|
ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات..
|
كان ذلك في زمان بعيد.. في منتصف السبعينات وأنا بالجامعة كنت قد دبرت أموري إلى أن استطعت العبور إلى قارة أوروبا وتوغلت فيها حتى وصلت مدينة جنيفا.. عاصمة سويسرا كيف وصلت إلى سويسرا تلك قصة طويلة تحتاج لوقت.. لكني الآن سائح على طريقة الطلاب الأوربيين والأمريكان.. أحمل حقيبة ظهر على ظهري ومعي " أسليبيق باق" للنوم إن استدعت الظروف المبيت في الحديقة .. ارتدي بنطالا شبيها بالجينز.. وحزاما في وسطي يحمل حقيبة صغيرة من القماش صنعتها بنفسي فيها جواز سفري والمحفظة التي بها دفتر الشيكات السفرية من توماس كوك... وأحمل في يدي أهم أدوات رحلتي خريطة كبيرة لأوربا .. وكتاب به كل عناوين بيوت الشباب في أوربا.. . لما غادرت السودان منحت موافقة من بنك السودان لتحويل اربعين جنيها استرلينيا.. دفعت في مقابلها ثمانية وثلاثين جنيها سودانيا.. جواز سفري ملئ بتأشيرات الدخول لعدة دول أوربية .. كان الأمر سهلا جدا في تلك الآيام تقدم جوازك لسفارة الدولة التي تنوي التوجه لها وتدفع رسوم تاشيرة الدخول جنيها ونصف أو جنيهين.. وتستلم جوازك وبه تأشيرة أنيقة صالحة أحيانا لرحلة واحدة وأحيانا لأكثر من رحلة حسب طلبك .. من الخرطوم توجهت لمصر بالقطار بالدرجة الثالثة حتى حلفا.. التذكرة بجنيهين .. ثم أون ديك (on deck) في الباخرة من حلفا لأسوان أيضا بجنيهين ومن أسوان للقاهرة بالقطر القششاش.. بجنيهين أيضا.. ووصلت إلى اوربا .. هذه المرة إلى مطار روما.. في القاهرة التقيت بزميلي وابن دفعتي عمر عباس.. هبطنا سويا في روما .. وافترقنا عندها، كان في طريقه غربا إلى بريطانيا وكنت أنوي عبور القارة شمالا إلى السويد ومضى كل منا في طريق..
عذرا أطلت عليكم .. نأتي لموضوعنا المهم .. يوم أن قفزت عبر النافذة..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
بينما انا في جنيفا كان همي كله أن أجد عملا أقتات منه وأدبر منه قيمة تذكرة العودة لمصر.. فقد أشتريت تذكرة ذهاب فقط إلى أوربا ... ولأن أحلامي وآمالي كانت دائما متفائلة فكنت أظن انني سأجد عملا بسهولة وأجمع المال واستمتع بإجازة ممتعة في اوربا أعود بعدها أحكي لزملائي ما أنجزت هناك، واستعرض بالبناطلين الفاخرة والشعبية والقمصان والأحذية.. وربما راديو صغير أو جهاز تسجيل وساعة..وكاميرا.. وصلت جنيفا .. وتجولت أمتع نظري بالتجوال في تلك المدينة الجميلة والتي تجمع في خزائنها أموالا لا تحصى.. لذا كان أملي كبيرا أني لن أخذل في مدنية البنوك هذه.. وتعلمت جملة من بعض الإخوة المصريين أخاطب بها أصحاب المحلات التي اغشاها سائلا إن كان لديهم عمل.. كنت أركز على الفنادق الفاخرة أو صالات العرض و المطاعم .. " إليا ترافاي سل فو بلي ؟ " رردتها حتى مللت منها وكنت دائما أسمع الرد الحتمي.. نو .. في بيت الشباب كنت أقيم .. وفي جنيف هناك بيت من اجمل بيوت الشباب .. وبيوت الشباب لها نظمها وقوانينها.. المبيت فيها لا يكلف شيئا.. بضع قروش.. لكن يجب أن تأتي في وقت مبكر، ولك أن تقضي ثلاث أيام فقط إن كان البيت مزدحما بالزوار .. وفي اليوم الثالث لابد أن تغادر .. لكن ربما يسمح لك بتمديد الإقامة أن كان البيت قليل الضيوف.. بعض البيوت كبيرة ، بها مطاعم تقدم الإفطار والعشاء، وبعضها يوفر لك مطبخا تعد فيه طعامك بمفردك ولكنها تشترك جميعا في أنها توفر لك مأوى بالليل فقط وعليك أن تتحرك من الصباح الباكر للتجوال في المدينة فأنت لم تأت هنا للنوم في البيت، ويمكنك العودة للمنزل بالمساء.. عادة ما تكون بيوت الشباب للجنسين لكن مع فصل لغرف البنات عن غرف الأولاد، فإن كان البيت صغيرا فهو يوضح غرف وحمامات الشباب من غرف وحمامات الشباب من الجنس اللطيف..أما في حالات البيوت الكبيرة فغالبا ما تجد طابقا بأكملة مخصص للبنات وطابقا آخر للأولاد..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
وفي بيت شباب جنيفا كان الطابق الأرضي مخصص للبنات , وكنا نبيت في الطابق الأول المخصص للأولاد.. ولكل بيت شباب شخص مسؤول يعمل مديرا له وتجده دائما شخصا لطيفا غالبا ما يعاملك برقة وذوق لكن لكل قاعدة حالات شاذة مثل ذاك المدير في بيت شباب جنيفا فقد كان عربيا.. لكنك لن تعرفه وسط تلك الشعوب الاوربية والامريكية .. كان لبنانيا.. طلبت منه تلك الليلة أن يقدم لي معروفا فأجابني بكل سرور.. قلت له أني سأتأخر في العودة مساءا إلى البيت فهل أعشم منك أن تفتح لي الباب عند عودتي.. قال بلا شك ما عليك إلا أن تدوس على زر الجرس وسوف أفتح لك الباب .. ولما اطمأننت أني أستطيع أن أخلد إلى فراشي وافقت على عرض العمل الذي قدمته لي إحدى وكالات العمل.. بينما أنا أبحث بشدة والحاح على عمل عثرت على فرصة للعمل لمدة ليلة واحدة لكن بأجر ما كنت أحلم به.. بيد أن العمل كان خارج المدينة.. كان علي أن استقل بصا معينا يتحرك من محطة ليست بعيدة من مكان سكني وأن أعود بنفس البص ليلا عند منتصف الليل.. وأنا اعلم أن مواعيد العودة للسكن يجب ألا تتجاوز العاشرة ليلا.. لذا طلبت من أخينا اللبناني المساعدة فوافق مشكورا.. وذهبت مبكرا إلى محطة البص المذكورة وفي الدقيقة المعينة للمغادرة كنت أعتلي البص و عبر طريق في غاية الجمال والبهاء...حوالي ثلاثين كيلومتر شرقي المدينة وفي منطقة ريفية هادئة كنا نسير حتى وصلت إلى العنوان المقصود، كان صالة فخيمة تضيؤها المصابيح والثريات وتصدح منها الموسيقى ويؤمها نفر في أبهى حللهم وأزيائهم .. قابلت الشخص الذي سأعمل معه، كان متعهد حفلات.. وكانت وظيفتي لحوالي خمسة ساعات أن أعمل نادلا في حفل زواج.. وفي وقت وجيز تغيرت هيئتي فصرت ارتدي زيا أنيقا فاخرا ابيض اللون، وقبعة وحذاء وفراشة على عنقي واعطيت أنية من الفضة تلمع وبها كؤوس ملأى بالوان واصناف المشروبات.. علي فقط أن أتحرك من موقع ملء الكؤوس الى موقع آخر ليس ببعيد واقف هناك.. وبدأ الحفل وتوافد المدعوون وتقاطروا .. وأنا في حالتي تلك من الإندهاش والسعادة والفرح... فرح بالمال الذي سوف اقبضه الليلة وفرح بهذا الحفل البهيج وهذه القصة التي سوف أحكيها يوما ما وأشاهد جمالا وازياءا وكل ما كان في خيالي من صور جميلة عن أوربا إذا بي أعيشها تلك اللحظة....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
بعد إنقضاء الحفل .. عدت إلى ملابسي وحذائي.. حالي كحال سندريلا .. وقبضت أجري وهرولت مسرعا إلى محطة البص .. لابد أن أكون هناك في الموعد فذاك كان آخر بص يتحرك من تلك البقعة إلى المدينة الكبيرة.. في العودة لا أدري لماذا كان الطريق مظلما موحشا.. لكن الفرنكات الجديدة التي قبضتها كانت تضئ لي وتملأ جوانحي بالسعادة.. وفي المحطة القريبة من بيت الشباب هبطت .. وسرت في طرق خالية من المارة أبغي المسكن.. كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل..
وصلت بيت الشباب فوجدت عتمة تطوقه وصعدت الدرجات أمام الباب ثم دست على زر الجرس.. لكني لم أسمع صوتا للجرس.. ضغطت مرة ثانية .. لا صوت ولا أحد قادم .. ضغطت للمرة الثالثة طويلا هذه المرة .. أيضا لا رد .. أين أنت أيها اللبناني.. لماذا لقد وعدتني أن تفتح لي الباب.. واخذت أدوس الجرس ثم تنبهت أخيرا أن ذلك الشاب قد " عملها " .. فصل ذلك الملعون الكهرباء عن الجرس وأغلق الباب ونام.. وأنا في الخارج في حيرة من أمري.. أخذت أعاتب نفسي كيف أثق في ذاك الشخص.. راجعت نفسي فتذكرت إحساسا لدي بأني لم أرتاح له .. لكن ما المخرج.. هل أقضي الليل هنا أمام الباب حتى تشرق الشمس.. تيقنت أن الباب لن يفتح .. وأخذت أحوم حول البيت.. وكان المنزل " ناصية " كما نقول في السودان بل كان يفتح على ثلاث طرق واحد الى الغرب منه واخر في الجهة الشرقية وثالث في الجنوبية أما شمالا فيجاوره مبنى آخر... تحركت من أمام الباب وسرت في الشارع الجنوبي إلى أن وصلت زاوية المنزل ثم دلفت إلى الشارع الشرقي وكان صغيرا نوعا ما وعليه تفتح نوافذ المبنى.. الطابق الأرضي به نافذة كبيرة عالية ..
