حدث في معرة النعمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 09:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-22-2013, 07:26 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حدث في معرة النعمان

    clip_image160.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    حدث في معرة النعمان



    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 11:20
    المحور: الادب والفن



    نهض من ضريحه التليد و نضى التراب عن جسده والغبار عن ملابسه ولحيته الكثة ،حدق في الأفق عند شروق الشمس وشهق في دهشة وردد في نفسه "إني أبصر..إني أبصر !!..هل يعقل هذا؟!" أدهشه العالم الغريب حوله ،البيوت المدمرة والجدران المحترقة ونظر إلى ضريحه مرة أخرى والى التمثال المقطوع الرأس عن كثب ،سار في تثاقل نحو بيت أبو باسل وتقدم بهدوء وقرع الباب،سمع خطوات متوجسة خلف الباب وجاءه صوت أبو باسل العميق..
    - من هناك؟!
    - أنا أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي
    انفتح الباب واطل وجه مذعور تغمره الدهشة لرجل في العقد الخامس من عمره ،دخل المعري إلى ردهة الاستقبال،كانت أم باسل تعد طعام الإفطار بينما باسل يجلس عن كثب يقلب في كتبه المدرسية، أما أماني فظلت تحدق في حزن من النافذة إلى الفراغ الممتد عند أطراف مدينة معرة النعمان وتعبث بأصابعها في عصبية بأطراف ثوبها الأبيض الجديد..كان هناك تلفاز يضج بالإخبار عند الركن القصي للصالة ..جلس على الطاولة ونظر حوله في البيت ورائحة طلاء الجدران تملا خياشيمه..نظر إلى التلفاز
    - ما هذه ؟.. هل هي العين السحرية التي كانت في ألف ليلة وليلة زمان؟!
    جلس أبو باسل قبالته في تبجيل..
    - إنها أمر كذلك ينقل لنا الأخبار ونعرف ما يدور في العالم حولنا وعننا
    نظر باسل إلى الضيف في فضول طفولي
    - كيف ترى ذلك وقد قال أبي انك أعمى ؟!
    التفت إليه المعري باسماً في ود
    - أيها العقرب الصغير..إني أبصر وما كنت يوماً أعمى
    سبحان من قسم الحظوظ فلا ملامة*** أعمى وأعشى وذو بصر وزرقاء اليمامة..
    ثم أردف
    - لماذا لم تذهب إلى المدرسة اليوم؟؟!!
    - لم تعد هناك مدارس وقد أضحت مدرستنا ثكنة للجيش السوري الحر..
    - خسارة عظيمة أن لا تذهب إلى المدرسة هذا العام يا باسل ..
    اكتمل إعداد الطعام في المائدة وجاءت أماني وجلست في شرود حزين ثم وضعت أم باسل الخبز و طبق الخضار والزيتون أمام المعري وجلست جوار ابنها،نظر باسل إلى طبق الضيف
    - لماذا لا تعطيه لحم يا أمي؟
    - إني لا آكل اللحم يا بني.. إني نباتي وهذا ادعى لصفاء الروح وأذكى للجسد
    ثم التفت إلي أبي باسل
    - لقد جددتم البيت هل لديكم مناسبة سعيدة؟..
    رد أبو باسل في حزن
    - كنا نزمع تزويج أماني هذا العام من ابن عمها أكرم الذي يقيم في أمريكا
    - أمريكا؟؟!!
    - انه بلد يقع خلف بحر الظلمات تم اكتشافه حديثا ولكن توجد وسائل سريعة تطير في الهواء الآن..تنقل الناس إلى البلاد ما كانوا بالغيها إلا بشق الأنفس..
    - بساط الريح !!
    - انه أمر أشبه بذلك..
    فجأة ارتفع صفير وضجيج وهدير كالرعد يمزق كبد السماء وانطلقت المدافع تدوي في الخارج..نظر المعري إلى الوجوه الممتقعة حوله في ذهول..
    - ما هذه الرعود والبروق التي تخطف الأبصار وتصم الآذان ولا أرى أمطار من النافذة..
    رد أبو باسل في اشمئزاز
    - هذه أسلحة هذا الزمان..إنهم يتقاتلون في الخارج
    - ما الأمر إذا؟!
    - شاهده في العين السحرية أمامك..إنهم يقولون "الشعب يريد إسقاط النظام"
    - أي شعب هذا وأي نظام ذاك !!..
    - اسمعهم في العين السحرية أمامك" يقولون أن عدد النازحين أضحى أربعة مليون مواطن سوري"..لقد مارسوا حقهم الانتخابي بأرجلهم..فراراً من هذا الجحيم المزدوج ..
    وأردف أبو باسل مواصلا حديثه في مرارة ..
    - مدن يضربها الزلزال
    وأخرى بالطاعون تموت
    والطاووس بلا خجل
    يظهر عورته للناس*..
    بان التفكير العميق على المعري وكأنما تذكر أمراً جللاً
    - من المأفون الذي قطع رأس التمثال في الخارج؟!
    ردد باسل الصغير في صوت خافت
    - طيور الظلام !!
    ضحك المعري في مرارة ثم أردف ساخراً
    - إنها الفوضى الخلاقة فعلا..إنهم المتسللون عبر العصور..قتلة صديقي أبي الطيب المتنبي ،احفاد ابن العلقمي جالبي التتار ..اعرفهم جيداً..
    رددت امانى
    - نحن ننتظر الموت هنا..
    نظر إليها المعري في أسى
    - لا لن يموت احد هنا.. سنرحل جميعاً إلى بغداد
    حدق الجميع فيه في دهشة يشوبها الارتياح
    وأردف ناظرا إلى أماني
    - وسيتم زواجك هناك..هي جهزوا العربة التي تجرها الخيول
    نظر إليه الجميع وضحكوا..
    - لدينا عربة نصف نقل تعمل على الوقود
    بدت الدهشة على وجه المعري وسرعان ما تجاوز الأمر وأيقن أنها أمر عجاب كالعين السحرية والأسلحة المروعة التي تخطف الأبصار وتصم الآذان في الخارج.
    - إذا هيا بنا..
    بدا الجميع في إعداد نفسهم للرحيل وحملوا القليل من الأمتعة والكثير من الزاد وفي خارج كانت السيارة نصف النقل القديمة قد تم تسخينها للرحلة الطويلة..ركب أبو باسل وأم باسل وأماني في الغمارة وركب المعري وباسل في الخلفية مع الحقائب وتحركت العربة متسللة بين الخرائب في رحلة الخروج من الجحيم...تاركتاً معرة النعمان تواجه يوماً عصيباً آخر..
    ******
    اقتربت السيارة المنهكة التي يكسوها الغبار من بوابة الحدود العراقية، ترجل أبو باسل من السيارة وهو يحمل الأوراق الثبوتية واقترب من الجندي وكان يدور بينهما حوار شاق..قفز المعري من خلفية السيارة وهو يمسك بيد باسل واقترب منهما ..

    - السلام عليكم يا أخا العرب..
    نظر الجندي إلى العجوز في دهشة
    - عليكم السلام
    - أنا أبو العلاء المعري.. هل تعرفني ؟!!أم انك لم تقرا رسالة الغفران !! وأنت في هذه الأرض اليباب..التي يضجر من نفسه فيها الضجر..
    انفجر الجندي ضاحكا ويبدو انه استمرأ الأمر العجيب
    - وكيف اعرف انك أبو العلاء المعري ؟
    - تبا لك ألا ترى إني أعمى
    نزع النظارة السوداء وحدق بعينيه النافذتين إلى وجه الجندي الذي أصابته القشعريرة ثم اخرج كيس به دنانير ذهبية ولوح به أمامه وانسابت الدنانير من العصر العباسي الذهبية تخطف الأبصار مع أشعة الشمس الغاربة بين يدي الجندي وحدث شيء ما،تحدث الجندي في جهاز الاتصال وانفتحت البوابة..
    عاد الرجال إلى السيارة،وتحركت في توجس وعبرت البوابة وابتعدت شرقا إلى داخل العراق..نظر المعري في أسى إلى الأفق الغربي الدامي حيث شارفت الشمس على الغروب وهو يربت على رأس باسل الذي تملكه النعاس في حضنه..وكان يتمتم..
    - إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا للرؤساء
    كالذي يقوم بجمع الزنج في البصرة والقرمطي بالإحساء..
    ...............
    هوامش** :قصيدة الطاووس للشاعر العراقي البياتي

    *كاتب من السودان مقيم في اليمن

    (عدل بواسطة adil amin on 04-22-2013, 09:07 AM)

                  

04-22-2013, 09:02 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    ابوالعلاء المعري وثقافة المجتمع المدني



    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 07:45
    المحور: ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن



    بمناسبة الاحتفال بمرور خمس اعوام على موقع الحوار المتمدن
    دراسة تاريخية ادبية اجتماعية لعلها تجيب اسائلتنا الراهنة


