، مختوم على جانبه: مطابق للمواصفات.
تِرياق تحدّر الجُمانُ مِن مقلتيها لرؤيته؛ فتساقطتْ النقود على الفقراء، والإكسيرُ على المرضى، وسرقَ منه أطنانا.. صانعو العطور. أما المتبقي، فسكبوه في شبكة المياه العمومية، لتعُمَ أرجاء البلاد.. فرحةٌ أبدية.
تلومني الدنيا لوّحتْ من نافذةِ القطار، فنظرَ بقلبٍ ينبجس. استدارَ.. يزحفُ بخطواتٍ مُثخنة.
"تلومني الدنيا إذا أحببتهُ كأنني أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد .." فجأة، انتشلتهُ مِن حِدائهِ يدٌ.. تُربّتُ برفقٍ على كتفه..
رأتهما مُزنٌ متلصصة، فانطلقتْ عيناها، بقطراتِ الفرح.
|
|
|
|
|
|
|
|
|