فقزت فكرة مجنونة إلى خاطري .. لم لا أحاول أن أتسلل للمنزل من هذه النافذة.. وألحت عليّ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
أخذت أدرس الفكرة وهل يمكن تنفيذها دون أن أقع في محظور.. ماذا لو قبضت عليّ الشرطة وأنا أتسلق جدران المنزل.. ماذا لو سقطت فكسرت يدي أو قدمي.. أفكر في العواقب لكني ايضا أفكر جادا كيف أتسلق هذه الجدران لأصل إلى النافذة.. الحمد لله ليست تلك المباني ملساء مثل مبانينا بل بها العديد من السطور إن جاز لي التعبير.. خلعت حذائي حتى أتمكن من التشبث باصابع قدمي إلى جانب اصابع يدي في تلك التجويفات المستقيمة في المبنى.. كانت المشكلة هي كيف أحمل الحذاء .. تغلبت عليها بربط كل فردة منها إلى حزام البنطلون كل في اتجاه وادخلت الجوارب في جيوبي.. وأخذت كمن هم متسلقو الإلب وكلمنجارو أنقل يدي وقدمي كل مرة بضع سنتمترات صاعدا في جدران المنزل.. لم تكن المهمة أبدا ميسورة كدت أهوي أرضا عدة مرات.. كنت كلما أقابل صعوبة كبيرة في الأمر وخطورة أهبط لأبدأ من جديد.. إلى أن وصلت شرفة النافذة.. في اللحظة التى أمسكت فيها بكلتا يدي بحافة النافذة .. قدماي تتأرجحان.. وفراغ ليس بالقصير يفصل بينهما وبين الأرض وأخذت أتمايل وأنا أمسك بقوة عظيمة بحافة النافذة وأميل ذات اليمين وذات اليسار محاولا رفع رجلي إلى حافة النافذة.. أكتشفت تلك الليلة أني أمتلك مواهب ولو كان لدينا سيرك بالسودان لكنت أحد نجومه.. طوحت بنفسي شديدا إلى اليسار وأتبعها بقفزة وشبحة فوصلت قدمي اليمنى للشرفة وعلقت بها.. وأتممت الباقي راقدا ببطني وصدري على تلك الحافة الضيقة .. واستويت قاعدا .. الحمد لله النافذة الزجاجية مواربة .. دفعت بها إلى الداخل فاصدرت صوتا غير مسموع.. وعبر إضاءة خافتة نظرت إلى داخل الغرفة.. .. ويا هول ما رأيت.. كانت تلك غرفة نوم الفتيات..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: سليمان القرشي)
|
الأعزاء عباس عبدالعزيز، سليمان القرشي أسعدني مروركما .. شكرا ودمتم.. .. عباس كنت أعتقد أن تجاربنا وحكاوينا القديمة قد تكون بلا قيمة أو نكهة مع ما يكابده الآن الشباب من معاناة ومغامرات للخروج من هذا السودان الذي أصبح طاردا.. نتطلع إلى قراءة العديد من التجارب التي لا شك قد تكون أكثر إمتاعا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: محمد فضل الله المكى)
|
عزيزي محمد عبدالله الحسين شكرا لك على التعليق الجميل.. يبدو أننا إن وجدنا متسع من الوقت سنعود معا إلى ذلك الزمان الجميل .. صلاح عباس فقير تحياتي وتقديري . وشكرا على زهرة البونسيانا الجميلة شكرا على التشجيع .. سيكون لك الفضل إن تمكنت من سبر غور الذاكرة وكتبت شيئا .. شهاب الفاتح عثمان إن شاء الله نبدأ .. لك كل التقدير والشكر.. .. ويا ود المكي .. .. لسه جاياك حكاوي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: منير عثمان)
|
الاخوه الاعزاء ضيوف. صاحب. اللبناني القفل البلف عفوا الكهرباء نتظر قليلا وننتظر المتابعة من النافذه ولا سوف ناخذكم في جولة. الي الحدود الالمانية. اوالي عاصمة الضباب او ضواحي اكسفورد او الي brixton main rd يوم. قضيت الليل اتمشي بعد الساعة الثالثة صباحا وعين ماتشوف الا البرد الدينا شتاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: عباس عبد العزيز)
|
الأخ حاتم موسى
Quote: أها والبناني لمن لقاك جو البيت في الصباح, عمل شنو؟ |
اللبناني قمت الصباح شاكلته وقلت كيف تمقلبني بالشكل دة.. يأخي أنا بالأمس اضطريت أبيت برة طبعا ما عرف أني تلبت بالشباك .. ولو عرف كان حيسبب لي مشاكل وزي ما قلت ليك كرست بالحكاية ما قلتها لزول.. .. منير عثمان تحياتي وشكرا على المشاركة ... عباس عبدالعزيز أنحنا في الإنتظار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
أهلا بزميل البورد شمس ساتي .. ومعك حق عاصمة سويسرا بيرن .. و جنيفا أيضا عاصمة . . ما أظنها مدينة عادية زي زيورخ أو بازل أو لوزرن وبرضة يا شمس نعرف زي ما قال العزيز نعرف حالات تحديد المداخلات .. مع تحياتي.. .. الأخ يوسف بشارة .. شكرا المؤمن فعلا صديق .. وربما زي ما قلت أحيانا عنده قنبور .. ويمكن باقي الحكاوي الجاية تؤكد المقولة دي.. تحياتي .. الأخ عوض الحسن لك التحايا والأشواق .. سررت بمداخلتك ومتابعتك بعض ما أكتب .. لعلك قريب من الأبيض الثانوية حتى تمثلنا في اليوبيل الذهبي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
: : أولاً حمدالله بسلامة الوصول لجمهورية منقوليا، ومن ردك بتاريخ 27 يعني النت عندكم تمام، أرجو ان تكون المجموعة بخير، طبعاً هناك مافي شبابيك ، بس كتِّر من لبن الخـيل. التحامكم بأحفاد و حفيدات جنكز خان فرصة لملأ (الجراب) بالكثير المثير ، ودا موضوع بوست للربع الجديد.
أرجو أن تطلب من بكري نقل بوست (ليلة القفز بالشباك) للربع التالي، ليستمتع المتابعين ( بليلة القبض على الأمين).
و حتى نلتقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: ismeil abbas)
|
الأخ إسماعيل عباس تحياتي .. وفي انتظار ذكرياتكم عن لوقانو..
Quote: أرجو أن تطلب من بكري نقل بوست (ليلة القفز بالشباك) للربع التالي، ليستمتع المتابعين ( بليلة القبض على الأمين). |
الأخ ود المكي .. فعلا قبض علي ذات ليلة .. و أجبرت قسرا أن أهبط من القطار وأحتجزت في تلك المحطة المنسية بين الحدود اليوغسلافية اليونانية .. .. كان في عودتي السريعة من هامبرج إلى الحدود الجنوبية ليوغسلافيا مع اليونان الكثير من المغامرة والتهور .. وفيها أيضا شئ من التعقل والحسابات الصحيحة فما معي من مال قارب النفاد، وحتى الآن لم أوفق في العثور على عمل في ألمانيا .. لضمان شراء تذكرة العودة من اليونان لمصر وكانت وقتها حوالي الستة عشر جنيها .. تذكرة شبابية "Youth fare" . كان تخطيطي أن أحظى بفرصة للعمل مع أخ سوداني تعرفت عليه في رحلتي السابقة، كان مقيما في مدينة ساربروكن في الحدود الألمانية الفرنسية، ساربروكن تقع في إقليم السار الغني بالحديد والفحم الحجري، يحكون أن الفرنسيين والألمان أتفقا أن ينهيا نزاعهما في ملكية الإقليم بأن تكون فرص التعدين في الفحم الحجري وفي الحديد متاحة للطرفين دون أي اعتراض من الطرف الآخر.. وهكذا وضعوا حلا لمشكلة عصية الحل .. أتخيل لو اقترح فرد حلا مشابه لمشكلة حلايب، لصنفه القوم اليوم في قائمة الخونة أو المتخاذلين.. هو سوداني مقيم منذ فترة في ألمانيا .. ويمتلك ملهى ليلي اسمه جلاكسي في ساربروكن كتبت له خطابا أخبره فيه أني أود أعمل معه لفترة لا تتجاوز الأسبوعين وكنت أظن ببساطة أنه لن يمانع .. لم أتلق ردا منه .. وحينما وصلت أوربا وجهت وجهتي صوب ساربروكن. لكن حينما وصلت إعتذر ذلك الأخ عن توظيفي عاملا معه .. بحجة أنني لا أملك " ويرك بيرمت" وأنه سيعرض نفسه لغرامة باهظة إن هو تجرأ وتركني أعمل معه.. لا بأس تفهمت موقفه وانطلقت صوب الشمال فلدي خيار أن أشارك في معسكر للشباب في السويد.. لما وصلت هامبورج .. قابلتني مشكلة جديدة .. ذهبت لقنصلية او سفارة السويد للحصول على تأشيرة دخول للسويد، وكنت قد أجلت استخراجها من مصر ظنا مني أني قد لا أحتاج الوصول للسويد أذا وفقت في العمل في ألمانيا أو في ما قبلها من الدول.. في هامبورج طلبت منى السفارة السويدية الإنتظار خمسة عشرة يوما ريثما تأتي الموافقة لدخولي السويد من الخارجية السويدية في استوكهولم. كنت في العام الماضي قد أخذتها بسهولة من القاهرة .. لكن تصعب الأمر هذا العام بعد عملية أيلول الأسود في أولمبياد ميونخ.. وصار هناك تشديد في دخول العرب للعديد من دول أوربا.. لذا قررت سريعا العودة للديار.. وأقرب بلاد لمصر هي اليونان .. علي أن أدخل اليونان رغم القوانين المقيدة للدخول التي شرعت حديثا .. في بلغراد عاصمة يوغسلافيا أنذاك حصلت على تاشيرة لدخول اليونان وأشتريت تذكرة بالقطار من بلغراد إلى سالونيكا في شمال اليونان.. فالسفر عن طريق البر بالسيارات عبر يوغسلافيا غير ميسور ولن تجد العدد الكافي المسافرين في ذلك الطريق ليقف لك أحدهم ويقلك معه.. الآن نحن في القطار، الساعة الثانية صباحا، توقف القطار عند محطة الحدود..كنا في القمرة مجموعة من الشباب، نتآنس ونضحك .. أثر الصرير الحاد لعجلات القطار الصلبة على القضبان، توقف القطار، جاء موظف الجوازات وأخذ يتفقد جوازات المسافرين ... أمسك كما هي العادة بجواز سفري بالمقلوب وأخذ يقلب صفحاته من اليسار إلي اليمين ولم يجد شيئا ، ثم قلب الجواز مرة ثانية لكنه ما زال بالمقلوب وبعد لأي اهتدى للوضع السليم، وبحث بين التأشيرات العديدة عن بغيته.. وقف مليئا .. وطلب مني الهبوط.... دخلت إلي غرفة باردة.. المحطة قاحلة باردة وكأنها خارج التاريخ.. وهناك قابلت مسؤولا أعلي رتبة منه .. ووجه لي أمرا بالهبوط من القطار .. أمرني بإحضار حقيبتي واحتجز جواز سفري في درج مكتبه..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
الأمين، سلام.