    أبو العلاء المعرى وثقافة المجتمع المدني
    كما أسلفنا في هذا المنتدى إن هذه الأمة لم تكن يوما معطوبة فكريا،إن هناك رجال حملوا مشاعل النور عبر العصور..إلا أن سياسة التهميش والتغييب المتراكمة عبر السنين..واتباع(كل هماز مشا بنميم عتل بعد ذلك زنيم) هو الذي قادنا إلى السقوط المدوي والإفلاس الحاضر
    **********
    دعا الفيلسوف/الشاعر أبو العلاء المعرى إلى احترام العقل وتمجيده كأداة معرفية حقيقية..رفعت الإنسان من مصاف الحيوان درجات..وجعل العقل هو أداة المعرفة للتوصل للحق والهدى
    آيها الغر أن خصصت بعقل
    فاسألنه فكل عقل نبي
    **********
    انتقد المعرى المذاهب وعرى دورها في تفكيك نسيج المجتمع العربي/الإسلامي..واعتبرها معاول هدم وليس عوامل توحيد..رغم نعيق زعماؤها وثقافتهم الصوتيةالانشائية غير العلمية..قال أما المذاهب فهي التى أضعفت الدين أفسدت اليقين..حيث وظفت في خدمة الرؤساء
    إن هذه المذاهب أسباب*** لجلب الدنيا إلى الرؤساء
    كالذي قام بجمع الزنج***في البصرة والقرمطى بالاحساء
    ************
    دعا المعرى الشفيف إلى تجاوز العنصرية ودعا إلى دولة المواطنة المتساوية وامتد حسه الوطني من المحيط إلى الخليج آنذاك..قبل أن ينعق بها دعاة الوحدة العربية الشوفينية المأزومة ألان
    لا يفخر الهاشمي على ***امرئ من آل بربر
    فالحق يحلف ما على***عنده إلا كقنبر
    والأمام على كرم الله وجهه ليس في الاعتبار الإنساني افضل من خادمه قنبر..ولاالعربى افضل من الهاشمي..والدعوة للمساواة ة بين البشر دعت لها كل الأديان ونادى بها الإسلام..قال الله تعالى(يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكروانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفو إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير)
    ولكنها من فم أبو العلاء ومن عقله ووجدانه لها طعم خاص..
    *************
    أما رؤية المعرى للطغاة والطغيان فهي تشبه رؤية أي ليبرالي شريف معاصر..كانوا في نظره أهون من بعوضة واحقر من ذبابة..فقد اصبحوا وفى عصره كل همهم(قطع السبيل على الضعيف)..ومهاجمة النساء(ولم يعفو النساء من الهجوم)..وطبعا ذلك بمساعدة رجال الدين
    يسوسون الأمور بغير عقل***فينفذ أمرهم ويقال ساسة
    فأف من الحياة و أف منى***ومن زمن رآسته خساسة
    أكد المعرى ومن منظوراقتصادى بعيد المدى امتد إلى عصرنا هذا..ليس على الشعب أن يدفع الضرائب والمكوس ويتحمل فساد الحكام
    وارى ملوك لا تحوط رعية*** فعلام تؤخذ جزية ومكوس
    بحسه الحضاري السابق لعصره إن الملك أو الرئيس تجب طاعته إذا كان يحوط الرعية بعنايته وينفق عليها ما دفعته في شكل مشاريع وتنمية وضمان اجتماعي
    وقد دعا المعرى إلى اشتراكية مبكرة أو توزيع عادل للثروة
    لو كان لى أو لغيري قيد أنملة***من البسيطة خلت الامرمشتركا
    ****************
    أما المدلسين من بطانة الحكام من اللذين يزينون لهم باطلهم من انتهازيين ورجال دين باعوا دينهم بدنياهم فقد أسهب المعرى في وصفهم باقزع الصفات إلى درجة وصمهم بالعهر
    كذب الذي سمى الملك قاهرا***نحن الازلة والمليك القاهر
    وكذلك يدعى طاهرا من كله***نجس ويفقد في الأنام الطاهر
    **********
    لم ارض رأى ولاة لقبو***ملك بمقتدر وآخر قاهرا
    هذه صفات الله جل جلاله***فالحق بمن هجر الغواة مظاهرا
    كم قائم بعظاته متفقه***في الدين يوجد حين يكشف عاهرا
    لقد دعا المعرى إلى ثورة يمكننا أن نعتبرها ثورة ثقافية لتخلص الناس من أمثال هؤلاء ولكنه رمز لها بالطوفان
    والأرض للطوفان مشتاقة*** لعلها من درن تغسل..
    *****************
    هذا غيض من فيض بحر علوم أبو العلاء المعرى..إذا وزن بميزان مفكرين العصر لرجحت كفة المعرى ولو جئنا بمثلهم مددا..لو كان هذا الرجل المستبصر يعيش في زماننا..لا ضحى فارسا لا يشق له غبار فى معركة حوار الحضارات أو صدامها..
    هذا هو أبو العلاء المعرى ولو تفندون!!
    (المرجع:فىسبيل موسوعة فلسفية،أبو العلاء المعرى،الأستاذ خليل شرف الدين،دار مكتبة الهلال،بيروت)


    ولاحظو قطعو راس التمثال فقط ولم يدمروه بالكامل..وهذ ينفي السلفية التي يتشدقون بها- بل صدام حضارات-
    ان الامر هو اعادة تدوير التاريخ في مساره الحلزوني
    وجاء اخوان ابن العلقمي بالتتار الجدد الى المنطقة
    فمن هم الذين جلبو التتار الجدد ؟؟؟
    هم كائنات الفجر الكاذب
    ادعياء الفكر ولا فكر
    ادعياء السياسة ولا سياسة
    ادعياء الثقافة ولا ثقافة
    ادعياء الاخلاق ولا اخلاق
                  

04-22-2013, 09:04 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    لكتاب الشهري:الفجر الكاذب



    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 1827 - 2007 / 2 / 15 - 09:39
    المحور: الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق



