|
إيران وإن طال السفر
|
لا يختلف اثنان على عدم جدوى سفر البشير إلى إيران لتهنئة الرئيس الإيراني الجديد أو حضور مراسم تنصيبه، لا سيما وان البلاد تمر بأيام عصيبة، جراء الأمطار والفيضانات التي اجتاحت بعض المناطق بما اصبح أقرب إلى كارثة إنسانية تحتم اتخاذ إجراءات إغاثة عاجلة للمنكوبين والنازحين الذين اضحوا يلتحفون السماء بلا مأوى، بحسب ما تناقلته المواقع الاجتماعية ومنتديات الشبكة العنكبوتية وبعض القنوات الفضائية خلال اليومين الماضيين. والسؤال الذي يطرح نفسه إزاء هذا المشهد؛ هو الدافع وراء إصرار البشير على أن يترأس الوفد السوداني في هذه الزيارة؟ خاصة لو علمنا وبحسب ما تناقلته بعض المصادر أن البشير بالفعل قد وصل للعاصمة الإيرانية طهران في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم الاثنين. على الجانب الآخر، وفي ظل الاستقطاب السني الشيعي الحاد الذي تعيشه المنطقة العربية على خلفية الحرب الدائرة في سوريا، كان من الأجدى البشير أن ينأى عن أية علاقات مع الجانب الإيراني قد يتم تفسيرها على نحو خاطئ، خاصة وان السودان يتغلغل في العمق السني جغرافياً وينتمي له ايدولوجياً. اذاً نحن امام تفسير واحد، وهو أن هذا الاصرار يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الزيارة تحمل أهدافاً ومضامين أخرى ابعد من مجرد تهنئة الرئيس الايراني بالتنصيب، والا فانه في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد كان من الممكن الاكتفاء برسالة تهنئة واعتذار عن الحضور أو إرسال وفد رسمي يقوم بالواجب عن البشير. إن ممّا يجدر الحديث عنه إزاء هذه التصرفات التي تجانب المنطق السوي والحس السليم، من خلال خلق عداوات غير مبررة وصداقات تنعدم جدواها، هو ان هذه الحكومة المفروضة قسراً على الشعب السوداني، ظلت تفوّت الدرس تلو الآخر، ولا تتعظ أو تتعلم من تجاربها المريرة، التي جعلت الشعب السوداني يدفع الثمن غالياً من ماضيه وحاضره ومستقبل أجياله، دعونا في هذا المقام نرجع لحرب الخليج وما صاحبتها من تداعيات مأساوية جراء الانحياز الصارخ بلا فكر أو منهجية، وتلك قصة تعلمها الأجيال الحالية جيًّداً وتدفع فاتورتها الآن بسخاء من خلال الإقامة الدائمة للسودان في قائمة الإرهاب الدولي بزعامة الرئيس الانقلابي عمر البشير. للأسف ظل السودان لعقدين ونصف من الزمان يعيش في احلك حقبه التاريخية، تدار خلالها شؤونه بفوضى وعشوائية، من خلال قيادة أدمنت الفشل حتى أصيبت بالتخمة. لقد قرأنا التاريخ في جميع المراحل الدراسية تقريبا بما يجعلنا على إلمام بالكثير من الحكام والملوك والرؤساء، على اختلاف نعوتهم وخلائقهم، لكننا على الإطلاق لم نعرف أفشل وأغبى ممن نعاقب به الآن. نسألك اللهم أن تخفف بلوتنا، وتقيل عثراتنا
|
|
|
|
|
|