شكـرا وســرد ممتـع جدا، وأحمـد ربك انو ذاكرتك لسـه متقـدة وتتابع التفاصيل.. وتقريبـا وقتك دا هو نفس الوقت الذى بدأت انا فيه السفـر. ومع إنى ما بعرف أنضـم زى نضميك دا، لكن احكى لك واقعـة تقريبـا لها علاقـة.. الكلام دا كان عام 1980 جيت من فرناكفورت لباريس عن طريق مطار أورلى، وأخذت تاكسى ب 75 فرانك.. بتاع التاكسى وموظفة الإستعلامات فى المطار إتغاتتوا على وما ورونى انو فى بص يمشى للمدينة.. المهم وصلت محطة القطارات قار دو نورد.. وقفلت الشنطـة فى اللوكرز.. وبديت أسأل عن بيت الشباب، سألت بوليس كان واقف جنب زميله.. فقال لى بالفرنسيـة لا كارتيـه.. فلم أفهـم.. وأشار له زميله ان يتركنى.. وعلمت فيما بعـد أنه سألنى من الجواز. المهم مشيت منهم وبعـد شويـة فى شابين فرنسيين وقفونى وعرضوا المساعـدة ان يوصلونى لبيت الشباب، فشكرتهم وواقفقت.. لم يكن قريبـا من محطـة السكة حديد (قار دو نورد).. وركبنا المترو، وحين وصولنا كانت الساعـة الحاديـة عشـر، فرفضت موظفـة الإستقبال استضافتى بدعوى ان لا غرف متوفرة وعلى ان اتى غـدا.. حاول الشابان إقناعهـا دون جدوى.. ولم تكن عندى أموال للنزول فى فنادق باريس الغاليـة.. ولكنى شكرتها وإنصرفنـا.. وقبل خروجنا نادتنى الموظفـة.. وقالت انها ستعطينى سـرير لليلـة واحدة وعلى ان أخرج غدا وأقدم طلبا اخر من جديد، وطبعا وافقت على الفور.. طبعا كل الشباب نايمين.. وفتحت باب غرفـة بهدوء ورتنى السرير الدبل، فوق... طرزان.. المهم مع التعب والإرهاق نمت بسرعـة.. فى الصباح صحيت على أصوات الروم ميتس.. وداخل العنبر فى أحواض صغيـرة لغسيل الوجـه واليدين.. المهم رفعت البطانيـة، فوجدت العنبر كله بنات ويغسلن وشوشن فى الحوض.. وماخدات راحتهن فى اللبس.. الحمد لله ما شافونى واتغطيت تانى بالبطانية لحد ما يطلعوا كلهم.. فى الوقت دا نمت.. كلهم طلعوا.. بعد شويـة اسمـع ليك صوت أمرأة وتضرب على سريرى حتى أصحو.. رفعت البطانيـة، وأتايرها بتاعة النظافـة، إتخلعت ونضمت كتير بالفرنسيـة طبعا ما فهمت منه شئ.. لكنى فهمت معناه (فى سياقـه).. المهم طلعت وبتاعـة الاستقبال أدتنى غرفـة تانية فى عنبر الشباب (لأنه عندما جئت لم يكن سرير فاضى).. والظاهـر الموظفـة السابقة رأت أنى زول مسكين ومسالم وجاى من سفر بعيـد وأشفقت لحالى، وإلا ممنوع الشباب ينوموا فى غرف البنات.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
سألني الضابط : ما الغرض من زيارتك اليونان؟ قلت له : سياحة .. قال لي : إذن عليك أن تبرز حيازتك لمبلغ من المال لا يقل عن أربعين جنيها أسترلينيا أو مائة دولار.. قلت له ليس معي سوى عشرة جنيهات .. لكني أتوقع تحويلا من بلادي في أثينا.. هز رأسه مستخفا .. وقال لا .. لا يمكنك الدخول بأقل من مائة دولار... قلت له : لا أنوي أن أمكث كثيرا في اليونان وسوف أغادر سريعا بالطائرة إلى مصر.. بادرني بالسؤال فورا : أين تذاكر الطائرة.. أسقط في يدي.. كذبت عليه قلت له هي في مكتب الخطوط الجوية السودانية في أثينا وسوف أستلمها عندما أصل أثينا.. نظر لي وكأنه يقول لي أنا أعرف أنك لا تقول الحقيقة .. ثم ... ثم أمر الشرطي الذي أنزلني أن يذهب معي إلى القطار لإحضار حقيبتي. ووضع جواز سفري في درج مكتبه. تيقنت أنني لن أسافر في هذا القطار.. وصلت إلى القمرة ووجدت الشباب الذين كنت معهم مهتمين بأمري .. سألوني عما يحدث؟؟ أخبرتهم بموضوع النقود التي يطلبونها مني .. بادر أحدهم .. نستطيع أن نعطيك المائة دولار.. شكرتهم .. فالأمر أصبح مكشوفا الآن .. ليتني فكرت في ذلك قبل وصولنا الحدود.. في الغرفة الباردة وفي تلك المحطة المظلمة المنسية ظللت محتجزا ممنوعا من مواصلة سفري.. وتحرك القطار بدوني.. ولدقائق كنت قليل الحيلة مهيض الجناح.. أنظر إلى ذلك القطار يختفي في عتمة الليل ويتركني في بقعة حدودية لا أستطيع التحرك منها شمالا أو جنوبا.. ثم حولت إلى غرفة أخرى بها كنبات للجلوس من الخشب .. الغرفة خالية من أي أثاث لكن على جنباتها الأربعة تمتد هذه الكنبات .. وهناك رأيت شخصين نائمين.. وجلست غير بعيد منهما.. تبينت من ملامحهما أنهما سودانيين.. في الغربة عندما تقابل سودانيا يزول عنك كل إحساس بالوحشة والوحدة فسعدت بوجودهما.. هذان أيضا إثنان من بني جلدتي منعهما هؤلاء الأغاريق من الدخول لبلدهم.. ومضت حوالي الساعة وأنا أبحث عن حل .. إستيقظ رفقائي .. تعارفنا.. أقنعتهما أن مشكلتنا محلولة بإذن الله.. سألاني كيف ؟؟ قلت لهما " سندخل اليونان .. لكن عن طريق البر ! " أحدهما كان ساخطا لاعنا قال بعد أن شرحت لهما فكرتي.. أنا سأعود لبلغراد .. وأخذ يلعن ويسب كلاب أوربا.. .. جاء القطار القادم من استانبول .. توقف لدقائق وكنا نحن الثلاثة المسافرون الوحيدون من تلك المحطة وجميعنا سودانيون وأمامنا شرطي .. أجلسنا في قمرة كانت فارغة .. و لما بدأ القطار في التحرك .. سلمنا الضابط الكبير الذي كان واقفا قبالة النافذة جوازاتنا وانطلق القطار .. وغادرنا الحدود اليونانية في طريقنا إلى أول محطة في الحدود اليوغسلافية.. هناك هبطنا من القطار مسرعين قبل أن تقبض علينا السلطات اليوغسلافية بحجة عدم حوزتنا على تأشيرة دخول ليوغسلافيا .. في المحطة سألنا شخصا عن الطريق ( الهاي واي) فأشار إلى الغرب.. أهو قريب؟؟ قال ليس بعيدا.. رفيقنا الثالث بالطبع رفض أن ينزل معنا وواصل سفره إلى حيث كان يقيم في بلغراد.. كان ضوء الفجر قد ابلج.. وأخذنا نتحسس موضع أقدامنا وسط تلك الأحراش والعشب الكثيف .. وبعد نصف الساعة شاهدنا الطريق الأسفلت أمامنا.. وما أن أدركناه حتى وجدنا سيارتين على جانب الشارع كان أصحابهما نائمين وقد صحوا لتوهما واستعدا لدخول لليونان .. إذن مهمتنا أن نعبر إلى اليونان معهما..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
لم نستطع اللحاق بالعربة الأولى.. إنطلقت قبل أن يشاهدونا.. لكنا أدركنا الثانية وأخبرناهم برغبتنا الوصول معهم إلى اليونان.. توقفوا وكانوا ثلاثة في السيارة.. إثنان في الأمام وواحد في الخلف.. فتحت باب السيارة ودخلت ولما حاول رفيقي الدخول منعه أصحاب السيارة قائلين أن السيارة لا تسع إلا لشخص واحد.. وحاولت أن يسمحوا له بالركوب فرفضوا .. ولم أحاول النزول معه فأنا أعلم أن فرص السفر على طريقة الهيتش هايكنج أيسر لشخص واحد من اثنين .. وأوصيته أن يقف على يمين الطريق وسيجد سيارة تقله.. وتحركت بدونه .. لأبدأ مرحلة جديدة من النضال للوصول لأثينا.. ما أن انتهيت من التحايا والسلام ومن أين أنت , ومن أين انتم حتى اغتنمت الدقائق القليلة أمامي قبل الوصول إلى منصة الحدود في الحصول على سلفة إلى حين من هؤلاء الشباب لأعبر بها إلى اليونان .. أخبرتهم برغبتي أن يسلفوني مائة دولار أبرزها لمسؤولي الحدود وأردها لهم بعد العبور.. رد أحدهم في استنكار بائن .. كيف نعطيك نقودنا.. قلت له أنا لا أطلبها لنفسي أريد فقط أن يراها موظفو الجوازات حتى يسمحوا لي بالدخول لبلادهم وبعد ذلك سأردها لكم .. و.. و كأني أخاطب عقولا صماء .. لا .. لا.. نحن لا نعطي نقودنا هكذا للآخرين.. السيارة تنطلق بسرعة فائقة صوب النقطة الحدودية .. ومحاولاتي لإقناع الشباب في كل مرة تبدو أكثر فشلا.. لكني لا أيأس .. يعلم الله وحده ما الذي سيحدث لي إذا احتجزتني جماعة الحدود في هذ الطريق البري.. .. وتوفقت السيارة .. ووفد إلينا موظف الجوازات .. تفقد جوازات رفقائي وأعادها إليهم .. وتفقد جوازي مليا.. ونظر إلي.. ثم توجه تلقاء المكتب. علمت أنني مقبوض علي بلا شك .. إذن لا بد من إعادة المهمة وباستماتة وضرواة هذه المرة.. قلت له ألا تفهم أنا لا أريد منك مالا .. كل ما في الأمر أني سأحرم من الدخول لليونان إن يكن معي هذا المبلغ.. و قبل أن يستجيب كان موظف الجوازات قد عاد من المكتب وطلب منى مرافقته .. في تلك اللحظة أخيرا فهم رفيقي حرج موقفي .. وقرر أن يقوم بالواجب ففتح محفظته وناولني حزمة من الدولارات تقارب الخمسمائة دولار.. وبينما موظف الجوازات يراقب المشهد.. أعدت لرفيقي النقود وقلت له أنا لا أحتاج لأكثر من مائة وأصر علي أن آخذها.. فوضعتها في جيبي على عجل وهبطت من العربة .. وانطلقنا إلى المكتب ..وبعد هنيهة كنت أقف أمام الضابط..وأنا أتحسس الأوراق الخضراء في جيبي.. كان الضابط يقلب في جواز سفري وينظر إلى تأشيرات الدخول العديدة بداخلة والأختام.. التفت إلى باسما وختم على صفحة فارغة تاريخ دخولي لليونان و قال : مرحبا بك في اليونان.. .. ولم يسألني عن النقود !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: بدر الدين الأمير)
|
: كنت مرهقاً فاستلقيت على السرير مبكراً في ذلك اليوم.... لم تكن هنالك مشكلة كبيرة في ذلك الزمان حتى تمنح تأشيرة سياحية لأي دولة من دول أوربا ، فالموانع المستجدة في عالم اليوم، والتي لها تأثيرها على العلاقات الدوليه، الإرهاب وإفرازاته وما له من تأثير على حركة الناس وتصنيفهم قبولاً أورفضاً ، وغير ذلك من أمور السياسة التي أصبحت حائلاً دون أن يحصل الفرد على تأشيرة لدخول دول أوربا بسهولة ويسر في أيامنا هذه. كان كمال يؤرقنا في الكلية بمغامراته في أوربا بعد كل اجازة صيفية يمضيها هناك، فهو من الشباب (المجاسفين) الذين خبروا كيف يستثمرون إجازاتهم باستكشاف عوالم ليست متاحة لبقية أقرانهم ، أوليست لديهم الجرأة لاقتحامها ، ونتيجة لسفراته المتعددة فقد أصبح (دنجواناً) يستقطب معظم بنات الكلية حوله.... حكى لنا كيمو (كما يحلو لبنات الكلية مناداته) أنه دائماً يبدأ باليونان حيث يحل بها في موسم جني العنب، ومن ما يكسب من العمل في مزارع العنب يمول رحلته لبقية الدول التي ينوي زيارتها وحتى العودة للسودان!