    كنا ندرس في المرحلة الإبتدائية أيام زمان وفي كتاب القراءة العربية المدعم بالصور، قصة ذات تسلسل منطقي، بها عدد من صور الحيوانات في توالي منتظم تبدأ بصورة فأر وتنتهي بصورة بقرة والتعليق كالآتي: هذا هو الفار الذي أكل الدخن الذي في بيت أم الحسن وهذه هي القطة التي قتلت الفار الذي أكل الدخن في بيت أم الحسن وهذا هو ال###### الذي قتل القطة التي قتلت الفار الذي أكل الدخن في بيت أم الحسن، هذه البقرة التي رفست ال###### الذي قتل القطة التي قتلت الفار الذي أكل الدخن الذي في بيت أم الحسن.
    على ضوء هذه القصة الطويلة نبدأ مشوار بحثنا في العقل العربي والمؤثرات الداخلية التي قادت إلى تقويض وإجهاض المشروع الحضاري العربي والتقهقر إلى الوراء، حتى نتناول هذا الموضوع الشائك والمعقد لا بد من مسح شامل وكامل لبيت أم الحسن (الوطن العربي)، مهما ادعى الإنسان من خبرة ووعي لا يمكن أن يلم بكل المؤثرات التي أدت إلى ما نحن عليه اليوم من فرقة شتات. قد نجد أحيانا أن معظم الدراسات التي طرحت عن هذا الموضوع "نقد العقل العربي" تتحرك أفقيا، أي في حدود الفار الذي أكل الدخن ... ولكننا هنا نريد أن نغوص راسياً في جذور المشكلة، إلي البقرة التي رفست ال######!!
    بعد هذه المقدمة الموجزة لنلقي الضوء أولا على طبيعة البيئة التي ينشأ فيها الإنسان العربي حتى تعرف العلة الفاعلة في تخلف العقل العربي تبدأ بمؤسسة الزواج. فمؤسسة الزواج فاشلة من أساسها تبني على أسس مادية أو طبقية أو عنصرية وليس على أسس معنوية وعاطفية قوامها المودة والرحمة...حيث يظن بعض الناس أن الزواج هو إشباع الرغبات الجنسية فقط ويحاط الزواج بطقوس وتابو وتعقيدات تجعل منه شيئا بشعا، رجل وامرأة يجدان نفسيهما مقيدين برباط ناجم من تصلب الأباء وتلعب التركيبة البابوية للعائلة العربية دور فعال في صنع هذه الأوضاع المفروضة وتمضي رحلة العمر على غرار الجحيم هو الآخرون•....ينشأ الأطفال وهم يعانون من الاضطرابات الوجدانية في ظل هذا الجو المشبع بالكراهية أو يتم الطلاق(أبغض الحلال عند الله) فيتشرد الأطفال....إن الإنسان حتى ينشأ سوياً يحتاج إلى حنان موجب من الأب وحنان سالب من الأم فيما عدا ذلك تختل شخصية الطفل، لذلك كان يجب أن تتوفر حرية الاختيار للطرفين في قضية الزواج لضمان نجاحه واستمراره.
    إذا انتقلنا إلى جانب آخر نجد التركيبة السلوكية للأسرة، ينشأ الطفل تحت قهر وتسلط الأب في المنزل ثم يمتد هذا القهر إلى المدرسة ثم إلى العمل فيقع تحت نير الرئاسة المباشرة وعندما يحاول التعاطي مع السياسة على استحياء يواجه بقمع السلطة، فتتحطم دواخل الإنسان العربي ويصاب بسايكلوجية الإنسان المقهور، يحركه في الحياة دافع الخوف والطمع ويحاول التنفيس عن هذه الأحقاد المكبوتة في شكل علاقات صداقة باهتة موبوءة بالنميمة والحسد والنفاق الاجتماعي والكذب حتى إن لم يكن له داعي، تحت ضغط هذه المباذل يضمحل الحب ويختفي من حياتنا كأسمى قيمة معنوية وروحية في الوجود، وتتصحر مشاعرنا ويتحول مشوار الحياة إلى رحلة مملة من المنبع إلى المصب دون أن يقدم الإنسان العربي بعقله المكبل بالأغلال أي شيء للحضارة الإنسانية المعاصرة، أي شيء يتجاوز الغرائز إلا من رحم ربي .. وفي الحالة الأخر غياب الأب المزمن أو الدائم لاسباب اقتصادية أو سياسية ينشأ الطفل مضطربا وجدانيا من غير انتماء للأسرة التي تعجز الأم على إدارتها بمفردها وتذلك يصاب الإنسان بالانعزالية والسلبية ويختل بالنسبة له مفهوم الوطن والانتماء، فإذا كان الإنسان فاقد الانتماء للأسرة فما بالك للوطن!! فيتحول إلي قنبلة موقوتة ولقمة سائغة لأي يد عابثة تريد أن تهدد مقدرات الأمة العربية ومكاسبها.
    في هذا المستنقع الآسن عملت الامبريالية/ الصهيونية العالمية بأصابعها الخفية على تشويه وتلويث المجتمعات العربي بصناعتها لنوعين متناقضين من العقول أولهما مصدّر تحت ديباجة صنع في الغرب وهم اللذين تلقوا دراساتهم العليا في جامعات الغرب الشهيرة السربون(فرنسا)، اكسفورد(بريطانيا)،هارفارد(أمريكا) وغيرها، والعقل الآخر مصدر تحت ديباجة صنع في أفغانستان وهم أيضا من حملة الشهادات العليا من أقسام الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية واللذين تتلمذوا على يد علماء الدين (اللاهوت) اليهود، هذا النوع من العقول كان من أبشع إفرازات الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي(أمريكا) والمعسكر الاشتراكي (الاتحاد السوفيتي)
    على ضوء ما ذكرنا آنفا انقسم العقل العربي إلى ظل ذي ثلاثة شعب النوع الأول انبهر بالحضارة الغربية المادية الزائفة(واللذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ) سورة محمد. فأخذ يتمظهر بها من حيث الشكل والمضمون ويمتاز صاحبها دائما وهو من حملة الشهادات العليا بالنرجسية واحتقار المجتمع الذي نشأ فيه (القرية) ثم ادعائه الزائف بأنه يفهم قضايا العباد والبلاد، يتسلم هذا النوع المناصب العليا ولا تتجاوز إنجازاته حدود الذات المترفة، بينما أهله الطيبون في القري المظلمة يتحدثون عن أبنهم الدكتور(الوزير) بكل فخر واعتزاز تجده يمتطي الطائرات من مؤتمر إلى آخر، تلك التجمعات الشوفينية الكئيبة حيث تسمع جعجعة ولا ترى طحينا، وتكملة للديكور لا بد أن يمتلك مؤسسة ثقافية فكرية تقوم بقمع كل محاولة للنهوض بالفكر محليا وتفتح الباب للأفكار المستوردة والمعلبة من الغرب بصرف النظر إذا كانت هذه الأفكار ملفوفة بورق السولفان أو ورق التوليت. وتغرق الساحة العربية بمفردات ما أنزل الله بها من سلطان أما النص بالنسبة له هو ما قاله فلاسفة الغرب ومنظريه ويدافع عنها بضراوة ويحتقر النصوص الدينية التي لا يراها توافق هواه لذلك سمي هذا النوع جزافا بالعلمانين.. ونحن نهدي إليهم في هذه العجالة جزء مما قالته صحف الغرب الذي يعشقونه عن العرب نقلا عن مجلة روز اليوسف المصرية حيث نشرت مجلة بيلوت الفرنسية في عددها الصادر في سبتمبر 1979 م تقول فيه وصفا للعرب (يلبسون الأغطية ويضعون أكياس على رؤس نسائهم ويتجشأون أثناء الأكل، يغتسلون بالرمال ويضاجعون الأطفال. دينهم دين بليد يحاولون تمريره إلى كل السود في العالم، من شيمهم الجبن عندما يدخلون في عراك مع البيض ومع ذلك لا يترددون في ذبح بعضهم البعض وفي قطع أيادي السارقين، يضعون القنابل أينما حلوا وأرتحلوا، وفي حوزتهم ثلث نفط الأرض، يكرهون اليهود، لأن هؤلاء وحدهم يمتلكون انوفا أبشع من أنوفهم).
    ***
    النوع الثاني من العقول أختار الأنغلاق والتقهقر إلى الوراء وأعلن حربا شعواء على كل مظاهر الحداثة التي تكتنف الحياة المعاصرة ويتمظهر بأشكال ارجوزية أضحت مثار سخرية المواطنين وقد زاده صلفا وغرورا تشبيه حاله بالّمخلص وأعداءه بالجاهلية. هذا العقل المتكلس يكمن الخلل فيه لتقديسه للنصوص الفقهية ويعاني من الفصام الاجتماعي، له خطاب عاطفي غث لا يسمن ولا يغني من جوع، يدغدغ مشاعر الناس ولا يطرح أبدا حلولا منطقية أو علمية تتعلق بحياة الإنسان ويقود حرب ضد المجتمع وكل من يخالفه الرأي وهو أيضا يعاني من النرجسية وإنجازاته لا تتجاوز حدود الذات والغرائز، هذه العقلية الهلامية يصعب ضبطها تحت المجهر ومموه بعناية، بينما تجلس القيادات في الغرب تحت حماية مركزة من المؤسسات الامبريالية/ الصهيونية تقوم القواعد المتشنجة بهدم وتفتيت الجبهة الداخلية للدول العربية بضربها لاقتصاديات تلك الدول وزرعها للفتن بين الطوائف أو بين التيارات الإسلامية نفسها ويحيطون أنفسهم دائما بأجواء مرعبة وذلك لوسائل التعبير الغريبة التي يتعاطونها والتي تتراوح بين الراجمات في أفغانستان إلى القنابل في مصر إلى الساطور في الجزائر إلى الكذب الضار في باقي الدول العربية. وأكثر ما يميزها ويربطها بالدوائر الاستعمارية المشبوهة، هو هذا الأسلوب الحربائي المتلون والتبريري الذي يقود إلى قتل النفس التي حرمها الله، وهو أسلوب فيه كثير من ملامح الفلسفة البراغماتية الأمريكية وأيضا يظهر جليا في تعاطيهم مع أدوات الحضارة المعاصرة، تجد القيادات تمجدها وتقتنيها تحت شعار(سبحان الذي سخر لنا هذا) بينما القواعد تعيش حياة اقرب إلى حياة الحيوانات في الكهوف والأقبية، ولا يسعنا إلا أن نستشهد بآيات من الذكر الحكيم لتوجز لنا هذه الحالة(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)
    أن الامبريالية الصهيونية العالمية هي التي أوجدت هاتين العقليتين المريضتين و نشرتهما بصورة وبائية بالمنطقة العربية , العلمانيين و الفاسدين من جهة والأصوليين من جهة أخرى هذه هي طيور الظلام• التي خيمت بأجنحتها السوداء على امتنا العربية و تتجلى في ابشع صورها في الجزائر , هاتين العقليتين هما طرفا الرحى التي طحنت الشعوب العربية وأهدرت مكاسبها بينما يعيش على قشور الحضارة الغربية و مباذلها ومن يعيش على قشور الإسلام والتمظهر به شكلا بالكحل و الخضاب و الأثواب القصيرة و اللحى الضخمة و السحنات المقلوبة بالنسبة للقواعد البدل الغربية الفاخرة للقيادات .
    ان قابلية الإنسان العربي لتوثين الأحياء و الأشياء هي التي كبلت عقله و جعلته يحيل كل إنسان او نص إلى وثن و قد قال الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام (ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين* قال لقد كنتم انتم و آباؤكم في ضلال مبين ) سورة الأنبياء.
    لنأتي الى النوع الثالث من العقول المستنيرة : محطات الإنذار المبكر , رواد النهضة الحقيقية المنتشرين كالنجوم في سماء "امتنا" الحالك السواد ,تلك القوى المتجردة التي تعمل في صمت لبعدها عن مراكز القرار و تعاني من الحزن النبيل ...
    ان مفتاح الحل يكمن في الديمقراطية و حتى تتوفر هذه الجميلة المستحيلة • لابد أن يربى الناس التربية الديمقراطية الحقة ابتداء من الآسرة ثم تمتد إلى المجتمع وفقا لقاعدة ((ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) : إذا لابد من وجود الإنسان الديمقراطي والمثقف الشعبي الذي ينزل من الأبراج العاجية الى الشارع العربي ويتحمل مسؤولية اكثر من 250 مليون إنسان عربي مغيب تماما في غيبوبة شاملة : ...
    ***

    حتى الديمقراطية نفسها لا تعني شيئا بالنسبة للمؤسسات الاستعمارية، لان الديمقراطية تعمل على تهيئة جو صحي ومعافى لتوعية الشعوب العربية والغرب يستغل هذه الشعوب ولا يريدها أن توعى وتنهض لذلك يسعى لتقويضها بواسطة طابوره الخامس والسادس المذكورين آنفا باعادة انتاج مرحلة انتهت الي مرحلة جديدة قوامها الشعوب تقرر.
                  

04-22-2013, 09:23 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1801

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    شكرا علي هذه الدوحة الوارفة
    كتابة راقية جدا وحفر عميق وحرف أنيق وثقافة عالية
    سنقرأها ثلاث وعشرة بل مائة او يزيد
    لأنها دانية القطوف ومتنوعة الثمار

    لك الشكر أجزله استاذنا عادل أمين
    روعة ...وقمة الإمتاع والإبداع

    محبتي ودمت سمحا
                  

04-22-2013, 09:51 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: عبيد الطيب)

    Quote: شكرا علي هذه الدوحة الوارفة
    كتابة راقية جدا وحفر عميق وحرف أنيق وثقافة عالية
    سنقرأها ثلاث وعشرة بل مائة او يزيد
    لأنها دانية القطوف ومتنوعة الثمار

    لك الشكر أجزله استاذنا عادل أمين
    روعة ...وقمة الإمتاع والإبداع

    محبتي ودمت سمحا

    الاخ العزيز عبيد الطيب
    تحية طيبة
    شكرا على مرورك
    ولا تكتفي بالقراءة فقط
    ناقش الامر السوري معانا هنا..وسوريا بلد عزيزة على قلبي ..وابنائها من اكثر الناس تقديرا للسودانيين والاحتفاء بابداعهم وما هان علينا نراهم يتشردون بالملايين يموتون بسبب ابناء العلقمي ودورة تتار جديدة....
    عشان نعري ابناء العلقمي ونرفع الاصر الواقع على السودان من محيطه الاقليمي دفعة واحدة كده
    الصراع بين ايدولجية البعث الحاكمة/العلوية والاخوان المسلمين/السنية المسلح تمدد ليصبح فوضى خلاقة معركة الجمل 2013 تخدم الحرب الباردة الجديدة بين الغرب وايران وتزيد معاناة الشعب السوري النبيل....
    وكلا الايدولجيتين غير ديموقراطية ولا تعبر عن الشعب السوري في الوقت الراهن..وفاتهم القطار ايضا وبقي الشعب السوري ومعارضته الديموقراطية الحقيقية مشردين في بلاد الله الواسعة-فهل كان الامر فعلا"الشعب يريد اسقاط النظام ؟؟

    (عدل بواسطة adil amin on 04-22-2013, 09:56 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 04-22-2013, 09:58 AM)

                  

04-23-2013, 12:03 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    الازمة الفكرية للربيع العربي


    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 3793 - 2012 / 7 / 19 - 11:54
    المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية




