|
تقرير عن الاوضاع السياسية بين السودانومصر للاستاذعبدالله رزق #
|
الخرطوم – القاهرة : ديبلوماسية ركوب السرجين تقرير: عبدالله رزق
مع تطور الأوضاع فى مصر ، اتخذ السودان العديد من المواقف . وقد بدت تلك المواقف التى صدرت من جهات حكومية وشبه حكومية ،مختلفة متناقضة ، ما جعلها تخضع لإعادة نظر مستمرة لمقابلة متطلبات الوضع، وتطوراته، الأمر الذى وسم الوضع فى مجمله بالإرتباك. وقد كانت زيارة وزير الخارجية المصرى ، احد المناسبات الهامة لمراجعة الموقف، كما بدا من التصريحات التى أدلى بها وزير الخارجية السودانى. فى البدء، أعلنت الخارجية حياد السودان تجاه الوضع فى مصر ، بتأكيدها بأنّ مايحدث فيها شأن داخلى ، على الرغم من أنّ الحدث المصرى ، قد تجاوز فى تأثيراته وتداعياته، الحدود السياسية ، وفرض نفسه على العالم الخارجى ، بحيث استحال لحد كبير ، على العديد من الأطراف الإقليمية والدولية النافذة ،اتخاذ موقف حيادى ازاءه . وعلى الرغم من التأثر المحتمل للسودان – بحكم الجوار- بكل ما يحدث فى ذلك البلد. لكن الدبلوماسية السودانية ، عادت عن ذلك الموقف ، لتدين فى بيان رسمى، احداث العنف ، التى رافقت فض السلطات لتجمع الاخوان المسلمين الاحتجاجى ، فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة . وبذلك انتقل السودان خطوة باتجاه موقف جديد، يتورط فيما كان ينظر إليه كشأن داخلى مصرى محض. وقد رافق ذلك التحول المفاجئ فى الموقف الرسمى ،تحركات شبه رسمية ، قادتها الحركة الاسلامية المرتبطة بالحكومة والمنظمات المماثلة، والتى اظهر تحركها انحيازا سافرا للاخوان المسلمين المصريين فى مواجهة السلطة المصرية. بحيث اصبح السودان امتدادا للصراع المحتدم فى "بر مصر" حسب تعبير يوسف القعيد الروائى المصرى الشهير .ويبدو أنّ أحد ابرز اهداف زيارة وزير الخارجية المصرى للخرطوم ،منتصف الاسبوع الجارى ، هو احتواء هذا الموقف السلبى، بتقديم مزيد من الايضاح للموقف الرسمى المصرى، بما يؤدى الى كسب الخرطوم الى جانب القاهرة.اذ ان ذلك « هو المكان الطبيعي للسودان" على حد تعبير وزير الخارجية المصرى ، نبيل فهمى . تتخوف القاهرة من احتمال تحول السودان لقاعدة خلفية للاخوان المسلمين ، حال تصاعد المواجهة معهم.وقد اثارت محاولة اغتيال الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، فى اثيوبيا، التساؤل بشأن ابعاد العلاقة بين النظام فى الخرطوم وجماعة الاخوان المسلمين فى مصر. ولازالت علاقة البلدين اسيرة للنتائج السلبية لذلك الحدث. وابدت الحكومة نوعا من المرونة ازاء مطلب مصر بنشر قوات من البلدين على الحدود المشتركة،لسد مسالك الاخوان نحو الجنوب .وعلى الرغم من أنه لم يتم اتفاق فى هذا الشأن ، إلا أنّ الخرطوم قد بدت حريصة على تطمين القاهرة ، وازالة اى شكوك قد تنتابها ، فقد اعلن على كرتى وزير الخارجية ، ان الاختلاف حول بعض المناطق لن يمنع من المضي قدما في نشر قوات مشتركة على الحدود، التى تجرى مشاورات بشأنها بين الاجهزة الامنية في مصر والسودان وفقا للارادة السياسية، على حد تعبيره. ويمكن ان يُعزى الى تلك الزيارة - وما ترتب عليها من نتائج - التعديل الذى طرا على الموقف الرسمى ، باعادة تأكيد الموقف السابق للحكومة ،الذى أعلنته الخارجية ، باعتبار ماحدث فى مصر شأناً داخلياً . وبالتالى بدت الخرطوم متنازعة بين موقفين ، احدهما مع القاهرة ، والذى تمليه اعتبارات المصلحة القومية - وان كان فى الحد الادنى - وهو الموقف الذى تتبناه الدبلوماسية السودانية ، والاخر ضد، وهو الذى عبرت و تعبر عنه الواجهات السياسية والدينية والاعلامية للحكومة، والذى ينطلق من اعتبارات ايديولوجية. وتسعى الخرطوم من خلال هذا الازدواج فى الموقف ، الى ارضاء العديد من الاتجاهات والتيارات المتنافرة، فى داخل الحكومة ، والتى تتباين مواقفها تجاه الوضع المصرى. التصريحات والمواقف السالبة هددت بتدهور جديد فى العلاقات بين البلدين، والتباعد مع بلدان الخليج التى اصطفت الى جانب القاهرة ، ما يهدد بدوره بوضع السودان فى دائرة العزلة الاقليمية والدولية. فى وقت يتبلور فيه معالم اصطفاف اقليمى حول القاهرة تحت شعار محاربة الارهاب، فى مقابل محور آخر يضم ايران الى قطر وتركيا. وقد عرفت الخرطوم ، فى مناسبات سابقة ، مثل هذا الانقسام فى الرأى الرسمى ، تجاه قضايا الدبلوماسية ، خصوصا فيما يتصل بالعلاقة مع ايران ومع الولايات المتحدة الامريكية. وهو ما يُعبّر عن تنازع بين مراكز صنع القرار فى هذا الميدان. بحيث يبدو الموقف الديبلوماسى وكأنه نزوع لركوب سرجين فى نفس الوقت."
|
|
|
|
|
|