قلنا (ما فيش حد أحسن من حد).... عقدنا العزم أنا وصديقي بابكر محمد الأمين على نسف اسطورة كيمو، فقررنا قضاء أول إجازة لنا في أوربا على أن نستفيد من خططه، وأن نبدأ باليونان.... عندما حانت الإجازة دبرنا حالنا، وحملنا حقائبنا على ظهورنا وتوكلنا على الحي الذي لا يموت ، وامتطينا قطار حلفا، ومنها بالباخرة النيلية إلى اسوان ، ومن اسوان بالقطار مرة اخرى إلى القاهرة حيث مكثنا بها يومين، ثم إلى الإسكندرية ومنها عبرنا المتوسط إلى ميناء باريوس اليوناني.... في الميناء استقبلنا رجل يوناني اسمه ديمتري ينِّي بقديس (عرفنا باسمه هكذا). فاتني ان أقول اننا تعرفنا في الباخرة على خمسة من الشباب المصريين من بين الركاب الذين كان جلهم من المصريين، قالوا انهم من طنطا .. كانوا قريبين منا عندما عرفوا وجهتنا، ولكنهم قالوا إنهم سيعبرون إلى أيطاليا بعد ان ينتهي موسم جني العنب، وانهم لن يعودوا لمصر قبل أن يكوِّنوا أنفسهم ، ربما بعد سنتين أو ثلاثة قال احدهم.... سألنا ديمتري بإنجليزية ركيكة إن كنا نرغب في العمل فتوليت الرد وأجبته بنعم ، وأضفت بأننا ننوي العمل في مزارع العنب. قال ديمتري إنه سيجد لنا العمل الذي نرغب فوافقنا سبعتنا .
ركبنا مع دمتري عربة نصف نقل ، ركبت معه في الأمام بحكم إنني نصبت نفسي ناطقاً رسمياً باسم المجموعة، لكون أصدقاءنا المصاروة لا يعرفون من الإنجليزية سوى اسمها، وركب صديقي بابكر معهم في صندوق الشاحنة.... توقف ديمتري أمام منزل ما ، وأدخلنا إلى غرفة طرفية بها مجموعة من الكراسي ، ثم غاب قليلاً وأحضر لنا ثيرمس ماء وكوب وقال إنه سيأتينا بعد أقل من ساعة (يبدو انه سمسار عمال).... جلسنا يملؤنا التفاؤل بنجاح رحلتنا وبدأنا نرسم احلامنا على ضوء كلام ديمتري بأننا سنجني عائداً مجزياً من العمل في موسم العنب. تخيلت كيف سننسف عالم كيمو أنا وصديقي بابكر عندما نعود للكلية...... يا ويلك يا كيمو!!
بينما كنا نتجاذب اطراف الحديث ونحن في انتظار ديمتري على احر من الجمر، سمعنا صوت انثوي في الخارج، ولما كنت قد تزعمت المجموعة تماماً ، خرجت لأستطلع الأمر، فإذ بفتاتين عشرينيتين في غاية الجمال ، أليس هن حفيدات فينوس، صدق شاعرنا حين قال : ليتني يا مريا.. إزميل فدياس وروحاً عبقريا.. كانت كل منهما ترتدي شورتاً قصيراً وبلوزة ساخنة لا تخفي الكثير من ما تحتها، أشارت لي احداهن بأن تعال ، قلت إنهن ربما في حاجة لمساعدة فتقدمنني إلى داخل المنزل، دخلن إحدى الغرف فدخلت وراءهن فأغلقت إحداهن الباب، وفجأة قفزت علي الأخرى واحتضنتني بقوة.. أُصبت بمفاجأة تامة.. أطبقت بفمها على فمي فسرت الدماء في عروقي من جديد ..غِبنا في قبلة عميقة وحميمة وإذ (بِلكزة) قوية على خاصرتي جعلتني أقفز من نومي مزعوراً، وإذ بأم العيال تصيح : مالك يا راجل (تمصمص في العرديب) قول باسم اللهِ!!!!!!!!!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: garjah)
|
الأخ جرجاح .. تحياتي وشكري على المتابعة .. أهو أنا بحاول أفتفت وابحت.. ... أشرف كمال حمد .. تحياتي لك وأسرتك الكريمة.. سررت بمتابعتك ... ألف شكر .. أتيم شكرا على ثنائك العاطر ,,, الأمير بدرالدين الأمير وأخونا محمد فضل الله .. رغم أنو الحكاوى عن أوربا قد تقود إلى مثل تلك الأخبار إنا أننا إحتراما للقراء نحيد قدر الإمكان عما يشين مسيرتنا تلك الإيام ونميل إلى عرض الجانب المضئ ومعذرة أن اضطررنا لحكي بعض ما لا يجوز.. ... لكما كل الشكر والتقدير.. ودمتما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
رب أخ لك لم تلده أمك .. ذاك كان هو روبي من الولايات المتحدة الأمريكية التقينا في جنوب ألمانيا ودخلنا إلى سويسرا معا حتى عبرناها ووصلنا ميلانو في شمال إيطاليا.. روبي شاب لطيف تحبه لبساطته وحيويته ومحبته للآخرين.. ليومين كاملين ترافقنا أنا وروبي وكان يتحدث الألمانية ومعه شهدنا أغرب حالات العنصرية .. دخلنا مطعما فاخرا نوعا ما ، فمع روبي ارتفع مستواي الطبقي وصرت أقصد الأماكن الراقية، لكنا لم نهنأ بالجلوس طويلا هناك إذ كان بجوارنا رجل متقدم في العمر ضخم الجثة جالسا في انتظار الجرسون، لكن ما أن حضر الجرسون حتى ثار الرجل غاضبا وإذا به يرغي ويزبد.. ويأمر أن يأتيه صاحب المطعم.!! لم ؟؟ وعلى جناح السرعة يأتي مسؤول كبير يخاطب الرجل بكل احترام والرجل يحتج كيف هو سويسري أصيل يقصد هذا المطعم ويأتي لخدمته جرسون يوغسلافي.. إن ذلك لا يليق به فهو لا يرضى إلا أن يخدمه جرسون سويسري مثله !! وتعجبنا أي نوع من الإعتداد بالقبيلة هذا؟؟ ... شرح لي روبي الحكاية كلها إذ كان الحوار يدور بالألمانية وقال لي أن من الأفضل لنا أن نغادر هذا المطعم فلن يحدث لنا خير إن نظر ذلك العجوز جانبا ورآنا إلى جواره ,, وفعلا تحركنا صوب مطعم آخر.. ومع روبي سافرنا ووصلنا إلى برونن مدينة صغيرة في أعالي الإلب، أضطررنا للمبيت بها وكنا نعلم أنه لا يوجد بها بيت للشباب فكتاب بيوت الشباب العالمي يعطيك جميع العناوين مرتبة بالإبجدية الإنجليزية فما عليك إلا البحث فيه، فإن لم تجد إسم المدينة به فهذا يعنى عدم وجود بيت للشباب.. عليه لما أدركنا مغيب الشمس في برونن تبين لنا حينئذ أنه لا بد لنا أن نبحث عن فندق رخيص .. وأخذنا نجول ونمشي في الطرقات ونسأل .. أخبرنا أخيرا أن هناك فندق بسعر معقول .. بل كان أكثر من رخيص وذهبنا إلى الفندق وكنا نظن أنه فندق بائس لكنه كان فاخرا.. كان صغيرا لكن في غاية الفخامة.. وقد تساءلنا .. لم كان رخيصا هكذا؟؟ إكتشفنا الحقيقة بعد أن حجزنا فيه غرفة أنا وصديقي روبي.. وأمضينا الليل.. وكانت ليلة ليلاء لم يغمض لنا فيها جفن .. فقد كان الفندق مسكونا..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
يايا أو يحى شاب إفريقي من غانا إلتقيت به في إحدى مدن ألمانيا القريبة من فرنسا.. بشوش يتحدث الفرنسية والألمانية والعربية ولغته الغانية و قليل من الإنجليزية.. فوق ذلك فهو لاعب كرة ماهر يلعب مع إحدى الفرق المحلية..إلتقينا ودعاني لتناول مشروب معه في المقهى المجاور.. جلس مقبلا بكلياته يود أن يتحدث العربية فتغلبه فيتحول إلى الألمانية فأخبره أني لا أعرفها، فيتحول للإنجليزية.. أيضا يعوزه التعبير فيلجأ للفرنسية.. مرت بطاولتنا فتاة رقيقة فدعاها للجلوس معنا .. فلم تمانع .. وصار يحادثها بالألمانية..وينتقل إلى مواصلا حديثه بنفس اللغة ولما يتذكر يعود للعربية .. ثم يتجه بنفس العربية للفتاة الألمانية يخاطبها فتحتار.. أتى شابان فاستأذنا للجلوس معنا .. وجلسا دون أن نعترض.. وصارا يبديان ترحيبهما الحار بنا .. وأخذا يتحدثان أحدهما إقترب من يحى والآخر مني وصارا يبديان لطفا غير عاديا.. ويتحدثان ولما التفت ليحى أرجو معرفة ماذا يقولان .. يرد علي بإشارة من رأسه .. دعك منهما وينصرف إلى الفتاة.. ثم وفد إلينا شابان آخران فصرنا سبعة حول الطاولة.. أحست الفتاة بضيق فاستأذنت إلى طاولة أخرى .. وفجأة .. تصاعد الموقف بصورة لم نفهمها.. فإذا بالشابين القادمين لتوهما ينقضان على الآخرين فيوسعانها ضربا.. وتوالت اللكمات على وجه أحدهما وسالت الدماء من انفه.. ولم نفق نحن من هول ما يحدث حتى دلف إلى المقهى شرطيان ولمحت العاملة خلف طاولة الخدمة تشير للشرطيين إلينا.. في تلك اللحظة جلس الشابان المعتديان بسرعة إلى جوارنا وصارا يربتان على كتوفنا بمعنى أن كل شيء على ما يرام لا تقلقا.. ووجدت نفسي لا شعوريا أبعد يده عن كتفي.. وما أن وصل الشرطيين إلينا حتى أوضحت له النادلة.. أن مثيري الشغب هم الشبان الأربعة ,, وأخبرته أن لا شأن لهذين الإفريقيين بما يحدث.. وأمسك الشرطيان بالشباب دون أدنى مقاومة واقتادوهم إلى الخارج .. ... دخلنا في ذلك اليوم دون أن ندري إلى مقهى يؤمه المثليون...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: محمد فضل الله المكى)
|
قبل البعدين, ومن فرط أندماجي في القصة أود منك الإجابة, لو إتكرمت على التالي:
روبي أمريكي أسود أم أمريكي أبيض أو ملون (أعتقد أنه أسود)
وما الذي يدفع أمريكي بغض النظر عن لونه لترك بلاد الأحلام والعالم الجديد ليجرب حظه في القارة العجوز, حاله حال المساكين من القارة السوداء
وبعدين أرحمنا بصورة من صورك في الزمن الجميل بدل ما نرسم صورتك في خيالنا, مرة زي توم سوير, ومرة زي ويل سميث.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: نافع الكوماوي)
|
محمد عبدالماجد الصائم محمد فضل الله المكي حاتم موسى عبدالعزيز نافع الكوماوي علي بوب والطيب عبدالله عبر الفيس بوك تحياتي وشكري على المشاركة والمؤازرة.. .. حاتم روبي كان أمريكي أبيض .. ما زالت صورته ماثلة أمامي لم تنمح..