    قرات في التسعينات في مجلة المشاهد السياسي هذا المقال للمفكر الفرنسي الاسلامي الراحل روجيه غارودي،الذى شكل محطة انزار مبكرة بكتبه القيمة المتعددة والبعيدة المدي ولا تحتفي به النخب العربية بكافة توجهاتهم..علما بان عنصرية البعض الثقافية تشكل اكبر عائق لغير العرب من مفكرين وفلاسفة عبر العصور وتجعل الامة الاسلامية غارقة في مستنقع التخلف.. ,وتراودني سيرة في الاثر عندما تكالب كفار قريش لغزو المدينة..ااتمر الرسول والصحابة الاجلاء بفكرة سلمان الفارسي..وحفرو خندق حول المدينة..وعندما جاء المشركون وراو هذا الابتكار العسكري الذكي..قالو: هذا امر لا تعرفه العرب..لم ينكر على سلمان احد فكره او جهده بحجة انه غير عربي كما تفعل النخب العربية الان في الاستخفاف بالافريقيين في الفضائيات وعدم احترام وتقدير المفكرين الاسلامين غير العرب من الملل الاخرى ولم يكرم رجاء غارودي الذى رحل قريبا حتى على مستوى هذا المنتدى...
    نص المقال((((يلقي كتاب البروفيسور إسرائيل شاحاك ضوءا جديدا على سياسة إسرائيل الخارجية ، ويوضح، حسبما نقلته الصحافة الإسرائيلية ذاتها، أن إمكانية استخدام القادة الإسرائيليين لسلاحهم النووي نعني المساهمة بشكل فعال في عملية فرض هيمنة الولايات المتحدة ، وهذا ما يمكن أن يؤدى إلي تفجير حرب عالمية ثالثة.
    لقد تمت صياغة الخط الموجه للسياسة الإسرائيلية الخارجية قبل وجود الدولة الإسرائيلية بنصف قرن من قبل (( والدها الروحي)) ثيودر هر تزل، الذي كتب في مؤلفه(( الدولة اليهودية)) عام 1895(( أننا سنكون هناك حزاماً متقدماً في الغرب ضد البربرية الشرقية)).
    وتاريخ إسرائيل كله منذ نشوئها، يشير من خلال سلسلة اعتداءاتها واحتلالاتها لحدود جميع الدول المجاورة لها، إلي أنه تمّ تطبيق هذا (( الخط الموجه)) بحذافيره.
    وقد عرضت هذه السياسة بكل وضوح في عام 1982، في لحظة غزوها لبنان، بمجلة((كيفونيم)) الصادرة في القدس( العدد 14 شباط ((فبراير)) عام 1982) من قبل (( المنظمة الصهيونية العالمية)) على الشكل التالي إن غزو سيناء، بمواردها الحالية إنما هو هدف أولي، لم تتمكن اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقيات السلام الأخرى من إنجازه. وبما أننا نفتقد إلي مصدر البترول ونضطر إلى الإنفاق الضخم في هذا الميدان لا بد من التحرك أولاً لإيجاد وضعية ترجح كفتنا في سيناء كما كانت قبل زيارة السادات والاتفاقية البائسة التي وقعت معه في عام 1979.
    إن الوضعية الاقتصادية لمصر ونظامها وسياستها العربية الشاملة، ستؤدى إلي ظهور ظروف تحتم على إسرائيل التدخل، ومصر بحقيقة تناقضاتها الداخلية لم تعد تمثل بالنسبة إلينا مشكلة على الصعيد الاستراتيجي، ويمكن في أقل من 24 ساعة نعود إلي أوضاع ما بعد حرب حزيران ((يونيو)) 1967.
    إن الأسطورة القائلة أن مصر(( قائدة العالم العربي)) قد ماتت (( وبالمقارنة مع إسرائيل وبقية العالم العربي فأنها فقدت 50 في المائة من قوتها، وعلى المدى القصير يمكنها أن تجني الفوائد من استعادة سيناء ولكن ذلك لن يغير من موازين القوى بشكل أساسي.
    ومصر الكيان المركزي تحول إلى جثة وخصوصاً إذا ما أخذنا في الحسبان التصادم المتزايد بين المسلمين والمسيحيين أكثر فأكثر. وتقسيمها إلى محافظات جغرافية يجب أن يكون هدفنا السياسي على الجبهة الغربية طيلة سنوات التسعينيات. وحين تمّ تحييد مصر وحرمانها من قوتها المركزية، فإن دولاً مثل ليبيا والسودان ودول أخرى بعيدة ستعرف الانحلال ذاته. وأن تشكيل دولة قبطية في أعالي مصر وكيانات صغيرة في المناطق هو مفتاح التطور التاريخي الحالي الذي تامّ تأخير تنفيذه بفعل اتفاقية السلام ولكن ذلك سيكون حتمي الحدوث على المدى البعيد.
    وعلى صعيد الظاهر فأن جبهة الغرب تنتج مشاكل اقل من جبهة الشرق، وأن تقسيم لبنان إلي خمس مقاطعات يستشرف ما سيحدث في العالم العربي بأكمله. كما إن توزع سوريا والعراق إلي مناطق محددة على قاعدة المقاييس الأثنية أو الدينية، ينبغي أن يكون هدفاً إسرائيلياً على المدى الطويل، والمرحلة الأولى هي تحطيم القدرات العسكرية لهذه الدول.إن التشكيل الديني والطائفي لسوريا يسمح بقيام دولة شيعية((علوي)) على طول الشاطئ، ودولة سنية في منطقة حلب وأخرى في منطقة دمشق، وكيان درزي يمكنه أن يأمل في قيام دولته النقية. وربما في جولاننا. وفي كل الأحوال مع حوران وشمال الأردن، وهي دولة ستكون على المدى الطويل الضامن للأمن والسلام في المنطقة. وهذا هدفنا في متناول اليد الآن.والعراق الغني بالنفط وفريسة الصراعات الداخلية هو أيضاً على خط التسديد الإسرائيلي وتفسخه بالنسبة إلينا أهم من تفسخ سوريا لأنه، على المدى القصير، يشكل التهديد الجدي لإسرائيل. أن حرباً سورية.عراقية ستساعد على انهياره من الداخل، قبل أن يصبح قادراً على شن حرب ثأرية ضدنا.
    إن جميع أشكال المواجهة العربية.العربية ستكون في مصلحتنا وستقرب ساعة الانفجار، ومن الممكن أن تكون حرب العراق مع إيران الدافع في تنمية ظاهرة الاستقطاب هذه.
    وشبه الجزيرة العربية ككلها مهيأة لتفسخ من النوع نفسه، وتحت الضغوط الداخلية. وهذا الوضع ينطبق بشكل خاص على المملكة العربية السعودية، وتزايد المشاكل الداخلية هناك وسقوط النظام، كلها أمور تدخل في منطق بنائها السياسي الحالي.
    والأردن هدف استراتيجي في المدى الحالي. ولا يشكل؟، على المدى البعيد، تهديداً لنا بعد تفككه، بنهاية حكم الملك حسين وانتقال السلطة إلي يد الأغلبية الفلسطينية. ينبغي أن تمتد السياسة الإسرائيلية إلى هذه الحدود. ويعني هذا التغيير حّل مشكلة الضفة الغربية، الكثيفة بالسكان العرب. وكذلك لأن هجرة العرب إلى الشرق في ظروف سلمية، أو بعد حرب، هي مفصل لتجميد نموها الاقتصادي والديمغرافي وضمانة التحولات المستقبلية. ويجب علينا أن نبذل قصارى جهودنا من أجل تنفيذ هذه العملية. كما ينبغي رفض خطة الحكم الذاتي، وجميع أشكال المساومة أو تقسيم الأراضي، ونعمل على خلق ظروف الانفصال بين الأمتين: وهي ظروف ضرورية للتعايش السلمي الحقيقي. فالعرب الإسرائيليون(( الذين يطلق عليهم الفلسطينيون)) يجب أن يفهموا بأنه لا يمكن أن يكون لهم وطن إلا في الأردن ولن يعرفوا الأمان إلا في الاعتراف بالسيادة اليهودية بين البحر ونهر الأردن، فليس من الممكن في عصر القوة النووية القبول بأن يجد ثلاثة أرباع السكان اليهود أنفسهم محصورين في أرض فائضة بالسكان ضيقة ومكشوفة. إن نشر هؤلاء السكان عامل أساسي في سياستنا الداخلية. يهودا والسا مراء والجليل الضمانة الوحيدة لديمومتنا الوطنية. وإذا لم ننجح في أن نصبح أغلبية في المناطق الجبلية، آنذاك سنخاطر، بمواجهة مصير الصليبيين الذين أضاعوا هذا البلد. إن إعادة التوازن إلي الخريطة الديمغرافية والاستراتيجية والاقتصادية يجب أن يكون طموحنا الأساسي، ويشمل ذلك السيطرة على مصادر المياه في المنطقة التي تمتد من بئر شيبا (بئر السبع) إلى أعالي الجليل التي هي خالية عملياً من اليهود في الوقت الحاضر).
