|
دارفور حيث تختبئ الشمس والحقيقة
|
الجنينة 15/11/2009 لفظتني الشمس إلي مغيبها في أقصى نقطة تودع فيها الشمس أرض هذا الوطن متلاطم أمواج الحرب وأنا أتجول في طرقاتها يعتريني إحساس بأنني ضللت الطريق إلى مكان لا أعرفة ، فالحرب هنا غيرت ملامح الناس ، الوجوه شاحبة والعيون زائقة تراخت وغارت إلى الداخل من هول ما شاهدته من ويلات الحرب ، والكل لديه إحساس بفقدان الأمان . في المساء المتأخر وأنا مستلقي على سريري أقود بعض المحاولات الواهية للنوم ، أحرك الظلام بسبابتي لرسم خطوط ضوء في فراغ الغرفة المظلم ، بينما كنت أنسج هذة الخيوط سمعت أصوات إطلاق نيران كثيفة ، لست أدري ماحدث ، هل هنالك من قتل ؟؟ هل هنالك من أصيب ؟؟ لست أعلم ومالا أعلمه أضحي كثير ، أحسست بعلقم الحرب ساعتها ، ظللت مستيقظاً طول الليل ، وأصبحت متورم العينين عندها فقط علمت كيف غيرت الحرب ملامح أهلنا هنا عندما أرسلت الشمس خيوطها الفاترة معلنة قدوم يوم جديد مشوة الملامح ككل الأيام الملعونة منذ إندلاع الحرب، وبينما تعبر أشعة الشمس نوافذ العربة التي نستقلها صوب معسكر القوات المشتركة (الإمم المتحدة والإتحاد الأفريقي -اليوناميد) كنا نعبر إحدى معسكرات اللاجئين الذين فروا من قراهم بعد أن إستعرت نيران الحرب التي إلتهمت الأرواح والبيوت ولفظتهم إلى هذه الخيام وبيوت القش الأوهن من بيوت العنكبوت و التي لاتصلح للجوء الحيوانات ناهيك عن كونهم بشر، بعد أن فقدوا أراضيهم ودوابهم جاءوا يتسولون الخبز من منظمات العون الإنساني في وطن كان يقال عنه أنه سلة غذاء العالم والآن هذة السلة مليئة بالقتل والدمار والتشرد. في رحلة سفري مع خيالي صوب نزيف هذا الوطن وعبر نافذة العربة ألمح عشرات الصبية يصطفون خلف إحدي مصادر المياة (طلمبة _ كرجاكة) والتي أخذت تصدر صوتاً رتيباً كرتابة هذة الحرب اللعينة ، وذكرني هذا الصف الطويل جداً بالنيل الذي يعبر هذا الوطن في حياء ويمضي ، بينما هنالك في البعيد تبدو فتاة على ظهر حمار تحمل حزمة ضخمة من سيقان الدخن ربما لبناء بيت بديل لبيتها الذي إحترق مع بيوت أهل قريتها عندما حملت الحرب أوزارها ، وها هي ترسل حلمها للبعيد صوب يوم تنزل فيه من على ظهر الحمار وتجلس على مقاعد الدراسة وترسم على دفاترها ملامح وطن جميل وسنابل دخن تحلق فوقه حمامة بيضاء . . .
ياوطني إلى متى سنظل هكذا ؟ ؟
|
|
|
|
|
|