Quote: وما الذي يدفع أمريكي بغض النظر عن لونه لترك بلاد الأحلام والعالم الجديد ليجرب حظه في القارة العجوز, حاله حال المساكين من القارة السوداء
|
تتحدث يا حاتم بلساننا نحن الأفارقة ننظر لأوربا كبلاد أحلام أما الأمريكان فهم أهل ثروة ومال ويفدون لأوربا فقط للسياحة وهم يمثلون أكثر من ثمانين بالمائة من رواد بيوت الشباب .. وشكرا لك على طلب الصورة .. سأبحث .. لكن الخيال دائما أجمل من الحقيقة .. خاصة إذا كنت ذا خيال خصب.. ويلي سميث حته واحدة.. طبعا توم سوير كان مبهدل شديد..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
ما أن فصلت من مصنع قوالب الأحذية .. حتى عدت في اليوم التالي أجمع ما استحقه من مال لي لديهم .. أخذت أموالي ومشيت إلى الميناء أتجول على الكورنيش .. وهناك ويا لحظي السعيد وجدت رجلا متقدما في السن .. حياني وسألني إن كنت في حاجة للعمل.. أجبته فورا نعم قال حسنا لدي لك عمل لكنه ليس هنا بل خارج أثينا وبريوس.. قلت لا بأس، قال إذن نتقابل غدا هنا الساعة العاشرة صباحا ومعك أمتعتك وسوف تبحر بالعبارة إلى جزيرة إسمها إسباتسي في البحر الأبيض المتوسط وستعمل هناك في فندق في غسل الأواني.. جزيرة إسباتسي .. واحدة من مئات الجزر المنتشرة في المتوسط والتي يؤمها الأوربيون من المناطق الباردة في الصيف حيث يستمتعون بالشمس المشرقة والدفء والبحر وببلاد الإغريق وحضارتهم العريقة .. هي جزيرة صغيرة جدا تمتد في طولها من الشرق إلى الغرب لحوالي الست كيلومترات أما عرضها فلا يتجاوز نصف ذلك الطول .. تقوم على مرتفعات جبلية وترى فيها منازل اليونانيين الصغيرة المسقوفة بالقرميد الأحمر وتشاهد فيها كل بيت وكأنه بني فوق سقف الآخر وتتميز بساحل رملي أخاذ.. أمضيت أسبوعين في إسبوزودونيون هوتيل الفندق العتيق في الجزيرة نسكن في غرفة في السطح برفقة أخ سوداني اسمه محمد عطا.. عطا لم يعجبه الحال في الفندق، وكان يتوق إلى عمل أفضل فأبدى رغبته في العودة إغتنمتها فرصة فأخيرت مدير الفندق أن باستطاعتي أداء عملي وعمل عطا فهل آمل أن تزيدوا لي أجري؟؟ فلم يوافق !! في ذلك الفندق سعدت بغسيل كم هائل من الأطباق والأكواب وكنا نستخدم منظفا سائلا شديد التركيز .. أدى إلى تقرح راحتي يدي حتى أنهما لم يرجعا لطبيعتهما إلا بعد زمن.. وكان الشيف في المطبخ حينما يعجبه عملي يعبر لي إعجابه بعملي بتقديمه هدية خاصة.. هدية لا تقدم إلا للأشخاص المهمين .. فكان يدلف إلى خزانة الفواكه المثلجة فيخرج منها سريحة من البطيخ بمبية اللون ذات طعم يذكرني ببطيخنا البلدي في كردفان قبل ان نعرف البذور المستوردة والروثمان.. وفي اسباتسي كنت قد اقتنيت زيا للسباحة وكنت أنزل إلى مياه المتوسط الزرقاء الباردة المنعشة واستمتع بالسباحة.. رغم أن العناية الإلهية قد أنقذتني مرتين من الغرق في السودان .. مرة في خزان ود البغى جنوبي الأبيض ومرة بجوار سد جبل أولياء.. نجاتي من الغرق حفزتني أن أتعلم السباحة في السنة الأولى بالجامعة .. فكان أن سبحت بعد ذلك في المتوسط وفي بحر البلطيق.. في أقصى الشمال بالقطب الشمالي..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
في استكهولم بالسويد كنت في ضيافة أسرة أوربية مقيمة هناك مكونة من زوجة هولندية وزوج هنغاري، أطفالهما بالتبني كانا طفل وأخته من فيتنام.. إليزابيث هاليز وزوجها إستفان.. أناس كرماء رقيقين ولطيفين يجعلونك تنسى الغربة والوحدة.. كانا أصدقاء لأخي فاروق عبدالرحمن وفاروق هو من شجعني على ارتياد تلك الديار في تلك السن المبكرة وهو من ساهم بتمويل معظم تكاليف الرحلة وأفضاله هو وأخوتي الكبار ووالدي لن أنساها ما حييت، لهم منى كل التقدير والشكر.. أعطاني فاروق عنوانهما وأخبرني أنهما سيستضيفاني لثلاثة أيام وأوصاني بالكثير من الوصايا.. والتزمت بها إلا أنني لما نمت في الكنبة وكانت هي الفراش الوحيد الفائض في الصالون تقلبت فيها إلى أن وجدت في الصباح إحدى أزرار فرش الأريكة وقد شارفت على الإنقطاع.. قالت لي أليزابيث نأسف ليس معنا غير لحم خنزير لكنا سنذهب للخارج ونأتي لك بلحم بقري يمكنك أن تأكله وخرجنا نجوب المدينة كان اليوم يوم سبت ومعظم محلات البقالة في عطلة وكلما نمضي لمحل نجده مغلقا.. ثم بعد لأي وجدت إليزابيث محلا فاتحا وأشترت لي لحما.. شكرا لها ولزوجها.. فؤجئت حينما تم تقديم العشاء بقطعة صغيرة من اللحم موضوعة على الطبق وكنت أظنها مع التعب الذي بذلوه لشرائها أكبر من ذلك بكثير .. مع أليزابيت و إستفان والأطفال أمضينا يومين في منزلهما الصيفي في شمال إستوكهولم.. منزل ريفي بديع .. كان سريري في الطابق العلوي وعلى جانبي السقف المائل .. المنزل مشيد من أخشاب الصنوبر .. يقوم لوحده في غابة شبه كثيفة.. وقد شاهدت نهارا بعوضا في اضعاف حجم بعوضنا.. لكنه لا يعض.. المنزل مطل على بحر البلطيق.. أعطوني لباسا للبحر.. ورأيت أن اسبح قليلا في تلك المياه.. وجدت الماء باردا كالثلج فأحسست بالإنتشاء ونزلت بجسدي كله داخل الماء وقبل أن أستلقي سابحا داهمني شعور قوي أنه من الأفضل لي أن أخرج فورا من هذا الماء. خرجت وجلست على صخرة بجوار الماء و لسعتني نسمة باردة من الهواء ثم أخذ جسمي يرتجف.. وأخذ يهتز بعنف وظللت لوقت طويل أهتز وأستجمع أنفاسي حتى ظننت أنني لن أعود ساكنا مرة أخرى... لما هدأت .. حمدت الله على نعمة الدفء والشمس الحارقة التي ننعم بها في بلادنا...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
في طريقي شمالا انتهجت نهجا تقشفيا ابتدعته وحدي.. قررت الضغط على مصروفاتي في المأكل وفي النوم فكنت أمضي نهارا جائعا شبه صائم، في مقابل ذلك كنت أنوم تلك الليلة في بيت الشباب، بينما في اليوم التالي أتناول وجبة طيبة لكني أبيت الليلة في الحديقة.. بيد أن الإلتزام بذاك التقشف في جانب النوم في الحديقة كان شاقا عليّ نوعا ما فكنت أتحاشاه إلى أن وصلت هامبورج وفي تلك الليلة أصررت أن أقاوم نفسي فنمت في وسط الحديقة .. أفترشت فراشي في تلك النجيلة الباردة، كانت درجة الحرارة قد أنخفضت إلى أقل من ست درجات.. حقيقة لم أكن أملك حقيبة نوم مثل التي أراها لدى الأمريكان.. بل كانت معي بطانية وملاءة وكيس بلاستيك كنت افرشه على الأرض أرقد عليه وندمت أشد الندم أني فعلت ذلك وأسفت على نفسي تلك الليلة، فغير البرد الشديد الذي غاص إلى عظامي كنت ما أن أدفأ قليلا حتى أصحو مذعورا على ركلة في ظهري من رجال الشرطة.. أصحو وقبل أن أتبين شيئا كانوا يسألوني في غلظة ظاهرة عن جواز سفري فأمده لهم فينظرون إليه وفجأة يتغير سلوكهم فيتحول إلى لهجة بها ود بائن فيسألوني أليس الجو باردا عليك؟؟ فأغمغم بكلمات ويذهبوا.. صحوت تلك الليلة ثلاث مرات على ركلات رجال الشرطة ثم في كل مرة كنت أشهد تحول تلك الغلظة إلى الرقة.. وكما يقول ذلك الفقير الذي كان يجوب شوارع الأبيض واعظا ومنبها.. إن طال الليل لا بد للفجر وإن طال العمر لا بد للقبر.. بعد تلك الليلة الطويلة جاء الفجر وتحركت من تلك الحديقة الباردة صوب ملجأ دافيء..ولما جاء رد القنصلية السويدية السالب في شأن منحي التاشيرة لدخول السويد قررت العودة بأسرع ما يمكن للسودان.. تحركت من هامبورج صباحا وفي نهاية اليوم كنت قد وصلت للحدود الألمانية السويسرية.. في وقت متأخر من الليل وصلت إلى بيت الشباب في مدينة فرايبورج الألمانية الحدودية.. أدركت البيت قبل أن يغلق أبوابه.. وآويت إلى غرفة كبيرة قصيرة السقف.. مليئة بالأسرة وبها بعض الشباب.. وضعت رأسي المرهقة على الفراش ونمت ففي الليلة الماضية في هامبورج لم أذق طعم النوم.. ثم أحسست أن هناك يد تربت على كتفي وتعمل على إيقاظي.. رفعت رأسي المثقلة بالنوم فرأيت شابين أحدهما يقول لي نأسف سوف نسبب لك إزعاجا.. إنتبهت على الفور وقلت له ماذا تقصد.. قال لا لا شيء نخشى أنك لن تستطيع النوم معنا.. قلت ولماذا لا أستطيع النوم فأخذا يضحكان ويتغامزان.. أزعجني حديثهما.. فكررت له السؤال ؟ رد عليّ أن صديقات لهم سيزورونهم الليلة.. فقلت أليس ذلك مخالف للنظم.. فأمنا على حديثي وقالا نعم نعم.. وعدت إلى سريري .. لم ألبث إلا ثواني حتى رحت في سبات عميق ونمت إلى وقت متأخر في اليوم التالي.. صحوت في الصباح أجمع حاجياتي على عجل وأجهز نفسي للسفر عبر سويسرا ويوغسلافيا عبورا إلى اليونان وباقي الحكاية رويتها لكم. .. بيد أني لا أدري إن كانت الفتيات اللآتي تحدث عنهن الشبان قد تسللن إلى عنبرنا في تلك الليلة أم لا ؟؟ .. سر تعامل رجال الشرطة الرقيق معي حين مشاهدتهم للتأشيرة الألمانية لم أعرفه إلا بعد حين.. فقد كنت لا أدري أن موظف السفارة الألمانية في الخرطوم قد منحني تأشيرة الدخول لألمانيا لأكثر من رحلة وأنه قد كتب لي فوق ختم التأشيرة بأحرف واضحة بالكابيتال VIP، صراحة لم ألاحظ تلك الاحرف لما منحت التأشيرة ولم أكن أعرف معناها حتى.. والحكاية أن أخي فاروق عبدالرحمن المستشار بوزارة الخارجية بالخرطوم حينها كان قد كتب لي للقنصل الألماني مذكرة حتى أمنح التأشيرة إذ كان هناك تشدد في دخول ألمانيا للعرب بعد عملية أيلول الأسود في أولمبياد ميونخ في العام 1972، أذكر أن ذاك القنصل رحب بي ودعاني إلى مكتبه وقام بإجراءات التأشيرة وسلمني الجواز.. بيد أنه لم يخبرني أن سأدخل ألمانيا وأنا من كبار الشخصيات .. في آي بي ..!! ولو كنت أعلم لما فكرت في النوم في الحديقة تلك الليلة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