    هذا الطرح يؤكد أن المشروع الاستعماري والعنصري للصهيونية السياسية، بعد استخدام عمليات الطرد والسلب واضطهاد الفلسطينيين ثم سلسلة الحروب العدوانية في الشرق الأوسط، والآن تفكيك الدول العربية كافة، يشكل تهديداً للسلام في العالم، ومن المفهوم أن مشروعاً بهذا الاتساع لا يمكن أن ينفذ إلا بالدعم اللامشروط للولايات المتحدة، على الصعيد الدبلوماسي والمالي والعسكري. وكما كتب البروفيسور ليبوفتز، وهو أحد المشرفين على((الانسيكلوبيديا اليهودية)): ((إن قوة القبضة اليهودية نابعة من القفاز الحديدي الذي تغلفه أميركا، ومن الدولارات التي تموله بها)).
    ولهذا السبب تصبح هذه الأهداف الاستراتيجية التوسعية للأراضي ذات فعل كبير في الأحداث الآنية وتشكل تهديداً أكثر واقعية في وقت تحدد الولايات المتحدة نفسها أهدافها الاستراتيجية الخاصة بها، كما حلل ذلك المنظر الأيدلوجي للبنتاغون صموئيل هانتنغون، الذي يصطف في الخط الذي حدده ثيودر هرتزل بالنسبة إلى الدولة اليهودية. لكن هانتنغون يحلل ذلك على المستوى العالمي.
    إن إحدى حسنات كتاب إسرائيل شاحاك تكمن في تحليل المناهج المستخدمة من قبل القادة الإسرائيليين
    ( سواء كانوا من حزب العمل أو حزب الليكود) والعمل على تعطيل القوة التي تنتصر للسلام وكل من يرفض الخضوع لـ (( ديانة السوق التوحيدية)).
    بمعنى (( عبادة المال))، وكذلك الخضوع لأولئك الذين يريدون فرض2 قادة الولايات المتحدة ومرتزقتها الإسرائيليين.
    ويشبه هذا المنهج إلى حد بعيد منهج الولايات المتحدة المستخدم إزاء شعوب أميركا اللاتينية وبشكل أولي من خلال دعم جميع الأنظمة القادرة على قمع غضب الجماهير ضد الاستعمار الجديد وتفريق صفوف الضحايا. ويوضح أسارئيل شاحاك، على سبيل المثال، كيف حاول القادة الاسرائيليون، في عام 1992، الحصول على قواعد في الهند لشن هجوم جوي ضد باكستان من أجل تعطيل كل التطور النووي، بينما يسمح للسلاح النووي، حسبما كتب ارييل شارون في عام 1981، بتوسيع التأثير الإسرائيلي من ((أفغانستان حتى موريتانيا)).
    كما أن أحد الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل هو أيضاً حماية الأنظمة ((القوية)) في دول الشرق الأوسط جميعها، أي بمعنى الأنظمة القادرة على عرقلة الثورة الشعبية ضد ابتزازات إسرائيل. والحرب الاستعمارية التي قادتها الولايات المتحدة والتابعون لها من الأوربيين ضد العراق من أجل الاستحواذ على البترول تمت عن طريق شراء ذمم قادة الدول المجاورة. ومن أجل الحصول على موافقة عد اشتراك إسرائيل بشكل مفتوح وواضح مع التحالف، عمدت الولايات المتحدة إلى إقناع ا لزمرة العسكرية التركية بتخصيص القاعدة الجوية ((انجرليك)) للقيام بقصف شمال العراق، وبعد انتهاء الحرب، عقدت مع الزمرة الاستراتيجية اتفاق تعاون إستراتيجي سمح لهم بالاشتراك في المناورات التابعة للبحرية الأمريكية والتركية والإسرائيلية في عام1197. وحتى من دون المرور عن طريق وساطة إسرائيل، حصلت الولايات المتحدة على اتفاقية لإنشاء قواعد عسكرية ضخمة في دول الخليج، وذلك من أجل الحفاظ على قوة عسكرية دائمة في البحرين وفي((ارض مقدسة)) يدعي قادتها حمايتها. وقد حصلت على طاعة القادة العرب الآخرين عن طريق الاغراءات المالية( تمديد ديونها وتمويل قوتها العدوانية)، واستمرت العملية بعد الحرب من خلال العلاقات التجارية القوية مع إسرائيل. وفيما كانت الدول العربية مبدئياً تطبق مبدأ المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، يوضح لنا شاحاك، أن تجارة بعض الدول العربية( وخصوصاً ذات الأنظمة الاستبدادية) مع إسرائيل وصلت إلى مليار و400 مليون دولار، وعلى الخصوص تونس والجزائر والمغرب في عام 1994.
    إن العدو رقم واحد لإسرائيل حسب نظر قادتها هي إيران التي تعمل الدعاية الصهيونية في العالم أجمع على لصق كل أعمال ((الإرهاب)) بها وتسمية ((الإرهاب)) حسب مفهوم هتلر كما هو كل عمل ((مقاومة)) يقوم به الشعب ضد المحتل أو المغتصب، وهنا هو إسرائيل. في عام 1992 تم تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين وكذلك ما قام به الصهاينة الأرجنتينيون في عام 1994، وهذه الأعمال الخطيرة لصقت بإيران من دون الآتيان بأي إثبات.
    في صحيفة((هآرتز)) ( وهي أكبر صحيفة إسرائيلية) كتب ألوف بن في 12 تموز(يوليو) عام 1994( أصبح التهديد الإيراني في قلب اهتمامات السياسة الإسرائيلية الخارجية وأمنها في غضون السنتين الأخيرتين، وذلك بحجة أن إيران تصدر الإرهاب والثورة وزعزعة الأنظمة العربية)).
    وفي جنوب لبنان ، عندما يقتل مقاوم جندياً من جيش الاحتلال، يقوم شمعون بيريس بإدانة (( إرهاب)) حزب الله الذي يعتبره عميلاً لطهران، متناسياً أن الشيعة في لبنان موجودون قبل ثورة الخميني، وبالنسبة إلي جميع الوطنيين اللبنانيين يمثل حزب الله الذراع العسكرية لمقاومتهم ضد الاستعمار الإسرائيلي.
    كتب شاحاك بدقة عن الدور الذي لعبه قادة ((الدياسبورا)) اليهودية، وخصوصاً في الولايات المتحدة، حيث أن اليهود على رأس مؤسسات السلطة، ابتداءً من وزارتي الدفاع والخارجية والرؤساء الثلاثة الرئيسيين لوكالة الاستخبارات المركزية، وكلهم منن الصهاينة، وانتهاء بوسائل الإعلام التي تتلاعب بالرأي العام، كما كانوا يهيمنون أيضاً في فرنسا، أدانهم شارل ديغول.
    يتمثل اللوبي الرئيسي في منظمة ((ايباك)) التي تضم 55 ألف عضو من 7 ملايين يهودي أمريكي) يوجهون السياسة الأمريكية ويحصلون على المليارات من أجل ضمان أمن إسرائيل، وخصوصاًَ أمنها النووي.
    والدرس الأساسي الذي يمكن تعلمه من تحليلات كتاب شاحاك يتركز في المعادلة ا لتالية وهى: من أجل تعطيل إرادة الهيمنة العالمية الأميركية الإسرائيلية لا بد من ضرب العدو في نقطته الضعيفة: الاقتصاد. ذلك أن إسرائيل لا تتمكن من العيش من دون الدعم الأميركي اللامشروط. فالولايات المتحدة هي البلد الأغنى والأكثر مديونية في العالم لأنها تعيش علي نهب الكرة الأرضية بأكملها. ((وديكتاتورية صندوق النقد الدولي)) و(( البنك الدولي)) و ((المنظمة العالمية للتجارة)) تضمن سيطرتها على الأسواق العالمية، وبالتالي تؤدي إلى سيطرتها السياسية.
    إن الطرقة الأكثر فاعلية والمضادة لمثل هذه القوة تتمثل في المقاطعة الصارمة لكل ما يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة، ذلك أن الاقتصاد الأمريكي ذاته لا يستطيع تحمل خسارة مليار أو مليارين من عملائه. ومن المهم جداًُ ا، يعتبر كل مسلم من واجبه ومسئوليته الشخصية أن يفرض على قادته مسألة رفض دفع ما يسمى بـ(( الديون))، "( تولدت هذه الديون نتيجة لتحطيم اقتصاديات الدول المستعمرة من قبل المستعمرين ومن حولهم إلى تابعين اقتصاديين لهم )، وكذلك رفض قوانين (( صندوق النقد الدولي)) والمقاطعة الكلية لهذه المؤسسة الضخمة الناتجة عن الهيمنة الأمريكية، واحتقار (( الحصار)) المفروض على الدول الشقيقة التي رفضت ا لانحناء أمام المطالب الأمريكية، والعمل على إنشاء ((سوق مشتركة)) لدول الجنوب، التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار ذات يوم، والتي تمتلك 80% من موارد العالم الطبيعية، إذ يتم سرقتها بأسعار زهيدة من خلال الشركات المتعددة الجنسية، والعمل كذلك على إقامة هذه السوق على قاعدة التبادل حتى لا تمر بالدولار.
    وهذه المقاطعة العامة التي يجب أن تنكون ضد المنتجات الأميركية كلها بما فيها ((كوكا كولا)) هي السلاح المهم للانتصار على الهيمنة التي يريد فرضها القادة الأميركيون ومرتزقتهم الإسرائيليين.
    بقلم روجيه غارودي )))

