|
الاحتفاء باللون الاسود في ثقافة الجمال السودانية
|
الى وقت قريب ومنذ زمن بعيد نجد أن المرأة السودانية في بحثها عن الجمال، دار محور زينتها حول تسويد الجسد، ابتداءاً من استخدام الحناء في تسويد ما كان لونه فاتحا من اطرافها، ودرجة السواد هذه مقصودة في حد ذاتها كدرجة لونية جمالية (الحنة شالت)، أي صار لون الجزء اسوداً قاتماً، وهذا مفهوم مغاير ومخالف لمفهوم الشعوب في شمال افريقيا والخليج العربي؛ حيث يعتبر اللون الأحمر هو الهدف من عمل الحناء. وتسويد الجسد لم يقتصر على اليدين والرجلين فقط بل تعداه لتسويد الشفاه (دق الشلوفة)، والراجح أن (الدخان) أي الجلوس في حفر الدخان كممارسة شائعة كانت ومازالت لها أهمية كبرى في اعداد الفتيات للزواج، على الارجح لها ارتباط وثيق بتسويد الجسد، اما الكحل الاسود والعيون السوداء والشعر الاسود فلا يخفى استحسانهما، وعدهما مظهراً جمالياً محبباً للانسان السوداني، وفي الوقت الذي كان فيه لبس دائما أبيض وليس اسود كما هو متعارف عليه في دول اخرى، والذي تلبسه النساء عند الذهاب لبيوت العزاء وكذلك تلبسه المتوفى عنها زوجها، نجد العكس من ذلك لبس الملابس السوداء عند الافراح والمناسبات (السهرات) ، وفي الوقت الذي نجد ان الشعوب الاخرى تعتبر صفة السواد للأشياء دلالة على السوء (ليلة سوداء)، (قلب اسود)، (جن أسود)، نجد ان السودانيين يستخدمون (جن أحمر) والخدرة الناعمة في وصف الانسان الاسود الجميل. أما على صعيد الغناء كثيراً ما تغنى الشعراء والفنانين بالسواد والذي يسمى أحيانا خدار او سمار حتى لتجنده احيانا زراق !
الليلة يا سمراء يا سماره الليلة يا سمراء لونك جميل يا سمراء خصرك نحيل يا سمراء أنا بحكي ليك يا سمراء وإنتي تحكي لي يا سمراء ******** أسـمــر يا أسمــر ســكــر وأسمــر أرجع لي تاني جيب لي الأماني ******** جافاني خداري البي حالي ماهو داري متين يزورني حبي محياهو يضوي داري أقول جلست مره مع الطير الخداري ******** أسمر جميل فـتــان ما بيجود بمثله زمان ملاك في شكل إنسان حبيبي يا أسمر يسبي العيون يسحر في لونه دا الأسمر
في الاربعيان والخمسينات شكلت هجرة بعض السودانيين لاوربا وبريطانيا على وجه الخصوص بغرض الدراسة وخلافه ، شكلت نقطة تحول كبيرة في مفاهيم بعض السودانيين حول جمالية اللون الاسود والانسان الاسود، وغالباً ان ذلك حدث بفعل غربة وجدوها للون الاسود في مجتمعاتهم الجديدة وتأثير السينما والقصص الغربية وهي تصف الحسناء ببياض البشرة والشعر الاشقر والعيوان الخضراء، ونتج عند ذلك عودة العديد منهم متزوجا بالبيضاء او على الاقل عادا وفي خياله صورة عن جمال الانثى رسمت له في بلاد الغربة ! كما كانت لهجرات السودانيين لدول الخليج اثر مماثل
|
|
|
|
|
|