مسار رحلتي من أثينا لأستوكهولم .. كان يمكن أن يكون عبر اليونان، يوغسلافيا، المجر، النمسا ، ألمانيا الغربية السويد وحيث أن الأتوستوب عبر الدول الإشتراكية كان صعبا وغير معهود ( بسبب نفور الأمريكان وقتها عن زيارة الدول الشيوعية ولقلة الطرق والسيارات والمسافرين) عليه كان مساري كالتالي اليونان يوغسلافيا ايطاليا سويسرا ألمانيا الغربية ثم السويد، دون المرور بفرنسا ... فهي بعيدة عن خطي.. رغم ذلك قدر الله أنني أخذت تأشيرة دخول لفرنسا من الخرطوم.. في يوغسلافيا أول مدينة زرتها كانت إسكوبيا. عاصمة أقليم مسيدونيا ( مقدونيا) وهي المتاخمة لليونان شمالا وللبوسنة والجبل الأسود شرقا.. في ذلك الوقت كانت يوغسلافيا موحدة .. في أسكوبيا كنت ضيفا على مجموعة طيبة من الإخوان السودانيين.. ممن كانوا يدرسون بجامعة مسيدونيا.. رحبوا بي واحتفوا بي في سكنهم بجلسة عشاء وطرب وبهجة.. ثم أوصوني ألا أحاول مسألة السفر عن طريق الأتوستوب في يوغسلافيا واقترحوا عليّ أن أركب القطار على الأقل إلى زغرب في الشمال الغربي من يوغسلافيا والقريبة من الحدود الإيطالية.. وعملت بنصيحتهم فاستقليت القطار من إسكوبيا.. ميمما شطر زغرب .. سوف أنزل في زغرب ومنها سوف أحاول السفر بالبر إلى تريستا والبندقية إلى ميلانو.. ثم أتجه شمالا صوب سويسرا.. في زغرب كنت في ضيافة أخي وابن الأبيض الدكتور سيف الدين شاحوطي.. الذي أصر عليّ أن أواصل السفر بالقطار حتى تريستا ودفع لي قيمة التذكرة.. ومن هنا أكرر شكري وأعبر عن امتناني لسيف .. ولمجموعة إسكوبيا الذين أعتذر عن ذكر أسمائهم بسبب ضعف الذاكرة .. لكني أذكر منهم الإخوة قناوي و بتي.. تريستا في طرف إيطاليا.. المفروض أن أنزل هناك.. لكن تأبى الأقدار إلا أن تغير مساري ,, وأنا في القطار، من مجموعة الطلاب اليوغسلاف الذين كنت معهم، أتاني عرض بالسفر برفقتهم حتى باريس .. نعم إلى باريس في فرنسا و مجانا.. بينما أنا في شك لمصداقية عرضهم شرحوا لي الأمر .. قالوا أنهم مسافرين بتذكرة جماعية مخفضة من بلغراد لباريس وهم عشرة وقد تخلف منهم واحد فأصبحت لديهم تذكرة فائضة وهم على استعداد لمنحها لي.. إذا ساعدتهم في الخروج بأموال لهم هي أكثر من المسموح لهم قانونيا.. ووافقت بعد أن أطمأننت ألا مسؤولية ستطالني.. فقالوا لي أنت أجنبي ولا أحد سيسألك عما معك من مال.. وكانوا محقين في ذلك .. وقبل أن نصل الحدود جاؤوني بكم هائل من النقود إضطررت مع كثرتها أن أخفيها في حقيبتي.. لأول مرة في حياتي أشاهد تلك العملات .. ماركات ألمانية وفرنكات سويسرية وفرنكات فرنسية وليرات إيطالية وجنيهات استرلينية.. لو كنت أعلم أنها بتلك الضخامة لكنت طالبتهم بأجر أكبر من تذكرة قطار من تريستا إلى باريس.. وصلنا الحدود ليلا.. راجع موظفو الجمارك اليوغسلاف جوازات مواطنيهم .. وراجعوا تحويلاتهم ... دون أن يتطرق شك لديهم أني أقوم بأكبر عملية تهريب لعملات صعبة من بلادهم.. ولما جاء دوري لم يفعلوا أكثر من أن ختموا في جوازي تاريخ مغادرتي ليوغسلافيا.. .. .. في صباح اليوم التالي كنت دون أدني تخطيط منى أتجول في باريس وأزور الشامب أليزية وألتقط لنفسي صورا أمام قوس النصر و كنيسة نوتردام و .. وبرج إيفل !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
Quote: متعة حقيقية تسلم ياالامين |
الله يسلمك يا طيب عبدالله .. ألف شكر.. ... وصل قطار أوربا الدولي الذي كنا نستقله إلى إحدى محطات السكة حديد بباريس عند الساعة الخامسة صباحا.. هبطت من القطار.. المحطة مليئة بالمسافرين والقادمين . فورا ذهبت إلى حيث خزانات الحقائب وهناك وضعت حقيبتى وفرشي .. الكيس والملاءة والبطانية .. فقط نقودي وجواز سفري والكاميرا أخذتهم معي... توجهت صوب مكتب الإستعلامات وأعطيت خريطة مجانية لوسط باريس .. تبينت أين أنا الآن، هذه محطة كاغ دي ليون.. حسنا أين هي في الخريطة ؟؟ .. إذن أنا في قلب باريس لكن قليلا إلى الشرق .. ولحسن حظي كانت الخريطة محلاة برسوم إيضاحية لكل معالم باريس التي يرتادها السياح... .. وإذ ما أنا أحاول الخروج وجدت نفسي فجأة وسط طوفان من البشر يدفعني دفعا إلى الأمام هرولت مع المهرولين وانغمست داخل نفق وبعد دقائق أخذت أصعد درجا و لاح لنا ضوء الصباح ونسمة باردة وأعجبني أني كنت أشاهد أنفاسي.. ها أنا ذا ألتقط أنفاسي واستعد لأتجول في إحدى أعظم وأجمل مدن العالم... ذلك اليوم في باريس أمضيته كله راجلا .. ممسكا بخريطتي، أقرأ اسم الشارع في الخريطة وفي أركان البنايات الباريسية المميزة.. ظلت باريس محتفظة بجمالها الذي يعود لقرون عديدة مضت .. لم تدمرها الحروب.. لما انقضى اليوم جلست منهكا على رصيف مطل على نهر السين ... شاهدت اليوم قوس النصر ومشيت طويلا في شارع الشانزليزيه .. و شاهدت تلك التحفة المميزة المسماة كنيسة نوتغ دام.. وأخيرا وصلت الساحة المليئة بالورود والأزهار والنوافير .. وبحلقت أكاد أقع على قفاي على برج أيفل.. أخذت الشمس تتجه للمغيب .. عدت راجلا تجاه المحطة لأخذ حوائجي .. وكانت عناية الله بي بالغة حيث يسرت لي التعرف بأخ جزائري .. كان عونا لي في العثور على فندق مناسب أقضي فيه الليلة.. فوقتها لم يكن لدي كتاب بيوت الشباب وكنت قد نسخت عنوان البيوت في أغلب المدن التي سأمر بها في كراستي.. لكني لم أحتاط بعناوين بيوت الشباب في فرنسا.. الأخ الجزائري أخذني إلى فندق عتيق يملكه أو يديره رجل داكن البشرة ضخم الجثة مقطب الجبين ما أن قال له الأخ الجزائري هذا أخ من السودان يود أن يقضي الليلة في الفندق حتى انفجر غاضبا رافضا .. قائلا لا .. لا... إذهبا ليس لدينا غرفة فارغة.. وبينما هو في غضبته هذه كان الجزائري يشرح له.. كانا يتحدثان الفرنسية.. فهمت أن الرجل يرفض أن يسكن معه شخص من السودان ... لماذا ؟؟؟ لا أدري .. هكذا فقط بدون أي أسباب!! أخبر الجزائري صاحب الفندق الغاضب الهائج .. أن هذا الأخ من السودان وليس من السنغال كما يظن .. فأخذ الرجل يردد سودان سودان وليس سنغال .. حسنا.. أخيرا هدأ الرجل وقبل أن أمضي الليلة في غرفة بالفندق.. لكنه ظل يلعن ويسب في السنغال والسنغاليين.. دخلت بعد ان ودعت الجزائري وشكرته إلي غرفة فسيحة بها أثاث عتيق باللون الكبدي المميز .. بيد أني ظللت متوجسا.. غير مطمئن .. يخيل إلى أن مكروها سيصيبي في هذا الفندق .. وبعد أن أحكمت إغلاق الباب والنوافذ تحولت إلى خزانة للملابس كبيرة أخذت أدفع بها قليلا قليلا وكانت ثقيلة إلى أن أحكمت بها تأمين الباب من أي متعد.. وبعد ذلك استطعت أن انام....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
لا أستطيع إلا أن أقول أن الدنيا زمان كانت بخيرا,,,,,,,,,,,,,,,,,
صدق من قال أنت تصطحبنا معك أينما كنت,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ونحن معك, جسدا وروحا, إحساسا وفكرا, ماضي وحاضر,,,,,,,,,,,,,,
نقلب صور الماضي بواقع الحاضر, وشعور الواقع بأحلام الخيال,,,,,,,,,,,,,,,,
واصل وعين الله ترعاك,,,,,, كما رعتك في الماضي في بلاد الفرانكس,,,,,,,,,,,,,,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: حاتم موسى عبدالعزيز)
|
Quote: ونحن معك, جسدا وروحا, إحساسا وفكرا, ماضي وحاضر |