    المصدر: نشر فى المشاهد السياسى(السنة الثالثة -العدد67-22/28 حزيران يونيو 1997

    تعقيب: ونحن الان في 2012 ما رايكم فيما يحدث الان:

    نحن انتقلنا إلى مرحلة جديدة عالمية وإقليمية وقطرية عبر العالم بعد نهاية الحرب الباردة القديمة والصراع بين المعسكر الرأسمالي الغربي الذي تقوده أمريكا والمعسكر الاشتراكي الشرق الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق..ولان ثورة المعلوماتية أفرزت واقع جديد وقاد ثورة في عالم التواصل الاتصالات فقد انكشف جانب قبيح كبير في الاختلالات الفكرية التي قادت إلى اختلالات في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول الشرق الأوسط القديم من عرب وعجم.في ظل التواجد المزمن لدولة إسرائيل في المنطقة وايدولجيتها العنصرية التي تم إدانتها في مؤتمر ديربن في جنوب أفريقيا 2001 رغم بروز تيار معتدل كبير في إسرائيل أفرزته اتفاقيات السلام العديدة في إيجاد صيغة مثلى للتعايش في المنطقة وحل القضية الكبرى في الشرق الأوسط وإيجاد وطن للفلسطينيين في حدود 1967 كأعلى سقف يمكن الوصول إليه في هذه المرحلة وبرز حزب كاد يما ليقود التوجه الإسرائيلي إلى سلام عادل ودائم..
    رغم أن تغيرات ما بعد الحرب الباردة القديمة اكتنفت العالم وأخذت الكثير من الدول في العالم الثالث وعبر القارات الستة تشق طريقها إلى الديمقراطية والدولة المدنية الحقيقية عبر ثورات الألوان والتطورات الدستورية المستمرة..تأخر الأمر كثيرا في الشرق الأوسط وأفرزت أحداث 11/9/2001 واقع جديد يسمي الإرهاب الدولي المرتبط بالعرب والمسلمين والناجم عن القهر السياسي والاجتماعي المخيم في دول المنطقة ..والناجم عن سياسة المصالح التي تنتهجها الدول الغربية وتعوق نشر نموذجها الديمقراطي المتطور الذي اقتبسته العديد من الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتطورت وبقي الشرق الأوسط ضحية ما يعرف بسياسة دكتور جيكل اند مستر هايد..بدعم الأنظمة الديكتاتورية ثم التخلي عنها بعد أن انطلقت ما يعرف بثورات الربيع العربي...
    ظلت إيران وطموحاتها النووية حجر العثرة في طريق المحافظة على التوازن النووي مع إسرائيل التي سعى الغرب لتحجيمها ولجمها باستماتة بسياسة الجذرة التي خلفاها عصا..وقام الغرب بإطلاق سراح أدواته في الحرب الباردة القديمة الإخوان المسلمين بإعادة تسويقهم ديمقراطيا ولكن بأسس جديدة باسترجاع تاريخي لمعركة الجمل وإعادة الصراع الطائفي في المنطقة والخلافات بين السنة والشيعة التي تفكك الدولة القطرية وقد تعيد رسم الخارطة...ودفعت بالإخوان المسلمين ليركبوا قطار الثورات الليبرالية وحركات التغيير التي امتدت في أكثر من دولة بانتهازيتهم المعروفة والمدعومة من الغرب وبدعم من فضائية الجزيرة وعبر الفوضى الخلاقة ليكون التغيير فادح الثمن وباهظ التكاليف..وإذكاء حرب بادرة جديدة بين أمريكا وإيران تكون أدواتها النخب الإسلامية المتعطشة للسلطة في كل بلد عربي..وإحباط كل سكان الشرق الأوسط بإدخالهم في حرب باردة جديدة ليس لها جدوى ..ولا تلبي مطالب شعوب المنطقة ..
    هناك فرق جذري بين التغير وبين إعادة التدوير وقد كان الأجدى تحرير كافة شعوب الشرق الأوسط من نير وأصر الايدولجيات العنصرية والتزمت المذهبي والجمود العقائدي ..ولاية الفقيه الإيرانية والصهيونية الإسرائيلية والإخوان المسلمين المصرية والسلفية والسعودية والبعثية السورية...وان الطريق إلى الدولة المدنية والديمقراطية الحقة لا يكون أبدا عبر هذه الايدولجيات المستنفذة التي تشكل حجر عثرة أمام طموحات الملايين..الحالمين بان يرو بلادهم عملاق اقتصادي والنظر ابعد من الشرق الأوسط إلى الهند وماليزيا والبرازيل وكوريا الجنوبية...
    الذي يريد نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط يجب عليه تعرية هذه الايدولجيات المرحلية وهدم الأساس الفكري لها وتحرير وعي الناس منها ليتجاوزوها بصناديق الاقتراع بدلا عن حالة الاستقطاب الحادة التي نعاني منها ألان..خاصة أن ولاية الفقيه تترنح في إيران وهي ليس منسجمة مع أصول الدين وعراها عبد الجبار المعتزلي منذ أمد بعيد ويستمر علماء من أبناء الشيعة المعاصرين في تجاوزها حتى الآن من أمثال أياد جمال الدين وعبد المجيد الخوئي وغيرهم كما هو الحال شعار- تطبيق الشريعة(الإسلام هو الحل) الذي يرفعه الإخوان المسلمين وألقى بظلاله الكثيفة في بلد المنشأ مصر، فقط لاحظوا نتائج الانتخابات البرلمانية وما فرزته من "أغلبية انتهازية" مع ملاحظة أن الانتخابات الراسية المصرية خلت من مرشح مسيحي وامرأة بل حتى النوبة المصريين المهمشين ظلوا خارج الخارطة السياسية المصرية هذا هو مشروع الإخوان المسلمين "النسخة المصرية" وقد تجازوه الواقع وعراه الكثير من المفكرين المصريين مثل فرج فودا والسودانيين مثل محمود محمد طه ويريدون أن يجعلوه بديل ديمقراطي للأنظمة الحاكمة المنتهية الصلاحية .. أما الصهيونية وأساطيرها المؤسسة فقد عراها روجيه غاردوي المفكر الإسلامي المعاصر المعروف..أما السلفية فهي حركة مجتمع أصلا ولا ضير منها إن ظلت حركة مجتمع ما عدا السلفية الجهادية المتأثرة بالإخوان المسلمين "نسخة حسن البنا"و العمل العنيف على التغيير من أعلى والأمر متروك لولي الأمر في السعودية لتطوير البلاد دستوريا وعبر خطوات مدروسة للوصول للديمقراطية والدولة المدنية الحقة القائمة على المواطنة......
    ختاماً لحل أزمة الديمقراطية والدولة المدنية كمعادل موضوعي لاستقرار المنطقة والسلم العالمي في الشرق الأوسط.. هو السعي على توفيرها كوعي وسلوك أولا ولن يتم ذلك إلا بتجاوز إعادة إنتاج هذه الايدولجيات جميعها ودعم المنابر الحرة و القوى الليبرالية الحرة وترسيخ القيم الليبرالية القائمة على إعلاء المواطنة والدستور المتضمن للإعلان العالمي لحقوق الإنسان..وسيظل العالم يترنح في طريقة للبحث عن العدالة السياسية"الديمقراطية " والعدالة الاجتماعية"الاشتراكية"..ما لم توجد نظرية جديدة تجمع بين هاتين القيمتين والمدينة الفاضلة نسخة القرن الحادي والعشرين هي الدولة الديمقراطية الاشتراكية....والحاكم العادل الذي يجب أن تطمح له الشعوب الواعية هو الرئيس النزيه والمتجرد والاشتراكي.. مثل رئيس البرازيل السابق "لولا داسلفا...

    ونختم بمستبصر معرة النعمان في سوريا التي تعاني الان وتحتضر .. ابو العلاء المعري..اقدم محطة انزار مبكر في المنطقة
    سبحان من قسم الحظوظ فلا ملامة ** اعمى واعشى وذو بصر ورزقاء اليمامة


    تعقيب
    والان يمكننا ان نرى كيف يعمل احفاد ابن العلقمي في مقال روجيه غارودي اعلاه والمنشورمنذ امد بعيد في المشاهد السياسي
    لقد ركب ((الاخوان المسلمين))) موجة الربيع العربي في سوريا وحولوه من مشروع بحث عن الديموقراطية الى حرب فجار وتصفية خصومة مع النظام الحاكم لها 50 سنة وجلبو معهم ادواتهم المدمرة من متتطرفين ومجرمين لم يتركو حتى قبر ابي العلاء المعري الذى استبصرهم منذ امد بعيد وعبر دورات التاريخ المستمرة...لابد للسوريين ان يصلو الى حل في منتصف الطريق- يتوقف اطلاق النار وحكومة انتقالية 50%=50% ثم مؤتمر الوطني دستوري لتحديد كيف تحكم سوريا وليس من يحكم سوريا والعودة الى الشعب يقرر وصناديق الاقتراع
                  

04-27-2013, 01:50 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    الحرب الباردة الجديدة



    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 3733 - 2012 / 5 / 20 - 14:32
    المحور: مواضيع وابحاث سياسية



    نحن انتقلنا إلى مرحلة جديدة عالمية وإقليمية وقطرية عبر العالم بعد نهاية الحرب الباردة القديمة والصراع بين المعسكر الرأسمالي الغربي الذي تقوده أمريكا والمعسكر الاشتراكي الشرق الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق..ولان ثورة المعلوماتية أفرزت واقع جديد وقاد ثورة في عالم التواصل الاتصالات فقد انكشف جانب قبيح كبير في الاختلالات الفكرية التي قادت إلى اختلالات في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول الشرق الأوسط القديم من عرب وعجم.في ظل التواجد المزمن لدولة إسرائيل في المنطقة وايدولجيتها العنصرية التي تم إدانتها في مؤتمر ديربن في جنوب أفريقيا 2001 رغم بروز تيار معتدل كبير في إسرائيل أفرزته اتفاقيات السلام العديدة في إيجاد صيغة مثلى للتعايش في المنطقة وحل القضية الكبرى في الشرق الأوسط وإيجاد وطن للفلسطينيين في حدود 1967 كأعلى سقف يمكن الوصول إليه في هذه المرحلة وبرز حزب كاد يما ليقود التوجه الإسرائيلي إلى سلام عادل ودائم..
    رغم أن تغيرات ما بعد الحرب الباردة القديمة اكتنفت العالم وأخذت الكثير من الدول في العالم الثالث وعبر القارات الستة تشق طريقها إلى الديمقراطية والدولة المدنية الحقيقية عبر ثورات الألوان والتطورات الدستورية المستمرة..تأخر الأمر كثيرا في الشرق الأوسط وأفرزت أحداث 11/9/2001 واقع جديد يسمي الإرهاب الدولي المرتبط بالعرب والمسلمين والناجم عن القهر السياسي والاجتماعي المخيم في دول المنطقة ..والناجم عن سياسة المصالح التي تنتهجها الدول الغربية وتعوق نشر نموذجها الديمقراطي المتطور الذي اقتبسته العديد من الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتطورت وبقي الشرق الأوسط ضحية ما يعرف بسياسة دكتور جيكل اند مستر هايد..بدعم الأنظمة الديكتاتورية ثم التخلي عنها بعد أن انطلقت ما يعرف بثورات الربيع العربي...
    ظلت إيران وطموحاتها النووية حجر العثرة في طريق المحافظة على التوازن النووي مع إسرائيل التي سعى الغرب لتحجيمها ولجمها باستماتة بسياسة الجذرة التي خلفاها عصا..وقام الغرب بإطلاق سراح أدواته في الحرب الباردة القديمة الإخوان المسلمين بإعادة تسويقهم ديمقراطيا ولكن بأسس جديدة باسترجاع تاريخي لمعركة الجمل وإعادة الصراع الطائفي في المنطقة والخلافات بين السنة والشيعة التي تفكك الدولة القطرية وقد تعيد رسم الخارطة...ودفعت بالإخوان المسلمين ليركبوا قطار الثورات الليبرالية وحركات التغيير التي امتدت في أكثر من دولة بانتهازيتهم المعروفة والمدعومة من الغرب وبدعم من فضائية الجزيرة وعبر الفوضى الخلاقة ليكون التغيير فادح الثمن وباهظ التكاليف..وإذكاء حرب بادرة جديدة بين أمريكا وإيران تكون أدواتها النخب الإسلامية المتعطشة للسلطة في كل بلد عربي..وإحباط كل سكان الشرق الأوسط بإدخالهم في حرب باردة جديدة ليس لها جدوى ..ولا تلبي مطالب شعوب المنطقة ..
    هناك فرق جذري بين التغير وبين إعادة التدوير وقد كان الأجدى تحرير كافة شعوب الشرق الأوسط من نير وأصر الايدولجيات العنصرية والتزمت المذهبي والجمود العقائدي ..ولاية الفقيه الإيرانية والصهيونية الإسرائيلية والإخوان المسلمين المصرية والسلفية والسعودية والبعثية السورية...وان الطريق إلى الدولة المدنية والديمقراطية الحقة لا يكون أبدا عبر هذه الايدولجيات المستنفذة التي تشكل حجر عثرة أمام طموحات الملايين..الحالمين بان يرو بلادهم عملاق اقتصادي والنظر ابعد من الشرق الأوسط إلى الهند وماليزيا والبرازيل وكوريا الجنوبية...
    الذي يريد نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط يجب عليه تعرية هذه الايدولجيات المرحلية وهدم الأساس الفكري لها وتحرير وعي الناس منها ليتجاوزوها بصناديق الاقتراع بدلا عن حالة الاستقطاب الحادة التي نعاني منها ألان..خاصة أن ولاية الفقيه تترنح في إيران وهي ليس منسجمة مع أصول الدين وعراها عبد الجبار المعتزلي منذ أمد بعيد ويستمر علماء من أبناء الشيعة المعاصرين في تجاوزها حتى الآن من أمثال أياد جمال الدين وعبد المجيد الخوئي وغيرهم كما هو الحال شعار- تطبيق الشريعة(الإسلام هو الحل) الذي يرفعه الإخوان المسلمين وألقى بظلاله الكثيفة في بلد المنشأ مصر، فقط لاحظوا نتائج الانتخابات البرلمانية وما فرزته من "أغلبية انتهازية" مع ملاحظة أن الانتخابات الراسية المصرية خلت من مرشح مسيحي وامرأة بل حتى النوبة المصريين المهمشين ظلوا خارج الخارطة السياسية المصرية هذا هو مشروع الإخوان المسلمين "النسخة المصرية" وقد تجازوه الواقع وعراه الكثير من المفكرين المصريين مثل فرج فودا والسودانيين مثل محمود محمد طه ويريدون أن يجعلوه بديل ديمقراطي للأنظمة الحاكمة المنتهية الصلاحية .. أما الصهيونية وأساطيرها المؤسسة فقد عراها روجيه غاردوي المفكر الإسلامي المعاصر المعروف..أما السلفية فهي حركة مجتمع أصلا ولا ضير منها إن ظلت حركة مجتمع ما عدا السلفية الجهادية المتأثرة بالإخوان المسلمين "نسخة حسن البنا"و العمل العنيف على التغيير من أعلى والأمر متروك لولي الأمر في السعودية لتطوير البلاد دستوريا وعبر خطوات مدروسة للوصول للديمقراطية والدولة المدنية الحقة القائمة على المواطنة......
    ختاماً لحل أزمة الديمقراطية والدولة المدنية كمعادل موضوعي لاستقرار المنطقة والسلم العالمي في الشرق الأوسط.. هو السعي على توفيرها كوعي وسلوك أولا ولن يتم ذلك إلا بتجاوز إعادة إنتاج هذه الايدولجيات جميعها ودعم المنابر الحرة و القوى الليبرالية الحرة وترسيخ القيم الليبرالية القائمة على إعلاء المواطنة والدستور المتضمن للإعلان العالمي لحقوق الإنسان..وسيظل العالم يترنح في طريقة للبحث عن العدالة السياسية"الديمقراطية " والعدالة الاجتماعية"الاشتراكية"..ما لم توجد نظرية جديدة تجمع بين هاتين القيمتين والمدينة الفاضلة نسخة القرن الحادي والعشرين هي الدولة الديمقراطية الاشتراكية....والحاكم العادل الذي يجب أن تطمح له الشعوب الواعية هو الرئيس النزيه والمتجرد والاشتراكي.. مثل رئيس البرازيل السابق "لولا داسلفا"....

    الطريق الى الديموقراطية لا يمرابدا عبر بوابة الاخوان المسلمين
    بل هم ادوات الفوضى الخلاقة الجديدة في المنطقة
                  

05-02-2013, 09:25 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)

    Quote: الطريق الى الديموقراطية لا يمرابدا عبر بوابة الاخوان المسلمين
    بل هم ادوات الفوضى الخلاقة الجديدة في المنطقة

    واخشى ان تتمدد الفوضى الخلاقة الى العراق ولبنان
    والمؤسف جل النخب العربية المتغطرسة
    لم تقرا الوعد الحق والفجر الكاذب...للدكتور منصور خالد ليعرفوا مالات تجربة السودان من 1964 مع مشروع الدولة الدينية المزيف


    الدولة الدينية والدولة المدنية


    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 1824 - 2007 / 2 / 12 - 12:01
    المحور: الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق



    - الدولة الدينية يختار رأسها الله جل جلاله ، بينما الدولة السياسية ينتخب الشعب أو الحزب رئيسها او " أهل الحل والعقد بلغة السلف " .. أو يرث الملك عن أبيه أو عمه أو أحد قرابته ، أو يستولي على السلطة بانقلاب دموي أو أبيض .
    2- الدولة الدينية يقف على قمتها رسول يوحى إلية من قبل الله تعالى والدولة السياسية يحكمها بشر عاديون .
    3- الدولة الدينية يظل رئيسها طيلة حياته على اتصال بالسماء في كل وقت بالنهار والليل ، في السفر أو الحضر ، بينما علاقة رأس الدولة السياسية بالسماء منقطعة فلا وحي ينزل علية ، وصلته بالله ارتفع ذكره كأي مخلوق أخر بخالقه .
    4- في الدولة الدينية رأس الدولة يبقى محروساً من السماء بواسطة جنود ربه – الذين لا يعلمهم إلا هو ولذلك لما نزلت أية " والله يعصمك من الناس " 67/5 صرف الرسول الأعظم محمد "ص" حرسه مكتفياً بحراسة جند الله وقال : لمن كان يحرسه من الصحابة " انصرفوا ايها الناس فقد عصمني الله " تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن الإمام القرطبي المجلد الرابع ص 2241 كتاب الشعب طبعة دار الريان للتراث / القاهرة .. أما رأس الدولة السياسية فلا يستغني عن حرسه . وإذا غفل عن ذلك تعرض للاغتيال من أحد المحكومين كما فعل ابو لؤلؤة المجوسي مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعبد الرحمن بن ملجم مع علي بن ابي طالب كرم الله وجهه .
    5- في الدولة الدينية توالى السماء رئيسها بالمشورة في كل معظلة صغيرة أو كبيرة ، والذكر الحكيم يقص علينا العديد من ذلك نكتفي بمثلين اولهما ورد في سورة المجادلة عندما جاءت خوله بنت ثعلبة إلى الرسول الأعظم محمد "ص" تسأل عن الظهار وتشتكي ما فعلة زوجها بها ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فما برحت " خوله أن غادرت حجرة عائشة " حتى نزل جبريل بهذه الآيات " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " 1/58/"ب" .. والآخر روي ابن حرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس " رضي الله عنه " أن رجلين تداعيا إلى نبي الله داؤد "ص" في بقر ، ادعى احدهما على الآخر أنه اغتصب منه فانكر المدعي علية ، فأرجا أمرهما إلى الليل ، فلما كان الليل أوحى الله إلية أن يقتل المدعي ، فلما أصبح قال له داؤد : ( إن الله قد أوحى إلى أن أقتلك فأنا قاتلك لا محالة فما خبرك فيما ادعيته على هذا ؟) قال : والله يا نبي الله إني محق فيما أدعيت علية ، ولكنني كنت قتلت أباة قبل هذا . فأمر به داؤد " س " فقتل فعظم امر داؤد في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً ، وذلك قول الله تقدست أسماؤه في شأن داؤد "س" : " وشددنا ملكة وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب " 20/38 "ج" .. إذن وحي السماء مع رأس الدولة الدينية في كل نازلة تعرض له سواء اجتماعية أو مسألة أحوال شخصية " كالظهار " أو قضية مدنية / جنائية " الاختلاف على ملكية البقر ، القتل " .. أما رأس الدولة السياسية فهو يعتمد في حل ما يصادفه من مشكلات على عقله وتفكيره وعلى الوزراء والمستشارين والخبراء ذوي الاختصاص المحيطين به .
    6- في الدولة الدينية مدد السماء لا ينقطع عن رئيسها فنرى الله جل شأنه يسخر له الجبال والطير ويلين له الحديد " داؤود س " ويعلمه منطق " لغة " الطير ويسخر له الجن والإنس ويسخر له الرياح العاصفة والشياطين والغواصين " " سليمان – س " وأرسل الله كتيبة مسلحة من الملائكة بقيادة جبريل "س" في غزوة بدر الكبرى لتحارب مع رسوله الأعظم محمد "ص" ومع المسلمين " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين " 124/3 " واخرج ابن أبي شيبه في المنصف وابن ابي حاتم عن الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق عليهم فانزل الله : إذ نقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ، إلى آخر الآية فبلغت كرزاً الهزيمة ، فلم يمد المشركين ولم يمد المسلمين بالخمسة "د" .. في حين أن رأس الدولة السياسية لا تقدم السماء له آية مساعدة : مثل الملائكة أو الجن أو الشياطين أو الرياح أو الطير .. الخ إنما علية أن يعتمد على ملكاته وقدرات شعبة .
    7- طاعة رأس الدينية فرض ديني " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " 7/59 ، بل إن هذه الطاعة هي محك الإيمان " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " 65/4 وليس الأمر كذلك في الدولة السياسية إذ لا صلة بين ظلمة المحكوم للـحاكم فبها وبين إيمانه وعصيانه إياه لا يقدح في دينه .
    8- المعارضون لرأس الدولة الدينية إما كفار مصيرهم جهنم وإما منافقون في الدرك الأسفل من النار ، أما المعارضون في الدولة السياسية فقد يعرضون أنفسهم لعقاب دنيوي فحسب يصل أحياناً إلى حد التصفية الجسدية ؛ إنما لا شأن له " العقاب والجزاء " بعقيدتهم " الدينية " فعلى سبيل المثال الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج "ض" لم يبايع أبا بكر ولا الفاروق عمر بن الخطاب "رضي الله عنهما " واستمر طوال حياته معارضاً لهما لا يصلي بصلاتهما ولا يجمع بجمعيتهما ولا يفض بإفاضتهما "د" وظل كذلك إلى أن قتلة الجن في الشام ولم يجرأ أحد على إن يدعي بأنة كفر أو نافق .
    9- رأس الدولة الدينية معه كتاب أوحى به إلية فقد أنزل على الرسول الأعظم محمد "ص" القرآن وقال الحق تبارك وتعالى " وأتينا داؤود زبور " 55/17 " وورث سليمان داؤود " 16/27 ومن بين ما ورثة " الزبور " وما به من حكمة وعلم " ولقد أتينا داؤود وسليمان علما " 15/17 وفي " الكتاب المقدس " توجد " أمثال سليمان " " ملك إسرائيل " بلغت واحد وثلاثين اصحاحا " ونشيد الإنشاد الذي لسليمان " واصحاحاته ثمانية وهذه الكتب المنزلة تشد من أزر رأس الدولة الدينية وتعززه وتمنحه القداسة وتوقع في نفوس محكوميه ..والاذعان له..وآخر كتاب مقدس هو المصحف الشريف الذى نزل على نبينا محمد (ص)
    10- ختاما ان الدولة الدينية ارتبطت بفترة زمنية محددة كان مسك ختامها الرسول الكريم وان ما تلى ذلك منذ سقيفة بني ساعدة الى اليوم هو الدولة السياسية...وترك امر النظام السياسى مفتوح يتطور مع تطور الزمن مع تحديد اطر عامة للحكم العادل يضمنها القرآن المكي ..ونجد فيه كثير من روح القيم الحديثة من توزيع عادل للسلطة(الديموقراطية وتوزيع عادل للثروة (الاشتراكية) واللامركزية الفدرالية والقضاء المستقل والاعلام الحر..بينما المذاهب الدينية المنتشرة فى المنطقة نجمت لظروف تاريخية وليس ظروف عقائدية وقدا شار لذلك ابو العلاء المعرى:
    انما هذه المذاهب اسباب لجلب الدنيا الى الرؤساء
    كالذى يقوم بجمع الزنج فى البصرة والقرمطى بالاحساء