شكرا حاتم .. نسعد بمتابعتكم .. ..... ها أنا في نهاية المطاف أصل لندن، ولندن لها وقع خاص لدى السودانيين فكأنها ديارهم في بلاد الفرنجة.. كعادتي وصلتها بعد رحلة برية ليست بالقصيرة لكن هذه المرة كانت أقصر قليلا.. فقط من جنيف عبر شمال فرنسا دون أن أغشى باريس مرورا بمدينة ليل ثم إلى كاليه.. الميناء الفرنسي الشهير وموقع نزول قوات الحلفاء في فرنسا.. لمن يتابع أحداث الحرب العالمية الثانية في ليل كنت ضيفا على منسق التبادل الطلابي فنسيت ( أو فنصا ) ليومين كنت ضيفا على أسرته الكريمة.. أمه وأخته وأخيه وأنا ... جلسنا حول مائدة الطعام .. وأخذا يعزماني كل مرة على صنف و أنا أتحاشى أن أكون ضيفا نهما.. فأختار من الطعام أقله.. وأجله.. ثم قدموا لي قرصا كبيرا من الجبن وأعطوني سكينة وقالوا هذه جبنة إن كنت تحب فأخذت السكين وقدرت أن أقطع قطعة صغيرة جدا بدأت أعمل السكينة علبها بمهل حتى لا أتلف شيئا في المائدة الفاخرة أمامي.. ولما انتهيت من قطع سريحة الجبنة ووضعتها في الصحن أمامي .. كانت المفاجأة عندما صاح معظم أفراد الأسرة .. هل ستأكل كل هذه القطعة؟؟ فتحيرت .. يا أخوانا أنا شلت حتة صغيرة خلاس... أخ فنصا أهداني باكو من سجاير بيتر إستايفسنت وهو سجاير يتميز بصندوق زاهي الألوان كنا نشاهد إعلاناته في الصفحة الأخيرة من مجلة العربي ... وها أنذا أملك منه باكو كاملا... كنت أشتري سجائر قلواظ وهو رخيص بدون فلتر .. حار وحارق... ودعت فينصا وعشيرته وتوجهت إلى كالية... وها أنذا أشاهد مشهدا جديدا في أوربا .. بحر المانش.. عبرت المانش على متن الهوفركرافت .. جلسنا في صالة فسيحة بها مقاعد كما مقاعد الطائرات لكن باختلاف بسيط هو اتساع عرض الغرفة فكأنك داخل قاعة للسينما او المسرح.. ووصلنا إلى ميناء راميسقيت مساءا. وبينما أنا في العبارة بذلت محاولات حتى أضمن مسافرين للندن القريبة من الميناء حتى لا اضطر للمبيت في راميسقيت.. ووفقت في العثور على أسرة لديها عربة مقطورة فاخرة .. عبارة عن غرفة نوم وصالون متحرك .. كانت من ماركة كومر.. فعجبت كيف هو الكومر في السودان .. وكيف هو الآن في بلاد أهله.. في هذه المرة كنت نائما في سرير فاخر وأنا أقطع مسافة المائة وعشرين كيلومتر من الميناء إلى لندن.. وأوصلتني تلك العربة بناء على رغبتي إلى شارع روتلاند قيت في ضاحية نايتس بريدج الفاخرة في لندن حيث هناك المبنى الشهير الذي تملكه حكومة السودان والذي آل إليها هدية من السيد عبدالرحمن المهدي والذي أهدته من قبل حكومة بريطانيا العظمي للسيد عبدالرحمن المهدي.. في لندن كانت إقامتي لفترة ليست بالقصيرة في بيت السودان...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: عثمان دغيس)
|
Quote: متابعة وتشوق و حاجة كده ما مفهومة ..
|
أحلى وأجمل تعليق يا عثمان .. لك سلامي وتحياتي وشكري ودمت ... كنت أحيانا أعود من محطة مانسيون هاوس إلى نايتس بريدج راجلا. أتسوق بعيني.. أختار ما أشاء من القمصان والأحذية واللوازم الجميلة .. ذات يوم رأيت محلا مغريا به آلات تضيء وتلمع وأناس هناك يمارسون هوايات عجيبة.. فانغمست فيه.. الناس فيه منكبون على أنفسهم كل واحد منفرد بواحدة.. منهمكون في العبث بأزرار الآلات.. ذاك كان أحد محلات القمار (Fun cities).. آلات تغريك بالمغامرة والمقامرة.. إذا كسبت تنهمر عليك شلالات من العملات المعدنية.. واللعب مع الآلات لا يمارسه إلا شخصان.. شخص ذكي مثلي يعرف كيف يكسب.. ومتى يلعب.. وشخص غبي مثلي أيضا يدمن اللعب ويستمر يلعب إلى ساعات متأخرة من الليل.. فيعود متأخرا وقد خسر كل ما كسبه وأضاف إليه قليلا من جيبه.. والذي تنهب أمواله الماكينة لا يفكر في شئ سوى استعادة ما سلب منه.. وكان ذلك حالي... إلى أن انتبهت لنفسي وأفقت و جاءتني النجدة الإلهية بتوقف العمل في هدسون باي .. فلم أعد أغشى تلك الناحية. انقذني من مواصلة اللعب مع الآلات الذكية .. أني وجدت عملا في مقهى الديل وهو مقهى كبير يتوسط حديقة هايد بارك .. وهايد بارك نفسها هي على مقربة من بيت السودان .. في عشرة دقائق من مغادرتي للبيت أكون قد وصلت للعمل.. في مقهى الديل عملنا في غسل الأواني .. وتعاملنا هذه المرة مع ماكينة غسيل أتوماتيكية ما علينا إلا أن نرص الأكواب أو الأقداح في صوان خاصة وندفعها إلى داخل الماكينة فتأتينا من الناحية الأخرى وهي تلمع من النظافة.. وعملنا في واجهة المحل نقدم العصائر الرابسبري والكولا والبرتقال نملأ تلك الأواني الزجاجية بالمشروب ثم نضغط عليها بالغاز المكثف المبرد القادم من الأسطوانات تحتنا فتفور وتكتسب مذاقا منعشا.. ومسحنا الأرض ونظفنا الطاولات والكراسي والمقاعد .. ولم نسلم حتى من نظافة الحمامات.. كانت وجباتنا على المحل وكذلك المرطبات والبسكويت والجاتو والشاي واللبن.. في يومي السبت والأحد يكون المقهى مكتظا بالرواد .. وتضيق الحمامات العامة بالجمهور.. فترى الكثيرات وقد صعب عليهن مقاومة ما بهن فيقبلن علينا سائلات إن كان بالإمكان السماح باستخدام الحمام الداخلي .. فنسمح لهن مقدرين ظروفهن.. أيام جميلة قضيتها في العمل بالديل سعدت فيها بمسح كل شبر فيها.. ثم بعد ذلك كان لابد أن أغادر إلى السودان فقد كانت زيارتي لبريطانيا في السنة النهائية لي في الجامعة .. وحقيقة كنت أرتب أموري أن أتخرج وأسافر لأوربا.. منها فسحة وعمل طلابي .. ومنها محاولة غير معلنة للهجرة.. لكن شاءت إرادة المولى أن تغلق الجامعة أبوابها قبل الإمتحانات النهائية في مارس وعلمنا أن الإمتحانات ستكون في يوليو .. وكان أمامي خياران إما أن أترك خطتي للسفر لما بعد التخرج.. وذلك سيقود إلى السفر في غير فصل الصيف وتلك مغامرة غير مأمونة العواقب أو أن أسافر قبل الإمتحانات .. وفعلا كان ذلك مافعلت.. عليه كان عليّ أن أتوقف عن العمل في حديقة هايد بارك وأعود للسودان لأدرك الإمتحانات .. عدت إلى السودان الحبيب .. ولم أخرج منه إلا في عام 2009 بعد أربعة وثلاثين عاما من آخر رحلة لي ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
ذلك المصري كان من الأصوليين .. متمسك بدينه التقينا في اوربا وكنا نحث الخطى في طريقنا إلى مكان ما.. أخرجت صندوق سجائري واشعلت لفافة.. سألنى هل أنت مسلم. قلت له طبعا أنا مسلم.. قال لي لا .. قل إن شاء الله مسلم.. رددت عليه .. مثلما قال إن شاء الله مسلما... سألني ولم تدخن؟؟ قلت له التدخين ليس حراما.. قال بل حرام.. وقد قال الله في محكم تنزيله ولا تبذر تبذيرا .. إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا.. أو ليس التدخين تبذيرا.. وجعلت أجادله وأصر على رأيي.. قال لي إن عليك أن تقوم رأيك .. وبعد سنين عديدة تبينت أنه كان مصيبا.. لتقليل تكلفة السجاير علي أخذت أشتري كيس به تبغ ومعه ذلك الصندوق الصغير المزود بورق اللفافات الخفيف وفي طرفه مادة لاصقة وهو المعروف عندنا في السودان بورق البرنسس ويستخدمه مدخنو البنقو.. حمانا وإياكم الله.. إستخدام ذلك التبغ الفلت ساعدتني كثيرا في تقليل ما أصرفه من مال في السجاير.. كما العمل أيضا كان عاملا مسإعدا في تقليل إستهلاكي للسجائر .. ففي هايد بارك كنت عندما أكون في الخارج وأنا ممسك بالخرطوش أرش الماء على البلاط يطرأ علي مزاج أن أشعل لفافة وما أن أنفث منها نفثا.. حتى يبادرني رئيسنا ذلك الهندي من جزيرة موريشس أن التدخين ممنوع أثناء العمل.. فأضطر لإطفائها.. وفي اليونان عندما كنت أعمل في مصنع الخشب كنا أحيانا نرفع كتل الخشب المنشورة ونرصها في السيداب ومعي رجل متقدم في السن .. كان يصيبه التعب من الجهد المتواصل فيشير إلى أن أقف فنرتاح قليلا وفي تلك الأثناء كان العجوز يخرج لفافة له وأخرى لي ويقول لي تناول هذه و دخن ثم ما أن يأخذ نفسا من لفافته حتى يدخل في نوبة من السعال تكاد روحه تطلع معها.. و من بعد ذلك نواصل عملنا.. لكن مرة شاهدنا رب العمل فناداني فذهبت إليه فأشار إلي أن أصعد معه إلى الطابق الثاني حيث المكتب.. صعدت وهناك كانت جالسة موظفة .. تحدث إليها ثم خرج.. قالت لي الموظفة إن علي أن أحاسبك على الأيام التي عملتها معنا فانت مفصول عن العمل.. واحتججت لماذا.. لأنك لا تعمل وتقضي الوقت كله في التدخين.. وعلا صوتي وقلت أنا أقف لأن العجوز يطلب منى ذلك فنحن نعمل معا .. ولما يتوقف هو لابد لي أنا أن أتوقف فكيف تحاسبوني على خطأ غيري.. وأخذت أرغي وأزبد وأسب بلغتي تعبيرا على غضبي ودفعا للظلم الواقع علي وبالفعل تتم إعادتي للعمل لكن بعد أن اتلقى إنذارا عمليا بالطرد.. وهكذا ظللت مواظبا على عملي محافظا عليه إلى أن جاء إبراهيم بحكايته التي رويتها لكم ففصلت نهائيا عن العمل..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
Quote: and#221; كاليه.. الميناء الفرنسي الشهير وموقع نزول قوات الحلفاء في فرنسا.. لمن يتابع أحداث الحرب العالمية الثانية |
ملاحظة صغيرة لا تفسد روعة التجوال ، فقد أصبحنا جزء منه ، ولا تمنع الإستمتاع بهذه الصور الرائعة.