    وان فصل الدين عن السياسة لا يعنى تغييب الدين عن المجتمع كما فعلت العلمانية الغربية بل عدم استغلال الدين كمطية للسلطة كما يفعل ما يعرف بالاسلاميين الان..لان الاسلام عقيدة عالمية مركزه الفرد وحدوده العالم.ويمتد مع حياة الفرد بين دارين بينما السياسة علم يدرس فى الجامعات فى الكليات ذات الاختصاص وتعتمد على مواهب الانسان فى ادارةشئون البلد فى مستوى القطر وحدوده المحدودة..لذلك يكون بالتالى الحزب اطار سياسى وليس دينى ولا يقدح ذلك فى عقائد من لا ينتسبون اليه..
    لذلك يجب ان تتجاوز المنطقة الايدولجيات القائمة على استعلاء عرقي او استعلاء ديني...وعندها سنعرف الخلل....وهذه المواضيع المتسلسلة ليست سوى محاولة لايجاد مسار جديد للمنطقة في مرحلة مابعد الايدولجية... الي الدولة المدنية الديموقراطية...وليس العلمانية...اكرر
                  

05-18-2013, 10:55 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37043

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حدث في معرة النعمان (Re: adil amin)


    الاصر..!!



    عادل الامين
    الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 14:39
    المحور: مواضيع وابحاث سياسية



    الكوزمو بلتية cosmopolitic نظرية رجعية تدعو إلى نبذ المشاعر الوطنية والثقافة الوطنية والتراث الوطني باسم وحدة الجنس البشري وتعكس الكوزمو بلتية –كايد ولجية-طموح المستعمرين خلال الحقب الثلاث الاستعمار المباشر(الكولونالية ) والاستعمار غير المباشر(الامبريالية) والشراكة –الديمقراطية) أو الامبريالية الجديدة التي نعيشها الآن كاخر مراحل الرأسمالية الاحتكارية العابرة للقارات..
    لقد أدت هذه الكوزمو بولتية تحت شعارات الشيوعية الدولية"يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة أتحدو" إلى هيمنة الاتحاد السوفيتي السابق على نصف دول العالم وكانت أكثر مسخا للدول التي كانت تدور في فلكه فيما يعرف بحلف وارسو.. المانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وتشيكو سلفاكيا ويوغسلافيا..طمست هوية هذه الشعوب الوطنية وشرد مفكريها ومثقفيها ونهب تراثها..وأغرقت في الفقر..ولكن عندما انهار جدار برلين وذهبت السكرة وجاءت الفكرة استعادت هذه الدول سيادتها وخصوصيتها وحدودها الجغرافية..بعضها نهض بسرعة الصاروخ وتمكن من تأهيل نفسه وشعبه بمقاييس أوروبا الجديدة ودخل نادي الكبار في الاتحاد الأوروبي ،بينما البعض الأخر لم يصمد وخرجت النزاعات القائمة على الهويات الصغرى التي لم تفلح الشيوعية الدولية في إزالتها..بعضها أعاد لحمة الوطن والبعض تفككك..كأعراض لنهاية هذه الكوزمو بلوتية والنزعة الوطنية العالمية الزائفة..
    أما في منطقة الشرق الأوسط الذي استورد منها نموذج الدولة المركزية المهيمنة والدويلات التي تدور في فلكها تماما كم هو حال حلف وارسو.جاءت الشعارات القومية العروبية عبر أبواق إذاعة صوت العرب في 1953 لتلغي الحدود الجغرافية للدول العربية والخصوصية لكل دولة عربية،بل سعت لإسقاط الأنظمة الملكية التقليدية بالقوة وسببت الآلام وتشريد للشعوب وانتشرت الانقلابات من المحيط إلى الخليج وتكرست ثقافة الزعيم والقائد الضرورة و دولة (المشروع )والحروب العبثية والنزوح..حتى ذبلت هذه الشعارات القومية بشقيها البعثي والناصري مع تقادم الزمن وخفت بريقها لتعود نفس هذه الايدولجيات العابرة للحدود في إطار ديني اسلاموي عبر تنظيم القاعدة من ناحية أو الأخوان المسلمين من ناحية أخرى وبأحلام طوباوية بعودة الخلافة وعقارب الزمن إلى الوراء إلى المركز القديم وهيمنة تركيا على الوطن العربي والاستعمار الإقطاعي المجرب و بإعادة تدوير مشروع الإخوان المسلمين فيما يعرف بالربيع العربي..وعادت الحروب المميتة والنزوح والمعاناة..وبروز النزاعات القائمة على الهويات الصغرى في الدولة القطرية..والصراعات المذهبية التاريخية التي تهدد الحدود الجغرافية المقدسة للدولة القطرية كل عن حدة..وتضعف المشاعر الوطنية وتبث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.. وعبر فضائية الجزيرة التي تمارس التغييب بوسائل مبهرة...
    هذه هي الكوزمو بلوتانية بوجوهها المتعددة أو ما نسميه مجازاً بطموحات زهرة عباد الشمس..تشرئب في غرور فريد لتعانق الشمس ،فتفارق جذورها المياه..وتذبل وتموت وتتيبس وتتفتت أيضا ويلقى بها في مذبلة التاريخ..
    وحتى نتفادى هذا المصير المشئوم..على كل دولة عربية أن ترفع هذا (الإصر )الوافد عن عنقها والممتد لستة عقود وتبحث عن مسار جديد في سباق المسافات الطويلة إلى الديمقراطية ،يعبر فقط عن خصوصيتها الثقافية والتراثية والتاريخية سواءاً كانت ملكية دستورية أو جمهورية ليس المهم (نوع) النظام بل المهم (طبيعة) النظام..وان تقوم أسس الوحدة بين الدول في التنوع والمصالح الاقتصادية كما هو تجربة الاتحاد الأوروبي1990 بوضع صورة قياسية..تسعي لها كل الدول وفقا لظروفها الموضوعية دون استنساخ مخل لتجارب الآخرين أو هيمنة المركز على الهامش ونموذج جامعة الدول العربية الفاشل من 1946..وكما يقول أخواننا المصريين(مافيش حد احسن من حد)..
    انظروا إلى الأمارات العربية اليوم مقارنتا بليبيا..والسعودية مقارنة بالعراق وكلها دول نفطية..مع العلم إننا نعيش اليوم في عصر العلم والمعلومات واحترام التنوع الفردي. وان الاستقرار وديمومة السلام لا تعتمد على النفط ولا الأجهزة الأمنية..بل (الديمقراطية التوافقية) بكل اكسسواراتها المعاصرة من فصل بين السلطات وتداول سلمي للسلطة ودولة مدنية لامركزية حقيقية خالية من نزاعات الهويات الصغرى الناجمة عن التهميش والارث الايدولجي..بسبب الملة أو العرق أو المذهب...او النظام المركزي السقيم..والحديث ذو شجون...
    ****
    الحرس القديم

    جعفر اسماعيل الطيب*
    يا صائحا بالسحر فى سوق الخسارة
    امزج صياحك بالبكاء

    ولتسقط الوجه
    الكئيب الاستعارة
    ولتستحيل فراشة تهمى
    على وجه الدعاء

    ليكن كلامك برزخيا عابرا
    جسد الرحيل
    الى رؤى الشوق المقيم
    كل اللذين رضو بخلع الذات
    عند نهايةالشط القديم
    فقدو شيبات زواتهم
    وتكلسوا صورا على جدر المغارة
    اياك والزبد ..الجفاء
    ثم اياك والوشل الغناء

    وليكن غناؤك صادقا

    من الصميم الى الصميم
    كمذنب الليل البهيم
    وارفع لقافلة تسير
    عل الطريق
    يد البريق
    وابنى لها الضوء البشارة
    ليكن كراصدةالشهاب
    تغوص فىعنق الرجيم
    ليكن مع هذا وذاك
    على صراط مستقيم
    ليكن كهمس العابدين يسح
    فى الزمن الحريق
    ليكن كهطل الغيم
    فى ام القرى زخا
    على الحرم المنارة

    شاعر من السودان
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de