الحشد الرئيسي لقوات الحلفاء كان في اتجاه كاليه (خطة الخداع ) ولكن عندما تمت العملية حدث الإنزال في نورماندي ، وأُطلِق على العملية ، ( عملية الإنزال في نورماندي).
أنسى .... واصِل أمينوف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: محمد فضل الله المكى)
|
الفرنسيان الذان توقفا لي في مدينة ليون أمضيت معهما بضع ساعات مسافرين في ذلك الليل وتلك الأمطار حتى وصلنا ديجون .. ومن ديجون يتفرع الطريق أحدهما يتجه إلى الشمال الغربي صوب باريس والثاني شمالا إلى نانسي.. لذلك فضلت أن أترجل منهما في ديجون .. قالا لي أنهما سيوصلاني إلى بيت الشباب وبالفعل أوفيا بوعدهما... وشكرتهما وواصلا مسيرهما .. الليل هنا في ديجون أكثر دفئا من ليون.. والحمد لله قد تجاوزنا منطقة الأمطار الغزيرة .. لكن بيت الشباب كان قد أغلق أبوابه .. المنطقة المشيد عليها بيت الشباب تبدو ريفية .. حول البيت رمال مفروشة كأنها مهدت لي.. لم أتردد في أن أقرر المبيت هنا بجوار بيت الشباب على تلك الرمال.. تذكرت الأبيض موطني .. عروس الرمال.. وتوسدت الأرض وكم كانت حانية ناعمة.. ونمت حتى الصباح أتقلب واتمرغ بالرمال.. صحوت مبكرا.. ولملمت فراشي وحزمت حقيبتي وأنتظرت أن يفتح بيت الشباب أبوابه وبالفعل كنت أول زائر للبيت في ذلك الصباح الباكر .. وأخذت الإذن من المشرف بعد أن أخبرته أنني وصلت بالأمس ولم أحظ بالمبيت في البيت وأنني الآن أرجو فقط استخدام الحمام وتناول كوب من الشاي وسوف أغادر فورا .. فهل يمكن السماح لي بذلك دون أن أدفع رسم المبيت ؟؟ ولم يتردد الرجل في الموافقة.. ثم من ديجون تحركت صوب نانسي .. وفي العادة عندما تحاول السفر من مدينة إلى أخرى عن طريق الهيتش هايكنج فعليك أن تستقل البصات داخل المدينة إلى الوسط ثم تأخذ خريطة للمدينة من مكتب المعلومات في السنتر لتعرف الطرق الرئيسية المؤدية إلى طرق المرور السريع .. عليك أن تحدد أي الطرق ستسلك ثم تعرف البص الداخلي الذي سينقلك إلى أقرب منفذ.. وإن لم تجد بصا فهذا يعني أن تذهب راجلا في اتجاهك .. وتلك كانت من أصعب المهام أن تقطع المدينة من وسطها إلى طرفها راجلا.. حاملا حقيبتك وفرشك.. في المدن الصغيرة جدا أو القري .. كنت أسعد برفقة عدد لا بأس به من الأطفال ترى في وجوهم الدهشة والحيرة.. يتقدمون وراءك في حذر .. تشعر وأنت تحث الخطى أن هناك من هم خلفك .. وإذا التفت بغتة إليهم تجدهم في سرعة محيرة قد تشتتوا إلى أقرب المنافذ الجانبية إليهم .. واصلت سفري إلى أن وصلت نانسي في النواحي الشمالية الشرقية من فرنسا.. وهناك أخذت أبحث عن صلاح.. وبعد تنقيب وتقصي وصلت إلى السكن الجامعي الذي به المبعوثين الأفارقة والأجانب .. ثم وصلت إلى الداخلية التي بها غرفة صلاح .. إمرأة متوسطة العمر قادتني إلى مقر صلاح وفتحت لي الغرفة وأعطتني المفتاح.. علمت فيما بعد أنها ظنت أنني صلاح نفسه .. وأنني قصدتها لعدم وجود المفتاح معي أو لضياعه فأعطتني المفتاح الإحتياطي.. وأمضيت باقي النهار في الغرفة ولم يظهر صلاح و.. الليل ونمت حتى الصباح .. في الصباح تجولت في المدينة الجامعية .. وتجرأت أن أتناول الإفطار في المطعم الجامعي .. بعض الأصناف بالقروش وبعضها مجاني .. وأكثرت من المجاني.. في أوربا لا يحاسبونك على الخبز .. وهناك طبق أشبه بملاح الروب وبه بصل كما هي البصلة التي تقابلك في ملاحنا وكان أيضا مجاني .. فأفطرت به .. وعندما انتصف النهار وصل صلاح وكان قد سافر إلى مدينة بيزانصو وعاد منها.. ولما حاول أن يفتح باب غرفته ,, فوجئ به غير مغلق ... وعقدت الدهشة لسانه لما رآني في سريره و.. حكيت له عن وصولي إلى باريس وإلى ليون وديجون ونانسي !!
| |
|
|
|
|
|
|
مُضيفه مافي؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ليلة أن قفزت عبر النافذة إلى سكن البنات.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
لم أحك لكم عن أول يوم هبطت فيه في الديار الأوربية.. كان ذلك في مطار أثينا.. وسط الفرحة الغامرة التي انتابتني ذهبت فور أن خرجت من صالة الجوازات والجمارك إلى الردهة الواسعة وسألت عن أين يمكنني تحويل بعضا من الشيكات السياحية التي أحملها معي إلى العملة اليونانية .. علمت أن عملتهم هي الدراخمة ... إسمها غريب نوعا ما ولونها أحمر قانٍ .. الجنيه الإسترليني كان معادلا لثمانين دراخما ..و قد أخبرنا أن الدراخما هي تحريف للدرهم العربي.. عند طاولة البنك قمت بتحويل مبلغ خمسة جنيهات إلى العملة اليونانية.. ولملمت جوازي ونقودي وحاجياتي وتحركت إلى خارج المطار .. علمت أن هناك بص ينقل المسافرين القادمين من المطار إلى المدينة فاستقليته.. ووصلنا إلى وسط العاصمة الإغريقية .. إلى ميدان سنداقما في مقابلة القصر الرئاسي... سألت عن عنوان بيت الشباب فعلمت أن بالمدينة ثلاث بيوت للشباب .. الأول في ضاحية نسيت أسمها والثاني في كبسيليس والثالث في بريوس الميناء.. توجهت راجلا إلى الأول ولم يكن بعيدا من وسط المدينة .. وصلته ووجدته مزدحما ممتلئا لا مكان فيه لزائر جديد.. وهناك وصفوا لي كيف أصل للبيت الثاني وكان بعيدا في أقصى الشمال.. وبإرشاد الخريطة عرفت المنطقة والشوارع المؤدية إليه فسرت لقرابة الساعتين حتى وصلته.. وكان أيضا مزدحما .. ومن هناك أرشدت إلى بيت شباب بريوس الميناء الرئيسي لليونان .. وبريوس تقع إلى الجنوب الغربي من وسط أثينا و يمكنك أن تعتبرها مدينة مستقلة بذاتها أو أن تعتبرها جزءا من أثينا.. أيضا أرشدت كيف أصل لبريوس وعلى متن المترو من ميدان أمونيا الذي وصلت إليه بالأتوبيس من كبسيليس .. وصلت أخيرا إلى بريوس .. وسرت أسأل وأوجه حتى كنت في استقبال بيت شباب بريوس عند التاسعة ليلا.. تمت تسجيلي كزائر بعد أن أبرزت لهم بطاقة عضويتي لجمعية بيوت الشباب السودانية .. وهي بطاقة كانت تستخرج في ذلك الزمان من وزارة الشباب والرياضة بالخرطوم وفترة صلاحيتها لا تتجاوز العام.. ثم سددت الرسوم.. كنت مرهقا وتعبا وكانت غاية مناي آنذاك أن أصل لسرير أضع فيه رأسي المتعبة.. فقد أوشكت أن أتم أربعة وعشرين ساعة متواصلة بلا نوم... لكن تأبى الأقدار إلا أن أقضي الليلة التالية كلها والنوم قد فارق عيني و الهم يلازمني.. ففي اللحظة التي عزمت فيها التحرك صوب غرفة نوم الشباب.. أخبرني المشرف على بيت الشباب أن بالإدارة خرينة يمكنني أن أضع أي ممتلكات ثمينة أخشى عليها من الفقدان فيها .. ففكرت أنه من الأفضل أن أودع أموالي فيها.. فأدخلت يدي في جيب البدلة التي أرتديها لأخرج محفظة الشيكات السياحية.. فلم أجدها ثم بحثت عنها في الجيوب الأخرى .. ثم في جبوب البنطال .. والقميص والشنطة .. إِختفت حافظة الشيكات السياحية، وصرت كالمجنون تغوص يداي في كل اتجاه ..و..و...وتخرج فارغة... يا إلهي ... لقد ضاعت نقودي!!
| |
|
|
|
|
|
|